سفر الخروج – الإصحاح ١٧
توفير وحماية الله لإسرائيل
أولًا. الماءُ من الصَّخرة
أ ) الآيات (١-٤): تُجادِلُ جماعةُ إسرائيل موسى.
١ثُمَّ ٱرْتَحَلَ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَرِّيَّةِ سِينٍ بِحَسَبِ مَرَاحِلِهِمْ عَلَى مُوجِبِ أَمْرِ ٱلرَّبِّ، وَنَزَلُوا فِي رَفِيدِيمَ. وَلَمْ يَكُنْ مَاءٌ لِيَشْرَبَ ٱلشَّعْبُ. ٢فَخَاصَمَ ٱلشَّعْبُ مُوسَى وَقَالُوا: «أَعْطُونَا مَاءً لِنَشْرَبَ». فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: «لِمَاذَا تُخَاصِمُونَنِي؟ لِمَاذَا تُجَرِّبُونَ ٱلرَّبَّ؟». ٣وَعَطِشَ هُنَاكَ ٱلشَّعْبُ إِلَى ٱلْمَاءِ، وَتَذَمَّرَ ٱلشَّعْبُ عَلَى مُوسَى وَقَالُوا: «لِمَاذَا أَصْعَدْتَنَا مِنْ مِصْرَ لِتُمِيتَنَا وَأَوْلَادَنَا وَمَوَاشِيَنَا بِٱلْعَطَشِ؟». ٤فَصَرَخَ مُوسَى إِلَى ٱلرَّبِّ قَائِلًا: «مَاذَا أَفْعَلُ بِهَذَا ٱلشَّعْبِ؟ بَعْدَ قَلِيلٍ يَرْجُمُونَنِي».
- عَلَى مُوجِبِ أَمْرِ ٱلرَّبِّ … وَلَمْ يَكُنْ مَاءٌ لِيَشْرَبَ ٱلشَّعْب: لقد أطاع إسرائيل وصيَّة الله بالكامِل، وتبعوا عمود السَّحاب والنَّار؛ بالرغم من ذلك، لَم يكُن هُناك من ماءٍ للشُّرب. كانوا في مشيئة الله ولكن في ظروفٍ صعبة للغاية. من الـمُمكِن أن نكون في مشيئة الله بالكامِل، ولَرُبَّما أيضًا في فصلٍ من المشاكِل الكبيرة.
- “إن العطش لَهُوَ أكثرُ شهيَّةً مُلِحَّة ومُتلهِّفة. لهذا السبب كانوا أكثر جدية في طلبه عن الخبز.” ترَاب (Trapp)
- يقول كُول (Cole) عن لِتُمِيتَنَا … وَمَوَاشِيَنَا بِٱلْعَطَشِ التَّالي: “مَن ذا الَّذي سيهتمُّ كالرَّاعي إذا ماتت مواشيهِ من العطش؟ هذا إذا لَم نَقُل بأنَّه هو نفسه عطشان. وهُنا يتكلَّم راعي إسرائيل الحقيقيّ.”
- ثُمَّ ٱرْتَحَلَ: “في سفر العدد ١٢:٣٣-١٤ يقول التَّالي: ثُمَّ ٱرْتَحَلُوا مِنْ بَرِّيَّةِ سِينٍ وَنَزَلُوا فِي دُفْقَةَ .ثُمَّ ٱرْتَحَلُوا مِنْ دُفْقَةَ وَنَزَلُوا فِي أَلُوشَ .ثُمَّ ٱرْتَحَلُوا مِنْ أَلُوشَ وَنَزَلُوا فِي رَفِيدِيمَ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَاءٌ لِلشَّعْبِ لِيَشْرَبَ. وهُنا، من أجلِ هذا الغرَض، فقد تمَّ حَذفُ محطَّتَين، لَرُبَّما بسبب غيابِ أيِّ حدَثٍ مُهمٍّ في أيٍّ من كِلَيهما.” كلارك (Clarke)
- فَخَاصَمَ ٱلشَّعْبُ مُوسَى: وقعَ شَعبُ إسرائيل في مُشكِلَةٍ حقيقيَّة – لَمْ يَكُنْ مَاءٌ لِيَشْرَبَ ٱلشَّعْبُ. لَم تكُن هذه مُشكِلَة خياليَّة والشَّعبُ كان مُحقًّا بقلَقِه. بالرغم من ذلك، عندما بدأ الشَّعبُ بالـمُجادَلَة، بِمُخاصَمة موسى، لَم يكُن تصرُّفُهُم بتفكيرٍ روحيّ.
- لِمَاذَا تُجَرِّبُونَ ٱلرَّبَّ: وجَّه الشَّعبُ تذمُّرَهُ إلى موسى، لكنَّ موسى فَهِمَ بأنَّ مُشكلتهم قد كانت مع الرَّبِّ.
