إشعياء ٣٨
الإبقاء على حياة حزقيا
أولًا. رحمة الله تجاه حزقيا
أ ) الآية (١): إعلان إشعياء لحزقيا.
١فِي تِلْكَ الأَيَّامِ مَرِضَ حَزَقِيَّا لِلْمَوْتِ، فَجَاءَ إِلَيْهِ إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ النَّبِيُّ وَقَالَ لَهُ: «هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: أَوْصِ بَيْتَكَ لأَنَّكَ تَمُوتُ وَلاَ تَعِيشُ».
١. فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ: حدث هذا في زمن الغزو الأشوري ليهوذا. ولم تكن يهوذا قد تحررت من التهديد الأشوري بعد (إشعياء ٣٨: ٦). وأحداث هذا الإصحاح مدونة أيضًا في ٢ ملوك ٢٠: ١-١١.
• “يتفق المفسرون على أن الأحداث المذكورة في ٣٨ و ٣٩ سبقت الغزو في عام ٧٠١ قبل الميلاد. ويُرجِع كثيرون هذه الأحداث إلى ٧٠٣ قبل الميلاد، لكن الأدلة تشير بقوة أكبر إلى حوالي ٧١٢ قبل الميلاد.” وولف (Wolf)
٢. مَرِضَ حَزَقِيَّا لِلْمَوْتِ: لا يخبرنا النص كيف مرض حزقيا. فربما كان هذا من خلال شيء واضح للجميع، أو من خلال شيء لم يكن يعرفه إلا الله. غير أن من المؤكد أن هذا مرض سمح به الرب.
٣. أَوْصِ بَيْتَكَ لِأَنَّكَ تَمُوتُ وَلَا تَعِيشُ: كان هذا لطفًا من الله أن يخبر حزقيا بقرب موته. إذ لا يُمنح كل الناس الوقت لترتيب أمور بيوتهم قبل موتهم.
• نحن نعرف من مقارنة ٢ ملوك ١٨: ٢٠ مع ٢ ملوك ٢٠: ٦ أن حزقيا كان في التاسعة والثلاثين من عمره عندما عرف بقرب موته.
ب) الآيات (٢-٣): صلاة حزقيا.
٢فَوَجَّهَ حَزَقِيَّا وَجْهَهُ إِلَى الْحَائِطِ وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ ٣وَقَالَ: «آهِ يَا رَبُّ، اذْكُرْ كَيْفَ سِرْتُ أَمَامَكَ بِالأَمَانَةِ وَبِقَلْبٍ سَلِيمٍ وَفَعَلْتُ الْحَسَنَ فِي عَيْنَيْكَ». وَبَكَى حَزَقِيَّا بُكَاءً عَظِيمًا.
١. فَوَجَّهَ حَزَقِيَّا وَجْهَهُ إِلَى ٱلْحَائِطِ: يبيّن هذا مدى جدية حزقيا في الصلاة. فقد وجّه صلاته سرًّا إلى الله، لا إلى إنسان.
٢. آهِ يَا رَبُّ، ٱذْكُرْ: قد تبدو صلاة حزقيا غير تقية، حيث ركّز فيها على تبرير الذات واستحقاقاته. ويبدو الأمر وكأن حزقيا صلى: “يا رب، لقد كنتُ طيبًا معك، وأنت لستَ منصفًا معي. فتذكّر كيف أني كنت صالحًا، ولهذا أنقِذني.”
• لكن تحت نظام العهد الجديد، كان مبدأ مشروعًا يمكن بموجبه الاقتراب إلى الله. إذ تبيّن نصوص مثل لاويين ٢٦ وتثنية ٢٨ أنه تحت نظام العهد القديم كان الله يرسل البركات واللعنات على أساس الطاعة أو العصيان. وعلى هذا الأساس، كان بمقدور داود أن يكتب في المزمور ١٥: “يَا رَبُّ، مَنْ يَنْزِلُ فِي مَسْكَنِكَ؟ مَنْ يَسْكُنُ فِي جَبَلِ قُدْسِكَ؟ ٱلسَّالِكُ بِٱلْكَمَالِ، وَٱلْعَامِلُ ٱلْحَقَّ، وَٱلْمُتَكَلِّمُ بِٱلصِّدْقِ فِي قَلْبِهِ” (مزمور ١٥: ١-٢).
