سفر التكوين – الإصحاح ١٩
تدمير سدوم وعمورة
أولًا. يأتي الملاكان إلى سدوم
أ ) الآيات (١-٣): يُقنِع لوط الملاكَين الزَّائرَين بالمكوث عنده.
١فَجَاءَ ٱلْمَلَاكَانِ إِلَى سَدُومَ مَسَاءً، وَكَانَ لُوطٌ جَالِسًا فِي بَابِ سَدُومَ. فَلَمَّا رَآهُمَا لُوطٌ قَامَ لِٱسْتِقْبَالِهِمَا، وَسَجَدَ بِوَجْهِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ. ٢وَقَالَ: «يَا سَيِّدَيَّ، مِيلَا إِلَى بَيْتِ عَبْدِكُمَا وَبِيتَا وَٱغْسِلَا أَرْجُلَكُمَا، ثُمَّ تُبَكِّرَانِ وَتَذْهَبَانِ فِي طَرِيقِكُمَا». فَقَالَا: «لَا، بَلْ فِي ٱلسَّاحَةِ نَبِيتُ». ٣فَأَلَحَّ عَلَيْهِمَا جِدًّا، فَمَالَا إِلَيْهِ وَدَخَلَا بَيْتَهُ، فَصَنَعَ لَهُمَا ضِيَافَةً وَخَبَزَ فَطِيرًا فَأَكَلَا.
- فَجَاءَ ٱلْمَلَاكَانِ إِلَى سَدُومَ: إنَّ الزَّائرَين اللَّذَين افترقا عن إبراهيم في تكوين ٢٢:١٨ بينما استمرَّ في حواره مع الرَّبِّ، أتيا الآن إلى سدوم. لأوَّل مرَّةٍ يُعرَّف عنهما بأنَّهما كائنات ملائكيَّة، اللَّذَان رافقا الرَّبَّ في زيارته إلى إبراهيم عند بلُّوطات ممرا (تكوين ١:١٨-٢).
- لا نمتلك أيَّ سببٍ للاعتقاد بأنَّ لوط عرف بأنَّهما ملائكة؛ بالنسبة إليه، بدَوَا كزائرَين مُميَّزَين مع جوٍّ من البرِّ والأخلاق يحيط بهما.
- وَكَانَ لُوطٌ جَالِسًا فِي بَابِ سَدُومَ: كان هناك تقدُّم مطَّرد للتسويات في حياة لوط. تدرَّج من النظر باتِّجاه سدوم (تكوين ١٠:١٣)، إلى نصب خيامه باتِّجاه سدوم (تكوين١٢:١٣)، إلى السكن في سدوم (تكوين ١٢:١٤)، وخسارة كلِّ شيءٍ عندما انقلَبت سدوم. والآن، مرَّة أخرى في المدينة السيِّئة السِّمعة، يجلس لوط فِي بَابِ سَدُومَ، ممَّا يُشير إلى كونه قائدًا مدنيًّا.
- كان محيط البَابِ في مدينةٍ قديمة نوعًا من قاعةٍ يجتمع فيها وجهاء المدينة ليقضوا في الخلافات الناشئة ويتناقشوا مع بعضهم البعض ويراقبوا الَّذين يدخلون ويخرجون من المدينة.
- كان لوط رجلًا بارًّا حوينًا بسبب الخطيَّة التي رآها حوله (٢ بطرس ٧:٢-٨)، لكن بسبب عمق مُساوماته، لم يخلُص أحدٌ من أصدقائهِ وسوى القليل من عائلته. دمَّرت المساومة شهادته.
- فَأَلَحَّ عَلَيْهِمَا جِدًّا، فَمَالَا إِلَيْهِ وَدَخَلَا بَيْتَهُ: إنَّ الضيافة التي قدَّمها لوط للزَّائرَين لم تكن اعتياديَّة، لكنَّ الاستعجال الَّذي رافقها كان استثنائيًّا.
ب) الآيات (٤-٥): شرُّ وفسادُ رجال سدوم.
٤وَقَبْلَمَا ٱضْطَجَعَا أَحَاطَ بِٱلْبَيْتِ رِجَالُ ٱلْمَدِينَةِ، رِجَالُ سَدُومَ، مِنَ ٱلْحَدَثِ إِلَى ٱلشَّيْخِ، كُلُّ ٱلشَّعْبِ مِنْ أَقْصَاهَا. ٥فَنَادَوْا لُوطًا وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ ٱلرَّجُلَانِ ٱللَّذَانِ دَخَلَا إِلَيْكَ ٱللَّيْلَةَ؟ أَخْرِجْهُمَا إِلَيْنَا لِنَعْرِفَهُمَا».
- أَيْنَ ٱلرَّجُلَانِ ٱللَّذَانِ دَخَلَا إِلَيْكَ ٱللَّيْلَةَ؟ أَخْرِجْهُمَا إِلَيْنَا: أتى مواطنو سدوم بوضوحٍ كي يُمارسوا اللِّواط والاغتصاب مع الزَّائرَين. كانوا مُستعدِّين لكسر كلِّ قواعد الضيافة والأخلاق لإشباع رغباتهم العنيفة والجنسيَّة.
