إشعياء ٦
تبكيت إشعياء، وتطهيره، ودعوته
أولًا. تبكيت النبي
أ ) الآيات (١-٢): ما رآه إشعياء
١فِي سَنَةِ وَفَاةِ عُزِّيَّا الْمَلِكِ، رَأَيْتُ السَّيِّدَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ عَال وَمُرْتَفِعٍ، وَأَذْيَالُهُ تَمْلأُ الْهَيْكَلَ. ٢السَّرَافِيمُ وَاقِفُونَ فَوْقَهُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ، بِاثْنَيْنِ يُغَطِّي وَجْهَهُ، وَبِاثْنَيْنِ يُغَطِّي رِجْلَيْهِ، وَبَاثْنَيْنِ يَطِيرُ.
١. فِي سَنَةِ وَفَاةِ عُزِّيَّا ٱلْمَلِكِ: كان حكم الملك عُزّيا طويلًا ومتميّزًا. وهو موصوف في ٢ أخبار ٢٦ و٢ ملوك ١٥: ١-٧ (وهو يُدعى عزريا في ٢ ملوك ١٥).
• بدأ عُزِّيَّا حكمه عندما كان في السادسة من عمره فقط، وملَكَ ٥٢ سنة. وكان ملكًا صالحًا بشكل عام. وتقول ٢ ملوك ١٥: ٣ “وَعَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ أَمَصْيَا أَبُوهُ.” وتقول ٢ أخبار ٢٦: ٥ “وَكَانَ يَطْلُبُ ٱللهَ فِي أَيَّامِ زَكَرِيَّا ٱلْفَاهِمِ بِمَنَاظِرِ ٱللهِ. وَفِي أَيَّامِ طَلَبِهِ ٱلرَّبَّ أَنْجَحَهُ ٱللهُ.”
• وفضلًا عن ذلك، قاد عُزّيا إسرائيل في انتصارات عسكرية على الفلسطيين وأمم مجاورة أخرى. كان ملكًا قويًّا، وبنّاء مفعمًا بالحيوية، ومخطِطًا، وقائدًا عسكريًّا. تقول ٢ أخبار ٢٦: ٨ عنه: “وَأَعْطَى ٱلْعَمُّونِيُّونَ عُزِّيَّا هَدَايَا، وَٱمْتَدَّ ٱسْمُهُ إِلَى مَدْخَلِ مِصْرَ لِأَنَّهُ تَشَدَّدَ جِدًّا.”
• لكن حياة عُزّيا انتهت بشكل مأساوي. تقول ٢ أخبار ٢٦: ١٦ “وَلَمَّا تَشَدَّدَ ٱرْتَفَعَ قَلْبُهُ إِلَى ٱلْهَلَاكِ وَخَانَ ٱلرَّبَّ إِلَهَهُ، وَدَخَلَ هَيْكَلَ ٱلرَّبِّ لِيُوقِدَ عَلَى مَذْبَحِ ٱلْبَخُورِ.” ونتيجة لذلك، ضربه الرب بالبرص، وعاش أبرص معزولًا حتى موته.
• لذلك، فإن القول “فِي سَنَةِ وَفَاةِ عُزِّيَّا ٱلْمَلِكِ” يعني الكثير. فهو يعني “في سنة وفاة ملك عظيم حكيم”، أو “في سنة وفاة ملك عظيم بشكل مأساوي.” فكان لدى إشعياء سبب قوي للإحساس بالإحباط وخيبة الأمل عند وفاة هذا الملك، لأنه كان عظيمًا، ولأن حياته انتهت نهاية مأساوية. فأين الرب في هذا كله؟
٢. رَأَيْتُ ٱلسَّيِّدَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ: أين الرب في هذا كله؟ كان الرب متربّعًا على العرش. كان ما زال متوّجًا في السماء، وما زال يتولى كل شؤون الخليقة.
• هنالك عرش في السماء، والرب جالس عليه بصفته الحاكم المتسيد على الكون! هذه هي الحقيقة المركزية في السماء – أنّ هنالك عرشًا مشغولًا في السماء. فلا يجلس الله على كرسي عادي في السماء. إذ يمكن لأي شخص أن يجلس على كرسي عادي. لكن الملوك المتسيّدين يجلسون على عروش. ويجلس القضاة على عروش. ويجلس كل من يتمتع بسلطة ملائمة وسيادة على عرش.
• لم يكن إشعياء هو الوحيد الذي رأى عرش الله. فمعظم الأشخاص في الكتاب المقدس الذين تلقّوا رؤيا من الله، أو أُخِذوا إلى السماء، أو تحدثوا عنها، تحدثوا عن عرش الله.
