سِفر القُضاة – الإصحاح ١٨
عِبَادَةُ مِيخَا للأصنام وانتقال سِبط دَان
أولًا. سِبط دَان يتجسس على لاَيِش
أ ) الآيات (١-٢): سِبط دَان يُرسل جواسيس للبحث عن أرض ليأخذها لنفسه بين أسباط إسرائيل.
١وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ، وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ كَانَ سِبْطُ الدَّانِيِّينَ يَطْلُبُ لَهُ مُلْكًا لِلسُّكْنَى لأَنَّهُ إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَقَعْ لَهُ نَصِيبٌ فِي وَسَطِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. ٢فَأَرْسَلَ بَنُو دَانَ مِنْ عَشِيرَتِهِمْ خَمْسَةَ رِجَال مِنْهُمْ، رِجَالاً بَنِي بَأْسٍ مِنْ صُرْعَةَ وَمِنْ أَشْتَأُولَ لِتَجَسُّسِ الأَرْضِ وَفَحْصِهَا. وَقَالُوا لَهُمُ: «اذْهَبُوا افْحَصُوا الأَرْضَ». فَجَاءُوا إِلَى جَبَلِ أَفْرَايِمَ إِلَى بَيْتِ مِيخَا وَبَاتُوا هُنَاكَ.
١. لأَنَّهُ إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَقَعْ لَهُ نَصِيبٌ فِي وَسَطِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيل: كان لسِبط دَان أرضٍ تم تخصيصها له، لكنهم وجدوا صعوبة في إخضاعها.
• يصوّر سفر القضاة الإصحاح ١٧ التنازلات والمُتع الدنيوية الأنانية في حياة عدد قليل من الأفراد، في حين يكشف سفر القضاة ١٨ كيف أدت هذه الإخفاقات الشخصية إلى تحول أسباط بأكملها إلى الشر والتمرد على الله.
٢. فَجَاءُوا إِلَى جَبَلِ أَفْرَايِمَ: بحثًا عن أرض أسهل للاستيلاء عليها وامتلاكها، جاء سِبط دَان إلى أرض سِبط أَفْرَايِم، وتحديدًا إلى بيت مِيخَا.
ب) الآيات (٣-٦): سِبط دَان يتعرفون على لاَوِيّ مِيخَا.
٣وَبَيْنَمَا هُمْ عِنْدَ بَيْتِ مِيخَا عَرَفُوا صَوْتَ الْغُلاَمِ اللاَّوِيِّ، فَمَالُوا إِلَى هُنَاكَ وَقَالُوا لَهُ: «مَنْ جَاءَ بِكَ إِلَى هُنَا؟ وَمَاذَا أَنْتَ عَامِلٌ فِي هذَا الْمَكَانِ؟ وَمَا لَكَ هُنَا؟» ٤فَقَالَ لَهُمْ: «كَذَا وَكَذَا عَمِلَ لِي مِيخَا، وَقَدِ اسْتَأْجَرَنِي فَصِرْتُ لَهُ كَاهِنًا». ٥فَقَالُوا لَهُ: «اسْأَلْ إِذَنْ مِنَ اللهِ لِنَعْلَمَ: هَلْ يَنْجَحُ طَرِيقُنَا الَّذِي نَحْنُ سَائِرُونَ فِيهِ؟» ٦فَقَالَ لَهُمُ الْكَاهِنُ: «اذْهَبُوا بِسَلاَمٍ. أَمَامَ الرَّبِّ طَرِيقُكُمُ الَّذِي تَسِيرُونَ فِيهِ».
١. عَرَفُوا صَوْتَ الْغُلاَمِ اللاَّوِيّ: من المحتمل أن جواسيس سِبط دَان كانوا يعرفون اللاَّوِيّ المُنشَقّ شخصيًا، أو ربما تعرفوا عليه من خلال لهجته، التي أشارت إلى أنه كان من جَنُوب يَهُوذا.
