إشعياء ١٤
بابل ولوسيفر
أولًا. سقوط ملك بابل
أ ) الآيات (١-٢): دينونة بابل هي رحمة لإسرائيل.
١لأَنَّ الرَّبَّ سَيَرْحَمُ يَعْقُوبَ وَيَخْتَارُ أَيْضًا إِسْرَائِيلَ، وَيُرِيحُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ، فَتَقْتَرِنُ بِهِمِ الْغُرَبَاءُ وَيَنْضَمُّونَ إِلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ. ٢وَيَأْخُذُهُمْ شُعُوبٌ وَيَأْتُونَ بِهِمْ إِلَى مَوْضِعِهِمْ، وَيَمْتَلِكُهُمْ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ فِي أَرْضِ الرَّبِّ عَبِيدًا وَإِمَاءً، وَيَسْبُونَ الَّذِينَ سَبَوْهُمْ وَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى ظَالِمِيهِمْ.
١. لِأَنَّ ٱلرَّبَّ سَيَرْحَمُ يَعْقُوبَ: انتهى إشعياء ١٣ بالخراب والقتام اللذين سيأتيان على بابل. وبما أن بابل كانت عدوًّا كبيرًا ليهوذا، فإن أية دينونة على بابل ستكون رحمة لإسرائيل. ولهذا أتْبع إشعياء إعلان الدينونة على بابل برحمة الله على يعقوب، بإعلانه أنه سيختار إسرائيل. لِأَنَّ ٱلرَّبَّ سَيَرْحَمُ يَعْقُوبَ، وَيَخْتَارُ أَيْضًا إِسْرَائِيلَ.
• وَيَخْتَارُ أَيْضًا إِسْرَائِيلَ: نشعر أحيانًا بأن الله اختارنا، لكن إذا كان عليه أن يختار ثانية، فسيغيّر اختياره! ونحن نشعر تقريبًا بأن الله ’عالق‘ معنا الآن، وسيختار بشكل مختلف إن كان بإمكانه ذلك. وهنا يذكّر الرب أبناءه بأنه ما زال يختارنا، وبأنه يمكن أن يختارنا من جديد.
٢. وَيُرِيحُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ: كان الوعد بالعودة إلى أرضهم مهمًّا أيضًا. لقد سبى البابليون معظم سكان يهوذا، ولهذا كان الوعد بالعودة إلى أَرْضِهِمْ ثمينًا.
• “كان لهذا الوعد قدْر من التحقيق عندما اُعيدت إسرائيل من بابل. وما زال هذا صحيحًا. فعندما يصل شعب الله إلى أسوأ حالاته، فإنه يوجد دائمًا ما هو أفضل أمامهم. ومن جهة أخرى، عندما يصل الخطاة إلى أفضل حالاتهم، فإن هنالك دائمًا شيئًا فظيعًا ينتظرهم.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. فَتَقْتَرِنُ بِهِمِ ٱلْغُرَبَاءُ: كانت الدعوة إلى الأمم ثمينة. وسيدعو شعب الله – الذي تمّ لمّ شمله واستُرِد – الأمم إلى تلقّي صلاح الله لهم.
٤. وَيَسْبُونَ ٱلَّذِينَ سَبَوْهُمْ وَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى ظَالِمِيهِمْ: عندما تدعو إسرائيل ٱلْغُرَبَاء إلى الحضور والانضمام إليها، فإنها بهذا تتخلص من أعدائها. والطريقة المثلى لقهر عدوك هي أن تجعله صديقك.
ب) الآيات (٣-٨): فرح الأرض عند سقوط ملك بابل
٣وَيَكُونُ فِي يَوْمٍ يُرِيحُكَ الرَّبُّ مِنْ تَعَبِكَ وَمِنِ انْزِعَاجِكَ، وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْقَاسِيَةِ الَّتِي اسْتُعْبِدْتَ بِهَا، ٤أَنَّكَ تَنْطِقُ بِهذَا الْهَجْوِ عَلَى مَلِكِ بَابِلَ وَتَقُولُ: «كَيْفَ بَادَ الظَّالِمُ، بَادَتِ الْمُغَطْرِسَةُ؟ ٥قَدْ كَسَّرَ الرَّبُّ عَصَا الأَشْرَارِ، قَضِيبَ الْمُتَسَلِّطِينَ. ٦الضَّارِبُ الشُّعُوبَ بِسَخَطٍ، ضَرْبَةً بِلاَ فُتُورٍ. الْمُتَسَلِّطُ بِغَضَبٍ عَلَى الأُمَمِ، بِاضْطِهَادٍ بِلاَ إمْسَاكٍ. ٧اِسْتَرَاحَتِ، اطْمَأَنَّتْ كُلُّ الأَرْضِ. هَتَفُوا تَرَنُّمًا. ٨حَتَّى السَّرْوُ يَفْرَحُ عَلَيْكَ، وَأَرْزُ لُبْنَانَ قَائِلاً: مُنْذُ اضْطَجَعْتَ لَمْ يَصْعَدْ عَلَيْنَا قَاطِعٌ.