- عندما نواجِهُ مُشكِلةً مُعيَّنة، من السُّهولَةِ بمكانٍ ما أن نلومَ أحدًا بدل أن نُفكِّر في الـمُشكِلَة بعناية وبشكلٍ روحيّ. ففي هذه الحالَة، كان يُمكِن على إسرائيل بأن يُفكِّر كالتَّالي: “نحن في الصَّحراء؛ فلا نعجَبَ لِعَدم وجودِ الماء الكثير هُنا. يجب أن ننظُرَ إلى الله لِيَهتمَّ بهذه الحاجة.” بدلًا من ذلك، لاموا موسى ولَم يُحرِّكوا ساكِنًا بخصوص جَلْبِ الـمُساعدة من أجلِ حلِّ الـمُشكِلَة.
- فَصَرَخَ مُوسَى إِلَى ٱلرَّبِّ: لَم يكُن فقدانُ الماءِ مُشكِلةَ موسى. بالرغم من كَونهِ قائدًا لإسرائيل، فقد توجَّب عليه اقتيادُهُم إلى الجواب – فقد كان صُراخُهُ إلى الرَّبِّ صائِبًا في قيادتهم باتِّجاه إيجادِ جوابٍ لِسُؤالِهِم، أو حلٍّ لِمُشكلتهم.
- عَلِمَ موسى بأنَّ الشَّعبَ لَم يكُن مُنصِفًا معه (مَاذَا أَفْعَلُ بِهَذَا ٱلشَّعْبِ؟ بَعْدَ قَلِيلٍ يَرْجُمُونَنِي). رغمًا من ذلك، فقد توجَّب عليه قيادتهم تحت هذا الضَّغط الهائِل من الهجوم غير العادِل، وقام بفعلِ الصَّواب بالتفاته نحو الله في الصَّلاة.
- “واحِدَةٌ من أبرزِ خصائص موسى التي يُمدَحُ عليها هي قُدرتُهُ على أخذ مصاعبهِ والتَّوجُّه بها نحو الرَّبِّ.” كايزر (Kaiser)
ب) الآيات (٥-٦): يُعلِم الله موسى بكيفيَّة الحصول على المياه.
٥فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: «مُرَّ قُدَّامَ ٱلشَّعْبِ، وَخُذْ مَعَكَ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ. وَعَصَاكَ ٱلَّتِي ضَرَبْتَ بِهَا ٱلنَّهْرَ خُذْهَا فِي يَدِكَ وَٱذْهَبْ. ٦هَا أَنَا أَقِفُ أَمَامَكَ هُنَاكَ عَلَى ٱلصَّخْرَةِ فِي حُورِيبَ، فَتَضْرِبُ ٱلصَّخْرَةَ فَيَخْرُجُ مِنْهَا مَاءٌ لِيَشْرَبَ ٱلشَّعْبُ». فَفَعَلَ مُوسَى هَكَذَا أَمَامَ عُيُونِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ.
- وَعَصَاكَ ٱلَّتِي ضَرَبْتَ بِهَا ٱلنَّهْرَ خُذْهَا فِي يَدِكَ وَٱذْهَبْ: أوصَى الله موسى بالخروج أمامَ الشَّعبِ، وأخذِ شيُوخٍ آخَرينَ معه (وَخُذْ مَعَكَ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ)، واستخدامِ ما استخدَمَهُ الله فيما مضى. لقد أعطى هذا الأمرُ ثقةً لِمُوسى، ذلك بسببِ رؤية الله يستخدِم تلك العصا للقيام بعجائب من قَبل.
- لَم يكُن بمقدورِ موسى أن يحمِلَ العصا من دون أن يتذكَّر قوَّة الله. فالثِّقة التي تمتَّع بها في حَملِهِ لهذه العصا كانت ثقةً بالله، وليس بنفسِهِ.
- هَا أَنَا أَقِفُ أَمَامَكَ هُنَاكَ عَلَى ٱلصَّخْرَةِ فِي حُورِيبَ: واحِدٌ من أهمِّ الموضوعات لهذه الرِّحلَة من مصرَ إلى كنعان هو أنَّ الله كان معَهُم. لقد كان معهم في كلِّ خطوةٍ من الطَّريق، وهُنا أيضًا سوف يُظهِرُ حضورَهُ لِمُوسى ولإسرائيل أيضًا.
- “لَو لَم يقِف الله على تلك الصَّخرَة، لكانَ ضرْبَ موسى لها بلا فائِدة. لاستخدام الأدواتِ ضرورة، لكنَّ الله استخدَمها فقط من أجلِ ضمان النَّجاح.” ترَاب (Trapp)
- فَتَضْرِبُ ٱلصَّخْرَةَ فَيَخْرُجُ مِنْهَا مَاءٌ: لقد أُمِرَ موسى، في حضرة الرَّبِّ، بأن يضرِبَ الصَّخرة بعصاه، وتدفَّقت المياه إلى الأمام لكي تُشبِع وتُروِيَ عطش شعبِ الله.
- كانت هذه عجيبةً مُميَّزَة. فقد عَلِمَ موسى (وكُلُّ الآخَرين) بأنَّ المياه لا تجري من بواطِن الصُّخور بهذه الطَّريقة.