رأى النبي ميخا عرش الله (١ ملوك ٢٢: ١٩).
رأى أيوب عرش الله (أيوب ٢٦: ٩).
رأى داود عرش الله (مزمور ٩: ٤؛ ٩: ٧؛ ١١: ٤).
رأى بنو قورح عرش الله (مزمور ٤٥: ٦؛ ٤٧؛ ٨).
رأى إيثان الأزراحي عرش الله (مزمور ٨٩: ١٤).
رأى إرميا عرش الله (مراثي إرميا ٥: ١٩).
رأى حزقيال عرش الله (حزقيال ١: ٢٦؛ ١٠: ١).
رأى دانيال عرش الله (دانيال ٧: ٩).
رأى الرسول يوحنا عرش الله (رؤيا ٤: ١-١١). وفي واقع الأمر، يمكن أن يسمَّى سفر الرؤيا “سفر عرش الله” لأن عرش الله ذُكر فيه ما يزيد عن ٣٥ مرة.
• الاعتقاد الجوهري للإلحاد أو المادية هو أنه لا يوجد عرش ولا مقر لسلطة نحاسَب أمامها. والاعتقاد الجوهري للفلسفة الإنسانية هو أنه يوجد عرش، لكن الإنسان هو الذي يجلس عليه. لكن الكتاب المقدس يوضح أن هنالك عرشًا في السماء، ولا يمكن لإنسان ساقط أن يجلس على العرش، لكن الرب متوج في السماء.
• ربما كان إشعياء مكتئبًا أو محبطًا لأن زعيمًا عظيمًا على يهوذا لم يَعُد على العرش. والآن يوضح الله الذي في السماء لإشعياء: “لا تقلق بشأن هذا، يا إشعياء. ربما لا يكون عُزّيّا على العرش، لكني أنا على العرش.”
٣. عَالٍ وَمُرْتَفِعٍ: كان العرش عاليًا ومرتفعًا وجليلًا. لقد تمتع العرش بمكانة متفوقة بسبب هوية من يشْغله.
٤. وَأَذْيَالُهُ تَمْلَأُ ٱلْهَيْكَلَ: في ذلك الوقت، كان الملوك يرتدون أردية ذات أذيال طويلة تصعّب عليهم المناورة والعمل بها. وعنى ارتداء أذيال طويلة: “أنا مهم بما يكفي لعدم الاضطرار إلى العمل. أنا رجل ذو شرف وكرامة، ويتوجب على الآخرين أن يقوموا على خدمتي.” وبشكل أساسي، يمكن أن يقال الأمر نفسه عندما ترتدي عروس فستانًا ذا أذيال طويلة اليوم.
• الله مكرَّم جدًّا، ومهم جدًّا، ومبجّل جدًّا حتى أن أذيال ردائه تملأ الهيكل. فكانت أذيالًا طويلة.
٥. ٱلسَّرَافِيمُ وَاقِفُونَ فَوْقَهُ: تحيط بعرش الله ملائكة تُعرف بالسرافيم. وفي نصوص أخرى، تدعى كروبيم (مزمور ٨٠: ١؛ إشعياء ٣٧: ١٦؛ حزقيال ١٠: ٣) أو المخلوقات الحية (الحيوانات) في رؤيا ٤: ٦-١١. وهذا هو الإصحاح الوحيد الذي تدعى فيه هذه الملائكة سرافيم.
• ينكر بعضهم أن تعبيري السرافيم والكروبيم يشيران إلى نفس الكائنات. لكن كلمة سرافيم تعني “الكائنات الملتهبة.” وتصف حزقيال ١: ١٣ الكروبيم (انظر أيضًا حزقيال ١٠: ١٥) هكذا: “وَكُلُّ وَاحِدٍ كَانَ يَسِيرُ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ. إِلَى حَيْثُ تَكُونُ ٱلرُّوحُ لِتَسِيرَ تَسِيرُ. لَمْ تَدُرْ عِنْدَ سَيْرِهَا. أَمَّا شِبْهُ ٱلْحَيَوَانَاتِ فَمَنْظَرُهَا كَجَمْرِ نَارٍ مُتَّقِدَةٍ، كَمَنْظَرِ مَصَابِيحَ هِيَ سَالِكَةٌ بَيْنَ ٱلْحَيَوَانَاتِ. وَلِلنَّارِ لَمَعَانٌ، وَمِنَ ٱلنَّارِ كَانَ يَخْرُجُ بَرْقٌ.” ومن المؤكد أن هذا يصف “الكائنات الملتهبة.”
