سفر التكوين – الإصحاح ٤١
يُفسِّر يوسُف حُلُمَ فرعون ويعتلي السلطة
أولًا. أحلام فرعون وارتباكاته
أ ) الآية (١): مرَّت سنتان على إطلاق سراح السَّاقي وإعدام الخبَّاز.
١وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ سَنَتَيْنِ مِنَ ٱلزَّمَانِ أَنَّ فِرْعَوْنَ رَأَى حُلْمًا: وَإِذَا هُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ ٱلنَّهْرِ.
- وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ سَنَتَيْنِ مِنَ ٱلزَّمَانِ: كان يوسُف في السجن، مَنسيًّا من قِبَل ساقي فرعون لِمدَّةِ سنتَين كامِلَتَين. لا شكَّ بأنَّ يوسف واجهَ صعابًا وإحباطًا في هاتَين السنتَين، لكنَّنا نثقُ أنَّه كان واثِقًا بالله. نتعلَّم العديد من الدُّروس من هذه الحادثة.
- يبدو أحيانًا أنَّ الصلاح والفعل الحسَن اللَّذَين نقوم بهما في بعض الأحيان يكونان بدون مُكافأة.
- يُعتبَر الانتظار موضوعًا مُشترَكًا في الحياة المسيحيَّة.
- يختارنا الله غالِبًا للانتظار أكثر ممَّا نُحبّ.
- يختار الله بداياتنا ومحطَّات توقُّفِنا.
- لقد كانت يدُ الله في ذلك: عندما حان الوقت، عَلِم الساقي أين يجِدَ يوسُف بالضبط. لو أُطلِق سراح يوسُف قبلًا، مَن يدري ماذا كان يُمكِن أن يحصَل!
- أَنَّ فِرْعَوْنَ رَأَى حُلْمًا: إنَّ الأعداد الآتية تصِف حُلُمَ فرعون الغريب.
ب) الآيات (٢-٧): أحلام فرعون المزعِجة.
٢وَهُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ طَالِعَةٍ مِنَ ٱلنَّهْرِ حَسَنَةِ ٱلْمَنْظَرِ وَسَمِينَةِ ٱللَّحْمِ، فَٱرْتَعَتْ فِي رَوْضَةٍ. ٣ثُمَّ هُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ أُخْرَى طَالِعَةٍ وَرَاءَهَا مِنَ ٱلنَّهْرِ قَبِيحَةِ ٱلْمَنْظَرِ وَرَقِيقَةِ ٱللَّحْمِ، فَوَقَفَتْ بِجَانِبِ ٱلْبَقَرَاتِ ٱلْأُولَى عَلَى شَاطِئِ ٱلنَّهْرِ، ٤فَأَكَلَتِ ٱلْبَقَرَاتُ ٱلْقَبِيحَةُ ٱلْمَنْظَرِ وَٱلرَّقِيقَةُ ٱللَّحْمِ ٱلْبَقَرَاتِ ٱلسَّبْعَ ٱلْحَسَنَةَ ٱلْمَنْظَرِ وَٱلسَّمِينَةَ. وَٱسْتَيْقَظَ فِرْعَوْنُ. ٥ثُمَّ نَامَ فَحَلُمَ ثَانِيَةً: وَهُوَذَا سَبْعُ سَنَابِلَ طَالِعَةٍ فِي سَاقٍ وَاحِدٍ سَمِينَةٍ وَحَسَنَةٍ. ٦ثُمَّ هُوَذَا سَبْعُ سَنَابِلَ رَقِيقَةٍ وَمَلْفُوحَةٍ بِٱلرِّيحِ ٱلشَّرْقِيَّةِ نَابِتَةٍ وَرَاءَهَا. ٧فَٱبْتَلَعَتِ ٱلسَّنَابِلُ ٱلرَّقِيقَةُ ٱلسَّنَابِلَ ٱلسَّبْعَ ٱلسَّمِينَةَ ٱلْمُمْتَلِئَةَ. وَٱسْتَيْقَظَ فِرْعَوْنُ، وَإِذَا هُوَ حُلْمٌ.
- وَهُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ طَالِعَةٍ مِنَ ٱلنَّهْرِ: نرى في حُلُمِ فرعون سبعَ بقراتٍ سَمِينَةِ ٱللَّحْمِ طالعة من النهر وقد أكلتها سبع بقراتٍ قَبِيحَةُ ٱلْمَنْظَرِ وَرَقِيقَةُ ٱللَّحْمِ. استفاق فرعون بسبب هذا الحُلُم الغريب، لكنَّه عاد لينام مُجدَّدًا.
- وَهُوَذَا سَبْعُ سَنَابِلَ طَالِعَةٍ فِي سَاقٍ وَاحِدٍ: وفي حُلُمٍ ثانٍ، ٱبْتَلَعَتِ ٱلسَّنَابِلُ ٱلرَّقِيقَةُ ٱلسَّنَابِلَ ٱلسَّبْعَ ٱلسَّمِينَةَ ٱلْمُمْتَلِئَة.
- وَٱسْتَيْقَظَ فِرْعَوْنُ، وَإِذَا هُوَ حُلْمٌ: كان هذا الحُلُم الـمُعتاد حدوثه في الحياة غريبًا وجنونيًّا، لكنَّه كان رسالةً من الله.
- يتكلَّم الله إلينا اليوم. قد يستخدِم أساليب خارقة للطَّبيعة وأُمورًا أُخرى غريبة، حتَّى ومجنونة أيضًا. وبشكلٍ طبيعيٍّ أكثر، يُكلِّمنا الله من خلال كلمته. نتذكَّر عبرانيِّين ١:١-٢: ٱللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ ٱلْآبَاءَ بِٱلْأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ فِي ٱبْنِهِ، ٱلَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، ٱلَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ ٱلْعَالَمِينَ.
