سفر التكوين – الإصحاح ٣
تجربة الإنسان والسقوط
أولًا. التجربة من الحيَّة
أ ) الآية (١): تبدأ الحيَّة بالتجربة.
١وَكَانَتِ ٱلْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ ٱلْبَرِّيَّةِ ٱلَّتِي عَمِلَهَا ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقًّا قَالَ ٱللهُ لَا تَأْكُلَا مِنْ كُلِّ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ؟».
- وَكَانَتِ ٱلْحَيَّةُ: لا تُحدِّد الآية هُنا الحيَّة كالشيطان، لكن باقي الكتاب المقدَّس يوضح ظهور الشيطان كحيَّة.
- في حزقيال ١٣:٢٨-١٩ يخبرنا الكتاب المقدَّس أنَّ الشيطان كان في جنَّة عدن. إنَّ الكثير من الأعداد الأخرى تربط الحيَّة أو مخلوقٍ شبيهٍ بالثعبان بالشيطان (كما في أيوب ١٣:٢٦ وإشعياء ٩:٥١). يتكلَّم سفر الرؤيا ٩:١٢ و٢:٢٠ عن ٱلتِّنِّينُ ٱلْعَظِيمُ، ٱلْحَيَّةُ ٱلْقَدِيمَةُ ٱلْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَٱلشَّيْطَانَ.
- إنَّ تمثيل الشيطان كأفعى يجعل من فكرة موسى لخلاص إسرائيل برَفعهِ حيَّةً برونزيَّة استفزازيَّة (سفر العدد ٨:٢١-٩)، خصوصًا عندما يُعرّف يسوع نفسه بهذه الحيَّة (يوحنَّا ١٤:٣). هذا لأنَّه، في هذه الصورة، كانت الحيَّة (تجسيدًا للخطيَّة والمعصية) مصنوعة من البرونز (معدنٌ مرتبطٌ بالدَّينونة، لأنَّه مصنوعٌ بالنَّار). إنَّ رفع الحيَّة البرونزيَّة أو النُّحاسيَّة هو رفعٌ للخطيَّة المدانَة، باستخدام شكل الصليب.
- يُخبرنا حزقيال ٢٨ أنَّ الشيطان، قبل السقوط، كان ملاكًا من أعلى الرتب والمقام، حتَّى ربَّما كان يُمثِّل شخصًا شبيهًا بقائدٍ للعبادة في السماء. يقول إشعياء ١٤ لنا أنَّ سقوط الشيطان كان مرتبطًا برغبتهِ في أن يكون مساويًا لله أو أعظم منه، ليضع مشيئته ضدَّ إرادة الله.
- قد لا نفهم كلَّ شيء مرتبط بكيفيَّة استخدام الشيطان لجسم الحيَّة، لكن يمكننا أن نعرف أنَّ هذا كان صحيحًا وأن الأحداث لم تكن مجرَّد خرافة. “من العبث وصف قصَّة السقوط بأنَّها مجرَّد قصَّةٍ رمزيَّة، من الأفضل لمن يقول هذا أن يقول صراحة أنَّه لا يؤمن بالكتاب المقدس… كانت هناك حيَّةٌ حقيقيَّة، وكان هناك جنَّةٌ حقيقيَّة؛ كان هناك آدم وحوَّاء حقيقيَّين، اللَّذَين كانا على رأس جنسنا، وأخطآ بالفعل، وأنَّ جنسنا ساقطٌ حقًّا. آمِن بذلك.” سبيرجن (Spurgeon)
- وَكَانَتِ ٱلْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ ٱلْبَرِّيَّةِ: تتواجد فعاليَّة الشيطان في طرقه المحاكَة والماكرة. لا يمكننا التَّغلُّب على الشيطان بذكائنا، لكنَّنا نستطيع التَّغلُّب عليه بقوَّة يسوع.
- كان مَكرُ الشيطان هو الأمر الَّذي جعله ناجحًا ضدَّ حوَّاء: وَلَكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ ٱلْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هَكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ ٱلْبَسَاطَةِ ٱلَّتِي فِي ٱلْمَسِيحِ (٢ كورنثوس ٣:١١).
- “ربَّما يكون الإنسان أكثر دهاءً بكثير من أيِّ مخلوقٍ… لكنَّ الشيطان لديه دهاءٌ في داخله أكثر من أيِّ مخلوقٍ آخَر صنعه الرَّبَّ الإله، بمن فيهم الإنسان.” سبيرجن (Spurgeon)
- فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: يبدو أنَّه، قبل تلفُّظ اللَّعنة في تكوين ١٤:٣-١٥، كانت الحيَّة مختلفة عمَّا نعرفه اليوم كحيَّة. لم يبدأ هذا المخلوق كحيَّة كما نعرفها، لقد أصبح واحدة.
- “في جميع الاحتمالات، كان الزاحف المسمَّى الثعبان قبل السقوط مخلوقًا أنبَل من الآن. تهدد الآيات هنا، بأن تغيير ما سيطرأ على الأفعى بشكل مباشر. يقال بأنَّ المخلوق إمَّا كان له أجنحة أو أنَّه كان قادرًا على التحرُّك من دون الزحف على الأرض كما هو الحال الآن.” سبيرجن (Spurgeon)
- من الواضح أنَّ الأرواح الشيطانيَّة لديها القدرة، في ظلِّ ظروفٍ معيَّنة، أن تعيش في أجسام بشريَّة أو حيوانيَّة (لوقا ٣٣:٨). وفي هذه المناسبة، اختار الشيطان أن يسكن في جسد حيَّةٍ قبل اللَّعنة. “يجب أن تكون الروح غير المادِّيَّة غير مرئيَّة؛ ولذلك يجب أن يُجسِّد (الشيطان) نفسه بطريقةٍ أو بأخرى قبل أن يتمكن أحد من رؤيته. ويبدو واضحًا أنَّ الشيطان كانت لديه القدرة على الدخول إلى الأجسام الحيَّة، لأنَّه فعل ذلك على نطاق واسع جدًّا في أيَّام المسيح… لكونه مُجبرًا على دخول جسد مادي، أدرك الروح الشرِّير أنَّ الأفعى كانت في ذلك الوقت من بين أكثر المخلوقات رقَّة؛ فدخل في الحيَّة وشعر وكأنه صار في بيته.” سبيرجن (Spurgeon)
- يقول بوله (Poole) أنَّ المرأة لم تكن متعجِّبة من حديث الحيَّة معها لأنَّ آدم وحوَّاء أجروا محادثة حرَّة مع كائنات ملائكيَّة ظهرت غالبًا في صورة رجال. إذا كان هذا صحيحًا، لم يكن غريبًا بالنسبة لحوَّاء أن يظهر لها كائنٌ ملائكيّ بشكل ثعبانٍ جميل ما قبل السقوط.
- ربَّما جعل الشيطان الحية تتكلم بطريقة معجزية، أو ربَّما نقل الشيطان هذا الكلام إلى أفكار حواء. إنَّ ما قاله الشيطان أكثر أهميَّة من كيف قاله.
- لِلْمَرْأَةِ: جلب الشيطان إغراءه للمرأة لأنَّه أدرك أنَّها أكثر عرضة للهجوم. هذا لأنَّها لم تتلقَّ الأمر بألَّا تأكل من شجرة معرفة الخير والشرِّ مباشرة من الله ولكن من خلال آدم (تكوين ١٥:٢-١٧).
- ربَّما لاحظ الشيطان أنَّ آدم لم يقُم بتوصيل وصية الرب لحوَّاء بطريقة فعالة. وهذا الفشل من جانب آدم جعل حوَّاء أكثر عرضة للتجربة.
- غالبًا ما يُهاجم الشيطان سلسلةً ما في أضعف حلقاتها، لذلك يصل إلى آدم بإغراء حوَّاء. يجب أن يتوقَّع الأقوى في “السلسلة” هجومًا على الحلقات الأضعف، لذلك يجب دعمهم ضدّ تلك الهجمات.