- كانت هذه عجيبةً كريمة. “وهُنا أيضًا يظهرُ الصَّبر الإلهيّ، ذلك لأنَّ يهوه لَم يتفوَّه بأيَّةِ كلِمة تأنيب، ولكن بالرغم من إيمانهم العديم الصَّبر، أمَّن لهم الماء من الصَّخرة.” مورجان (Morgan)
- كانت هذه عجيبةً ذاتَ مغزًى. بِضَربهِ للصَّخرة، تصرَّف موسى في دَورٍ دراماتيكيَّ لَرُبَّما لَم يستوعِبْهُ. ففي ١ كورنثوس ٤:١٠، كتب بولس عن إسرائيل في الخروج: وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَٱلصَّخْرَةُ كَانَتِ ٱلْمَسِيحَ. لا ندري تحديدًا إذا كانت هذه الصَّخرة قد تَبِعت إسرائيل تمامًا كما وصفها بولس، لكنَّنا نعلَمُ بأنَّه عندما ضُرِبَ يسوع، تدفَّقت منه ينابيع نهر الحياة لكي ينالَها الجميع. “هُنا نرى جانِبًا من المسيح، ’مضروبًا، مُصابًا من الله، ومجروحًا‘ (إشعياء ٥٣: ٤؛ ١ كورنثوس ٤:١٠).” ترَاب (Trapp)
- لقد ضُرِبَ يسوع بعصا موسى – لعنةَ النَّاموس – ومنه خرجت مياهٌ لكي تُشبِعَ ظمأنا الرُّوحيّ. ذلك كما تقول التَّرنيمة القديمة:
- لِتكُن تلك المياه وذلك الدَّم
- الجاري من جانب نهرِكَ،
- علاجًا مُضاعَفًا للخطيَّة،
- خلِّصني من غضبها وقوَّتها.
ج) الآية (٧): يُسمِّي موسى المكان كتأنيبٍ لِبَني إسرائيل.
٧وَدَعَا ٱسْمَ ٱلْمَوْضِعِ «مَسَّةَ وَمَرِيبَةَ» مِنْ أَجْلِ مُخَاصَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمِنْ أَجْلِ تَجْرِبَتِهِمْ لِلرَّبِّ قَائِلِينَ: «أَفِي وَسَطِنَا ٱلرَّبُّ أَمْ لَا؟».
- وَدَعَا ٱسْمَ ٱلْمَوْضِعِ: نفَّذ موسى ما طلبَهُ الله فتدفَّقت المياهُ من الصَّخرة. كانت هذه عجيبةً عظيمة في تأمين الله لحاجة المؤمنين وتأنيبًا لغير المؤمنين والعُصاة من إسرائيل.
- لا نعلَم على وجه التَّحديد كيف أمَّن الله المياه من الصَّخرة. لَرُبَّما كان هُناك نبعٌ ارتوازيٌّ جعلَهُ الله ينفجِر عندما ضربَ موسى الصَّخرة. لَرُبَّما كانت هذه عجيبةً فريدة.
- وَدَعَا ٱسْمَ ٱلْمَوْضِعِ مَسَّةَ وَمَرِيبَةَ: لقد تذكَّر الله الطّريقة التي جرَّبَهُ فيها إسرائيل في مسَّة ومَريبَة، الأمر الَّذي تكرَّر في أكثر من مقطعٍ كتابيّ:
- تثنية ١٦:٦، لَا تُجَرِّبُوا ٱلرَّبَّ إِلَهَكُمْ كَمَا جَرَّبْتُمُوهُ فِي مَسَّةَ.
- تثنية ٢٢:٩، وَفِي تَبْعِيرَةَ وَمَسَّةَ وَقَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ أَسْخَطْتُمُ ٱلرَّبَّ.
- تثنية ٨:٣٣، وَلِلَاوِي قَالَ: تُمِّيمُكَ وَأُورِيمُكَ لِرَجُلِكَ ٱلصِّدِّيقِ، ٱلَّذِي جَرَّبْتَهُ فِي مَسَّةَ وَخَاصَمْتَهُ عِنْدَ مَاءِ مَرِيبَةَ.
