إشعياء ١٩
وحيُ من جهة مصر
أولًا. الله يضرب مصر
أ ) الآيات (١-٤): الرب يضرب مصر بسماحه بحرب أهلية وخضوعها لسيّد قاسٍ
١وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ مِصْرَ: هُوَذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِهِ، وَيَذُوبُ قَلْبُ مِصْرَ دَاخِلَهَا. ٢وَأُهَيِّجُ مِصْرِيِّينَ عَلَى مِصْرِيِّينَ، فَيُحَارِبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ: مَدِينَةٌ مَدِينَةً، وَمَمْلَكَةٌ مَمْلَكَةً. ٣وَتُهْرَاقُ رُوحُ مِصْرَ دَاخِلَهَا، وَأُفْنِي مَشُورَتَهَا، فَيَسْأَلُونَ الأَوْثَانَ وَالْعَازِفِينَ وَأَصْحَابَ التَّوَابعِ وَالْعَرَّافِينَ. ٤وَأُغْلِقُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ فِي يَدِ مَوْلًى قَاسٍ، فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ عَزِيزٌ، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ.
١. هُوَذَا ٱلرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ: كانت مصر واحدة من القوى العظمى في العالم القديم. ولأنها كانت تقع مباشرة إلى جنوب إسرائيل، كانت إمبراطورية حسبت لها إسرائيل حسابًا على الدوام. كانت مصر في أوقات كثيرة عدوًّا لإسرائيل، وفي أوقات أخرى كانت ملجأ لها. وعرضت مصر أحيانًا على إسرائيل تحالفًا مغريًا لكن فاجرًا. وفي هذا الإصحاح، يقدم الرب نبوّة ضدها ولها معًا.
٢. فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِهِ: كانت مصر مشهورة بعبادة آلهة كثيرة مختلفة. ومن خلال هذه الدينونة سيُسقط الله هذه الآلهة الكثيرة المختلفة.
• “في زمن إشعياء، لم تكن هنالك أية أمة أخرى مثل مصر تتحكم بها الخرافات والعبادة الوثنية بهذا الشكل القوي. إذ كانت القرود، والقطط، والضفادع، والسحالي، وكل شيء موضع تبجيل منهم.” بولتيما (Bultema)
• في وقت الخروج، عندما رفض فرعون مصر أن يطلق بني إسرائيل من عبوديتها، جعل الله أوثان مصر ترتجف من وجهه. فقد وجّه كُلًّا من الضربات العشر إلى وثن واحد من مصر.
أسقط الرب الإِلَهة خنوم (حارسة النيل على ما يُفترض)، وهابي (الذي يُفترض أنه روح النيل)، وأوزيريس الذي (يُفترض أن النيل جدول دمه)، عندما حوّل المياه إلى دم.
أسقط الرب الإلَهة هقت، إلهة الخصب (تُصوَّر على شكل ضفدع)، بضربة الضفادع.
أسقط الرب الإلهة هاثور، وهي الإلهة الأم على شكل بقرة بالضربة على المواشي.
أسقط الإله المصري امحوتب (الذي كان يُعتقد أنه إله الطب) بضربة الدمامل.
أسقط الإلهة نت، إِلهة السماء، بضربة البرَد.
أسقط الرب نظام العبادة المصري بأكمله بضربة القمل الكريه وأسراب الحشرات.
أسقط الإله المصري سِتْ الذي كان يُعتقد أنه حامي المحاصيل بضربة الجراد.
أسقط الرب رع، إله الشمس، بضربة الظلام.
أسقط الرب أوزيريس، الذي كان يُعتقد أنه واهب الحياة، والإله المزعوم فرعون مصر نفسه، بضربة الأبكار.
• في وقت الخروج، جعل الله أوثان مصر ترتجف من وجهه: وهنا يطلب إشعياء من الله أن يفعل الأمر نفسه ثانية.
٣. وَأُهَيِّجُ مِصْرِيِّينَ عَلَى مِصْرِيِّينَ: يتنبّأ إشعياء بحرب أهلية في مصر حيث تكون يد دينونة الله فيها غير مباشرة.