١. وَيَكُونُ فِي يَوْمٍ يُرِيحُكَ ٱلرَّبُّ مِنْ تَعَبِكَ وَمِنِ ٱنْزِعَاجِكَ، وَمِنَ ٱلْعُبُودِيَّةِ ٱلْقَاسِيَةِ ٱلَّتِي ٱسْتُعْبِدْتَ بِهَا: يعلن الرب يومًا سيعطي فيه إسرائيل المؤمنة راحة حقيقية. إذ سيرتاح أبناؤها من خوفهم وحزنهم وعبوديتهم القاسية.
• هذه الراحة حق مكتسب (بكوريّة) لكل مؤمن بيسوع المسيح. قال يسوع: “تَعَالَوْا إِلَيَّ يا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلْأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ” (متى ١١: ٢٨). هل لديك راحة من الخوف، والحزن، والعبودية القاسية؟
٢. أَنَّكَ تَنْطِقُ بِهَذَا ٱلْهَجْوِ (المثَل) عَلَى مَلِكِ بَابِلَ: في يوم الاسترداد، ستنكشف هزيمة ملك بابل وضعفه، وستبتهج إسرائيل.
• مع استمرار هذه النبوة من سياق إشعياء ١٣، من المهم أن نتذكر أن إشعياء يضع في اعتباره جانبين من التحقيق النبوي. أولًا، هنالك تحقيق مباشر وجزئي في ما يتعلق بالإمبراطورية البابلية وملِكها. ثانيًا، هنالك تحقيق بعيد ونهائي في ما يتعلق بالإمبراطورية البابلية الروحية، أي النظام العالمي وملِكه إبليس.
• يختلف بعضهم بقوة مع هذا الطرح، ويرون أن النص يشير إلى ملك بابل الفعلي فقط، وأنه لا علاقة له بإبليس على الإطلاق.
• جون كالفن (John Calvin) مثلٌ لأولئك الذين لا يرون أية إشارة إلى إبليس في النص. يقول: “نشأ تفسير النص الذي يفيد أنه يشير إلى إبليس عن الجهل. فالسياق يبيّن بوضوح أنه يتوجب علينا فهم هذه العبارات في إشارتها إلى ملك البابليين. لكن عندما يتم تناول نصوص كلمة الله بشكل عشوائي، من دون الالتفات إلى السياق، ينبغي أن نتساءل حول تكرار ورود هذا النوع من الأخطاء… لكن، بما أنه ليس لهذه الاختراعات أي احتمال من الصحّة، دعونا نتجاوزها على أنها خرافات لا فائدة منها.”
• لم يرَ آدم كلارك (Adam Clarke) أيضًا أية إشارة إلى إبليس هنا: “لكن الحقيقة هي أن النص لا يتحدث على الإطلاق عن إبليس، وسقوطه، ومناسبة ذلك السقوط. لكنه أمر يستنتجه كثيرون بثقة عظيمة من هذا النص! فلا يتحدث هذا الإصحاح عن طموح إبليس وسقوطه، ولكن عن كبرياء نبوخذنصّر وغطرسته وسقوطه.”
• ومع ذلك، هنالك سبب وجيه لرؤية أن هذا النص يشير إلى ملك بابل القديم، وإلى القوة الروحية وراء ذلك الملك. وغالبًا ما تحمل النبوة الكتابية تحقيقًا قريبًا وبعيدًا معًا.
• وهكذا، كان هذا المثل (الهجاء) ضد ملك بابل بمعنى جزئي في أفواه المسبيين العائدين بعد أن تُقهر بابل، وعندما يعود شعب يهوذا إلى الأرض الموعودة. لكن هذا المثل (الهجاء) ضد ملك بابل، بمعنى نهائي، سيكون على أفواه شعب الله عندما يُقهر النظام العالمي وملِكه، إبليس، ويُقضى عليه.
• لماذا يخبر الله شعبه – سواء أكان بمعنى فوري أم بعيد – بمصير بابل وملكها؟ يخبرنا بهذا حتى نتمكن ونعيش الآن، عالمين المصير النهائي للنظام العالمي وإبليس. كثيرًا ما قلنا حالما اتضحت الأمور: “ليتني كنت أعرف ما أعرفه الآن.” وهنا يسمح الله لنا بأن نعرف الآن ما سنراه عندئذٍ، ويسمح لنا بتأثير ذلك في حياتنا وأفعالنا.
