خروج ٢١
قوانين لِتَوجيه القضاة
أولًا. قوانين وأحكام تتعلَّق بالخدمة.
أ ) الآية (١): هذه هي الأحكام.
١ وَهَذِهِ هِيَ ٱلْأَحْكَامُ ٱلَّتِي تَضَعُ أَمَامَهُمْ:
١. وَهَذِهِ هِيَ ٱلْأَحْكَامُ: تتضمَّن الأصحاحات ٢١-٢٣ من سفر الخروج الكثير من الشَّرائع الـمُتعلِّقة بمروَحةٍ شاسعة من المواضيع الـمُختلِفة، بما فيها التَّالي:
شريعة العمل الـمُتعلِّقة بمُعاملة العبيد.
القتل، القتل غير الـمُتعمَّد، والتَّعدِّي العنيف.
المسؤوليَّة تجاه بهيمة الإنسان وتجاه بهائم الآخرين.
السَّرقة والمسؤوليَّة والإسترداد.
الإغتصاب والمهر وثمن عُذريَّة المرأة.
عبادة الأوثان والسِّحر أو الشَّعوذة.
مُعاملة المحرومين أو الَّذين بحاجة إلى رعايةٍ من النَّاس في المجتمع.
إقتراض المال والـمُمْتلكات.
العدالة والـمُساواة أمام القانون.
ü “هذه القوانين الـمُختلِفة لَهِيَ مُميَّزة بسبب عدالتها وتعقُّلها، كما وإنسانيَّتها. فإنَّ ميلَها الكبير يسعى لإظهارِ قيمة الحياة الإنسانيَّة وتمكين ضرورة السَّلام والتَّفاهُم في كُلِّ حَيٍّ؛ وهي تمتلِك تلك الخاصَّة التي هي عنوانٌ لقوانين الصَّلاح والإستفادة الصَّحيحة، لا سيَّما مَنْعُ الجرائم.” آدَم كلارك (Adam Clarke)
٢. ٱلَّتِي تَضَعُ أَمَامَهُمْ: إنَّ طبيعة القوانين الواسعة النِّطاق تُظهِرُ بأنَّ الله قد أعطاها لغايةٍ ما بحدِّ ذاتها، وأيضًا لإظهار القواعِد والسَّوابق التي على أساسها يعمَل القُضاة الَّذين عيَّنهم موسى.
“إنَّ هذه ’القوانين‘ أو بشكلٍ أفضل، ’الأحكام‘ (mispatim) قد أُعطِيَت كسوابق من أجلِ إرشادِ قُضاة المجتمع الإسرائيليّ المدَنيّ في حالات النِّزاعات المدنيَّة.” كايزر (Kaiser)
ب) الآيات (٢-٤): الأحكام العامَّة الـمُتعلِّقة بالعبيد العبرانيِّين (العبيد الـمُتعهَّدون).
٢ إِذَا ٱشْتَرَيْتَ عَبْدًا عِبْرَانِيًّا، فَسِتَّ سِنِينَ يَخْدِمُ، وَفِي ٱلسَّابِعَةِ يَخْرُجُ حُرًّا مَجَّانًا .٣ إِنْ دَخَلَ وَحْدَهُ فَوَحْدَهُ يَخْرُجُ. إِنْ كَانَ بَعْلَ ٱمْرَأَةٍ، تَخْرُجُ ٱمْرَأَتُهُ مَعَهُ .٤ إِنْ أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ ٱمْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ بَنِينَ أَوْ بَنَاتٍ، فَٱلْمَرْأَةُ وَأَوْلَادُهَا يَكُونُونَ لِسَيِّدِهِ، وَهُوَ يَخْرُجُ وَحْدَهُ.
١. إِذَا ٱشْتَرَيْتَ عَبْدًا عِبْرَانِيًّا: في إسرائيل القديمة، كما في العالَم القديم بأكمله، تَواجَدَ أُناسٌ كانوا يعملون من أجل الآخَرين على قاعدة الرِّق أو العبوديَّة. فقد كانوا عبيدًا بمعنًى ما، وليس بالضَّرورة بمعنى القسوة والإنحطاط التي يُمكِن أن يُفكِّر فيهما البعض عن العبوديَّة.
يعتقِد البعض بأنَّ الكتاب المقدَّس لَهُوَ مسؤولٌ من جهَّة العبوديَّة. العكسُ هو الصَّحيح؛ لقد كانت العبوديَّة موجودة بوقتٍ طويل قبل إسرائيل وموسى. إنَّ مسؤوليَّة الكتاب المقدَّس لَظَاهِرة في إزالتهِ للرِّقِّ والعبوديَّة، وليس في تثبيتهما.
“لَم يُؤسِّس موسى العبوديَّة بأيِّ شكلٍ من الأشكال؛ إنَّ القوانين أو الأحكام الـمُتعلِّقة فيها قد صُنِعت عن قصد، ذلك من أجل احتوائها ضمن حدودٍ ضيِّقة، وبالتَّالي وضعُ حَدٍّ لها في الختام.” سبيرجن (Spurgeon)
“يقبَل التَّوراة العبوديَّة كجزءٍ حتميّ في المجتمعات القديمة، تمامًا كما كان بولس، لكنَّ النَّهج الإنسانيّ الجديد سيدقُّ ناقوس الموت للعبوديَّة في نهاية المطاف … في أيِّ حال، كانت العبوديَّة في إسرائيل ريفيَّة، محلِّيَّة وعلى نطاقٍ ضيِّق.” كُول (Cole)
من الـمُهمِّ بمكانٍ ما، أن نُشير إلى أنَّ الكلِمات الإفتتاحيَّة لهذا القسم من الأحكام من كتاب سفر الخروج، تُظهِر أنَّ الله قد أراد من إسرائيل بأن يحترمَ حقوق وكرامة العبيد. “لقد أعلنت الكلِمات الأُولَى لله من سيناء بأنَّه يهوه الَّذي أخرجهم من أرض العبوديَّة. وفي هذا الرَّمز الرَّائع، نرى أنَّ أوَّلَ شخصٍ يتمُّ التَّعامل مع حقوقهِ هو العبد.” تشادويك (Chadwick)
٢. عَبْدًا عِبْرَانِيًّا: هُناك أربعُ طُرُقٍ من الـمُمكِن أن يصير من خلالها عبرانيٌّ ما عبدًا لِعبرانيٍّ آخَر.
في حالَة الفقر الـمُدقِع، يُمكنهم (أي العبيد) بأن يبيعوا حُرِّيَّتهم (لاوييِّن ٣٩:٢٥).
يُمكِن للأبِ بأن يبيع ابنتَهُ كعبدةٍ، إلى بيتٍ حيث المقصود أن تُصبح جزءًا من تلك العائلة بالزَّواج (خروج ٧:٢١).
في حالَة الإفلاس، يُمكِن للرَّجُل بأن يُصبحَ عبدًا لِمَديونيه (٢ ملوك ١:٤).
إذا كان لِصٌّ ما غير قادِر على الإيفاء بالـمُقتضَى لجهَّة الإسترداد السَّليم (خروج ٣:٢٢-٤).
