إشعياء ٤٦
الأوثان الميتة والإله الحي
أولًا. تُساق أوثان الشعوب إلى السبي
أ ) الآيات (١-٢): تُحمل الآلهة الزائفة على عربات.
١قَدْ جَثَا بِيلُ، انْحَنَى نَبُو. صَارَتْ تَمَاثِيلُهُمَا عَلَى الْحَيَوَانَاتِ وَالْبَهَائِمِ. مَحْمُولاَتُكُمْ مُحَمَّلَةٌ حِمْلاً لِلْمُعْيِي. ٢قَدِ انْحَنَتْ. جَثَتْ مَعًا. لَمْ تَقْدِرْ أَنْ تُنَجِّيَ الْحِمْلَ، وَهِيَ نَفْسُهَا قَدْ مَضَتْ فِي السَّبْيِ.
١. قَدْ جَثَا بِيلُ، ٱنْحَنَى نَبُو: كان بِيل ونَبُو اسمين لإلهين زائفين كانت تخدمهما الشعوب الوثنية. ويبدو الأمر وكأنّ المسألة شخصية بالنسبة لله عند تسمية الأوثان. فقد صار هذان الإلهان ذليلين.
• اسما الإلهين الوثنيين بِيل ونَبُو مألوفان لدينا في اسمي بيلشاصّر ونبوخذنصّر.
• “في إشعياء ٤٥، أعلن النبي أن كل ركبة ستنحني للرب. وهنا يصور آلهة بابل العظيمة وهي تنحني في ذل.” جروجان (Grogan)
٢. صَارَتْ تَمَاثِيلُهُمَا عَلَى ٱلْحَيَوَانَاتِ وَٱلْبَهَائِمِ. مَحْمُولَاتُكُمْ مُحَمَّلَةٌ حِمْلًا لِلْمُعْيِي: يصوّر إشعياء شعب الله وهو ذاهب إلى السبي في ترحيل قسري، وأوثانهم محملة على حيوانات وعربات. فحتى أوثانهم تُحمَل إلى السبي على شاحنات متحركة! وبيت القصيد هو أنها لَمْ تَقْدِرْ أَنْ تُنَجِّيَ ٱلْحِمْلَ، وَهِيَ نَفْسُهَا قَدْ مَضَتْ فِي ٱلسَّبْيِ.
ب) الآيات (٣-٤): الرب، الإله الحقيقي، سيحمل شعبه.
٣«اِسْمَعُوا لِي يَا بَيْتَ يَعْقُوبَ وَكُلَّ بَقِيَّةِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، الْمُحَمَّلِينَ عَلَيَّ مِنَ الْبَطْنِ، الْمَحْمُولِينَ مِنَ الرَّحِمِ. ٤وَإِلَى الشَّيْخُوخَةِ أَنَا هُوَ، وَإِلَى الشَّيْبَةِ أَنَا أَحْمِلُ. قَدْ فَعَلْتُ، وَأَنَا أَرْفَعُ، وَأَنَا أَحْمِلُ وَأُنَجِّي.
١. ٱلْمُحَمَّلِينَ عَلَيَّ مِنَ ٱلْبَطْنِ، ٱلْمَحْمُولِينَ مِنَ ٱلرَّحِمِ: يتوجب حِمْل الآلهة الزائفة التي تمثلها الأوثان الصامتة الميّتة. لكن الله يحمل شعبه. فقد حملهم قبل (ولادتهم ٱلْمُحَمَّلِينَ عَلَيَّ مِنَ ٱلْبَطْنِ)، وهو يعد بأن يستمر في حملهم (وَإِلَى ٱلشَّيْبَةِ أَنَا أَحْمِلُ).
٢. قَدْ فَعَلْتُ، وَأَنَا أَرْفَعُ، وَأَنَا أَحْمِلُ وَأُنَجِّي: هذه هي الرعاية الأبوية (الإلهية) التي تحدّث عنها يسوع في لوقا ١٢: ٦-٧: “أَلَيْسَتْ خَمْسَةُ عَصَافِيرَ تُبَاعُ بِفَلْسَيْنِ، وَوَاحِدٌ مِنْهَا لَيْسَ مَنْسِيًّا أَمَامَ ٱللهِ؟ بَلْ شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ أَيْضًا جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلَا تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ.” عندما نفهم أن الله خلقَنا، وأننا ثمينون لديه، عندئذٍ يمكننا أن نثق بأنه سيحملنا.
• هذا سؤال جدير بالطرح: هل أنت مضطر إلى حمل آلهتك، أم أن إلهك يحملك؟
ج) الآيات (٥-٧): يستطيع الرب أن يخلص شعبه بينما الأوثان بلا حول ولا قوة.
