إشعياء ٢٢
دينونة على أورشليم
أولًا. إشعياء يشجب مدينة أورشليم
أ ) الآيات (١-٤): إشعياء يحزن على مدينةٍ فرِحة.
١وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ وَادِي الرُّؤْيَا: فَمَا لَكِ أَنَّكِ صَعِدْتِ جَمِيعًا عَلَى السُّطُوحِ، ٢يَا مَلآنَةُ مِنَ الْجَلَبَةِ، الْمَدِينَةُ الْعَجَّاجَةُ، الْقَرْيَةُ الْمُفْتَخِرَةُ؟ قَتْلاَكِ لَيْسَ هُمْ قَتْلَى السَّيْفِ وَلاَ مَوْتَى الْحَرْبِ. ٣جَمِيعُ رُؤَسَائِكِ هَرَبُوا مَعًا. أُسِرُوا بِالْقِسِيِّ. كُلُّ الْمَوْجُودِينَ بِكِ أُسِرُوا مَعًا. مِنْ بَعِيدٍ فَرُّوا. ٤لِذلِكَ قُلْتُ: «اقْتَصِرُوا عَنِّي، فَأَبْكِي بِمَرَارَةٍ. لاَ تُلِحُّوا بِتَعْزِيَتِي عَنْ خَرَابِ بِنْتِ شَعْبِي».
١. وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ وَادِي ٱلرُّؤْيَا: هذه أورشليم، وهي مدينة تقع على تل، لكنها محاطة بتلال أعلى منها في وسط ثلاثة أودية. وبما أن أورشليم كانت مركزًا لعبادة الله، وخدمة بعض أنبياء الله (بمن فيهم إشعياء)، فإنها دُعيت وَادِي ٱلرُّؤْيَا.
• “من الغريب أن نجد نبوة ضد أورشليم ويهوذا في قسم يتعلق بالأمم. لكن، بما أن يهوذا اختارت أن تتصرف مثل جيرانها وتتخلى عن الرب، فقد استحقت أن تدان.” وولف (Wolf)
٢. فَمَا لَكِ أَنَّكِ صَعِدْتِ جَمِيعًا عَلَى ٱلسُّطُوحِ؟: الفكرة هنا هي أن الناس خرجوا من بيوتهم وصعدوا إلى سطوح بيوتهم لرؤية الكارثة القادمة.
• “كما اعتادوا أن يفعلوا في أوقات الارتباك والرعب الشديد، لكي ينوحوا، وينظروا، ويصرخوا مستنجدين بالرب.” بوله (Poole)
٣. ٱلْمَدِينَةُ ٱلْعَجَّاجَةُ، ٱلْقَرْيَةُ ٱلْمُفْتَخِرَةُ (الفرِحة): رأى إشعياء في هذه النبوة ضجيجًا في جميع أنحاء أورشليم، وهو يسأل: “هل هذا نتيجة جلبة شريرة أم أنها تعبير عن الفرح؟”
٤. قَتْلَاكِ لَيْسَ هُمْ قَتْلَى ٱلسَّيْفِ: عندما احتل البابليون أورشليم، فإن كثيرين من رجال يهوذا لم يموتوا بشجاعة في المعركة. بل ماتوا إما جوعًا أثناء الحصار المفروض على المدينة، أو أثناء فرارهم في تراجع جبان.
• “إمّا بالمجاعة أو بالوبأ أثناء الحصار، كما مات كثيرون (إرميا ١٤: ١٨؛ ٣٨: ٢)، وإمّا في هروبهم، كما مات كثيرون آخرون. وكانت كلتا الميتتين مخزية.” بوله (Poole)
٥. ٱقْتَصِرُوا عَنِّي، فَأَبْكِي بِمَرَارَةٍ. لَا تُلِحُّوا بِتَعْزِيَتِي: عادة ما ننظر إلى إرميا على أنه ’النبي الباكي.‘ لكن إشعياء قال أيضًا: “فَأَبْكِي بِمَرَارَةٍ” عندما جاءت دينونة الله على شعبه.
ب) الآيات (٥-٧): إشعياء يرى جيشًا قادمًا، ولا يجلب الرب خلاصًا.