• “بعد مرور سنوات غير طويلة، انقسمت مصر إلى اثنتي عشرة مملكة دارت بينها حروب كثيرة قاسية، كما يروي المؤرخون في ذلك الوقت.” بوله (Poole)
٤. وَأُفْنِي مَشُورَتَهَا، فَيَسْأَلُونَ ٱلْأَوْثَانَ وَٱلْعَازِفِينَ وَأَصْحَابَ ٱلتَّوَابِعِ وَٱلْعَرَّافِينَ: عندما تكون أمّة تحت دينونة الله، فغالبًا ما يبدو أنه يزيل المشورة السديدة والحكمة من قادتها، فيلجؤون إلى أمور باطلة من أجل الحكمة (مثل أَصْحَابَ ٱلتَّوَابِعِ وَٱلْعَرَّافِينَ).
• “اشتهرت مصر بطبقة الحكماء (١ ملوك ٤: ٣٠)، لكن لن يكون هؤلاء قادرين على التعامل مع دينونة الرب هذه.” وولف (Wolf)
٥. وَأُغْلِقُ عَلَى ٱلْمِصْرِيِّينَ فِي يَدِ مَوْلًى قَاسٍ، فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ عَزِيزٌ: قد يدين الله أمة من خلال قادتها بطريقتين. أولًا، بإزالة القادة الأكفاء (أُفْنِي مَشُورَتَهَا). ثانيًا، بإعطائهم حكامًا قساة ظالمين. وهذه لعنة ودينونة على أي شعب.
ب) الآيات (٥-١٠): الرب يضرب مصر بتجفيف نهر النيل
٥وَتُنَشَّفُ الْمِيَاهُ مِنَ الْبَحْرِ، وَيَجِفُّ النَّهْرُ وَيَيْبَسُ. ٦وَتُنْتِنُ الأَنْهَارُ، وَتَضْعُفُ وَتَجِفُّ سَوَاقِي مِصْرَ، وَيَتْلَفُ الْقَصَبُ وَالأَسَلُ. ٧وَالرِّيَاضُ عَلَى النِّيلِ عَلَى حَافَةِ النِّيلِ، وَكُلُّ مَزْرَعَةٍ عَلَى النِّيلِ تَيْبَسُ وَتَتَبَدَّدُ وَلاَ تَكُونُ. ٨وَالصَّيَّادُونَ يَئِنُّونَ، وَكُلُّ الَّذِينَ يُلْقُونَ شِصًّا فِي النِّيلِ يَنُوحُونَ. وَالَّذِينَ يَبْسُطُونَ شَبَكَةً عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ يَحْزَنُونَ، ٩وَيَخْزَى الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الْكَتَّانَ الْمُمَشَّطَ، وَالَّذِينَ يَحِيكُونَ الأَنْسِجَةَ الْبَيْضَاءَ. ١٠وَتَكُونُ عُمُدُهَا مَسْحُوقَةً، وَكُلُّ الْعَامِلِينَ بِالأُجْرَةِ مُكْتَئِبِي النَّفْسِ.
١. وَيَجِفُّ ٱلنَّهْرُ وَيَيْبَسُ: كان نهر النيل مفتاح الزراعة والاقتصاد في مصر. ومن شأن معاناته من الجفاف الشديد أو انخفاض منسوب المياه فيه أن يؤثر في حياة المصريين. ويعلن الله عن حدوث هذا كدينونة على مصر.
٢. وَتُنْتِنُ ٱلْأَنْهَارُ: بسبب هذه الكارثة البيئية، سيصرخ المصريون. ٱلصَّيَّادُونَ يَئِنُّونَ… يَبْسُطُونَ شَبَكَةً عَلَى وَجْهِ ٱلْمِيَاهِ… يَخْزَى ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلْكَتَّانَ ٱلْمُمَشَّطَ… وَكُلُّ ٱلْعَامِلِينَ بِٱلْأُجْرَةِ مُكْتَئِبِي ٱلنَّفْسِ.
