سفر حزقيال – الإصحاح ٣٧
حياة لعظام يابسة ووحدة لشعب الله
أولًا. أُمة ميتة أُعيدت إلى الحياة
أ ) الآيات (١-٣): وادي الْعِظَام.
١كَانَتْ عَلَيَّ يَدُ الرَّبِّ، فَأَخْرَجَني بِرُوحِ الرَّبِّ وَأَنْزَلَنِي فِي وَسْطِ الْبُقْعَةِ وَهِيَ مَلآنَةٌ عِظَامًا، ٢وَأَمَرَّنِي عَلَيْهَا مِنْ حَوْلِهَا وَإِذَا هِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا عَلَى وَجْهِ الْبُقْعَةِ، وَإِذَا هِيَ يَابِسَةٌ جِدًّا. ٣فَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، أَتَحْيَا هذِهِ الْعِظَامُ؟» فَقُلْتُ: «يَا سَيِّدُ الرَّبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ».
١. كَانَتْ عَلَيَّ يَدُ الرَّبِّ: لا يُطلق على التجربة النبوية الرائعة لحزقيال ’رؤيا‘ على وجه التحديد، ولكن يبدو أن ما اختبره كان يشبه العبارة: ’فَأَخْرَجَني بِرُوحِ الرَّبِّ.‘ نحن نعتبر ما حدث بعد ذلك كشيء رآه حزقيال في رؤية، وليس بحسه البصري المادي.
• “إن ذِكر يد الرب تشير إلى النشوة النبوية والإلهام. لقد تم إخراج حزقيال بروح الرب، في الرؤيا، ووُجد في الوادي.” فاينبرغ (Feinberg)
٢. وَأَنْزَلَنِي فِي وَسْطِ الْبُقْعَةِ وَهِيَ مَلآنَةٌ عِظَامًا: رأى حزقيال مساحة واسعة، الْبُقْعَةِ (وادي/سَّهل). وكان هذا حقًا وادي الموت. فكانت أرض البقعة مَلآنَةٌ عِظَامًا بشرية. لقد رآهم حزقيال في كل مكان، ولاحظ وَإِذَا هِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا عَلَى وَجْهِ الْبُقْعَةِ.
• “الْبُقْعَة (الوادي/السَّهلِ) هي نفس الكلمة المستخدمة في حزقيال ٣: ٢٢ (بالعبرانية: biqa)، وربما يكون المقصود هو نفس الموقع.” تايلور (Taylor)
• إن الناس الذين تمثّلهم هذه العِظَام لم يكونوا ميتين فحسب؛ بل كانوا أيضًا موصومين بالعار. ففي فكر إسرائيل القديمة (والشرق الأدنى القديم)، كانت الجثة غير المدفونة مع بقايا مكشوفة تُعد وصمة عار للموتى. من الواضح أن هذه العِظَام حُرمت من الدفن اللائق.
• “كانت العظام مُلقاة على سطح الْبُقْعَة (الوادي/السَّهلِ)، مثل بقايا الجثث التي حُرِمَت من الدفن اللائق، وتُركت لصقور القمامة. وكإسرائيلي وخاصة ككاهن، عرف حزقيال مدى أهمية التعامل اللائق مع الجثث البشرية.” بلوك (Block)
• “ربما يكون قد تم استحضار الرؤية بواسطة ذكرى فعلية لرؤية جثث إسرائيل الميتة المبعثرة خارج أورشليم أو على طول الطريق الصحراوي الذي ساره حزقيال ورفاقه في طريقهم للسبي.” تايلور (Taylor)
٣. وَإِذَا هِيَ يَابِسَةٌ جِدًّا: بخلاف وجودها في جسد حيّ، فالعظام بطبيعتها شيء جامِد ميت. ولكن العظام اليَابِسَة ليست ميتة فحسب، لكنها ماتت منذ فترة طويلة. فالعظام هي ما يتبقى عندما تنتهي الحياة. وإذا لم يكن لشيء ما حياة، فلن يترك عظامًا. ومع ذلك، عندما يموت شيء لفترة طويلة، نفقد الأمل في أن يعود إلى الحياة مرة أخرى.
٤. أَتَحْيَا هذِهِ الْعِظَامُ؟ قد يأمل المرء في أن يتمكن من إحياء شخص مات حديثًا بطريقة ما. ولكن لا أحد يأمل أن تعود الْعِظَامُ المتناثرة والمنفصلة عن بعضها البعض للحْيَاة. وبشكل مثير للإعجاب، رد حزقيال على سؤال الله بالأمل الوحيد الذي يمكن أن يوجد، قائلًا: “يَا سَيِّدُ الرَّبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ.”
• كان لدى حزقيال أمل في الله وليس في العظام.
• لم يفترض حزقيال معرفة ما يريد الله أن يفعله بالعظام.
• كان حزقيال واثقًا من أن الله يعلم.
ب) الآيات (٤-٦): رد الحياة للعظام الميتة.
٤فَقَالَ لِي: «تَنَبَّأْ عَلَى هذِهِ الْعِظَامِ وَقُلْ لَهَا: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْيَابِسَةُ، اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ: ٥هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِهذِهِ الْعِظَامِ: هأَنَذَا أُدْخِلُ فِيكُمْ رُوحًا فَتَحْيَوْنَ. ٦وَأَضَعُ عَلَيْكُمْ عَصَبًا وأَكْسِيكُمْ لَحْمًا وَأَبْسُطُ عَلَيْكُمْ جِلْدًا وَأَجْعَلُ فِيكُمْ رُوحًا، فَتَحْيَوْنَ وَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ».