- كما كان أيضًا من ضمن خطَّة الله السماح للشيطان بإغواء حوَّاء بهذه الطريقة. إذا كان آدم قد أخطأ أوَّلًا، وإذا أعطى الثمر لحوَّاء، فقد يكون لديها عذر جزئيّ أمام الله: “كنت ببساطة أُطيع رأس البيت. فعندما أعطاني الثمر، أكلت.”
- أَحَقًّا قَالَ ٱللهُ: كان هجوم الشيطان الأوَّل موجهًا ضدّ كلمة الله. فإن استطاع أن يجعل حوَّاء في حيرة من أمر ما قاله الله، أو أن تشكِّك في ما قاله الله، فإنَّه يكون قد ربح معركته جزئيًّا.
- منذ البدء، حاول الشيطان تقويض شعب الله بتقويض كلمة الله. يمكنه أن يقوِّض الأمر بنفس الفعاليَّة من خلال حملنا على إهمال كلمة الله بقدر ما يجعلنا نشكُّ فيها.
- أَحَقًّا قَالَ ٱللهُ لَا تَأْكُلَا مِنْ كُلِّ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ؟: أخذ الشيطان وصيَّة الله الإيجابيَّة الأولى في تكوين ١٦:٢-١٧ (وَأَوْصَى ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ آدَمَ قَائِلًا: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا، لِأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ») وحرَّفها وأعاد صياغتها بطريقةٍ سلبيَّة بحتة: “لن يدعكما الله تأكلا من كلِّ شجر الجنَّة.”
ب) الآيات (٢-٣): جواب حوَّاء للحيَّة.
٢فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ نَأْكُلُ، ٣وَأَمَّا ثَمَرُ ٱلشَّجَرَةِ ٱلَّتِي فِي وَسَطِ ٱلْجَنَّةِ فَقَالَ ٱللهُ: لَا تَأْكُلَا مِنْهُ وَلَا تَمَسَّاهُ لِئَلَّا تَمُوتَا».
- فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: كان الخطأ الأوَّل الَّذي ارتكبته حوَّاء هي أنَّها تمادت في الحوار مع الحيَّة. نحن مدعوُّون للتحدُّث مع الشيطان، لكن لا أن نتحاور معه أبدًا. ببساطةٍ وبقوَّةٍ نقول له: ’لينتهرك الرَّبُّ!‘ (يهوذا ٩).
- مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ نَأْكُلُ: كانت معرفة حوَّاء بما لا يجب أن تفعله صحيحة جزئيًّا، ولكن يبدو أنَّ ما لا تعرفه جعلها أكثر عرضة للخداع.
- يبدو أنَّ حوَّاء لا تعرف اسم هذه الشجرة؛ قالت ببساطة: ٱلشَّجَرَةِ ٱلَّتِي فِي وَسَطِ ٱلْجَنَّةِ، بدلًا من شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ (تكوين ١٧:٢).
- أخطأت حواء في اقتباس وصيَّة الله لآدم. فالعبارتان، لَا تَأْكُلَا مِنْهُ ولِئَلَّا تَمُوتَا كانت صحيحة، لكنَّها أضافت إلى الوصيَّة ووضعت كلمات في فم الله عندما قالت، وَلَا تَمَسَّاهُ. بالطبع، كان من الجيِّد تجنب التجربة تمامًا؛ لا فائدة من لمس الثمر الَّذي ليس من المفترض أن تأكُلَه. لكنَّه شيءٌ خطير أن نُعلِّم مبادئ الإنسان كما لو كانت وصايا الله (متَّى ٩:١٥).
- فسر كلارك (Clarke) الكلمات ’وَلَا تَمَسَّاهُ‘ كالتالي: “يقول بعض الكُتَّاب اليهود… أنَّه بمجرَّد أن أكَّدت المرأة ذلك، دفعتها الحية إلى الشجرة وقالت، ’أرأيت، لقد لمستها، ولا زلتِ حيَّة؛ لذلك يمكنك أن تأكلي بأمان من الثمر، لأنَّك بالتَّأكيد لن تموتي.‘”
- فَقَالَ ٱللهُ: إنَّ جهل حوَّاء لما قاله الله بالضبط هو مسؤوليَّة آدم. لقد قام بعمل ضعيف فيما يتعلَّق بإخبار زوجته بالكلمة التي أعطاها إيَّاه الله.
- يمكننا أن نتخيَّل آدم يقول لحوَّاء، “أرأيت تلك الشجرة في وسط الجنَّة؟ لا تلمسيها، لأنكِ إن فعلتي، يقول الله أننا سنموت!” رغم أن هذه الجملة ليست دقيقة تمامًا ولا تقدم تفسير للوصية، إلا أنها أفضل من عدم قول شيء. عدم تفسير آدم للوصية، فتح الباب أمام الشيطان ليدخل ويهاجم.
- لِئَلَّا تَمُوتَا: قد يبدو هذا كشيء صغير ليتوقَّف عليه مصير الجنس البشريّ وكلُّ الخليقة. لكنَّ الشجرة لم تكن أكثر من مجرد قيدٍ على آدم وحواء. فقد ذكَّرتهما بأنَّهما ليسا الله وأنَّ لله حقًّا شرعيًّا في طاعتهما وأنَّهما مسؤولان تجاهه.
ج) الآيات (٤-٥): تحدي الشيطان المباشر لكلمة الله.
٤فَقَالَتِ ٱلْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! ٥بَلِ ٱللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلَانِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَٱللهِ عَارِفَيْنِ ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ».
- لَنْ تَمُوتَا: أرسى الشيطان الأساس بفعاليَّة. لقد جذب حوَّاء إلى مناقشة معه وزرع بذرة الشكِّ حول كلمة الله، وفضح فهم حوَّاء غير الكامل لكلمة الله. وينتقل الآن إلى ضربته القاضية، بتقديم تناقض صارخ لما قاله الله.
- يمكن للشيطان أن يعمل بفعاليَّة فقط عندما يكون قد أسَّس موطئًا لقدميه. لن يسقط أحد مثل آدم وحوَّاء هكذا ’فجأةً،‘ لا بد من شيء قد فتح الباب ووضع الأساس.
- لهذا السبب نحن مدعوُّون أن لا نعطي إبليس مكانًا (أفسس ٢٧:٤). يُظهِر هذا مدى روعة ما قاله يسوع: “لَا أَتَكَلَّمُ أَيْضًا مَعَكُمْ كَثِيرًا، لِأَنَّ رَئِيسَ هَذَا ٱلْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ” (يوحنَّا ٣٠:١٤).
- لَنْ تَمُوتَا: أراد الشيطان أوَّلًا أن تنسى حوَّاء كلَّ ما قاله الله عن عواقب الخطيَّة. عندما نُدرك ونتذكَّر عواقب الخطيَّة، فنحن أكثر ميلًا للتَّخلِّي عن ملذَّات الخطيَّة العابرة (عبرانيِّين٢٥:١١).
- في تحدِّي الشيطان المباشر، يحاول أن يجعل حوَّاء تشكُّ بصلاح الله. إن كذب عليها الله، فكيف يكون صالحًا؟
- في تحدِّي الشيطان المباشر، يحاول أن يجعل حوَّاء تشكُّ بشرِّ (سوء) الخطيَّة. إن كان هذا الثمر مفيدًا لها، فلماذا لا يريده الله لها؟
- يريدنا الشيطان أن نرى الخطيَّة كأمرٍ صالح لا يريده الله لنا. فكذبتهُ الأساسيَّة هي: ’الخطيَّة ليست سيِّئة، والله ليس إلهًا صالحًا.‘
- “سيقدِّم الشيطان والجسد ألف سببٍ لإظهار مدى حسن وروعة عصيان وصيته.” بارنهاوس (Barnhouse)
- أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلَانِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا: كانت تجربة الشيطان قويَّة لأنَّه كان فيها نوعٌ من الحقِّ. كان صحيحًا أن أَعْيُنَهمَا ستَنْفَتِح، وهذا ما حدث بالفعل (تكوين ٧:٣). لكن فُتِحت أعينهما نحو خطيَّتهما وعصيانهما.