٦. لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ: ذكر الرسول يوحنا أيضًا في رؤيا ٤: ٨ سِتَّةُ أَجْنِحَة. احتاجت هذه الملائكة إلى ستة أجنحة، اثنين لتغطي بهما وجهها (لأنها كانت تعد نفسها أدنى من أن تنظر إلى الرب)، واثنين لتغطي بهما قدميهما (لتخبّئ بهما المنطقة المتواضعة من جسمها، لئلا يظهر أي شيء ناقص في محضر الرب)، واثنين لتطير بهما.
• قال الرب لموسى في خروج ٣٣: ٢٠ “لَا تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي، لِأَنَّ ٱلْإِنْسَانَ لَا يَرَانِي وَيَعِيشُ.” وعلى ما يظهر، فإن هذا ينطبق على الملائكة أيضًا. ولهذا غطت السرافيم وجوهها.
• “لا يعنى الجناحان اللذان تطير بهما السرافيم سوى استعدادها الفرِح بتنفيذ أوامر الرب… وأما الجناحان اللذان تغطي بهما وجوهها، فإنها تبيّن بوضوح أن الملائكة نفسها لا تستطيع احتمال سطوع الله. فهو يبهر العيون (حتى العمى)، كما لو أننا نحاول أن نحدق في سطوع الشمس.” كالفن (Calvin)
• “تتذكر السرافيم أنها مخلوقة مع أنها بلا خطية. ولهذا تخفي أنفسها كتعبير عن عدم استحقاق لوجودها في محضر الله الثالوثي القدوس.” سبيرجن (Spurgeon)
٧. لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ، بِٱثْنَيْنِ يُغَطِّي وَجْهَهُ، وَبِٱثْنَيْنِ يُغَطِّي رِجْلَيْهِ، وَبَٱثْنَيْنِ يَطِيرُ: استخدمت السرافيم أربعة أجنحة لإظهار التواضع، وجناحين للتعبير عن استعدادها لخدمة الله والقدرة على ذلك. وهذا توازن سليم.
• “وهكذا لديها أربعة أجنحة للعبادة، واثنين للطاقة النشطة، أربعة لتخفي بها أنفسها، واثنين لتنشغل بهما بالخدمة. وقد نتعلم منها أن نخدم الله على أفضل وجه عندما نقدم له أعمق تبجيل وأعمق تواضع في خدمته. ويتوجب أن يكون التبجيل والتوقير أكثر من القوة، ويتوجب أن تتجاوز العبادة نشاطنا. فكما فُضِّلت مريم عند قدمي يسوع على مرثا وخدمتها الكثيرة، كذلك يتوجب أن يأخذ التوقير المقدس المكانة الأولى. وأما الخدمة النشطة فتتبع ذلك في الوقت الملائم.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآيات (٣-٤): ما سمعه إشعياء
٣وَهذَا نَادَى ذَاكَ وَقَالَ: «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ». ٤فَاهْتَزَّتْ أَسَاسَاتُ الْعَتَبِ مِنْ صَوْتِ الصَّارِخِ، وَامْتَلأَ الْبَيْتُ دُخَانًا.
١. وَهَذَا نَادَى ذَاكَ وَقَالَ: لا تخاطب السرافيم الرب الإله مباشرة هنا. فهي تعلن طبيعته المجيدة ومعدنه الأدبي بعضهم لبعض في حضور الرب.
٢. قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: لماذا التكرار الثلاثي لكلمة ’قُدُّوس‘؟ ألم يكن يكفي أن يقولوا “الرب قدوس” مرة واحدة؟ لم يكن هذا كافيًا. فهم يقولون ذلك ثلاث مرات، لأن هنالك ثلاثة أقانيم في الإله الواحد.
• لم يعتقد كالفن (Calvin) أن هذه أفضل آية لبرهان الثالوث، لكنه رأى حق الثالوث هنا. “اقتبس القدماء هذا النص عندما أرادوا أن يبرهنوا وجود ثلاثة أقانيم في جوهر واحد من الذات الإلهية… وليس لديّ شك في أن الملائكة تصف هنا إلهًا واحدًا في ثلاثة أقانيم.”
٣. قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: لماذا التكرار الثلاثي لكلمة ’قُدُّوس‘؟ ألم يكن يكفي أن يقولوا “الرب قدوس” مرة واحدة؟ لم يكن هذا كافيًا. ففي اللغة العبرية، يتم التعبير عن التشديد والتكثيف من خلال استخدام التكرار. فأنت تقول شيئًا عندما تقول إن “الرب قدوس.” وتقول أكثر بكثير عندما تقول إن “الرب قدوس، قدوس.” وعندما تقول إن “الرب قدوس، قدوس، قدوس،” فإنك تعلن قداسته في أعلى درجة ممكنة.
