إشعياء ٤
مجتمع المسيّا
أولًا. دينونة على بنات صهيون، ورجاء مجيد
أ ) الآية (١): حالة بنات صهيون اليائسة
١فَتُمْسِكُ سَبْعُ نِسَاءٍ بِرَجُل وَاحِدٍ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قَائِلاَتٍ: «نَأْكُلُ خُبْزَنَا وَنَلْبَسُ ثِيَابَنَا. لِيُدْعَ فَقَطِ اسْمُكَ عَلَيْنَا. انْزِعْ عَارَنَا».
١. فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: نتيجة لدينونات الله المفصّلة في إشعياء ٣: ١٦-٢٦، سيكون لدى بنات صهيون عدد قليل جدًّا للاختيار من بينهم كأزواج.
٢. تُمْسِكُ سَبْعُ نِسَاءٍ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ: سيموت كثيرون بالسيف (إشعياء ٣: ٢٥)، حتى أن سبع نساء سيلاحقن رجلًا واحدًا، وسيكنّ في حاجة ماسّة إلى الزواج حتى أنهن لا يشترطن أي نوع من الإعالة من أزواجهن (نَأْكُلُ خُبْزَنَا وَنَلْبَسُ ثِيَابَنَا).
٣. لِيُدْعَ فَقَطِ ٱسْمُكَ عَلَيْنَا: وبدلًا من ذلك، يكفي أن تأخذ المرأة اسم زوج حتى يُزال عنها توبيخ كونها غير متزوجة أو بلا أطفال.
• وبمعنى أوسع، يبيّن هذا أنه ليس حسنًا أن تكون المرأة مستميتة على الزواج. فقد يتزوجن بغير حكمة ولأسباب خطأ. كما أنه أمر سيئ عندما لا تتوقع النساء من أزواجهن إعالة الأسرة.
ب) الآية (٢): الرجاء المجيد لغصن الرب
٢فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ غُصْنُ الرَّبِّ بَهَاءً وَمَجْدًا، وَثَمَرُ الأَرْضِ فَخْرًا وَزِينَةً لِلنَّاجِينَ مِنْ إِسْرَائِيلَ.
١. فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ يَكُونُ غُصْنُ ٱلرَّبِّ بَهَاءً وَمَجْدًا: غصن الرب لقب مسيّاني، حيث يشير إلى يسوع المسيح.
• تتكرر هذه الصورة في إشعياء ١١: ١ “وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ.” تتكرر هذه الصورة في إرميا ٢٣: ٥ “هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرٍّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حَقًّا وَعَدْلًا فِي ٱلْأَرْضِ.” وتتكرر هذه الصورة في إرميا ٣٣: ١٥ “فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ وَفِي ذَلِكَ ٱلزَّمَانِ أُنْبِتُ لِدَاوُدَ غُصْنَ ٱلْبِرِّ، فَيُجْرِي عَدْلًا وَبِرًّا فِي ٱلْأَرْضِ.” وتتكرر هذه الصورة في زكريا ٣: ٨ “فَٱسْمَعْ يَا يَهُوشَعُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْعَظِيمُ أَنْتَ وَرُفَقَاؤُكَ ٱلْجَالِسُونَ أَمَامَكَ، لِأَنَّهُمْ رِجَالُ آيَةٍ، لِأَنِّي هَأَنَذَا آتِي بِعَبْدِي ’ٱلْغُصْنِ.‘”
• الفكرة وراء لقب الرب هو الإثمار والحياة. وقد استخدم يسوع نفس الصورة: “أَنَا ٱلْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ ٱلْأَغْصَانُ” (يوحنا ١٥: ٥).
٢. فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: لا يعني هذا أن المسيا سيظهر عندما تنزل هذه الدينونات على نساء صهيون، بل تعني أن وعد المسيّا سيكون أجمل وأمجد لهن في وسط معاناتهن.
٣. وَثَمَرُ ٱلْأَرْضِ فَخْرًا وَزِينَةً لِلنَّاجِينَ مِنْ إِسْرَائِيلَ: بالنسبة للبقية الناجية من الدينونة، سيكون وعد المسيّا أبهى، وأَعَزَّ، ومُحْيِيًا. وستتبرعم الثمار وتنمو من غصن الرب عندما يتكلون على وعد المسيّا قبل مجيئه.
ثانيًا. صهيون تحت حكم إدارة غصن الرب
أ ) الآية (٣): القداسة تَسَمُ المجتمع الذي يملك عليه غصن الرب
٣وَيَكُونُ أَنَّ الَّذِي يَبْقَى فِي صِهْيَوْنَ وَالَّذِي يُتْرَكُ فِي أُورُشَلِيمَ، يُسَمَّى قُدُّوسًا. كُلُّ مَنْ كُتِبَ لِلْحَيَاةِ فِي أُورُشَلِيمَ.