• لكن بموجب العهد الجديد، فإننا مباركون حسب مبدأ الإيمان بيسوع (غلاطية ٣: ١٣-١٤). وليس مبدأ صلاة حزقيا ملائمًا للمؤمن بالمسيح اليوم. فنحن نصلي باسم يسوع، لا باسمنا أو بناء على ما نفعله.
• “نصدف طلبات مماثلة كثيرة في صلوات أولاد الله القدماء. وتمتلئ المزامير بها. لكننا لا نجدها في العهد الجديد. فالكنيسة تؤسس طلباتها على بر المسيح.” بولتيما (Bultema)
٣. وَبَكَى حَزَقِيَّا بُكَاءً عَظِيمًا: لماذا انهار حزقيا عند توقُّع الموت؟ فكثيرون من المؤمنين بالمسيح اليوم يمكن أن يقولوا للرب: “خذني إلى البيت، يا رب.” لكن حزقيا عاش تحت نظام العهد القديم. وفي ذلك الوقت، لم يكن هنالك توكيد ثابت للمجد في الحياة الأخرى. وبدلًا من ذلك، أنار يسوع الحياة والخلود بالإنجيل (٢ تيموثاوس ١: ١٠). وفضلًا عن ذلك، كان يمكن أن يَعُد موته هذا على أنه دليل على غضب الله عليه.
ج) الآيات (٤-٥): إشعياء يجلب استجابة الرب لصلاة حزقيا.
٤فَصَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إِلَى إِشَعْيَاءَ قَائِلاً: ٥اذْهَبْ وَقُلْ لِحَزَقِيَّا: هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ دَاوُدَ أَبِيكَ: قَدْ سَمِعْتُ صَلاَتَكَ. قَدْ رَأَيْتُ دُمُوعَكَ. هأَنَذَا أُضِيفُ إِلَى أَيَّامِكَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً.
١. هَأَنَذَا أُضِيفُ إِلَى أَيَّامِكَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً: استجابة لصلاة حزقيا، أعطاه الله خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً أخرى فوق عمره.
• هل ثبت بتعافي حزقيا أن كلمة الله، ’لِأَنَّكَ تَمُوتُ وَلَا تَعِيشُ‘ زائفة؟ لا. أولًا، كان حزقيا في حُكم الموت فعلًا عندما أعلن الله له ذلك، لكنه لم يمت فور ذلك الإعلان. ثانيًا، عندما يعلن الله دينونة، فإنها تكون دائمًا تقريبًا دعوة إلى التوبة وإلى تلقّي الرحمة.
٢. قَدْ سَمِعْتُ صَلَاتَكَ: كانت صلاة حزقيا مهمة. وحسب كل الدلائل، لو لم يُصلِّ حزقيا بهذا الإخلاص القلبي، لما مدّ الله في عمره. فالصلاة تحدث فرقًا.
• في واقع الأمر، أعطى الله حزقيا هديتين. أولًا، مدَّ في عمره. ثانيًا، عرّفه أن لديه ١٥ سنة أخرى من الحياة فقط. وإن كان حكيمًا، فإن من شأن هذا أن يعطيه الحافز على أن يسلك باستقامة أمام الله ويرتب أمور بيته.
د ) الآية (٦): وعد الخلاص من التهديد الأشوري.
٦وَمِنْ يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ أُنْقِذُكَ وَهذِهِ الْمَدِينَةَ. وَأُحَامِي عَنْ هذِهِ الْمَدِينَةِ.
١. وَمِنْ يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ أُنْقِذُكَ وَهَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ: يأتي هذا الوعد في توافق مع النبوات السابقة عن الخلاص. ويؤرخ هذا الإصحاح على أنه كُتب قبل تدمير الله للجيش الأشوري (إشعياء ٣٧: ٣٦-٣٧).
٢. أُنْقِذُكَ… وَأُحَامِي عَنْ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةِ: يشير الربط بين الوعدين إلى أن أحدهما سيؤكد الآخر. فعندما يتعافى حزقيا، يمكنه أن يتأكد من أن الرب سينقذه من الأشوريين أيضًا.