• فماذا يعني أن الله قدوس، وأنه قدوس بمعنى أعلى درجة ممكنة؟ تحمل فكرة القداسة في جذرها فكرة الانفصال. وهي تصف شخصًا يُفرَز من أشخاص آخرين أو شيئًا يُفرز من أشياء أخرى. ويمكن أن يكون شيء ما مقدسًا إذا تمّ تخصيصه لخدمة مقدسة. ويصبح إنسان مقدسًا إذا أُفرِز لإرادة الله وقصده.
• فما الذي يُفصَل الله عنه؟ إنه منفصل عن كل خليقة في كونه أنه الرب الإله وليس مخلوقًا، وأنه موجود خارج خليقته. فلو قُدِّر لكل خليقة أن تنحل، فسيبقى الرب الإله. وهو منفصل عن البشر من حيث إن طبيعته أو جوهره إلهي لا بشري. وليس الله رجلًا خارقًا أو الرجل النهائي. وليس الله أذكى من كل بشر، وأقوى من كل بشر، وأقدم من كل بشر، أو أفضل من كل بشر فحسب. فلا يمكنك أن تقيسه على جدول الإنسان على الإطلاق. فهو الله، بينما نحن بشر.
• ومع ذلك، لأننا مخلوقون على صورة الله (تكوين ١: ٢١-٢٧)، فإن البشرية تتوافق مع الألوهة. إنهما مختلفتان، لكنهما لا تقاوم إحداهما الأخرى بشكل آلي، ولهذا أضاف يسوع، الأقنوم الثاني من الثالوث طبيعة بشرية إلى طبيعته الإلهية عندما تجسَّد. وليست البشرية غير الساقطة إلهية، لكنها تتوافق مع الله.
• قداسة الله جزء من كل كينونته وكل ما يفعله. فقوة الله قوة مقدسة، ومحبته مقدسة، وحكمته مقدسة. وليست القداسة جانبًا من جوانب شخصية الله. بل سمة جوهرية من كليته الكلية.
٤. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ ٱلْأَرْضِ: يرجح أن السرافيم المحيطة بعرش الله استطاعت أن ترى هذا بشكل أفضل من إشعياء. وغالبًا ما نكون عميانًا عن مجد الله في كل مكان حولنا.
٥. فَٱهْتَزَّتْ أَسَاسَاتُ ٱلْعَتَبِ مِنْ صَوْتِ ٱلصَّارِخِ: السرافيم كائنات جليلة، ويحمل صوتها وزنًا. وعندما تتكلم، فإن أعتاب باب حجرة عرش الله تهتز. قد تكون الفكرة أن إشعياء كان يراقب من المدخل. وعندما نادت السرافيم، شعر باهتزاز أعتاب الأبواب.
• لعل هذه كانت السرافيم أسمى مخلوقات الله. ومع هذا، كانت لديها مهمة واحدة فقط. فهي مكرسة كليًّا لتسبيح الرب الإله المتوج في السماء، وعبادته، وإكرامه. وهذه دعوة لا يُعلى عليها.
• كانت ترنم بقوة حتى اهتزت عتبات الأبواب. أفلا ينبغي أن نرنم بنفس الشغف، ونفس القلب، ونفس الشدة؟ هل لدى الملائكة أسباب أقوى مما لدينا لنشكر الله عليها؟
٦. وَٱمْتَلَأَ ٱلْبَيْتُ دُخَانًا: يذكّرنا هذا الدخان بعامود السحاب الذي مثّل حضور الرب (خروج ١٣: ٢١-٢٢)، والدخان على جبل سيناء (خروج ١٩: ١٨)، وسحاب مجد الله الذي ملأ الهيكل (١ ملوك ٨: ١٠-١٢). وغالبًا ما تدل سحابة المجد على حضور الرب.
ج) الآية (٥): ما أحسّ به إشعياء
٥ فَقُلْتُ: «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ، لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ، وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ».
١. وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ: ما الذي جعل إشعياء يشعر وكأنه يتفكك؟ كان هنالك أمران – أولًا، منظر الملائكة، وثانيًا، رؤيا الرب الإله.
