إشعياء ٦٦
الفرح لانتصار الرب النهائي
أولًا. الرب يجازي أعداءه
أ ) الآيات (١-٢): عظمة الرب واستجابة الإنسان الملائمة.
١هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «السَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي، وَالأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ. أَيْنَ الْبَيْتُ الَّذِي تَبْنُونَ لِي؟ وَأَيْنَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ ٢وَكُلُّ هذِهِ صَنَعَتْهَا يَدِي، فَكَانَتْ كُلُّ هذِهِ، يَقُولُ الرَّبُّ. وَإِلَى هذَا أَنْظُرُ: إِلَى الْمِسْكِينِ وَالْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ وَالْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلاَمِي.
١. ٱلسَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي، وَٱلْأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ: هنا، يعيد الرب الأمور إلى منظورها الصحيح. فلا يمكننا أن نفهم الكثير إلى أن نفهم أن الرب متوّج في السماء، وأن الأرض تحت إمرته، بل هي موطئ قدميه.
• اقتبس استفانوس إشعياء ٦٦: ١-٢ في أعمال الرسل ٧: ٤٩-٥٠، متفقًا مع سليمان وإشعياء حول عظمة الله الخالق.
٢. أَيْنَ ٱلْبَيْتُ ٱلَّذِي تَبْنُونَ لِي؟ … وَإِلَى هَذَا أَنْظُرُ: إِلَى ٱلْمِسْكِينِ وَٱلْمُنْسَحِقِ ٱلرُّوحِ وَٱلْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلَامِي: ربما نرغب في خدمة الله، لكن على طريقتنا الخاصة. ربما نريد أن نبني لله شيئًا. لكن ما هو الشيء الجدير الذي يمكننا أن نبنيه له؟ غير أن ما يريده الله هو روح مسكينة منسحقة ترتعد من كلمته.
• “كلمة ’مُنْسَحِق‘ هي حرفيًّا ’أعرج‘ أو ’مُعَطَّل،‘ وهي تُستخدم هنا بدلالة روحية. فالمنسحق شخص يدرك الضرر الذي تسببت فيه الخطية، مع عدم قدرته على الوقوف بانتصاب أمام الله.” موتير (Motyer)
• هل أنت من الذين يرتعدون من كلمة الله؟ “يرتعدون من قوة كلمة الله التي تكشف القلوب. هل وصلتَ يومًا إلى هذا المكان، حيث تجلس في مقعدك وتقول: ’يا رب، امنحني كلمتك لكي تفحصني وتمتحني لئلا أُخدع؟‘ يصر بعضهم على الحصول على بعض الحلويات ووسائل الراحة، لكن أبناء الله الحكماء لا يتمنون هذه الأمور بمقدار مفرط. فما نطلبه هو ’خبزنا اليومي‘ لا ’سُّكَّرنا اليومي.‘” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآيات (٣-٤): استجابة الله للطقوس الدينية الفارغة.
٣مَنْ يَذْبَحُ ثَوْرًا فَهُوَ قَاتِلُ إِنْسَانٍ. مَنْ يَذْبَحُ شَاةً فَهُوَ نَاحِرُ كَلْبٍ. مَنْ يُصْعِدُ تَقْدِمَةً يُصْعِدُ دَمَ خِنْزِيرٍ. مَنْ أَحْرَقَ لُبَانًا فَهُوَ مُبَارِكٌ وَثَنًا. بَلْ هُمُ اخْتَارُوا طُرُقَهُمْ، وَبِمَكْرَهَاتِهِمْ سُرَّتْ أَنْفُسُهُمْ. ٤فَأَنَا أَيْضًا أَخْتَارُ مَصَائِبَهُمْ، وَمَخَاوِفَهُمْ أَجْلِبُهَا عَلَيْهِمْ. مِنْ أَجْلِ أَنِّي دَعَوْتُ فَلَمْ يَكُنْ مُجِيبٌ. تَكَلَّمْتُ فَلَمْ يَسْمَعُوا. بَلْ عَمِلُوا الْقَبِيحَ فِي عَيْنَيَّ، وَاخْتَارُوا مَا لَمْ أُسَرَّ بِهِ.