• الشكل العسكري لهذا النص مهم. “شكله في الواقع شكل لحن جنائزي مع إيقاع ثقيل يتميز به الرثاء العبري. وهو حزين جدًّا، غير أنه ينذر بالسوء للأذن الحساسة. ويوجد عنصر من السخرية، بحيث تصبح الأغنية كلها تهكمًا تحت قناع الرثاء.” جروجان (Grogan). هذه أغنية جنائزية تسخر من الموتى الذين لا يُدفنون.
٣. بَادَ ٱلظَّالِمُ: يريدنا الله أن نعرف الآن أنه أحصى أيام ملك بابل الروحي، إبليس. وسيأتي يوم ينتهي فيه ظُلمه وقمعه، وتُكسَر عصا الأشرار وصولجان الرؤساء.
• نشعر في بعض الأحيان بالإرهاق والإحباط بسبب هجوم إبليس، وكأننا نعتقد أن يومه سيدوم إلى الأبد. وينبغي أن نتذكر أن أحد الأسباب التي تجعل إبليس يعمل بجد هو أنه يعرف أن وقته قصير. وهذا تشجيع لنا. ويمكننا أن نصمد أمامه، وأن نبقى بعد زواله.
٢. ٱلضَّارِبُ ٱلشُّعُوبَ بِسَخَطٍ: كان كلا الملكين (ملك بابل الفعلي، وملك بابل الروحي) رئيسين جبارين يقمعان الشعب والأمم (ٱلْمُتَسَلِّطُ بِغَضَبٍ عَلَى ٱلْأُمَمِ). والآن صار الذي اضطهَد ذات يوم مضطهَدًا الآن. وما من أحدٍ يعوق ذلك. ونتيجة لذلك، اِسْتَرَاحَتِ، ٱطْمَأَنَّتْ كُلُّ ٱلْأَرْضِ… هَتَفُوا تَرَنُّمًا.
• “ابتهج الشرق الأدنى كله بسقوط بابل لأن حُكمها كان قاسيًا وظالمًا.” وولف (Wolf)
• حتى الأشجار تفرح بسقوط ملك بابل. ويصح هذا على ملك بابل الفعلي، لأن ملوكها المهاجمين قطعوا آلاف الأشجار للوقود والخشب، تاركين إسرائيل ولبنان بلا غابات. “ومنذ القرن الثاني عشر ق. م. استوردوا الخشب من لبنان، واستخدم نبوخذنصر كميات هائلة من أفضل أنواع الأخشاب في جهوده المكلفة للبناء في بابل بعد ٦٠٥ ق. م.” وولف (Wolf)
• تبتهج الأشجار بسقوط ملك بابل الروحي أيضًا “لِأَنَّ ٱلْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ ٱلْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلَادِ ٱللهِ” (رومية ٨: ٢١).
ج) الآيات (٩-١١): الجحيم يستقبل ملك بابل الساقط.
٩اَلْهَاوِيَةُ مِنْ أَسْفَلُ مُهْتَزَّةٌ لَكَ، لاسْتِقْبَالِ قُدُومِكَ، مُنْهِضَةٌ لَكَ الأَخْيِلَةَ، جَمِيعَ عُظَمَاءِ الأَرْضِ. أَقَامَتْ كُلَّ مُلُوكِ الأُمَمِ عَنْ كَرَاسِيِّهِمْ. ١٠كُلُّهُمْ يُجِيبُونَ وَيَقُولُونَ لَكَ: أَأَنْتَ أَيْضًا قَدْ ضَعُفْتَ نَظِيرَنَا وَصِرْتَ مِثْلَنَا؟ ١١أُهْبِطَ إِلَى الْهَاوِيَةِ فَخْرُكَ، رَنَّةُ أَعْوَادِكَ. تَحْتَكَ تُفْرَشُ الرِّمَّةُ، وَغِطَاؤُكَ الدُّودُ.
١. اَلْهَاوِيَةُ مِنْ أَسْفَلُ مُهْتَزَّةٌ لَكَ (سعيدة بقدومك): الجحيم متحمس للقاء ملك بابل، لأنه لا يسع الانتظار ليكون المكان الذي يُعّذَّب فيه الشخص الذي عذَب كثيرين. ويصح هذا على ملك بابل الفعلي وملك بابل الروحي.
• يريدنا الله أن نعرف أن مصير إبليس المحتوم هو الجحيم. فإبليس ليس غانمًا، بل هو خاسر. ومن المؤكد أنه ليس رئيس الجحيم أو ربّه. إذ سيذهب إلى هناك كضحية باعتباره الأسير النهائي في زنزانة الظلمة. وسيكون الجحيم سعيدًا لاستقباله بهذه الطريقة.
٢. أَأَنْتَ أَيْضًا قَدْ ضَعُفْتَ نَظِيرَنَا وَصِرْتَ مِثْلَنَا؟: عندما ذهب ملك بابل الفعلي إلى الجحيم، انكشف على أنه مجرد إنسان، رغم أنه اعتقد أنه أعظم من هذا. وبنفس الطريقة، عندما يذهب ملك بابل الروحي إلى الجحيم، سيُذهل الجميع لرؤيته كمجرد مخلوق.