- أَحَاطَ بِٱلْبَيْتِ رِجَالُ ٱلْمَدِينَةِ، رِجَالُ سَدُومَ، مِنَ ٱلْحَدَثِ إِلَى ٱلشَّيْخِ، كُلُّ ٱلشَّعْبِ مِنْ أَقْصَاهَا: هذا يشير إلى أنَّ المدينة بأكملها استسلمت لهذا العنف واللَّاأخلاقية، وأنَّ هذا التَّصرُّف لم يكن غير عاديٍّ، بل مقبولًا بين رِجَالِ سَدُومَ.
- في حزقيال ١٦، أدان الله فيما بعد خطيَّة يهوذا الكبرى ووبَّخها في الأيَّام الأخيرة من النظام الملكيِ المنقسم. شبَّه أورشليم بمدينة سدوم القديمة، قائلًا أنَّهما مثل الأخوات. ثمَّ، شبَّه الله خطايا سدوم بخطايا أورشليم في ذلك الوقت: هَذَا كَانَ إِثْمَ أُخْتِكِ سَدُومَ: ٱلْكِبْرِيَاءُ وَٱلشَّبَعُ مِنَ ٱلْخُبْزِ وَسَلَامُ ٱلِٱطْمِئْنَانِ كَانَ لَهَا وَلِبَنَاتِهَا، وَلَمْ تُشَدِّدْ يَدَ ٱلْفَقِيرِ وَٱلْمِسْكِينِ، وَتَكَبَّرْنَ وَعَمِلْنَ ٱلرِّجْسَ أَمَامِي فَنَزَعْتُهُنَّ كَمَا رَأَيْتُ (حزقيال ٤٩:١٦-٥٠).
- لم يكن الهدف من مقطع حزقيال أن يقول أنَّ خطايا سدوم الوحيدة، التي جعلت منهم أهدافًا للدينونة، كانت خطايا الكبرياء والكسل وظلم الفقراء وما إلى ذلك. بدلًا من ذلك، كانت تلك هي الخطايا التي تشاركت فيها سدوم لاحقًا مع ’أختها‘ أورشليم. يُوضِّحُ نصُّ سفر التكوين بصراحة أنَّ الله أُحزِن بسبب عنفهم الجنسيّ واللَّاأخلاقيّ، الَّذي من المرجَّح أن يكون ضمن لائحة حزقيال للخطايا المدرَجة تحت الكلمات عَمِلْنَ ٱلرِّجْسَ.
- لِنَعْرِفَهُمَا: كانت خطيَّة رجال سدوم مرتبطة بوضوح بمثليَّتهم الجنسيَّة. لا يوجد أدنى شكٍّ أنَّ الكتاب المقدَّس يُعلِن ممارسة المثليَّة الجنسيَّة كخطيَّة (رومية ٢٦:١-٢٨).
- إنَّ كلًّا من الكتب المقدَّسة العبريَّة (لاويِّين ٢٢:١٨، ١٣:٢٠) واليونانيَّة (رومية ٢٦:١-٢٨) يدين الممارسة المثليَّة. يؤكِّد يسوع نفسه إدانة العهد القديم للسلوك المثليّ عندما قال، ’’لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأَنْقُضَ ٱلنَّامُوسَ أَوِ ٱلْأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لِأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ‘‘ (متَّى ١٧:٥). أكَّد يسوع أيضًا الفكر الكتابيّ النموذجيّ المتعلِّق بالزواج المؤلَّف من رجلٍ واحد وامرأةٍ واحدة مُجتمعَين في علاقة طوال العمر (متَّى ٤:١٩-٦).
- يدين الكتاب المقدَّس السلوك المثليّ في نفس السياق الَّذي يدين فيه سفاح القربى وممارسة الجنس مع الحيوانات (كما في لاويِّين ٢٢:١٨، ١٣:٢٠). إذا قرَّرنا أنَّ اللَّذة هي الهدف الرئيسيّ من الجنس ومقياس أخلاقيَّتها (العقليَّة التي تقول إذا أشعَرَك هذا بالرضى، فافعله)، عندها لا مجال للقول بأنَّ سفاح القربى وممارسة الجنس مع الحيوانات هما خطايا.
- إنَّ لمناصري المثليَّة الجنسيَّة مصلحةً في القول بأنَّ المثليِّين هم سواسية مع الآخرين، باستثناء أنَّهم يُحبُّون ويُمارسون الجنس مع أشخاصٍ من ذات الجنس. ومع ذلك، عندما يُلاحَظ سلوك المثليِّين جنسيًّا، فليست هذه هي الحال. غالبًا ما تُظهر الإحصائيَّات أنَّه بمعدَّلٍ وسطيّ، يكون لدى المثليِّين من الذكور شركاء كُثُر وانحلالٌ جنسيٌّ عامٌّ أكثر بكثير من غير المثليِّين.
- من المرجَّح أنَّ أحدَ الأسباب التي تُؤدِّي بالذكور إلى السعي وراء رغباتٍ مثليَّة هو أنَّهم يريدون الانغماس في نمط حياةٍ من الجنس الخطير بدون ضوابط أو قيود، ويشعرون بأنَّ الجنس مع الرجال هو طريقٌ سهلٌ لذلك. لا عجب أنَّ بولس يربط ‘الاشتعال بالشهوة’ وانحطاط العقل بالمثليَّة الجنسيَّة في رومية ٢٧:١-٢٨.