١. مَنْ يَذْبَحُ ثَوْرًا فَهُوَ قَاتِلُ إِنْسَانٍ: اعتقد شعب الله أنهم كانوا يرضونه بطقوسهم الدينية الفارغة، لكنه يقول إنه عندما يقتل رجل ثورًا كذبيحة لله، فإنه في الواقع يقتل إنسانًا. فقد أضافت طقسيّتهم الدينية إلى خطيتهم ولم تنزعها.
٢. هُمُ ٱخْتَارُوا طُرُقَهُمْ… فَأَنَا أَيْضًا أَخْتَارُ مَصَائِبَهُمْ (خداعهم، ضلالاتهم): اختار شعب الله أن يتمردوا عليه، وواظبوا على ذلك رغم تحذيراته المستمرة لهم. وفي عرض متطرف للدينونة، سيختار ضلالاتهم ويرسل ضلالًا بينهم.
• هذا تذكير مُصَحٍّ لما سيفعله الله أثناء الضيقة العظيمة كما يصفها بولس في ٢ تسالونيكي ٢: ١١ “وَلِأَجْلِ هَذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ ٱللهُ عَمَلَ ٱلضَّلَالِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا ٱلْكَذِبَ.” لكن ما سيحدث أثناء الضيقة العظيمة هو الثمرة النهائية لما يفعله الله طوال الوقت بين البشر. فعندما نرفض الله ونسعى إلى ضلالاتنا، فسيرسل إلينا ضلالًا.
• من أمثلة الضلال هذا الاعتقاد أن العالم قد خُلِق من العدم أو أنه جاء بالصدفة. فما الذي يمكن أن يكون أكثر ضلالًا من الاعتقاد أن شيئًا يأتي من لا شيء، أو أن نعتقد أن الصدفة تمتلك نوعًا من القوة؟ لكن بالنسبة لأولئك الذين يصرون على تصديقها، فإن الله سيُسْلِمهم لهذا الخداع.
٣. دَعَوْتُ فَلَمْ يَكُنْ مُجِيبٌ. تَكَلَّمْتُ فَلَمْ يَسْمَعُوا: كيف يمكن أن نتجنب الوقوع في الضلال والخداع؟ بأن نجيب الله عندما يدعو، وأن نستمع عندما يتكلم. الأمر فعلًا بهذه البساطة.
ج) الآيات (٥-٦): الرب يجازي أعداءه.
٥اِسْمَعُوا كَلاَمَ الرَّبِّ أَيُّهَا الْمُرْتَعِدُونَ مِنْ كَلاَمِهِ: قَالَ إِخْوَتُكُمُ الَّذِينَ أَبْغَضُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ مِنْ أَجْلِ اسْمِي: لِيَتَمَجَّدِ الرَّبُّ. فَيَظْهَرُ لِفَرَحِكُمْ، وَأَمَّا هُمْ فَيَخْزَوْنَ. ٦صَوْتُ ضَجِيجٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، صَوْتٌ مِنَ الْهَيْكَلِ، صَوْتُ الرَّبِّ مُجَازِيًا أَعْدَاءَهُ.
١. قَالَ إِخْوَتُكُمُ ٱلَّذِينَ أَبْغَضُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي: لِيَتَمَجَّدِ ٱلرَّبُّ. فَيَظْهَرُ لِفَرَحِكُمْ: هنا يبيّن إشعياء كيف أن أولئك الذين يتبعون الدين الضحل الفارغ يسخرون من أصحاب الإيمان الأصيل. أولًا، يُبغض أتباع الدين الفارغ الإيمان الأصيل (أَبْغَضُوكُمْ). ثانيًا، يرفض الدين الفارغ الإيمان الأصيل (طَرَدُوكُمْ). ثالثًا، يعمل الدين الفارغ باسم الرب (مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي). رابعًا، يتهكم الدين الفارغ مستخدمًا كلمات تبدو روحية (لِيَتَمَجَّدِ ٱلرَّبُّ. فَيَظْهَرُ لِفَرَحِكُمْ).