• عندما رأى إشعياء السرافيم في كل تواضعها، وطاعتها، وتسبيحها لله، أدرك أنه ليس مختلفًا عن الرب الإله فحسب، بل عن الملائكة المقدسة أيضًا. إذ كان بإمكانها أن تصرخ “قدوس، قدوس، قدوس” وتسبّح الله بشكل جميل، بينما لم يكن بمقدوره أن يفعل هذا لأنه نجس الشفتين. “أنا نجس الشفتين. لا أستطيع أن أقول ’قدوس، قدوس، قدوس‘ كما تنادي السرافيم. فهي مقدسة، وأنا لست كذلك. إنها ترى الله وتحيا. وأنا قد رأيت الرب، ولا بد أني سأموت، لأني نجس.” كلارك (Clarke)
• عندما رأى إشعياء الرب، عرف أي نوع من الرجال هو. فبقدر ما أظهرت المقارنة بينه وبين الملائكة مدى سوء حاله، لم يكن هنالك أي شيء فيه يمكن أن يكون موضوع مقارنة بينه وبين الرب. ولم تجعل هذه الرؤيا (أو الخبرة الفعلية) للعرش إشعياء يشعر بالرضا أو الارتياح. فكلما نظر الرب، وَضُح له بشكل أكبر مدى سوء حاله.
• كان إحساس إشعياء العميق بالفساد متوافقًا مع خبرة رجال أتقياء آخرين في حضور الرب. إذ كانت لأيوب (أيوب ٤٢: ٥-٦)، ودانيال (دانيال ١٠: ١٥-١٧)، وبطرس (لوقا ٥: ٨)، ويوحنا (رؤيا ١: ١٧) خبرات مماثلة.
• إدراك لحقيقة أنه قد هلك ليس بالأمر السيء. “لا يفعل الله معنا أي شيء إلى أن نصل إلى تلك المرحلة أولًا.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. لِأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ ٱلشَّفَتَيْنِ، وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ ٱلشَّفَتَيْنِ: رأى إشعياء إثمه وإثم شعبه بشكل رئيسي في الكلام الآثم.
• شفاهنا بطبيعتها ممتلئة بالتملق والنيّة الكاذبة: “تَكَلَّمُونَ بِٱلْكَذِبِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ صَاحِبِهِ، بِشِفَاهٍ مَلِقَةٍ، بِقَلْبٍ فَقَلْبٍ يَتَكَلَّمُونَ” (مزمور ١٢: ٢). وبطبيعتها تكذب وتتفاخر: “لِتُبْكَمْ شِفَاهُ ٱلْكَذِبِ، ٱلْمُتَكَلِّمَةُ عَلَى ٱلصِّدِّيقِ بِوَقَاحَةٍ، بِكِبْرِيَاءَ وَٱسْتِهَانَةٍ” (مزمور ٣١: ١٨). وبطبيعتها تخدع: “صُنْ لِسَانَكَ عَنِ ٱلشَّرِّ، وَشَفَتَيْكَ عَنِ ٱلتَّكَلُّمِ بِٱلْغِشِّ” (مزمور ٣٤: ١٣). وبطبيعتها عنيفة: “هُوَذَا يُبِقُّونَ بِأَفْوَاهِهِمْ. سُيُوفٌ فِي شِفَاهِهِمْ” (مزمور ٥٩: ٧). وبطبيعتها تجلب الموت إلى الآخرين: “حُمَةُ ٱلْأُفْعُوَانِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ” (مزمور ١٤٠: ٣).
• لم يعتقد إشعياء ولو للحظة أن هذه هي خطيته الوحيدة، لكنه رأى أنها مثل لمرض خطير يستعصي على العلاج فيه وفي شعبه.
٣. لِأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا ٱلْمَلِكَ رَبَّ ٱلْجُنُودِ: كان إشعياء رجلًا بارًّا تقيًّا حسب كل المظاهر الخارجية. لكن عندما رأى الملك المتوج، رَبَّ ٱلْجُنُودِ، رأى مدى إثمه بالمقارنة.
• ربما كانت حياة إشعياء ساطعة مثل الماس. لكن عندما تضع ماسة على خلفية سوداء تمامًا وتسلط ضوءًا ملائمًا عليها، يمكنك أن ترى فيها كل عيب ونقص – عيوبًا لم تكن منظورة من قبل. وعندما وُضِعت حياة إشعياء البارّة على خلفية كمال الله، بدت مختلفة.
ثانيًا. تطهير النبي
أ ) الآية (٦): أحد السرافيم يجلب جمرة من المذبح
٦فَطَارَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ السَّرَافِيمِ وَبِيَدِهِ جَمْرَةٌ قَدْ أَخَذَهَا بِمِلْقَطٍ مِنْ عَلَى الْمَذْبَحِ.
١. فَطَارَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ ٱلسَّرَافِيمِ: قام واحد من الملائكة المحيطين بعرش الله بخدمة إشعياء. إذ طار بجمرة حية، أي أنها كانت مشتعلة ساخنة جدًّا حتى أنه اضطر إلى استخدام ملقط ليلتقطها عن المذبح.
