سفر حزقيال – الإصحاح ١٠
المجد والكروبيم
أولًا. رؤيا مجد الله في الهيكل
أ ) الآيات (١-٢): شِبه العرش
١ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا عَلَى الْمُقَبَّبِ الَّذِي عَلَى رَأْسِ الْكَرُوبِيمِ شَيْءٌ كَحَجَرِ الْعَقِيقِ الأَزْرَقِ، كَمَنْظَرِ شِبْهِ عَرْشٍ. ٢وَكَلَّمَ الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ وَقَالَ: «ادْخُلْ بَيْنَ الْبَكَرَاتِ تَحْتَ الْكَرُوبِ وَامْلأْ حَفْنَتَيْكَ جَمْرَ نَارٍ مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبِيمِ، وَذَرِّهَا عَلَى الْمَدِينَةِ». فَدَخَلَ قُدَّامَ عَيْنَيَّ.
١. عَلَى الْمُقَبَّبِ الَّذِي عَلَى رَأْسِ الْكَرُوبِيمِ شَيْءٌ كَحَجَرِ الْعَقِيقِ الأَزْرَقِ: نجد في حزقيال من ٨ – ١١ وصفًا موسعًا لرؤية النبي عن الفساد والقضاء في هيكل أورشليم. والجزء الآخر المهم في هذه الرؤية هو مجد الله، والموصوف بنفس المصطلحات كما رآه حزقيال في رؤية دعوته النبوية (حزقيال ١-٣). وهنا نجد وصف الْمُقَبَّبِ الَّذِي عَلَى رَأْسِ الْكَرُوبِيمِ.
• بالارتباط بنصوص أخرى، فهمنا أن الكائنات الحيّة المذكورة في حزقيال ١ كانت كروبيم، لكن لم يتم إعطاؤهم هذا الاسم المحدد في حزقيال ١. الآن يُطلق عليهم في الهيكل اسم الْكَرُوبِيمِ بشكل أكثر ملاءمة، لأنه كانت هناك رسوم فنية للْكَرُوبِيمِ في كل الهيكل، بما في ذلك التماثيل الكبيرة التي أقامها سليمان (١ ملوك ٦: ٢٣).
• “هؤلاء الكروبيم هم الحقائق السماوية الحيّة، وهي ما ترمز إليه التماثيل الساكنة الموجودة في القدس الداخلي. لقد أتوا إلى الأرض من داخل العرش السماوي لنقل الخابود (علامة حضور الله المنظورة)، من مكان سكناه الأرضي.” بلوك (Block)
٢. الْمُقَبَّبِ: وكما في الرؤيا الواردة بالإصحاح الأول، رأى حزقيال شيئًا فوق الْكَرُوبِيمِ يحيط بعرش الله. شيئًا مثل السماء أو الفضاء. الْكَرُوبِيمِ هم الملائكة العظيمة المرتبطة بحضور الله وعرشه.
٣. كَمَنْظَرِ شِبْهِ عَرْشٍ: يصف حزقيال العرش تمامًا كما ورد في حزقيال ١: ٢٦، لكنه لم يذكر ظهور شبه رجل من فوقه. ومع ذلك، يُفترض وجود شخص على العرش وذلك بالنظر للشخص الذي تكلّم مع الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ.
٤. امْلأْ حَفْنَتَيْكَ جَمْرَ نَارٍ مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبِيمِ: كان هذا هو الأمر الموجهة إلى الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ، الذي وضع السمة على المؤمنين القلائل في أورشليم (حزقيال ٩). أمر الله هذا الملاك أن يأخذ الجمر المشتعل وَيذَرِّهَ عَلَى الْمَدِينَةِ.
• قرأنا سابقًا أن أورشليم ستدان بواسطة حصار وذبح وجوع ومرض. والآن نعلم أن أورشليم ستُحرق أيضًا، وأن النار ستأتي من عرش ومجد الله ذاته؛ جَمْرَ نَارٍ مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبِيمِ.
