سفر إرميا – الإصحاح ١٩
توفة
أولًا. الرسالة عند باب الفخّار (كِسَر الإبريق الخزفي)
أ ) الآيات (١-٢): الإعداد للرسالة
١هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: «ٱذْهَبْ وَٱشْتَرِ إِبْرِيقَ فَخَّارِيٍّ مِنْ خَزَفٍ، وَخُذْ مِنْ شُيُوخِ ٱلشَّعْبِ وَمِنْ شُيُوخِ ٱلْكَهَنَةِ، ٢وَٱخْرُجْ إِلَى وَادِي ٱبْنِ هِنُّومَ ٱلَّذِي عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ ٱلْفَخَّارِ، وَنَادِ هُنَاكَ بِٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي أُكَلِّمُكَ بِهَا.
١. ٱذْهَبْ وَٱشْتَرِ إِبْرِيقَ فَخَّارِيٍّ مِنْ خَزَفٍ: في الإصحاح السابق، علّم الله إرميا درسًا في بيت الفخاري، ثم طلب منه أن يأخذ قارورة خزفية (إِبْرِيقَ فَخَّارِيٍّ) ليستخدمها كمثل توضيحي أمام بعض شيوخ الشعب والكهنة.
• يرجّح أن الإبريق الطيني قارورة فخارية صغيرة ذات عنق ضيّق. فكان من السهل كسرها، ولا يمكن إصلاحها حال كسرها. “الاسم العبري Baqboq (جرة فخارية) من الكلمات التي يدل صوتها على معناها. وهو يدل على بقبقة (أو قرقرة) الماء المنسكب. ويتراوح ارتفاع الأوعية التي تم استخراجها في الحفريات الأثرية بين أربع إلى عشر بوصات.” فينبيرغ (Feinberg)
• بعد قرون، كتب الرسول بولس: “وَلَكِنْ لَنَا هَذَا ٱلْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ ٱلْقُوَّةِ لِلهِ لَا مِنَّا” (٢ كورنثوس ٤: ٧). قصد بولس هنا أن كنز الله ومجده موضوعان في أوعية عادية شائعة – شعبه المفدي.
• كانت النقطة التي أراد إرميا إيضاحها مختلفة. فبعد أن أتى من بيت الفخاري (إرميا ١٨: ١-١١)، أراه الله كيف يمكن للفخاري أن يعيد تشكيل الطين مرة أخرى إلى شكل جديد إذا بدا أنه مقاوم للتشكُّل. وهنا يُخبَز الطين، ويقسَّى، ويصبح قابلًا للكسر. “إن كان لا يوجد شيء قابل لتكييفه والتصرف به بحرية مثل وعاء خزفي قيد التحضير، فلا يوجد شيء غير قابل للتغيير مثل الوعاء المكتمل. فإذا كان خطأ، فسيبقى على حاله.” كيدنر (Kidner)
٢. ٱذْهَبْ وَٱشْتَرِ إِبْرِيقَ فَخَّارِيٍّ مِنْ خَزَفٍ: سبق أن ذكر إرميا هذا المكان مرتين (إرميا ٢: ٢٣؛ ٧: ٣١). وهو يقع جنوب الهيكل في أورشليم. وكان يُستخدم كمكب للنفايات (مع حرائق مشتعلة باستمرار)، وكمكان سابق لتقديم الأطفال كذبائح.
• “كان وادي ابن هنوم (انظر إرميا ٧: ٣١) الواقع إلى جنوب أورشليم موقعًا معاصرًا لعبادة مولك. وفي عهد يوشيا، تم تدمير المَقْدس الوثني، وصار الوادي يستخدم لاحقًا لحرق القمامة وجثث الحيوانات.” هاريسون (Harrison)
• لا توجد في الوقت الحالي أدلة أثرية على شيوع تقديم البشر (الأطفال) في وادي هنوم. وقد يعني هذا أن تلك الممارسة كانت نادرة، وربما لم تكن تمارس إلا في أكثر الظروف استثنائيةً.