ج) الآية (٨): انزعاجُ نفسِ فرعون.
٨وَكَانَ فِي ٱلصَّبَاحِ أَنَّ نَفْسَهُ ٱنْزَعَجَتْ، فَأَرْسَلَ وَدَعَا جَمِيعَ سَحَرَةِ مِصْرَ وَجَمِيعَ حُكَمَائِهَا. وَقَصَّ عَلَيْهِمْ فِرْعَوْنُ حُلْمَهُ، فَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُعَبِّرُهُ لِفِرْعَوْنَ.
- وَكَانَ فِي ٱلصَّبَاحِ أَنَّ نَفْسَهُ ٱنْزَعَجَتْ: لم يعتقِد فرعون بأنَّ هذا الحُلُم هو مُجرَّد حُلُمٍ جنونيّ. ففي قرارة نفسه، علِمَ بوجودِ شيءٍ مُهمٍّ في ذلك.
- وَقَصَّ عَلَيْهِمْ فِرْعَوْنُ حُلْمَهُ، فَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُعَبِّرُهُ لِفِرْعَوْنَ: أخبر يوسُف السَّاقي والخبَّاز بينما كانا في السجن بأنَّه أَلَيْسَتْ لِلهِ ٱلتَّعَابِيرُ؟ (تكوين ٨:٤٠). تنتمي التَّعابير أو تفاسير الأحلام إلى الله، وهو لم يُعطِ هذه المعرفة لِـ سَحَرَةِ مصرَ.
د ) الآيات (٩-١٤): استدعاء يوسُف لِتفسير حِلمَي فرعون.
٩ثُمَّ كَلَّمَ رَئِيسُ ٱلسُّقَاةِ فِرْعَوْنَ قَائِلًا: «أَنَا أَتَذَكَّرُ ٱلْيَوْمَ خَطَايَايَ. ١٠فِرْعَوْنُ سَخَطَ عَلَى عَبْدَيْهِ، فَجَعَلَنِي فِي حَبْسِ بَيْتِ رَئِيسِ ٱلشُّرَطِ أَنَا وَرَئِيسَ ٱلْخَبَّازِينَ. ١١فَحَلُمْنَا حُلْمًا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَا وَهُوَ. حَلُمْنَا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ تَعْبِيرِ حُلْمِهِ. ١٢وَكَانَ هُنَاكَ مَعَنَا غُلَامٌ عِبْرَانِيٌّ عَبْدٌ لِرَئِيسِ ٱلشُّرَطِ، فَقَصَصْنَا عَلَيْهِ، فَعَبَّرَ لَنَا حُلْمَيْنَا. عَبَّرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ حُلْمِهِ. ١٣وَكَمَا عَبَّرَ لَنَا هَكَذَا حَدَثَ. رَدَّنِي أَنَا إِلَى مَقَامِي، وَأَمَّا هُوَ فَعَلَّقَهُ». ١٤فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَدَعَا يُوسُفَ، فَأَسْرَعُوا بِهِ مِنَ ٱلسِّجْنِ. فَحَلَقَ وَأَبْدَلَ ثِيَابَهُ وَدَخَلَ عَلَى فِرْعَوْنَ.
- أَنَا أَتَذَكَّرُ ٱلْيَوْمَ خَطَايَايَ: تذكَّر رئيس السُّقاة يوسُف واعترف بالإساءة التي سبَّبها له. فأوصى بيوسُفَ لِفرعون كرجُلٍ يُفسِّر الأحلام.
- فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَدَعَا يُوسُفَ، فَأَسْرَعُوا بِهِ مِنَ ٱلسِّجْنِ: ولـمَّا حان توقيت الله لإخراج يوسُف من السجن، تسارعت الأمور بوتيرةٍ مُرتفِعة. غالِبًا ما نشعرُ بوجودِ فتراتٍ طويلة من الوقت لا يعمل فيها الله أيَّ شيءٍ، ولكن عندما يحين الوقت، يُمكِن أن يجتمع كلُّ شيءٍ في لحظةٍ واحدة.
- في تلك الأثناء التي نظنُّ فيها أنَّ الله لا يعملُ أيَّ شيءٍ، نراه يعمل أهمَّ عملٍ في حياتنا: تطوير شخصيَّاتنا وتغييرها لِتُشابه صورة يسوع المسيح.
- نُحبُّ كلمات رسالة رومية ٢٨:٨: وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ ٱللهَ، ٱلَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ. لكن لا يجب أن ننسى العدد الَّذي يلي، رومية ٢٩:٨: لِأَنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ٱبْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ. إنَّ عمل الله في حياتنا هو لِنُصبِح مُشابهين صورة يسوع المسيح، وهذا يتطلَّبُ وقتًا.
- نرى هُنا نموذجًا آخَر لِيوسُف الَّذي يُظهِرُ لنا يسوع الَّذي أُخِذ بسرعةٍ من مكانِ غموضٍ وتواضعٍ كامل إلى مقامٍ عظيم.
هـ) الآيات (١٥-١٦): يُخبِر فرعون يوسُف بالحُلم.
١٥فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «حَلُمْتُ حُلْمًا وَلَيْسَ مَنْ يُعَبِّرُهُ. وَأَنَا سَمِعْتُ عَنْكَ قَوْلًا، إِنَّكَ تَسْمَعُ أَحْلَامًا لِتُعَبِّرَهَا». ١٦فَأَجَابَ يُوسُفُ فِرْعَوْنَ قَائِلًا: «لَيْسَ لِي. ٱللهُ يُجِيبُ بِسَلَامَةٍ فِرْعَوْنَ».