١. يُسَمَّى قُدُّوسًا: في أيام بنات صهيون الآثمات، كنّ يُسَمَّين جميلات، وكنّ يُسَمَّين رقيقات، وكنّ يُسَمَّين جذّابات، وعصريّات (حسب ملابسهن)، وكنّ يُسَمَّين مثيرات للشهوة. لكن لم يكن يسمَّين “مقدَّسات.”
• “ستُحسَب وتُمنَح معًا قداسة المسيح لهنّ. وسيكفّر عن خطاياهن وسيشفي طبيعتهن معًا. وسيعطيهن مخزونًا من النعمة والقداسة، حتى يدعوهن الرجال شعبًا مقدَّسًا.” تراب (Trapp)
٢. كُلُّ مَنْ كُتِبَ: في الأيام التي يملك فيها ’غصن الرب‘ ستكون العلامة الفارقة للجميع، بمن فيهم بنات صهيون، أنهم سيُسَمون “مقدَّسين.”
• لا تعني كلمة ’مقدَّس‘ أن المرء ’روحيّ بشكل خارق.‘ ولا تعني كمالًا بلا خطية. ولا تعني التفوق الروحي المستعلي البغيض. بل تعني حياة، وقلبًا، وفكرًا، وجسدًا في انفصال حقيقي للرب. إنها حياة تعاش بمعزل عن تفكير هذا العالم وقلبه، وعن هذا الجسد وإبليس، لكي تعاش للرب.
ب) الآيات (٤-٦): سمات أخرى للمجتمع الذي يملك عليه غصن الرب
٤إِذَا غَسَلَ السَّيِّدُ قَذَرَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ، وَنَقَّى دَمَ أُورُشَلِيمَ مِنْ وَسَطِهَا بِرُوحِ الْقَضَاءِ وَبِرُوحِ الإِحْرَاقِ، ٥يَخْلُقُ الرَّبُّ عَلَى كُلِّ مَكَانٍ مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَعَلَى مَحْفَلِهَا سَحَابَةً نَهَارًا، وَدُخَانًا وَلَمَعَانَ نَارٍ مُلْتَهِبَةٍ لَيْلاً، لأَنَّ عَلَى كُلِّ مَجْدٍ غِطَاءً. ٦وَتَكُونُ مِظَلَّةٌ لِلْفَيْءِ نَهَارًا مِنَ الْحَرِّ، وَلِمَلْجَأٍ وَلِمَخْبَأٍ مِنَ السَّيْلِ وَمِنَ الْمَطَرِ.
١. غَسَلَ ٱلسَّيِّدُ قَذَرَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ: عندما يملك غصن الرب، سيكون هنالك تطهير. ولن يأتي هذا التطهير بسهولة. إذ سيأتي بِرُوحِ ٱلْقَضَاءِ وَبِرُوحِ ٱلْإِحْرَاقِ. لكن الأمر يستحق ذلك.
• “الخطية هي فضلات (إفرازات) النفس، فائض (قمامة) السفاهة. إنها قيء إبليس. ورغم هذه القذارة البغيضة، فإن يسوع “أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً لِلهِ أَبِيهِ.” تراب (Trapp)
• “لا يغسل شعبه من خطاياهم فحسب، بل يزيل طبيعتهم الخنزيرية، فلا يعودون (كالخنازير) يتمرغون في وحل الخطية السابق.” تراب (Trapp)
٢. سَحَابَةً نَهَارًا، وَدُخَانًا وَلَمَعَانَ نَارٍ مُلْتَهِبَةٍ لَيْلًا: عندما يملك غصن الرب، سيكون هنالك حضور ملموس للرب. فكما في أيام الخروج، سيكون الله حقيقيًّا مثل عامود سحاب في النهار، وعامود نار في الليل (خروج ١٣: ٢١-٢٢).
٣. وَتَكُونُ مِظَلَّةٌ لِلْفَيْءِ نَهَارًا مِنَ ٱلْحَرِّ، وَلِمَلْجَأٍ وَلِمَخْبَأٍ مِنَ ٱلسَّيْلِ وَمِنَ ٱلْمَطَرِ: عندما يملك غصن الرب، ستكون هنالك حماية من الرب. إذ سيكون شعب الله سالمين، وآمنين، ومغسَّلين في حضور الرب الدائم.
• “ليس هنالك ما هو ضروري مثل أن نتبع دعوتنا ونؤدي واجبنا بأمانة. وينتمي هذا بنفس القدر إلى حالة الخير والسوء التي يعانون البشر منها. لكن لا يوجد للأشرار ملجأ، ولا مكان لهم ليختبئوا فيه. ولا بد أنهم مسحوقون كليًّا. لكن طوبى للأتقياء في حالتهم. فمع أنهم يتعرضون للحر والبرودة، إلا أن لديهم ملجأ آمنًا في الله.” كالفن (Calvin)
• إن كنا مولودين ثانية حقًّا، فإننا نرغب في أن نغسَّل، وأن نتمتع بحضور الرب وحمايته. ويريد كثيرون أن يتمتعوا بحضور الرب وحمايته. لكنه لا يمنحهما بعيدًا عن التطهير الذي يقدمه.