٢. وَأَمَّا هُمْ فَيَخْزَوْنَ: وأهم من هذا كله أن الدين الفارغ لن ينتصر في نهاية المطاف. وفي آخر الأيام، إن لم يكن قبل ذلك، سيخجلون عندما يسمعون صوت الرب الذي يجازي أعداءه بالتمام!
ثانيًا. الرب يأتي بنار
أ ) الآيات (٧-١١): الابتهاج بخلاص أورشليم.
٧قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا الطَّلْقُ وَلَدَتْ. قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهَا الْمَخَاضُ وَلَدَتْ ذَكَرًا. ٨مَنْ سَمِعَ مِثْلَ هذَا؟ مَنْ رَأَى مِثْلَ هذِهِ؟ هَلْ تَمْخَضُ بِلاَدٌ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، أَوْ تُولَدُ أُمَّةٌ دَفْعَةً وَاحِدَةً؟ فَقَدْ مَخَضَتْ صِهْيَوْنُ، بَلْ وَلَدَتْ بَنِيهَا! ٩هَلْ أَنَا أُمْخِضُ وَلاَ أُوَلِّدُ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَوْ أَنَا الْمُوَلِّدُ هَلْ أُغْلِقُ الرَّحِمَ، قَالَ إِلهُكِ؟ ١٠افْرَحُوا مَعَ أُورُشَلِيمَ وَابْتَهِجُوا مَعَهَا، يَا جَمِيعَ مُحِبِّيهَا. اِفْرَحُوا مَعَهَا فَرَحًا، يَا جَمِيعَ النَّائِحِينَ عَلَيْهَا، ١١لِكَيْ تَرْضَعُوا وَتَشْبَعُوا مِنْ ثَدْيِ تَعْزِيَاتِهَا، لِكَيْ تَعْصِرُوا وَتَتَلَذَّذُوا مِنْ دِرَّةِ مَجْدِهَا.
١. قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا ٱلطَّلْقُ وَلَدَتْ: يتنبّأ إشعياء باليوم الذي سيأتي فيه النصر إلى أورشليم بسهولة، عندما يتحقق وعد ’يَعْظُمُ ٱنْتِصَارُنَا بِٱلَّذِي أَحَبَّنَا‘ (رومية ٨: ٣٧). وهنا تلد… لكن من دون ألم. وبالفعل، مَنْ سَمِعَ مِثْلَ هَذَا؟
٢. ٱفْرَحُوا مَعَ أُورُشَلِيمَ وَٱبْتَهِجُوا مَعَهَا: يُدعى شعب الله كله إلى المشاركة في فرح أورشليم. لقد حان وقت الخلاص والنصر والتبرئة! ٱفْرَحُوا مَعَ أُورُشَلِيمَ وَٱبْتَهِجُوا مَعَهَا، يَا جَمِيعَ مُحِبِّيهَا. إن كان شعب الله مستعدين لعمل هذا، فستكون هذه بركة لهم أيضًا، لِكَيْ تَرْضَعُوا وَتَشْبَعُوا مِنْ ثَدْيِ تَعْزِيَاتِهَا.
• قد يجعل هذا الابتهاج الشديد والرائع العالم غير مرتاح، ويجعلنا هدفًا للتهكم والسخرية. “نادرًا جدًّا ما يُتهم المؤمنون بالتعصب أو حتى بالحماس المفرط. وهذه علامة على أننا تحت الحرارة المناسبة. وعندما يدعونا العالم بأننا متعصبون، فإننا نقترب من نقطة الحماسة التي يستحقها ربنا.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآيات (١٢-١٧): الرب يأتي بدينونة.
