إشعياء ٢٠
لا تتكلوا على مصر
أولًا. إشعياء يمثّل آية
أ ) الآية (١): الإطار السياسي للآية.
١فِي سَنَةِ مَجِيءِ تَرْتَانَ إِلَى أَشْدُودَ، حِينَ أَرْسَلَهُ سَرْجُونُ مَلِكُ أَشُّورَ فَحَارَبَ أَشْدُودَ وَأَخَذَهَا.
١. فِي سَنَةِ مَجِيءِ تَرْتَانَ إِلَى أَشْدُودَ: يتحدث هذا عن الوقت الذي غزا فيه جيش أشور مدينة أَشْدُود الفلسطية. وكانت آية إشعياء استجابة لهذا الانتصار الأشوري.
• لهذا الغزو نقطة محددة ثابتة في التاريخ العلماني، وهو عام ٧١١ ق. م.
٢. فَحَارَبَ أَشْدُودَ وَأَخَذَهَا: كان الفلسطيون جيرانًا لإسرائيل وشوكة في حلقها أيضًا. ولا شك أن سقوط أَشْدُود ستجعل يهوذا تفكر: “الدَّور عليّ أنا الآن. وأنا أحتاج إلى حماية.”
ب) الآية (٢): الرب يعطي إشعياء آية ليمثّلها.
٢فِي ذلِكَ الْوَقْتِ تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ قَائِلاً: «اِذْهَبْ وَحُلَّ الْمِسْحَ عَنْ حَقْوَيْكَ وَاخْلَعْ حِذَاءَكَ عَنْ رِجْلَيْكَ». فَفَعَلَ هكَذَا وَمَشَى مُعَرًّى وَحَافِيًا.
١. وَحُلَّ ٱلْمِسْحَ عَنْ حَقْوَيْكَ وَٱخْلَعْ حِذَاءَكَ: قبل هذا كان إشعياء يلبس ثوبًا خارجيًّا من ٱلْمِسْحَ، أي لباس الحداد. والآن يطلب منه الله أن ينزع ثوبه الخارجي ويخلع نعليه.
• “كان الله يطلب من أنبيائه أن يضيفوا إلى كلمتهم علامة منظورة لإيقاظ أذهان الناس إلى خطورة الأمور المطروحة عليهم وأخذها في الاعتبار.” بوله (Poole)
٢. فَفَعَلَ هَكَذَا وَمَشَى مُعَرًّى وَحَافِيًا: لا ينبغي أن نعتقد أن إشعياء كان عاريًا تمامًا بلا أية ملابس. وبدلًا من ذلك، كان يرتدي فقط الثوب الداخلي المعتاد في ذلك الزمان، مثل ملابسنا الداخلية أو قميص النوم. لم تكن الرسالة هي العُري، بل كانت الفقر المدقع والإذلال الكبير. إذ كان إشعياء يرتدي ما كان يرتديه أفقر الناس على الإطلاق.
• “لا يلزم أن نتخيل أن إشعياء كان يتجول عاريًا طوال السنوات الثلاث، أو أن حزقيال كان مستلقيًا على جنبه مدة ٣٩٠ يومًا من دون نهوض (حزقيال ٤: ٩). فربما استُخدم جزء من كل يوم لهذه المقاصد المحددة.” وولف (Wolf)
• “لم يكن عاريًا تمامًا، بل مثل سجين تم تجريده، حيث نزع ثوبه العلوي أو معطفه.” تراب (Trapp)
• “طلب من أنبياء آخرين أن يمروا بخبرات صعبة مماثلة كآيات لإسرائيل. فقد احتمل هوشع زواجًا متعبًا جدًّا، وماتت زوجة حزقيال في تمثيل توضيحي للأمة (حزقيال ٢٤: ١٦-٢٩).” وولف (Wolf)
ثانيًا. معنى الآية
أ ) الآيات (٣-٤): العلامة تعلن دينونة مصر وإذلالها.