١. تَنَبَّأْ عَلَى هذِهِ الْعِظَامِ: في الآية السابقة، ترك حزقيال الأمر بشكل متعمد لله، ولقدرته وحكمته. وأعطى الله، بدوره، للنبي شيئًا ليفعله. لقد أمر الله حزقيال بالتكلم، بالتَنَبَّؤ على الْعِظَامِ اليابسة والميتة. وبالملاحظة الظاهرية فإن هذا العمل كان عملًا باطلًا وغبيًا.
• بعد سنوات عديدة، أقرّ الرسول بولس بأن رسالة الصليب – أي إنقاذ الله للبشرية الضالة في شخص يسوع وعمله، وخاصة ذبيحته على الصليب – كان عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ (١ كورنثوس ١: ١٨).
• “إذا أردنا أن نرى نهضات روحية من حولنا، يجب أن نُحيي مخافتنا وتقديسنا لكلمة الله. إذا أردنا أن نرى تحول النفوس، فيجب علينا وضع المزيد من كلمة الله في عظاتنا. حتى لو قمنا بشرحها بكلماتنا، يجب أن يظل كلامه هو الذي نعتمد عليه ونتكل عليه، لأن القوة الوحيدة التي ستبارك الناس تكمن في كلمة الله.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْيَابِسَةُ، اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ: لم يكن أمام حزقيال أي خيار سوى أن ينقل هذه الرسالة بكل إيمان بالله. ولأنه كان واثقًا بأنها كَلِمَةَ الرَّبِّ، فقد عرف أن لها قوة عجيبة.
٣. هأَنَذَا أُدْخِلُ فِيكُمْ رُوحًا فَتَحْيَوْنَ: وعد الله بملء العظام اليابسة رُوحًا. ووعد بأن يكْسِيها لَحْمًا على تلك العظام وأن يغطيها جِلْدًا. سيجعل الله العظام الميتة واليابسة تَحْيَا من جديد.
• هذا كان عملًا للإحياء؛ استعادة الحياة لشيء كان في وقت ما حيًا. لم يكن هذا خلق حياة من لا شيء؛ لقد كان استعادة الحياة لشيء مات منذ فترة طويلة.
• كان هذا إعلان الله. لم يكن ممكنًا للعظام أن تخلق الحياة داخل نفسها. وعندما تم إعلان كَلِمَةَ الرَّبِّ عليهم، استقبلوا وعد الله بالحياة.
• ستتميّز الحياة بوجود رُوحًا تعيش مرة أخرى في هذه العظام. وهذا له معنى مزدوج لأن الكلمات العبرية القديمة لكلمة نَفَس ولكلمة الرُوح هما واحدًا. كان هذا عطاء لروح الله (كما وعد سابقًا في حزقيال ٣٦: ٢٧) وكان استعادة الحياة بإعطاء نسمة الحياة.
• “في جذرها، تشير كلمة (ruah) ’روح‘ إلى الشعور ’بحركة الهواء،‘ أي الرياح أو هواء التنفس. ويمكن أن يمتد معنى الكلمة من نسيم لطيف إلى رياح عاصفة، أو من نفس يُتنَفس إلى عاطفة هائجة. إن الأمر يتعلق بكل من روح الإنسان، أو التصرف، وكذلك الصفات العاطفية مثل القوة والشجاعة ونفاذ الصبر والنشوة. إن الكلمة لا تغطي فقط النَفَس الحيوي المُعطَى للإنسان عند ولادته والذي يغادر جسده في شهقة الموت، بل هو يشمل أيضًا روح الله الذي يضعه بهذا النَفَس. إن هذا هو التنوع الغني للكلمة التي استخدمها هنا حزقيال.” تايلور (Taylor)
• “لا تشير القيامة التي تبعت مباشرة إلى القيامة الفردية من الموت. إنها رمز لإعادة خلق الأمة ككل وإحيائها، كما يُظهر التفسير.” رايت (Wright)
ج) الآيات (٧-٨): تجمُّع العظام الميتة معًا.
٧فَتَنَبَّأْتُ كمَا أُمِرتُ. وَبَيْنَمَا أَنَا أَتنَبَّأُ كَانَ صَوْتٌ، وَإِذَا رَعْشٌ، فَتَقَارَبَتِ الْعِظَامُ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى عَظْمِهِ. ٨ونَظَرْتُ وَإِذَا بِالْعَصَبِ وَاللَّحْمِ كَسَاهَا، وبُسِطَ الْجِلْدُ علَيْهَا مِنْ فَوْقُ، وَلَيْسَ فِيهَا رُوحٌ.
١. فَتَنَبَّأْتُ كمَا أُمِرتُ: إذا كان لدى حزقيال أي شك، فقد وضعه جانبًا وفعل ما أُمِر به الله. كان إعلان كلمة الله، بالنسبة للإدراك البشري حماقة، لكن حزقيال أطاع.