هـ) الآيات (٧-٨): تثبيت الوعد.
٧وَهذِهِ لَكَ الْعَلاَمَةُ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ عَلَى أَنَّ الرَّبَّ يَفْعَلُ هذَا الأَمْرَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ: ٨هأَنَذَا أُرَجِّعُ ظِلَّ الدَّرَجَاتِ الَّذِي نَزَلَ فِي دَرَجَاتِ آحَازَ بِالشَّمْسِ عَشَرَ دَرَجَاتٍ إِلَى الْوَرَاءِ. فَرَجَعَتِ الشَّمْسُ عَشَرَ دَرَجَاتٍ فِي الدَّرَجَاتِ الَّتِي نَزَلَتْهَا.
١. وَهَذِهِ لَكَ ٱلْعَلَامَةُ مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ عَلَى أَنَّ ٱلرَّبَّ يَفْعَلُ هَذَا ٱلْأَمْرَ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ: أظهر الله مزيدًا من النعمة لحزقيا. إذ لم يكن الله ملزمًا بإعطاء هذه العلامة. بل كان يكفي أن يقول: “لقد قلتُ ذلك، وعليك أن تؤمن به. فكيف تجرؤ على أن لا تأخذ كلامي على مأخذ الجد؟” لكن الله في محبته الأصيلة، أعطى حزقيا أكثر مما احتاج إليه أو استحقه.
• يُظهر الله نفس النعمة لنا. إذ يفترض أن يكفي أن يقول لنا: “أنا أحبك.” لكنه فعل الكثير لإظهار محبته لنا (يوحنا ٣: ١٦؛ رومية ٥: ٨).
٢. هَأَنَذَا أُرَجِّعُ ظِلَّ ٱلدَّرَجَاتِ ٱلَّذِي نَزَلَ فِي دَرَجَاتِ آحَازَ بِٱلشَّمْسِ عَشَرَ دَرَجَاتٍ إِلَى ٱلْوَرَاءِ: وعد الله بأن يفعل شيئًا معجزيًّا تمامًا كعلامة تثبيتية. وحدث كما قال الله: فَرَجَعَتِ ٱلشَّمْسُ عَشَرَ دَرَجَاتٍ فِي ٱلدَّرَجَاتِ ٱلَّتِي نَزَلَتْهَا.
• كانت هذه علامة ملائمة لحزقيا. فبتحريك ظل المزولة (الساعة الشمسية) إلى الخلف، فقد أضاف مزيدًا من الوقت إلى اليوم (أكثر من ٢٤ ساعة)، كما أعطى الله مزيدًا من السنوات فوق عمره.
• كيف تحققت هذه المعجزة؟ لا ندري. كان بإمكان الله أن يحرك “الشمس إلى الوراء.” أو ربما قدّم ظهورًا معجزيًّا للزمن وهو يعود في مزولة آحاز. ولا يهم كيف فعل الله هذا. فلديه موارد خارقة وطرق لا نعرف عنها شيئًا.
ثانيًا. تصريح الملك حول شفائه
أ ) الآيات (٩-١٤): رثاء حزقيا.
٩كِتَابَةٌ لِحَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا إِذْ مَرِضَ وَشُفِيَ مِنْ مَرَضِهِ: ١٠أَنَا قُلْتُ: «فِي عِزِّ أَيَّامِي أَذْهَبُ إِلَى أَبْوَابِ الْهَاوِيَةِ. قَدْ أُعْدِمْتُ بَقِيَّةَ سِنِيَّ. ١١قُلْتُ: لاَ أَرَى الرَّبَّ. الرَّبَّ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. لاَ أَنْظُرُ إِنْسَانًا بَعْدُ مَعَ سُكَّانِ الْفَانِيَةِ. ١٢مَسْكِنِي قَدِ انْقَلَعَ وَانْتَقَلَ عَنِّي كَخَيْمَةِ الرَّاعِي. لَفَفْتُ كَالْحَائِكِ حَيَاتِي. مِنَ النَّوْلِ يَقْطَعُنِي. النَّهَارَ وَاللَّيْلَ تُفْنِينِي. ١٣صَرَخْتُ إِلَى الصَّبَاحِ. كَالأَسَدِ هكَذَا يُهَشِّمُ جَمِيعَ عِظَامِي. النَّهَارَ وَالَّلَيْلَ تُفْنِينِي. ١٤كَسُنُونةٍ مُزَقْزِقةٍ هكَذَا أَصِيحُ. أَهْدِرُ كَحَمَامَةٍ. قَدْ ضَعُفَتْ عَيْنَايَ نَاظِرَةً إِلَى العَلاَءِ. يَا رَبُّ، قَدْ تَضَايَقْتُ. كُنْ لِي ضَامِنًا.