• غالبًا ما نبالغ في مكانة إبليس وأهميته، وهو أمر يسعده كثيرًا. فنحن نعُدُّه نقيضًا ندًّا لله، كما لو أن الله هو النور وإبليس هو الظلمة، وكما أن الله حارٌّ وإبليس بارد. ويتمنى إبليس أن يكون نقيضًأ ندًّا لله، لكن الله يريدنا أن نعرف ما سيعرفه الجميع ذات يوم، وهو أن إبليس مجرد مخلوق، وهو ليس بحال من الأحوال ندًّا لله. فإن كان لإبليس نقيض ضدٌّ، فإنه ليس الله الآب أو الله الابن، بل كائن رفيع المستوى من فصيلة الملائكة مثل ميخائيل.
٣. أُهْبِطَ إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ فَخْرُكَ. تَحْتَكَ تُفْرَشُ ٱلرِّمَّةُ، وَغِطَاؤُكَ ٱلدُّودُ: في نهاية الأمر، لن تكون مجرد هزيمة لملك بابل. فبالنسبة لكل من ملك بابل الفعلي وملك بابل الروحي، ستكون الهزيمة في الجحيم مقززة ومهينة.
• في ضوء معرفتنا الآن بمصير إبليس المقزز المهين في الجحيم، ما الذي يدفع أي واحد منّا إلى أن يخدمه، أو أن يعمل من أجل قضيته ولو لدقيقة واحدة؟ فمن الذي يريد أن يكون مصيره بين الرِّمّة والدود (تَحْتَكَ تُفْرَشُ ٱلرِّمَّةُ، وَغِطَاؤُكَ ٱلدُّودُ)؟
٤. رَنَّةُ أَعْوَادِكَ: ارتبط إبليس قبل سقوطه بالموسيقى في السماء. إذ تتحدث حزقيال ٢٨: ١٣ عنه قبل سقوطه: “أَنْشَأُوا فِيكَ صَنْعَةَ صِيغَةِ ٱلفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا (الدفوف والنايات) يَوْمَ خُلِقْتَ.” وعلى ما يبدو أن مسيرة إبليس الموسيقية لم تنتهِ بسقوطه، لأن رنة أعواده لن تتوقف إلا عندما يُسجن في الجحيم.
د ) الآيات (١٢-١٥): سقوط لوسيفر (زُهَرَة)
١٢كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ ١٣وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ. ١٤أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ. ١٥لكِنَّكَ انْحَدَرْتَ إِلَى الْهَاوِيَةِ، إِلَى أَسَافِلِ الْجُبِّ.
١. كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ ٱلصُّبْحِ؟: يحدد النبي هنا ملك بابل على أنه لوسيفر، زُهَرَةُ، بِنْتَ ٱلصُّبْحِ. ويجادل بعضهم إن كانت كلمة لوسيفر اسمًا أو لقبًا. وتعني هذه الكلمة ’نجمة الصبح‘ أو ’نجمة النهار‘ في إشارة إلى شيء يلمع بسطوع شديد في السماء. وليس أمرًا مهمًّا أن يكون اسمًا أو لقبًا. لقد سقط ملك بابل الذي كان يلمع بسطوع ذات يوم من السماء.
• وفق العادة النبوية في التعامل مع كل من التحقيق القريب والبعيد، يركز النبي أحيانًا عن التحقيق القريب أكثر من البعيد. لكن نجد هنا مثلًا للتركيز على التحقيق البعيد، أي النهائي، أكثر من القريب. صحيح أن ملك بابل الحرفي لمع بسطوع بين الناس في عصره، وسقط بقسوة وبشكل تام كما يمكن أن يسقط إنسان من السماء. لكن كان هنالك كائن أكثر سطوعًا سكن السماء وسقط بطريقة أكثر درامية، وهو ملك بابل الروحي، إبليس.
٢. سَقَطْتِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ: في واقع الأمر، هنالك أربع حالات لسقوط إبليس. ويشير هذا النص إلى سقوطه النهائي، سقوطه الرابع.
• سقط إبليس من كونه ممجَّدًا إلى كونه دنسًا (حزقيال ٢٨: ١٤-١٦). هذا هو ما تكلم عنه يسوع في لوقا ١٠: ١٨ عندما قال: “رَأَيْتُ ٱلشَّيْطَانَ سَاقِطًا مِثْلَ ٱلْبَرْقِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ.” وهذا هو السقوط الوحيد الذي حدث بالفعل لإبليس.
• سيسقط إبليس من إمكان وصوله إلى السماء (أيوب ١: ١٢؛ ١ ملوك ٢٢: ٢١؛ زكريا ٣: ١) إلى حصره في الأرض (رؤيا ١٢: ٩).