٢. فَتَقَارَبَتِ الْعِظَامُ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى عَظْمِهِ: بينما كان حزقيال يتَنَبَّأْ، سمع في البداية صَوْتٌ بين العظام، رَعْشٌ. ومع استمرار حزقيال في التنبؤ، بدأت العظام تتجمع في هياكل عظمية.
• إن النص لا يذكر على وجه التحديد، ولكن يمكن الافتراض، أن العظام قد تجمعت بشكل صحيح، كهيكل عظمي وليس كمجموعات غريبة من العظام. عندما يسترد الله أمرًا، فإنه يجمع الأشياء بطريقة كاملة وصحيحه.
• رَعْشٌ: “نظرًا لأننا بلا قوة بدون الروح، لذا يجب أن نقدّر كل حركة من حركات قوته. لاحظ، في هذا الوصف لرؤية الوادي (البقعة)، كيف يلفت النبي الانتباه إلى حقيقة الرعش والأصوات وقدوم العصب واللحم، حتى قبل وجود أي علامة على الحياة. أعتقد أنه إذا أردنا أن يباركنا روح الله، فعلينا أن نكون ملاحظين لكل ما يفعله.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. إِذَا بِالْعَصَبِ وَاللَّحْمِ كَسَاهَا: بعد تجميع العظام، جاءت العضلات والأنسجة من فوقها. كانت العظام ممتلئة بالنشاط، ومع ذلك لم يكن فيها رُوح الحياة حتى الآن. لقد حدث إحياء العظام اليابسة على مراحل.
• تحريك العظام.
• تجميع العظام.
• الْعَصَب واللحم على العظام.
• الجلد على الأنسجة التي تغطي العظام.
• انتظار نسمة (روح) الله.
“إن تتابع الأحداث الذي يشمل العظام والْعَصَب واللحم والجلد يعكس فهمًا دقيقًا للتشريح، ويمكن لأي شخص شاهد ذبح حيوان أن يميز هذا؛ كما أنه هو ترتيب عكسي لعملية التحلل.” بلوك (Block)
“الجسد هو غلاف الروح [دانيال ٧: ١٥]، إنه رداء النَفس. الثوب الخارجي هو الجلد، والداخلي هو اللحم؛ الأعمق من كل شيء هو العظام والْعَصَب.” تراب (Trapp)
“كان هنا رجالًا بجلد، مع اللحم، والْعَصَب، والعظام؛ ولكن، مثلما حدث مع آدم قبل أن ينبض بنَسْمَةِ الحَياة (الرُّوح)، كان ينقصه نَسْمَةِ الحَياة.” بوله (Poole)
“لا يوجد تعليم في الكتاب المقدس بأن قيامة أي شخص من الموت الجسدي ستحدث على مراحل، مثلما حدث هنا لعظام شعب إسرائيل اليابسة.” فاينبرغ (Feinberg)
د ) الآيات (٩-١٠): النبوءة الثانية للعظام تجلب الحياة والقوة.
٩فَقَالَ لِي: تَنَبَّأْ لِلرُّوحِ، تَنَبَّأْ يَاابْنَ آدَمَ، وَقُلْ لِلرُّوحِ: هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلُمَّ يَا رُوحُ مِنَ الرِّيَاحِ الأَرْبَعِ وَهُبَّ عَلَى هؤُلاَءِ الْقَتْلَى لِيَحْيَوْا». ١٠فَتَنَبَّأْتُ كَمَا أَمَرَني، فَدَخَلَ فِيهِمِ الرُّوحُ، فَحَيُوا وَقَامُوا عَلَى أَقدَامِهِمْ جَيْشٌ عَظيمٌ جِدًّا جِدًّا.
١. تَنَبَّأْ لِلرُّوحِ: تركت الآية السابقة الوادي ممتلئًا بأجساد بُعثت للحياة من جديد ونشطة لكن ينقصها الرُّوح (نَسْمَة، نَفخَة، نَفَس). الآن قيل لحزقيال أن يدعو الرُّوح (التَنَفَّس)، مصليًا أن تأتي نَسْمَةَ الحَياة/الرُّوح على هؤُلاَءِ الْقَتْلَى لِيَحْيَوْا.
٢. هَلُمَّ يَا رُوحُ مِنَ الرِّيَاحِ الأَرْبَعِ: في هذه الرؤيا، كان حزقيال قد أعلن كلمة الله على العظام اليابسة والميتة، ورأى عملًا ملحوظًا قد تم. ومع ذلك، لم يكن هذا كافيًا، فهناك حاجة أيضًا إلى عمل يقوم به الروح القدس. لقد أُمر حزقيال بأن يصلي – بالتَنَبَّأْ لِلرُّوحِ بجرأة – داعيًا الروح القدس لأن يأتي على أولئك الذين عملت فيهم كلمة الله.