٥إِنَّ لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ فِي وَادِي الرُّؤْيَا يَوْمَ شَغبٍ وَدَوْسٍ وَارْتِبَاكٍ. نَقْبُ سُورٍ وَصُرَاخٌ إِلَى الْجَبَلِ. ٦فَعِيلاَمُ قَدْ حَمَلَتِ الْجَعْبَةَ بِمَرْكَبَاتِ رِجَال فُرْسَانٍ، وَقِيرُ قَدْ كَشَفَتِ الْمِجَنَّ. ٧ فَتَكُونُ أَفْضَلُ أَوْدِيَتِكِ مَلآنَةً مَرْكَبَاتٍ، وَالْفُرْسَانُ تَصْطَفُّ اصْطِفَافًا نَحْوَ الْبَابِ.
١. يَوْمَ شَغبٍ (شدّة): رأى إشعياء جيشًا ممتلئًا بالسهام والمركبات مقتربًا من أورشليم، وتنبّأ بسقوطها على أيدي البابليين.
• فَعِيلَامُ قَدْ حَمَلَتِ ٱلْجَعْبَةَ: “لأن عيلام – وهي جارة بابل إلى الشرق – دعمت البابليين والكلدانيين بقوة في الصراع ضد أشور، يرجح أنها كانت حليفة للبابليين.” وولف (Wolf)
٢. فَتَكُونُ أَفْضَلُ أَوْدِيَتِكِ مَلآنَةً مَرْكَبَاتٍ، وَٱلْفُرْسَانُ تَصْطَفُّ ٱصْطِفَافًا نَحْوَ ٱلْبَابِ: ستحاصر الجيوش المهاجمة أورشليم مرة أخرى. وفي ذلك الوقت لن ينقذها الرب.
ج) الآيات (٨-١٤): أورشليم تقوم بكل الاستعدادات الخطأ للمعركة القادمة.
٨وَيَكْشِفُ سِتْرَ يَهُوذَا، فَتَنْظُرُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ إِلَى أَسْلِحَةِ بَيْتِ الْوَعْرِ. ٩وَرَأَيْتُمْ شُقُوقَ مَدِينَةِ دَاوُدَ أَنَّهَا صَارَتْ كَثِيرَةً، وَجَمَعْتُمْ مِيَاهَ الْبِرْكَةِ السُّفْلَى. ١٠وَعَدَدْتُمْ بُيُوتَ أُورُشَلِيمَ وَهَدَمْتُمُ الْبُيُوتَ لِتَحْصِينِ السُّورِ. ١١وَصَنَعْتُمْ خَنْدَقًا بَيْنَ السُّورَيْنِ لِمِيَاهِ الْبِرْكَةِ الْعَتِيقَةِ. لكِنْ لَمْ تَنْظُرُوا إِلَى صَانِعِهِ، وَلَمْ تَرَوْا مُصَوِّرَهُ مِنْ قَدِيمٍ. ١٢وَدَعَا السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ إِلَى الْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ وَالْقَرَعَةِ وَالتَّنَطُّقِ بِالْمِسْحِ، ١٣فَهُوَذَا بَهْجَةٌ وَفَرَحٌ، ذَبْحُ بَقَرٍ وَنَحْرُ غَنَمٍ، أَكْلُ لَحْمٍ وَشُرْبُ خَمْرٍ! «لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ». ١٤فَأَعْلَنَ فِي أُذُنَيَّ رَبُّ الْجُنُودِ: «لاَ يُغْفَرَنَّ لَكُمْ هذَا الإِثْمُ حَتَّى تَمُوتُوا، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ».
١. وَجَمَعْتُمْ مِيَاهَ ٱلْبِرْكَةِ ٱلسُّفْلَى. وَعَدَدْتُمْ بُيُوتَ أُورُشَلِيمَ وَهَدَمْتُمُ ٱلْبُيُوتَ لِتَحْصِينِ ٱلسُّورِ: عندما وُوْجِه سكان أورشليم بهذا الهجوم اللاحق، أعدّوا المدينة للمعركة والحصار بتقوية سور المدينة وتأمين وجود ماء كافٍ.