١. فِي عِزِّ أَيَّامِي أَذْهَبُ إِلَى أَبْوَابِ ٱلْهَاوِيَةِ: تشير الكلمة العبرية (Sheol) المترجمة إلى ’الهاوية‘ إلى ’القبر‘ أو ’مكان الموتى.‘ وهنا يندب حزقيا خبر موته الوشيك.
٢. لَا أَرَى ٱلرَّبَّ. ٱلرَّبَّ فِي أَرْضِ ٱلْأَحْيَاءِ: يزداد ألم حزقيا عند اقترابه من الموت لأنه يؤمن بأنه في القبر لن يرى الرب فيما بعد.
• ومرة أخرى، يرتكز فهم حزقيا على فهم ضبابي للعالم الآخر قبل أن أنار يسوع المسيح الحياة والخلود بإنجيله (٢ تيموثاوس ١: ١٠). ورغم وجود لمحات بين الفينة والأخرى من الرجاء في العالم الآخر (كما نرى في أيوب ١٩: ١٥-٢٧)، إلا أنه لا يوجد في الغالب فهم واضح لطبيعة الحياة بعد الموت (مزمور ٦: ٥؛ مزمور ٨٨: ٣-٥، ١١).
• يشرح هذا لماذا لا يرحب حزقيا بالموت كسبيل مؤكد لحضور الرب. فبالنسبة لقديسي العهد القديم مثل حزقيا وداود، كان القبر (الهاوية) مكانًا غير مؤكد. عرفوا أن الرب كان هناك (مزمور ١٣٩: ٨)، لكنهم لم يعرفوا أكثر من ذلك بكثير. فكان الذهاب إلى العالم الآخر بالنسبة لقدّيسي العهد القديم بمثابة استبدال يقين هذا العالم بعدم يقين العالم الآخر.
٣. يَا رَبُّ، قَدْ تَضَايَقْتُ: بما أن حزقيا عاش قبل عمل يسوع المكتمل، فقد عاش تحت عبودية خوف الموت (عبرانيين ٢: ١٤-١٥). وكم هذا مختلف بالنسبة للمؤمن بالمسيح الذي لا غلبة للموت عليه والذي كُسِرت شوكته (١ كورنثوس ١٥: ٥٣-٥٥).
• “قارن بعضهم حزقيا مع بولس الذي اشتهى أن ينطلق ويكون مع المسيح. لكن هذه المقارنة غير منصفة، لأن حزقيا عاش تحت تدبير العهد القديم. وقد عرف الإسرائيليون شيئًا عن الحياة الأبدية، لكن لم يكن لديهم الرجاء المجيد الذي تمتلكه الكنيسة اليوم.” بولتيما (Bultema)
٤. كَسُنُونةٍ مُزَقْزِقةٍ هَكَذَا أَصِيحُ. أَهْدِرُ كَحَمَامَةٍ: “تعبّر صرخات طيور فلسطين المتنوعة عن الطبيعة المتنوعة لصرخات حزقيا الكثيرة لله، حيث تكون أحيانًا هادئة، وأحيانًا حادة، وأحيانًا حزينة.” جروجان (Grogan)
ب) يمكننا الحصول على فهم أفضل للعالم الآخر مما كان لدى الملك حزقيا.
١. يستخدم الكتاب المقدس كلمات مختلفة في العهدين القديم والجديد لوصف العالم الآخر وأين يذهب الناس بعد الموت.