٢. اسْأَلْ إِذَنْ مِنَ اللهِ لِنَعْلَمَ: هَلْ يَنْجَحُ طَرِيقُنَا الَّذِي نَحْنُ سَائِرُونَ فِيهِ: تُظهر هذه الكلمات حالة الارتباك الروحي السائدة في إسرائيل في ذلك الوقت. تقابل رِجال دَان المُرسلون في مهمة خاطئة مع رجل لاَّوِيّ خاطئ، وطلبوا من إله بار معرفة إن كانت مهمتهم ستنجح أم لا. وعندها أرسل اللاَّوِيّ الخاطئ الرجال الخطاة في طريقهم ببركة الله.
ج) الآيات (٧-١٠): رجال دَان يختارون لاَيِش كمدينة ليتوسعوا.
٧فَذَهَبَ الْخَمْسَةُ الرِّجَالِ وَجَاءُوا إِلَى لاَيِشَ. وَرَأَوْا الشَّعْبَ الَّذِينَ فِيهَا سَاكِنِينَ بِطَمَأَنِينَةٍ كَعَادَةِ الصِّيْدُونِيِّينَ مُسْتَرِيحِينَ مُطْمَئِنِّينَ، وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ مُؤْذٍ بِأَمْرٍ وَارِثٌ رِيَاسَةً. وَهُمْ بَعِيدُونَ عَنِ الصِّيْدُونِيِّينَ وَلَيْسَ لَهُمْ أَمْرٌ مَعَ إِنْسَانٍ. ٨وَجَاءُوا إِلَى إِخْوَتِهِمْ إِلَى صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ. فَقَالَ لَهُمْ إِخْوَتُهُمْ: «مَا أَنْتُمْ؟» ٩فَقَالُوا: «قُومُوا نَصْعَدْ إِلَيْهِمْ، لأَنَّنَا رَأَيْنَا الأَرْضَ وَهُوَذَا هِيَ جَيِّدَةٌ جِدًّا وَأَنْتُمْ سَاكِتُونَ. لاَ تَتَكَاسَلُوا عَنِ الذَّهَابِ لِتَدْخُلُوا وَتَمْلِكُوا الأَرْضَ. ١٠عِنْدَ مَجِيئِكُمْ تَأْتُونَ إِلَى شَعْبٍ مُطْمَئِنٍّ، وَالأَرْضُ وَاسِعَةُ الطَّرَفَيْنِ. إِنَّ اللهَ قَدْ دَفَعَهَا لِيَدِكُمْ. مَكَانٌ لَيْسَ فِيهِ عَوَزٌ لِشَيْءٍ مِمَّا فِي الأَرْضِ».
١. وَرَأَوْا الشَّعْبَ الَّذِينَ فِيهَا سَاكِنِينَ بِطَمَأَنِينَةٍ كَعَادَةِ الصِّيْدُونِيِّينَ: اكتشف رجال دَان مدينة قريبة لا يسكنها الإسرائيليون، بل مستعمرة من الصِّيْدُونِيِّين. وهم من الشعوب التي أمر الرب إسرائيل بطردهم من كنعان (يشوع ١٣: ٤).
• في عظته بعنوان “خُطُورَة الأمان الدُنيَوِيّ،” شبه تشارلز سبيرجن (Charles Spurgeon) شعور الصِّيْدُونِيِّين بالطمأنينة الواضح في قضاة ١٨: ٧، ٢٧-٢٨ بشعور المؤمنين الجسديين بالأمان والطمأنينة الزائف. إنهم، يُشبهون الصِّيْدُونِيِّين:
أحرار من صراعات الداخلية.
أحرار من سلطة تحكمهم مثل سلطة الضمير.
أحرار مِن أي ارتباطات أو مسؤوليات تجاه الآخرين.
أحرار مِن القلق بشأن التعرض للهجوم.
٢. لأَنَّنَا رَأَيْنَا الأَرْضَ وَهُوَذَا هِيَ جَيِّدَةٌ جِدًّا: عندما رأى الدانيون أن الأرض جيدة، وأن المدينة ليست محصنة بشكل كبير، اعتقدوا أنها ستكون مدينة مناسبة للاستيلاء عليها واتخاذها كأرض لهم.
د ) الآيات (١١-١٣): جمعوا جيشًا من ستمائة رجل للاستيلاء على لاَيِش.