• يعطي وادي هنوم فكرة لجهنم Gehenna في العهد الجديد. وهذه الكلمة اليونانية مشتقة من اللغة العبرية. ويتحدث يسوع في مرقس ٩: ٤٣-٤٤ عن الجحيم مشيرًا إلى هذا المكان خارج أسوار أورشليم، والذي دنسته عبادة مولك والذبائح البشرية (٢ أخبار الأيام ٢٨: ١-٣؛ إرميا ٣٢: ٣٥). وكان أيضًا مكبًّا للنفايات التي كانت تُحرق. وجعلت الحرائق المشتعلة المستمرة والديدان المتقيّحة في وادي هنوم صورة فعالة ونابضة للحياة لمصير الملعونين. ويُدعى الجحيم أيضًا بحيرة النار في رؤيا ٢٠: ١٣-١٥ المعدة لإبليس وملائكته (متى ٢٥: ٤١).
• “يرجح أن اسم باب الفخّار هو نفسه باب الدِّمْن (نحميا ٢: ١٣، إلخ)، وقد يشير اسمه إلى أن الوادي كان يُستخدم للقمامة.” كوندال (Cundall)
• “ربما اكتسب اسمه من حقيقة أن الفخارين الذين كانت وِرشهم قريبة من الباب كانوا يُلقون أوانيهم المكسورة وراء الباب.” ثومبسون (Thompson)
ب) الآية (٣): بداية الرسالة عند باب الفخّار
٣وَقُلِ: ٱسْمَعُوا كَلِمَةَ ٱلرَّبِّ يَا مُلُوكَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ. هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: هَأَنَذَا جَالِبٌ عَلَى هَذَا ٱلْمَوْضِعِ شَرًّا، كُلُّ مَنْ سَمِعَ بِهِ تَطِنُّ أُذْنَاهُ.
١. ٱسْمَعُوا كَلِمَةَ ٱلرَّبِّ يَا مُلُوكَ يَهُوذَا: احتاج ملوك يهوذا إلى الاستماع إلى دينونة الله القادمة ذات الصلة بوادي هنوم، لأنه حتى بعض الملوك قدّموا أبناءهم ذبائح هناك.
• “استخدم إرميا صيغة الجمع، ’الملوك،‘ لأن الرسالة لم تكن للملك الحاكم فقط، بل لكل السلالة الحاكمة المسؤولة عن الارتداد.” فينبيرغ (Feinberg)
• “قدّم آحاز، ملك إسرائيل ابنه في النار (٢ ملوك ١٦: ٣). وحدث الأمر نفسه في أيام منسّى عندما كان الأطفال يقدَّمون كذبائح لآلهة كنعان (٢ ملوك ٢١: ٢٦.” رايكن (Ryken)
٢. هَأَنَذَا جَالِبٌ عَلَى هَذَا ٱلْمَوْضِعِ شَرًّا، كُلُّ مَنْ سَمِعَ بِهِ تَطِنُّ أُذْنَاهُ: وكما سبق أن فعل الله من قبل، وعد بدمار عظيم ومصائب قادمة على هذا المكان المرتبط بعبادة الأوثان والتضحية بالأطفال.
ج) الآيات (٤-٥): السبب وراء الكارثة القادمة
٤مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ تَرَكُونِي، وَأَنْكَرُوا هَذَا ٱلْمَوْضِعَ وَبَخَّرُوا فِيهِ لِآلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ يَعْرِفُوهَا هُمْ وَلَا آبَاؤُهُمْ وَلَا مُلُوكُ يَهُوذَا، وَمَلَأُوا هَذَا ٱلْمَوْضِعَ مِنْ دَمِ ٱلْأَزْكِيَاءِ، ٥وَبَنَوْا مُرْتَفَعَاتٍ لِلْبَعْلِ لِيُحْرِقُوا أَوْلَادَهُمْ بِٱلنَّارِ مُحْرَقَاتٍ لِلْبَعْلِ، ٱلَّذِي لَمْ أُوْصِ وَلَا تَكَلَّمْتُ بِهِ وَلَا صَعِدَ عَلَى قَلْبِي.
١. مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ تَرَكُونِي، وَأَنْكَرُوا هَذَا ٱلْمَوْضِعَ (جعلوا هذا المكان غريبًا): كانت فكرة الذبائح البشرية – سواء أكانت نادرة أم شائعة – مهينة للغاية لله حتى إنه دعا المكان الذي مورست فيه هذه الذبائح مكانًا غريبًا. فقد قاد تمرد شعب يهوذا إياهم بعيدًا جدًّا عن الرب.