• ’شيول (Sheol)‘ (الهاوية) كلمة عبرية تحمل فكرة ’مكان الموتى،‘ وليست لديها أية إشارة إلى العذاب الأبدي أو السعادة الأبدية. وغالبًا ما يُعبَّر عن فكرة ’شيول (Sheol)‘ (الهاوية) على أنها ’القبر.‘
• ’شيول (Sheol)‘ (الهاوية) كلمة يونانية تستخدم لوصف ’ما بعد الموت.‘ وهي نفس الفكرة في الكتاب المقدس عمومًا.
• تتحدث رؤيا ٩: ١ عن الحفرة التي لا قرار لها. وهذا المكان الذي يُدعى (abyssos) سجن لأرواح شريرة معينة (لوقا ٨: ٣١؛ ٢ بطرس ٢: ٤؛ يهوذا ٦). أو بشكل أكثر عمومية، يُعَد هذا المكان جزءًا من عالم الموتى. وتستخدم رومية ١٠: ٧ هذه الكلمة بمعنى (Hades).
• الكلمة اليونانية (Gehenna) المترجمة إلى جهنم مشتقة من اللغة العبرية. يتحدث يسوع في مرقس ٩: ٤٣-٤٤ عن جهنم. وكلمة جهنم ترجمة للتعبير العبري ’وادي هنّوم،‘ وقد كان مكانًا خارج أورشليم دنّسته عبادة مولك وتقديم الذبائح البشرية (٢ أخبار ٢٨: ١-٣؛ إرميا ٣٢: ٣٥). وكان أيضًا مكانًا لحرق القمامة وأنواع المخلفات. وجعلت الحرائق المشتعلة والديدان المتقيحة في وادي هنّوم صورة نابضة فعّالة لمصير الملعونين. وهو يُدعى أيضًا ’بحيرة النار‘ في رؤيا ٢٠: ٣-١٥ التي أُعِدّت لإبليس وملائكته (متى ٢٥: ٤١).
٢. ليس المكان المعروف باسم (Sheol-Hades) هو ما نعتقده اليوم الجحيم. لقد كان قبل عمل يسوع المسيح المكتمل المكان الذي ينتظر فيه الأموات الدينونة النهائية أو التبرير النهائي (كما أوضح يسوع في قصة الرجل الغني ولعازر في لوقا ١٦: ١٩-٣١). وكان يسوع بعد موته على الصليب في (Hades) لكنه لم يبقَ (وما كان ممكنًا أن يبقى) هناك (أعمال الرسل ٢: ٢٥-٣٢). ويبدو أن يسوع كرز هناك (١ بطرس ٣: ١٨-١٩). ويوجد هنالك معنى بموجبه أطلق يسوع الأسرى في (Hades) (أفسس ٤: ٨-٩؛ إشعياء ٦١: ١). ولم يقدّم يسوع أية كفارة هناك. فقد دفع الثمن كاملًا بالفعل على الصليب (يوحنا ١٩: ٣٠). وعندما تألّم في جسده المادي (كولوسي ١: ١٩-٢٢)، ذهب يسوع هناك كمنتصر، لا كضحية. إذ قدّم عمل يسوع وكرازته خلاصًا للأموات المؤمنين الذين انتظروا بإيمان في (Hades) (عبرانيين ١١: ٣٩-٤٠). وختم عملُه إدانة الأشرار وغير المؤمنين. وبما أن عمل يسوع على الصليب اكتمل، فإنه لا يوجد أي انتظار للمؤمنين الذين يموتون. فهم يذهبون إلى السماء مباشرة (٢ كورنثوس ٥: ٦-٨؛ فيلبي ١: ٢١-٣٢). وبمعنى ما، أغلق يسوع ’حضن إبراهيم‘ الذي كان جزءًا من (Hades) لكن الجزء الآخر منه المحفوظ للعذاب مشغول حتى الدينونة النهائية، عندما يُرسَل أولئك إلى المكان الذي نفكر فيه عادة على أنه ’جهنم.‘ وجهنم هي الجحيم، وبحيرة النار (رؤيا ١٩: ٢٠؛ ٢٠: ١٠-١٥؛ ٢١: ٦-٨). وفي واقع الأمر، فإن لجهنم أو الجحيم أسماء أو ألقابًا كثيرة في الكتاب المقدس بما في ذلك بحيرة النار (رؤيا ١٩: ٢٠)، والنار الأبدية (متى ٢٥: ٤١)، والعذاب (العقاب) الأبدي (متى ٢٥: ٤٦)، والظلمة الخارجية (متى ٨: ١٢).