١٢لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «هأَنَذَا أُدِيرُ عَلَيْهَا سَلاَمًا كَنَهْرٍ، وَمَجْدَ الأُمَمِ كَسَيْل جَارِفٍ، فَتَرْضَعُونَ، وَعَلَى الأَيْدِي تُحْمَلُونَ وَعَلَى الرُّكْبَتَيْنِ تُدَلَّلُونَ. ١٣كَإِنْسَانٍ تُعَزِّيهِ أُمُّهُ هكَذَا أُعَزِّيكُمْ أَنَا، وَفِي أُورُشَلِيمَ تُعَزَّوْنَ. ١٤فَتَرَوْنَ وَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ، وَتَزْهُو عِظَامُكُمْ كَالْعُشْبِ، وَتُعْرَفُ يَدُ الرَّبِّ عِنْدَ عَبِيدِهِ، وَيَحْنَقُ عَلَى أَعْدَائِهِ. ١٥لأَنَّهُ هُوَذَا الرَّبُّ بِالنَّارِ يَأْتِي، وَمَرْكَبَاتُهُ كَزَوْبَعَةٍ لِيَرُدَّ بِحُمُوٍّ غَضَبَهُ، وَزَجْرَهُ بِلَهِيبِ نَارٍ. ١٦لأَنَّ الرَّبَّ بِالنَّارِ يُعَاقِبُ وَبِسَيْفِهِ عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، وَيَكْثُرُ قَتْلَى الرَّبِّ. ١٧الَّذِينَ يُقَدِّسُونَ وَيُطَهِّرُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي الْجَنَّاتِ وَرَاءَ وَاحِدٍ فِي الْوَسَطِ، آكِلِينَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَالرِّجْسَ وَالْجُرَذَ، يَفْنَوْنَ مَعًا، يَقُولُ الرَّبُّ.
١. هَأَنَذَا أُدِيرُ عَلَيْهَا سَلَامًا كَنَهْرٍ: عندما يأتي المسيّا في مجد وانتصار، سيكون سلام أورشليم مثل نهر لطيف قوي لا يمكن زعزعته. لكن السلام لن ينحصر في أورشليم وحدها، لأن مَجْدَ ٱلْأُمَمِ كَسَيْلٍ جَارِفٍ.
٢. كَإِنْسَانٍ تُعَزِّيهِ أُمُّهُ هَكَذَا أُعَزِّيكُمْ أَنَا: يتكلم الله برقة فائقة لخدامه الأمناء. ولا يستطيع أحد أن يعزّي مثل الأم. وسيجلب الله مثل هذا العزاء لشعبه.
• “هذه استعارة مبهجة على نحو غريب. يمكن للأب أن يعزي، لكني لا أعتقد أنه لا يكون في البيت كثيرًا ليقوم بهذا العمل. وعندما يتحدث الرب عن رأفته، فإنه يشبّه نفسه بأبيهم. لكن عندما يتحدث عن التعزية، فإنه يختار الأم. فعندما رأيتُ الصغار مرضى، أحسست بالرأفة القوية تجاههم، لكني لم أعرف كيف أعمل على مواساتهم. لكن الأم تعرف كيف تعمل ذلك بغريزتها.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. وَتُعْرَفُ يَدُ ٱلرَّبِّ عِنْدَ عَبِيدِهِ، وَيَحْنَقُ عَلَى أَعْدَائِهِ: عندما يعود المسيّا في انتصار ومجد، سيكون هذا بركة عظيمة لبعضهم، ودينونة لا أكثر لبعضهم الآخر. وبالفعل، سيُدين كل جسد، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ بِٱلنَّارِ يُعَاقِبُ وَبِسَيْفِهِ عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، وَيَكْثُرُ قَتْلَى ٱلرَّبِّ.
٤. ٱلَّذِينَ يُقَدِّسُونَ وَيُطَهِّرُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي ٱلْجَنَّاتِ وَرَاءَ وَاحِدٍ فِي ٱلْوَسَطِ: عندما يعود المسيّا في انتصار ومجد، سيميّز الذين يمارسون الدين الفارغ، وسيعاقبهم – يَفْنَوْنَ مَعًا، يَقُولُ ٱلرَّبُّ.
ج) الآيات (١٨-٢١): الرب يجمع ويسترد شعبه.