• “العمل الثاني كان يعادل الصلاة، حيث تضرع حزقيال إلى روح الله لإحداث معجزة إعادة الخلق، وأن ينفخ في أنف الإنسان نسمة الحياة (انظر التكوين ٢: ٧). هذه المرة كان التأثير فعالًا. ما فشل الوعظ في تحقيقه، جعلته الصلاة حقيقة.” تايلور (Taylor)
• “أولًا، يتنبأ النبي على العظام – هذا هو الوعظ؛ وبعد ذلك، يتنبأ لجِهات الأرْضِ الأربَع – هذه هي الصلاة. الوعظ له نصيبه في العمل، ولكن الصلاة هي التي تحقق النتيجة. فبعد أن تنبأ لجِهات الأرْضِ الأربَع، وليس قبل ذلك، بدأت العظام تحيا.” سبيرجن (Spurgeon)
• “عندما تبذل قصارى جهدك، وتفشل في تحقيق أعلى النتائج، تَنَبَّأْ لِلرُّوح؛ اصرخ للرياح الأربعة، لأن الروح قد يأتي في رياح المحنة الشمالية الجليدية، أو في رياح الرخاء الغربية الدافئة؛ ولكن تكلم بيقين ثابت، ’هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلُمَّ!‘” ماير (Meyer)
٣. فَتَنَبَّأْتُ كَمَا أَمَرَني: ربما كانت هذه الرسالة، بالنسبة لحزقيال من الناحية الإنسانية، رسالة سهلة للوعظ. لقد حصل بالفعل على تشجيع من رؤيته بداية عمل خارق حدث لتنشيط العظام اليابسة. فَتَنَبَّأْ الآن وصلى لإكمال العمل.
٤. فَدَخَلَ فِيهِمِ الرُّوحُ: بعد إعلان حزقيال الأمين لرسالة الله، تم الانتهاء من عمل إحياء العظام اليابسة. جاء رُّوحُ الله في الأجساد المُنتعشة، فَحَيُوا وَقَامُوا عَلَى أَقدَامِهِمْ.
• “لا يوجد أمل للبشرية في الإنسان. ولكن يمكن لهذه العظام اليابسة أن تحيا. فبالكلمة وبروح الله، يمكن للناس أن يولدوا ثانية؛ وأخيرًا يتم شفاؤهم من انفصالهم، ويتحدون تحت ملك واحد.” مورغان (Morgan)
• “يمكن بالتأكيد إحياء الكنائس الميتة عن طريق الوعظ بالكلمة، بمصاحبة ’النسمة السماوية‘ القادمة مِنَ الرِّيَاحِ الأَرْبَعِ. أيها الرب، أرسل لنا مثل هذه الإحياءات الآن، لأن العديد من كنائسك بحاجة إليها.” سبيرجن (Spurgeon)
٥. جَيْشٌ عَظيمٌ جِدًّا جِدًّا: لم يتم إحياء العظام لتصبح مجموعة من المتفرجين أو لتعيش من أجل راحتها الخاصة. أصبحوا جَيْشًا، وجيشًا عَظيمٌ جِدًّا جِدًّا. عاشوا بموجب أوامر الذي منحهم الحياة.
• جَيْشٌ عَظيمٌ جِدًّا جِدًّا: “في اللغة العبرية: تكوّن جيشٌ من جنود أقوياء وشجعان ومنظمين. جاءت الجملة بالمعنى التام وعبرت عن القوة أو عن عدد كبير جدًا. هكذا ينهضون، حتى يعرف النبي ونعرف نحن مدى ثقتهم بأنفسهم، ومدى وقع رعبهم على أعدائهم.” بوله (Poole)
• إن سمعنا كل الوعظ، ولكن لم يكن هناك روح، يمكن أن نكون جيشًا من الأموات – مجتمعين ومتيبسين، ولكن بدون النسمة الحقيقية للحياة.
هـ) الآيات (١١-١٤): الله يفسر الرؤيا لحزقيال.
١١ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، هذِهِ العِظَامُ هِيَ كُلُّ بَيتِ إِسْرَائِيلَ. هَا هُمْ يَقُولُونَ: يَبِسَتْ عِظَامُنَا وَهَلَكَ رَجَاؤُنَا. قَدِ انْقَطَعْنَا. ١٢لِذلِكَ تَنَبَّأْ وَقُلْ لَهُمْ: هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَفتَحُ قُبُورَكُمْ وأُصْعِدُكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ يَا شَعْبِي، وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. ١٣فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ عِنْدَ فَتْحِي قُبُورَكُمْ وَإِصْعَادِي إِيَّاكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ يَا شَعْبِي. ١٤وأَجْعَلُ رُوحِي فِيكُمْ فتَحْيَوْنَ، وَأَجْعَلُكُمْ فِي أَرْضِكُمْ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ وَأَفْعَلُ، يَقُولُ الرَّبُّ».
١. هذِهِ العِظَامُ هِيَ كُلُّ بَيتِ إِسْرَائِيل: ربما كنّا نفترض أن حزقيال فهم أن العِظَام في رؤيته تمثّل شعبه. ومع ذلك، ربما صدمه الأمر عندما أظهر الله أنها تمثّل كُلُّ بَيتِ إِسْرَائِيلَ، وليس فقط الذين من مملكة يهوذا. إن الاسترداد سيشمل أيضًا الذين من المملكة الشمالية لإسرائيل التي سقطت أمام الآشوريين قبل حوالي ١٥٠ عامًا.
٢. يَبِسَتْ عِظَامُنَا وَهَلَكَ رَجَاؤُنَا. قَدِ انْقَطَعْنَا: كان لبيت إسرائيل سببًا لقول ذلك، سواءً الذين من الجنوب أو الشمال. فرَجَاؤُهم الوحيد للحياة والاسترداد كان في الله.