٣. لا يتضمن العهد القديم قدرًا كبيرًا من الإعلان الواضح عن الحياة الأخرى. إذ تقابل التصريحات الواثقة في أيوب ١٩: ٢٥-٢٦ مثلًا نصوص توحي بعدم اليقين مثل جامعة ٣: ١٩-٢٠ ومزمور ٦: ٤-٥. غير أن العهد الجديد يعطي إعلانًا أكثر تحديدًا في ما يتعلق بالحياة الأخرى. “وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ ٱلْآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي أَبْطَلَ ٱلْمَوْتَ وَأَنَارَ ٱلْحَيَاةَ وَٱلْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ ٱلْإِنْجِيلِ” (٢ تيموثاوس ١: ١٠). ومن الجدير بالملاحظة أن معظم الناس الذين يعلّمون عقائد خطأ (مثل ’نوم النفس‘ أو ’الفناء‘) يبنون حججهم على تلك النصوص التي تعبّر عن عدم اليقين في العهد القديم، بدلًا من النصوص الأوضح في العهد الجديد. وهم بهذا يرفضون المبدأ الواضح في ٢ تيموثاوس ١: ١٠.
ج) الآيات (١٥-٢٠): حزقيا يحمد الله على إبقائه على حياته.
١٥بِمَاذَا أَتَكَلَّمُ، فَإِنَّهُ قَالَ لِي وَهُوَ قَدْ فَعَلَ. أَتَمَشَّى مُتَمَهِّلاً كُلَّ سِنِيَّ مِن أَجْلِ مَرَارَةِ نَفْسِي. ١٦أَيُّهَا السَّيِّدُ، بِهذِهِ يَحْيَوْنَ، وَبِهَا كُلُّ حَيَاةِ رُوحِي فَتَشْفِينِي وَتُحْيِينِي. ١٧هُوَذَا لِلسَّلاَمَةِ قَدْ تَحَوَّلَتْ لِيَ الْمَرَارَةُ، وَأَنْتَ تَعَلَّقْتَ بِنَفْسِي مِنْ وَهْدَةِ الْهَلاَكِ، فَإِنَّكَ طَرَحْتَ وَرَاءَ ظَهْرِكَ كُلَّ خَطَايَايَ. ١٨لأَنَّ الْهَاوِيَةَ لاَ تَحْمَدُكَ. الْمَوْتُ لاَ يُسَبِّحُكَ. لاَ يَرْجُو الْهَابِطُونَ إِلَى الْجُبِّ أَمَانَتَكَ. ١٩الْحَيُّ الْحَيُّ هُوَ يَحْمَدُكَ كَمَا أَنَا الْيَوْمَ. الأَبُ يُعَرِّفُ الْبَنِينَ حَقَّكَ. ٢٠الرَّبُّ لِخَلاَصِي. فَنَعْزِفُ بِأَوْتَارِنَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِنَا فِي بَيْتِ الرَّبِّ».
١. بِمَاذَا أَتَكَلَّمُ، فَإِنَّهُ قَالَ لِي وَهُوَ قَدْ فَعَلَ: عندما استجاب الله لصلاة حزقيا، لم يملك إلا أن يحمد الرب. إذ عرف أن هذا هو عمله في الكلمة (قَالَ لِي)، وفي الفعل (وَهُوَ قَدْ فَعَلَ). ولهذا احتار ماذا يمكن أن يقول (بِمَاذَا أَتَكَلَّمُ؟).
٢. أَتَمَشَّى مُتَمَهِّلًا (أسلك بعناية) كُلَّ سِنِيَّ: هذا وعد جيد قطعه حزقيا. وغالبًا ما يكون على شفتي الشخص الذي يحفظه الرب. لكنه في النهاية مجرد وعد، وعلى حزقيا أن يفي به.