• “إن التركيز على النار في هذا الإصحاح هو أمر جدير بالانتباه، لأنه يشير مباشرة إلى النار التي دمرت أورشليم في عام ٥٨٦ قبل الميلاد (٢ ملوك ٢٥: ٩).” فاينبرغ (Feinberg).
• “في إشعياء ٦ كانت الجمرات لتطهير النبي؛ أما هنا فكانت لتدمير الأشرار. عندما يتعلق الأمر بالشر، فالحقيقة هي أن ’إِلهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ‘ كما هو مذكور في رسالة العبرانيين ١٢: ٢٩.” فاينبرغ (Feinberg).
• “كان في ذهن حزقيال، أنه سيتم التعامل مع أورشليم بنفس الطريقة التي تم التعامل بها مع سدوم وعمورة (تكوين ١٩: ٢٤).” تايلور (Taylor)
٥. فَدَخَلَ قُدَّامَ عَيْنَيَّ: كان الملاك سريعًا في طاعته والانصياع للأمر تمامًا كما كان في حزقيال ٩: ١١.
ب) الآيات (٣-٥): سحابة مجد الله.
٣وَالْكَرُوبِيمُ وَاقِفُونَ عَنْ يَمِينِ الْبَيْتِ حِينَ دَخَلَ الرَّجُلُ، وَالسَّحَابَةُ مَلأَتِ الدَّارَ الدَّاخِلِيَّةَ. ٤فَارْتَفَعَ مَجْدُ الرَّبِّ عَنِ الْكَرُوبِ إِلَى عَتَبَةِ الْبَيْتِ. فَامْتَلأَ الْبَيْتُ مِنَ السَّحَابَةِ، وَامْتَلأَتِ الدَّارُ مِنْ لَمَعَانِ مَجْدِ الرَّبِّ. ٥وَسُمِعَ صَوْتُ أَجْنِحَةِ الْكَرُوبِيمِ إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ كَصَوْتِ اللهِ الْقَدِيرِ إِذَا تَكَلَّمَ.
١. وَالْكَرُوبِيمُ وَاقِفُونَ عَنْ يَمِينِ الْبَيْتِ: وكان الكروبيم واقفون في الجانب المقابل للجهة التي بدأ ملائكة القضاء عملهم منها (حزقيال ٩: ١-٢).
٢. وَالسَّحَابَةُ مَلأَتِ الدَّارَ الدَّاخِلِيَّةَ: لقد كانت هذه سحابة المجد، وغالبًا ما كانت تُرى في العهدين القديم والجديد. كان يُطلق عليها أحيانًا سحابة مجد الشاكينه. من الصعب تعريف مجد الله. يمكننا أن نسميه البريق الساطع لشخصه ولحضوره. وهنا في السَّحَابَةُ قُدم لنا تمثيل جزئي مرئي.
هذه هي السحابة التي سارت مع إسرائيل في البرية (خروج ١٣: ٢١-٢٢).
هذه هي سحابة المجد التي تكلم الله من خلالها إلى إسرائيل (خروج ١٦: ١٠).
هذه هي السحابة التي التقى الله من خلالها بموسى وغيره (خروج ١٩: ٩، ٢٤: ١٥-١٨، سفر العدد ١١: ٢٥، ١٢: ٥، ١٦: ٤٢).
هذه هي السحابة التي وقفت عند باب المسكن (خروج ٣٣: ٩-١٠).
هذه هي السحابة التي تراءى الله من خلالها للكاهن العظيم داخل الحجاب في المكان المقدس (لاويين ١٦: ٢).
هذه هي السحابة التي ملأت الهيكل عندما دشّنه سليمان حتى لم يتمكن الكهنة من استكمال الخدمة (١ ملوك ٨: ١-١١).
هذه هي السحابة الخاصة برؤية حزقيال، التي ملأت هيكل الله بسطوع مجده (حزقيال ١٠: ٤).
هذه هي سحابة المجد التي غطت مريم عندما حبلت بيسوع بقوة الروح القدس (لوقا ١: ٣٥).
