سفر الخروج – الإصحاح ٩
ضرباتٌ إضافيَّة على مصر
أولًا. الضَّربة الخامِسَة: ضَربةُ إهلاك الماشية
أ ) الآيات (١-٤): يطلُب الله من موسى بأن يُحذِّرَ فرعون.
١ثُمَّ قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: «ٱدْخُلْ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقُلْ لَهُ: هَكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ إِلَهُ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ: أَطْلِقْ شَعْبِي لِيَعْبُدُونِي. ٢فَإِنَّهُ إِنْ كُنْتَ تَأْبَى أَنْ تُطْلِقَهُمْ وَكُنْتَ تُمْسِكُهُمْ بَعْدُ، ٣فَهَا يَدُ ٱلرَّبِّ تَكُونُ عَلَى مَوَاشِيكَ ٱلَّتِي فِي ٱلْحَقْلِ، عَلَى ٱلْخَيْلِ وَٱلْحَمِيرِ وَٱلْجِمَالِ وَٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ، وَبَأً ثَقِيلًا جِدًّا. ٤وَيُمَيِّزُ ٱلرَّبُّ بَيْنَ مَوَاشِي إِسْرَائِيلَ وَمَوَاشِي ٱلْمِصْرِيِّينَ. فَلَا يَمُوتُ مِنْ كُلِّ مَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ شَيْءٌ».
- ٱدْخُلْ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقُلْ لَهُ: من رحمتهِ، طلبَ الله من موسى بأن يُقدِّمَ تحذيرًا آخَر، ذلك لإعطاءِ فرعون فُرصَةً للتَّوبَة.
- أَطْلِقْ شَعْبِي لِيَعْبُدُونِي: نرى في هذا الالتماسِ أمريَن واضِحَين. أوَّلًا، ينتمي شعبُ إسرائيل إلى الله، وليس إلى فرعون. ثانيًا، كان واضِحًا بأنَّ الله أراد فرعون أن يُطلِقَ بَني إسرائيل من أجلِ الرَّبِّ نفسِهِ، وليس من أجلِ بَني إسرائيل.
- كان فرعون مسؤولًا عن مُعامَلَة بَني إسرائيل حسنًا من أجلِ الرَّبِّ، وليس من أجلِ إسرائيل. وبنفس الطَّريقة، يجب علينا أن نُعامِلَ بعضنا بعضًا ليس فقط من أجل إخوتنا وأخواتنا، بل أيضًا من أجل الرَّبِّ. نحن مَدينون له بذلك أكثر جدًا ممَّا نحن مَديونين للآخَرين.
- وَبَأً ثَقِيلًا جِدًّا … فَلَا يَمُوتُ مِنْ كُلِّ مَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ شَيْءٌ: لقد حُذِّرَ فرعون بأنَّ وباءً آخَرَ في طريقه إليهم، وباءً سَيُصيبُ بشدَّةٍ الماشية في مصرَ – ولكن ليست الماشية التي يمتلكها شعبُ إسرائيل.
ب) الآيات (٥-٧): مرَضُ وموتُ الماشية.
٥وَعَيَّنَ ٱلرَّبُّ وَقْتًا قَائِلًا: «غَدًا يَفْعَلُ ٱلرَّبُّ هَذَا ٱلْأَمْرَ فِي ٱلْأَرْضِ». ٦فَفَعَلَ ٱلرَّبُّ هَذَا ٱلْأَمْرَ فِي ٱلْغَدِ. فَمَاتَتْ جَمِيعُ مَوَاشِي ٱلْمِصْرِيِّينَ. وَأَمَّا مَوَاشِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَمُتْ مِنْهَا وَاحِدٌ. ٧وَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَإِذَا مَوَاشِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَمُتْ مِنْهَا وَلَا وَاحِدٌ. وَلَكِنْ غَلُظَ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يُطْلِقِ ٱلشَّعْبَ.
- فَمَاتَتْ جَمِيعُ مَوَاشِي ٱلْمِصْرِيِّينَ: كانت هذه الضَّربة مُوجَّهة نحو إلهة المصريِّين حَتحور (Hathor) التي كان يُعتقَدُ بأنَّها أُمٌّ، إلهةٌ بشكلِ بقَرَة. بالإضافة إلى ذلك، كانت الدِّيانة المصريَّة تعتبِر الماشية مُقدَّسة والبقَرَة غالِبًا هي رمزٌ للخصوبة. يُري الله فرعون وكلَّ مصر بأنَّه أقدَر من الآلِهة الوثنيِّين الَّذين يتخيَّلهم.