ü إنَّ الفكرة وراء الرَّجُل السَّارق والعبوديَّة مدى الحياة – والتي هي مفاهيم مُرتبطة بالعبوديَّة – لا تتَّسِقُ بكلِّ بساطة مع مُمارسة الرِّقِّ والعبوديَّة في العهد القديم. طبيعيًّا، لقد كانت العبوديَّة:
– اختياريَّة أو مُدبَّرة بالإتِّفاق بين الطَّرَفَين.
– محدودةَ الوقت.
– مُنظَّمةً بشكلٍ رفيع.
٣. فَسِتَّ سِنِينَ يَخْدِمُ، وَفِي ٱلسَّابِعَةِ يَخْرُجُ حُرًّا مَجَّانًا: في جميع هذه الحالات الأربَع الـمُتعلِّقة بالعبوديَّة، لَم تكُن الخدمة إجباريَّة مدى الحياة. فقد كان العبدُ العبرانيّ يعمَل لِسِتِّ سِنِينٍ ومن ثمَّ يُطلَقُ حُرًّا.
“لقد كان، بشكل أكثر مُلائمة ’عاملٌ مُتعهِّد‘، مُقيَّدًا لسِتِّ سنينٍ.” كُول (Cole)
“كان من الـمُمكِن لهذه الخدمة بأن تُمَدَّ، على الأكثر، لِستِّ سنينٍ فقط؛ وهي – أي هذه الخدمة – شبيهة إلى حدٍّ كبير، في بعض الحالات، بفترة التَّدريب المهنيَّة التي لدينا.” كلارك (Clarke)
كتب ج. كامبل مورجان (G. Campbell Morgan)، بعدَ إلقاء نظرةٍ على الشَّرائع والأحكام الـمُتعلِّقة بالعبوديَّة، التَّالي: “إنَّ التَّمعُّن بعمقٍ فيها يُظهِرُ بأنَّها قد قضَت على العبوديَّة، واستبدلتها بعملٍ مُتعهَّد.”
“من الآن فصاعِدًا، سيكون وضْعُ العبيد بين الشَّعب العبرانيّ في تمايُزٍ كبير مع العبوديَّة كَمُمارسة مُتجذِّرَة في أوساط شعوبٍ أُخرى. لقد كانت هذه بداية حركةٍ أخلاقيَّة عظيمة.” مورجان (Morgan)
٤. إِنْ دَخَلَ وَحْدَهُ فَوَحْدَهُ يَخْرُجُ. إِنْ كَانَ بَعْلَ ٱمْرَأَةٍ، تَخْرُجُ ٱمْرَأَتُهُ مَعَهُ: في نهاية السَّنوات السِّت، سيخرجُ العبدُ مع ما أتى به. وإذا أمَّن له سيِّدُهُ زوجةً (وبالتَّالي أولادًا)، فكان على الزَّوجة والأولاد البقاء مع السيِّد إلى حين تتميم واجباتهم أو إعتاقهم.
وَحْدَهُ: “حرفيًّا، ’خالي الوِفاض،‘ أي ’خالي اليدَين لا أكثر.‘ فهذه العبارة لَجَليَّة وفريدة، لكنَّ المعنى واضِح. قد يبدو أنَّ هذا البَند صعبٌ علينا، لكنَّ الزَّوجة كانت، على ما يبدو، عبدَة مُستدامَة، لذلك فقد كانت مُلكًا للسيِّد.” كُول (Cole)
ج) الآيات (٥-٦): العبدُ الأبديّ: عبدٌ إراديٌّ مدى الحياة.
٥ وَلَكِنْ إِنْ قَالَ ٱلْعَبْدُ: أُحِبُّ سَيِّدِي وَٱمْرَأَتِي وَأَوْلَادِي، لَا أَخْرُجُ حُرًّا، ٦ يُقَدِّمُهُ سَيِّدُهُ إِلَى ٱللهِ، وَيُقَرِّبُهُ إِلَى ٱلْبَابِ أَوْ إِلَى ٱلْقَائِمَةِ، وَيَثْقُبُ سَيِّدُهُ أُذْنَهُ بِٱلْمِثْقَبِ، فَيَخْدِمُهُ إِلَى ٱلْأَبَدِ.
١. وَلَكِنْ إِنْ قَالَ ٱلْعَبْدُ: أُحِبُّ سَيِّدِي: إذا، بعد ستِّ سنينَ من الخدمة، أراد العبدُ الإلتزام مدى الحياة مع سيِّدهِ – في ضوءِ إحسان سيِّدهِ وبركاته له – يُمكِنه، من خلالِ هذا الإحتفال، التَّعهُّد بالتزامِ سيِّده مدى الحياة.
لَم يكُن هذ التَّعهُّد مُتحفَّزًا بالدَّين أو الإلتزام، بل فقط بالمحبَّة لسيِّدهِ، ولأجلِ الأُمور الجيِّدة التي أمَّنها سيِّدُهُ لعبدهِ.
٢. يُقَدِّمُهُ سَيِّدُهُ إِلَى ٱللهِ[1]: تصِف هذه الكلِمات الإحتفال العام الـمُعتمَد الَّذي يلْحَظ العبد الـمُريد، ذلك الَّذي أَتمَّ واجباته، وبالرغم من ذلك، فهو يُريد خدمة سيِّده بسبب المحبَّة.
“في هذه الحالَة، يعمَد ’القُضاة‘ إلى تغييرِ وَضْع العبد القانونيّ من مُؤقَّت إلى دائِم، وذلك خلال احتفالٍ عند الباب أو القائمة في بَيتِ سيِّدهِ.” كايزر (Kaiser)
٣. وَيَثْقُبُ سَيِّدُهُ أُذْنَهُ بِٱلْمِثْقَبِ: في هذا الإحتفال، تُثقَب أُذُن العبد – أو تُفتَح – بالمثقَب. كان يتمُّ هذا الأمرُ بحضورِ شهود، ومن ثمَّ يَخْدِمُهُ إِلَى ٱلْأَبَدِ.
إنَّه لَأمرٌ رائعٌ بأن نُفكِّر بهذا الإحتفال وكيفيَّة إجرائه. قال أحدُ العبيد: “أنا أُدرِك بأنَّني قد تمَّمتُ تعهُّداتي لِسيِّدي، وخدمتُهُ بما أنا مَدينٌ له. بالرغم من ذلك، فأنا أُحبُّ سيِّدي ومُمتنٌّ له من أجلِ ما قد أعطاني إيَّاه، لذلك أنا سعيدٌ بتعهُّدي مدى الحياة، ليس بسبب الدَّين أو الخجَل أو الهزيمة، بل بسبب المحبَّة.”
تكلَّم سفر
المزامير ٦:٤٠، لاحِقًا، عن هذا الإحتفال الحاصِل بين الأبِ والإبن، حيث يُشير الـمُرنِّم نبويًّا إلى المسيَّا: بِذَبِيحَةٍ وَتَقْدِمَةٍ لَمْ تُسَرَّ. أُذُنَيَّ فَتَحْتَ. مُحْرَقَةً وَذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ لَمْ تَطْلُبْ. لقد كان يسوع ذلك العبد الكامل بالعهد لله الآب (فيلبِّي ٧:٢).