• سيسقط إبليس من مكانه على الأرض إلى عبودية في الهاوية التي لا قرار لها مدة ألف سنة (رؤيا ٢٠: ١-٣).
• وأخيرًا، وكما يُذكر هنا في إشعياء ١٤: ١٢، سيسقط إبليس من الهاوية التي لا قرار لها إلى بحيرة النار التي نعرفها عامّةً باسم الجحيم (رؤيا ٢٠: ١٠).
٣. بِنْتَ ٱلصُّبْحِ: هذا لقب مجد وجمال وكرامة كان مناسبًا لإبليس قبل سقوطه. فالصباح مجيد. وفي الفكر العبري، فإن ابن ’فلان‘ له نفس مميزات ’فلان.‘ ولهذا، كان إبليس قبل سقوطه يتسم بمجد ٱلصُّبْحِ.
• يُدعى يسوع نفسه “كَوْكَبَ ٱلصُّبْحِ ٱلْمُنِيرَ” (رؤيا ٢٢: ١٦). ورغم أن إبليس مخلوق، إلا أنه كانت لديه صفات مجيدة، ولا عجب أنه يغيّر نفسه إلى ملاك نور (٢ كورنثوس ١١: ١٤)، خادعًا كثيرين بمجده وجماله وصلاحه الظاهر.
٤. كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى ٱلْأَرْضِ: يا لَهذا التباين! صار هذا الكائن، الذي كان ذات يومًا مرتفعًا جدًّا، وساطعًا جدًّا، ولامعًا جدًّا، مطروحًا إلى الأرض الآن.
٥. وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: يخبرنا الله هنا عن سبب سقوط ملِكَي بابل الفعلي والروحي. كان السقوط مدفوعًا بشيء قاله الملك. ربما لم يقله بشفتيه. لكن كان يكفي أن يقوله في قلبه.
٦. (سوف) أَصْعَدُ: يعبّر النص عن الكبرياء والطموح الأناني المستحوذ، والإرادة الذاتية لملك بابل بقوة في خمس عبارات تدل على التصميم (سوف). وهذا هو جوهر الحياة التي تركز على الذات والهوس بها.
• (سوف) أَصْعَدُ إِلَى ٱلسَّمَاوَاتِ: وكأن إبليس يقول هنا: “السماء هي بيتي ومكان كرامتي.”
• (سوف) أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ ٱللهِ: “سأُتوج وأُمجَّد فوق كل الملائكة الأخرى.”
• (سوف) أَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ ٱلِٱجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي ٱلشَّمَالِ: “سأجلس في مكان المجد، الكرامة، والاهتمام.”
• (سوف) أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ ٱلسَّحَابِ: “سأواصل الارتفاع حتى إلى السماء نفسها، إلى أن يراني الجميع في مجدي اللامع.”
• (سوف) أَصِيرُ مِثْلَ ٱلْعَلِيِّ: “سأكون مجيدًا، وأكون على قدم المساواة مع العليّ، أعلى من جميع الكائنات المخلوقة الأخرى.”
لا نرى في هذه العبارات رغبة في تمجيد الذات فوق الله بقدر ما نجد رغبة في تمجيد الذات فوق النظراء. إذ يبدو من هذا النص أن رغبة إبليس ليست في أن يكون فوق الله، بل في أن يكرَّم ويَعَد الملاك الأعلى (فَوْقَ كَوَاكِبِ ٱللهِ)، وفي أن يحصل على الاهتمام والمجد اللائقين بكائن إلى جانب الله، معادلًا له (أَصِيرُ مِثْلَ ٱلْعَلِيِّ). ولسنا مضطرين إلى أن نرغب في أن نمجَّد فوق الله لنكون مثل إبليس. إذ يكفي أن نريد أن نمجد أنفسنا فوق الآخرين لنكون مثله.
من المؤكد أن لوسيفر كان ملاكًا مجيدًا (الزهرة – بنت الصبح). وهو يوصف بأنه أيضًا “خَاتِمُ ٱلْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَامِلُ ٱلْجَمَالِ…أَنْتَ ٱلْكَرُوبُ ٱلْمُنْبَسِطُ ٱلْمُظَلِّلُ” في حزقيال ٢٨: ١٢، ١٤. ورغم جماله ومجده، حان وقت أن يغادر قلب الله في رغبته في تمجيد نفسه فوق نظرائه. وبدلًا من ذلك، يقول قلب يسوع: “ليست معادلتي لله الآب أمرًا أتشبّث به. سأتخلى عنه. سأُخلي نفسي، وأكون خادمًا، وأحيا بتواضع بين البشر. بل سأموت ميتة مؤلمة ومهينة” (فيلبي ٢: ٥-٨). وعندما ترك إبليس هذا القلب، سقط من المجد.