• ماذا فعل حزقيا بهذه السنوات الخمس عشرة. من الأشياء التي فعلها هو أنه أنجب ابنًا سيخلفه على عرش يهوذا. ويقال عن ملك يهوذا التالي، منسّى بن حزقيا، أنه كان في الثانية عشرة من عمره عندما صار ملكًا (٢ ملوك ٢١: ١). ويعني هذا أنه وُلد في السنوات الخمس عشرة الأخيرة من حياة حزقيا. ومن المؤسف أن إنجابه لم يكن إنجازًا مشرّفًا. فقد كُتِب عنه: “وَعَمِلَ ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ حَسَبَ رَجَاسَاتِ ٱلْأُمَمِ ٱلَّذِينَ طَرَدَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ” (٢ ملوك ٢١: ٢). وفي واقع الأمر، فإن الرب استهدف يهوذا للدينونة بسبب خطايا منسى الفظيعة (٢ ملوك ٢١: ١٠-١٥).
• نرى في هذا أنه كانت لدى الرب خطة أفضل من خطة حزقيا في دعوته “إلى البيت” في وقت مبكر. إذ عرف الله أنه إذا عاش حزقيا، فإنه سيجلب هذا الخليفة الشرير. وإنه لأفضل أحيانًا أن نترك للرب أن يختار قُرعتنا ويختار لنا مصيرنا في حكمته.
٣. هُوَذَا لِلسَّلَامَةِ قَدْ تَحَوَّلَتْ لِيَ ٱلْمَرَارَةُ: يستحق حزقيا الإعجاب لمعرفته الدقيقة بنفسه ولصدقه. فهو يعترف أنه لم يكن من أجل مجد الله أو كرامته، أو حتى من أجل مجد مملكته أو كرامتها أنه تضايق بسبب موته الوشيك، وأنه أراد من الله أن ينقذه. إذ كان هذا لسلامه الخاص.
٤. لِأَنَّ ٱلْهَاوِيَةَ لَا تَحْمَدُكَ. ٱلْمَوْتُ لَا يُسَبِّحُكَ. لَا يَرْجُو ٱلْهَابِطُونَ إِلَى ٱلْجُبِّ أَمَانَتَكَ. ٱلْحَيُّ ٱلْحَيُّ هُوَ يَحْمَدُكَ كَمَا أَنَا ٱلْيَوْمَ: ومرة أخرى، يؤكد هذا الفهم غير المؤكد للحياة الأخرى قبل عمل المسيح المكتمل. إذ عرف حزقيا أنه بإمكانه أن يحمد الله وهو حي على هذه الأرض. لكنه لم يكن متأكدًا من العالم الآخر.
٥. فَنَعْزِفُ بِأَوْتَارِنَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِنَا فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ: يبيّن هذا الاستجابة المنطقية لإنقاذ الله العظيم له، وهو الحمد.
د ) الآيات (٢١-٢٢): كيف شفى الرب حزقيا.
٢١وَكَانَ إِشَعْيَاءُ قَدْ قَالَ: «لِيَأْخُذُوا قُرْصَ تِينٍ وَيَضْمُدُوهُ عَلَى الدَّبْلِ فَيَبْرَأَ». ٢٢وَحَزَقِيَّا قَالَ: «مَا هِيَ الْعَلاَمَةُ أَنِّي أَصْعَدُ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ؟».
١. لِيَأْخُذُوا قُرْصَ تِينٍ وَيَضْمُدُوهُ عَلَى ٱلدَّبْلِ فَيَبْرَأَ: على ما يبدو أن الله استخدم هذا العلاج الطبي، أو على الأقل، استخدمه كعلامة تجلب شفاء لحزقيا. ويستطيع الله أن يجلب شفاء من خلال علاجات طبية – وغالبًا ما يفعل هذا. وبغضّ النظر عن التوجيه غير المعتاد من الله، لا ينبغي أن نرفض العلاج الطبي باسم ’الإيمان.‘
• “يتوجب على المريض أن يصلي، لكن ينبغي له أن يستفيد من الوسائل (الطبية المتاحة). ثق بالله، لكن لا تجرّبه.” تراب (Trapp)
٢. مَا هِيَ ٱلْعَلَامَةُ أَنِّي أَصْعَدُ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ؟ أراد حزقيا علامة. لكن لماذا علامة تسمح له بالصعود إلى بيت الرب؟ لأنه لن يستطيع أن يصعد إلى بيت الرب إلى أن يُشفى. فالأمران متصلان.