• هَلَكَ رَجَاؤُنَا: “كانت هذه كلمات اليأس، والتي كانت وليدة إدراك الخراب الذي نتج عن النقمة الإلهية. إنه وصف دقيق.” مورجان (Morgan)
٣. أَفتَحُ قُبُورَكُمْ وأُصْعِدُكُمْ: ذات الرسالة يتم توصيلها من خلال صورة مختلفة قليلًا. فبدلًا من أن تكون العظام مكشوفة، هنا كان قد تم دفنها في القُبُور. والتأثير هو نفسه؛ حياة تأتي إلى ما كان ميتًا.
• “قد يفترض الساخرون من المستمعين لحزقيال بعض الدوافع الخبيثة، ربما لسرقة المقابر أو تدنيس الجثث، فكلاهما ممارسات شائعة في الشرق الأدنى القديم. ولكن الآن يهوه الرب يتظاهر كسارق مقابر لا مثيل له. والكنز الذي يسعى إليه هو جثث شعبه، الذين سيقيمهم من القبر.” بلوك (Block)
٤. وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ: كما وعد الله في العديد من الأماكن الأخرى (مثل حزقيال ٣٦: ٢٤ و٣٦: ٢٨)، فإن إحياء إسرائيل يتضمن أيضًا استعادتهم للأرض.
• “إن معنى النصّ، كما يقدمه السياق، هو بوضوح، إذا كانت الكلمات تعني شيئًا، فأولًا، سيكون هناك استرداد سياسيي لليهود إلى أرضهم ولجنسيتهم؛ وثانيًا، يوجد في النص والسياق، إعلان واضح جدًا بأنه سيكون هناك استرداد روحي، وتحوّل فعلّي لأسباط إسرائيل.” سبيرجن (Spurgeon) في عام ١٨٨٤
٥. فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ: سيعلن الله بقوة عن نفسه لإسرائيل من خلال هذا العمل العظيم للإحياء ولاسترداد الأرض.
٦. وأَجْعَلُ رُوحِي فِيكُمْ فتَحْيَوْنَ: كانت النسمة الموجودة في العظام التي تم احياؤها أكثر من مجرد نَفَس الحياة البشرية؛ كانت رُوحِ الله الحيّ. إن هذه طريقة أخرى للتعبير عن الوعد العظيم الوارد في الإصحاح السابق (حزقيال ٣٦: ٢٧).
• بلا شك، يتعلّق حزقيال ٣٧: ١-١٤ باسترداد الله الموعود لإسرائيل. إنه استرداد متسع وممتد بعمق لدرجة أن أي تدقيق عادل في تاريخ إسرائيل يجب أن يعترف بأنه لم يحدث بعد. وهذا يعني أنه سيتم تحقيقه فيما بعد، وسيتم تحقيقه كجزء من خطة الله لإسرائيل في الأيام الأخيرة.
• في الوقت نفسه، يعلّم هذا الإصحاح العديد من المبادئ حول كيفية صُنع الله للنهضة والإحياء، وكيف يجب على خدام الله التفكير والتصرف بطريقة تتناسب مع عمل إحياء عظيم كهذا. إذا وضعنا خادم الله المعاصر في موقف حزقيال، يمكننا أن نلاحظ الأمور التالية:
يجب على خادم الله أن يدرك أن العظام ميتة ويابسة.
يجب على خادم الله أن يسير بين الموتى.
يجب على خادم الله أن يعلن كلمة الله.
يجب على خادم الله أن يمتلك ثقة بكلمة الله تبدو للبشر غبية.
يجب على خادم الله أن يفهم أن الروح يعمل من خلال عملية مُنظمة.
يجب على خادم الله أن يدرك أن عمل الروح القدس أساسي لإحياء العظام الميتة.
يجب على خادم الله أن يصلي بجرأة ليتحرك الروح القدس.
يجب على خادم الله أن يتكلم بقوة الإيمان.
يجب على خادم الله أن يلاحظ كل دليل على عمل الروح وسط العظام.
يجب على خادم الله أن يسعى لإحياء شعب الله ليصبحوا جيشًا خادمًا.
يجب على خادم الله ألا يقول هلك رجاؤنا.
ثانيًا. مملكة واحدة تحت ملك واحد
أ ) الآيات (١٥-١٧): الْعَصَوَان يصيران عَصًا وَاحِدَةً.
١٥وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ١٦وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، خُذْ لِنَفْسِكَ عَصًا وَاحِدَةً وَاكْتُبْ عَلَيْهَا: لِيَهُوذَا وَلِبَنِي إِسْرَائِيلَ رُفَقَائِهِ. وَخُذْ عَصًا أُخْرَى وَاكْتُبْ عَلَيْهَا: لِيُوسُفَ، عَصَا أَفْرَايِمَ وَكُلِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ رُفَقَائِهِ. وَاقْرِنْهُمَا الْوَاحِدَةَ بِالأُخْرَى كَعَصًا وَاحِدَةٍ، فَتَصِيرَا وَاحِدَةً فِي يَدِكَ.
١. خُذْ لِنَفْسِكَ عَصًا وَاحِدَةً وَاكْتُبْ عَلَيْهَا: بتوجيهات من الله، أخذ حزقيال عَصَوَين. أخذ عصًا وكتب عليها شيئًا يخص يَهُوذَا، وكتب على العصا الأخرى شيئًا يخص أَفْرَايِمَ (أي إِسْرَائِيلَ). مثلت هاتَينِ العَصَوَينِ مملكة الأسباط العشرة الشمالية (إِسْرَائِيلَ) ومملكة السبطين الجنوبية (يَهُوذَا).