- وَمِنْ أَجْلِ تَجْرِبَتِهِمْ لِلرَّبِّ قَائِلِينَ: أَفِي وَسَطِنَا ٱلرَّبُّ أَمْ لَا: لقد ردَّ الله بشكلٍ دراماتيكيّ، قائلًا: هَا أَنَا أَقِفُ أَمَامَكَ هُنَاكَ عَلَى ٱلصَّخْرَةِ فِي حُورِيبَ (خروج ٦:١٧)، وكأنَّه يقول بأنَّه قد كان وسوف يكونُ مع إسرائيل. بالرغم من ذلك، فقد تعجَّبوا، أَفِي وَسَطِنَا ٱلرَّبُّ أَمْ لَا؟
- كان هذا الموقِف بين الإسرائيليِّين خطيَّةً عظيمة. ففي هذا الوقت الصَّعب، شكَّك بَنو إسرائيل – بشكلٍ مُباشرٍ وغيرِ مُباشرٍ – بحضورِ الله الـمُحبِّ وعنايته في وسطهم. “تحتَ ضغط الحاجة الـمُلِحَّة، شكَّك هؤلاء النَّاس بتلك الحقيقة الواحِدَة التي تميَّزت بدليلٍ غامِر.” مورجان (Morgan)
- لاحِقًا، عندما تذكَّر إسرائيل توفيرَ الله للإحتياجات في البرِّيَّة في عيد المِظال، أقاموا احتفالًا خاصًّا حيث تذكَّروا عجيبة المياه الـمُتدفِّقة من الصَّخرة. ففي هذا السِّياقِ بالذَّات، قال يسوع: وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ ٱلْعَظِيمِ مِنَ ٱلْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قَائِلًا: إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ ٱلْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ (يوحنَّا ٣٧:٧-٣٨).
- إنَّ المياه الحيَّة التي تكلَّم عنها يسوع كانت الرُوح القدس (يوحنَّا ٣٩:٧)؛ ولَن تكون عجيبةً أقلَّ شأنًا عندما يجلِب الله محبَّة وقوَّة الرُّوح القدس من وإلى قلوبنا، تمامًا كما أخرج المياه من تلك الصَّخرة – فقلوبنا يُمكِن أن تكونَ صلبةً كتِلك.
ثانيًا. حقَّقَ الله انتصارًا لإسرائيل على عماليق
أ ) الآيات (٨-٩): عماليق يهاجم إسرائيل.
٨وَأَتَى عَمَالِيقُ وَحَارَبَ إِسْرَائِيلَ فِي رَفِيدِيمَ. ٩فَقَالَ مُوسَى لِيَشُوعَ: «ٱنْتَخِبْ لَنَا رِجَالًا وَٱخْرُجْ حَارِبْ عَمَالِيقَ. وَغَدًا أَقِفُ أَنَا عَلَى رَأْسِ ٱلتَّلَّةِ وَعَصَا ٱللهِ فِي يَدِي».
- وَأَتَى عَمَالِيقُ وَحَارَبَ إِسْرَائِيلَ فِي رَفِيدِيمَ: لقد كان هذا هجومًا غير مُبرَّر من قِبَل عماليق ضدَّ إسرائيل. ففي رَدِّه، استدعى موسى يشوع لكي يقود جيوش إسرائيل إلى المعركة، وذلك للدِّفاعِ عن الأُمَّة في وجهِ هذا الهجوم من عَمَالِيق.
- “كان عماليق حفيدَ عيسو (تكوين ١٢:٣٦)، وبالرغم من قرابتهِ لإسرائيل، فقد تبرهَن بأنَّه خَصمٌ عنيد، كما تبيَّن من سجلَّات التَّاريخ لاحِقًا.” توماس (Thomas)
- “هُناك احتمالٌ لِفَرضيَّةٍ تتعلَّق بمعرفتهم عن الوعد في امتلاك أرضِ كنعان التي أُعطِيَت للأخ التَّوأم لِعِيسو، أي يعقوب؛ لذلك، لَم يكُن مُبرَّرًا شعورهم بذلك التَّهديد لمصالحهم في النَّجَف، لَو أنَّهم تذكَّروا الوعدَ وأخذوه على مَحمَلِ الجِدِّ.” كايزر (Kaiser)
- “كالكثير من البدو الرُّحَّل، فقد انتشروا على بقعةٍ واسعة، وُصِفت بشكلٍ تقريبيّ بِـ ’النَّجَف‘ أو ’الأرض الجنوبيَّة‘ (عدد ٢٩:١٣).” كُول (Cole)
- وَحَارَبَ إِسْرَائِيلَ: كان أُسلوب الهجوم الَّذي استخدَمَهُ عماليق حقيرًا وخسيسًا. يقول سفر التَّثنية ١٧:٢٥-١٨، اُذْكُرْ مَا فَعَلَهُ بِكَ عَمَالِيقُ فِي ٱلطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ .كَيْفَ لَاقَاكَ فِي ٱلطَّرِيقِ وَقَطَعَ مِنْ مُؤَخَّرِكَ كُلَّ ٱلْمُسْتَضْعِفِينَ وَرَاءَكَ، وَأَنْتَ كَلِيلٌ وَمُتْعَبٌ، وَلَمْ يَخَفِ ٱللهَ.
- “بِأُسلوبٍ غادِرٍ وخسيسٍ؛ لقد أتوا إلى مؤخَّرة الجماعة في الـمُخيَّم … فالأمتِعَة، لا شكَّ، كانت محطَّ جشَعِهم؛ ولكنَّهم اكتشفوا النِّساءَ والأولاد وكبار السنِّ والمرضَى والـمُستضعفين وراء تلك الأمتِعَة، فضربوهم وأخذوا الغنيمة.” كلارك (Clarke)
- وَٱخْرُجْ حَارِبْ عَمَالِيقَ: كان هذا أوَّلَ اختبارٍ في الحرب بالنِّسبة إلى إسرائيل القديمة. لقد عاشَوا لمئاتِ السِّنين كعبيدٍ، والله حاربَ المصريِّين عنهم. أمَّا الآن، فيجب عليهم أن يتعلَّموا الإتِّكالَ على الله فيما هُم يُحارِبون في معركةٍ عسكريَّة.