- إنَّ لمناصري المثليَّة الجنسيَّة مصلحةً في القول أنَّ ١٠ ٪ من الناس هم مثليُّون، لكن معظم الإحصائيَّات الموثوقة تُظهِر أنَّ ٢،٣ ٪ فقط من الرجال في عشرينيَّاتهم وثلاثينيَّاتهم يُبلغون عن أنَّهم مرَّوا باختبارٍ مثليّ. فقط ١،١ ٪ أبلغوا أنَّهم مثليُّون حصريُّون. هذه الأرقام المنخفضة تتَّفق مع عدَّة استطلاعاتٍ أخرى وغيرها أُجريَت في بريطانيا وفرنسا.
- إنَّ لمناصري المثليَّة الجنسيَّة مصلحةً في القول أنَّهم وُلِدوا بهذا الانحراف، وغالبًا مع الشعور أنَّ الله عمدًا خلق ميولهم المثليَّة وهو يريد لهم أن يُتمِّموا تلك الرغبات. إلى الآن، كلُّ المحاولات الرَّامية إلى إثبات ذلك كانت مبنيَّة على التَّمنِّي أكثر من البحث البيولوجيّ، لكن إذا تبيَّن أنَّ هذه هي الحال، فلن تُحدِث فرقًا في الفهم الكتابيّ للرغبة والسلوك المثلِيَّين. يُعلِّم الكتاب المقدَّس أنَّنا جميعنا وُلِدنا باستعدادٍ أو بمَيلٍ نحو الخطيَّة. لا يجب أن نتعجَّب أنَّ فقط ٢ ٪ من العالَم يجد هذا الميل مُعبَّرًا عنه في الرغبة المثليَّة.
- إنَّ لمناصري المثليَّة الجنسيَّة مصلحةً في وصف أنفسهم كـ ‘مثليِّين.’ كانت الكلمة ‘مثلِيّ’ تُستخدَم لتعني ‘سعيد/فَرحان’ أو ‘بدون همٍّ.’ لكنَّ كلمة ‘مثليّ’ هي وصفٌ ضعيف لنمط حياةٍ له هذه النسبة الكبيرة من الموت والمرض والانتحار.
ج) الآيات (٦-٩): لوط يُفاوِض من أجل حياة وأمان زائرَيه.
٦فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ لُوطٌ إِلَى ٱلْبَابِ وَأَغْلَقَ ٱلْبَابَ وَرَاءَهُ ٧وَقَالَ: «لَا تَفْعَلُوا شَرًّا يَا إِخْوَتِي. ٨هُوَذَا لِي ٱبْنَتَانِ لَمْ تَعْرِفَا رَجُلًا. أُخْرِجُهُمَا إِلَيْكُمْ فَٱفْعَلُوا بِهِمَا كَمَا يَحْسُنُ فِي عُيُونِكُمْ. وَأَمَّا هَذَانِ ٱلرَّجُلَانِ فَلَا تَفْعَلُوا بِهِمَا شَيْئًا، لِأَنَّهُمَا قَدْ دَخَلَا تَحْتَ ظِلِّ سَقْفِي». ٩فَقَالُوا: «ٱبْعُدْ إِلَى هُنَاكَ». ثُمَّ قَالُوا: «جَاءَ هَذَا ٱلْإِنْسَانُ لِيَتَغَرَّبَ، وَهُوَ يَحْكُمُ حُكْمًا. ٱلْآنَ نَفْعَلُ بِكَ شَرًّا أَكْثَرَ مِنْهُمَا». فَأَلَحُّوا عَلَى ٱلْرَّجُلِ لُوطٍ جِدًّا وَتَقَدَّمُوا لِيُكَسِّرُوا ٱلْبَابَ.
- لَا تَفْعَلُوا شَرًّا يَا إِخْوَتِي: كانت هذه مجادلة من الصعب القيام بها بالنسبة إلى لوط. كان له ولرجال سدوم معيارٌ مختلفٌ تمامًا لتحديد ما كان يُعتبَر شرًّا وغير شرٍّ. فكَّر رجال سدوم أنَّهم يسعون وراء اللَّذة، ولم يكترث أحدٌ منهم بأنَّ لوط اعتبرها شرًّا.
- إنَّ الفرق بين معاييرهم يُشير إلى سؤالٍ مُهمٍّ: إذا أهملنا إرشادات الكتاب المقدَّس بالنسبة إلى الأخلاقيَّات الجنسيَّة، فأيَّة إرشادات للأخلاقيَّات الجنسيَّة يجب أن نتبعها؟ أن نعمل ما يسرُّنا ببساطة ليس كافيًا.
- هُوَذَا لِي ٱبْنَتَانِ لَمْ تَعْرِفَا رَجُلًا. أُخْرِجُهُمَا إِلَيْكُمْ فَٱفْعَلُوا بِهِمَا كَمَا يَحْسُنُ فِي عُيُونِكُمْ: إنَّ عرض لوط لهذه المجموعة الغوغائيَّة كان رهيبًا ولا يمكن تبريره. أظهر رجال سدوم مظاهر مُروِّعة للفساد، لكنَّنا صُدمنا من استعداد لوط للتَّخلِّي عن ابنتَيه للغوغائيِّين بذات الدرجة كما صُدِمنا من شهوتهم الرَّديئة.