- حَلُمْتُ حُلْمًا وَلَيْسَ مَنْ يُعَبِّرُهُ: كان حُلُم فرعون بالحقيقةِ إعلانًا من الله. أُعطيَ الحُلُم، لكنَّه لم يستطِع تفسيرَهُ. يُشبَّهُ فرعون بِرَجُلٍ يقرأ الكتاب المقدَّس لكنَّه يحتاج إلى مُساعدة من رجُل الله أو امرأة الله كي يَفهَم ويستوعِب.
- لَيْسَ لِي: أعطى فرعون يوسُف فرصةً ذهبيَّة لكي يُعظِّم نفسه، لكنَّ يوسُف رفض ذلك. لم يستخدِم هذه الفرصة لِتعظيم نفسه أمام فرعون، بل لِيُمجِّد الله فقط.
- ٱللهُ يُجِيبُ بِسَلَامَةٍ فِرْعَوْنَ: يبدو يوسُف أكثر حكمةً وربَّما تواضُعًا من ذي قَبْل. إذا كان صحيحًا أنَّه في الماضي أخبر إخوته عن أحلامه السَّابقة بطريقةٍ فيها نوعٌ من تفخيم الذات، فأيُّ ثقةٍ بالنفس الآن قد انتفَت. عرفَ يوسُف أنَّ الله وحدَه يمتلِك الجواب.
- إنَّ عمل الله في بناء وتطوير الشخصيَّة قد تُمِّم في حياة يوسُف، حتَّى ولو لم يعتقِد بأنَّ أيَّ شيءٍ سيحصَل.
و ) الآيات (١٧-٢٤): يُخبِر فرعون يوسُف بالحُلم.
١٧فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «إِنِّي كُنْتُ فيِ حُلْمِي وَاقِفًا عَلَى شَاطِئِ ٱلنَّهْرِ، ١٨وَهُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ طَالِعَةٍ مِنَ ٱلنَّهْرِ سَمِينَةِ ٱللَّحْمِ وَحَسَنَةَ ٱلصُّورَةِ، فَٱرْتَعَتْ فِي رَوْضَةٍ. ١٩ثُمَّ هُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ أُخْرَى طَالِعَةٍ وَرَاءَهَا مَهْزُولَةً وَقَبِيحَةَ ٱلصُّورَةِ جِدًّا وَرَقِيقَةَ ٱللَّحْمِ. لَمْ أَنْظُرْ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ مِثْلَهَا فِي ٱلْقَبَاحَةِ. ٢٠فَأَكَلَتِ ٱلْبَقَرَاتُ ٱلرَّقِيقَةُ وَٱلْقَبِيحَةُ ٱلْبَقَرَاتِ ٱلسَّبْعَ ٱلْأُولَى ٱلسَّمِينَةَ. ٢١فَدَخَلَتْ أَجْوَافَهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي أَجْوَافِهَا، فَكَانَ مَنْظَرُهَا قَبِيحًا كَمَا فِي ٱلْأَوَّلِ. وَٱسْتَيْقَظْتُ. ٢٢ثُمَّ رَأَيْتُ فِي حُلْمِي وَهُوَذَا سَبْعُ سَنَابِلَ طَالِعَةٌ فِي سَاقٍ وَاحِدٍ مُمْتَلِئَةً وَحَسَنَةً. ٢٣ثُمَّ هُوَذَا سَبْعُ سَنَابِلَ يَابِسَةً رَقِيقَةً مَلْفُوحَةً بِٱلرِّيحِ ٱلشَّرْقِيَّةِ نَابِتَةٌ وَرَاءَهَا. ٢٤فَٱبْتَلَعَتِ ٱلسَّنَابِلُ ٱلرَّقِيقَةُ ٱلسَّنَابِلَ ٱلسَّبْعَ ٱلْحَسَنَةَ. فَقُلْتُ لِلسَّحَرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُخْبِرُنِي».
- فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: شرح قائد مصرَ الحُلُم لِيوسُف، تقريبًا بذات الطريقة المكتوبة في تكوين ٢:٤١-٧.
- فَكَانَ مَنْظَرُهَا قَبِيحًا كَمَا فِي ٱلْأَوَّلِ: تكشَّفت بعض تفاصيل الحُلُم خلال قَصِّهِ ثانيةً. فعندما أكلت السبع البقرات المهزولة السبع البقرات السمينة، بقيت تلك رقيقة وقبيحة.
ثانيًا. يُفسِّر يوسُف أحلام فرعون
أ ) الآيات (٢٥-٣٢): يُفسِّر يوسُف أحلام فرعون.