١١فَارْتَحَلَ مِنْ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَةِ الدَّانِيِّينَ مِنْ صُرْعَةَ وَمِنْ أَشْتَأُولَ سِتُّ مِئَةِ رَجُل مُتَسَلِّحِينَ بِعُدَّةِ الْحَرْبِ. ١٢وَصَعِدُوا وَحَلُّوا فِي قَرْيَةِ يَعَارِيمَ فِي يَهُوذَا. لِذلِكَ دَعَوْا ذلِكَ الْمَكَانَ «مَحَلَّةَ دَانٍ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ. هُوَذَا هِيَ وَرَاءَ قَرْيَةِ يَعَارِيمَ. ١٣وَعَبَرُوا مِنْ هُنَاكَ إِلَى جَبَلِ أَفْرَايِمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ مِيخَا.
١. سِتُّ مِئَةِ رَجُل مُتَسَلِّحِينَ بِعُدَّةِ الْحَرْبِ: من المثير للاهتمام أنهم تمكنوا من جمع جيش مكون من ستمائة رجل للقتال من أجل مدينة لاَيِش في أرض أَفْرَايِم، ولكنهم لم يتمكنوا من الدفاع عن الأرض المخصصة لهم. لسبب ما (بالنسبة لهم وكثيرًا بالنسبة لنا) بدت المعركة البعيدة أسهل من المعركة القريبة.
ثانيًا. سِبط دَان يتبنى أصنام مِيخَا
أ ) الآيات (١٤-١٨): في طريقهم إلى لاَيِش، يستولي جيش الست مئة على بيت الآلهة الخاص بمِيخَا.
١٤فَأَجَابَ الْخَمْسَةُ الرِّجَالِ الَّذِينَ ذَهَبُوا لِتَجَسُّسِ أَرْضِ لاَيِشَ وَقَالُوا لإِخْوَتِهِمْ: «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ فِي هذِهِ الْبُيُوتِ أَفُودًا وَتَرَافِيمَ وَتِمْثَالاً مَنْحُوتًا وَتِمْثَالاً مَسْبُوكًا. فَالآنَ اعْلَمُوا مَا تَفْعَلُونَ». ١٥فَمَالُوا إِلَى هُنَاكَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ الْغُلاَمِ اللاَّوِيِّ، بَيْتِ مِيخَا، وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ. ١٦وَالسِّتُّ مِئَةِ الرَّجُلِ الْمُتَسَلِّحُونَ بِعُدَّتِهِمْ لِلْحَرْبِ وَاقِفُونَ عِنْدَ مَدْخَلِ الْبَابِ، هؤُلاَءِ مِنْ بَنِي دَانٍ. ١٧فَصَعِدَ الْخَمْسَةُ الرِّجَالِ الَّذِينَ ذَهَبُوا لِتَجَسُّسِ الأَرْضِ وَدَخَلُوا إِلَى هُنَاكَ، وَأَخَذُوا التِّمْثَالَ الْمَنْحُوتَ وَالأَفُودَ وَالتَّرَافِيمَ وَالتِّمْثَالَ الْمَسْبُوكَ، وَالْكَاهِنُ وَاقِفٌ عِنْدَ مَدْخَلِ الْبَابِ مَعَ السِّتِّ مِئَةِ الرَّجُلِ الْمُتَسَلِّحِينَ بِعُدَّةِ الْحَرْبِ. ١٨وَهؤُلاَءِ دَخَلُوا بَيْتَ مِيخَا وَأَخَذُوا التِّمْثَالَ الْمَنْحُوتَ وَالأَفُودَ وَالتَّرَافِيمَ وَالتِّمْثَالَ الْمَسْبُوكَ. فَقَالَ لَهُمُ الْكَاهِنُ: «مَاذَا تَفْعَلُونَ؟»
١. وَأَخَذُوا التِّمْثَالَ الْمَنْحُوتَ وَالأَفُودَ وَالتَّرَافِيمَ وَالتِّمْثَالَ الْمَسْبُوكَ: لقد كان هذا مزيجًا غريبًا من الأخلاق المتدنية والحماسة الدينية. كان الأمر أشبه بشخص يرغب حقًا في دراسة الكتاب المقدس، ولكنه يختار سرقة عدة نسخ منه للقيام بذلك.