• “التعبير العبري Nicker نابض بالحياة مع إيحاءات قوية. لقد تم تجريد المكان من جنسيته بحيث لا يمكن الاعتراف به على أنه مكان إسرائيلي.” ثومبسون (Thompson)
٢. وَمَلَأُوا هَذَا ٱلْمَوْضِعَ مِنْ دَمِ ٱلْأَزْكِيَاءِ: “إما أن تكون ممارسة التضحية بالأطفال أكثر شيوعًا مما يؤكده علماء الآثار، وإما أن الله عدّ حتى القليل من هذه الخطية البشعة وحشية في ذنبها.
٣. مُرْتَفَعَاتٍ لِلْبَعْلِ لِيُحْرِقُوا أَوْلَادَهُمْ بِٱلنَّارِ مُحْرَقَاتٍ لِلْبَعْلِ: كانت ممارسة تقديم ذبائح الأطفال مرتبطة بإله كنعاني باسم مولك (لاويين ٢٠: ٢-٥؛ إرميا ٣٢: ٣٥). وفي بعض المناسيات على الأقل، كانت تقدَّم ذبائح كهذه للبعل.
• “يشار إلى تدمير هذا المقْدس الوثني في وادي ابن هنوم في أيام يوشيا على نحو خاص في ٢ ملوك ٢٣: ١٠. وتمّ إحياء هذه الممارسة في عهد يهوياقيم. ولهذا وجّه إرميا خطابه إلى هذا الأمر.” ثومبسون (Thompson)
• “كان تقديم الأطفال للبعل، تحت رعاية ملك، يصوَّر كمجرد طقس تكريسي، حيث كان يمرَّر الأطفال من دون ضرر فوق لهيب موجّه نحو الوثن. ولا تترك الآيتان في إرميا ١٩: ٥ و٧: ٣١ أي شك في أن هذه كانت محرقات فعلية، رغم أنها لم تكن محرقات حية.” كيدنر (Kidner)
٤. ٱلَّذِي لَمْ أُوْصِ وَلَا تَكَلَّمْتُ بِهِ وَلَا صَعِدَ عَلَى قَلْبِي: ٱلَّذِي لَمْ آمُرْ بِهِ وَلَا صَعِدَ عَلَى قَلْبِي: على نقيض كثيرين من الآلهة الكنعانية، لم يأمر الله بتقديم ذبائح بشرية له قط. بل أمكن له أن يؤكد أن مثل هذا الأمر لم يخطر على باله، حيث إن هذا يتعارض مع طبيعته.
• كانت ذبيحة إبراهيم لإسحاق التي قطعها الله (تكوين ٢٢) طريقة توكيدية يقول بها الله ما مفاده: ’لا أريد ذبائح بشرية.‘
د ) الآيات (٦-٩): وصف الكارثة القادمة
٦لِذَلِكَ هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، وَلَا يُدْعَى بَعْدُ هَذَا ٱلْمَوْضِعُ تُوفَةَ وَلَا وَادِي ٱبْنِ هِنُّومَ، بَلْ وَادِي ٱلْقَتْلِ. ٧وَأَنْقُضُ مَشُورَةَ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ فِي هَذَا ٱلْمَوْضِعِ، وَأَجْعَلُهُمْ يَسْقُطُونَ بِٱلسَّيْفِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ وَبِيَدِ طَالِبِي نُفُوسِهِمْ، وَأَجْعَلُ جُثَثَهُمْ أُكْلًا لِطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ وَلِوُحُوشِ ٱلْأَرْضِ. ٨وَأَجْعَلُ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ لِلدَّهَشِ وَٱلصَّفِيرِ. كُلُّ عَابِرٍ بِهَا يَدْهَشُ وَيَصْفِرُ مِنْ أَجْلِ كُلِّ ضَرَبَاتِهَا. ٩وَأُطْعِمُهُمْ لَحْمَ بَنِيهِمْ وَلَحْمَ بَنَاتِهِمْ، فَيَأْكُلُونَ كُلُّ وَاحِدٍ لَحْمَ صَاحِبِهِ فِي ٱلْحِصَارِ وَٱلضِّيقِ ٱلَّذِي يُضَايِقُهُمْ بِهِ أَعْدَاؤُهُمْ وَطَالِبُو نُفُوسِهِمْ.