٢. وَيَكْشِفُ سِتْرَ يَهُوذَا (يرفع الحماية عن يهوذا): لن تهم تدابيرهم للدفاع عن المدينة، لأن الرب سبق أن رفع حمايته عنها (وَيَكْشِفُ سِتْرَ يَهُوذَا). وبدلًا من مشروعات البناء التي قاموا بها، كان أفضل ما يمكن لسكان أورشليم أن يفعلوه للحماية هو أن يوجهوا قلوبهم نحو الرب. لَكِنْ لَمْ تَنْظُرُوا إِلَى صَانِعِهِ، وَلَمْ تَرَوْا مُصَوِّرَهُ مِنْ قَدِيمٍ.
٣. وَدَعَا ٱلسَّيِّدُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ إِلَى ٱلْبُكَاءِ وَٱلنَّوْحِ: وبدلًا من تحضير أورشليم للهجوم، كان أفضل ما يمكن لها أن تفعله لحماية نفسها هي أن توجه قلبها نحو الرب في تواضع وتوبة. غير أن سكانها كانوا واثقين بتحضيراتهم، وكلهم بَهْجَةٌ وَفَرَحٌ، متحلّين بنظرة قدرية إلى المستقبل… لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لِأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ.
٤. لَا يُغْفَرَنَّ لَكُمْ هَذَا ٱلْإِثْمُ (لا كفارة لهذه الخطية): ما هي الخطية التي لا يمكن أن تُغفر، والتي لا كفارة لها؟ إنها خطية تجاهل الله ورفْض التواضع والتوبة أمامه. كانت أورشليم تفعل كل شيء باستثناء الشيء الأساسي الذي كان ينبغي لها أن تفعله للاستعداد للهجوم. ولأنها رفضت الرب، فلا مغفرة ولا كفارة لذنبها.
• “قلوبنا ممتلئة بالزنا، ونحن مستعدون للذهاب إلى كل زاوية من أجل الراحة، ونعلّق آمالنا على كل سياج، بدلًا من أن نرتمي في حضن الله، ’رجاء إسرائيل.‘” تراب (Trapp)
ثانيًا. إشعياء يشجب شبنا، وكيل الملك الرئيسي (جليس الملك)
أ ) الآيات (١٥-١٩): كان لشبنا منصب عالٍ مشرّف استخدمه لتمجيد نفسه.
١٥هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ: «اذْهَبِ ادْخُلْ إِلَى هذَا جَلِيسِ الْمَلِكِ، إِلَى شِبْنَا الَّذِي عَلَى الْبَيْتِ: ١٦مَا لَكَ ههُنَا؟ وَمَنْ لَكَ ههُنَا حَتَّى نَقَرْتَ لِنَفْسِكَ ههُنَا قَبْرًا أَيُّهَا النَّاقِرُ فِي الْعُلُوِّ قَبْرَهُ، النَّاحِتُ لِنَفْسِهِ فِي الصَّخْرِ مَسْكَنًا؟ ١٧هُوَذَا الرَّبُّ يَطْرَحُكَ طَرْحًا يَا رَجُلُ، وَيُغَطِّيكَ تَغْطِيَةً. ١٨يَلُفُّكَ لَفَّ لَفِيفَةٍ كَالْكُرَةِ إِلَى أَرْضٍ وَاسِعَةِ الطَّرَفَيْنِ. هُنَاكَ تَمُوتُ، وَهُنَاكَ تَكُونُ مَرْكَبَاتُ مَجْدِكَ، يَا خِزْيَ بَيْتِ سَيِّدِكَ. ١٩وَأَطْرُدُكَ مِنْ مَنْصِبِكَ، وَمِنْ مَقَامِكَ يَحُطُّكَ.
١. شِبْنَا ٱلَّذِي عَلَى ٱلْبَيْتِ: كان شبنا خادمًا للملك حزقيا. وكان وكيلًا على البيت وكاتبًا معًا (٢ ملوك ١٨: ١٨؛ إشعياء ٣٧: ٢). كان هذا منصب كرامة ومسؤولية. إذ كان واحدًا من مساعدي حزقيا الرئيسيين.