• على مر التاريخ، توجد أمثلة كثيرة لأشخاص يشبعون دافعهم الديني بطريقة غير أخلاقية تمامًا. على سبيل المثال، في أوروبا في القرن الرابع عشر، شكل العديد من الجنود العاطلين عن العمل عصابات صغيرة من اللصوص، ونهبوا المدن والقرى في جميع أنحاء القارة. وغالبًا ما انخرط هؤلاء المجرمون القساة في مفاوضات قبل شن هجماتهم على المدينة. فإذا وافقت المدينة على دفع مبلغ كبير لهم، فإنهم يتركونها بأمان، ولكن إذا لم توافق، أو لم يكن في إمكانها ذلك كانوا يهاجمونها. كان هذا يحدث ضمن مفاوضات وعقود رسمية. ومن المثير للاهتمام أنه عندما هاجم هؤلاء اللصوص ديرًا، لم يطلبوا المال فحسب، بل أصروا أيضًا على أن يقدم الكهنة وثيقة مكتوبة تُبرّئهم من خطاياهم.
٢. وَأَخَذُوا التِّمْثَالَ الْمَنْحُوتَ وَالأَفُودَ وَالتَّرَافِيمَ وَالتِّمْثَالَ الْمَسْبُوكَ: لقد استخدموا العنف والسرقة تحت الستار الديني، وقد سمح الْكَاهِن لهم بذلك ببقائه سلبيًا بينما هم يفعلون هذا الأمر.
ب) الآيات (١٩-٢١): اللاَّوِيّ يرافق جيش دَان.
١٩فَقَالُوا لَهُ: «اخْرَسْ! ضَعْ يَدَكَ عَلَى فَمِكَ وَاذْهَبْ مَعَنَا وَكُنْ لَنَا أَبًا وَكَاهِنًا. أَهُوَ خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَكُونَ كَاهِنًا لِبَيْتِ رَجُل وَاحِدٍ، أَمْ أَنْ تَكُونَ كَاهِنًا لِسِبْطٍ وَلِعَشِيرَةٍ فِي إِسْرَائِيلَ؟» ٢٠فَطَابَ قَلْبُ الْكَاهِنِ، وَأَخَذَ الأَفُودَ وَالتَّرَافِيمَ وَالتِّمْثَالَ الْمَنْحُوتَ وَدَخَلَ فِي وَسَطِ الشَّعْبِ. ٢١ثُمَّ انْصَرَفُوا وَذَهَبُوا وَوَضَعُوا الأَطْفَالَ وَالْمَاشِيَةَ وَالثَّقَلَ قُدَّامَهُمْ.
١. ضَعْ يَدَكَ عَلَى فَمِكَ: كان هذا تهديدًا واضحًا، حيث أمروا اللاَّوِيّ بعدم معارضتهم، وإلا سيقتلونه.
٢. فَطَابَ قَلْبُ الْكَاهِنِ: كان قَلْبُه مملوءً بالفرح مدفوعًا بطموح جَشِّع. لم يهتم اللاَّوِيّ بأمر مِيخَا؛ كان مهتمًا في المقام الأول بالأجر والمكانة التي سيحصل عليها من خلال خدمته ككاهن لسبط كامل بدلًا من عائلة واحدة.
ج) الآيات (٢٢-٢٤): عبادة مِيخَا الغبية للأوثان تنتهي بخيبة الأمل.