١٨وَأَنَا أُجَازِي أَعْمَالَهُمْ وَأَفْكَارَهُمْ. حَدَثَ لِجَمْعِ كُلِّ الأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ، فَيَأْتُونَ وَيَرَوْنَ مَجْدِي. ١٩وَأَجْعَلُ فِيهِمْ آيَةً، وَأُرْسِلُ مِنْهُمْ نَاجِينَ إِلَى الأُمَمِ، إِلَى تَرْشِيشَ وَفُولَ وَلُودَ النَّازِعِينَ فِي الْقَوْسِ، إِلَى تُوبَالَ وَيَاوَانَ، إِلَى الْجَزَائِرِ الْبَعِيدَةِ الَّتِي لَمْ تَسْمَعْ خَبَرِي وَلاَ رَأَتْ مَجْدِي، فَيُخْبِرُونَ بِمَجْدِي بَيْنَ الأُمَمِ. ٢٠وَيُحْضِرُونَ كُلَّ إِخْوَتِكُمْ مِنْ كُلِّ الأُمَمِ، تَقْدِمَةً لِلرَّبِّ، عَلَى خَيْل وَبِمَرْكَبَاتٍ وَبِهَوَادِجَ وَبِغَال وَهُجُنٍ إِلَى جَبَلِ قُدْسِي أُورُشَلِيمَ، قَالَ الرَّبُّ، كَمَا يُحْضِرُ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَقْدِمَةً فِي إِنَاءٍ طَاهِرٍ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. ٢١وَأَتَّخِذُ أَيْضًا مِنْهُمْ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ، قَالَ الرَّبُّ.
١. لِجَمْعِ كُلِّ ٱلْأُمَمِ وَٱلْأَلْسِنَةِ، فَيَأْتُونَ وَيَرَوْنَ مَجْدِي: وعد الله بعمل عظيم من لمِّ الشمل بين إسرائيل. لكنه سيقوم أيضًا بعمل حشد بين العالم كله من كل الشعوب والألسنة ليروا مجده.
• يجد هذا الوعد تحقيقًا نهائيًّا حول عرش الله (رؤيا يوحنا ٥: ٩-١٠).
• “يقول الله إنه سيضع آية بين الشعوب، وهذه الآية هي نفسها علامة ابن الإنسان (متى ٢٤: ٣٠).” بولتيما (Bultema)
٢. وَأُرْسِلُ مِنْهُمْ نَاجِينَ إِلَى ٱلْأُمَمِ… إِلَى ٱلْجَزَائِرِ ٱلْبَعِيدَةِ ٱلَّتِي لَمْ تَسْمَعْ خَبَرِي وَلَا رَأَتْ مَجْدِي: يشير إشعياء إلى إشارة نبوية إلى الدعوة الإرسالية لشعب الله وعملهم. وبطبيعة الحال، كان لله قصد إرسالي لإسرائيل، لتكون كهنوتًا بين الشعوب (خروج ١٩: ١٦) ونورًا للأمم. لكن الله أمر الكنيسة بشكل أكثر وضوحًا بأن تعكس مجده بين الأمم.
• “يُرسَلون إلى ترشيش (إسبانيا وفرنسا وإيطاليا)، وفول (منطقة في إفريقيا)، ولود التي يعتقد بعضهم أنها ليبيا، رغم أنه أفضل أن نأخذها مع فول ولود على أنها إشارة إلى كل إفريقيا. وكان توبال ابنًا ليافث الذي استقر نسله في شمال شرق أوروبا أو روسيا وياوان (الاسم الكتابي لليونان).” بولتيما (Bultema)
• وبمعنى محدد، يتحقق هذا من خلال الامتداد الكرازي للكنيسة عبر القرون. لكن هذا مجرد إنجاز جزئي فقط. وفي نهاية الأمر، يمكن أن يكون هؤلاء الـ ١٤٤.٠٠٠ شاهد أثناء الضيقة العظيمة. وربما يكونون مبشرين يهودًا في أيام الأرض الألفية.