- يقتبِس كُول (Cole) من سجلٍّ قديمٍ يُشيرُ إلى حربٍ خَسِرَها المصريُّون، ذلك لأنَّ أعداءَهُم وضعوا قطيعًا من الماشية أمامَ الجيوش الـمُتقدِّمة. فقد نجح هذا الأمرُ بسببِ أنَّ الجنودَ المصريِّين لَن يستخدِموا السِّلاحَ في وجهِ جيشِ العدوِّ خوفًا من قَتْلِ ما اعتبروهُ ماشيةً مُقدَّسة، عن طريق الخطأ.
- وَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَإِذَا مَوَاشِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَمُتْ مِنْهَا وَلَا وَاحِدٌ: قال موسى لِفرعون بأنَّ ماشيةَ شعبِ الله سَتُستثنَى، واعتقدَ فرعون ذلك بشكلٍ كافٍ بعدما تحقَّق من ذلك. بالرغم من ذلك، لَم يُغيِّر قلبَهُ بعدما تبرهَنَ بأنَّ موسى وإلهَهُ كانا على حقٍّ بالتَّمام.
ثانيًا. الضَّربة السَّادِسَة: الدَّمامِل
أ ) الآيات (٨-١٠): تأتي ضَربةُ الدَّمامِل من دون تحذيرٍ مُسبَق.
٨ثُمَّ قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ: «خُذَا مِلْءَ أَيْدِيكُمَا مِنْ رَمَادِ ٱلأَتُونِ، وَلْيُذَرِّهِ مُوسَى نَحْوَ ٱلسَّمَاءِ أَمَامَ عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ، ٩لِيَصِيرَ غُبَارًا عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ. فَيَصِيرَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَعَلَى ٱلْبَهَائِمِ دَمَامِلَ طَالِعَةً بِبُثُورٍ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ». ١٠فَأَخَذَا رَمَادَ ٱلْأَتُونِ وَوَقَفَا أَمَامَ فِرْعَوْنَ، وَذَرَّاهُ مُوسَى نَحْوَ ٱلسَّمَاءِ، فَصَارَ دَمَامِلَ بُثُورٍ طَالِعَةً فِي ٱلنَّاسِ وَفِي ٱلْبَهَائِمِ.
- رَمَادِ ٱلأَتُونِ: “سيكون أسودًا وناعِمًا. لَرُبَّما ’سُخامٌ أو سوادُ الدُّخان‘ هي الكلِمة الإنكليزيَّة الأفضَل، ذلك لِكَون الرَّمادِ موصوفًا كَـ ’غُبارٍ‘ ناعِمٍ مُذرًى مع الرِّيح.” كُول (Cole).
- فَيَصِيرَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَعَلَى ٱلْبَهَائِمِ دَمَامِلَ طَالِعَةً بِبُثُورٍ: كالضَّربةِ الثَّالِثة في المجموعة الثَّانية الـمُؤلَّفة من ثلاثِ ضرَباتٍ، لقد جاءت هذه الضَّربة من دونِ تحذيرٍ مُسبَق. ففي هذه المرَّة، اختار الله ألَّا يُعطي برحمتهِ فُرصةً سابقة لِفرعون سوف يرفضها.
- “لأوَّلِ مرَّةٍ تتعرَّضُ حياةُ الإنسان للهجوم والخطر، من أجلِ ذلك نعتبِرُ هذه الضَّربة إنذارًا للضَّربةِ العاشِرة والأكثر تَرويعًا من بين كلِّ الضَّربات.” كايزر (Kaiser).
- دَمَامِلَ طَالِعَةً بِبُثُورٍ: كانت الفكرة وراء الكلِمة العبريَّة القديمة التي تُشيرُ إلى الدَّمامِل، تحمِل معنى ’الإحتراق.‘ وتحمِلُ فكرة التهابٍ جلديٍّ مُتورِّمٍ ومُؤلِم. كانت هذه الدَّمامِل والبُثور الـمُؤلِمَة مُؤثِّرة في النَّاس و الحيوانات.
ب) الآيات (١١-١٢): تأثيرُ الدَّمامِل على عرَّافي مصرَ.