“يُمثِّلُ ذلك الـمِثقَب المسمارَ الَّذي اخترق جسدَ المسيح على الصَّليب، ويجب أن نتوقَّعَهُ في كلِّ عملٍ حقيقيٍّ مُرتبطٍ بالتَّقديس.” ماير (Meyer)
٤. فَيَخْدِمُهُ إِلَى ٱلْأَبَدِ: لقد أعطانا يسوع الحقَّ في أن نُدعَى أصدقاءَهُ بدلًا من خُدَّامِهِ (يوحنَّا ١٥:١٥). بالرغم من ذلك، فقد وجدَ كُتَّابُ العهد الجديد الوفيرَ من المجدِ في بساطة اعتبارهم خُدَّامًا ليسوع (رومية ١:١، يعقوب ١:١، ٢ بطرس ١:١، يهوذا ١:١).
كان للوثنيِّين عادَةَ تصنيف العبيد باسمٍ أو علامةٍ للمالِك. لقد اعتبَر بولس نفسَهُ عبدًا في غلاطية ١٧:٦، فِي مَا بَعْدُ لَا يَجْلِبُ أَحَدٌ عَلَيَّ أَتْعَابًا، لِأَنِّي حَامِلٌ فِي جَسَدِي سِمَاتِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ. لقد كان بولس عبدًا ليسوع المسيح مدى الحياة.
هذه أيضًا صورة عن خدمة الخاطئ للخطيَّة؛ هُناك مكانٌ حيث الخاطئ، المملوء بالمحبَّة للخطيَّة، يختِم قلبَهُ كعبدٍ للخطيَّة التي تمتلِكُه.
هذه صورةٌ أيضًا عن خدمتنا ليسوع:
ü لدينا المقدرة على الذَّهابِ أحرارًا إذا أردنا ذلك.
ü يجب أن نكون مُستعدِّين لِحَصدِ النَّتائج النَّاجمة عن خيار الخدمة.
ü يجب أن نمتلِك الحافِز بالمحبَّة لسيِّدنا.
د ) الآيات (٧-١١): حقوق المرأة العبدَة.
٧ وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ٱبْنَتَهُ أَمَةً، لَا تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ ٱلْعَبِيدُ .٨ إِنْ قَبُحَتْ فِي عَيْنَيْ سَيِّدِهَا ٱلَّذِي خَطَبَهَا لِنَفْسِهِ، يَدَعُهَا تُفَكُّ. وَلَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يَبِيعَهَا لِقَوْمٍ أَجَانِبَ لِغَدْرِهِ بِهَا .٩ وَإِنْ خَطَبَهَا لِٱبْنِهِ فَبِحَسَبِ حَقِّ ٱلْبَنَاتِ يَفْعَلُ لَهَا .١٠ إِنِ ٱتَّخَذَ لِنَفْسِهِ أُخْرَى، لَا يُنَقِّصُ طَعَامَهَا وَكِسْوَتَهَا وَمُعَاشَرَتَهَا. ١١ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَهَا هَذِهِ ٱلثَّلَاثَ تَخْرُجُ مَجَّانًا بِلَا ثَمَنٍ.
١. وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ٱبْنَتَهُ أَمَةً: إنَّ القضيَّة الموصوفة هُنا تبدو وكأنها تُشيرُ إلى بَيعِ أُنثى صغيرة كأمَةٍ (كَعَبدَة) إلى عائلةٍ ما بهدف الزَّواج. فلأجلِ هذا السَّبب بالذَّات يشرح العدد بالقَول: ٱلَّذِي خَطَبَهَا لِنَفْسِهِ.
“تُشيرُ هذه الكلِمات إلى فتاةٍ قد بيعَت من أبيها، ليس للعبوديَّة، بل للزَّواج.” كايزر (Kaiser)
“من الـمُحتمَل بأن يكونَ أصلُ هذه العادة نفسُ الشَّيءِ في الحالَتَين: تجنُّب دَفعِ مَهرٍ أعلى للعروس في عُمرٍ مُتقدِّم، ولِتَرعرُع ِ ابنة النَّسَب الـمُستقبليَّة ضمن العائلة، ذلك لضمانِ ’انتمائها.‘ فهذا الموقِف من العبيد يُزيل مفهوم العبوديَّة، لكن فقط بالإسم.” كُول (Cole)
في المجتمعات القديمة (بما فيها أحيانًا المجتمعات العبريَّة)، قد كان من الـمُمكِن بَيع الطِّفل كَعَبدٍ في ضوءِ الدَّين، أو بشكلٍ خاصٍّ في حالَة الإبنَة الأَمَة، في ترتيبٍ يتعلَّق بالمهر لتسديد الدَّين. فهذه التَّرتيبات تقع ضمن خانة الخدمة التَّعهُّديَّة بدلًا من العبوديَّة. بالرغم من ذلك، لَم تكُن هذه الظُّروف جزءًا من هذا التَّشريع الخاص.
٢. يَدَعُهَا تُفَكُّ: إذا لَم يتزوَّجها سيِّدُها، أو أنَّه قرَّر بأن يُعطيها لابنهِ، فهو ما زالَ مُلزَمًا باحترامِ حقوقِها بحسب شريعة الله. فقد كان يجب عليهِ بأن يُعاملها بالـحُسنَى ويُعطيها فرصةً للهروبِ من التزام الخدمة.
“إذا تبيَّن بأنَّ شروط الزَّواج لَم تُحترَم، فسيُعتبَرُ ذلك إخلالًا بالعقد، لذا يتوجَّب على الشَّاري بأن يفكَّ أَسرَها بافتدائها.” كايزر (Kaiser)
وَلَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يَبِيعَهَا لِقَوْمٍ أَجَانِبَ: “حتَّى ولَو قَبُحَتْ فِي عَيْنَي سَيِّدِهَا، فلا يُمكِنهُ بيعها إلى سيِّدٍ آخَر؛ فذلك سيكونَ خَرقًا لِتَعهُّد الزَّواج منها.” كُول (Cole)
٣. لَا يُنَقِّصُ طَعَامَهَا وَكِسْوَتَهَا وَمُعَاشَرَتَهَا: إذا لَم تنجَح العلاقة مع البنت التي بيعَت إلى عائلةٍ أُخرى بهدف الزَّواج في الـمُستقبَل، فلا يجوزُ إساءة مُعاملتها. ولا يجوز حرمانها من أجواء الرَّاحة في البيت؛ بدلًا من ذلك، يجب مُعاملتها بِحَسَبِ حَقِّ ٱلْبَنَاتِ – أي كابنَة، وليس كأَمَة.
“إنَّ الكلِمة الـمُترجَمَة طعام يجب اعتبارها ’لحم‘: فهي تعني، كما يقول الـمُفسِّرون، حُصَّة الزَّوجة العادِلة من الرَّفاهية، وليس مُجرَّد بدلِ إعاشة، التي يحصل عليها أيُّ عبدٍ.” كُول (Cole)
٤. تَخْرُجُ مَجَّانًا بِلَا ثَمَنٍ: إذا فَشِلَ أهلُ البيتِ في الوفاء لِتعهُّداتهم بالنِّسبةِ إلى البنت التي قبلوها في بيتهم بهدف الزَّواج، فيجب أن تُمنَح الحُرِّيَّة. لقد كانت هذه حماياتٌ فريدة لِأُولئك اللَّواتي من الـمُمكِن أن يكنَّ مُهمَّشات.
لَم يكُن للفتاة في هذا الحالَة – وهي التي خرجت من بيتِ ولادتها، وأُطلِقَت من ذويها الطَّبيعيِّين – ملاذًا أو حاميًا طبيعيًّا لها في ذلك المجتمع. لقد أرشد الله قُضاة إسرائيل لكي يكونوا حُماتَها.