٣. وَيُحْضِرُونَ كُلَّ إِخْوَتِكُمْ مِنْ كُلِّ ٱلْأُمَمِ: وكجزء من عمل الله النهائي، عندما يخرج المرسَلون، يرجع شعب إسرائيل في نهاية المطاف في لمّ شمل عظيم. وهو يتحقق جزئيًّا الآن في دولة إسرائيل التي لمَّ شملها، لكنه سيتحقق في نهاية المطاف في أرض المسيّا الألفية.
• قبل سنوات كثيرة، كان هنالك خبر نقلته وكالة أبناء آرتز ٧ في إسرائيل يروي مثلًا رائعًا للمّ شمل في العصر الحديث:
“وصل يوم الجمعة إلى إسرائيل ٣٧ فردًا من بني مناشي في الهند، والذين يُعتقد أنهم من نسل الأسباط العشرة المفقودين. وقد تمّ إحضار هؤلاء الوافدين الجدد – الذين لديهم أقارب في إسرائيل بين بني مناشي الـ ٤٥٠ الذين وصلوا خلال السنوات الخمس الماضية – إلى إسرائيل تحت رعاية منظمة أميشاف التي تتخذ من مدينة القدس مقرًّا لها. ومنظمة أميشاف هذه مكرسة للعثور على نسل الأسباط المفقودين وإعادتهم إلى الشعب اليهودي. وقال مؤسس أميشاف ورئيس مجلس إدارتها، الحاخام إلياهو أفيشيل، الذي كرّس حياته لإيجاد نسل أسباط إسرائيل المفقودين ومساعدتهم: ’هذه لحظة تاريخية للشعب اليهودي. فبعد انفصال طويل وصعب، تمّ لمّ شمل بني مناشي مع الشعب اليهودي في أرض إسرائيل. وهذا انتصار للإيمان. وتشير عودتهم إلى صهيون إلى إغلاق دائرة تاريخية.‘
ويواصل بنو مناشي ذوو التقاليد الشفوية الغنية – والذين يُرجعون أصلهم إلى سبط منسّى الإسرائيلي – ممارسة كثير من عاداتهم اليهودية الفريدة. لقد قرر ٣٥٠ فردًا من بني مناشي العودة رسميًّا إلى الشعب اليهودي منذ حوالي ٣٠ عامًا، وبدأوا حياة يهودية كاملة قدر إمكانهم وفقًا للشريعة اليهودية. وقد علِم الحاخام أفيشيل بوجودهم منذ حوالي عشرين سنة، وبدأ في التحقق من ادعاءاتهم بانتسابهم إلى الشعب اليهودي. وبعد القيام بعدة زيارات إلى هناك ودراسة ادعاءاتهم وتاريخهم ذي الصلة، تشاور الحاخام أفيشيل مع كبار الحاخامات، وخلصوا إلى أنه توجد أدلة مقنعة تربط بني مناشي بالشعب اليهودي. ويشير الحاخام أفيشيل إلى أنه من بين الأدلة هذه وجود تقليد قديم لديهم يتحدث عن الآباء إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، وممارسة ختّان الذكور في اليوم الثامن من ولادتهم، وطقس تقديم ذبائح على مذبح يذكّرنا بالهيكل اليهودي حيث يُذكر فيه الاسم الكتابي لله، وجبل سيناء، وجبل المُريّا، وجبل صهيون.
٤. وَأَتَّخِذُ أَيْضًا مِنْهُمْ كَهَنَةً وَلَاوِيِّينَ: الفكرة هي أنه في ذلك اليوم سيوسّع الله الكهنوت ما وراء حدوده السابقة. ويتحقق هذا في الكنيسة، لأن القديسين يُدْعَون كهنة (١ بطرس ٢: ٥-٩؛ رؤيا ١: ٦؛ ٥: ١٠؛ ٢٠: ٦).
• “كما كان الوضع في أيام إشعياء، كان بعضهم كهنة ولاويين، لكن من خلالهم، كانت إسرائيل تشكل شعب الرب الكهنوتي. وهو الآن يتصور الأمم مندمجين على قدم المساواة في امتيازات متساوية.” موتير (Motyer)
د ) الآيات (٢٢-٢٤): يقين كل من دينونة الله واسترداده.