هذه هي السحابة الحاضرة في التجلي الإلهي ليسوع (لوقا ٩: ٣٤-٣٥).
هذه هي سحابة المجد التي استقبلت يسوع في السماء عند صعوده (أعمال الرسل ١: ٩)
هذه هي السحابة التي ستعلن مجد يسوع المسيح عندما يعود ثانية بغلبة إلى هذه الأرض (لوقا ٢١: ٢٧، رؤيا ١: ٧).
• رأى حزقيال هذه السحابة في رؤية، وكان هناك أمر محزن غريب فيما رآه. لقد رأى حزقيال العديد من الناس في الهيكل (حزقيال ٨)، ولكنه كان الوحيد الذي رأى مجد الله. “الشيء المحزن هو أن حزقيال بدا أنه الشخص الوحيد الذي رأى مجد الله بينما كانت أعين الآخرين تقع فقط على التماثيل والصور ومجد الشمس الأقل.” رايت (Wright)
٣. فَارْتَفَعَ مَجْدُ الرَّبِّ عَنِ الْكَرُوبِ إِلَى عَتَبَةِ الْبَيْتِ: لقد سطع مجد الله بشكل واضح في رؤية حزقيال، وملأت سحابة مجده البيت. ومع ذلك، كانت السحابة في حالة تحرك (كما نراها أيضًا في حزقيال ٩: ٣)، توقفت بينما كانت على وشك مغادرة الهيكل.
• إِلَى عَتَبَةِ الْبَيْتِ: “إن هذا يُظهر عدم رغبة الله في المغادرة، ومنحهم الوقت للتفكير والعودة لنفوسهم من خلال التوبة. ها هو يقف حيث يمكن للكهنة والشعب، على حد سواء، رؤيته، آملًا أن يشعروا بالتوبة.” بوله (Poole).
٤. وَسُمِعَ صَوْتُ أَجْنِحَةِ الْكَرُوبِيمِ إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ: وبينما كان هذا التمثيل المرئي لمجد الله يتحرك، كانت أَجْنِحَةِ الْكَرُوبِيمِ نشطة وصاخبة، ذو صوت عالٍ وملفت كَصَوْتِ اللهِ الْقَدِيرِ إِذَا تَكَلَّمَ.
• “لقد كان يتردد صدى صوت أجنحة الكروب في جميع أنحاء الهيكل خالقًا انطباعًا من عدم الاستقرار، والاستعداد المتحمس للمغادرة.” بلوك (Block)
ج ) الآيات (٦-٨): النار من بين البكرات.
٦وَكَانَ لَمَّا أَمَرَ الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ قَائِلًا: «خُذْ نَارًا مِنْ بَيْنِ الْبَكَرَاتِ، مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبِيمِ» أَنَّهُ دَخَلَ وَوَقَفَ بِجَانِبِ الْبَكَرَةِ. ٧وَمَدَّ كَرُوبٌ يَدَهُ مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبِيمِ إِلَى النَّارِ الَّتِي بَيْنَ الْكَرُوبِيمِ، فَرَفَعَ مِنْهَا وَوَضَعَهَا فِي حَفْنَتَيِ اللاَّبِسِ الْكَتَّانِ، فَأَخَذَهَا وَخَرَجَ. ٨فَظَهَرَ فِي الْكَرُوبِيمِ شِبْهُ يَدِ إِنْسَانٍ مِنْ تَحْتِ أَجْنِحَتِهَا.
١. خُذْ نَارًا مِنْ بَيْنِ الْبَكَرَاتِ، مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبِيمِ: مرة أخرى، نلاحظ التركيز على أن نار الدينونة على أورشليم ستأتي من مجد الله نفسه ومن عرشه.
• “بالإضافة إلى نزول مجد يهوه الرب (خابود) إليه، ها هي المركبة السماوية تصل الآن بالجمرات النارية الخاصة بالقضاء الإلهي على أورشليم، وسيغادر الكروبيم حاملين المجد خارج الهيكل وبعيدًا عن المدينة.” بلوك (Block).