لذلك، “إنَّ الحقَّ للأهل في بَيعِ بناتهم، قد تمَّت حمايته بعنايةٍ شديدة في وجهِ الإستغلال.” توماس (Thomas)
ثانيًا. قوانين وأحكام تتعلَّق بالعنف والعجز.
أ ) الآيات (١٢-١٤): عقابٌ مُناسِب للقتل، وللقتل غير العَمد.
١٢ «مَنْ ضَرَبَ إِنْسَانًا فَمَاتَ يُقْتَلُ قَتْلًا .١٣ وَلَكِنَّ ٱلَّذِي لَمْ يَتَعَمَّدْ، بَلْ أَوْقَعَ ٱللهُ فِي يَدِهِ، فَأَنَا أَجْعَلُ لَكَ مَكَانًا يَهْرُبُ إِلَيْهِ .١٤ وَإِذَا بَغَى إِنْسَانٌ عَلَى صَاحِبِهِ لِيَقْتُلَهُ بِغَدْرٍ فَمِنْ عِنْدِ مَذْبَحِي تَأْخُذُهُ لِلْمَوْتِ.
١. مَنْ ضَرَبَ إِنْسَانًا فَمَاتَ يُقْتَلُ قَتْلًا: إنَّ المبدأ الَّذي يتعلَّق بعقوبة الإعدام يعود في الزَّمن إلى تكوين ٦:٩، سَافِكُ دَمِ ٱلْإِنْسَانِ بِٱلْإِنْسَانِ يُسْفَكُ دَمُهُ. لِأَنَّ ٱللهَ عَلَى صُورَتِهِ عَمِلَ ٱلْإِنْسَانَ. إنَّ حقَّ الدَّولة في استخدام السَّيف، أي سيف الإعدام، لَهُوَ مكتوبٌ في العهد الجديد (رومية ٣:١٣-٤).
٢. وَلَكِنَّ ٱلَّذِي لَمْ يَتَعَمَّدْ … وَإِذَا بَغَى إِنْسَانٌ: لقد أخبرَ الله قُضاةَ إسرائيل بضرورة النَّظر إلى الدَّليل في التَّعمُّد والبغَاء. لَم يضَع الله الحوادِث، أو جرائم الشَّرف أو الإهمال بنفس مَرتبة جرائم التَّعمُّد والبغَاء.
٣. فَمِنْ عِنْدِ مَذْبَحِي تَأْخُذُهُ لِلْمَوْتِ: إنَّ المبدأ الرَّامي إلى مُعاقَبَة القَتَلَة لَهُوَ مُهمٌّ جدًّا بالنِّسبة إلى الله إلى درجةِ أنَّه حرَمَ الـمُجرمين من أخذِ ملاذٍ عند مذبَحِهِ. فبحسبِ العادة شبة العالَميَّة في العالَم القديم، كان المذبَح الدِّينيّ مكانًا أو ملاذًا للعدالة أو الإنتقام. فالرَّجُل الـمُتَّهَم يُمكِنه أن يجدَ الأمان إذا هربَ إلى المذبَح قبل إلقاءِ القبضِ عليه.
“يُمسِك الـمُتضرِّع أو الـمُتوسِّل بِـ ’قرون‘ المذبَح النَّاتئة (١ ملوك ٢٨:٢). فقد كان هذا الأمرُ مُعادِلًا لِتَكريس نفسهِ لِيَهوه، كأيِّ حيوانِ ذبيحة مربوطًا إلى قرون المذبَح.” كُول (Cole)
بالرغم من ذلك، فقد قال الله لِقُضاة إسرائيل بأنَّه لا توجَد رحمة للـمُذنبين بأبشع الجرائم، التي يُمكِن أن نُسمِّيَها بجرائم الدَّرجة الأُولَى. لقد قال الله: ’فَمِنْ عِنْدِ مَذْبَحِي تَأْخُذُهُ، لِلْمَوْتِ.‘ فلَن يجِد الـمُجرِم أيَّة حمايةٍ في الإيمان الَّذي سيءَ فَهمُهُ وتطبيقُه.
قال الله أيضًا بأنَّ الـمُجرمين غير الـمُعاقَبين سوفَ يُدنِّسون الأرض: وَلَا تَأْخُذُوا فِدْيَةً عَنْ نَفْسِ ٱلْقَاتِلِ ٱلْمُذْنِبِ لِلْمَوْتِ، بَلْ إِنَّهُ يُقْتَلُ .لَا تُدَنِّسُوا ٱلْأَرْضَ ٱلَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا، لِأَنَّ ٱلدَّمَ يُدَنِّسُ ٱلْأَرْضَ. وَعَنِ ٱلْأَرْضِ لَا يُكَفَّرُ لِأَجْلِ ٱلدَّمِ ٱلَّذِي سُفِكَ فِيهَا، إِلَا بِدَمِ سَافِكِهِ .وَلَا تُنَجِّسُوا ٱلْأَرْضَ ٱلَّتِي أَنْتُمْ مُقِيمُونَ فِيهَا ٱلَّتِي أَنَا سَاكِنٌ فِي وَسَطِهَا. إِنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ سَاكِنٌ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ (سفر العدد ٣١:٣٥، ٣٣-٣٤).
إنَّ المبدأ الَّذي يُشيرُ إلى تدنيس الـمُجرمين غير الـمُعاقَبين للأرض، لَهُوَ سببٌ للحزنِ والتَّواضع في أوساط الأمريكيِّين، حيث الكثيرون يُقتَلُون، وقليلون ينالون جزاءَ عقابهم الـمُحقِّ بسبب جرائمهم.
٤. فَأَنَا أَجْعَلُ لَكَ مَكَانًا يَهْرُبُ إِلَيْهِ: لاحِقًا (في عدد ٣٥ و يشوع ٢٠)، فقد أمرَ الله بهذا وإسرائيل بنى مُدُنًا لِلمَلجأ (مَكَانًا يَهْرُبُ إِلَيْهِ). كانت هذه مُدُنًا مُختارَة ومُحضَّرة حيث أمكَن الهروب إليها في حالةِ القتل طلَبًا للحماية إلى حين سماع قضيَّة الهارِب بشكلٍ جيِّد.
“منذ أيَّام القِدَم، كان للنَّسيب الأقرَب الحقُّ في الإنتقام لِقَريبهِ، وبما أنَّ هذا الحقَّ كان مُعتبَرًا على نطاقٍ عالَميّ، فلَم يُكتَب بشكلِ قانونٍ أو حُكم على الإطلاق؛ ولكن، مع بروزِ إمكانيَّة الإستغلال، وبما أنَّ أحدًا ما قد قتل شخصًا آخَرَ عرَضيًّا، وهو لا يكُنُّ أيَّة ضغينةٍ تجاهَهُ، لكن من الـمُمكِن قتلَهُ بواسطة وَليِّ الدَّم، كأقرَبِ نسيبٍ مُعترَفٍ به، لذلك أمَّن الله مُدُنًا لِلمَلجأ يستطيع أن يهرُبَ إليها مَن قتل سهوًا، إلى حينِ التَّحقيق في قضيَّتهِ وبَتِّها من قِبَلِ القاضي الـمَدنيّ.” كلارك (Clarke)
هذا الفَرق الدَّقيق بين درجات الذَّنْب وعقاب القَتْل، بالإضافة إلى حماية القاتِل غير الـمُتعمَّد مُقارَنةً مع القاتِل عن عَمْد، جميعها تُشيرُ إلى مُستوى التَّعقيد والإهتمام بالعدالَة في الأحكام الـمُعطاة لِقُضاة إسرائيل.