- يبدو الأمر كما لو وُعد شخص أصمٌّ بأن يسمع مرَّة أخرى، لكن كل ما كان يسمعه هو صراخ.
- فُتِحت أعينهما، لقد عرفوا الخير والشرّ، لكن ليس كالآلهة. نادرًا ما تكون الكذبة الكاملة فعَّالة في الإغراء. إذا لم يقرنها الشيطان ببعض الحقيقة، فهناك قوَّة ضئيلة في تجربته.
- وَتَكُونَانِ كَٱللهِ عَارِفَيْنِ ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ: كان الإغراء الأخير هو الأقوى لأنَّه كان يشير إلى كيفيَّة سقوط الشيطان نفسه، عندما أراد أن يكون مساويًا لله. حاولت حواء أن تصبح إلهةً بالتمرُّد على الله.
- نمق المعلمون اليهود إغراء الشيطان لحوَّاء كالتالي: “كان الخبث هو الدافع وراء وصية الله، لأنَّك بمجرَّد أن تأكلي منها، ستكونين مثل الله. وكما يخلق العوالم ويدمُّرها، أنت أيضًا ستمتلك القدرة على الخلق والتَّدمير. وكما هو يقتل ويُحيي، ستفعلين أنت أيضًا. الله نفسه أكل أوَّلًا من ثمر الشجرة، ثمَّ خلق العالم. لذلك نهى عنكِ أن تأكلي منها لئلَّا تخلقي عوالم أخرى… أسرعي الآن وتناولي من ثمر الشجرة التي في وسط الجنَّة، لتستقلي عن الله، لئلا يجلب مخلوقات أخرى تتسلَّط عليكِ.” جينزبرج (Ginzberg)
- الهدف من أن نصبح كالله هو مركز العديد من الديانات غير المسيحيَّة، بما في ذلك المورمونيَّة. ولكن رغبتنا في أن نكون آلهة، تجعلنا في الواقع نشبه الشيطان أكثر. فهو الَّذي قال: ’وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى ٱلسَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ ٱللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الإجتماع فِي أَقَاصِي ٱلشَّمَالِ. أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ ٱلسَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ ٱلْعَلِيِّ‘ (إشعياء ١٣:١٤-١٤). ولكن علينا كمؤمنين أن نسعى لنكون مثل يسوع، الذي جاء لِيَخْدِم (متَّى ٢٨:٢٠).
- إن حركة العصر الجديد والرغبة في أن نكون ’آلهة‘ هي أقوى الآن من أي وقت مضى. بحسب إحدى الدِّراسات الاستقصائيَّة في سنة ١٩٩٢، يمكن اعتبار ما يصل إلى ١٢ مليون أمريكيّ مشاركين نشطين في حركة العصر الجديد، و٣٠ مليون آخرين مهتمِّين بشدَّة. إذا تمَّ جمع كلِّ هؤلاء الأشخاص معًا في منظَّمة تشبه الكنيسة، فستكون ثالث أكبر طائفة دينية في أمريكا. أكثر من ٩٠ ٪ من المشتركين في مجلة العصر الجديد هم من خرِّيجي الجامعات، مقارنة بنصف عامَّة السكان.
- في سنة ١٩٩٥، وصل تأثير حركة العصر الجديد إلى البيت الأبيض. مثلًا: ماريان وليمسون، كاتبة من حركة العصر الجديد (مؤلِّفة كتاب بعنوان: A Return to Love: Reflections on the Principles of A Course in Miracles)، ومُعلِّمة لكثير من الباحثين الروحيِّين في هوليوود، أمضت ليلةً في البيت الأبيض كضيفةٍ شخصيَّة لهيلاري كلينتون. أنثوني روبنز، المعلم التَّحفيزيّ وملك الإعلانات التجاريَّة الليلية، عمل كمستشار الرئيس كلينتون في كامب ديفيد. ويُعرَّف روبنز كقائدٍ في حركة العصر الجديد.
ثانيًا. خطيَّة آدم وحوَّاء وسقوط الجنس البشريّ
أ ) الآية (٦): آدم وحوَّاء كلاهما يعصيان الله بطريقتهما الخاصة.
٦فَرَأَتِ ٱلْمَرْأَةُ أَنَّ ٱلشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلْأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ ٱلشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ.
- فَرَأَتِ ٱلْمَرْأَةُ: استسلمت حوَّاء للتجربة بذات الطريقة التي وصفها يوحنَّا في ١ يوحنَّا ١٦:٢. أوَّلًا، خضعت لشهوة الجسد (فَرَأَتِ ٱلْمَرْأَةُ أَنَّ ٱلشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلْأَكْلِ)، ثمَّ استسلمت لشهوة العيون (وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ)، ثمَّ استسلمت لِتعظُّم المعيشة (وَأَنَّ ٱلشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ).
- تجرَّب يسوع بذات الطريقة الثلاثيَّة: عرضٌ للشهوات الجسديَّة، عرضٌ لرغبات الطمع والرغبات العاطفيَّة، وعرضٌ للفخر والكبرياء (متَّى ١:٤-١١).
- فَرَأَتِ ٱلْمَرْأَةُ أَنَّ ٱلشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلْأَكْلِ: كانت تصوُّرات حوَّاء صحيحة جزئيًّا وخاطئة جزئيًّا. الشجرة لم تكن حقًّا جَيِّدَةٌ لِلْأَكْلِ، إلَّا أنَّ حوَّاء خُدِعت لتفكِّر بأنَّها كذلك. قد يكون الثمر ربَّما بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، رغم أنَّ هذا لا يعني الكثير. وقد كان صحيحًا في ذهن حوَّاء فقط أنَّ الشجرة شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ بسبب ما تُعطيه من الحكمة للآكل منها.
- نستطيع أن نرى دقَّة عبارة الرَّسُول بولس في ١ تيموثاوس ١٤:٢، أنَّ حوَّاء خُدِعت عندما أخطأت. اعتقدت في ذهنها أنَّها كانت تفعل شيئًا جيِّدًا لنفسها.
- فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ: يستطيع الشيطان أن يُجرِّب حوَّاء، لكنَّها لم تكن مُجبرة على أخذها. فالأخذ كان عملها بالكامل. لم يكُن بإمكان إبليس أن يضع الثمر في حنجرتها. كانت حوَّاء مسؤولة. لم يكن بإمكانها أن تقول: ’دفعني الشيطان لفعل ذلك.‘
- كما هو الحال في كلِّ تجربة، جعل الله لحوَّاء وسيلةً للهروب (١ كورنثوس ١٣:١٠). كان يمكنها ببساطة أن تهرب من الشيطان والشجرة، لكنَّ حوَّاء لم تأخذ بوسيلة الله للهروب.
- وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا: لم تُخطئ حوَّاء فحسب، بل أصبحت الوسيط لتجربة آدم. ولكن عندما أكل آدم، لم يُخدَع كحوَّاء. أخطأ آدم وعيناه مفتوحتان بتمرُّد صارخ ضدَّ الله.
- لذلك، إنَّه آدم وليست حوَّاء مَن يتحمَّل المسؤوليَّة على سقوط الجنس البشريّ وعلى دخول الموت إلى الخليقة (رومية ١٢:٥، ١ كورنثوس ٢٢:١٥). خُدعت حوَّاء لارتكاب الخطيَّة؛ أما آدم فعرف بالتَّحديد ما كان يقوم به (١ تيموثاوس ١٤:٢).