٣فَقَالَ الرَّبُّ: «كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ مُعَرًّى وَحَافِيًا ثَلاَثَ سِنِينٍ، آيَةً وَأُعْجُوبَةً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُوشَ، ٤هكَذَا يَسُوقُ مَلِكُ أَشُّورَ سَبْيَ مِصْرَ وَجَلاَءَ كُوشَ، الْفِتْيَانَ وَالشُّيُوخَ، عُرَاةً وَحُفَاةً وَمَكْشُوفِي الأَسْتَاهِ خِزْيًا لِمِصْرَ.
١. كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ مُعَرًّى وَحَافِيًا ثَلَاثَ سِنِينٍ، آيَةً وَأُعْجُوبَةً عَلَى مِصْرَ: بموجب أمر الرب، ارتدى إشعياء ملابس بطريقة تدل على الانكسار والفقر مدة ثلاث سنوات. وكانت هذه رسالة لمصر، لأن ملك أشور سيقود المصريين كأسرى.
٢. خِزْيًا لِمِصْرَ: عندما يأخذ الأشوريون المصريين كأسرى، سيذلونهم بتجريدهم، وسيقودونهم كسجناء. وسيكون هذا خِزْيًا لِمِصْرَ.
• “هكذا يعامل إبليس كل أسراه البائسين، حيث يدفعهم نحو الجحيم عراةً وحفاة، مع كشف الأرداف. وعارهم مكشوف أمام عيون الجميع بسبب عدم ارتدائهم ثوب بر المسيح الأبيض.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (٥-٦): رسالة الآية ليهوذا
٥فَيَرْتَاعُونَ وَيَخْجَلُونَ مِنْ أَجْلِ كُوشَ رَجَائِهِمْ، وَمِنْ أَجْلِ مِصْرَ فَخْرِهِمْ. ٦وَيَقُولُ سَاكِنُ هذَا السَّاحِلِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: هُوَذَا هكَذَا مَلْجَأُنَا الَّذِي هَرَبْنَا إِلَيْهِ لِلْمَعُونَةِ لِنَنْجُو مِنْ مَلِكِ أَشُّورَ، فَكَيْفَ نَسْلَمُ نَحْنُ؟».
١. فَيَرْتَاعُونَ وَيَخْجَلُونَ مِنْ أَجْلِ كُوشَ رَجَائِهِمْ، وَمِنْ أَجْلِ مِصْرَ فَخْرِهِمْ: عندما يدين الله الحبشة ومصر، سيكون واضحًا تمامًا مدى حمق يهوذا في التطلع إليهما للحماية من أشور.
• عندما يكون توقُّعنا أو رجاؤنا في شيء ما خطأ، أو عندما يكون فخرنا في شيء خطأ، سيجد الله طريقة لجعل هذه الأشياء تخيّب أملنا. وقد علّقت يهوذا آمالها على الحبشة، وتطلعت إلى مصر من أجل مجدها، لكنهما الآن خائفتان وفي خزي.
• “ما من مكان آمِنٍ لشعب الله غير أن يكونوا في حُكْمه. وكل التوقعات غير المرتكزة عليه محكوم عليها بخيبة الأمل والفشل.” مورجان (Morgan)
٢. فَكَيْفَ نَسْلَمُ نَحْنُ؟: سمح الرب ليهوذا بأن تحاصَر في الزاوية عالقةً بين إمبراطوريتين قويتين (أشور ومصر)، من دون أن تكون قادرة على الاتكال على أيٍّ منهما. فلم يكن هنالك مهرب إلا في الرب.
• بسبب الوعد المجيد بالانتعاش والرجوع والاسترداد بين مصر في إشعياء ١٩، ربما كانت يهوذا أكثر ميلًا إلى القول: “حسنًا. سأتكل على مصر. إذ سيأتون جميعًا إلى الرب يومًا ما على أية حال.” لكن مع آية الثلاث سنوات الدرامية، يبيّن إشعياء مدى عبثية تعليق الآمال على مصر.