- نستوعِب هذا الوصف الرهيب أكثر قليلًا عندما نُفكِّر بالمكانة الوضيعة التي كانت للنساء في العالَم ما قبل المسيحيَّة والمكانة الرفيعة لكلِّ ضيفٍ في بيت أحدهم. بموجب الالتزامات المقدَّسة للضيافة، غالبًا ما كان يُفهَم بأنَّ حماية الضيف يجب صونَها أكثر من أهل البيت.
- جَاءَ هَذَا ٱلْإِنْسَانُ لِيَتَغَرَّبَ، وَهُوَ يَحْكُمُ حُكْمًا: سَخِر رجال سدوم من لوط، ورفضوا جهوده الضعيفة لتوفير القيادة الأخلاقيَّة والروحيَّة.
- ربَّما فكَّر لوط أنَّه من خلال المساومة يمكنه الوصول إلى هؤلاء الرجال، لكنَّ ما حصل هو العكس تمامًا. لم يكن لديهم أيُّ احترامٍ له على الاطلاق، على الرغم من أنَّ مقاربته الودودة أوَّلًا دفعته إلى قول أنَّ هؤلاء الرجال الأشرار هم إخوتي.
د ) الآيات (١٠-١١): حمايةٌ ملائكيَّة على الباب.
١٠فَمَدَّ ٱلرَّجُلَانِ أَيْدِيَهُمَا وَأَدْخَلَا لُوطًا إِلَيْهِمَا إِلَى ٱلْبَيْتِ وَأَغْلَقَا ٱلْبَابَ. ١١وَأَمَّا ٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ عَلَى بَابِ ٱلْبَيْتِ فَضَرَبَاهُمْ بِٱلْعَمَى، مِنَ ٱلصَّغِيرِ إِلَى ٱلْكَبِيرِ، فَعَجِزُوا عَنْ أَنْ يَجِدُوا ٱلْبَابَ.
- فَمَدَّ ٱلرَّجُلَانِ أَيْدِيَهُمَا وَأَدْخَلَا لُوطًا إِلَيْهِمَا إِلَى ٱلْبَيْتِ وَأَغْلَقَا ٱلْبَابَ: لا بدَّ أنَّ القيام بما فعله الملاكَين عند الباب كان يتطلَّب قوَّة عظيمة، وربَّما خارقة للطبيعة. ربَّما لأوَّل مرَّة، بدأ لوط يفهم أنَّ ضيفَيه كانا أكثر من رجلَين عاديَّين.
- وَأَمَّا ٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ عَلَى بَابِ ٱلْبَيْتِ فَضَرَبَاهُمْ بِٱلْعَمَى: من الواضح أنَّ ضرب الرجال بالعمى كان عملًا خارقًا للطبيعة. الآن، إنَّ عمى الغوغائيِّين الجسديّ يوازي عماهم الأخلاقيّ.
ثانيًا. تحريرُ الملاكَين للوط.
أ ) الآيات (١٢-١٤): يُحذِّر الملاكَان لوط؛ لوط يُحذِّر عائلته.
١٢وَقَالَ ٱلرَّجُلَانِ لِلُوطٍ: «مَنْ لَكَ أَيْضًا هَهُنَا؟ أَصْهَارَكَ وَبَنِيكَ وَبَنَاتِكَ وَكُلَّ مَنْ لَكَ فِي ٱلْمَدِينَةِ، أَخْرِجْ مِنَ ٱلْمَكَانِ، ١٣لِأَنَّنَا مُهْلِكَانِ هَذَا ٱلْمَكَانَ، إِذْ قَدْ عَظُمَ صُرَاخُهُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، فَأَرْسَلَنَا ٱلرَّبُّ لِنُهْلِكَهُ». ١٤فَخَرَجَ لُوطٌ وَكَلَّمَ أَصْهَارَهُ ٱلْآخِذِينَ بَنَاتِهِ وَقَالَ: «قُومُوا ٱخْرُجُوا مِنْ هَذَا ٱلْمَكَانِ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ مُهْلِكٌ ٱلْمَدِينَةَ». فَكَانَ كَمَازِحٍ فِي أَعْيُنِ أَصْهَارِهِ.
- مَنْ لَكَ أَيْضًا هَهُنَا؟: لم يكُن الملاكَان كُلِّيَي المعرفة، عالِمَين بكلِّ شيء. كانت معرفة عدد وموقع أفراد عائلة لوط أمرًا يمكن للكائنات الروحيَّة مراقبته بسهولة، ولكن في هذه المرحلة حتى هؤلاء الملائكة لم يعرفوا ذلك من دون جواب لوط.
- رأى سبيرجن (Spurgeon) شيئًا بنَّاءً في سؤال الملاكَين، ‘مَنْ لَكَ أَيْضًا هَهُنَا؟.’ يُشير هذا السؤال إلى القلق الَّذي يجب أن يُساورنا لا من أجل خلاصنا نحن فقط، بل من أجل خلاص جميع أفراد البيت.