ب) الآيات (١٥-١٧): الأحكام الـمُتعلِّقة بِقَتل أحَدِ الوالِدَين.
١٥ وَمَنْ ضَرَبَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يُقْتَلُ قَتْلًا .١٦ وَمَنْ سَرَقَ إِنْسَانًا وَبَاعَهُ، أَوْ وُجِدَ فِي يَدِهِ، يُقْتَلُ قَتْلًا .١٧ وَمَنْ شَتَمَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يُقْتَلُ قَتْلًا.
١. وَمَنْ ضَرَبَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ: ضَرَبَ كلِمةٌ يجب أن تُؤخَذ في سياق سفر الخروج ١٢:٢١، حيث يقول: مَنْ ضَرَبَ إِنْسَانًا فَمَاتَ يُقْتَلُ قَتْلًا. فالوَلَدُ الَّذي قتلَ، أو حاولَ أن يقتُلَ أحدَ ذَويهِ، سيأخُذ عقوبة الإعدام.
٢. وَمَنْ سَرَقَ إِنْسَانًا وَبَاعَهُ، أَوْ وُجِدَ فِي يَدِهِ، يُقْتَلُ قَتْلًا: كان الخَطفُ أيضًا يُعتبَرُ جريمةَ إعدام. ففي عينَي الله، إنَّ الإستعباد بِنيَّةٍ جُرميَّة لَم يكُن بعيدًا عن فعل الجريمة.
“كان الخَطفُ بِنيَّة الإستعباد شائعًا في العالَم القديم” كُول (Cole)، وهو هُنا مُنهَى عنه بوضوح.
لقد كان هذا فرقًا رقيقًا لكنَّه هامٌّ بين العبوديَّة كما هي (وما زالَت) تُمارَس بشكلٍ شائع، والعبوديَّة الـمُنظَّمة من قِبَل الكتاب المقدَّس. كانت مُعظَم أنواع العبوديَّة (القديمة والحديثة) في الواقِع نوعًا من الخَطفِ – الحصول على، وسَجن أو أَسر، الشَّخص خلافًا لإرادتهِ. وكما هي مُنظَّمة في الكتاب المقدَّس (ومُمارسَة في بعض المجتمعات القديمة)، فإنَّ العبوديَّة كانت تُؤخَذ اختياريًّا (عادَةً كَدَفعٍ للدَّين) أو، في حالَة الحرب، بديلًا عن الموت. ففي إسرائيل القديمة، لَم تُسبَى أو تُخطَف أو تُستعبَد المجتمعات الأُخرى (كما جرت العادَة في تجارة الرِّقِّ الإفريقيَّة).
إنَّ مغزى القرينة وتحديد مُستوى هذا القانون أمران لَهامَّان جدًّا. “لَم يكُن الخَطفُ جريمةً تتعلَّق بِالـمُلكيَّة، ذلك لأنَّ هذه الجريمة لا تستدعي عقوبة الإعدام، أضِف إلى ذلك بأنَّ هذا القانون ليس مُدرَجًا بين القوانين الـمُتعلِّقة بالأملاك. بدلًا من ذلك، الخطفُ هو سَرِقة لإنسانٍ بشريّ.” كايزر (Kaiser)
أَوْ وُجِدَ فِي يَدِهِ “يجب أن تُترجَم: ’وُجِدَ وفي يدِه مال.‘ بشكلٍ غير مُتوقَّع، ما تزالُ حساباتٌ مصرفيَّة ضخمة صعبَةً للتَّفسير بالنِّسبة إلى قِسم الجباية الضَّريبيّ في يومنا هذا. كُول (Cole)
٣. وَمَنْ شَتَمَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يُقْتَلُ قَتْلًا: كانت الفكرة تتعلَّقُ بِوَلَدٍ بالِغ قام بتهديد والِدَيه. بالرغم من أنَّ هذا القانون كان قاسيًا، فقد حافظَ على أساسٍ حسَّاس للمجتمع الـمُتمدِّن: الإحترام الـمُتبادَل بين الأجيال.
إنَّ فكرة الشَّتيمة هُنا يجب أن يُنظَرَ إليها كَمَن يُهدِّدُ بالموت. “فَبما أنَّ الشَّتيمة تعني الإرادة والتَّمنِّي بسقوط الآخَرين من كلِّ القلب، فهي تُمثِّلُ موقِفًا يعمَل كالضَّربِ أو القتل.” كُول (Cole)
كان لِناموس موسى أيضًا جانبٌ مُتعلِّقٌ بالحماية الضِّمنيَّة لِحقوق الطِّفل، ذلك بحسب سفر التَّثنية ١٨:٢١-٢١. فهذه العبارة تَصِف بأنَّه لا يحقُّ لأيٍّ من الوالِدَين الإقتصاص من الـمُذنِب، بل كان مُتوجِّبًا عليهما الإتيان بالوَلَد إلى أمام الشُّيوخ أو القُضاة في المدينة. فقد كان هذا يعني بأنَّ الوالِدَين – وفي تناقُضٍ صارخٍ مع العادة الـمُعاصِرة – لَم يملِكا السُّلطة الـمُطلَقَة في حياة وموتِ أبنائهم. وكقضيَّةٍ عمليَّة، لَم يُدِر قُضاةُ إسرائيل إلَّا نادِرًا في اتِّجاه حُكم الإعدام في هذه الحالات، وبالرغم من ذلك، فقد حُسِبَ الولدُ مسؤولًا.
بالرغم من ذلك، فإنَّ القانون الَّذي لا يُشجِّع على خَلقِ النِّزاعات بين الأجيال لَمُهِمٌّ جدًّا. فكلُّ جيلٍ قديم، كلَّما تقدَّم في الأيَّام، هو تحت رحمة الجيل الجديد. فإذا سُمِح للجيل الجديد بأن يحمِلَ تحت إبطِهِ وِزْرَ الحرب المفتوحة مع الجيل القديم، فستَتزَحْزَح أساساتُ الـمُجتمع – كما يظهر ذلك في الوصيَّة الرَّابعة. هُناك بعضُ القوانين الـمُعاصِرة – بما فيها تطوير القوانين الـمُتعلِّقة بالموت أو القتل الرَّحيم – يُمكِن أن تُفضي إلى القتل السَّهل للجيل القديم بواسطة الجيل الحديث.
ج) الآيات (١٨-١٩): الأحكام الـمُتعلِّقة بتعويض الأذيَّة الشَّخصيَّة.
١٨ وَإِذَا تَخَاصَمَ رَجُلَانِ فَضَرَبَ أَحَدُهُمَا ٱلْآخَرَ بِحَجَرٍ أَوْ بِلَكْمَةٍ وَلَمْ يُقْتَلْ بَلْ سَقَطَ فِي ٱلْفِرَاشِ، ١٩ فَإِنْ قَامَ وَتَمَشَّى خَارِجًا عَلَى عُكَّازِهِ يَكُونُ ٱلضَّارِبُ بَرِيئًا. إِلَّا أَنَّهُ يُعَوِّضُ عُطْلَتَهُ، وَيُنْفِقُ عَلَى شِفَائِهِ.