ج ) الآيات (١١-١٥): الرب يضرب مصر بإرسال مشورة حمقاء
١١إِنَّ رُؤَسَاءَ صُوعَنَ أَغْبِيَاءُ! حُكَمَاءُ مُشِيرِي فِرْعَوْنَ مَشُورَتُهُمْ بَهِيمِيَّةٌ! كَيْفَ تَقُولُونَ لِفِرْعَوْنَ: «أَنَا ابْنُ حُكَمَاءَ، ابْنُ مُلُوكٍ قُدَمَاءَ»؟ ١٢فَأَيْنَ هُمْ حُكَمَاؤُكَ؟ فَلْيُخْبِرُوكَ. لِيَعْرِفُوا مَاذَا قَضَى بِهِ رَبُّ الْجُنُودِ عَلَى مِصْرَ. ١٣رُؤَسَاءُ صُوعَنَ صَارُوا أَغْبِيَاءَ. رُؤَسَاءُ نُوفَ انْخَدَعُوا. وَأَضَلَّ مِصْرَ وُجُوهُ أَسْبَاطِهَا. ١٤مَزَجَ الرَّبُّ فِي وَسَطِهَا رُوحَ غَيٍّ، فَأَضَلُّوا مِصْرَ فِي كُلِّ عَمَلِهَا، كَتَرَنُّحِ السَّكْرَانِ فِي قَيْئِهِ. ١٥فَلاَ يَكُونُ لِمِصْرَ عَمَلٌ يَعْمَلُهُ رَأْسٌ أَوْ ذَنَبٌ، نَخْلَةٌ أَوْ أَسَلَةٌ.
١. إِنَّ رُؤَسَاءَ صُوعَنَ أَغْبِيَاءُ! حُكَمَاءُ مُشِيرِي فِرْعَوْنَ مَشُورَتُهُمْ بَهِيمِيَّةٌ: عندما يضرب الرب مصر، فلن يعطي المصريين رؤساء قاسين فحسب، بل سيعطي رؤساهم هؤلاء مشورة حمقاء أيضًا.
٢. فَأَيْنَ هُمْ حُكَمَاؤُكَ؟ فَلْيُخْبِرُوكَ. لِيَعْرِفُوا مَاذَا قَضَى بِهِ رَبُّ ٱلْجُنُودِ عَلَى مِصْرَ: هنا يذكّرنا الرب بما هي الحكمة الحقيقية. إنها معرفة ما قصده الله (مَاذَا قَضَى بِهِ رَبُّ ٱلْجُنُودِ). فليست الحكمة الحقيقية أن نعرف المعطيات والخطط والإستراتيجيات. إذ “بَدْءُ ٱلْحِكْمَةِ مَخَافَةُ ٱلرَّبِّ، وَمَعْرِفَةُ ٱلْقُدُّوسِ فَهْمٌ” (أمثال ٩: ١٠).
د ) الآيات (١٦-١٧): عند حلول دينونة الله على مصر، سيكون هنالك رعب بين الشعب
١٦فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ مِصْرُ كَالنِّسَاءِ، فَتَرْتَعِدُ وَتَرْجُفُ مِنْ هَزَّةِ يَدِ رَبِّ الْجُنُودِ الَّتِي يَهُزُّهَا عَلَيْهَا. ١٧وَتَكُونُ أَرْضُ يَهُوذَا رُعْبًا لِمِصْرَ. كُلُّ مَنْ تَذَكَّرَهَا يَرْتَعِبُ مِنْ أَمَامِ قَضَاءِ رَبِّ الْجُنُودِ الَّذِي يَقْضِي بِهِ عَلَيْهَا.
١. مِنْ هَزَّةِ يَدِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ: كان كل ما يحتاج الرب أن يفعله هو أن يقوم بتلويح يده (هَزَّةِ يَدِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ) ليستجيب كل شعب مصر برعب. سيرتعبون، وسيكونون رعبًا.
٢. وَتَكُونُ أَرْضُ يَهُوذَا رُعْبًا لِمِصْرَ: هذا تغيير درامي. فعلى مدى آلاف السنين، كانت يهوذا قابعة في خضوع تحت ظل الإمبراطورية المصرية العظيمة. ويتنبّأ الرب بيوم تكون فيه يهوذا أقوى من مصر: وَتَكُونُ أَرْضُ يَهُوذَا رُعْبًا لِمِصْرَ.