- أَصْهَارَهُ: لم تكُن ابنتا لوط مُتزوِّجتَين ولم تعرفا رجلًا (تكوين ٨:١٩). كان هؤلاء الرجال أَصْهَارَهُ بناءً على ممارسةٍ قديمة للخطبة الملزمة، وليس بالزواج بعد.
- لِأَنَّنَا مُهْلِكَانِ هَذَا ٱلْمَكَانَ … فَأَرْسَلَنَا ٱلرَّبُّ لِنُهْلِكَهُ: لأوَّل مرَّة، يسمع لوط عن عمل هذَين الزَّائرَين العجائبيَّين – لِنُهْلِكَ سدوم وعمورة. كانت دينونة سدوم محتومة، لكنَّ الله أراد أن يُخلِّص لوط وعائلته.
- فَكَانَ كَمَازِحٍ: كان هذا تأثيرًا بيِّنًا للمساومة في حياة لوط. عندما تكلَّم بجدِّيَّةٍ فائقة مع أصهاره عن دينونة الله، لم يُصدِّقوه. لن يخلصوا هُم حتَّى من الدينونة الآتية.
- تُظهر حياة لوط أنَّه من الممكن وجود روحٍ مُخلَّصة وحياةٍ ضائعة. سوف يُنجَّى لوط، لكنَّ حياته لن تُنجِز شيئًا، كما في ١ كورنثوس ١٥:٣: إِنِ ٱحْتَرَقَ عَمَلُ أَحَدٍ فَسَيَخْسَرُ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيَخْلُصُ، وَلَكِنْ كَمَا بِنَارٍ.
ب) الآيات (١٥-١٦): يُعجِّل الملاكَان لوط وعائلته.
١٥وَلَمَّا طَلَعَ ٱلْفَجْرُ كَانَ ٱلْمَلَاكَانِ يُعَجِّلَانِ لُوطًا قَائِلَيْنِ: «قُمْ خُذِ ٱمْرَأَتَكَ وَٱبْنَتَيْكَ ٱلْمَوْجُودَتَيْنِ لِئَلَّا تَهْلِكَ بِإِثْمِ ٱلْمَدِينَةِ». ١٦وَلَمَّا تَوَانَى، أَمْسَكَ ٱلرَّجُلَانِ بِيَدِهِ وَبِيَدِ ٱمْرَأَتِهِ وَبِيَدِ ٱبْنَتَيْهِ، لِشَفَقَةِ ٱلرَّبِّ عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَاهُ وَوَضَعَاهُ خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ.
- قُمْ خُذِ ٱمْرَأَتَكَ وَٱبْنَتَيْكَ ٱلْمَوْجُودَتَيْنِ: لا نجد هنا أيَّ ذكرٍ لِصهرَيه الإثنين. سوف يُتركان وراءهم كما كَانَ ٱلْمَلَاكَانِ يُعَجِّلَانِ لُوطًا للهرب من الدمار والدينونة الآتيَين على سدوم.
- باستعجالهما لوط، نرى أنَّ هذَين الملاكَين يمكنهما أن يخدِما بمثابة نموذجٍ للكرازة.
- ذهبا وراء لوط، دخلا إليه وإلى بيته.
- حذَّراه ممَّا سوف يأتي، وبكلماتٍ واضحة.
- عجَّلا لوط، حاثَّين إيَّاه على الهروب من الدمار.
- باستعجالهما لوط، نرى أنَّ هذَين الملاكَين يمكنهما أن يخدِما بمثابة نموذجٍ للكرازة.
- وَلَمَّا تَوَانَى: كان الجزء الأكبَر من قلب لوط مُتعلِّقًا بسدوم، لذلك لم يكن مُستعجلًا على الخروج من المدينة. إنَّ عدم وجود هذا الاستعجال أو الضرورة لإطاعة الله (حتَّى عندما يكون ذلك ضروريًّا وجيِّدًا) هو علامةٌ مُشتركةٌ تدلُّ على حياة المساومة وحالة التَّراجع.
- أَمْسَكَ ٱلرَّجُلَانِ بِيَدِهِ: “كنت أفكِّر، عندما كنت أقرأ النص، أنَّ هذا يعطينا نموذجًا صارخًا عن فعل كل ما هو مُمكِن. لوط وامرأته وابنتاه – حسنًا، هؤلاء كانوا أربعة – وكانت للملاكَين أربعُ أيادي، من أجل ذلك فعلا كلَّ ما بوسعهما – يدًا لكلِّ واحدٍ. فأنت تُلاحظ أنَّ النصَّ يقول بصراحة، أخذا بِيَد لوط وبِيَد امرأته وبِيَدَي ابنتَيه. لم يكن هناك أشخاصٌ آخرون، ولا المزيد من الأيادي للمُساعدة. كان هناك ما يكفي من الوسائل، لكن لم تكُن هناك من يدٍ أخرى يمكن استخدامها” سبيرجن (Spurgeon).
- وَأَخْرَجَاهُ وَوَضَعَاهُ خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ: في تكوين ١٨، سأل إبراهيم الله أن لا يُهلِك مدينتَي سدوم وعمورة لو وُجِد فيهما عشرة أبرار. بسبب عدم وجود عشرة أناسٍ أبرار، لم يُخلِّص الله المدينة، لكنَّه استجاب لسؤل قلب إبراهيم في الصلاة بإخراجه لوط وعائلته من سدوم، حتَّى ولو كان هذا تقريبًا ضدَّ إرادة لوط.