١. وَلَا يُدْعَى بَعْدُ هَذَا ٱلْمَوْضِعُ تُوفَةَ: كان توفة Tophet في بعض الترجمات Topeth اسمًا آخر لوادي هنوم. وكان الاسم مرتبطًا بالممارسات الوثنية وتقديم الأطفال كذبائح.
• “يرجح أن كلمة توفة Topheth مشتقة من كلمة عبرية تعني ’الموقد‘ (انظر إشعياء ٣٠: ٣٣). كوندال (Cundall) ويقول روني سيمون (Roni Simon)، وهو دليل سياحي إسرائيلي، إن الكلمة الحديثة ’توفة‘ ما زالت مرتبطة بالنار. فإذا تعرّض شخص ما لإطلاق النار، يمكن أن يقول: ’أنا تحت توفة.‘ ويوضح كدنر أن اسم توفة بالعبرية تحمل نفس الوزن والقافية لكلمة ’بوشيث‘ Bosheth والتي تعني ’الخزي‘ أو ’العار.‘
٢. وَلَا يُدْعَى بَعْدُ هَذَا ٱلْمَوْضِعُ تُوفَةَ وَلَا وَادِي ٱبْنِ هِنُّومَ، بَلْ وَادِي ٱلْقَتْلِ: كرر الله وعده المدّون أولًا في إرميا ٧: ٣٢ بأنه سيرد على عبادة يهوذا الوثنية وممارستها الشائنة في التضحية بالأطفال بدينونة مدمّرة. وستكون هنالك مذبحة بشعة في ذلك الوادي.
• ستوصم هذه الجثث بالعار لأنها لن تُدفن، ولأنها ستكون طعامًا للطيور الجارحة ووحوش الأرض.
• “كان عدم بقاء الجثث بلا دفن وإتاحتها كطعام للقوارض والطيور الجارحة أمرًا مرعبًا للعبرانيين القدماء. ومن المفارقات أن مقْدِسهم سيصبح مقبرتهم بعد تدمير وطنهم العزيز.” هاريسون (Harrison)
٣. وَأَنْقُضُ (وأُفرِغ) مَشُورَةَ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ: لأن هذه العبارة في الأصل العبري تشبه إلى حد ما الكلمة التي تشير إلى الإبريق الفخاري، يعتقد بعضهم أن إرميا أفرغ الوعاء بينما كان يقول هذا.
• “يمثل استخدام كلمة Baqqot المترجمة إلى ’أنقض‘ والتي تعني ’أُفرغ‘ تلاعبًا لفظيًا على كلمة إبريق Baqboq وربما أفرغ النبي الإبريق رمزيًّا وهو ينطق بهذه الكلمات.” هاريسون (Harrison)
٤. َأَجْعَلُ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ لِلدَّهَشِ وَٱلصَّفِيرِ. كُلُّ عَابِرٍ بِهَا يَدْهَشُ وَيَصْفِرُ مِنْ أَجْلِ كُلِّ ضَرَبَاتِهَا: سيُنظر إلى الكارثة القادمة من حيث موت السكان وتدمير المدينة معًا.
٥. وَأُطْعِمُهُمْ لَحْمَ بَنِيهِمْ وَلَحْمَ بَنَاتِهِمْ: سيتحوّل سكان المدينة إلى آكلي لحوم بشر، كما حدث في السامرة، عاصمة إسرائيل سابقًا وهي تحت الحصار الأشوري (٢ ملوك ٦: ٢٦-٢٩). وهي لعنة وُعدت بها إسرائيل العاصية (تثنية ٢٨: ٥٣-٥٧). ومن شأن هذا أن يدفع أهل أورشليم إلى اليأس.
ثانيًا. علامة الإبريق المكسور
أ ) الآيات (١٠-١١): تكسير الإبريق
١٠ثُمَّ تَكْسِرُ ٱلْإِبْرِيقَ أَمَامَ أَعْيُنِ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ يَسِيرُونَ مَعَكَ ١١وَتَقُولُ لَهُمْ: هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: هَكَذَا أَكْسِرُ هَذَا ٱلشَّعْبَ وَهَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ كَمَا يُكْسَرُ وِعَاءُ ٱلْفَخَّارِيِّ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ جَبْرُهُ بَعْدُ، وَفِي تُوفَةَ يُدْفَنُونَ حَتَّى لَا يَكُونَ مَوْضِعٌ لِلدَّفْنِ.