• في عهد حزقيال، تم احتلال المملكة الشمالية وتدميرها لمدة ١٥٠ عامًا. ومع ذلك، لا يزال الله يعتبرهم شعبًا، على الرغم من تشتتهم بين الأمم.
• “بالمناسبة، تُظهِر هذه الآيات المقدسة حماقة وهم ’الأنجلو إسرائيلية‘ (أي الإسرائيلية البريطانية) من جهة موقفها بشأن الأسباط العشرة المفقودة… إن الأنبياء جميعًا اعترفوا أن الأسباط الشمالية لازالت موجودة، ولم يقرّوا بأنها كانت ’مفقودة‘ (انظر إشعياء ٤٣: ٥-٧، ’كُلِّ مَنْ‘؛ إشعياء ٤٩: ٥-٦؛ أرميا ٣: : ١٢-١٥).” فاينبرغ (Feinberg)
٢. يُوسُفَ، عَصَا أَفْرَايِمَ: كان سبط أفرايم هو الأكبر والأكثر نفوذًا في المملكة الشمالية. وفي العديد من المرات في العهد القديم، كان يُشار إلى المملكة الشمالية باسم أَفْرَايِمَ.
• “كان يوسف والد أفرايم ومنسى، القبيلتين الأكثر سيطرة في المملكة الشمالية. من بين هذين القبيلتين، كان أفرايم، الابن الأصغر، يهيمن على السياسة الشمالية منذ البداية.” بلوك (Block)
• “كان يربعام هو أول ملك للأسباط العشرة، وكان من سبط بني أَفْرَايِم. مثّل يوسف الأسباط العشرة بشكل عام؛ وكانوا تحت سيطرة أَفْرَايِم، أي تحت حكم يربعام.” كلارك (Clarke)
٣. وَاقْرِنْهُمَا الْوَاحِدَةَ بِالأُخْرَى كَعَصًا وَاحِدَةٍ: سواء في المظهر أو في الواقع، كان على حزقيال أن يجمع كلتا العَصَوَين معًا فَتَصِيرَا وَاحِدَةً فِي يَدِكَ.
“بهذه الطريقة، سيمسك بقبضته بالعَصَوَين حيث تلتقيان، وسيبدو أنه يمسك عصًا طويلة من الوسط.” تايلور (Taylor)
• “بالتأكيد لا يوجد أي أساس في هذا النص لتعاليم المورمون الغريبة التي تنادي بأن العَصَوَين يشيران إلى مخطوطين. وفقًا لهذا التفسير الملتوي لهذه الطائفة، تنبأ حزقيال هنا بأنه في يوم ما سيتم ضم كتاب المورمون المقدس (عصا أفرايم) إلى الكتاب المقدس (عصا يهوذا) لتشكيل الوحي الكامل لله.” سميث (Smith)
ب) الآيات (١٨-٢٠): معنى ضم العَصَوَين مَعًا.
١٨فَإِذَا كَلَّمَكَ أَبْنَاءُ شَعْبِكَ قَائِلِينَ: أَمَا تُخْبِرُنَا مَا لَكَ وَهذَا؟ ١٩فَقُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا آخُذُ عَصَا يُوسُفَ الَّتِي فِي يَدِ أَفْرَايِمَ وَأَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ رُفَقَاءَهُ، وَأَضُمُّ إِلَيْهَا عَصَا يَهُوذَا، وَأَجْعَلُهُمْ عَصًا وَاحِدَةً فَيَصِيرُونَ وَاحِدَةً فِي يَدِي. ٢٠وَتَكُونُ الْعَصَوَانِ اللَّتَانِ كَتَبْتَ عَلَيْهِمَا فِي يَدِكَ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ.
١. أَمَا تُخْبِرُنَا مَا لَكَ وَهذَا؟ شعر المسبيين المستمعين بالحيرة من النبوءة التي قام حزقيال بتمثيلها. ربما تساءلوا عما سيفعله الله بالمملكة الشمالية (يوسُفَ وأَفْرَايِمَ) بعد حوالي ١٥٠ عامًا من انقراضهم المفترض.
٢. وَأَجْعَلُهُمْ عَصًا وَاحِدَةً فَيَصِيرُونَ وَاحِدَةً فِي يَدِي: بشكل عام، كان المعنى واضحًا. عندما يسترد الله في النهاية أسباط إسرائيل، سيردهم جميعًا. سيستعيد ما كان منقسمًا في أيام رحبعام (١ ملوك ١٢-١٤) ليكونوا واحدًا مرة أخرى.
• “سوف أزيل الخصام المميت الذي كان بينهم لفترة طويلة، وأهدم الجدار الفاصل بينهم، وما إلى ذلك. سأجمعهم مرة أخرى تحت ملك واحد وأجعلهم يفكرون فكرًا واحدًا.” تراب (Trapp)
• “إعلان يهوه القاطع بأن كل نسل يعقوب كانوا ورثة العهد، كان له أهمية خاصة بالنسبة لشعب إسرائيل. ولكن رغم معارضة قرون من التاريخ والتحيزات عميقة الجذور ضدهم، يمد الرب نعمته إلى كل بيت إسرائيل – ليس فقط يهوذا ولكن يوسف وشركائه أيضًا.” بلوك (Block)
ج) الآيات (٢١-٢٣): الوعد بتجميع بني إسرائيل وتوحيدهم واستردادهم.