- تكهَّن الكثيرون بأنَّ آدم أخطأ لأنَّه لم يكن يريد أن تكون حوَّاء بمفردها في السقوط، وأكل من الثمر بدافعٍ رومانسيّ. قد يكون هذا صحيحًا، لكنَّ هذا لا يجعل خطيَّة آدم أقلَّ تمرُّدًا. إنَّ التَّمرُّد على الله وعصيانه لا يمكن أن يكون ’أفضل‘ إن حُرِّك بدافعٍ رومانسيّ.
- ’خُذ وكُل‘ ستصبح يومًا ما أفعالًا مُستخدَمة للخلاص، ولكن فقط بعد أن يكون قد عاش يسوع في عالَم لعنة آدم واستسلم للموت.
ب) الآية (٧): عُري آدم وحوَّاء.
٧فَٱنْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لِأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ.
- فَٱنْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا: على ما يبدو، لم يعرفا حالتهما السَّاقطة إلَّا بعد خطيَّة آدم. علِموا أنَّهما ُعُرْيَانَانِ، بمعنى أنَّ خجلهما أصبح ظاهرًا للخليقة.
- وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ: يقترح كلٌّ من مزمور ٢:١٠٤ ومتَّى ٢:١٧ أنَّ النور يمكن أن يكون ثوبًا للصالحين. ربَّما كان آدم وحواء قد لبسا سابقًا نور الله المجيد، وقد تركهما الفقدان الفوري لهذا الغطاء من النور يشعران بأنَّهما مكشوفَان وعراة.
- “إنَّه أكثر احتمالًا أن نقول أنَّهما كانا لابسَين النور قبل السقوط، وعندما أخطئا خرج النور خارجًا.” بارنهاوس (Barnhouse)
- فَٱنْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا: إنَّ الطريقة التي كانوا ينظرون بها إلى نفسَيهما تغيَّرت، ولكن أيضًا طريقة نظرتهما للعالم كلِّه اختلفت الآن. فبعد السقوط، بدا كلُّ شيءٍ أسوأ.
- عندما رأى آدم وحوَّاء عريهما وشعرا بأسفٍ شديد إزاءه، لم يُحسَّا بشعور الرضى بل أنَّ ما حصل كان جيِّدًا. من الجيِّد أن تشعر بالذنب عندما تفعل شيئًا خاطئًا، وعدم الشعور بالذنب أو الخجل إنَّما هو حالٌ أسوأ.
- فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ: أخذت محاولتهما لتغطية نفسَيهما الكثير من البراعة، ولكن ليس الكثير من الحكمة. فأوراق التين تعتبر أغطية شائكة، ما يجعلها تسبب الحكة لدى البعض.
- كلُّ محاولة لتغطية عرينا أمام الله فيها غباء وهي مجرَّد حماقة. نحن نحتاج لأن نسمح ليسوع بتغطيتنا (عبرانيِّين ٥:٣، ١٨)، ونلبس يسوع نفسه كثوب يغطينا (غلاطية ٢٧:٣). لله غطاءٌ لشعبه (إشعياء ١٠:٦١)، والحضُّ الَّذي من يسوع هو لنا: هَا أَنَا آتِي كَلِصٍّ! طُوبَى لِمَنْ يَسْهَرُ وَيَحْفَظُ ثِيَابَهُ لِئَلَّا يَمْشِيَ عُرْيَانًا فَيَرَوْا عُرْيَتَهُ (رؤيا ١٥:١٦).
- يبدو واضحًا، إنَّهما غطَّيا أماكن الأعضاء التَّناسليَّة. ففي جميع الثقافات تقريبًا، يقوم البالغون بتغطية أماكن أعضائهم التَّناسليَّة، على الرغم من أنَّ أجزاء أخرى من جسم الإنسان قد تكون أكثر أو أقلّ ظهورًا من ثقافة إلى أخرى.
- هذا ليس بسبب وجود أمرٍ ما نجسٍ جوهريًّا في حياتنا الجنسيَّة، ولكن لأنَّنا أخذنا سقوطنا وأعطيناه جينيًّا بالتَّناسُل. بسبب ذلك، زرع الله في ذهن الإنسان أنَّ التغطية مناسبة بالنسبة لهذه المناطق من الجسم.
- فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ: بعدما خاطا لهما أغطيةً، آدم وحوَّاء انتظرا. لم يكن إلَّا عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ ٱلنَّهَارِ (تكوين ٨:٣) عندما كان الله اعتياديًّا يأتي إليهما. بقلقٍ وربَّما بشيءٍ من الألم انتظرا بصبرٍ أن يأتي الله إليهما.
- “لا بدَّ أنَّهما كانا في حيرة شديدة بينما كانا ينتظران ماذا سيفعل الله بهما كعقابٍ لهذه الخطيَّة الكبيرة التي ارتكباها.” سبيرجن (Spurgeon)
ج) الآيات (٨-٩): آدم وحوَّاء يختبئا من الله؛ الله يناديهما.
٨وَسَمِعَا صَوْتَ ٱلرَّبِّ ٱلْإِلَهِ مَاشِيًا فِي ٱلْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ ٱلنَّهَارِ، فَٱخْتَبَأَ آدَمُ وَٱمْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ ٱلرَّبِّ ٱلْإِلَهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ. ٩فَنَادَى ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟».
- وَسَمِعَا صَوْتَ ٱلرَّبِّ ٱلْإِلَهِ مَاشِيًا فِي ٱلْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ ٱلنَّهَارِ: علِم آدم وحوَّاء عندما سمعا الرَّبَّ آتيًا، أنَّه يريد أن يكون معهما. هكذا كانت شركة الرَّبِّ مع آدم وحوَّاء، بطريقة طبيعيَّة وقريبة وحميمة.
- كتب ليوبولد (Leupold) تعليقًا على الآية ’مَاشِيًا فِي ٱلْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ ٱلنَّهَارِ‘ ما يلي: “إنَّ الطريقة شبه العرضيَّة التي لوحظ بها هذا الأمر تشير إلى أنَّ هذا لم يحدث لأوَّل مرَّة في ذلك الوقت… هناك احتمال كبير أنَّ الله القدير قد اتَّخذ شكلًا مُشابهًا للشكل البشريّ الَّذي صنعه على صورته ومثاله.”
- يمكننا أن نفترض أنَّ هذا هو الله، في شخص يسوع المسيح، الَّذي ظهر لآدم وحوَّاء قبل تجسُّده وولادته في بيت لحم، لأنه قد قيل عن الله الآب: ’ٱللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلِٱبْنُ ٱلْوَحِيدُ ٱلَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ ٱلْآبِ هُوَ خَبَّرَ‘ (يوحنَّا ١٨:١)؛ ولا يوجد أيُّ إنسانٍ قد رأى الله في شخص الآب (١ تيموثاوس ١٦:٦).
- عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ ٱلنَّهَارِ: هو حرفيًّا ’نسيمُ النَّهار.‘ من الجغرافيا والثقافة العبريَّة، يمكننا التَّخمين بأنَّ هذا يعني وقتًا مُتأخِّرًا من الظهيرة. يعتقد شارلز سبيرجن أنَّ المعنى كان: “في ريح المساء” عندما كانت تهبُّ في الجنَّة.
- “ليس في جوف اللَّيل حيث قد تكون كآبة الظلام الطبيعيَّة قد ازدادت من رعب المجرم؛ ليس في حرارة النهار، لئلَّا يُتخيَّل أن الله يأتي في خضمِّ الآلام؛ ليس في الصباح الباكر، وكأنَّه على عجَلٍ للذبح، ولكن في نهاية اليوم، لأنَّ الله طويل الأناة، بطيء الغضب، وكثير الرَّحمة.” سبيرجن (Spurgeon)
- فَٱخْتَبَأَ آدَمُ وَٱمْرَأَتُهُ: هذا يُظهِر أنَّ آدم وحوَّاء علِما أنَّ محاولتهما لتغطية أنفسهما فشِلت. فلم يتباهوا بفخرٍ بملابسهما المصنوعة من أوراق التين؛ بل كانا يعلمان أنَّ تغطيتهما كانت غير كافية تمامًا، وشعرا بالخجل أمام الله.