٢٢لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ السَّمَاوَاتِ الْجَدِيدَةَ وَالأَرْضَ الْجَدِيدَةَ الَّتِي أَنَا صَانِعٌ تَثْبُتُ أَمَامِي، يَقُولُ الرَّبُّ، هكَذَا يَثْبُتُ نَسْلُكُمْ وَاسْمُكُمْ. ٢٣وَيَكُونُ مِنْ هِلاَل إِلَى هِلاَل وَمِنْ سَبْتٍ إِلَى سَبْتٍ، أَنَّ كُلَّ ذِي جَسَدٍ يَأْتِي لِيَسْجُدَ أَمَامِي، قَالَ الرَّبُّ. ٢٤وَيَخْرُجُونَ وَيَرَوْنَ جُثَثَ النَّاسِ الَّذِينَ عَصَوْا عَلَيَّ، لأَنَّ دُودَهُمْ لاَ يَمُوتُ وَنَارَهُمْ لاَ تُطْفَأُ، وَيَكُونُونَ رَذَالَةً لِكُلِّ ذِي جَسَدٍ.
١. أَنَّ كُلَّ ذِي جَسَدٍ يَأْتِي لِيَسْجُدَ أَمَامِي: يصف الله هنا انتصاره النهائي. فمن خلال سفر إشعياء المهيب، قاضى الله الشعوب وغالبًا ما دانها. لكن لدى الله خطة سامية للوصول إلى الشعوب كما تظهر في تحقيقها النهائي في رؤيا ٥: ٩-١٠. وستكون النتيجة هي أَنَّ كُلَّ ذِي جَسَدٍ يَأْتِي لِيَسْجُدَ أَمَامِي، قَالَ ٱلرَّبُّ.
• وَيَكُونُ مِنْ هِلَالٍ إِلَى هِلَالٍ وَمِنْ سَبْتٍ إِلَى سَبْتٍ، أَنَّ كُلَّ ذِي جَسَدٍ يَأْتِي لِيَسْجُدَ أَمَامِي: يضع إشعياء هذا التحقيق في سياق مِنْ هِلَالٍ إِلَى هِلَالٍ وَمِنْ سَبْتٍ إِلَى سَبْتٍ، أَنَّ كُلَّ ذِي جَسَدٍ يَأْتِي لِيَسْجُدَ أَمَامِي. وإنه لأمر ذو دلالة أن إشعياء بدأ السفر بإدانة عبادة شعب الله الضحلة في رأس الشهور والسبوت (إشعياء ١: ١٢-١٥). والآن، وبعد عظمة عمل الرب، فإن كل شيء مختلف.
٢. وَيَخْرُجُونَ وَيَرَوْنَ جُثَثَ ٱلنَّاسِ ٱلَّذِينَ عَصَوْا عَلَيَّ: سيكون لبعضهم من كل لسان وقبيلة مصير الانتصار النهائي، بينما سيكون لبعضهم مصير المأساة النهائية – وهو مصير اختاروه بملء حريتهم. ويصف إشعياء، مستخدمًا صورة اللعنة الأبدية (لِأَنَّ دُودَهُمْ لَا يَمُوتُ وَنَارَهُمْ لَا تُطْفَأُ) مصير أولئك الذين يرفضون الله – حتى لو كانت لديهم قشرة الدين الفارغة.
• “بعد هذه الحياة، وفي يوم الدينونة، سيذهبون إلى عذابات أبدية، حيث سيشعرون بعمل ضمير لن يموت أبدًا، وبنار غضب الله على نفوسهم وأجسادهم لا تُطفأ أبدًا.” بوله (Poole)
• يختتم سفر إشعياء بمقابلة مُصَحِّية تكشف الأهمية الأبدية لهذه الحياة الحاضرة. ويستطيع كل شخص أن يختار مصيره: العبادة أو الدود. فأيهما هو مصيرك؟