• “لقد تهيأ كل المشهد الآن لتدمير أورشليم الناري، والذي تمثّل هنا رمزيًا بأنه آت من الرب نفسه.” سميث (Smith)
• “النار التي تخرج منه ستكون عادلة تمامًا في كل تحركاتها. فإنها لن تؤذي شيئًا سوى ما هو شرير. إن غضب الله حقًا مريع، لكنه ليس أبدًا غضبًا يتخطى حدود العمل الصالح. إنه دائمًا مُحكم ومنضبط بالعدالة في أشد صورها.” مورجان (Morgan)
٢. دَخَلَ وَوَقَفَ بِجَانِبِ الْبَكَرَةِ: لقد أطاع الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ أمر الله على الفور.
٣. وَمَدَّ كَرُوبٌ يَدَهُ مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبِيمِ: لم يأخذ الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ النار مباشرة بيده، لكنه تناولها من كروب. وأوضح حزقيال أن الكروب كان قادرًا على القيام بذلك إذ ظَهَرَ فِي الْكَرُوبِيمِ شِبْهُ يَدِ إِنْسَانٍ مِنْ تَحْتِ أَجْنِحَتِهَ.
• “ربما كان المقصود من ذلك إظهار أنه حتى المرسل الملائكي مثل الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ كان عليه أن يُبقي مسافة بينه وبين عرش الله المروع.” تايلور (Taylor)
٤. فَرَفَعَ مِنْهَا وَوَضَعَهَا فِي حَفْنَتَيِ اللاَّبِسِ الْكَتَّانِ: الآن يمكن لهذا الملاك (يصف الكتاب المقدس الملائكة أحيانًا بأنهم رجال) أن ينفذ الأمر بتناثر جمرات النار على المدينة (حزقيال ١٠: ٢).
ثانيًا. ظهور الكروبيم
أ ) الآيات (٩-١٣): البكرات مرتبطة بالكروبيم.
٩وَنَظَرْتُ وَإِذَا أَرْبَعُ بَكَرَاتٍ بِجَانِبِ الْكَرُوبِيمِ. بَكَرَةٌ وَاحِدَةٌ بِجَانِبِ الْكَرُوبِ الْوَاحِدِ، وَبَكَرَةٌ أُخْرَى بِجَانِبِ الْكَرُوبِ الآخَرِ. وَمَنْظَرُ الْبَكَرَاتِ كَشِبْهِ حَجَرِ الزَّبَرْجَدِ. ١٠وَمَنْظَرُهُنَّ شَكْلٌ وَاحِدٌ لِلأَرْبَعِ. كَأَنَّهُ كَانَ بَكْرَةٌ وَسْطِ بَكْرَةٍ. ١١لَمَّا سَارَتْ، سَارَتْ عَلَى جَوَانِبِهَا الأَرْبَعَةِ. لَمْ تَدُرْ عِنْدَ سَيْرِهَا، بَلْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَيْهِ الرَّأْسُ ذَهَبَتْ وَرَاءَهُ. لَمْ تَدُرْ عِنْدَ سَيْرِهَا. ١٢وَكُلُّ جِسْمِهَا وَظُهُورِهَا وَأَيْدِيهَا وَأَجْنِحَتِهَا وَالْبَكَرَاتِ مَلآنَةٌ عُيُونًا حَوَالَيْهَا لِبَكَرَاتِهَا الأَرْبَعِ. ١٣أَمَّا الْبَكَرَاتُ فَنُودِيَ إِلَيْهَا فِي سَمَاعِي: «يَا بَكْرَةُ».
١. وَنَظَرْتُ وَإِذَا أَرْبَعُ بَكَرَاتٍ بِجَانِبِ الْكَرُوبِيم: وصف حزقيال في رؤياه الأولى (١: ١٥-٢١) هذه البكرات ببعض التفاصيل. والانطباع العام هو النشاط، والحركة المستمرة، والحرية في الحركة دون فوضى أو اضطراب (لَمْ تَدُرْ عِنْدَ سَيْرِهَا، بَلْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَيْهِ الرَّأْسُ ذَهَبَتْ وَرَاءَهُ).