٢٥فَقَالَ يُوسُفُ لِفِرْعَوْنَ: «حُلْمُ فِرْعَوْنَ وَاحِدٌ. قَدْ أَخْبَرَ ٱللهُ فِرْعَوْنَ بِمَا هُوَ صَانِعٌ. ٢٦اَلْبَقَرَاتُ ٱلسَّبْعُ ٱلْحَسَنَةُ هِيَ سَبْعُ سِنِينَ، وَٱلسَّنَابِلُ ٱلسَّبْعُ ٱلْحَسَنَةُ هِيَ سَبْعُ سِنِينَ. هُوَ حُلْمٌ وَاحِدٌ. ٢٧وَٱلْبَقَرَاتُ ٱلسَّبْعُ ٱلرَّقِيقَةُ ٱلْقَبِيحَةُ ٱلَّتِي طَلَعَتْ وَرَاءَهَا هِيَ سَبْعُ سِنِينَ، وَٱلسَّنَابِلُ ٱلسَّبْعُ ٱلْفَارِغَةُ ٱلْمَلْفُوحَةُ بِٱلرِّيحِ ٱلشَّرْقِيَّةِ تَكُونُ سَبْعَ سِنِينَ جُوعًا. ٢٨هُوَ ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي كَلَّمْتُ بِهِ فِرْعَوْنَ. قَدْ أَظْهَرَ ٱللهُ لِفِرْعَوْنَ مَا هُوَ صَانِعٌ. ٢٩هُوَذَا سَبْعُ سِنِينَ قَادِمَةٌ شِبَعًا عَظِيمًا فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ .٣٠ثُمَّ تَقُومُ بَعْدَهَا سَبْعُ سِنِينَ جُوعًا، فَيُنْسَى كُلُّ ٱلشِّبَعِ فِي أَرْضِ مِصْرَ وَيُتْلِفُ ٱلْجُوعُ ٱلْأَرْضَ. ٣١وَلَا يُعْرَفُ ٱلشِّبَعُ فِي ٱلْأَرْضِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ٱلْجُوعِ بَعْدَهُ، لِأَنَّهُ يَكُونُ شَدِيدًا جِدًّا. ٣٢وَأَمَّا عَنْ تَكْرَارِ ٱلْحُلْمِ عَلَى فِرْعَوْنَ مَرَّتَيْنِ، فَلِأَنَّ ٱلْأَمْرَ مُقَرَّرٌ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ، وَٱللهُ مُسْرِعٌ لِيَصْنَعَه»ُ.
- حُلْمُ فِرْعَوْنَ وَاحِدٌ. قَدْ أَخْبَرَ ٱللهُ فِرْعَوْنَ بِمَا هُوَ صَانِعٌ: ستكون هناك سبعُ سنينٍ من الوفرة والبحبوحة ستُتْبَع بسبعِ سنينٍ من الحاجة والجوع. وستكون سنوات الجوع شديدةً جدًّا حتَّى أنَّ سنين الوفرة لَا تُعْرَفُ.
- وَأَمَّا عَنْ تَكْرَارِ ٱلْحُلْمِ عَلَى فِرْعَوْنَ مَرَّتَيْنِ، فَلِأَنَّ ٱلْأَمْرَ مُقَرَّرٌ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ: رأى يوسُف تأكيد الله في تكرار الحُلُم. عرفَ يوسُف قانون الشريعة الَّذي سيظهَر في مرحلةٍ لاحِقة في تثنية ١٥:١٩: لَا يَقُومُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى إِنْسَانٍ فِي ذَنْبٍ مَّا أَوْ خَطِيَّةٍ مَّا مِنْ جَمِيعِ ٱلْخَطَايَا ٱلَّتِي يُخْطِئُ بِهَا. عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ عَلَى فَمِ ثَلَاثَةِ شُهُودٍ يَقُومُ ٱلْأَمْرُ.
- يُمكِننا القَول عن رسالة الله العظيمة لنا – أي الكتاب المقدَّس – أنَّها مُقَرَّرةٌ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ. هذا ليس من أدبيَّات المجتمع اليوم أن نقول ذلك، لكنَّها تبقى حقيقة راسخة: إنَّ كلمة الله حقٌّ. يتكلَّم الكتاب المقدَّس بأساليب مُختلِفة، إلَّا أنَّه صادقٌ وحقيقيٌّ في كلِّ أسلوبٍ. إنَّه تأريخٌ حقيقيٌّ وشرائع حقيقيَّة وشِعرٌ حقيقيٌّ وحكمةٌ حقيقيَّة، وهو أيضًا نبوَّةٌ حقيقيَّة.
- وَٱللهُ مُسْرِعٌ لِيَصْنَعَهُ: يُشير تكرار الحُلُم أيضًا إلى إلحاحيَّة الرِّسالة. سيحدُث كلُّ هذا قريبًا، وبسرعةٍ.
- تكلَّم الله بكلِّ هذا من خلال يوسُف، مُستخدِمًا إيَّاهُ لإرشاد فرعون. يتمنَّى بعضُنا لو أنَّ الله يُعطينا إرشادًا خارقًا للطَّبيعة كهذا.
- كثيرون منَّا يريدون إرشادًا من الله كخارطة طريق تُظهِرُ أين نذهب وماذا نفعل. بدلًا من ذلك، يأتي يسوع أحيانًا كَـ مُرشدٍ، قائلًا ‘أُمكُث بقُربي وسأُرشدك الطريق.’ فبدلًا من تفقُّد الخريطة، فتِّش عن المرشِد – فالمرشِدُ، المرسَل من الله، هو يسوع المسيح.
ب) الآيات (٣٣-٣٦): ينصَح يوسفُ فرعون.
٣٣«فَٱلْآنَ لِيَنْظُرْ فِرْعَوْنُ رَجُلًا بَصِيرًا وَحَكِيمًا وَيَجْعَلْهُ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ. ٣٤يَفْعَلْ فِرْعَوْنُ فَيُوَكِّلْ نُظَّارًا عَلَى ٱلْأَرْضِ، وَيَأْخُذْ خُمْسَ غَلَّةِ أَرْضِ مِصْرَ فِي سَبْعِ سِنِي ٱلشِّبَعِ، ٣٥فَيَجْمَعُونَ جَمِيعَ طَعَامِ هَذِهِ ٱلسِّنِينَ ٱلْجَيِّدَةِ ٱلْقَادِمَةِ، وَيَخْزِنُونَ قَمْحًا تَحْتَ يَدِ فِرْعَوْنَ طَعَامًا فِي ٱلْمُدُنِ وَيَحْفَظُونَهُ. ٣٦فَيَكُونُ ٱلطَّعَامُ ذَخِيرَةً لِلْأَرْضِ لِسَبْعِ سِنِي ٱلْجُوعِ ٱلَّتِي تَكُونُ فِي أَرْضِ مِصْرَ، فَلَا تَنْقَرِضُ ٱلْأَرْضُ بِٱلْجُوعِ».