ثانيًا. الله يخلّص مصر
أ ) الآيات (١٨-٢٢): لجوء مصر إلى الرب
١٨فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ فِي أَرْضِ مِصْرَ خَمْسُ مُدُنٍ تَتَكَلَّمُ بِلُغَةِ كَنْعَانَ وَتَحْلِفُ لِرَبِّ الْجُنُودِ، يُقَالُ لإِحْدَاهَا «مَدِينَةُ الشَّمْسِ». ١٩فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخْمِهَا. ٢٠فَيَكُونُ عَلاَمَةً وَشَهَادَةً لِرَبِّ الْجُنُودِ فِي أَرْضِ مِصْرَ. لأَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ بِسَبَبِ الْمُضَايِقِينَ، فَيُرْسِلُ لَهُمْ مُخَلِّصًا وَمُحَامِيًا وَيُنْقِذُهُمْ. ٢١فَيُعْرَفُ الرَّبُّ فِي مِصْرَ، وَيَعْرِفُ الْمِصْرِيُّونَ الرَّبَّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَيُقَدِّمُونَ ذَبِيحَةً وَتَقْدِمَةً، وَيَنْذُرُونَ لِلرَّبِّ نَذْرًا وَيُوفُونَ بِهِ. ٢٢وَيَضْرِبُ الرَّبُّ مِصْرَ ضَارِبًا فَشَافِيًا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى الرَّبِّ فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَيَشْفِيهِمْ.
١. فِي أَرْضِ مِصْرَ خَمْسُ مُدُنٍ: سترتبط خمس مدن في أرض مصر مع الرب أكثر من مصر نفسها. هنالك ترجمة تشير إلى “مدينة الشمس” (كما هي في الترجمة العربية) باسم مدينة الدمار (وهي ترجمة غير دقيقة). وكانت تعرف باسم هليوبوليس.
٢. تَتَكَلَّمُ بِلُغَةِ كَنْعَانَ: تعلن هذه النبوة عن يوم ستسجد فيه مصر للرب، ويَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ وستحيي أعمال الرب بعامود للرب. وعندما تتعرض مصر لهذا القمع، ستصرخ للرب بسبب مضطهديها، فَيُرْسِلُ لَهُمْ مُخَلِّصًا وَمُحَامِيًا وَيُنْقِذُهُمْ.
• “في زمن المكابيين، اضطر رئيس الكهنة، أونياس الرابع، إلى الفرار إلى مصر، وهناك بنى هيكلًا مشابهًا لذاك الذي كان في أورشليم. ويربط بعض المفسرين ’المذبح‘ المذكور في الآية ١٩ بهذا الهيكل” وولف (Wolf). وربما يرتبط بنبوة مدينة الشمس، لأن هيكل أونياس الرابع بُني هناك.
• فَيُرْسِلُ لَهُمْ مُخَلِّصًا وَمُحَامِيًا وَيُنْقِذُهُمْ: “يقول النص إن المخلص عظيم. وأنا أريد مخلّصًا عظيمًا. فلن يلبّي حاجتي مخلص صغير، لأن خطيتي العظيمة تريد كفارة عظيمة. ويريد قلبي نعمة عظيمة لترقّقه.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. وَيَعْرِفُ ٱلْمِصْرِيُّونَ ٱلرَّبَّ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: لقد وصلت معرفة الرب إلى مصر في زمن يسوع، حيث كان يعيش هناك ما يزيد عن مليون يهودي. وفي أيام المسيحية الأولى، كانت هنالك كنيسة قوية حيوية في مصر لأكثر من ٦٠٠ عام.
• قد يكون لهذه النبوة تحقيق إضافي أثناء الحكم الألفي. لكن من المؤكد أنها تحققت في التاريخ. إذ كتب اللاهوتي العظيم، أثناسيوس، هذا في القرن الرابع الميلادي: “يحدث هذا الشيء أمام عيوننا في مصر، وبهذا تتحقق نبوة أخرى. فلم يتوقف المصريون عن عبادتهم الزائفة في أي وقت آخر إلا عندما نزل رب الكل، كما لو كان راكبًا على سحابة، في الجسد، وأبطل ضلالة الأوثان، وربح الجميع لنفسه، ومن خلاله للآب.” من كتاب ’حول التجسد‘ اقتبسه جروجان (Grogan)
• يرجح أن تحقيق هذه النبوة المرتبطة بالمذبح والذبائح هنا سيتم أثناء الحكم الألفي، عندما يُسمح بتقديم ذبيحة تذكارية لعمل يسوع العظيم، لكن ليست كفارية على الإطلاق. “كما ستقدم إسرائيل المستردَّة ذبائح للرب للتذكير بذبيحة المسيح الدموية الكفارية الكافية، كذلك سيحدث هذا في مصر في ذلك اليوم المشهود.” بولتيما (Bultema)
٤. ضَارِبًا فَشَافِيًا: مهما كانت الدينونة التي سمح بها الرب، فإن رغبته هي في أن يتوب الناس ويعودوا إليه لكي يُشفوا.