- «أَيْنَ أَنْتَ؟»: لم يكن هذا استجواب قائد غاضب، ولكن صرخة أب حزين. من الواضح أنَّ الله عرف مكانهما لكنَّه كان يعلم أيضًا أنَّ هوَّة بينه وبين الإنسان قد أُثبِتت، هوَّة يجب أن يجسرها ويردمها بنفسه.
- كان الهدف من السؤال إثارة إحساس آدم بالضياع.
- كان المقصود من السؤال دفع آدم إلى الاعتراف بخطيَّته.
- كان المقصود من السؤال التعبير عن حزن الله على حالة الإنسان الخاطئ.
- كان المقصود من السؤال إظهار أنَّه يسعى وراء الإنسان الضال.
- كان الهدف من السؤال هو التعبير عن مُساءلة الإنسان أمام الله.
- يتطلَّب سؤال الله إجابة. لا يمكنهما رفض الردِّ على الله بالطريقة التي قد يصمت فيها المجرم عند استجوابه. “في محاكمنا، لا نجبر الرجال على الإجابة عن الأسئلة التي قد تدينهم، لكنَّ الله يطالبنا بالإجابة؛ وفي ذلك اليوم العظيم الأخير، سَيُدان الأشرار باعترافهم بالذَّنب.” سبيرجن (Spurgeon)
- إن الطريقة التي جاء بها الله إلى آدم وحوَّاء هي نموذج لكيفيَّة وصوله إلى البشريَّة الخاطئة والسَّاقطة منذ ذلك الحين.
- جاء الله إليهما بصبر، منتظرًا برودة النهار – وقت المساء.
- جاء الله إليهما بعناية، قبل حلول ظلام اللَّيل.
- جاء الله إليهما شخصيًّا، مُخاطبًا آدم وحوَّاء مباشرة.
- جاء الله إليهما بالحقِّ، كاشفًا لهما خطيتهما.
ثالثًا. يواجه الله آدم وحوَّاء بخطيَّتهما
أ ) الآيات (١٠-١٢): يحاول آدم أن يشرح خطيَّته.
١٠فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ». ١١فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» ١٢فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». ١٣فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ».
- سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي ٱلْجَنَّةِ فَخَشِيتُ: جعلت الخطيَّة آدم خائفًا من حضور الله وخائفًا من صوت الله. ومنذ آدم، والإنسان يهرب من محضر الله ولا يريد الاستماع إلى كلمته.
- ما زلنا مخلوقين على صورة الله ومثاله، لذلك نريد أن نكون في محضر الله وأن نسمع صوته، بينما في ذات الوقت، نحن خائفون منه.
- مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟: علم الله الجواب عن هذا السؤال. سأل هذا السؤال لأنَّه سمح لآدم أن يستفيد من هذه الحالة السيِّئة بالتَّوبة في تلك اللَّحظة وفي ذلك المكان، إلَّا أنَّ آدم لم يرِق له الاعتراف والتَّوبة أمام الله.
- جميعنا نُخطئ، لكن عندما نُخطئ، ما زال بإمكاننا أن نعطي مجدًا لله باعترافنا العلنيّ من دون ملامة الآخرين (يشوع ١٩:٧-٢٠).
- غالبًا ما لا يوجد شيء يمكنك فعله حيال خطيَّة الأمس (رغم أنَّك قد تتمكَّن في بعض الحالات من التَّعويض). لكن يمكنك أن تفعل عين الصواب أمام الله الآن بالاعتراف والتوبة.
- هَلْ أَكَلْتَ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ ٱلَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لَا تَأْكُلَ مِنْهَا؟: لقد واجه الله مشكلة آدم بشكلٍ مباشر. لم تكن هذه مشكلة تتعلق بخزانة ملابسه أو بخوفه أو باحترامه لذاته. إنَّها مشكلة تتعلق بالخطيَّة ولا يمكن معالجة ملابس آدم أو خوفه أو احترامه لذاته حتى يتمّ معالجة مشكلة الخطيَّة.
- فَقَالَ آدَمُ: لاحظ أنَّه حتَّى هذه اللَّحظة، لم يخاطب الله حوَّاء على الإطلاق. آدم، الَّذي هو الرأس، هو المشكلة هنا.
- ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ ٱلشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ: تتوافق محاولة آدم لإلقاء اللَّوم على حوَّاء تمامًا مع الطبيعة البشريَّة. قلَّةٌ منَّا على استعداد للقول ببساطة كما قال داود، قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى ٱلرَّبِّ (٢ صموئيل ١٣:١٢).
- الجدير ذكره أيضًا، أنَّه إذا كان هناك أيّ لوم، فهو يقع على آدم، وليس حوَّاء. لم يتَّهم آدم حوَّاء ظلمًا فحسب، بل رفض أيضًا تحمُّل المسؤوليَّة المناسبة عن دوره في خطيَّتها.
- بقوله ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي، ألقى آدم باللَّوم على الله، وكأنه يقول: ’أنت من أعطيتني المرأة، هي المشكلة.‘ آدم لم يكتفِ بإلقاء اللَّوم على حواء؛ فكان عليه أن يلوم الله أيضًا.
- “كان مذنبًا بعدم لطفهِ مع زوجته وبالتَّجديف على خالقه، وفي سعيه للتملص من الاعتراف بالخطيَّة التي اقترفها. إنَّها علامة سيِّئة عند الرجال عندما يرفضون الاعتراف بخطئهم.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآية (١٣): جواب حوَّاء لله.
١٣فَقَالَ ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هَذَا ٱلَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ: «ٱلْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ».
- ٱلْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ: عندما واجهها الله، لم تتجنَّب حوَّاء اللَّوم عندما اعترفت بأنَّ الحيَّة خدعتها ثمَّ أكلت. كان هذا صحيحًا: لقد تمَّ خداعها وأكلت.
- غَرَّتْنِي: تأتي المشكلة عندما نفشل في رؤية أنَّ الخداع هو خطيَّة في حدِّ ذاته. إنَّها خطيَّة عندما نستبدل حقَّ الله بالكذب (رومية ٢٥:١).
رابعًا. اللَّعنة ونتائجها
أ ) الآيات (١٤-١٥): لعنة الله على الحيَّة.
١٤فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. ١٥وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ».
- فَقَالَ ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ لِلْحَيَّةِ: عندما تكلَّم الله مع آدم ومع حوَّاء، استجوب كلَّ واحد منهما. لكنه لم يسأل الشيطان (الكائن الحيّ المحرِّك للحيَّة) أيَّة أسئلة لأنَّه لم يكن هناك أيّ شيءٍ لتعليمه.
- “لم يسأل الرَّبُّ الإله الحيَّة شيئًا، فقد علم أنَّ الشيطان كاذب، لكنَّه نطق عليه الحكم في الحال.” سبيرجن (Spurgeon)
- مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ ٱلْبَهَائِمِ: الجزء الأوَّل من اللَّعنة كان موجَّهًا للحيوان الَّذي استخدمه الشيطان في التَّجربة. أمر الله الحيَّة أن تزحف على الأرض بدلًا من المشي على رجليها مثل أيِّ حيوان آخر.
- “المخلوق الَّذي أغوى حواء أصبح ثعبانًا نتيجة دينونة الله عليه، وانزلق بعيدًا بين الشجيرات.” بويس (Boice)
- لا بدَّ أنَّ آدم وحوَّاء كانا مرعوبَين لأنَّ هذا المخلوق الجميل الَّذي كان يُسمَّى الأفعى قد تحوَّل إلى ثعبان مُخيف، زاحف، ومُهسهس كما نعرفه اليوم. لا بدَّ أنَّهما فكَّرا، ’حان دورنا الآن.‘
- وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ ٱلْمَرْأَةِ: بالإضافة إلى ذلك، هناك نفور طبيعيّ بين البشر والثعابين، وخاصَّة من جانب النساء.
- عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ: مهما كان النبل الَّذي كانت تحمله هذه المخلوقة المعروفة باسم الحيَّة قبل السقوط واللَّعنة، اختفى الآن ولم يعُد موجودًا. فالمخلوق الَّذي استخدمه الشيطان لإغراء حواء سيكون الآن مخلوقًا ذليلًا وضيعًا.
- “الكائنات المنخرطة في مخطَّطات شرِّيرة ليس أمامهم طريقًا آخر سوى الحِيَل والمكائد والكتمان والمعاني المزدوجة. عندما ينكر الناس الكتاب المقدَّس والحق، فإنَّهم يعيشون بأسلوبٍ مخادعٍ ودنيءٍ ومعوج كالأفعى: ’عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ.‘ إذا بدأ الإنسان المذنب في التآمر من أجل مصلحته الخاصَّة، والتخطيط لمجده الخاص، واستهداف تحريف الحقيقة، ستلاحظ أنَّه لا يتخذ أبدًا موقفًا جريئًا ومنفتحًا ورجوليًّا، لكنَّه يتفادى ويُخفي ويلوي أو يحوِّر ويغير لونه: ’عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ.‘ إن الخطيَّة شيء حقير وخسيس. كان أكبر حكَّام الشرِّ محتَّمًا عليه أن يلتوي ويزحف، ولم تنسَ ذريَّته أبدًا هيئة وشكل أبيها.” سبيرجن (Spurgeon)
- وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ: كان هذا صحيحًا بالنسبة للحيَّة كحيوان، ولكنَّه ينطبق أيضًا على الشيطان. إنَّ عبارة تُرَابًا تَأْكُلِينَ لها فكر الهزيمة الكاملة (إشعياء ٢٥:٦٥، ميخا ١٧:٧). إنَّ دينونة الله على الشيطان هي أن يعرف الهزيمة دائمًا. سيسعى دائمًا للنصر لكنَّه سيفشل في مبتغاه باستمرار.
- كان الشيطان، بحسب تفكيره، مُهيبًا ومنتصرًا على يسوع في عمل الصليب، لكنَّه فشل. بمهاجمته يسوع، جعل الشيطان هلاكه مؤكَّدًا.
- في يسوع، نتشارك في الانتصار على الشيطان: وَإِلَهُ ٱلسَّلَامِ سَيَسْحَقُ ٱلشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا (رومية ٢٠:١٦).
- وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ ٱلْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ: كان الجزء الثَّاني من اللَّعنة موَّجهًا ضدَّ الشيطان نفسه. فقد وضع الله عداوة طبيعيَّة بين الشيطان والبشر. عَدَاوَةً لها فكرة سوء النيَّة والكراهيَّة والعداء المتبادل. لم تكن كراهيَّة الشيطان لحوَّاء شيئًا جديدًا؛ كانت موجودة بالفعل – ولكن الآن سيكون للإنسان، بشكل عام، عداءٌ تجاه الشيطان.
- الصداقة التي كانت حوَّاء والحيَّة تتمتَّعان بها ظاهريًّا، بحسب ما سبق من الأصحاح، انتهت. يوجد الآن خوف طبيعيّ من الشيطان في قلب الإنسان.
- إذا وُلِدنا بشكل طبيعيّ متمرِّدين على الله، فإنَّنا نولد أيضًا حذرين وخائفين من الشيطان. يجب على الفرد أن يتصلَّب قلبه قبل أن يخدم الشيطان إراديًّا وعن معرفة. غريزيًّا، نحن لا نخدم الله أو الشيطان (الأمر الَّذي لا مشكلة للشيطان معه).
- هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ: في هذا، يتنبَّأ الله عن مصير الشيطان، مُظهِرًا أنَّ المعركة الحقيقيَّة هي بين الشيطان وذريَّة المرأة.
- ليس هناك من شكٍّ في أنَّ هذه هي نبوءة عن هزيمة المسيح النهائيَّة للشيطان. أعلن الله أنَّ الشيطان سيجرح المسيَّا (هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ)، لكنَّ المسيح سيسحق الشيطان بجرح ٍمميت (وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ). كان الأمر كما لو أنَّ الله لم يستطع الانتظار حتى يُعلن خطَّته للخلاص، ليجلب العتق والحريَّة بواسطة ما يعرف بنسل (ذريَّة) المرأة.
- إنَّ العقب (الكعب) هو ذلك الجزء القريب من الحيَّة. يسوع، بأخذه بشريَّتنا، أتى بنفسه إلى معقل الشيطان حتَّى يستطيع الشيطان أن يضربه. “كانت كدمات العقب مؤلِمة كفاية. أنظروا إلى ربِّنا بطبيعته البشريَّة ذات الكدمات المؤلِمة: لقد تعرَّض للخيانة وقيَّد واتهم وضرب وجلد وبصق عليه. وعُلِّق على الصليب؛ عُلِّق هناك في عطش وحمَّى وظلام وهجر.” سبيرجن (Spurgeon)
- تعطي هذه النبوءة أيضًا أوَّل إشارة للميلاد العذراويّ، مُعلِنة أنَّ المسيَّا – المحرِّر – سيكون من ذريَّة المرأة، وليس من الرجل.
- سُمِّيت الآية في تكوين ١٥:٣ أُنموذجًا شبيهًا بالإنجيل، الإنجيل الأوَّل. يقول مارتن لوثر عن هذه الآية: “يحتضن هذا النص ويستوعب في ذاته كلَّ شيء نبيل ومجيد ممكن أن يكون موجودًا في أيِّ مكان في الكتاب المقدَّس.” ليوبولد (Leupold)
- “هذه هي أوَّلُ عظةٍ إنجيليَّة أُلقيَت على وجه هذه الأرض. لقد كان خطابًا لا يُنسى حقًّا، مع يهوه نفسه واعظًا، وكلُّ الجنس البشريّ ورئيس الظلام مستمعين.” سبيرجن (Spurgeon)
- هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ: إنَّ رؤية الله لهزيمة الشيطان في أوَّل دفعة من انتصار الشيطان تظهر أنَّ الله كان يعلم ما كان يفعله طوال الوقت. لم تُهزم خطَّة الله عندما أخطأ آدم وحواء لأنَّ خطَّة الله كانت أن يأتي بشيء أعظم من حالة البراءة التي كانت للإنسان في عدن. أراد الله أكثر من إنسان بريء، كانت خطَّته أن يجلب إنسانًا مُخلَّصًا.
- إنسانٌ مُخلَّص – هذا الكائن الأعظم من إنسانٍ بريء – مُمكِنٌ وجوده لأنَّ الإنسان يمتلك شيئًا من الممكن تحريره منه.
ب) الآية (١٦): لعنة الله على المرأة.
١٦وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِٱلْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلَادًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».
- تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ: لعن الله المرأة أوَّلًا بضربها بحزن مضاعَف. عرف كلٌّ من الرجال والنساء الأحزان عبر التَّاريخ، ومع ذلك فإن الحزن الفريد للمرأة معروفٌ جيِّدًا.
- في كنَف يسوع، أُزيلت بعض تأثيرات اللَّعنة، فاعتناق المجتمعات للمسيحية أعطى المرأة حقوقها وكرامتها.
- من الصعب على النساء في الأراضي المسيحيَّة إدراك مآسي مئات الملايين من أخواتهن في الأراضي الوثنيَّة، حيث الكثيرات منهنَّ أعلى بقليل من الماشية. أينما حلَّ الإنجيل، رُفِع الحِملُ، والنساء في المسيح أصبحن انعكاسًا للكنيسة المفديَّة، عروس المسيح.” بارنهاوس (Barnhouse)
- تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِٱلْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلَادًا: إنَّ اللَّعنة الأولى على المرأة كانت شاملة. كانت تحمل تلك الفكرة أنَّ المرأة ستعاني من الألم فيما يتعلَّق بأطفالها بشكل عام، وليس فقط أثناء الولادة. سمح الله بأن يكون الألم الَّذي تجلب به النساء الأولاد إلى هذا العالم مثالًا للألم الَّذي يتعرَّضن له بشكل عام في الحياة.