- فَٱلْآنَ لِيَنْظُرْ فِرْعَوْنُ رَجُلًا بَصِيرًا وَحَكِيمًا: حتَّى هذه اللَّحظة، قدَّم يوسُف لِفرعون معرفةً، قائلًا له ماذا سيحدُث، كما أُعلِنت بالأحلام كرسالةٍ من الله. أمَّا الآن، فقد بدأ يوسُف بتطبيق الحكمة على هذه المعرفة.
- من الجيِّد تذكُّر الفرق بين المعرفة والحكمة. فالمعرفة تُعلِن ما الَّذي يحدُث؛ أمَّا الحكمة فتُعلِن ماذا ينبغي أن يُعملَ إزاءها. إنَّ المعرفة هي بمثابة التَّشخيص، أمَّا الحكمة فَمُوجَّهة نحو العلاج والشِّفاء. إنَّ المعرفة جيِّدة وضروريَّة – لكنَّها ليست كافية بحدِّ ذاتها.
- يمتلِك عالَمُنا الكثير من المعرفة مُقارَنةً مع الحكمة. غالِبًا ما يرى العُلَماء والشعراء والسِّياسيُّون وكلُّ العالَم المشاكِل التي تعترضنا. أمَّا الحكمة الحقيقيَّة فترى أنَّ يسوع هو الجواب.
- يَفْعَلْ فِرْعَوْنُ فَيُوَكِّلْ نُظَّارًا عَلَى ٱلْأَرْضِ، وَيَأْخُذْ خُمْسَ غَلَّةِ أَرْضِ مِصْرَ فِي سَبْعِ سِنِي ٱلشِّبَعِ: بحكمته المعطاة له من الله، رأى يوسُف أنَّ هذه المأساة الكبيرة الآتية تحتاج إلى إدارةٍ صحيحة.
- يجب أن تُفهَم المشكلة.
- يجب تحديدُ الهدف والرؤية التي يجب صياغتها لتحقيق الهدف.
- يجب وضعُ الأشخاص المناسبين في الأماكن المناسبة (نُظَّارًا عَلَى ٱلْأَرْضِ).
- يجب عليهم أن يفهموا الرؤيا الكبيرة ودورَهم فيها.
- يجب وجودُ شخصٍ ما يعمل للتَّأكُّد من أنَّ الأمور تجري بحسب الخطَّة.
- يجب قياسُ العمَل (والانتاج).
- سيستخدِم الله رجُلًا لِوَضعِ كلِّ هذه في أمكنتها الصحيحة – ولن ينجح العمل بما نعتقده عادةً أنَّه يحدث بشكلٍ عجائبيّ.
- يعني خُمْسُ ضريبةٍ تُوازي الـ ٢٠ ٪. تقترِح بعض المصادر القديمة بأنَّ فرعون كان يأخذ بشكلٍ طبيعيٍّ ١٠ ٪ من القمح الَّذي في مصرَ كضريبة. فإذا صحَّ هذا القَول، يكون يوسُف قد ضاعف الضريبة على مدى سبع سنينٍ قادمة.
- فَلَا تَنْقَرِضُ ٱلْأَرْضُ بِٱلْجُوعِ: كانت رسالة الله من خلال أحلام فرعون دليلًا على مأساةٍ حقيقيَّة آتية. فإذا لم يتحضَّروا لها، فَمِن الممكن أن تَنْقَرِضَ ٱلْأَرْضُ بِٱلْجُوعِ. كانت هذه دعوةٌ مُلِحَّة للتَّحرُّك.
- سَيُسدِّدُ الله الحاجة من خلال رجُلٍ. “يعمل الله دائمًا من خلال الإنسان للقيام بمهامِّه على الأرض” بارنهاوس (Barnhouse)
ج) الآيات (٣٧-٣٨): يشعر فرعون بحضور روحِ الله في يوسُف.
٣٧فَحَسُنَ ٱلْكَلَامُ فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ وَفِي عُيُونِ جَمِيعِ عَبِيدِهِ. ٣٨فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِعَبِيدِهِ: «هَلْ نَجِدُ مِثْلَ هَذَا رَجُلًا فِيهِ رُوحُ ٱللهِ؟».
- فَحَسُنَ ٱلْكَلَامُ فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ: فَهِمَ فرعون أنَّ يوسُف يمتلك ليس فقط تفسيرًا صحيحًا لِلحُلُم، بل أيضًا المشورة الصَّائبة للتَّجاوب مع الرِّسالة السَّماويَّة.
- رَجُلًا فِيهِ رُوحُ ٱللهِ: كان لِفرعون الكثيرون من الكهنة والسَّحرة والرجال القدِّيسين. ما لم يكُن يمتلكه (لحين بروز يوسُف) كان رجُلًا فِيهِ رُوحُ ٱللهِ. هذا ما ميَّزَ يوسُف عن الآخَرين (هَلْ نَجِدُ مِثْلَ هَذَا).
- هذا هو أوَّلُ ذكرٍ في الكتاب المقدَّس للرُّوح القدس آتيًا أو حالًّا في رجُل. ومن المفيد بمكان ما أن نُلاحظ ذلك في ضوءِ إنجاز بعض الأمور العمليَّة. لم يكُن على يوسُف أن يعِظ موعظةً أو يقودَ صلاةً من أجل فرعون كي يرى رُوحَ ٱللهِ فيه. فهو يمكنه رؤية ذلك في شخصيَّتهِ ورسالتهِ ومعرفتهِ وحكمتهِ وتواضعهِ.