ب) الآيات (٢٣-٢٥): سلام مذهل بين ثلاث أمم كانت أعداء في السابق
٢٣فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ سِكَّةٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَشُّورَ، فَيَجِيءُ الأَشُّورِيُّونَ إِلَى مِصْرَ وَالْمِصْرِيُّونَ إِلَى أَشُّورَ، وَيَعْبُدُ الْمِصْرِيُّونَ مَعَ الأَشُّورِيِّينَ. ٢٤فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ إِسْرَائِيلُ ثُلُثًا لِمِصْرَ وَلأَشُّورَ، بَرَكَةً فِي الأَرْضِ، ٢٥بِهَا يُبَارِكُ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ، وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشُّورُ، وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ».
١. فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ يَكُونُ إِسْرَائِيلُ ثُلُثًا لِمِصْرَ وَلِأَشُّورَ: يَعِد الله بأن يسود سلام بين إسرائيل وأشور. وستكون هنالك تجارة وسفر بين الأمم الثلاث (سِكَّةٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَشُّورَ). وفي ذلك اليوم يبارك الله الأمم الثلاث.
٢. مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ، وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشُّورُ، وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ: يا لها من عمل فداء مذهل! يبيّن هذا أن خلاص الله يمتد إلى الأمم، وأنه سيدعو خاصّته حتى من مصر وأشور، لا من إسرائيل وحدها.
• كان هذا قويًّا عندما قيل عن مصر، لكنه كان غير قابل للتصديق تقريبًا عندما قيل عن أشور، تلك الأمة التي أبغضها يونان كثيرًا. “في أيام إشعياء، كانت أشور القوة الوحيدة التي كانت تخشاها كل أمة صغيرة في الهلال الخصيب. ربما جعلت الوحشية المتعمدة للأشوريين إياهم موضوعًا للبُغض من أية أمة أخرى في العصور القديمة. إذ كان المصريون والبابليون قادرين على ارتكاب أفعال غير إنسانية، لكن يصعب أن تجد شيئًا موازيًا للسجل الأشوري في القسوة الخالية من الإحساس.” جروجان (Grogan)
• “من الذي، وهو يقف بين أهوال الدينونة، يمكن أن يتصور أن مصر يمكن أن تخاطَب بصفتها ’شعبي‘؟ ومن كان يمكن أن يظن أن أشور الطاغية المضطهِدة يمكن أن توصف بأنها ’عمل يدي‘؟ غير أن هذه جوائز انتصارات النعمة الإلهية؟” ماير (Meyer)
• “لكن إسرائيل هي دائمًا ميراثه. وهناك يجد راحته وبيته، لأن نصيب الرب هو شعبه. ليتنا نعرف غنى مجد ميراثنا في القديسين.” ماير (Meyer). نحن أيضًا ميراث الرب. صلى بولس في أفسس ١: ١٨ هذه الكلمات: لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ. إن شعب الله هو غناه وميراثه ومجده.
٣. مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ: استقى سبيرجن (Spurgeon) من هذا النص المتعلق بتجديد مصر النقاط التالية (من عظة بعنوان ’ثمار النعمة‘:
• غالبًا ما تأتي نعمة الله إلى أسوأ الناس.
• ترسل نعمة الله مخلّصًا.
• تغير نعمة الله لغة الناس.
• تضع نعمة الله الناس في خدمة مقدسة.
• تعلّم نعمة الله الناس أن يصلّوا.
• ترشد نعمة الله الناس.
• تجعل نعمة الله الضيق بركة للإنسان.
• تغيّر نعمة الله علاقات الناس بعضهم ببعض.
• تجعل نعمة الله الناس مباركين، وبركة للآخرين.