٢. ٱلْمَذْبَحِ: لا بد أن هذه هي النسخة السماوية الأصلية لمذبح البخور الذي بُني على غراره أمام الرب في قدس الأقداس في خيمة الاجتماع (خروج ٣٠: ١-١٠). ونحن نعلم أن المسكن الأرضي الذي أمر الله موسى ببنائه قد بُني على غرار الواقع السماوي (خروج ٢٥: ٩).
• العرش هو لله، حيث يحكم ويملك. والمذبح هو لنا، حيث نجد تنقية وتطهيرًا من الخطية. ولا ينبغي الخلط بين الاثنين.
• “أثخذت النار من المذبح للإشارة إلى أنها إلهية أو سماوية، لأن الشريعة منعت جلب نار أجنبية (غريبة)، لأن الخلط البشري في الأمور المقدسة تدنيس مطلق. وبهذه الصورة، تعلّم إشعياء أن كل نقاوة تنبع من الله وحده.” كالفن (Calvin)
ب) الآية (٧): جمرة من المذبح تطهر شفتي إشعياء.
٧وَمَسَّ بِهَا فَمِي وَقَالَ: «إِنَّ هذِهِ قَدْ مَسَّتْ شَفَتَيْكَ، فَانْتُزِعَ إِثْمُكَ، وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ».
١. وَمَسَّ بِهَا فَمِي: لا بد أنه أمر مؤلم جدًّا عندما توضع جمرة متقدة على الشفتين. فهذه منطقة حساسة جدًّا من الجسم. لكن النبي لا يكتب عن رد فعل ألمه هنا. فإما أنه لم يكن هنالك أي ألم بسبب بركة خاصة من الله، وإما لأن الألم لا يهم بسبب جلالة الجو المحيط وصلاح التطهير.
• عرف إشعياء أنه لم يخدم الرب مثل هذه السرافيم (الكائنات المشتعلة). فقال الله: “سأُشعل نارًا فيك أنت أيضًا!” ولهذا استُخدِمت جمرة مشتعلة لتطهير إشعياء. “لا يمكن أن يُخدم الرب الذي هو نار آكلة على نحو لائق إلا من أولئك المشتعلين نارًا، سواء أكانوا ملائكة أم بشرًا.” سبيرجن (Spurgeon)
• صرخ إشعياء: “وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ” (إشعياء ٦: ٥). ربما نعتقد أن الجمرة المشتعلة على الشفتين ستكون أكثر إيلامًا من رؤيا الإله القدوس. لكن بالنسبة لإشعياء، كانت رؤية قداسة الله، وافتقار النبي إلى القداسة، أكثر إزعاجًا من وضع جمرات على شفتيه.
٢. فَٱنْتُزِعَ إِثْمُكَ، وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ: كان لا بد من تطهير خطية إشعياء بالنار. فقد وضعت نار الدينونة على مكان خطيته.
• من الواضح أن هذه كانت صفقة روحية. فإن كان لشخص فم آثم، فلن يفعل شيئًا لوضع جمرة مشتعلة على شفتيه. فلن ينزع هذا خطيته أو يطهّرها.
• ومع ذلك، فإن نفس المبدأ يصح في ما يتعلق بعمل يسوع على الصليب. فقد وُضعت خطيتنا عليه، وقد احترق بنار دينونة الله. لكن لأنه كان قدوسًا وبارًّا، فإن نار دينونة الله لم تؤذه. فلم تحرق إلا الخطية، خطيتنا.
• حالما التقى إشعياء الرب، وتَبَكت على خطيته، وتَطهّر من ذنبه، صار مستعدًّا لخدمة الله. “سيكون تأثير تلك الجمرة الحية إشعال الشفتين بلهب سماوي. يقول أحدهم: ’ليت جمرة ملتهبة تأتي لتحرق الشفة حتى لا يستطيع الإنسان حتى الكلام على الإطلاق.‘ هكذا يعمل الله معنا. إذ يلهمنا قوة سماوية باستهلاك القوة الجسدية. لتحترق الشفتان، وليُقضَ على قوة البلاغة الجسدية. ولتجعل الجمرة الحية اللسان بليغًا بلهب السماء، القوة الإلهية الحقيقية التي حثّت الرسل على التقدم وجعلتهم غزاة للعالم كله (برسالة المحبة الإلهية).” سبيرجن (Spurgeon)
ثالثًا. مأمورية النبي
أ ) الآية (٨): الله يدعو، وإشعياء يستجيب.
٨ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتَ السَّيِّدِ قَائِلاً: «مَنْ أُرْسِلُ؟ وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا؟» فَقُلْتُ: «هأَنَذَا أَرْسِلْنِي».
١. مَنْ أُرْسِلُ؟ وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا؟: بحث الرب عن شخص ليرسله. أراد شخصًا مستعدًّا للذهاب.