“إنها مفارقة غريبة أنه لا شيء يجعل كائنًا أقل شبهًا بالله من الرغبة في أن يكون معادلًا له، لأن ذاك الذي كان الله (على الدوام) نزل عن عرشه ليُظهِر لعيون البشر المتعجبة تواضع الله.” جروجان (Grogan)
٧. أَصِيرُ مِثْلَ ٱلْعَلِيّ: ما الذي دفع إبليس إلى أن يمجّد نفسه فوق كل الكائنات الأخرى؟ وما الذي دفعه إلى إطلاق تلك العبارات الخمس الدالة على التصميم (سوف)؟
• لماذا تمرد لوسيفر؟ ربما رفض خطة الله لخلق نظام من كائنات مخلوقة على صورته (تكوين ١: ٢٦) ستكون تحت الملائكة من حيث الكرامة (عبرانيين ٢: ٦-٧أ؛ ٢ بطرس ٢: ١١)، غير أنها ستُخدَم من الملائكة في الحاضر (عبرانيين ١: ١٤؛ ٢: ٧-٨؛ مزمور ٩١: ١١-١٢)، وستُرفع ذات يوم في الكرامة والمنزلة فوق الملائكة (١ كورنثوس ٦: ٣؛ ١ يوحنا ٣: ٢). أراد الشيطان أن يكون الأعلى بين كل المخلوقات، مساويًا لله في المجد والكرامة، لكن خطة الله في خلق الإنسان ستضع البشر فوق الملائكة في نهاية الأمر. وعلى ما يبدو، كان قادرًا على إقناع ثلث الملائكة بالانضمام إليه في تمرده (رؤيا ١٢: ٣-٤، ٧، ٩).
• إن كان هذا هو الحال، فإن هذا يفسر بشكل جيد إستراتيجية إبليس الحالية ضد الإنسان، وهي أن تطمس صورة الله في الإنسان من خلال التشجيع على الخطية، والتمرد، وجعْل الإنسان يخدمه ويمنع تمجيده النهائي.
٨. لَكِنَّكَ ٱنْحَدَرْتَ إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ: رغم رغبة إبليس في تمجيد نفسه، إلا أنه لن يمجَّد على الإطلاق. ومن المؤكد أنه يوجد معنى بموجبه أنه ممجَّد الآن، لكن هذا ليس سوى طرفة عين في قياس الأبدية. ولا بدّ أن يُنزل إبليس، وكل الذين يرغبون في تمجيد أنفسهم.
• تعبّر ١ بطرس ٥: ٦ عن السبيل الصحيح للتمجيد: “فَتَوَاضَعُوا تَحْتَ يَدِ ٱللهِ ٱلْقَوِيَّةِ لِكَيْ يَرْفَعَكُمْ فِي حِينِهِ.” وفي مرقس ٩: ٣٥، قال يسوع: “إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ أَوَّلًا فَيَكُونُ آخِرَ ٱلْكُلِّ وَخَادِمًا لِلْكُلِّ.”
هـ) الآيات (١٦-١٧): ذهول الأمم لسقوط ملك بابل
١٦اَلَّذِينَ يَرَوْنَكَ يَتَطَلَّعُونَ إِلَيْكَ، يَتَأَمَّلُونَ فِيكَ. أَهذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي زَلْزَلَ الأَرْضَ وَزَعْزَعَ الْمَمَالِكَ، ١٧الَّذِي جَعَلَ الْعَالَمَ كَقَفْرٍ، وَهَدَمَ مُدُنَهُ، الَّذِي لَمْ يُطْلِقْ أَسْرَاهُ إِلَى بُيُوتِهِمْ؟
١. اَلَّذِينَ يَرَوْنَكَ… يَتَأَمَّلُونَ فِيكَ. أَهَذَا هُوَ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي زَلْزَلَ ٱلْأَرْضَ… ٱلَّذِي لَمْ يُطْلِقْ أَسْرَاهُ إِلَى بُيُوتِهِمْ؟: عندما سقط ملك بابل الفعلي، انكشف ضعفه، ودُهش كثيرون لذاك الذي كان قد تمتّع بقوة عظيمة، وخافه كثيرون. وسيحدث الأمر نفسه عندما يسقط ملك بابل الفعلي، وسيراه الناس على حقيقته، وسيُدهشون للقوة الكبيرة التي امتلكها بالفعل.