• “كان ملك يهوذا في ذلك الوقت حزقيا، وكان ملكًا صالحًا. ولهذا فإن حكم الدينونة وقع على الشخص الذي يليه. فلم يشترك شبنا وعامة الشعب بشكل عام في المبادىء التقية التي تبنّاها الملك حزقيا.” وولف (Wolf)
٢. مَا لَكَ هَهُنَا؟ وَمَنْ لَكَ هَهُنَا: كلّم الرب شبنا، ذلك الرجل المتكبر، قائلًا ما مفاده: “من تظن نفسك؟ وما الذي تعتقد أنك تمتلكه؟ أنت لا شيء، ولا تملك شيئًا.”
٣. أَيُّهَا ٱلنَّاقِرُ فِي ٱلْعُلُوِّ قَبْرَهُ: يدل هذا على أن ما فعله شبنا إنما فعله بمنصبه الدال على الكرامة والمسؤولية. وقد صنع لنفسه قبرًا فاخرًا ذا مقام. وفي ذلك الوقت، كان عمله هذا عرضًا للقوة والثروة الكبيرتين. وقد مثّل شبنا في تصرفه هذا كل أورشليم التي كانت مهووسة بمصلحتها الشخصية.
• تنبّأ إشعياء بأن سكان أورشليم ويهوذا سيُحمَلون إلى السبي، لكن شبنا لم يصدّق هذا. وبنى ضريحًا فاخرًا لنفسه كما لو أنه يقول: “لن أُحمل إلى السبي أبدًا. وأنا متأكد من أني سأموت هنا، ولهذا بنيت ضريحي هنا.”
٤. هُوَذَا ٱلرَّبُّ يَطْرَحُكَ… كَٱلْكُرَةِ إِلَى أَرْضٍ وَاسِعَةِ… هُنَاكَ تَمُوتُ… وَأَطْرُدُكَ مِنْ مَنْصِبِكَ: سعى شبنا وراء الكرامة والمجد، لكنه لن يرى شيئًا من هذا على الإطلاق. وسيتأكد الرب من أن شبنا لن يُدفن في ضريحه المكلف والفاخر. بل سيموت في السبي.
• شبنا هو من نفس نوعية الشخص الذي تكلم عنه يسوع في مثل الغني الغبي في لوقا ١٢: ١٦-٢١. وفي ذلك المثل، صرف الرجل كل وقته على جمع المال، والتخطيط، وبناء أشياء عظيمة. لكن، في نهاية الأمر، مات من دون الله، فلم يعنِ له كل ما فعله وامتلكه شيئًا. والآن، عنت كل إنجازات شبنا – ضريحه الجميل، ومركباته المجيدة – أسوأ من لا شيء. إذ عنت له الخزي.
ب) الآيات (٢٠-٢٤): الرب يرفع ألياقيم بدلًا من شبنا.
٢٠«وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنِّي أَدْعُو عَبْدِي أَلِيَاقِيمَ بْنَ حِلْقِيَّا ٢١وَأُلْبِسُهُ ثَوْبَكَ، وَأَشُدُّهُ بِمِنْطَقَتِكَ، وَأَجْعَلُ سُلْطَانَكَ فِي يَدِهِ، فَيَكُونُ أَبًا لِسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ وَلِبَيْتِ يَهُوذَا. ٢٢وَأَجْعَلُ مِفْتَاحَ بَيْتِ دَاوُدَ عَلَى كَتِفِهِ، فَيَفْتَحُ وَلَيْسَ مَنْ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلَيْسَ مَنْ يَفْتَحُ. ٢٣وَأُثَبِّتُهُ وَتَدًا فِي مَوْضِعٍ أَمِينٍ، وَيَكُونُ كُرْسِيَّ مَجْدٍ لِبَيْتِ أَبِيهِ. ٢٤وَيُعَلِّقُونَ عَلَيْهِ كُلَّ مَجْدِ بَيْتِ أَبِيهِ، الْفُرُوعَ وَالْقُضْبَانَ، كُلَّ آنِيَةٍ صَغِيرَةٍ مِنْ آنِيَةِ الطُّسُوسِ إِلَى آنِيَةِ الْقَنَّانِيِّ جَمِيعًا.