• مَنْ أُرْسِلُ؟ كم هو غريب أن يطرح الله سؤالًا كهذا في المقام الأول! فما الذي يتساءل الله عنه. وما هي الأسئلة التي يمكن أن تكون لديه؟ وما الذي لا يعرفه؟ لكن الله كان يطلب شخصًا لأنه يريد أن يصل إلى العالم. وهو يريد ذلك من خلال أشخاص مستعدين. وليس الأمر أن الله لا يعرف هؤلاء الأشخاص، لكنه ينتظر أن تكشف القلوب المستعدة عن نفسها.
• كم هو غريب أن إله الجلالة والسيادة والقوة يطلب متطوعين! إذ كان يمكنه بسهولة أن يصنع روبوتات للقيام بعمله، أو أن يأمر الملائكة بتنفيذ مشيئته. لكن الله يريد خدامًا مستسلمين راغبين. هل كنتَ تنتظر من الله أن يرغمك على أن تخدمه؟ إنه يبحث عن متطوعين.
٢. مَنْ أُرْسِلُ: يعني هذا أن المرسَل، الخادم المسيحي، شاهد يسوع المسيح هو الذي يُرسَل. وهذه مأمورية إلهية. ولا يعني “وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا” أن المرسَل، الخادم المسيحي، شاهد يسوع المسيح قرر أن يذهب. فإرادة الله في الإرسال وإرادة الإنسان في الذهاب ينبغي أن تكونا في تعاون كامل.
• نجد هنا إشارة دقيقة غير مباشرة إلى الثالوث. من الذي يرسِل؟ أنا أم نحن؟ يبدو أن الشخص نفسه يتحدث بلغة المفرد والجمع معًا. إنه الشخص نفسه. “والتغيير في صيغة المتكلم أمر لافت للنظر، ويُقصَد بكليهما (أنا ونحن) إلى الرب نفسه. ويشير هذا بشكل كافٍ إلى تعدد الأقانيم في الذات الإلهية الواحدة.” بوله (Poole)
٣. هَأَنَذَا أَرْسِلْنِي: استجاب إشعياء لدعوة الله بشكل توكيدي. لم يتردد. إذ أراد إشعياء أن يكون الجواب على سؤال الله.
• ما الذي خلق هذا النوع من القلب في إشعياء؟ أولًا، كان لديه قلب لحضور الرب. وكان لديه قلب عرف إثمه، وعرف الحاجة بين الناس، والحاجة إلى كلمة الله. كان لديه قلب لمسته نار الله المطهرة، وكان له قلب سمع قلب الله في الوصول إلى الأمم.
٤. أَرْسِلْنِي: عنى هذا أن إشعياء خضع للرب في كل خدمته. فلم يقل حتى: “هَأَنَذَا. سأذهب.” فلن يتحرك إشعياء إلى أن يتيقن أنه مرسل من الله. ويسارع كثيرون إلى القول: “هَأَنَذَا. سأذهب”، لكنهم لا ينتظرون إشارة من الرب بإرسالهم.
ب) الآيات (٩-١٠): وصف مأمورية الرب
٩فَقَالَ: «اذْهَبْ وَقُلْ لِهذَا الشَّعْبِ: اسْمَعُوا سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُوا، وَأَبْصِرُوا إِبْصَارًا وَلاَ تَعْرِفُوا. ١٠غَلِّظْ قَلْبَ هذَا الشَّعْبِ وَثَقِّلْ أُذُنَيْهِ وَاطْمُسْ عَيْنَيْهِ، لِئَلاَّ يُبْصِرَ بِعَيْنَيْهِ وَيَسْمَعَ بِأُذُنَيْهِ وَيَفْهَمَ بِقَلْبِهِ، وَيَرْجعَ فَيُشْفَى».
١. فَقَالَ: «اذْهَبْ»: عندما تقول للرب “هَأَنَذَا أَرْسِلْنِي،” يفترض أن تتوقع منه أن يقول: “اذهب.” وربما يقول: “اذهب واخدمني هنا،” أو “اذهب واخدمني هناك،” أو ربما “اذهب واستعد للخدمة مستقبلًا،” لكن الله يقول لنا دائمًا “اذهبوا.”
٢. وَقُلْ لِهَذَا ٱلشَّعْبِ: ٱسْمَعُوا سَمْعًا وَلَا تَفْهَمُوا، وَأَبْصِرُوا إِبْصَارًا وَلَا تَعْرِفُوا: طلب الله من إشعياء أن يذهب ويكرز لشعب لن يتجاوب معه حتى يكون ذنبهم مؤكدًا. فكما كتب تراب (Trapp): “سيكرز إشعياء لهم حتى يصلوا إلى الجحيم.”