و ) الآيات (١٨-٢٣): دمار بابل الدموي المذهل
١٨كُلُّ مُلُوكِ الأُمَمِ بِأَجْمَعِهِمِ اضْطَجَعُوا بِالْكَرَامَةِ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَيْتِهِ. ١٩وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ طُرِحْتَ مِنْ قَبْرِكَ كَغُصْنٍ أَشْنَعَ، كَلِبَاسِ الْقَتْلَى الْمَضْرُوبِينَ بِالسَّيْفِ، الْهَابِطِينَ إِلَى حِجَارَةِ الْجُبِّ، كَجُثَّةٍ مَدُوسَةٍ. ٢٠لاَ تَتَّحِدُ بِهِمْ فِي الْقَبْرِ لأَنَّكَ أَخْرَبْتَ أَرْضَكَ، قَتَلْتَ شَعْبَكَ. لاَ يُسَمَّى إِلَى الأَبَدِ نَسْلُ فَاعِلِي الشَّرِّ. ٢١هَيِّئُوا لِبَنِيهِ قَتْلاً بِإِثْمِ آبَائِهِمْ، فَلاَ يَقُومُوا وَلاَ يَرِثُوا الأَرْضَ وَلاَ يَمْلأُوا وَجْهَ الْعَالَمِ مُدُنًا». ٢٢«فَأَقُومُ عَلَيْهِمْ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ. وَأَقْطَعُ مِنْ بَابِلَ اسْمًا وَبَقِيَّةً وَنَسْلاً وَذُرِّيَّةً، يَقُولُ الرَّبُّ. ٢٣وَأَجْعَلُهَا مِيرَاثًا لِلْقُنْفُذِ، وَآجَامَ مِيَاهٍ، وَأُكَنِّسُهَا بِمِكْنَسَةِ الْهَلاَكِ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ».
١. كُلُّ مُلُوكِ ٱلْأُمَمِ: في هذا القسم، يعيد إشعياء التركيز على ملك بابل الفعلي. وهو يلاحظ الراحة والتعزية اللتين يتمتع بهما ملوك الأرض من دون هذا الملك الساقط الذي قُذف به من قبره كشيء بغيض (وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ طُرِحْتَ مِنْ قَبْرِكَ كَغُصْنٍ أَشْنَعَ).
• “لكن شيئًا رهيبًا حدث الآن. لم يُعط دفنًا مئرّفًا يليق بالملوك. فحتى الرجل العادي يعُد دفنه أمرًا ضروريًّا جدًّا…” وولف (Wolf). وبدلًا من الدفن الملائم، يحصل ملك بابل على سرير من الرِّمّة وبطانية من الدود (إشعياء ١٤: ١١).
• “ستُطرح جثة ملك بابل كغصن (neser) مرفوض. فيا له من تباين مع الغصن من جذع يسّى الذي سيؤتي ثمارًا وفيرة (إشعياء ١١: ١).” وولف (Wolf)
٢. وَأُكَنِّسُهَا بِمِكْنَسَةِ ٱلْهَلَاكِ: سيكون دمار ملك بابل (الفعلي والروحي) تامّا. وسيقطع الرب الاسم والبقية. فلن تبقى بقية لبابل.
• “لا تصلح القمامة إلا لمكنسة الدينونة. كان هذا حُكم الله على بابل القوية!” مورجان (Grogan)
• “إذا كان لدى أعداء الله يوم مشرق أو اثنان، فسرعان ما سيسوء الطقس بالنسبة لهم. قد يبتهجون الآن بما يفعلونه بشعب الله، لكنهم يعرفون أن يوم الحساب قادم.” سبيرجن (Spurgeon)
ثانيًا. دينونة على أشور والفلسطيين
أ ) الآيات (٢٤-٢٧): الدينونة القادمة على أشور
٢٤قَدْ حَلَفَ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: «إِنَّهُ كَمَا قَصَدْتُ يَصِيرُ، وَكَمَا نَوَيْتُ يَثْبُتُ: ٢٥أَنْ أُحَطِّمَ أَشُّورَ فِي أَرْضِي وَأَدُوسَهُ عَلَى جِبَالِي، فَيَزُولَ عَنْهُمْ نِيرُهُ، وَيَزُولَ عَنْ كَتِفِهِمْ حِمْلُهُ». ٢٦هذَا هُوَ القَضَاءُ الْمَقْضِيُّ بِهِ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَهذِهِ هِيَ الْيَدُ الْمَمْدُودَةُ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ. ٢٧فَإِنَّ رَبَّ الْجُنُودِ قَدْ قَضَى، فَمَنْ يُبَطِّلُ؟ وَيَدُهُ هِيَ الْمَمْدُودَةُ، فَمَنْ يَرُدُّهَا؟
١. كَمَا قَصَدْتُ يَصِيرُ: خطط الله فعّالة مثل أعماله. فكل ما عليه أن يفعله هو أن يفكر بفكرة لتُخلَق عوالم. فيا لها من تعزية أن الله يفكر أفكارًا صالحة تجاه شعبه. “لِأَنِّي عَرَفْتُ ٱلْأَفْكَارَ ٱلَّتِي أَنَا مُفْتَكِرٌ بِهَا عَنْكُمْ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، أَفْكَارَ سَلَامٍ لَا شَرٍّ، لِأُعْطِيَكُمْ آخِرَةً وَرَجَاءً” (إرميا ٢٩: ١١).