- “في تحرُّكهم الأوَّليّ، قادَهم الله بطريقةٍ ما لِتَجنُّب احتمال وقوع الحرب (عدد ١٧:١٣). أمَّا الآن فَهُم مُتورِّطون في الحرب.” مورجان (Morgan)
- وَعَصَا ٱللهِ فِي يَدِي: تُسمِّي الكُتُب المقدَّسة هذه العصا السَّميكة بإسمَين: عصا موسى (عصاك، خروج ٥:١٧) وأيضًا عَصَا ٱللهِ. هُناك اتِّحادٌ وتَرابطٌ بين الآلَة البشريَّة والقوَّة الإلهيَّة.
- لقد أسماها الله عصا موسى، وبذلك يكون قد أكرَمَهُ. أمَّا موسى فأسماها عصا الله، وبذلك يكون قد أكرَمَ الله.
ب) الآيات (١٠-١١): يغلِب إسرائيل في المعركة بينما يُصلِّي موسى.
١٠فَفَعَلَ يَشُوعُ كَمَا قَالَ لَهُ مُوسَى لِيُحَارِبَ عَمَالِيقَ. وَأَمَّا مُوسَى وَهَارُونُ وَحُورُ فَصَعِدُوا عَلَى رَأْسِ ٱلتَّلَّةِ. ١١وَكَانَ إِذَا رَفَعَ مُوسَى يَدَهُ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَغْلِبُ، وَإِذَا خَفَضَ يَدَهُ أَنَّ عَمَالِيقَ يَغْلِبُ.
- فَفَعَلَ يَشُوعُ كَمَا قَالَ لَهُ مُوسَى: هذه هي الفقرة الأُولَى التي يُذكَر فيها يَشُوع. نجِدُه يعمل ما كان يقوم به إلى ذلك الوقت الَّذي اختفى فيه موسى من المشهَد – لقد خدم يشوع الرَّبَّ وموسى بأمانة.
- من الـمُفيدِ جدًّا أن نتذكَّر بأنَّ اسمَ يسوع هو ببساطة الطَّريقة اليونانيَّة في تهجِئَة الإسم يَشُوع. فهو نفسُ الإسمِ.
- “في كِلَا التَّرجمة السَّبعينيَّة والنَّسخة اليونانيَّة، سُمِّيَ يسوع: فالإسمُ يدلُّ على الـمُخلِّص؛ ولقد سُمِحَ بأن يكون اسمًا مُعبِّرًا لِرَبِّنا الـمُبارَك. لقد حاربَ وانتصرَ على أعداءِ شعبِهِ، وأتى بهم إلى أرضِ الموعِد، وقسَّمها لهم بالقُرعة. فالـمُناظرَة والتَّشبيه بينَهُ وبين مُخلِّص العالَم لَواضحٌ جدًّا إلى درجةٍ لا نحتاجُ معها إلى الإشارة إلى ذلك.” كلارك (Clarke)
- وَأَمَّا مُوسَى وَهَارُونُ وَحُورُ فَصَعِدُوا عَلَى رَأْسِ ٱلتَّلَّةِ: لقد قاموا بذلك لكي يتمكَّنوا من الرُّؤيا، ولكي يتمكَّن الآخَرون من رؤيتهم، ولكي يتمكَّنوا من الصَّلاة. كان هَارُون أخا موسى، ويعتقِد البعض بأنَّ حُور كان صِهرَهُ.
- “يحتفِظ يوسيفوس باعتقاداتٍ يهوديَّة تقول بأنَّ حور كان زوجَ أُختِ موسى، مريم (Antiquities III, 54 [ii.4]).” كايزر (Kaiser)
- وَكَانَ إِذَا رَفَعَ مُوسَى يَدَهُ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَغْلِبُ: كان موسى يدعَم المعركة من وراء الكواليس، مُنشغِلًا في الصَّلاة. فقد كان مصيرُ إسرائيل في هذه المعركة مُعتمِدًا على شفاعةِ موسى، وبسببِ صلاتهِ كان إِسْرَائِيل يَغْلِب، ولـمَّا كان يتوقَّفُ عن الصَّلاة، كان عَمَالِيق يَغْلِب.