٢١وَقُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا آخُذُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ الَّتِي ذَهَبُوا إِلَيْهَا، وَأَجْمَعُهُمْ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَآتِي بِهِمْ إِلَى أَرْضِهِمْ، ٢٢وَأُصَيِّرُهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً فِي الأَرْضِ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ، وَمَلِكٌ وَاحِدٌ يَكُونُ مَلِكًا عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ، وَلاَ يَكُونُونَ بَعْدُ أُمَّتَيْنِ، وَلاَ يَنْقَسِمُونَ بَعْدُ إِلَى مَمْلَكَتَيْنِ. ٢٣وَلاَ يَتَنَجَّسُونَ بَعْدُ بِأَصْنَامِهِمْ وَلاَ بِرَجَاسَاتِهِمْ وَلاَ بِشَيْءٍ مِنْ مَعَاصِيهِمْ، بَلْ أُخَلِّصُهُمْ مِنْ كُلِّ مَسَاكِنِهِمِ الَّتِي فِيهَا أَخْطَأُوا، وَأُطَهِّرُهُمْ فَيَكُونُونَ لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا.
١. وَأَجْمَعُهُمْ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَآتِي بِهِمْ إِلَى أَرْضِهِمْ: إن الاسترداد بعد السبي البابلي كان مجرد ظل لهذا الوعد. لقد كان هذا الوعد هو لجلب الشعب اليهودي مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ، من تشتيت أكبر بكثير من السبي البابلي.
٢. وَأُصَيِّرُهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً فِي الأَرْضِ: إن هذا القول يتطلع إلى استرداد أكبر بكثير مما حدث في أيام عزرا وزربابل ونحميا. سيعيد الله الشعب اليهودي ككل إلى الأرض.
٣. فِي الأَرْضِ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ: تؤكد هذه العبارة على أن الله قد قطع وعدًا بشأن الأرض الفعلية التي لإسرائيل.
٤. وَلاَ يَكُونُونَ بَعْدُ أُمَّتَيْنِ: يتم تجميعهم معًا، وسيكون لهم مَلِكٌ واحِدٌ، وسيتم تأسيسهم في أرض إسرائيل الفعلية وتحت حُكم ملك فعلي.
• فوتر (Vawter) وهوب (Hoppe) يدركان ويقرّان بأن هذا لم يتحقق تاريخيًا بعد: “على الرغم من كلام النبي والمحاولات المختلفة، استمرت الانقسامات بين الشمال والجنوب. وفي فترة العهد الجديد، كان هذا الانقسام والعداء واضحًا بما فيه الكفاية بين اليهود والسامريين.”
• “سواء كان ذلك يخص أبناء إسرائيل أو للقديسين في الكنيسة اليوم، فالرب يريد أن يكون شعبه متحدًا. هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا (مزمور ١٣٣: ١). لقد ناشد بولس المؤمنين في كنيسة كورنثوس بزرع الوحدة في الكنيسة (١ كورنثوس ١: ١٠)، وحث المؤمنين في أفسس بأن يكونوا مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ (أفسس ٤: ٣). ويرزبي (Wiersbe)
٥. وَلاَ يَتَنَجَّسُونَ بَعْدُ بِأَصْنَامِهِمْ: تُعد هذه الوعود مطابقة لنصوص تتحدث عن العهد الجديد. إن الوعود بالطهارة (لاَ يَتَنَجَّسُونَ)، والتطهير (أُطَهِّرُهُمْ)، وبالعلاقة مع الله (فَيَكُونُونَ لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا) غالبًا ما تكون من سمات العهد الجديد.
• من بين أمور أخرى، فإن هذا يُظهر أن الوحدة الموعودة هنا هي وحدة النقاء والتكريس لملك واحد. إنها ليست وحدة المساومة وعدم وجود معايير.
• “مندفعًا بأفعالهم النجسة والشنيعة، قد هجر يهوه الرب شعبه. والآن بعد أن قام بتطهيرهم، يمكنه الرجوع وتطبيع العلاقة العهدية معهم.” بلوك (Block)
د ) الآيات (٢٤-٢٨): داود ملك على إسرائيل المستردة.
٢٤وَدَاوُدُ عَبْدِي يَكُونُ مَلِكًا عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُ لِجَمِيعِهِمْ رَاعٍ وَاحِدٌ، فَيَسْلُكُونَ فِي أَحْكَامِي وَيَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَيَعْمَلُونَ بِهَا. ٢٥وَيَسْكُنُونَ فِي الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُ عَبْدِي يَعْقُوبَ إِيَّاهَا، الَّتِي سَكَنَهَا آبَاؤُكُمْ، وَيَسْكُنُونَ فِيهَا هُمْ وَبَنُوهُمْ وَبَنُو بَنِيهِمْ إِلَى الأَبَدِ، وَعَبْدِي دَاوُدُ رَئِيسٌ عَلَيْهِمْ إِلَى الأَبَدِ. ٢٦وَأَقْطَعُ مَعَهُمْ عَهْدَ سَلاَمٍ، فَيَكُونُ مَعَهُمْ عَهْدًا مُؤَبَّدًا، وَأُقِرُّهُمْ وَأُكَثِّرُهُمْ وَأَجْعَلُ مَقْدِسِي فِي وَسْطِهِمْ إِلَى الأَبَدِ. ٢٧وَيَكُونُ مَسْكَنِي فَوْقَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَيَكُونُونَ لِي شَعْبًا. ٢٨فَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُ إِسْرَائِيلَ، إِذْ يَكُونُ مَقْدِسِي فِي وَسْطِهِمْ إِلَى الأَبَدِ.