١. أَلِيَاقِيمَ بْنَ حِلْقِيَّا: يُذكر هذا الرجل في نصوص مثل ٢ ملوك ١٨: ١٨ وإشعياء ٣٦: ٣ كمساعد آخر للملك حزقيا. وينبغي تفريقه عن ألياقيم بن يوشيا الذي كان ملكًا ألعوبة في يد الفرعون الذي نصّبه في عرشه (٢ ملوك ٢٣: ٣٤).
٢. عَبْدِي: يا له من لقب مجيد لألياقيم! كان كل من شبنا وألياقيم عبدين لحزقيا، لكن قلب شبنا كان موجهًا نحو الطموح والمجد الشخصي، بينما كان قلب ألياقيم موجهًا نحو الرب.
٣. أَلِيَاقِيمَ بْنَ حِلْقِيَّا: إن وضع اسم ألياقيم قبل حزقيا أمر غامض بعض الشيء في كلمة الله. وهو يُذكر في ستة نصوص. والوصف الوحيد له هو أنه كان مسؤولًا عن البيت (٢ ملوك ١٨: ١٨، ٣٧؛ إشعياء ٣٦: ٣، ٢٢). لكن ألياقيم كان مشهورًا في السماء! وسيكون أَبًا لِسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ وَلِبَيْتِ يَهُوذَا.
٤. وَأُلْبِسُهُ ثَوْبَكَ، وَأَشُدُّهُ بِمِنْطَقَتِكَ، وَأَجْعَلُ سُلْطَانَكَ فِي يَدِهِ: سينتزع الرب السلطة من يد شبنا غير الأمين ويعطيها لألياقيم. سينجز الله عمله. فإن كان أي شخص، مثل شبنا، غير أمين، فسيزيحه الرب من منصبه، ويجرده من سلطته ويعطيها لآخر.
٥. وَأَجْعَلُ مِفْتَاحَ بَيْتِ دَاوُدَ عَلَى كَتِفِهِ: لأن ألياقيم هو عبد الرب، فسيعطيه الرب سلطة عظيمة. وفي ذلك الزمن، كان الوكيل الرئيسي للملك يحمل المفتاح الرئيسي الكبير للقصر مثبّتًا على كتف سترته. فكان المفتاح صورة وإظهارًا لسلطة الوكيل الرئيسي. وهنا يعطي الرب ألياقيم السلطة ليفتح ويغلق كممثل للرب، وهذا أمر لا يستطيع أن يقاومه أحد.
• وفي هذا يصبح ألياقيم نبوة للمسيّا، لأن يسوع أخبرنا أن هذا النص كان يتحدث عنه: “فَيَفْتَحُ وَلَيْسَ مَنْ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلَيْسَ مَنْ يَفْتَحُ: “هَذَا يَقُولُهُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلْحَقُّ، ٱلَّذِي لَهُ مِفْتَاحُ دَاوُدَ، ٱلَّذِي يَفْتَحُ وَلَا أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلَا أَحَدٌ يَفْتَحُ” (رؤيا ٣: ٧). ويسوع هو صاحب مفاتيح الجحيم والموت (رؤيا ١: ١٨)، والذي له كل سلطان في السماء وعلى الأرض. وهو يفوّض هذه السلطة كما يشاء (متى ١٦: ١٩).
٦. فَيَفْتَحُ وَلَيْسَ مَنْ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلَيْسَ مَنْ يَفْتَحُ: سيكون لألياقيم هذا النوع من السلطة من الرب. وبما أن هذه صورة ليسوع، فإننا نعرف أن ليسوع السلطة ليفتح ويغلق أبوابًا في حياتنا كما يشاء. وعلينا أن نقبل الأبواب المغلقة كما نقبل تلك المفتوحة على حد سواء.