١. وَإِذَا تَخَاصَمَ رَجُلَانِ فَضَرَبَ أَحَدُهُمَا ٱلْآخَرَ: إذا، بسبب خصامٍ أو نزاعٍ ما، أصبحَ رجُلٌ ما غير قادرٍ على العمل (سَقَطَ فِي ٱلْفِرَاشِ) بسبب أذيَّةٍ تلقَّاها من شخصٍ آخَر، فيجب على الَّذي تسبَّب بالأذيَّة بأن يدفع تعويضًا للرَّجُل وعائلته.
لِهَذه القوانين الـمُتعلِّقة بالأذيَّة الشَّخصيَّة شبيهاتٌ في شريعة حَمُورابي وفي الشَّرائع الحثِّيَّة.
٢. فَإِنْ قَامَ وَتَمَشَّى خَارِجًا عَلَى عُكَّازِهِ: على الرغم من ذلك، إذا استطاع الرَّجُل بأن يتعافى من الأذيَّة، فكان يتوجَّب على الجانب الـمُذنِب بأن يُعوِّض عليهِ من أجل تعافيه الطبِّيّ أو الوقت الَّذي ذهب سُدًى.
٣. وَيُنْفِقُ عَلَى شِفَائِهِ: بالرغم من أنَّ هذه المبادئ قد تمَّ استغلالها من قِبَل الجشعين في أيَّامنا الحاضرة، فلا تزال هذه المبادئ صالِحة.
د ) الآيات (٢٠-٢١): الأحكام الـمُتعلِّقة بِضَربِ وموتِ العبد.
٢٠ وَإِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِٱلْعَصَا فَمَاتَ تَحْتَ يَدِهِ يُنْتَقَمُ مِنْهُ .٢١ لَكِنْ إِنْ بَقِيَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لَا يُنْتَقَمُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَالُهُ.
١. فَمَاتَ تَحْتَ يَدِهِ يُنْتَقَمُ مِنْهُ: يُظهِرُ هذا بأنَّ العبيد في إسرائيل القديمة كان من الـمُمكِن أن يُقتَلوا. وفي مجتمعاتٍ كثيرة غيرها، اعتُبِرَ السيِّد غير مُذنِبٍ إذا قتل عبدًا، وذلك لأنَّ العبد لَم يكُن يُحسَبُ إنسانًا.
“إنَّ التَّطوُّرَ في العقليَّة القديمة لَظَاهرٌ في اعتبارِ العبد إنسانًا.” كُول (Cole)
٢. لَكِنْ إِنْ بَقِيَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لَا يُنْتَقَمُ: لَا يُنْتَقَمُ من السيِّد إذا لَم يمُت العبد على الفور. لَرُبَّما كانت هذه طريقةً لِكَشف النِّيَّة، مع الفكرة القائلة بأنَّه إذا عاش العبدُ لِعِدَّةِ أيَّامٍ، فقد كان هذا بحدِّ ذاتهِ إشارةً إلى عدم وجودِ سوءِ نيَّة لدى السيِّد.
كانت الفكرة بأنَّه إذا لَم تمُت الضَّحيَّة على الفور، فقد كان هذا دليلًا بأنَّه ضُرِبَ بهدف التَّأديب لا القتل. بالإضافة إلى ذلك، إذا مات العبد خلال هذا الهجوم غير الـمُتعمَّد، فخسارةُ المادِّيَّات أو الـمُمتلكات ستكون، كما يُعتقَد، كافيةً كجزاءٍ للسيِّد.
لاحظَ آدَم كلارك بأنَّ هذا يعكِسُ مبدأً عامًّا في ناموس موسى: اهتمامًا بالِغًا في حقوق الـمُتَّهَم. “يجب صياغةُ كلِّ القوانين الجزائيَّة بشكلٍ إيجابيٍّ قَدْرَ الإمكان لِصالِح الـمُتَّهَم.” كلارك (Clarke)
“كان هدفُ القانون لا لأن يضعَ العبد تحت رحمةِ السيِّد، بل إلى تقييد قوَّة السيِّد الـمُمارسَة عليه.” كايزر (Kaiser)
٣. يُنْتَقَمُ مِنْهُ … لِأَنَّهُ مَالُهُ: ترسُمُ هذه القوانين معًا، صورةً عن العقليَّة التي كانت وراء العبوديَّة في الـمُجتمَع الإسرائيليّ القديم. لقد كان العبدُ إنسانًا (الَّذي لا يُمكِن قَتلُهُ)، ولكن على الرغم من ذلك، فقد حُسِبَ مُلكًا للسيِّد، إلى حين تتميم التزاماتِهِ.
لِأَنَّهُ مَالُهُ: “هاتان الكلِمتان تعنيان: ’لأنَّه مالٌ لهُ.‘ والفكرة هي أنَّ هؤلاء الرَّجال ليسوا مُجرَّد مالٍ … بل أنَّ المالِك قد استثمر في هذا العبد الَّذي يبقى مُلكَه إلى حين مماتهِ … أو عُتقِه.” كايزر (Kaiser)
ترسِمُ هذه المبادئ تشبيهًا روحيًّا. مُتكلِّمين من النَّاحية الرُّوحيَّة، نحن مُلْكُ مَن نخدِم. فنحن إمَّا عبيدٌ لإبليس أو ليسوع المسيح.
هـ) الآيات (٢٢-٢٥): الأحكام الـمُتعلِّقة بالإنتقام.
٢٢ وَإِذَا تَخَاصَمَ رِجَالٌ وَصَدَمُوا ٱمْرَأَةً حُبْلَى فَسَقَطَ وَلَدُهَا وَلَمْ تَحْصُلْ أَذِيَّةٌ، يُغَرَّمُ كَمَا يَضَعُ عَلَيْهِ زَوْجُ ٱلْمَرْأَةِ، وَيَدْفَعُ عَنْ يَدِ ٱلْقُضَاةِ .٢٣ وَإِنْ حَصَلَتْ أَذِيَّةٌ تُعْطِي نَفْسًا بِنَفْسٍ، ٢٤ وَعَيْنًا بِعَيْنٍ، وَسِنًّا بِسِنٍّ، وَيَدًا بِيَدٍ، وَرِجْلًا بِرِجْلٍ، ٢٥ وَكَيًّا بِكَيٍّ، وَجُرْحًا بِجُرْحٍ، وَرَضًّا بِرَضٍّ.
١. يُغَرَّمُ كَمَا يَضَعُ عَلَيْهِ زَوْجُ ٱلْمَرْأَةِ: يُعتبَرُ هذا مثلًا عن قضيَّة الإنتقام، حيث تأذَّت امرأةٌ حُبلَى خلال الخصام، فدخلت في مخاضها في وقتٍ سابقٍ لأوانه. كان الجزاءُ يُحدَّدُ تِبعًا لحجم الأذى الدَّائم.
إذا لَم يكُن هُناك من أذًى دائم، فلا يتمُّ مَنْحُ تعويضات. لَرُبَّما كان هذا الأمرُ اعترافًا بأنَّ القانون لا يُمكِنه مُحاكات كلَّ خسارةٍ أو تَبِعة، وأنَّه فقط يُمكِن مُجازاة النتَّائج الدَّائمة بتعويضٍ عادِل.