١. وَدَاوُدُ عَبْدِي يَكُونُ مَلِكًا عَلَيْهِمْ: قال الله، في حزقيال ٣٧: ٢٢، أنه سيكون هناك ملكٌ واحدٌ على إسرائيل المستردة والموحدة. وهنا نتعلّم أن الملك الوحيد هو داود (كما ذكرنا سابقًا في حزقيال ٣٤: ٢٣-٢٥).
٢. وَيَسْكُنُونَ فِي الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُ عَبْدِي: إن طبيعة هذه الوعود الحرفية والواضحة والمتكررة الخاصة بأرض محددة تتسبب في التعجب والتساؤل عن محاولات إضفاء الطابع الروحي على مثل هذه الوعود وإنكار أن لله خطة مستقبلية لإسرائيل كسلالة وعرق في أرض أجدادهم.
• “المقصود بيعقوب هنا أَسْبَاطُ إِسْرَائِيل الاثْنَا عَشَر. والأرض التي أُعطيت لهم هي أرض فلسطين كلها. وبالتالي، فإن الوعد ينص على أنهم، عندما يرجعون، يجب أن يمتلكوا كل أرض الموعد.” كلارك (Clarke)
٣. وَعَبْدِي دَاوُدُ رَئِيسٌ عَلَيْهِمْ إِلَى الأَبَدِ: لا يُنظر إلى هذا الوعد الواضح على أنه إشارة غريبة وغير دقيقة إلى يسوع المسيح، ولكن كجزء من الوعود العديدة بأن الملك داود سيحكم إسرائيل ثانية في المُلك الألفي (إشعياء ٥٥: ٣-٤، إرميا ٣٠: ٨-٩، هوشع ٣: ٥).
• يعتقد معظم المفسرين أن هذه الإشارة إلى دَاوُد هي في الحقيقة إشارة إلى المسيا المنتظر، ابن داود، الذي تحقق في يسوع المسيح. سيقولون نفس الشيء عن العديد من النصوص الأخرى (المذكورة أعلاه) التي تتحدث عن حكم داود المستقبلي على إسرائيل. ومع ذلك يمكننا ببساطة أن نقول أنه إذا لم يكن يقصد الله داود، فلما قال ذلك. لا يوجد شيء في هذه النصوص نفسها يُحتّم بأنه المسيح وليس داود.
٤. وَأَقْطَعُ مَعَهُمْ عَهْدَ سَلاَمٍ، فَيَكُونُ مَعَهُمْ عَهْدًا مُؤَبَّدًا: يبدو أن الله يصف هنا العهد الجديد بأنه عَهْدَ سَلاَمٍ (كما في حزقيال ٣٤: ٢٥ وإشعياء ٥٤: ١٠) وعَهْدًا مُؤَبَّدًا (كما في حزقيال ١٦: ٦٠، إشعياء ٥٥: ٣، وعبرانيين ١٣: ٢٠). إنه العهد الذي يأتي بالسلام الحقيقي، والعهد الذي لا ينتهي أبدًا.
• إن هذا السلام يمثّل أكثر بكثير من مجرد غياب الحرب. إنه يدل على حالة من الانسجام والتوازن بين جميع المشاركين في العلاقات الإلهية والإنسانية والإقليمية.” بلوك (Block)
٥. وَأُقِرُّهُمْ وَأُكَثِّرُهُمْ: تُعد هذه الوعود جزءًا من العهد الجديد (كما في حزقيال ٣٦: ١٠-١١). سيكون استرداد إسرائيل النهائي بواسطة الله على نطاق واسع وليس على نطاق ضيق.
• فَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ: “وسترى جميع الأمم أن الرب هو الذي جعل إسرائيل مقدسة. ستتميز إسرائيل بين جميع الأمم كملكية خاصة لله. لن يسكن الرب هيكل أي أمة أخرى كما في إسرائيل.” ألكسندر (Alexander)
٦. وَأَجْعَلُ مَقْدِسِي فِي وَسْطِهِمْ إِلَى الأَبَدِ: سيتم وصف هذا الوعد بالمَسْكَنِ المُقَدَّسِ بتفصيل كبير في حزقيال الإصحاحات ٤٠-٤٨. بالنسبة لحزقيال والمسبيين البابليين، لا يمكن أن تكتمل أي عملية استرداد بدون وجود هيكل من نوع ما.
• “إن استعادة الهيكل هي أكثر بكثير من مجرد إصلاح الأضرار الناجمة عن الحرب. إنها طريقة الله لإثبات أنه ليس ميتًا وأن إسرائيل لا تزال شعبه.” تايلور (Taylor)
• “إن استعادة المَسْكَنِ المُقَدَّسِ هو ذروة كل ما كان على هذا النبي أن يقوله.” سميث (Smith)