- إنَّ حضور وقوَّة الرُّوح القدس يمكن رؤيتهما في الكثير من الأمور العمليَّة، وذلك في شخصيَّاتنا وتواضعنا.
د ) الآيات (٣٩-٤١): اعتلاء يوسُف المركز الثَّاني في مملكة مصر.
٣٩ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «بَعْدَ مَا أَعْلَمَكَ ٱللهُ كُلَّ هَذَا، لَيْسَ بَصِيرٌ وَحَكِيمٌ مِثْلَكَ. ٤٠أَنْتَ تَكُونُ عَلَى بَيْتِي، وَعَلَى فَمِكَ يُقَبِّلُ جَمِيعُ شَعْبِي إِلَا إِنَّ ٱلْكُرْسِيَّ أَكُونُ فِيهِ أَعْظَمَ مِنْكَ». ٤١ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «ٱنْظُرْ، قَدْ جَعَلْتُكَ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ».
- بَعْدَ مَا أَعْلَمَكَ ٱللهُ كُلَّ هَذَا، لَيْسَ بَصِيرٌ وَحَكِيمٌ مِثْلَكَ: كانت هذه أوَّلُ إشارةٍ مُؤكَّدة بأنَّ فرعون أراد يوسُف بأن يكون مَن يُخلِّص مصر من خلال التَّخطيط والتَّحضير الحكيمَين. ربَّما فاجأ هذا يوسُف.
- أَنْتَ تَكُونُ عَلَى بَيْتِي: كان يوسُف يمتلِك المعرفة والحكمة، إلَّا أنَّ فرعون كان يمتلِكُ خيارًا. لقد اختارَ أن يُعطيَ يوسُف سلطةً على كلِّ هذا. فهو لم يقُل، ‘شُكرًا لأجل النصيحة. سأتعامَل شخصيًّا مع الأمر.’ استسلَم فرعون لِمعرفة يوسُف وحكمتهِ وسلطتهِ.
- سيكون يوسُف عَلَى بَيْتِ فرعون وعلى أعمالهِ الشخصيَّة.
- سيحكُم يوسُف عَلَى كلِّ شَعْبِ مصرَ بناءً على كلمتهِ.
- سيكون يوسُف ثانيًا في المملكة بعد فرعون.
- ستكون لِيوسُف سلطةٌ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ.
- يبدو أنَّ يوسُف كان نتاج نجاحٍ سريع. في الحقيقة، لقد استغرقت رحلته من البئر إلى العرش ١٣ سنة شاقَّة. وهذا الجزء من حياة يوسُف يُذكِّرنا ببعض المبادئ المتعلِّقة بالتَّرقية والتَّقدُّم.
- إنَّ التَّرقية والتَّقدُّم هُما من الرَّبِّ (مزمور ٦:٧٥-٧). نحن لا نقول أنَّ العمل الجاد والتَّحضير والعادات الجيِّدة وجوانِب إنسانيَّة أُخرى لا تُساهِم في تحقيق النجاح – فهذه جميعها عوامل مُساعِدة من دون أدنى شكٍّ. بالرغم من ذلك، كلُّ هذه هي عطايا وقُدُرات من الله ويجب النظرُ إليها بتواضُع وامتنانٍ نحوه.
- إنَّ التَّرقية والتَّقدُّم ليسا كافييَن بدون الرَّبِّ. لا يُمكنك التَّطوُّر أو التَّرقِّي إلى حدِّ توقُّفِك عن الحاجة إلى يسوع. غالبًا ما يجعلنا التَّرقيّ والنجاح نرى حاجتنا إلى يسوع أكثر من أيِّ وقتٍ مضى.
- استحوذ يسوع على التَّرقية والتَّطوُّر في نهاية المطاف. أصبحت طريق يوسُف من عبدٍ وضيع وسجين إلى حاكمٍ قويّ نبوَّةً عن يسوع المسيح نفسه. تصِف هذه الأعداد من فيلبِّي ٥:٢-١١ هذا النجاح الختاميّ.
هـ) الآيات (٤٢-٤٤): علامات المقام السَّامي لِيوسُف.
٤٢وَخَلَعَ فِرْعَوْنُ خَاتِمَهُ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ، وَأَلْبَسَهُ ثِيَابَ بُوصٍ، وَوَضَعَ طَوْقَ ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ، ٤٣وَأَرْكَبَهُ فِي مَرْكَبَتِهِ ٱلْثَّانِيَةِ، وَنَادَوْا أَمَامَهُ «ٱرْكَعُوا». وَجَعَلَهُ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ. ٤٤وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «أَنَا فِرْعَوْنُ. فَبِدُونِكَ لَا يَرْفَعُ إِنْسَانٌ يَدَهُ وَلَا رِجْلَهُ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ».
- وَخَلَعَ فِرْعَوْنُ خَاتِمَهُ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ: كان الخاتَم علامةً للتَّعبير عن سلطة فرعون. أصبح يوسُف الآن يمتلك هذه السلطة. كان يرتدي يوسُف فيما مضى أغلال السجين؛ أمَّا الآن فهو يرتدي خَاتِمَ فرعون.
- وَأَلْبَسَهُ ثِيَابَ بُوصٍ: كان يرتدي يوسُف فيما مضى خِرَق الزنزانة البالية؛ أمَّا الآن فهو يرتدي ملابس رائعة، ثِيَابَ بُوصٍ.
- وَوَضَعَ طَوْقَ ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ: كان يعتمِرُ يوسُف فيما مضى سلسلةَ عبدٍ؛ أمَّا الآن فهو يعتمِرُ قِلادةً وطَوْقَ ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ.