٢. وَإِنْ حَصَلَتْ أَذِيَّةٌ: إذا وقعت أذيَّةٌ دائمة – قريبة من الموت، ويُمكِن تغطيتها بقانونٍ أو بِحُكمٍ آخَر – فسيكون هُناك انتقامٌ أو تعويضٌ مفروض.
“بالنِّسبة إلى التَّعدِّي العَرَضيّ، فيجب على الـمُتعدِّي دفعَ بعض التَّعويض، حتَّى ولَو لَم يمُت كلٌّ من الأُمِّ والطِّفل … ستُحدَّد الغرامة من قِبَلِ زوج المرأة وتُصدَّق بقرارٍ من المحكمة.” كايزر (Kaiser)
٣. وَإِنْ حَصَلَتْ أَذِيَّةٌ تُعْطِي نَفْسًا بِنَفْسٍ، وَعَيْنًا بِعَيْنٍ: إذا وقعت أذيَّةٌ دائمة، إنَّ مبدأ العَين بالعَين سيحُدُّ دائمًا من الإنتقام. فهذا القانون كان مقصودًا منه وضْعَ حَدٍّ لِتَوق الإنسان الطَّبيعيّ إلى الإنتقام. فهو لَم يُعطَ كتصريحٍ للإنتقام.
إنَّ مَيلَنا هو أنَّنا نريدُ بأن نرُدَّ الصَّاعَ صاعَين. يُمكِن أن يُطبَّقَ هذا القانون في مُمارساتنا الحديثة عند تحديد التَّعويضات الجزائيَّة الضَّخمة في الدَّعاوى القانونيَّة، كما ويُشيرُ هذا القانون إلى المبدأ الرَّامي إلى تحديد تعويض الخسارة فقط.
٤. نَفْسًا بِنَفْسٍ: يقودُ هذا المبدأ البعض إلى التَّعجُّب، في إسرائيل القديمة، من إمكانيَّة أن يُقتَل الإنسان بشكلٍ روتينيّ بسبب ما يُمكِن اعتباره موتًا عرَضيًّا أو قتلًا غير مُتعَمَّد. من الـمُهمِّ بمكانٍ ما الـمُواءمة بين هذا المبدأ ’تُعْطِي نَفْسًا بِنَفْسٍ‘ وسفر العدد ٣١:٣٥، حيث لا يُسمَح بِفِديَةٍ بديلة كَدَفعة عن خسارة الحياة النَّاتِجة عن القتل غير الإراديّ وغير الـمُخطَّط له.
يقول سفر العدد ٣١:٣٥ التَّالي: وَلَا تَأْخُذُوا فِدْيَةً عَنْ نَفْسِ ٱلْقَاتِلِ ٱلْمُذْنِبِ لِلْمَوْتِ، بَلْ إِنَّهُ يُقْتَلُ. فهذا النَّهي يُشيرُ إلى شيوع مُمارسة أخذ الفديَة من أجل الموت العَرَضيّ في ظروفٍ مُماثلَة.
“لذا نستنتج بأنَّ الـمُتَّهَم يجب بأن يُسلِّمَ، إلى أبي الطِّفل الضَّحيَّة أو زوجِ المرأة الـمُتأذِّية، القيمة المادِّيَّة لكلِّ حياةٍ سواء تأذَّت إحداها أم كلاهُما.” كايزر (Kaiser)
و ) الآيات (٢٦-٢٧): قانون الإنتقام بالنِّسبة إلى السَّادَة والعبيد.
٢٦ وَإِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ عَيْنَ عَبْدِهِ، أَوْ عَيْنَ أَمَتِهِ فَأَتْلَفَهَا، يُطْلِقُهُ حُرًّا عِوَضًا عَنْ عَيْنِهِ .٢٧ وَإِنْ أَسْقَطَ سِنَّ عَبْدِهِ أَوْ سِنَّ أَمَتِهِ يُطْلِقُهُ حُرًّا عِوَضًا عَنْ سِنِّهِ.
١. وَإِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ عَيْنَ عَبْدِهِ، أَوْ عَيْنَ أَمَتِهِ فَأَتْلَفَهَا، يُطْلِقُهُ حُرًّا عِوَضًا عَنْ عَيْنِهِ: للمبدأ عينٌ بِعَين تطبيقٌ مُختلِفٌ بالنِّسبة إلى العبيد. إذا جُرِح بواسطة السيِّد، فقد كان العبدُ يُمنَح شيئًا أثمَنَ من العين – حُرِّيَّتَه.
لا تُحاوِل هذه القوانين بأن تجعل السيِّد يشعر بطريقةٍ ما بالنِّسبةِ إلى عَبدِهِ. بدلًا من ذلك، فإنَّ القانون يُرشِد سلوكَ السيِّد، مُعطِيًا إيَّاهُ حافِزًا من أجلِ حماية وإكرامِ عَبدِهِ، مُعامِلًا إيَّاه كأجيرٍ وليس كحيوانٍ عامِل.
٢. وَإِنْ أَسْقَطَ سِنَّ عَبْدِهِ أَوْ سِنَّ أَمَتِهِ يُطْلِقُهُ حُرًّا: “إذا لَم يُعلِّمهم هذا الأمرُ الإنسانيَّة، فقد علَّمهم الحذَر، ذلك لأنَّ ضَربةً واحِدة مُتسرِّعة قد تَحرِمُهُم الحقَّ في خدمات مُستقبليَّة من العبد؛ وهذه المصلَحة الشَّخصيَّة تُلزِمَهُم بأن يكونوا حذِرين ومُحترسين.” كلارك (Clarke)
ثالثًا. قوانين وأحكام تتعلَّق بالسَّيطرة على الحيوان والتَّخريب.
أ ) الآيات (٢٨-٣٢): تحديد الذَّنْب عندما يقتُل الحيوان الإنسان.
٢٨ «وَإِذَا نَطَحَ ثَوْرٌ رَجُلًا أَوِ ٱمْرَأَةً فَمَاتَ، يُرْجَمُ ٱلثَّوْرُ وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ. وَأَمَّا صَاحِبُ ٱلثَّوْرِ فَيَكُونُ بَرِيئًا .٢٩ وَلَكِنْ إِنْ كَانَ ثَوْرًا نَطَّاحًا مِنْ قَبْلُ، وَقَدْ أُشْهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يَضْبِطْهُ، فَقَتَلَ رَجُلًا أَوِ ٱمْرَأَةً، فَٱلثَّوْرُ يُرْجَمُ وَصَاحِبُهُ أَيْضًا يُقْتَلُ .٣٠ إِنْ وُضِعَتْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ، يَدْفَعُ فِدَاءَ نَفْسِهِ كُلُّ مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ .٣١ أَوْ إِذَا نَطَحَ ٱبْنًا أَوْ نَطَحَ ٱبْنَةً فَبِحَسَبِ هَذَا ٱلْحُكْمِ يُفْعَلُ بِهِ .٣٢ إِنْ نَطَحَ ٱلثَّوْرُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، يُعْطِي سَيِّدَهُ ثَلَاثِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ، وَٱلثَّوْرُ يُرْجَمُ.