• “إن هذه العجلات في حالة نشاط دائم وهي تتحدث عن حقيقة أن الله منشغل.” ماكجي (McGee)
• إذا كانت العجلات والكروبيم تمثّل مركبة الله أو مركبة العرش، فمن الواضح أن حزقيال كان يجب أن يفهم أنها في وضع الحركة. كانت في بابل، والآن ها هي في أورشليم وفي الهيكل.
٢. كَشِبْهِ حَجَرِ الزَّبَرْجَدِ: يمكن أن يأتي معدن الزَّبَرْجَدِ بألوان مختلفة، ولكن واحدة من الألوان الأكثر تمييزًا وقيمة هي الزمرد. وهذا قد يعني أنه ينبعث لون أخضر من البكرات ومن عملها.
٣. وَكُلُّ جِسْمِهَا وَظُهُورِهَا وَأَيْدِيهَا وَأَجْنِحَتِهَا وَالْبَكَرَاتِ مَلآنَةٌ عُيُونًا حَوَالَيْهَا لِبَكَرَاتِهَا الأَرْبَعِ: وصف حزقيال في ١: ١٨ العيُون بارتباطها بالْبَكَرَاتِ. هنا نفهم أن الكروبيم ذاتهم كانوا مَلآنَين عُيُونًا من كل جانب. وهذا يتطابق مع وصف الكروبيم الموجود في سفر الرؤيا ٤: ٦.
• “إن الصورة تبدو غريبة عندما يقرأها القارئ المعاصر، ولكن يجب أن يتذكر المرء أن هذا اختبار رؤيوي، وأن السمات السريالية قد تغلب على الواقعية.” بلوك (Block)
• تحدث آدم كلارك (Adam Clarke) عن الكثيرين الذين يشعرون بالحيرة من طبيعة وتعقيد هذه الأوصاف: “ولعله يرى من كل هذه الرؤية الكاملة ومن صعوباتها، مدى انضباط وتزمت المجلس اليهودي في أمر المُعلم حنانيا بثلاثمائة برميل من الزيت لإضاءة مصباحه في الوقت الذي كان فيه من الضروري توظيفه لتفسير هذه الرؤية الواحدة.”
ب) الآيات (١٤-١٧): الأوجه وحركة الكروبيم.
١٤وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الأَوَّلُ وَجْهُ كَرُوبٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَجْهُ إِنْسَانٍ، وَالثَّالِثُ وَجْهُ أَسَدٍ، وَالرَّابعُ وَجْهُ نَسْرٍ. ١٥ثُمَّ صَعِدَ الْكَرُوبِيمُ. هذَا هُوَ الْحَيَوَانُ الَّذِي رَأَيْتُهُ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ. ١٦وَعِنْدَ سَيْرِ الْكَرُوبِيمِ سَارَتِ الْبَكَرَاتُ بِجَانِبِهَا، وَعِنْدَ رَفْعِ الْكَرُوبِيمِ أَجْنِحَتَهَا لِلارْتِفَاعِ عَنِ الأَرْضِ لَمْ تَدُرِ الْبَكَرَاتُ أَيْضًا عَنْ جَانِبِهَا. ١٧عِنْدَ وُقُوفِهَا وَقَفَتْ هذِهِ، وَعِنْدَ ارْتِفَاعِهَا ارْتَفَعَتْ مَعَهَا، لأَنَّ فِيهَا رُوحَ الْحَيَوَانِ.
١. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: هذا هو نفس وصف الكروبيم الموجود في حزقيال ١٠:١-١٤. لم يصف حزقيال هنا أربع وجوه على كل كروب، بل وصف الوجه الذي كان يتجه نحوه. هناك فرق آخر يكمن في أن الوجوه في النصوص السابق تم سردها على أنها رجل وأسد وثور ونسر. هنا تم سردها على أنها كَرُوبٍ، إِنْسَانٍ، أَسَدٍ، ونَسْرٍ. ولسبب ما، اختار حزقيال أن يستخدم كلمة كَرُوبٍ لوصف الوجه المرتبط بالثور.