٣. غَلِّظْ قَلْبَ هَذَا ٱلشَّعْبِ وَثَقِّلْ أُذُنَيْهِ وَٱطْمُسْ عَيْنَيْهِ، لِئَلَّا يُبْصِرَ بِعَيْنَيْهِ: هذا جمهور وخدمة غير مُرضيين لأي كارز. لم يجد إشعياء إشباعًا أو رضا في هذه الخدمة. ولم يجد الجمهور نفسه إشباعًا أو رضا في هذه الخدمة أيضًا، لكن الله وجد إشباعًا ورضًا فيها.
٤. وَيَفْهَمَ بِقَلْبِهِ، وَيَرْجِعَ فَيُشْفَى: يبيّن هذا أن كلمة الله تستطيع أن تنجز عندما تُقبل بعينين مفتوحتين، وأذنين مفتوحتين، وقلب مفتوح. وهي تجلب فهمًا لقلوبنا، وتُرجعنا إلى الرب، وتجلب شفاء إلى حياتنا. فإن كنت تحت كلمة الله، وإن كانت هذه الأمور تحدث لك، اطلب من الله أن تعمل بعينين مفتوحتين، وأذنين مفتوحتين، وقلب مفتوح.
ج) الآيات (١١-١٣): يخبر إشعياء عن المدة التي يتوجب فيها أن يتنبّأ هكذا.
١١فَقُلْتُ: «إِلَى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ؟» فَقَالَ: «إِلَى أَنْ تَصِيرَ الْمُدُنُ خَرِبَةً بِلاَ سَاكِنٍ، وَالْبُيُوتُ بِلاَ إِنْسَانٍ، وَتَخْرَبَ الأَرْضُ وَتُقْفِرَ، ١٢وَيُبْعِدَ الرَّبُّ الإِنْسَانَ، وَيَكْثُرَ الْخَرَابُ فِي وَسَطِ الأَرْضِ. ١٣وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا عُشْرٌ بَعْدُ، فَيَعُودُ وَيَصِيرُ لِلْخَرَابِ، وَلكِنْ كَالْبُطْمَةِ وَالْبَلُّوطَةِ، الَّتِي وَإِنْ قُطِعَتْ فَلَهَا سَاقٌ، يَكُونُ سَاقُهُ زَرْعًا مُقَدَّسًا».
١. إِلَى مَتَى أَيُّهَا ٱلسَّيِّدُ: هذا سؤال منطقي من شخص أُعطي مهمة صعبة كهذه. “هل أنا مضطر إلى أن أكرز للذين لا يريدون الاستماع، والذين سيؤدي رفضهم لرسالتي إلى تثبيت هلاكهم؟ فإلى متى سأخدم في مثل هذه الخدمة؟
٢. إِلَى أَنْ تَصِيرَ ٱلْمُدُنُ خَرِبَةً بِلَا سَاكِنٍ: هذا جواب على السؤال الذي طرحه إشعياء حول إلى متى ينبغي أن يكرز بهذه الرسالة. والجواب هو إلى أن يأتي الدمار. ينبغي أن يكرز على أمل استرداد بقية (وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا عُشْرٌ بَعْدُ). رغم أن خدمة إشعياء كانت صعبة، إلا أنها لن تكون بلا ثمر.
٣. لِلْخَرَابِ: ستعود البقية فعلًا، لكنها ستُدان في نهاية الأمر. فبعد عودة إسرائيل من السبي البابلي، لن تتخلص من عصيانها، ولن يكف الله عن إنزال دينونته.
• “مهما كان الدمار، فلن يكون كليًّا. لكن سيضطر حتى الناجون إلى الخضوع لمزيد من الدينونة. غير أن الله يقدم، باستخدام صورة من الطبيعة، رجاءً.” جروجان (Grogan)
• يمكننا أن نتوقع من دعوة إشعياء الدرامية هذه أن تفتتح السفر. لكن الكتاب المقدس يوضح أن الرسالة أهم من الرسول. فكانت رسالة إشعياء أهم من إشعياء الرسول.
• عندما رأى إشعياء الرب، من الذي رآه على نحو التحديد؟ لقد رأى الله في الأقنوم الثاني من الثالوث. رأى يسوع قبل التجسد. ونحن نعرف هذا لأن الرسول يوحنا اقتبس إشعياء ٦: ١٠ مضيفًا بوحي الروح القدس هذه الكلمات: “قَالَ إِشَعْيَاءُ هَذَا حِينَ رَأَى مَجْدَهُ وَتَكَلَّمَ عَنْهُ” (يوحنا ١٢: ٤١).