- رَفَعَ مُوسَى يَدَهُ :تَصِفُ هذه العبارة الوضعَ الإسرائيليّ في الصَّلاة. فكما أنَّ بعضَ النَّاسِ اليوم ينحنون برؤوسهم أو يُكتِّفون أيديهم، هكذا كان على موسى أن يُصلِّي وأن يبقى مُستمرًّا في الصَّلاة. “فكِلَا الفِعلَين ’يرفَع‘ و ’يحني‘ مُقدَّمان بشكلٍ يعني استمرار أو تكرار الفعل بشكلٍ واضِح.” كايزر (Kaiser)
- تُظهِرُ لنا هذه الفقرة الرَّائعة بأنَّ حياة أو موتَ إسرائيل كان مُعتمِدًا على صلاةِ رَجُلٍ واحِدٍ. لقد صلَّى موسى كما يجب أن نُصلِّي نحن – بِشغَفٍ، مُؤمنينَ بأنَّ الحياة والموت – لَرُبَّما أبديًّا – لَمُعتمِدَين على الصَّلاة.
- سيكون صعبًّا التَّوفيق بين هذا ومعرفتنا بِخُطَّة الله الـمُسبَقَة. لكنَّ الله لَم يُرِد موسى بأن يهتمَّ بذلك – فقد كان يجب عليه أن يُصلِّي صلاةً مُؤثِّرة. ورغمًا من أنَّنا أحيانًا لا نستطيع أن نعرف إذا كانت صلاتنا مُتماشية مع خُطَّة الله، لا يعني إطلاقًا أنَّنا يجب أن نتوقَّف عن الثِّقة بأنَّ الصَّلاة ستكون مُؤثِّرة.
- في بدايات أيَّامه، ظنَّ موسى بأنَّ الطريقة الوحيدة لِرِبح المعركة هي بالحرب (خروج ١١:٢-١٥). أمَّا الآن، يسمح موسى ليشوع بالمحاربة بينما كان هو يقوم بأمرٍ أكثرَ أهمِّيَّةً: الصَّلاة من أجلِ النُّصرَة.
ج) الآيات (١٢-١٣): قَويَت يدا موسى بواسطة الصَّلاة.
١٢فَلَمَّا صَارَتْ يَدَا مُوسَى ثَقِيلَتَيْنِ، أَخَذَا حَجَرًا وَوَضَعَاهُ تَحْتَهُ فَجَلَسَ عَلَيْهِ. وَدَعَمَ هَارُونُ وَحُورُ يَدَيْهِ، ٱلْوَاحِدُ مِنْ هُنَا وَٱلْآخَرُ مِنْ هُنَاكَ. فَكَانَتْ يَدَاهُ ثَابِتَتَيْنِ إِلَى غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ. ١٣فَهَزَمَ يَشُوعُ عَمَالِيقَ وَقَوْمَهُ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ.
- صَارَتْ يَدَا مُوسَى ثَقِيلَتَيْنِ: لقد كان العمل الدَّاعِم للمعركة في الصَّلاة صعبًا بالنِّسبة إلى موسى، ولا يُمكِن أن يستمرَّ طويلًا. يُمكِنُنا الإعتقاد بأنَّ المحاربة كانت عملًا صعبًا والصَّلاة عملًا سهلًا، لكنَّ الصَلاة الحقيقيَّة كانت أيضًا عملًا صعبًا.
- قد تكون الصَّلاةُ أحيانًا حُلوة وسهلة؛ وأحيانًا أُخرى عملٌ صعبٌ. فَمِن أجل هذا السَّبب بالذَّات يَصِف الرَّسُول بولس خدمة أبفراس بالقَول: يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَبَفْرَاسُ، ٱلَّذِي هُوَ مِنْكُمْ، عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ، مُجَاهِدٌ كُلَّ حِينٍ لِأَجْلِكُمْ بِٱلصَّلَوَاتِ، لِكَيْ تَثْبُتُوا كَامِلِينَ وَمُمْتَلِئِينَ فِي كُلِّ مَشِيئَةِ ٱللهِ (كولوسي ١٢:٤)، ومن ثمَّ يكتبُ قائلًا: وَاظِبُوا عَلَى ٱلصَّلَاةِ سَاهِرِينَ فِيهَا بِٱلشُّكْرِ (كولوسي ٢:٤).
- وَدَعَمَ هَارُونُ وَحُورُ يَدَيْهِ: لقد وقف هارون وحور إلى جانبِ موسى وحرفيًّا دعما يدَيهِ عاليًا في الصَّلاة. لقد ساعداهُ وتشاركا معهُ في الشَّفاعة. لقد كانت مُساعدتهما ناجحة: فَكَانَتْ يَدَاهُ ثَابِتَتَيْنِ إِلَى غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ.
- بالرغم من أنَّ ذلك كان عملَ موسى لِيَقومَ به، فقد كان يفوقُ إمكاناته والعملَ بنفسه. لَن يستطيعَ موسى وحدَهُ بأن يربح معركة الصَّلاة. لقد احتاج إلى الآخَرين للوقوف إلى جانبهِ وتقويته في الصَّلاة.