١. أَكْسِرُ هَذَا ٱلشَّعْبَ وَهَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ: طلب الله من إرميا أن يكسر الوعاء الخزفي كمثل توضيحي للدمار القادم. وسينكسر الوعاء بسرعة وبشكل كامل. فهذه هي الطريقة التي سيدين بها الله أهل يهوذا وأورشليم.
• “إذا ثابر إنسان أو شعب على تمرده ومساره الشرير، رغم نعمة الله الصابرة، فسيكسره تكسيرًا. أما أن نجد في قصد الله الفدائي تسامحًا مع الخطية، فإن هذا هو أفظع الشرور.” مورجان (Morgan)
٢. يُدْفَنُونَ حَتَّى لَا يَكُونَ مَوْضِعٌ لِلدَّفْنِ: أراد الله أن يقدم المثل التوضيحي هذا في وادي ابن هنوم (توفة)، لأن هذا هو المكان الذي ستُلقى فيه جثث القتلى في حُفَر جماعية.
ب) الآيات (١٢-١٣): معنى الإبريق المكسور
١٢هَكَذَا أَصْنَعُ لِهَذَا ٱلْمَوْضِعِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، وَلِسُكَّانِهِ. وَأَجْعَلُ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ مِثْلَ تُوفَةَ. ١٣وَتَكُونُ بُيُوتُ أُورُشَلِيمَ وَبُيُوتُ مُلُوكِ يَهُوذَا كَمَوْضِعِ تُوفَةَ، نَجِسَةً كُلُّ ٱلْبُيُوتِ ٱلَّتِي بَخَّرُوا عَلَى سُطُوحِهَا لِكُلِّ جُنْدِ ٱلسَّمَاءِ وَسَكَبُوا سَكَائِبَ لِآلِهَةٍ أُخْرَى.
١. وَأَجْعَلُ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ مِثْلَ تُوفَةَ: كان وادي هنوم مكانًا مقززًا، لأنه كان مكبًّا للنفايات وحرقها. وسيرى كل أهل أورشليم هذا النوع من الدمار. إذ سيدمَّر أهلها مثل الإبريق الخزفي.
٢. كُلُّ ٱلْبُيُوتِ ٱلَّتِي بَخَّرُوا عَلَى سُطُوحِهَا لِكُلِّ جُنْدِ ٱلسَّمَاءِ: لأن عبادة الأوثان انتشرت في جميع أنحاء المدينة، سيجلب الرب الدمار على المدينة كلها.
ج) الآيات (١٤-١٥): بعد رسالة الإبريق المكسور
١٤ثُمَّ جَاءَ إِرْمِيَا مِنْ تُوفَةَ ٱلَّتِي أَرْسَلَهُ ٱلرَّبُّ إِلَيْهَا لِيَتَنَبَّأَ، وَوَقَفَ فِي دَارِ بَيْتِ ٱلرَّبِّ وَقَالَ لِكُلِّ ٱلشَّعْبِ: ١٥”هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: هَأَنَذَا جَالِبٌ عَلَى هَذِهِ ٱلْمَدِينَةِ وَعَلَى كُلِّ قُرَاهَا كُلَّ ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُمْ صَلَّبُوا رِقَابَهُمْ فَلَمْ يَسْمَعُوا لِكَلَامِي.”
١. وَوَقَفَ فِي دَارِ بَيْتِ ٱلرَّبِّ: دعا إرميا الملوك والحكام إلى أن يسمعوه ويروه وهو يمثّل النبوة من خلال تكسير الإبريق الخزفي. ويرجّح أن قليلين فقط كانوا على استعداد لأن يتحملوا هذا العناء. فجلب النبي الرسالة إلى بيت الرب من أجل الذين لم يأتوا ليسمعوه ويروه في وادي هنوم.
٢. لِأَنَّهُمْ صَلَّبُوا رِقَابَهُمْ فَلَمْ يَسْمَعُوا لِكَلَامِي: لم تكن أعظم خطايا أورشليم ويهوذا تلك الخطايا المعينة نفسها، بل كانت تمردهم على الرب ورفضهم للاستماع إلى كلمته وقبول تقويمه.
• “كانت يدهم على أُذنهم، وأُذنهم في عُنُقهم، وعنقهم في قلبهم، وكان قلبهم في عناد.” تراب (Trapp)