- كان لوط مُتواجدًا في أسوأ الأماكن الممكنة. كان لديه الكثير من العالم ليكون سعيدًا في الرَّبِّ، والكثير من الرَّبِّ ليكون سعيدًا في العالَم.
ج) الآيات (١٧-٢٢): الهروب من سدوم.
١٧وَكَانَ لَمَّا أَخْرَجَاهُمْ إِلَى خَارِجٍ أَنَّهُ قَالَ: «ٱهْرُبْ لِحَيَاتِكَ. لَا تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ، وَلَا تَقِفْ فِي كُلِّ ٱلدَّائِرَةِ. ٱهْرُبْ إِلَى ٱلْجَبَلِ لِئَلَّا تَهْلِكَ». ١٨فَقَالَ لَهُمَا لُوطٌ: «لَا يَا سَيِّدُ. ١٩هُوَذَا عَبْدُكَ قَدْ وَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ، وَعَظَّمْتَ لُطْفَكَ ٱلَّذِي صَنَعْتَ إِلَيَّ بِٱسْتِبْقَاءِ نَفْسِي، وَأَنَا لَا أَقْدِرُ أَنْ أَهْرُبَ إِلَى ٱلْجَبَلِ لَعَلَّ ٱلشَّرَّ يُدْرِكُنِي فَأَمُوتَ.٢٠هُوَذَا ٱلْمَدِينَةُ هَذِهِ قَرِيبَةٌ لِلْهَرَبِ إِلَيْهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ. أَهْرُبُ إِلَى هُنَاكَ. أَلَيْسَتْ هِيَ صَغِيرَةً؟ فَتَحْيَا نَفْسِي». ٢١فَقَالَ لَهُ: «إِنِّي قَدْ رَفَعْتُ وَجْهَكَ فِي هَذَا ٱلْأَمْرِ أَيْضًا، أَنْ لَا أَقْلِبَ ٱلْمَدِينَةَ ٱلَّتِي تَكَلَّمْتَ عَنْهَا.٢٢أَسْرِعِ ٱهْرُبْ إِلَى هُنَاكَ لِأَنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا حَتَّى تَجِيءَ إِلَى هُنَاكَ». لِذَلِكَ دُعِيَ ٱسْمُ ٱلْمَدِينَةِ «صُوغَرَ».
- ٱهْرُبْ لِحَيَاتِكَ. لَا تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ: بدا الملاكان أكثر إلحاحًا لإنقاذ لوط وعائلته ممَّا أرادوا هُم لإنقاذ أنفسهم. يبدو هذا غريبًا، لكنَّه شائعًا في الأمور الروحيَّة.
- لَا يَا سَيِّدُ: بدا لوط مُثيرًا للشفقة ومُتذمِّرًا في صلاته، خصوصًا بالمقارنة مع شفاعة إبراهيم الصلبة في تكوين ١٨.
- لِأَنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا حَتَّى تَجِيءَ إِلَى هُنَاكَ: يجيب هذا عن سؤال إبراهيم، أَدَيَّانُ كُلِّ ٱلْأَرْضِ لَا يَصْنَعُ عَدْلًا؟ (تكوين ٢٥:١٨). الله، الملتزِم ببرِّه وكرامته، لا يمكنه أن يجلب هذه الدينونة على سدوم حتَّى يتمُّ خلاص الأبرار القليلين.
- لِذَلِكَ دُعِيَ ٱسْمُ ٱلْمَدِينَةِ صُوغَرَ: يعني اسم صُوغَرَ صغير أو غير مُهم. لقد كانت مدينة صغيرة ساوم عليها لوط مع الملاك.
ثالثًا. دينونة الله على سدوم وعمورة
أ ) الآيات (٢٣-٢٦): دُمِّرت المدينتَان، وتحوَّلت امرأة لوط إلى عمود ملح.
٢٣وَإِذْ أَشْرَقَتِ ٱلشَّمْسُ عَلَى ٱلْأَرْضِ دَخَلَ لُوطٌ إِلَى صُوغَرَ، ٢٤فَأَمْطَرَ ٱلرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ مِنَ ٱلسَّمَاءِ. ٢٥وَقَلَبَ تِلْكَ ٱلْمُدُنَ، وَكُلَّ ٱلدَّائِرَةِ، وَجَمِيعَ سُكَّانِ ٱلْمُدُنِ، وَنَبَاتِ ٱلْأَرْضِ. ٢٦وَنَظَرَتِ ٱمْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ.
- دَخَلَ لُوطٌ إِلَى صُوغَرَ، فَأَمْطَرَ ٱلرَّبُّ: كما قال الملاك في تكوين ٢٢:١٩، لا يمكن أن تأتي الدينونة على سدوم وعمورة حتَّى يكون لوط وعائلته بأمان في صوغر؛ وإلَّا سيكون هذا مُخالفًا لوعد الله لإبراهيم، على الأقلِّ في المبدأ.
- فَأَمْطَرَ ٱلرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ مِنَ ٱلسَّمَاءِ: أُدينت هاتان المدينتَان بشكلٍ كاملٍ وصارمٍ، ولكن فقط بعد تأكيد الله لشرِّهم العظيم وإرساله لهم شاهدًا بارًّا في شخص لوط.