- “إنَّ الكثيرين من الآباءِ يعتبرون موسى، بيدَيه الممدودتَين، صورةً عن المسيح على الصَّليب، مُعذَّبًا من أجلِ البشريَّة، وظافِرًا بغلَبةٍ كاملة على الخطيَّة والشَّيطان.” كلارك (Clarke)
- فَهَزَمَ يَشُوعُ عَمَالِيقَ وَقَوْمَهُ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ: بسببِ عملِ الصَّلاةِ هذا، تمكَّن إسرائيل من الإنتصار على عماليق. لا يوجَد أمامنا أيُّ خيارٍ سوى أن نقول: لَو أنَّ موسى وهارون وحور لَم يقوموا بعمل الصَّلاةِ هذا، لما استطاع إسرائيل بأن يهزِمَ عماليق، والتَّاريخ نتيجةً لذلك يجب أن يتغيَّر.
- تُظهِرُ هذه الفقرة الرَّائعة الأهمِّيَّة العُظمَى للصَّلاة. فالحياة والموت – ومجرى التَّاريخ بحدِّ ذاتهِ – جميعها يعتمِد على الصَّلاة. يُمكِنُنا الإستنتاج بأنَّه في كثيرٍ من الأحيان، يُهزمُ شعبُ الله اليوم بسبب عدم الصَّلاة أو لأنَّ الصَّلاة لا تدعَم عملهم بشكلٍ فعَّال.
- مع ذلك، كان على يشوع الـمُحارَبَة. إنَّ صلاة موسى لَم تُلغِ ما كان يجب على يشوع فعلَهُ. لقد رُبِحَت المعركة بواسطة الصَّلاة، ولكن أيضًا من خلالِ أدواتٍ طبيعيَّة – عمل الجيش الَّذي كان مُقادًا من يشوع. “قد تكون الصَّلاة مسخرةً، بكلِّ ما في الكلِمة من معنًى، إذا لَم تقودنا للإستخدام العمليّ للوسائل التي تُروِّج للغاية التي نُصلِّي من أجلها.” سبيرجن (Spurgeon)
د ) الآيات (١٤-١٦): معركةٌ لا تنتهي مع عماليق.
١٤فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: «ٱكْتُبْ هَذَا تَذْكَارًا فِي ٱلْكِتَابِ، وَضَعْهُ فِي مَسَامِعِ يَشُوعَ. فَإِنِّي سَوْفَ أَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ ٱلسَّمَاءِ». ١٥فَبَنَى مُوسَى مَذْبَحًا وَدَعَا ٱسْمَهُ «يَهْوَهْ نِسِّي». ١٦وَقَالَ: «إِنَّ ٱلْيَدَ عَلَى كُرْسِيِّ ٱلرَّبِّ. لِلرَّبِّ حَرْبٌ مَعَ عَمَالِيقَ مِنْ دَوْرٍ إِلَى دَوْرٍ».
- ٱكْتُبْ هَذَا تَذْكَارًا فِي ٱلْكِتَابِ: يُلاحِظ كايزر وجودَ خمسةِ أماكِن في التَّوراة حيث دوَّن موسى شيئًا يتعلَّق بوصيَّة الله (خروج ١٤:١٧، خروج ٤:٢٤-٧، خروج ٢٧:٣٤، عدد ١:٣٣-٢، وتثنية ٩:٣١، ٢٤). منذ أمَدٍ ليس بِبَعيد، كان بعضُ الأكاديميِّين مُرتابين، فقالوا بأنَّ الكتابة لَم تُخترَع في أيَّام موسى. كما أكَّدت أبحاثٌ إضافيَّة بأنَّ الإنسان كان يكتب منذ أكثر من ١٥٠٠ سنةٍ قبل أيَّام موسى.
- فَإِنِّي سَوْفَ أَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ ٱلسَّمَاءِ: كان لِعَماليق ذَنْبًا خاصًّا وعارًا في هجومهم ضدَّ إسرائيل.
- كان لِعَماليقَ عارُ كونهم الأُمَّة الأُولَى التي تصنعُ حربًا مع إسرائيل.
- كان لِعَماليقَ عارُ الخروجِ في طريقهم من أجل الهجوم على إسرائيل.
- كان لِعَماليقَ عارُ مُحاربتهم ضدَّ الله.
- فَبَنَى مُوسَى مَذْبَحًا وَدَعَا ٱسْمَهُ يَهْوَهْ نِسِّي: بالرغم من أنَّ موسى عرفَ بأنَّ صلاتَهُ كانت مُهمَّة، لَم يكُن غبيًّا بما فيه الكفاية لِكَي يعتقِد بأنَّه قد رَبِح المعركة. وكَفعلِ عبادَة، بنى مذبحًا وسبَّح اسمَ يَهْوَهْ نِسِّي (إنَّ الرَّبَّ هو رايتي).
- تَصِف نِسِّي علَمًا أو رايةً. والفكرة هي أنَّ الله غالِبٌ في الحرب ورايةُ انتصارهِ مرفوعةٌ عاليًا. لقد استُخدِمَت نفسُ الكلِمة عن الحيَّة على الرَّاية في سفر العدد ٨:٢١، وفي بعض الفقرات الأُخرى الهامَّة:
- مزمور ٤:٦٠، أَعْطَيْتَ خَائِفِيكَ رَايَةً تُرْفَعُ لِأَجْلِ ٱلْحَقِّ.