- لقد لوحظ أنَّ النساء ينجبن أطفالًا بألم أكثر من أيِّ مخلوق آخر.
- وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ: هذا ينطبق على المرأة بطريقةٍ ما لكن لا ينطبق على الرجل. يشرح بارنهاوس (Barnhouse): “سيتمُّ فهم هذه الآية بشكل أفضل عندما ندرك أنَّ رغبة الرجل تجاه زوجته فقط هي بنعمة الله وليس وفقًا لطبيعته الخاطئة.”
- وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ: إنَّ الفكرة هنا هي المقارنة بين اشتياق المرأة وتسلط الرجل عليها. وهذا يتحدَّث عن التحدِّي المتأصِّل في قبول دور الزوج كقائدٍ للمنزل والأسرة.
- استخدمت نفس كلمة ’ٱشْتِيَاقُ‘ في تكوين ٧:٤ للحديث عن شوق أو اشتياق الخطيَّة للسيطرة على قايين. فبسبب اللَّعنة، كان على حوَّاء أن تحارب رغبتها في السيطرة على زوجها، والرغبة أو الشوق الَّذي يتعارض مع ترتيب الله للعائلة.
- إنَّ مبدأ رئاسة آدم كزوج راسخٌ قبل السقوط (أنظر تكوين ١٨:٢ و٢٢:٢). ولكن اللعنة التي وقعت على حواء جعلت الخضوع والإنسجام مع خطة الله الموضوعة لقيادة ورئاسة الرجل في البيت أمرًا صعبًا للغاية.
- “نتيجةً للسقوط، لم يعد الرجل يحكم بسهولة؛ يجب أن يحارب من أجل رئاسته. أفسدت الخطيَّة كلًّا من الخضوع الإراديّ للزوجة والرئاسة المحبَّة للزوج. إنَّ رغبة المرأة هي في السيطرة على زوجها (لاغتصاب رئاسته المعيَّنة من الله)، لذا عليه إن استطاع أن يسود عليها. فالسيادة بمحبة التي تأسست في الفردوس استُبدلت بالصراع والهيمنة والتَّسلُّط.” سوزان ت. فو (Susan T. Foh) مُقتبَس من بويس (Boice)
ج) الآيات (١٧-١٩): لعنة الله على الرجل.
١٧وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. ١٨وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. ١٩بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ».
- لِأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ ٱمْرَأَتِكَ: لم يكن الأمر كما لو أنَّ آدم أخذ نصيحة حوَّاء فقط. لقد اختار أن يكون مع حوَّاء بدلًا من إطاعة الله. هناك شعور بأن خيانة حوَّاء كانت أحد مظاهر عصيان آدم ضدَّ الله.
- مَلْعُونَةٌ ٱلْأَرْضُ: بسبب آدم، هناك لعنة أصابت الخليقة كلِّها. قبل اللَّعنة على الإنسان، كانت الأرض تُنتج الخير فقط. بعد اللَّعنة، ما زالت الأرض تُنتج الخير، لكنَّ الأشواك ستأتي بشكلٍ أسرع وأسهل من الثمار الجيِّدة.
- وعدت اللَّعنة بالأشواك، ونحن نتذكَّر كيف ألبسوا يسوع تاجًا من الأشواك (متَّى ٢٩:٢٧). ومن خلال الأشواك، حمل يسوع اللَّعنة عنَّا. “كانت لعنة الأرض على رأسه وأصابته بجرحٍ كبير. هل تُتوَّج بالأشواك، وهل تتعجَّب أنَّها تنمو حول قدميك؟ بالأحرى، باركه لأنَّه قدَّس هذه الأشواك حاملًا إيَّاها في إكليله.” سبيرجن (Spurgeon)
- بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ: عمِل آدم قبل اللَّعنة، لكن كلَّ شيءٍ كان مبعثًا للفرح. أمَّا الآن فالعمل له طعم اللعنة والألم والتعب. أَلَيْسَ جِهَادٌ لِلْإِنْسَانِ عَلَى ٱلْأَرْضِ، وَكَأَيَّامِ ٱلْأَجِيرِ أَيَّامُهُ؟ كَمَا يَتَشَوَّقُ ٱلْعَبْدُ إِلَى ٱلظِّلِّ، وَكَمَا يَتَرَجَّى ٱلْأَجِيرُ أُجْرَتَهُ (أيوب ١:٧-٢).
- “رغم أن الحكم أخذ من آدم ثمار الجنَّة الفاتنة، إلَّا أنَّه ضمن له مصدر رزقٍ. كان ينبغي أن يعيش؛ كان على الأرض أن تجلب ما يكفي من عشب الحقل حتى يستمرَّ في الوجود. ورغم أنَّ كلَّ ما يأكله هو بعرق جبينه، إلا أنه كان لديه ما يكفي من الطعام، وكان عليه أن يستمرَّ في العيش.” سبيرجن (Spurgeon)
- لِأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ: تضمَّنت اللَّعنة الأخيرة على الإنسان وعدًا بأنَّه ستكون هناك نهاية لتعبه وعمله على الأرض – الموت سيكون هو النهاية، وليس نهاية من الانعتاق والحريَّة.
- تُظهِر لعنة الموت أنَّ نتيجة خطيَّة آدم امتدَّت إلى الجنس البشريّ بأكمله. بسبب آدم:
- دخلت الخطيَّة إلى العالَم (رومية ١٢:٥).
- انتقل الموت إلى كلِّ البشريَّة (رومية ١٥:٥، ١ كورنثوس ٢٢:١٥).
- يتحكَّم الموت بالإنسان والخليقة (رومية ١٧:٥).
- جميع البشر أُدينوا أو تحت القصاص (رومية ١٨:٥).
- جُعِل جميع البشر خطاةً (رومية ١٩:٥).
- إنَّ المبدأ في غلاطية ١٣:٣ مُرسَّخٌ إذا ما اعتبرنا أنَّ يسوع حمل كلَّ اللَّعنة التي كانت على آدم وحوَّاء: اَلْمَسِيحُ ٱفْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ ٱلنَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لِأَجْلِنَا، لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ.
- جلبت الخطيَّة الألم في الولادة، ولم يختبر أحد الألم مثل يسوع، الذي من خلال عذابه، أتى بكثيرين من الأبناء إلى مجده (عبرانيِّين ١٠:٢).
- جلبت الخطيَّة خزيًا، ويسوع هو الَّذي احتمل خزيًا عظيمًا كي يأتي بخلاصنا (عبرانيِّين ٣:١٢).
- أتت الأشواك مع الخطيَّة والسقوط، ويسوع تحمَّل تاج الشوك لكي يعطينا الخلاص (يوحنَّا ٢:١٩).
- جلبت الخطيَّة العرَق، ويسوع تعرَّق ونزل عرَقه كقطرات دمٍ كي يربح خلاصنا (لوقا ٤٤:٢٢).
- جلبت الخطيَّة الحزن، ويسوع أصبح رجل الأحزان لكي يخلِّصنا (إشعياء ٣:٥٣).
- جلبت الخطيَّة الموت، ويسوع ذاق الموت لأجل كلِّ واحدٍ منَّا لكي نخلُص (عبرانيِّين ٩:٢).
- تُظهِر لعنة الموت أنَّ نتيجة خطيَّة آدم امتدَّت إلى الجنس البشريّ بأكمله. بسبب آدم:
د ) الآية (٢٠): تسمية حوَّاء.
٢٠وَدَعَا آدَمُ ٱسْمَ ٱمْرَأَتِهِ «حَوَّاءَ» لِأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ.