- وَأَرْكَبَهُ فِي مَرْكَبَتِهِ ٱلْثَّانِيَةِ: مشى يوسُف فيما مضى كعبدٍ؛ أمَّا الآن فهو يتمشَّى بأناقة. وهو يتمتَّع بغنًى عظيم.
- فَبِدُونِكَ لَا يَرْفَعُ إِنْسَانٌ يَدَهُ وَلَا رِجْلَهُ: هذا يُشيرُ مرَّةً ثانية إلى فكرة السلطة. كان يوسُف ذات مرَّةٍ خاضعًا ومُطيعًا للأوامر؛ أمَّا الآن فهو مَن يُعطي الأوامر.
- بهذه الطرائق، يُمثِّل يوسُف مكانة ابنِ الله. فقد أُعطينا في يسوع المسيح سُلطانًا ولباسًا وزينةً وغنًى.
- ولكن بطريقةٍ أعظَم، نرى أنَّ يوسُف هو صورةٌ عن يسوع المسيح في مَن هو وما عملَهُ وفي المكانة التي يجب أن تكون له في حياتنا.
- يسوع هو مُرسَلٌ من الله.
- يسوع يتكلَّم الحقَّ عن المستقبَل.
- تُؤمِّن خطَّة يسوع خُبزَ الحياة.
- أُعطي يسوع سُلطانًا بالاختيار.
و ) الآية (٤٥): أُعطيَ يوسُف اسمًا وزوجةً.
٤٥وَدَعَا فِرْعَوْنُ ٱسْمَ يُوسُفَ «صَفْنَاتَ فَعْنِيحَ»، وَأَعْطَاهُ أَسْنَاتَ بِنْتَ فُوطِي فَارَعَ كَاهِنِ أُونَ زَوْجَةً. فَخَرَجَ يُوسُفُ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ.
- وَدَعَا فِرْعَوْنُ ٱسْمَ يُوسُفَ «صَفْنَاتَ فَعْنِيحَ»: تقول الأسطورة اليهوديَّة أنَّ كلَّ حرفٍ من إسمِ يوسُف المصريّ عنَى شيئًا ما. وإذا ما ربطنا هذه الأحرف معًا، تقول هذه الأساطير بأنَّ اسم يوسُف يعني “النَّاظر – المخلِّص – النبيّ – الدَّاعِم – المفسِّر الأحلام – الذكيّ – الحافِظ الأسرار – والحكيم.”
- على الأغلَب، يعني اسمه الجديد، الله يتكلَّم وهو حيٌّ، في إشارةٍ إلى كلمة الله النَّازلة على يوسُف وعلى حفظه إيَّاه وعلى حفظه كلٍّ من مصرَ والمنطقة حولها.
- وَأَعْطَاهُ أَسْنَاتَ … زَوْجَةً: تقول الأساطير اليهوديَّة (تلفيقات غير واقعيَّة، بالطَّبع) بأنَّ أسْناتَ كانت بنت دِينة وشَكيم التي تُرِكت قبل سنينٍ كثيرة في الماضي على الحدود المصريَّة، ومن ثمَّ تبنَّتها عائلة كاهنٍ مصريّ.
ثالثًا. حياة يوسُف كرئيسٍ للوزراء
أ ) الآيات (٤٦-٤٩): وأتت سبع سنيِّ الجوع.
٤٦وَكَانَ يُوسُفُ ٱبْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَمَّا وَقَفَ قُدَّامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ. فَخَرَجَ يُوسُفُ مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ وَٱجْتَازَ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ. ٤٧وَأَثْمَرَتِ ٱلْأَرْضُ فِي سَبْعِ سِنِي ٱلشِّبَعِ بِحُزَمٍ. ٤٨فَجَمَعَ كُلَّ طَعَامِ ٱلسَّبْعِ سِنِينَ ٱلَّتِي كَانَتْ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَجَعَلَ طَعَامًا فِي ٱلْمُدُنِ. طَعَامَ حَقْلِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّذِي حَوَالَيْهَا جَعَلَهُ فِيهَا. ٤٩وَخَزَنَ يُوسُفُ قَمْحًا كَرَمْلِ ٱلْبَحْرِ، كَثِيرًا جِدًّا حَتَّى تَرَكَ ٱلْعَدَدَ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَدَدٌ.
- وَكَانَ يُوسُفُ ٱبْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَمَّا وَقَفَ قُدَّامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ: كان يوسُف رجُلًا صغيرًا في السنِّ حتَّى يتمتَّع بهذه السلطة. لكنَّه كان في مدرسة الله التي تُعلِّم الثقة العميقة وتُبادِر إلى تطوير الشخصيَّة لِمُدَّةٍ طويلة. لقد بيعَ كعبدٍ وهو في عمر ١٧ سنة (تكوين ٢:٣٧).
- فَجَمَعَ كُلَّ طَعَامِ ٱلسَّبْعِ سِنِينَ ٱلَّتِي كَانَتْ فِي أَرْضِ مِصْرَ: قام يوسُف بِعَمل الصواب. فقد خَزَّن محاصيل القمح خلال سبع سنين الشبع. وكان هذا تحدِّيًا لوجستيًّا وماليًّا أيضًا.
- وَخَزَنَ يُوسُفُ قَمْحًا … كَثِيرًا جِدًّا: يبدو أنَّ العادة جرَت بأن يأخذ فرعون ما نسبته ١٠ ٪ من محصول القمح في مصرَ كضريبة. عمليًّا، ضاعف يوسُف الضريبة عل مدى سبعِ سنينٍ (يذكُر تكوين ٣٤:٤١ خُمس، أي ٢٠ ٪).
ب) الآيات (٥٠-٥٢): إبنا يوسُف وحالةُ القلْب.