- إشعياء ١٠:١١، وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى ٱلْقَائِمَ رَايَةً لِلشُّعُوبِ، إِيَّاهُ تَطْلُبُ ٱلْأُمَمُ، وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا.
- في خروج ١٧ نرى أمثلةً عن قوَّة الله وجُهد الإنسان عامِلَين معًا. لقد ضربَ موسى الصَّخرة؛ لكنَّ الله وحدَهُ يُمكِنهُ أن يأتي بالمياه. لقد حارب يشوع، وصلَّى موسى، لكنَّ الله وحدَهُ أعطى النُّصرةَ على عماليق. ففي هذه جميعها، تمجَّد الله. لَم يكُن الأمرُ وكأنَّ إسرائيل هو رايتي أو موسى هو رايتي أو يشوع هو رايتي، بدلًا من ذلك كان الأمرُ بالفعل يَهْوَهْ نِسِّي (إنَّ الرَّبَّ هو رايتي).
- قد نكون أحيانًا، حتَّى أكثر من مُدركين لِقوَّة ومُساعدة الله عندما نعملُ معًا معَهُ، مُقارَنةً بذلك الوضع عندما يعمل الله مُنفرِدًا. لقد جاء يَهْوَهْ نِسِّي بعد الحرب مع عماليق، وليس بعد موت المصريِّين عند البحر الأحمَر.
- تَصِف نِسِّي علَمًا أو رايةً. والفكرة هي أنَّ الله غالِبٌ في الحرب ورايةُ انتصارهِ مرفوعةٌ عاليًا. لقد استُخدِمَت نفسُ الكلِمة عن الحيَّة على الرَّاية في سفر العدد ٨:٢١، وفي بعض الفقرات الأُخرى الهامَّة:
- إِنَّ ٱلْيَدَ عَلَى كُرْسِيِّ ٱلرَّبِّ. لِلرَّبِّ حَرْبٌ مَعَ عَمَالِيقَ مِنْ دَوْرٍ إِلَى دَوْرٍ: لَم تكُن هذه المعركة الأخيرة المذكورة مع عماليق. لقد استمرَّ الله في حربهِ ضدَّهُم، لكنَّه أعطاهُم وقتًا كثيرًا للتَّوبة عن هذه الخطيَّة العظيمة التي اقترفوها في حقِّ أنسبائهم، إسرائيل.
- لقد تنبَّأَ بلعام عن خرابهم (عدد ٢٠:٢٤).
- بعد مئة سنةٍ لاحِقًا، حارب شاول ضدَّهم (١ صموئيل ٤٨:١٤).
- ثمَّ أمر الله شاول بأن يستمرَّ في مُحاربة عماليق، ذلك من أجل إخضاعهم لدينونةٍ كامِلَة ناتجة عن خطيَّةٍ قديمة مُورِسَت بحقِّ إسرائيل (١ صموئيل ١:١٥-٧).
- في طاعةٍ غير كامِلَة لله، حارب شاول عماليق واستأصَلَهُم، لكنَّه حافظ على حياةِ مَلِكِهم (ولَرُبَّما آخَرين أيضًا)، بينما أثرى نفسَه في الحرب (١ صموئيل ٧:١٥-٩).
- كان الفشل في طاعة الله، بالنِّسبةِ إلى عماليق، عملًا مُرتبِطًا بِعَدم الطَّاعة الَّذي كلَّفَ شاول العرش (١ صموئيل ٢:١٥-٩ و١ صموئيل ١٨:٢٨).
- لقد استمرَّ عماليق في الوجود بعدَ ذلك، لذلك نعلَم أنَّ شاول لَم يُكمِل العمَل، ذلك العمل الَّذي أعطاه إيَّاهُ الله (١ صموئيل ٨:٢٧، ١٧:٣٠؛ ٢ صموئيل ١٢:٨).
- هُناك بعضُ الإشاراتِ بأنَّ ذلك العمل قد أُكمِل في تلك الأيَّام الأخيرة من الحكم الـمَلَكيّ في أيَّام حزقيَّا (١ أخبار الأيَّام ٤١:٤-٤٣)، لكن من الـمُحتمَل بقاءُ بعض الـمُتحدِّرين من عماليق (مثل هامان في سفر أستير ١:٣).
- بسببِ قوَّة وصيَّة الله من أجلِ مُحارَبَة عماليق إلى حين إخضاعهم بالكامِل، فإنَّ الكثيرين يرَون عماليق صورةً عن الجسد، الجانب غير الرُّوحيّ من الإنسان الَّذي يشنُّ حربًا ضدَّ الرُّوح. فَبِهذا المعنى، يُحارِبُ ’’عماليق‘‘ بشكلٍ مُستدام ضدَّ الرُّوح وبالتَّالي، يجب أن يُحارَب إلى حين إخضاعهِ بالكامِل (غلاطية ١٧:٥).