٢. أَنْ أُحَطِّمَ أَشُّورَ فِي أَرْضِي: فعل الله هذا بقوة عندما غزا الأشوريون يهوذا. إذ تصف ٢ ملوك ١٩: ٣٥ كيف أن الله أرسل ملاك الرب فقتل ١٨٥.٠٠٠ جندي أشوري في ليلة واحدة. وعندما صحا الشعب في اليوم التالي، رأوا ١٨٥.٠٠٠ جندي أشوري أمواتًا.
٣. فَإِنَّ رَبَّ ٱلْجُنُودِ قَدْ قَضَى، فَمَنْ يُبَطِّلُ؟: ينجز الله ما يقصده وينويه دائمًا! فلا تُحبط خططه أبدًا! وحتى عندما لا نثق على الإطلاق بخططنا، يمكننا أن نثق تمامًا بخطط الله ومقاصده.
ب) الآيات (٢٨-٣١): مجيء الدينونة على الفلسطيين
٢٨فِي سَنَةِ وَفَاةِ الْمَلِكِ آحَازَ كَانَ هذَا الْوَحْيُ: ٢٩لاَ تَفْرَحِي يَا جَمِيعَ فِلِسْطِينَ، لأَنَّ الْقَضِيبَ الضَّارِبَكِ انْكَسَرَ، فَإِنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْحَيَّةِ يَخْرُجُ أُفْعُوانٌ، وَثَمَرَتُهُ تَكُونُ ثُعْبَانًا مُسِمًّا طَيَّارًا. ٣٠وَتَرْعَى أَبْكَارُ الْمَسَاكِينِ، وَيَرْبِضُ الْبَائِسُونَ بِالأَمَانِ، وَأُمِيتُ أَصْلَكِ بِالْجُوعِ، فَيَقْتُلُ بَقِيَّتَكِ. ٣١وَلْوِلْ أَيُّهَا الْبَابُ. اصْرُخِي أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ. قَدْ ذَابَ جَمِيعُكِ يَا فِلِسْطِينُ، لأَنَّهُ مِنَ الشَّمَالِ يَأْتِي دُخَانٌ، وَلَيْسَ شَاذٌّ فِي جُيُوشِهِ.
١. لَا تَفْرَحِي يَا جَمِيعَ فِلِسْطِينَ، لِأَنَّ ٱلْقَضِيبَ ٱلضَّارِبَكِ ٱنْكَسَرَ: كانت هنالك حروب مستمرة بين إسرائيل والفلسطيين. وكانت إسرائيل في مرات كثيرة العصا التي ضرب بها الله الفلسطيين. والآن، عندما تذَل إسرائيل ويهوذا، لم يُرِد للفلسطيين أن يشمتوا بهما.
٢. قَدْ ذَابَ جَمِيعُكِ: ستأتي دينونة الله على الفلسطيين أيضًا. فلا ينبغي لهم أن يعتقدوا أنه لمجرد أن الله دان الإسرائيليين، فإنهم سينجون بطريقة ما.
ج) الآية (٣٢): كلمة لرسل الأمّة
٣٢فَبِمَاذَا يُجَابُ رُسُلُ الأُمَمِ؟ إِنَّ الرَّبَّ أَسَّسَ صِهْيَوْنَ، وَبِهَا يَحْتَمِي بَائِسُو شَعْبِهِ.
١. فَبِمَاذَا يُجَابُ رُسُلُ ٱلْأُمَمِ؟: في وسط دينونة الأمم، ماذا سيقول الله لشعبه وللأمم كلها عندما تدان؟
• “لا شك أن المبعوثين (الرسل) كانوا دبلوماسيين اُرسِلوا إلى أورشليم للتشجيع على التضامن ضد العدو المشترك. وكما هو الحال في أي موضع آخر أيضًا، كانت رسالة إشعياء هي التشجيع على الثقة بالله، لا بالتحالفات.” جروجان (Grogan)
٢. إِنَّ ٱلرَّبَّ أَسَّسَ صِهْيَوْنَ: كان هذا جواب الله البسيط. فعندما تأتي الدينونة، سيتضح ما هو مؤسس على الرب. إذ تأتي العاصفة وتضرب البيت لتختبر أساسه. وعندما يؤسس الرب بيتًا، فسيكون هذا واضحًا للجميع في وسط الدينونة.
٣. وَبِهَا يَحْتَمِي بَائِسُو شَعْبِهِ: كان هذا هو الجزء الثاني من جواب الله. إن مكان الأمان عند الله ليس هو للأغنياء والمكتفين ذاتيًّا. إنه لبائسي شعبه. فالمساكين بالروح هم الذين يجدون ملجأ في مدينة الله.