- وَدَعَا آدَمُ ٱسْمَ ٱمْرَأَتِهِ «حَوَّاءَ»: حتَّى تكوين ٢٠:٣، لم تُدعَ المرأة أبدًا باسم حوَّاء. تعوَّدنا كثيرًا أن نقول ’آدم وحوَّاء‘ لنفترض أنَّها تمتلك ذلك الإسم. لكن إلى هذه النقطة، سُمِّيت أُنثى (تكوين ٢٧:١)، معينًا نظيره (تكوين ١٨:٢)، امرأة (تكوين ٢٢:٢، ٢٣)، وزوجة (تكوين ٢٤:٢، ٢٥؛ ٨:٣). هذا لا يعني أنَّ الله لم يمتلك اسمًا لحوَّاء، لكنَّنا أُخبِرنا باسمها في تكوين ٢:٥ – وَسَمَّاهُمْ أُنَاسًا.
- الفكرة من وراء هذا هي أنَّ المرأة تأخذ اسمها من الزوج، وأنَّ كُلًّا من الجنسَين مشمول بمصطلحات مثل الجنس البشريّ والإنسانيَّة أو البشريَّة. إنَّ استخدامنا لهذه المصطلحات ليس ثقافيًّا فحسب، بل هو كتابيٌّ أيضًا.
- تكسب المرأة هويَّتها من زوجها أكثر مما يحصل هو عليها من الزوجة. لهذا السبب، يجب على المرأة أن تهتمَّ بشكل خاص بالرجل الَّذي تتزوَّج به.
- لِأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ: أسماها آدم حوَّاء، بالرغم من أنَّها لم تكن أُمًّا أبدًا في ذلك الحين. حتَّى أنَّها لم تكن حاملًا بعد. أسماها آدم بالإيمان، واثقًا بالله أنَّه سيأتي بالمخلِّص من المرأة لأنَّ الله قال أنَّه سيهزم الشيطان بواسطة ذريَّة المرأة (تكوين ١٥:٣).
- “لم تكن أُمًّا على الإطلاق، ولكن بما أنَّ الحياة كانت ستأتي من خلالها بفضل النسل الموعود، يشير آدم إلى اقتناعه الكامل بحقيقة الوعد رغم أنَّ المرأة لم تُنجِب في ذلك الوقت أيَّ أولاد.” سبيرجن (Spurgeon)
هـ) الآية (٢١): الله يكسو آدم وحوَّاء جلود الحيوانات.
٢١وَصَنَعَ ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ لِآدَمَ وَٱمْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا.
- وَصَنَعَ ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ… أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ: أراد الله أن يلبس آدم وحوَّاء، لا أن يكونا عُراةً. إذا كان العري يمثِّل حياة أعلى وأكثر حريَّة، لكان الله قد ترك آدم وحوَّاء عريانين – لكنَّه أَلْبَسَهُمَا.
- “أيد الله الشعور بالخزي الَّذي دفع والدَينا الأوَّلَين إلى تغطية عُريهما.” ليوبولد (Leupold)
- أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ: لكي يلبُس آدم وحوَّاء، كان لا بدَّ من تقديم ذبيحة. يجب أن يموت حيوان ما. وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ ٱلنَّامُوسِ بِٱلدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لَا تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ (عبرانيِّين ٢٢:٩).
- “كان على مخلوقٍ ما أن يموت لكي يؤمِّن لهما الثياب، وأنت تعلَم مَن الَّذي مات لكي يلبسنا ثياب البرِّ النقيَّة. صنع لنا حملُ الله ثيابًا تكسو عرينا حتَّى لا نخاف عندما نقف أمام عرش الله.” سبيرجن (Spurgeon)
- لا يوجد سوى ديانتَين؛ هناك ديانة ورق التين وهناك ديانة تدبير الله الكامل من خلال يسوع. تغطية أنفسنا بأعمالنا الصالحة تشبه محاولة آدم وحواء تغطية أنفسهما بأوراق التين. أعمالنا الصالحة مثل الأموال في لعبة المونوبولي – إنَّها رائعة ومفيدة للعبة، لكنها ليست عملةٍ قانونيَّة. إنَّ أعمالك الصالحة ضروريَّة في حياتك، ولكنَّها ليست قانونيَّة أمام الله.
- لقد أُلبِس آدم وحوَّاء ثيابًا دُفِع ثمنها بواسطة حياةِ آخَر. نحن أُلبِسنا ثوب البرِّ المدفوع ثمنه بواسطة حياةٍ أُخرى، حياة يسوع المسيح.
- وَأَلْبَسَهُمَا: يشير هذا، إضافة إلى وعد الله المرتبط بتسمية حوَّاء (تكوين ٢٠:٣)، إلى أنَّ آدم وحوَّاء أُنقِذا من طبيعتهما الخاطئة. فكان لآدم إيمانٌ بوعد الله بالمخلِّص، والله أمَّن الغطاء لهما من خلال الذَّبيحة. وبناءً عليه، سنرى آدم وحوَّاء في السَّماء.
و ) الآيات (٢٢-٢٤): الله يضع الكروبيم لحراسة شجرة الحياة.
٢٢وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». ٢٣فَأَخْرَجَهُ الرَّبُّ الإِلهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ مِنْهَا. ٢٤فَطَرَدَ الإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ.
- هُوَذَا ٱلْإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ: من الصعب فهم الفكرة وراء هذه الجُملة. ربَّما هناك ملاحظة من الله تحمل بين طيَّاتها نوعًا من ’السخرية‘ إن صحَّ التَّعبير (كتعبير إيليَّا في ١ ملوك ٢٧:١٨)، تتعلَّق بوعد الشيطان الفارغ بأنَّهما سيصيران مثل الله. أو، ربَّما هذه الفكرة تُركِّز على تفوُّق قدرة الإنسان في المعرفة (وإن بشكلٍ سلبيّ) لا سيَّما أنَّه اختبر معرفة الشرّ.
- وَٱلْآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ ٱلْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى ٱلْأَبَدِ: بالرحمة، حفِظ الله آدم وحوَّاء من المصير المرعِب بأن يكون لهم حياة أبديَّة كخطاة وذلك بمنعهم من الأكل من شجرة الحياة.
- فَأَخْرَجَهُ ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ: لا نعرف ما إذا كان آدم وحواء يريدان البقاء في جنَّة عدن. ربَّما شعرا أنَّه إذا غادرا الجنَّة، قد لا يلتقيان بالله مرَّة أخرى لا سيَّما أنَّها كانت المكان الوحيد اللَّذين التقيا به فيه.
- فَطَرَدَ ٱلْإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ ٱلْكَرُوبِيمَ: يرتبط الكروبيم دائمًا بحضور ومجد الله (حزقيال ١٠، إشعياء ٦، رؤيا ٤). عندما يتمُّ تمثيل الكروبيم على الأرض (كما في خيمة الاجتماع، خروج ١٠:٢٥-٢٢)، فهُم يشيرون إلى مكان الاجتماع مع الله. وإن كان آدم وحوَّاء ونسلهما قد مُنِعوا من أكل ثمر شجرة الحياة (برحمة الله)، لا يزال بإمكانهم القدوم إلى هناك للقاء الله. كان هذا ’قدسَ أقداسٍ‘ بالنسبة إليهم. لذلك، كان من المهمِّ إرسال الكروبيم وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ من أجل حِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ ٱلْحَيَاةِ.
- “كان يمكن لأيِّ ملاك من أدنى رتبةٍ أن يتعامل مع آدم. ولهيب السَّيف المتقلِّب كان موجَّهًا ضدَّ الشيطان لكي يمنعه من تدمير الطريق المؤدِّي إلى المذبح الَّذي أعدَّه الله.” بارنهاوس (Barnhouse)
- هذا هو آخر ذكرٍ تاريخيّ لجنَّة عدن في الكتاب المقدَّس. يمكننا التَّخمين بأنَّ الله لم يُدمِّرها، بل تركها لتتأثَّر بنتائج اللَّعنة، فتآكلت وتدهورت من حالتها الأصليَّة، منصهرةً مع محيطها الجغرافيّ.