• يفسر بعض المفسرين ذلك بالقول إنه نظرًا لأن هؤلاء الكائنات هم كروبيم، وأن كل وجه هو في الواقع وَجْهُ كَرُوبٍ، فقد كان هناك ببساطة سبب مجهول لاستخدام الكلمة البديلة. رايت (Wright)، ويرزبي (Wiersbe)
• يفسر بعض المفسرين ذلك بالقول إن وَجْهُ كَرُوبٍ هو يشبه وجه الثور. ألكسندر (Alexander)، سميث (Smith)
• يفسر بعض المفسرين ذلك الأمر على أنه خطأ ناسخ النص. تايلور (Taylor).
٢. هذَا هُوَ الْحَيَوَانُ الَّذِي رَأَيْتُهُ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ: في هذا إشارة مباشرة إلى رؤيا حزقيال الإصحاح الأول (حزقيال ١: ١).
٣. لَمْ تَدُرِ الْبَكَرَاتُ أَيْضًا عَنْ جَانِبِهَا: هذا هو نفس وصف البكرات وارتباطها بالكروبيم كما هو موصوف في حزقيال ١: ١٧، ١: ٢٠-٢١. الفكرة هي أن الكروبيم والعجلات متناسقة تمامًا في حركاتها معًا. لقد كانوا مرتبطين ارتباطًا وثيقًا لدرجة أن حزقيال يمكن أن يكتب لأَنَّ فِيهَا رُوحَ الْحَيَوَانِ.
ج) الآيات (١٨-١٩): مجد الرب والكروبيم على باب البيت.
١٨وَخَرَجَ مَجْدُ الرَّبِّ مِنْ عَلَى عَتَبَةِ الْبَيْتِ وَوَقَفَ عَلَى الْكَرُوبِيمِ. ١٩فَرَفَعَتِ الْكَرُوبِيمُ أَجْنِحَتَهَا وَصَعِدَتْ عَنِ الأَرْضِ قُدَّامَ عَيْنَيَّ. عِنْدَ خُرُوجِهَا كَانَتِ الْبَكَرَاتُ مَعَهَا، وَوَقَفَتْ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ الشَّرْقِيِّ، وَمَجْدُ إِلهِ إِسْرَائِيلَ عَلَيْهَا مِنْ فَوْقُ.
١. وَخَرَجَ مَجْدُ الرَّبِّ مِنْ عَلَى عَتَبَةِ الْبَيْتِ وَوَقَفَ عَلَى الْكَرُوبِيمِ: في وقت سابق في حزقيال ١٠ وُصف مجد الرب بأنه ينتقل إلى عتبة الهيكل (حزقيال ١٠: ٤). وهنا استمر في التحرك وَخَرَجَ… مِنْ عَلَى عَتَبَةِ الْبَيْتِ.
• “كان اليهود يتصورن أن الله لا يقدر أن يفارق هيكله؛ وهذا صحيح عندما كان البيت ملكًا له، واستخدمه على أنه يخصّه لم يفارقه ولم يكن ليغادره. لكنه سيتخلى عنه ويهجره بعد أن تدنس، وبالتالي لم يعد يخصّه”. بوله (Poole).
٢. فَرَفَعَتِ الْكَرُوبِيمُ أَجْنِحَتَهَا وَصَعِدَتْ عَنِ الأَرْضِ: كان الكروبيم مثل الحراس أو الحاضرين لهذا التمثيل المرئي لمجد الله. ولاحظ حزقيال في رؤيته أنه بتحرك المجد تحرك أيضًا الكروبيم.