٢٢وَلَمَّا ابْتَعَدُوا عَنْ بَيْتِ مِيخَا اجْتَمَعَ الرِّجَالُ الَّذِينَ فِي الْبُيُوتِ الَّتِي عِنْدَ بَيْتِ مِيخَا وَأَدْرَكُوا بَنِي دَانَ، ٢٣وَصَاحُوا إِلَى بَنِي دَانٍ فَالْتَفَتُوا، وَقَالُوا لِمِيخَا: «مَا لَكَ صَرَخْتَ؟» ٢٤فَقَالَ: «آلِهَتِي الَّتِي عَمِلْتُ قَدْ أَخَذْتُمُوهَا مَعَ الْكَاهِنِ وَذَهَبْتُمْ، فَمَاذَا لِي بَعْدُ؟ وَمَا هذَا تَقُولُونَ لِي: مَا لَكَ؟»
١. آلِهَتِي الَّتِي عَمِلْتُ قَدْ أَخَذْتُمُوهَا: إنها مفارقة قوية. فقد كان على مِيخَا أن ينقذ آلهته، في حين كان من المتوقع أن تكون هذه الآلهة قادرة على رعاية نفسها. وهذا يثير التساؤل عما إذا كان مِيخَا قد أدرك حماقة هذا الموقف.
• إما أن نختار عبادة إله من صنعنا أو عبادة الإله الحقيقي الذي خلقنا. ومع ذلك، فإن الآلهة التي نصنعها لأنفسنا تكون دائمًا أقل شأنًا منا. وفي نهاية المطاف، عبادة الأوثان هي مجرد شكل من أشكال عبادة الذات.
• مَعَ الْكَاهِنِ: إن حماقة مِيخَا في الاعتماد على كاهن يمكن أن يؤخذ بعيدًا، تذكرنا بمدى روعة وجود رئيس كهنة لا يمكن أن يتغير، ولا يمكن لأحد أن يأخذه منّا. وكما كتب ماير (Meyer): “كل ما يمكن أن يُؤخذ منّا يحمل توقيع الإنسان عليه.” وعلى النقيض من ذلك، يظل يسوع المسيح، رئيس كهنتنا، ثابتًا؛ ولن يتخلى عنا أبدًا لاهتمامه بشخص آخر؛ ولا يمكن لخطايانا وإخفاقاتنا أن تحرمنا منه.
٢. فَمَاذَا لِي بَعْدُ: تُظهِر هذه الكلمات مدى فراغ وخواء أصنام مِيخَا. فلم تجلب له آلهته الزائفة أي خير دائم.
د ) الآيات (٢٥-٢٦): جيش دَان يرفضون إرجاع إله مِيخَا إليه، فعاد إلى بيته بأيدٍ فارغة.
٢٥فَقَالَ لَهُ بَنُو دَانٍ: «لاَ تُسَمِّعْ صَوْتَكَ بَيْنَنَا لِئَلاَّ يَقَعَ بِكُمْ رِجَالٌ أَنْفُسُهُمْ مُرَّةٌ، فَتَنْزِعَ نَفْسَكَ وَأَنْفُسَ بَيْتِكَ». ٢٦وَسَارَ بَنُو دَانٍ فِي طَرِيقِهِمْ. وَلَمَّا رَأَى مِيخَا أَنَّهُمْ أَشَدُّ مِنْهُ انْصَرَفَ وَرَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ.
١. لِئَلاَّ يَقَعَ بِكُمْ رِجَالٌ أَنْفُسُهُمْ مُرَّةٌ، فَتَنْزِعَ نَفْسَكَ: إن هذا الحدث وهذه الكلمات يعكسان حالة الفوضى التي كانت منتشرة في إسرائيل خلال هذه الفترة الطويلة من حكم القضاة. لقد سرق رِجال دَان صَنم مِيخَا بناءً على المبدأ القائل: “القوة تصنع الحق.”
٢. وَلَمَّا رَأَى مِيخَا أَنَّهُمْ أَشَدُّ مِنْهُ: لقد كانوا أقوياء جدًا بالنسبة لمِيخَا وآلهته. لا ينبغي لأحد أن يعتمد على إله يحتاج هو نفسه إلى الحماية.
هـ) الآيات (٢٧-٢٩): جيش دَان يستولي على مدينة لاَيِش ويسميها دَان.