- اليوم، يعتقد البعض أنَّ هاتين المدينتَين مطمورتَان تحت البحر الميِّت، وأنَّ دمارهما الكامل علامةٌ على دينونة الله ونعمته المخلِّصة لأتقيائه.
- قبل حدوث هذا الدمار، كانت منطقة سدوم جميلة ومُنتِجة بشكل لا يصدَّق، كجنَّة الرَّبِّ (تكوين ١٠:١٣). بالرغم من ذلك، فهذا الامتياز العظيم والبركة لم يُرجِعا قلوبهم نحو الله.
- أيضًا، رأى سُكَّان سدوم وعمورة الكثير من قوَّة ونعمة ورحمة الله أكثر من سُكَّان أيَّةِ منطقةٍ أُخرى. لقد أُنقذوا من الخراب بعمل الله من خلال إبراهيم. سمعوا شهادةً من ملكي صادِق ورأوا نموذج ملكي صادِق وإبراهيم. كانت لديهم بركاتٌ عظيمة وبرهانٌ عظيمٌ عن عناية الله بهم، إلَّا أنَّهم رفضوا كلَّ هذه.
- وَنَظَرَتِ ٱمْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ: تحوَّلت امرأة لوط إلى عمودِ ملح لأنَّها نَظَرَتِ مِنْ وَرَائِهِ خصوصًا بعد تحذير الملاكَين، لَا تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ (تكوين ١٧:١٩). يعتقد البعض أنَّها تباطأت وابتُلِعت بالكارثة بطريقة ما، لكن من الممكن أن يكون هذا نوعًا من دينونة الله عليها بسبب حالة قلبها. إن نظرها إلى الوراء يشير إلى محبَّةٍ لِسَدوم وندمٍ على دمارها.
- “إنَّ الكلمات نَظَرَتِ مِنْ وَرَائِهِ لها دلالة النظر باهتمام. من المحتمل أن يتم تقديمها كـ تخلَّفت، أو حتَّى ربَّما رجعت” موريس (Morris)
- بالإشارة إلى نهاية الأيَّام، يقول يسوع شيئًا مُثيرًا في لوقا ٣٢:١٧: اُذْكُرُوا ٱمْرَأَةَ لُوطٍ. بكلماتٍ أخرى، كما نرى نهاية الدهر، لا يجب على أيِّ مسيحيٍّ أن يكون له قلب امرأة لوط. لا يجب أن يكون لنا قلبٌ يشتاق إلى عالم فاسد وعابر. لا يجب أن يكون لنا قلبٌ يندم بشكلٍ ما على الدينونة التي سيجلبها الله عليه.
- نحتاج لأن ننظر إلى الأمام، إلى انعتاقنا، وليس إلى الوراء إلى عالَمٍ ماضٍ بعيدًا وجاهزٍ للدينونة.
ب) الآيات (٢٧-٢٩): يعرف إبراهيم عن دمار سدوم وعمورة.
٢٧وَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ فِي ٱلْغَدِ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي وَقَفَ فِيهِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، ٢٨وَتَطَلَّعَ نَحْوَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ، وَنَحْوَ كُلِّ أَرْضِ ٱلدَّائِرَةِ، وَنَظَرَ وَإِذَا دُخَانُ ٱلْأَرْضِ يَصْعَدُ كَدُخَانِ ٱلْأَتُونِ. ٢٩وَحَدَثَ لَمَّا أَخْرَبَ ٱللهُ مُدُنَ ٱلدَّائِرَةِ أَنَّ ٱللهَ ذَكَرَ إِبْرَاهِيمَ، وَأَرْسَلَ لُوطًا مِنْ وَسَطِ ٱلِٱنْقِلَابِ. حِينَ قَلَبَ ٱلْمُدُنَ ٱلَّتِي سَكَنَ فِيهَا لُوطٌ.
- وَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ فِي ٱلْغَدِ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي وَقَفَ فِيهِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ: نشعرُ بأنَّ إبراهيم، بذاكرةٍ شديدة التَّأثُّر بما حدَث في اليوم السابق، أراد أن يتذكَّر لقاءه مع الله.
- وَتَطَلَّعَ … وَنَظَرَ وَإِذَا دُخَانُ ٱلْأَرْضِ يَصْعَدُ كَدُخَانِ ٱلْأَتُونِ: عندما رأى إبراهيم دخان الأرض ودمارها، عرف أن طلَبَهُ قد استُجيب. أنقذ الله لوط قبل مجيء الدمار.
- وَنَظَرَ: استخدم سبيرجن هذه الأعداد ليفكِّر بالمشاعر التي تُناسب المؤمن عندما ينظر إلى دينونة الله على الأشرار.
- ينبغي أن يكون لهم خضوعٌ متواضعٌ لإرادة الله.
- ينبغي أن يكون لهم شعورٌ عميقٌ بالامتنان لإنقاذهم.
- ينبغي أن يكون لهم أكثر وعيًا وانتباهًا على حياتهم.
- ينبغي أن يتذكَّروا شرَّ الخطيَّة العظيم.
- وَنَظَرَ: استخدم سبيرجن هذه الأعداد ليفكِّر بالمشاعر التي تُناسب المؤمن عندما ينظر إلى دينونة الله على الأشرار.