٥٠وَوُلِدَ لِيُوسُفَ ٱبْنَانِ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ سَنَةُ ٱلْجُوعِ، وَلَدَتْهُمَا لَهُ أَسْنَاتُ بِنْتُ فُوطِي فَارَعَ كَاهِنِ أُونَ. ٥١وَدَعَا يُوسُفُ ٱسْمَ ٱلْبِكْرِ «مَنَسَّى» قَائِلًا: «لِأَنَّ ٱللهَ أَنْسَانِي كُلَّ تَعَبِي وَكُلَّ بَيْتِ أَبِي». ٥٢وَدَعَا ٱسْمَ ٱلثَّانِى «أَفْرَايِمَ» قَائِلًا: «لِأَنَّ ٱللهَ جَعَلَنِي مُثْمِرًا فِي أَرْضِ مَذَلَّتِي».
- وَدَعَا يُوسُفُ ٱسْمَ ٱلْبِكْرِ «مَنَسَّى»: وُلِد لِيوسُف من زوجته المصريَّة مَنَسَّى الَّذي يعني اسمه النسيان. كان ذلك بسبب أنَّ الله جعل يوسُف ينسى ألَمَهُ الماضي وتجربته في الحياة. وكان اسمُ ابنه الثاني أَفْرَايِمَ الَّذي يعني الوفرة، ذلك بسبب أنَّ الله جعل يوسُف مُثمِرًا في أرضِ مصرَ.
- لا يُمكننا أن نكون مُثمرين ضِعفَين إلَّا عندما ننسى. يصِف ك. س. لويس (C.S. Lewis) في كتابه الطلاق العظيم الجحيم كمكانٍ حيث لا ينسى أحدٌ من الناس أيَّ شيءٍ، بل يتذكَّر كلَّ تلاسُنٍ بذيء وكلَّ تعدٍّ وخطأ وكلَّ مَن لم يُسامحَهُ. لكن في السماء ستوضَعُ كلُّ هذه الذكريات جانبًا لأنَّ كلَّ شيءٍ أمسى جديدًا.
- لِأَنَّ ٱللهَ أَنْسَانِي … لِأَنَّ ٱللهَ جَعَلَنِي مُثْمِرًا: لم ينسَ يوسُف إيمانَ آبائه، حتَّى بعد ترقِيَتهِ إلى مجدٍ عظيمٍ في مصرَ واستحواذه على امرأةٍ مصريَّة. وكعلامةٍ على ذلك، أُعطيَ ابناهُ اسمَين عبريَّين، وليس اسمَين مصريَّين.
ج) الآيات (٥٣-٥٧): بداية سبع سنين الجوع.
٥٣ثُمَّ كَمِلَتْ سَبْعُ سِنِي ٱلشِّبَعِ ٱلَّذِي كَانَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. ٥٤وَٱبْتَدَأَتْ سَبْعُ سِنِي ٱلْجُوعِ تَأْتِي كَمَا قَالَ يُوسُفُ، فَكَانَ جُوعٌ فِي جَمِيعِ ٱلْبُلْدَانِ. وَأَمَّا جَمِيعُ أَرْضِ مِصْرَ فَكَانَ فِيهَا خُبْزٌ. ٥٥وَلَمَّا جَاعَتْ جَمِيعُ أَرْضِ مِصْرَ وَصَرَخَ ٱلشَّعْبُ إِلَى فِرْعَوْنَ لِأَجْلِ ٱلْخُبْزِ، قَالَ فِرْعَوْنُ لِكُلِّ ٱلْمِصْرِيِّينَ: «ٱذْهَبُوا إِلَى يُوسُفَ، وَٱلَّذِي يَقُولُ لَكُمُ ٱفْعَلُوا». ٥٦وَكَانَ ٱلْجُوعُ عَلَى كُلِّ وَجْهِ ٱلْأَرْضِ، وَفَتَحَ يُوسُفُ جَمِيعَ مَا فِيهِ طَعَامٌ وَبَاعَ لِلْمِصْرِيِّينَ. وَٱشْتَدَّ ٱلْجُوعُ فِي أَرْضِ مِصْرَ. ٥٧وَجَاءَتْ كُلُّ ٱلْأَرْضِ إِلَى مِصْرَ إِلَى يُوسُفَ لِتَشْتَرِيَ قَمْحًا، لِأَنَّ ٱلْجُوعَ كَانَ شَدِيدًا فِي كُلِّ ٱلْأَرْضِ.
- فَكَانَ جُوعٌ فِي جَمِيعِ ٱلْبُلْدَانِ. وَأَمَّا جَمِيعُ أَرْضِ مِصْرَ فَكَانَ فِيهَا خُبْزٌ: بسبب تحضير يوسُف الحكيم، غدَت مصر مصدرًا للغذاء لكلِّ المنطقة التي تأثَّرت بالجوع القاسي.
- وَجَاءَتْ كُلُّ ٱلْأَرْضِ إِلَى مِصْرَ إِلَى يُوسُفَ لِتَشْتَرِيَ قَمْحًا: تأثَّر الكنعانيُّون – بِمَن فيهم عائلة يوسُف – بسبب هذه المجاعة. لكنَّ الله أمَّن بحكمةٍ (وإن لم تكُن مُتوقَّعة) إعالَتهم بإرسالهِ يوسُف أمامهم.
- وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ ٱللهَ، ٱلَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ (رومية ٢٨:٨). لم يستحوِذ يوسُف على كلمات رسالة رومية هذه على الورَق، لكنَّها كانت كلماتٌ مكتوبة على لَوحِ قلبه. من الممكِن أنَّ الكثيرين من المسيحيِّين اليوم يستحوِذون على هذه الكلمات مكتوبةً على الورق، لكنَّها بالفعل ليست مكتوبةً على ألواحِ قلوبهم.