٥بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي وَتُسَوُّونَنِي وَتُمَثِّلُونَنِي لِنَتَشَابَهَ؟. ٦«اَلَّذِينَ يُفْرِغُونَ الذَّهَبَ مِنَ الْكِيسِ، وَالْفِضَّةَ بِالْمِيزَانِ يَزِنُونَ. يَسْتَأْجِرُونَ صَائِغًا لِيَصْنَعَهَا إِلهًا، يَخُرُّونَ وَيَسْجُدُونَ! ٧يَرْفَعُونَهُ عَلَى الْكَتِفِ. يَحْمِلُونَهُ وَيَضَعُونَهُ فِي مَكَانِهِ لِيَقِفَ. مِنْ مَوْضِعِهِ لاَ يَبْرَحُ. يَزْعَقُ أَحَدٌ إِلَيْهِ فَلاَ يُجِيبُ. مِنْ شِدَّتِهِ لاَ يُخَلِّصُهُ.
١. اَلَّذِينَ يُفْرِغُونَ ٱلذَّهَبَ مِنَ ٱلْكِيسِ: يُصرف مال كثير وجهد كبير في صناعة الأوثان ورعايتها. لكن عندما يصرخ المرء إليها، لا تستجيب له ولا تخلّصه من محنته (يَزْعَقُ أَحَدٌ إِلَيْهِ فَلَا يُجِيبُ. مِنْ شِدَّتِهِ لَا يُخَلِّصُهُ). ومرة أخرى، يفضح إشعياء حماقة عبادة الأوثان ويسخر منها.
ثانيًا. دعوة إلى التذكر
أ ) الآيات (٨-١٠): تذكّر أن الرب يعرف البداية والنهاية.
٨«اُذْكُرُوا هذَا وَكُونُوا رِجَالاً. رَدِّدُوهُ فِي قُلُوبِكُمْ أَيُّهَا الْعُصَاةُ. ٩اُذْكُرُوا الأَوَّلِيَّاتِ مُنْذُ الْقَدِيمِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرُ. الإِلهُ وَلَيْسَ مِثْلِي. ١٠مُخْبِرٌ مُنْذُ الْبَدْءِ بِالأَخِيرِ، وَمُنْذُ الْقَدِيمِ بِمَا لَمْ يُفْعَلْ، قَائِلاً: رَأْيِي يَقُومُ وَأَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِي.
١. اذْكُرُوا هَذَا وَكُونُوا رِجَالًا: عندما يمكننا أن نكتسب شجاعة الرجال عندما نتذكر الأشياء التي يطلب منا الله أن نتذكرها. وكم نعاني من هزائم لأننا ننسى.
٢. اُذْكُرُوا ٱلْأَوَّلِيَّاتِ مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ… وَلَيْسَ مِثْلِي. مُخْبِرٌ مُنْذُ ٱلْبَدْءِ بِٱلْأَخِيرِ: يعرف الله نهاية كل أمر، وكل مسار للظروف بنفس الوضوح الذي يمكن لشخص أن يرى بداية أمر.
٣. رَأْيِي يَقُومُ وَأَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِي: يعرف الله النهاية منذ البداية، لأنه أكثر بكثير من مجرد مراقب سلبي للأحداث. وستثْبُت مشورته (رَأْيِي يَقُومُ). ولا تفشل خططه وأعماله أبدًا، لأنه يعمل مسرته. فالله لا يكتفي باستعراض التاريخ بأكمله، بل يوجّهه أيضًا.
• النقطة الأساسية هنا هي أنه يتوجب على شعب الله أن يتذكروا هذا عن الرب. إنه يعرف النهاية منذ البداية، وهو يتحكم في كل شيء. وعندما نتذكر هذا، نُظهِر أننا رجال. ويمكننا أن نتمتع بشجاعة هائلة في إلهنا عندما نفهم ونتذكر هويته وطبيعته وما يفعله.
ب) الآيات (١١-١٣): تذكروا أن الرب سيجلب محررًا إلى صهيون.
١١دَاعٍ مِنَ الْمَشْرِقِ الْكَاسِرَ، مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ رَجُلَ مَشُورَتِي. قَدْ تَكَلَّمْتُ فَأُجْرِيهِ. قَضَيْتُ فَأَفْعَلُهُ. ١٢«اِسْمَعُوا لِي يَا أَشِدَّاءَ الْقُلُوبِ الْبَعِيدِينَ عَنِ الْبِرِّ. ١٣قَدْ قَرَّبْتُ بِرِّي، لاَ يَبْعُدُ. وَخَلاَصِي لاَ يَتَأَخَّرُ. وَأَجْعَلُ فِي صِهْيَوْنَ خَلاَصًا، لإِسْرَائِيلَ جَلاَلِي.
١. دَاعٍ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ ٱلْكَاسِرَ، مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ رَجُلَ مَشُورَتِي: هذه إشارة ثانية إلى كورش. وينبغي لشعب الله أن يتذكروا أن لدى الله دائمًا محررًا لشعبه حتى لو كان واحدًا من الملوك الوثنيين.
٢. وَخَلَاصِي لَا يَتَأَخَّرُ: ينبغي لشعب الله أن يتذكروا أن توقيت الله دائمًا دقيق وحكيم. وعندما تكون قلوبنا عنيدة، ينبغي أن نستمع إلى الرب ونتذكر أنه لا يتوانى ولا يتأخر أبدًا. فلله دائمًا محرر، وهو يعرف على وجه الدقة متى يجلب خلاصه.