• “لا تعمل المركبة فقط كوسيلة لإعلان مجد الرب وسيادته (الإصحاح ١)، بل أنها توفر أيضًا الوسائل التي من خلالها سيتخلى الرب عن هيكله، والذي من خلالها يعلن إنهاء علاقته الخاصة بأورشليم وبشعب عهده.” بلوك (Block)
٣. وَوَقَفَتْ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ الشَّرْقِيِّ: يبدو هنا أن مجد الله قد غادر من قدس الأقداس إلى عتبة مبنى الهيكل، ثم عبر ساحة الدار الخارجية الهيكل، وها هو يقف الآن عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ الشَّرْقِيِّ. لقد كان يتباعد عن الهيكل، وهو على وشك مغادرة ساحة الهيكل.
• يعود آخر ذكر لوجهة الشرق في هذه الرؤيا إلى حزقيال ٨: ١٦، حيث كان ٢٥ كاهنًا ينظرون نحو الشرق ويسجدوا للشمس. “لكن الرجال الذين كانت وجوههم نحو الشرق ويعبدون الشمس لا بد وأنهم نظروا الرؤية نحو البوابة: كانت أعينهم مندهشة للغاية بسبب كرة الضوء المخلوقة (الشمس) لدرجة أنهم لم يتمكنوا من رؤية النور الحقيقي.” رايت (Wright)
• إنه هذا الفكر مدهش وصادم أن مجد الله كان على وشك مغادرة الهيكل بالكامل. ومع ذلك، سيخبرنا حزقيال أيضًا لاحقًا (حزقيال ٤٣: ٢-٤) أنه سيعود ثانية. “لكن انتقل إلى حزقيال ١٢: ٢-٤. عاد مجد الرب إلى الهيكل المجدد. مثل فجر يوم جديد. جاء مثل صوت مياه كثيرة. هكذا قال الله: ’هذا هو مكان عرشي… ولن يتنجس بيت إسرائيل فيما بعد.‘” ماير (Meyer)
• “لاحظ أنه عندما يرجع الرب في النهاية، سيُرى قادمًا من خلال البوابة الشرقية (حزقيال ٤٣: ٤). رايت (Wright)
٤. وَمَجْدُ إِلهِ إِسْرَائِيلَ عَلَيْهَا مِنْ فَوْقُ: صاغ حزقيال هذا بقليل من السخرية، أو ربما بطريقة محزنة. كان يجب أن يستقر مجد إلهِ إِسْرَائِيلَ في إسرائيل، ولكن الآن كان هذا المجد على وشك الرحيل.
• “يشير رحيل المجد إلى نهاية العلاقة التي دامت لما يقرب من أربعة قرون. لقد تخلّى الملك الالهي عن مسكنه.” بلوك (Block)
هـ) الآيات (٢٠-٢٢): العلاقة مع رؤيا الكروبيم المسجلة في حزقيال ١.
٢٠هذَا هُوَ الْحَيَوَانُ الَّذِي رَأَيْتُهُ تَحْتَ إِلهِ إِسْرَائِيلَ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ. وَعَلِمْتُ أَنَّهَا هِيَ الْكَرُوبِيمُ. ٢١لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ، وَشِبْهُ أَيْدِي إِنْسَانٍ تَحْتَ أَجْنِحَتِهَا. ٢٢وَشَكْلُ وُجُوهِهَا هُوَ شَكْلُ الْوُجُوهِ الَّتِي رَأَيْتُهَا عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ، مَنَاظِرُهَا وَذَوَاتُهَا. كُلُّ وَاحِدٍ يَسِيرُ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ.
١. وَعَلِمْتُ أَنَّهَا هِيَ الْكَرُوبِيمُ: مرة أخرى ربط حزقيال ما رآه في هذه الرؤيا بما رآه في رؤياه عند نَهْرِ خَابُورَ، والمسجلة في حزقيال ١.
٢. كُلُّ وَاحِدٍ يَسِيرُ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ: “الكلمة الأخيرة هي أن كل كروب تقدم مباشرة للأمام، مُعلنًا بذلك استحالة إفشال خطط الله أو إحباطها. لقد احتفظوا بغرضهم ومهمتهم أمام أعينهم في كل الأوقات وبلا هوادة.” فاينبرغ (Feinberg)