٢٧وَأَمَّا هُمْ فَأَخَذُوا مَا صَنَعَ مِيخَا، وَالْكَاهِنَ الَّذِي كَانَ لَهُ، وَجَاءُوا إِلَى لاَيِشَ إِلَى شَعْبٍ مُسْتَرِيحٍ مُطْمَئِنٍّ، وَضَرَبُوهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ. ٢٨وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُنْقِذُ لأَنَّهَا بَعِيدَةٌ عَنْ صِيْدُونَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَمْرٌ مَعَ إِنْسَانٍ، وَهِيَ فِي الْوَادِي الَّذِي لِبَيْتِ رَحُوبَ. فَبَنَوْا الْمَدِينَةَ وَسَكَنُوا بِهَا. ٢٩وَدَعَوْا اسْمَ الْمَدِينَةِ «دَانَ» بِاسْمِ دَانٍ أَبِيهِمِ الَّذِي وُلِدَ لإِسْرَائِيلَ. وَلكِنَّ اسْمَ الْمَدِينَةِ أَوَّلاً «لاَيِشُ».
١. إِلَى لاَيِشَ إِلَى شَعْبٍ مُسْتَرِيحٍ مُطْمَئِنٍّ… وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُنْقِذُ: لقد كُتب هذا المقطع بطريقة تجعلنا نتعاطف بعض الشيء نحو شعب لاَيِش. لقد أمر الله إسرائيل بأخذ الأرض من الكنعانيين، إلا أن هذا الهجوم بدا وكأنه هجوم غير أخلاقي قام به رجال سبط دَان الأشرار.
٢. وَدَعَوْا اسْمَ الْمَدِينَةِ «دَانَ»: ستصبح مدينة دَان فيما بعد هي المدينة الأبرز في شمال إسرائيل. “مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ” (قضاة ١:٢٠، صموئيل الأول ٢٠:٣) تعني: “من شمال إسرائيل إلى جنوبها” في إشارة إلى الأمة بأكملها.
و ) الآيات (٣٠-٣١): سِبط دَان يتبنّى رسميًا عبادة الأصنام التي بدأها مِيخَا.
٣٠وَأَقَامَ بَنُو دَانٍ لأَنْفُسِهِمِ التِّمْثَالَ الْمَنْحُوتَ. وَكَانَ يَهُونَاثَانُ ابْنُ جَرْشُومَ بْنُ مَنَسَّى هُوَ وَبَنُوهُ كَهَنَةً لِسِبْطِ الدَّانِيِّينَ إِلَى يَوْمِ سَبْيِ الأَرْضِ. ٣١وَوَضَعُوا لأَنْفُسِهِمْ تِمْثَالَ مِيخَا الْمَنْحُوتَ الَّذِي عَمِلَهُ، كُلَّ الأَيَّامِ الَّتِي كَانَ فِيهَا بَيْتُ اللهِ فِي شِيلُوهَ.
١. وَأَقَامَ بَنُو دَانٍ لأَنْفُسِهِمِ التِّمْثَالَ الْمَنْحُوت: كان هذا الحدث بمثابة بداية تأسيس العبادة الوثنية في إسرائيل، أرض الموعد. ورغم وجود عابدي للأوثان على المستوى الشخصي في إسرائيل من قبل ذلك، إلا أن هذا الحدث يُعد حدثًا لعبادة رسمية للأصنام.
• من خلال سلسلة غريبة من الأحداث، بدأ الأمر بسرقة ابن لـ ١١٠٠ شاقل من أمه (قضاة ١:١٧-٢) وانتهى الأمر باعتناق سِبط بأكمله لعبادة الأصنام.
٢. وَوَضَعُوا لأَنْفُسِهِمْ تِمْثَالَ مِيخَا الْمَنْحُوتَ الَّذِي عَمِلَهُ: يمكننا أن نفترض أن مِيخَا لم يكن يدرك مدى تأثير خطيته الممكن. ففي نهاية المطاف، تحولت عبادته الشخصية للأصنام إلى عبادة سِبط بأكمله، مما أدى إلى إنشاء مكان عبادة منافس لبَيْت الله فِي شِيلُوه.
• “سواء كان الكاتب يقصد ذلك أم لا، هناك لمحة من السخرية في هذا الإعلان. كانت شِيلُوه المركز الحقيقي للحياة الوطنية، بيت الله… ومع ذلك، في أرض دَان، اجتمعوا حول الباطل، وانخرطوا في عبادة مدمرة.” مورجان (Morgan)