ج) الآيات (٣٠-٣٢): يعيش لوط وابنتاه في مغارةٍ بريَّة.
٣٠وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي ٱلْجَبَلِ، وَٱبْنَتَاهُ مَعَهُ، لِأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي ٱلْمَغَارَةِ هُوَ وَٱبْنَتَاهُ. ٣١وَقَالَتِ ٱلْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ، وَلَيْسَ فِي ٱلْأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ ٱلْأَرْضِ. ٣٢هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا وَنَضْطَجِعُ مَعَهُ، فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلًا».
- وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي ٱلْجَبَلِ: لا نعرف لماذا أصبح لوط وابنتاه غير راضين عن صوغر، أو لماذا أصبح سكان صوغر غير راضين عنهم. لسببٍ ما، تركوا صوغر المدينة الصغيرة وصعدوا إلى ٱلْجَبَلِ وسكنوا في مغارة.
- هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا: خسر لوط وعائلته كلَّ شيءٍ بسبب الدمار الَّذي لحِق بسدوم وعمورة. ومع ذلك، سرعان ما أصبح لديهم مخزونٌ من الخمر. فإمَّا أنَّهم احضروا هذا معهم أو حصلوا عليه في صوغر.
- وَنَضْطَجِعُ مَعَهُ، فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلًا: هذه الحالة استثنائيَّة – ويبدو أنَّها خطيَّة يائسة ارتكبتاها ابنتا لوط. يقترح البعض أنَّهما اعتقدتا أنَّ العالَم بأكمله قد زال مع سدوم وعمورة، وأنَّها مسؤوليتهما أن يتكاثرا ويملآ الأرض من خلال أبيهما. بالرغم من ذلك، كان الوقت الَّذي قضَوهُ في صوغر كافيًا لهما ليعرفوا بوجود أُناسٍ آخرين.
- إنَّ العيش في بيئةٍ مُنحطَّة أخلاقيًّا كان له تأثيرٌ كبيرٌ ومُضِرٌ على عائلة لوط. كان تأثير مساومته أبعد من نفسه بكثير.
د ) الآيات (٣٣-٣٨): وُلِد موآب وعمُّون من علاقةٍ مُحرَّمة.
٣٣فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ، وَدَخَلَتِ ٱلْبِكْرُ وَٱضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِٱضْطِجَاعِهَا وَلَا بِقِيَامِهَا. ٣٤وَحَدَثَ فِي ٱلْغَدِ أَنَّ ٱلْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ ٱضْطَجَعْتُ ٱلْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْرًا ٱللَّيْلَةَ أَيْضًا فَٱدْخُلِي ٱضْطَجِعِي مَعَهُ، فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلًا». ٣٥فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ أَيْضًا، وَقَامَتِ ٱلصَّغِيرَةُ وَٱضْطَجَعَتْ مَعَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِٱضْطِجَاعِهَا وَلَا بِقِيَامِهَا، ٣٦فَحَبِلَتِ ٱبْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. ٣٧فَوَلَدَتِ ٱلْبِكْرُ ٱبْنًا وَدَعَتِ ٱسْمَهُ «مُوآبَ»، وَهُوَ أَبُو ٱلْمُوآبِيِّينَ إِلَى ٱلْيَوْمِ. ٣٨وَٱلصَّغِيرَةُ أَيْضًا وَلَدَتِ ٱبْنًا وَدَعَتِ ٱسْمَهُ «بِنْ عَمِّي»، وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى ٱلْيَوْمِ.
- وَدَخَلَتِ ٱلْبِكْرُ وَٱضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا: قد لا نشعر بالارتياح مع الفكرة أنَّ الكتاب المقدَّس يحتوي على سجلٍّ لخطايا فاضحة كهذه.
- رغمًا من ذلك، يلاحظ بارنهاوس (Barnhouse): “من الأفضل للأولاد أن يتعلَّموا حقائق الحياة من كلمة الله حيث الخطيَّة مُدانة أكثر من أن يتعلَّموا هذه الحقائق من كلماتٍ بذيئة على جدران الأزقَّة، أو من قصصٍ منحرفة. لا أحد يستطيع أن يهرب من معرفة الخطيَّة … لم تُذكَر هذه الأمور أبدًا من دون تأنيبٍ صارمٍ من الله الَّذي يكره الخطيَّة ويُعاقبها.”
- “بشكلٍ تَهكُّميّ، قام لوط وهو مخمورٌ بفعلٍ شنيعٍ قد اقترحه على رجال سدوم: أن يضطجعوا مع ابنتَيهِ.” سيلهامر (Sailhamer).
- مُوآبَ، وَهُوَ أَبُو ٱلْمُوآبِيِّينَ إِلَى ٱلْيَوْمِ … بِنْ عَمِّي، وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ: إنَّ نسلهم سيصبح عدوًّا وعائقًا أمام إسرائيل، تمامًا كنسل إسماعيل. انتهت حياة لوط في الخراب المتعلِّق بالماضي والحاضر والمستقبل – وكلُّ هذا بسبب محبَّته للعالَم ومساومته النَّابعة من هذه المحبَّة.