١. يُرْجَمُ ٱلثَّوْرُ … وَأَمَّا صَاحِبُ ٱلثَّوْرِ فَيَكُونُ بَرِيئًا: لقد وضَّحَ هذا القانون مبدأ النِّيَّة والإهمال. فَمَالِكُ الثَّورِ الَّذي قتل رجُلًا، لا يُمكِن تذنيبُهُ إذا ثبتَ غياب تاريخ عدائيٍّ للحيوان تجاه النَّاس. بالرغم من ذلك، فالحيوان يجب أن يموت، ويُمنَع المالِك من الإستفادة من الحيوان أم موتِهِ (وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ). لا يجدرُ بأحَدٍ أن يستفيدَ منه أو يعتبِرَهُ حادثَ موتٍ عرَضيّ.
“هذا يعني أذيَّة بواسطة الثَّور، ذلك لأنَّ الإسرائيليِّين لَم يحتفظوا بأيِّ حيوانٍ آخَر كان قادِرًا على قتل إنسان: فقد كانت الأحصِنَة كماليَّاتٍ غريبة ومُستَورَدَة.” كُول (Cole)
“لقد استُخدِمَ هذا للحفاظِ على مَقْتِ واجِبِ القَتلِ، سواء كان عن يدِ إنسانٍ أم حيوان؛ وفي نفس الوقت، استُخدِمَ في عقابِ الرَّجُل بأشدِّ عقوبةٍ مُمكِنة، ألا وهيَ الخسارة الكاملة للبهيمة.” كلارك (Clarke)
٢. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ ثَوْرًا نَطَّاحًا مِنْ قَبْلُ … فَٱلثَّوْرُ يُرْجَمُ وَصَاحِبُهُ أَيْضًا يُقْتَلُ: بالرغم من ذلك، إذا كان لِمالِك الثَّور ثورًا (أو حيوانًا مثيلًا) أدرك بأنَّه عدائيّ لكنّه فشِلَ في السَّيطرة عليه، فهو يكون مُذنِبًا ويُعاقَبُ بالمثل.
٣. إِنْ وُضِعَتْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ، يَدْفَعُ فِدَاءَ نَفْسِهِ كُلُّ مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ: يبدو وكأنَّه إذا قَبِلَ أنسباء الرَّجُل الـمُتوفِّي تعويضًا ماليًّا بدلًا من موتِ المالِك، فقد كانت هذه تَسويَة مقبولة.
٤. أَوْ إِذَا نَطَحَ ٱبْنًا أَوْ نَطَحَ ٱبْنَةً فَبِحَسَبِ هَذَا ٱلْحُكْمِ يُفْعَلُ بِهِ: لقد طُبِّقت نفسُ المبادئ في حالَة موتِ قاصِر. فقد كانوا يُعتبَرون أُناسًا لهم الحقوق في الإحترام كالبالِغين.
٥. إِنْ نَطَحَ ٱلثَّوْرُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، يُعْطِي سَيِّدَهُ ثَلَاثِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ: إذا قُتِلَ عبدٌ في ظلِّ هذه الظُّروف، فقد كان مبلغ التَّعويض ثَلَاثِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ، الَّذي كان يُعتبَرُ سعرًا للعبد.
“حتَّى في إسرائيل، فقد كان العبدُ لا يزال رجُلاً: فدماؤهُ تجلِب ذَنْب الدَّم، مثلَه مثلِ أيِّ رجُلٍ آخَر.” كُول (Cole)
بشكلٍ أساسيٍّ، فقد كان هذا نفس الثَّمن الَّذي بيعَ فيه يسوع عندما خانَه يهوذا الإسخريوطيّ بثلاثين من الفضَّة (متَّى ١٥:٢٦).
ب) الآيات (٣٣-٣٦): قوانين وأحكام إضافيَّة تتعلَّق بالإهمال والتَّعويض.
٣٣ وَإِذَا فَتَحَ إِنْسَانٌ بِئْرًا، أَوْ حَفَرَ إِنْسَانٌ بِئْرًا وَلَمْ يُغَطِّهِ، فَوَقَعَ فِيهِ ثَوْرٌ أَوْ حِمَارٌ، ٣٤ فَصَاحِبُ ٱلْبِئْرِ يُعَوِّضُ وَيَرُدُّ فِضَّةً لِصَاحِبِهِ، وَٱلْمَيْتُ يَكُونُ لَهُ .٣٥ وَإِذَا نَطَحَ ثَوْرُ إِنْسَانٍ ثَوْرَ صَاحِبِهِ فَمَاتَ، يَبِيعَانِ ٱلثَّوْرَ ٱلْحَيَّ وَيَقْتَسِمَانِ ثَمَنَهُ. وَٱلْمَيْتُ أَيْضًا يَقْتَسِمَانِهِ .٣٦ لَكِنْ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ ثَوْرٌ نَطَّاحٌ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَضْبِطْهُ صَاحِبُهُ، يُعَوِّضُ عَنِ ٱلثَّوْرِ بِثَوْرٍ، وَٱلْمَيْتُ يَكُونُ لَهُ.
١. وَيَرُدُّ فِضَّةً لِصَاحِبِهِ، وَٱلْمَيْتُ يَكُونُ لَهُ: تُحادِثُ هذه الأحكام والقوانين مبادئ المسؤوليَّة الـمُترتِّبة على التَّبعات النَّاتجة عن علاقة الفرد بالآخَر. فالمثل الـمُعطَى، له علاقة بضرورة التَّعويض عندما يُؤدِّي حَفْرُ حُفرَةٍ أو بئرٍ إلى موتِ حيوانٍ ما.
وَإِذَا فَتَحَ إِنْسَانٌ بِئْرًا: “إنَّها أغلبُ الظنِّ لتخزين القمح وليس لتخزين المياه. فقد كانت هذه الحُفَر أو الآبار تُستخدَم كمصايد للحيوانات (٢ صموئيل ٢٠:٢٣) أو محابسَ للرِجال (تكوين ٢٤:٣٧).” كُول (Cole)
٢. وَإِذَا نَطَحَ ثَوْرُ إِنْسَانٍ ثَوْرَ صَاحِبِهِ فَمَاتَ، يَبِيعَانِ ٱلثَّوْرَ ٱلْحَيَّ وَيَقْتَسِمَانِ ثَمَنَهُ: لقد تطلَّبت هذه القوانين تحقيقًا وتحليلًا من قِبَل القُضاة، لكي يُطبَّق القانون بالنَّظرِ إلى النَّتائج الـمُكتشَفة والـمُتعلِّقة بالنِّيَّة والإهمال. هُناك توجُّهٌ يقود إلى الإعتقاد بأنَّ هذه هي تطبيقاتٌ بسيطة لمبادئ عامَّة من العدالة والـمُساواة.
“بالنِّسبة إلى مُزارعٍ إسرائيليّ يُصارع الحياة، فإنَّ التَّعويض العادِل لِمَوتِ الثَّور قد يعني الفرق بين الحياة والموت، أو على الأقلِّ بين الحُرِّيَّة والعبوديَّة للدَّين.” كُول (Cole)
[1] مُلاحظة للـمُترجِم: لقد وردت هذه العبارة في الإنكليزيَّة على الشَّكل التَّالي: يُقَدِّمُهُ سَيِّدُهُ إِلَى القُضَاة. أمَّا في العربيَّة، بحسب نسخة فاندايك-البُستاني، فالعبارة وردت على الشَّكل التَّالي: يُقَدِّمُهُ سَيِّدُهُ إِلَى ٱللهِ؛ فاقتضى التَّوضيح.