• “قد نضطر إلى المرور في ممر طويل من الأبواب المغلقة. ويبدو أمرًا مفجعًا أن نرى أبوابًا كُتب عليها ’صداقة، حب، منزل‘ تُغلق في وجوهنا. لكن وراءها كلها هنالك الباب غير المغلق الذي ينبغي لنا أن ندخله إلى حياتنا الحقيقية. فلا تفشل ولا تفقد رجاءك في نُواحٍ غير مفيد على الأبواب المغلقة في الماضي. واتبع الذي يحمل المفاتيح.” ماير (Meyer)
٧. وَأُثَبِّتُهُ وَتَدًا فِي مَوْضِعٍ أَمِينٍ: لأن الرب ثبّت سلطة ألياقيم، فقد صارت آمنة. وسعى شبنا إلى مجد نفسه، وسيجد خزيًا. لكن ألياقيم كان عبد الرب، وسيكون كُرْسِيَّ مَجْدٍ لِبَيْتِ أَبِيهِ.
• في تلك الأيام، لم تكن المنازل تضم خزائن أو دواليب للتخزين كما في منازلنا اليوم. إذ كانت الأشياء تُخزن على أوتاد مثبّتة في جميع أنحاء الغرفة. فإن كان شيء موجودًا على وتد، فإنه آمِن، ومخزّن بشكل ملائم، وجاهز للاستعمال في الوقت الملائم.
٨. وَيُعَلِّقُونَ عَلَيْهِ كُلَّ مَجْدِ بَيْتِ أَبِيهِ، الْفُرُوعَ وَالْقُضْبَانَ: كان ألياقيم التقي وتدًا آمِنًا، ويمكن أن يدعم بيت أبيه وذريته روحيًّا. وبما أن ألياقيم صورة ليسوع، فإننا نرى في هذا اعتمادًا للمؤمن على يسوع بشكل كامل.
• يعلّق كلارك (Clarke) على عبارة ’وَيُعَلِّقُونَ عَلَيْهِ كُلَّ مَجْدِ بَيْتِ أَبِيهِ‘: لقد فُهم هذا على أنه اعتماد النفوس، وكل القدرات، من الأدنى ذكاء إلى الأكثر تعظيمًا على الرب يسوع، بصفته مخلّص كل الأرواح البشرية الهالكة.”
• توجد في بيت الرب أوانٍ كثيرة مختلفة بأحجام وأغراض كثيرة مختلفة. لكن يتوجب أن تُعلَّق كلها على الوتد نفسه! وستتحطم كلها إذا سقطت عن الوتد. ولا تتمثل السلامة في حجم الآنية أو نوعها، بل في تعلٌّقها بالوتد.
ج) الآية (٢٥): إزاحة شبنا
٢٥فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ، يَقُولُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، يَزُولُ ٱلْوَتَدُ ٱلْمُثْبَتُ فِي مَوْضِعٍ أَمِينٍ وَيُقْطَعُ وَيَسْقُطُ. وَيُبَادُ ٱلثِّقْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ.
١. ٱلْوَتَدُ ٱلْمُثْبَتُ: إذا لم تتم ترقية ألياقيم بالوتد بعد إلى مرتبة الشرف والمسؤولية كما في الصورة (وَأُثَبِّتُهُ وَتَدًا – إشعياء ٢٢: ٢٣)، فإن شبنا هو الوتد المثبّت حاليًّا. ولهذا، قبل أن يوضع ألياقيم في مكانه الصحيح، يتوجب أن يُزال شبنا ويُقطع ويسقط.
• أعطى الرب شبنا مكان الشرف والسلطة، لكنه لم يتعامل مع هذا المكان كخادم أمين للرب. ولهذا انتزع الرب مكان الشرف والسلطة منه. ومع ذلك، فإن السلطة العظيمة التي أعطاها يسوع لتلاميذه لم تكن محدودة، ولم تكن منفصلة عن توجيهه لهم. فرغم أن يسوع أعطى الوعد بالمفاتيح لبطرس (متى ١٦: ١٩)، إلا أنه لم يتمتع بسلطة غير محدودة. فقد تعرّض للتحدي والتوبيخ من رسول آخر عندما خرج عن الخط السليم (غلاطية ٢: ١١-٢٢).
٢. وَيُقْطَعُ وَيَسْقُطُ. وَيُبَادُ ٱلثِّقْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِ: عندما أُزيح شبنا كوتد، قُطع معه كل من عُلِّق عليه. وينبغي لنا أن نتأكد من أننا مثبّتون في الوتد الصحيح.