١١وَلَمْ يَسْتَطِعِ ٱلْعَرَّافُونَ أَنْ يَقِفُوا أَمَامَ مُوسَى مِنْ أَجْلِ ٱلدَّمَامِلِ، لِأَنَّ ٱلدَّمَامِلَ كَانَتْ فِي ٱلْعَرَّافِينَ وَفِي كُلِّ ٱلْمِصْرِيِّينَ. ١٢وَلَكِنْ شَدَّدَ ٱلرَّبُّ قَلْبَ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا، كَمَا كَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى.
- وَلَمْ يَسْتَطِعِ ٱلْعَرَّافُونَ أَنْ يَقِفُوا أَمَامَ مُوسَى مِنْ أَجْلِ ٱلدَّمَامِلِ: لَرُبَّما كانت هذه الضَّربةُ مُوجَّهةً ضدَّ إلهِ المصريِّين أمحوتب الَّذي يُقال عنه بأنَّه إلهُ الطُّبِّ. حتَّى أُولئك الَّذين اعتُبِروا الأقربَ إلى الآلِهة المصريَّة، (عرَّافو وسحَرَةُ البلاط) ضُرِبوا بهذا الوباء.
- وَلَكِنْ شَدَّدَ ٱلرَّبُّ قَلْبَ فِرْعَوْنَ: هُنا، ولأوَّلِ مرَّةٍ، قد قيلَ بأنَّ ٱلرَّبَّ شَدَّدَ قَلْبَ فِرْعَوْنَ. سابقًا، فقد أعلنَ الله بأنَّه سوف يُشدِّد قلبَ فرعون (خروج ٢١:٤ و٣:٧)، وهُنا نرى أنَّ هذا هو تحقيقٌ لذلك. بالرغم من ذلك، فقد قيلَت قبلًا ستَّ مرَّاتٍ على الأقلِّ في إشارةٍ إلى قساوة قلبِ فرعون (خروج ١٣:٧، ٢٢:٧، ١٥:٨، ١٩:٨، ٣٢:٨، ٧:٩). نرى أنَّ تشديد الله لِقَلبِ فرعون لَهُوَ تشديدٌ لما صمَّم عليه شخصيًّا.
- “هذه هي الـمُناسَبَة الأُولى التي استُخدِمَ فيها شكلُ الكلِمات الـمُستخدَمَة بعد الضَّربة الفعليَّة. سابقًا، كان يُنظَرُ دائمًا إلى الوضعِ من مُنطلَقٍ آخَر: لقد شدَّد أو قسَّى فرعون قلبَه الخاص. فالخُلاصة الأخلاقيَّة إنَّما تقودنا للقَولِ بأنَّ الله قد قسَّى أو شدَّدَ أُولئك الـمُتشدِّدين أنفُسَهُم.” (كُول (Cole)
- “’شدَّد‘ هي كلِمة للتَّعبير لا عن القصد الإلهيّ بل عن نتيجة عدم الطَّاعة للدُّعاء أو الطَّلَب الإلهيّ. في الحقيقة، لقد كانت جميع الضَّربات والأوبئة مرجوَّة ومُبرمَجَة ومَدروسة بشكلٍ ما، لِلتَّليين لَو أرادَ فرعون الخضوع.” توماس (Thomas)
- كَمَا كَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى: جرت الأمور جميعها بحسب خُطَّةِ الله، حتَّى قساوة قلب فرعون.
ثالثًا. الضَّربة السَّابِعَة: البَرَد
أ ) الآيات (١٣-٢١): يُحذِّر موسى فرعون والمصريِّين من ضربة البَرَد.
١٣ثُمَّ قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: «بَكِّرْ فِي ٱلصَّبَاحِ وَقِفْ أَمَامَ فِرْعَوْنَ وَقُلْ لَهُ: هَكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ إِلَهُ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ: أَطْلِقْ شَعْبِي لِيَعْبُدُونِي. ١٤لِأَنِّي هَذِهِ ٱلْمَرَّةَ أُرْسِلُ جَمِيعَ ضَرَبَاتِي إِلَى قَلْبِكَ وَعَلَى عَبِيدِكَ وَشَعْبِكَ، لِكَيْ تَعْرِفَ أَنْ لَيْسَ مِثْلِي فِي كُلِّ ٱلْأَرْضِ. ١٥فَإِنَّهُ ٱلْآنَ لَوْ كُنْتُ أَمُدُّ يَدِي وَأَضْرِبُكَ وَشَعْبَكَ بِٱلْوَبَإِ، لَكُنْتَ تُبَادُ مِنَ ٱلْأَرْضِ. ١٦وَلَكِنْ لِأَجْلِ هَذَا أَقَمْتُكَ، لِكَيْ أُرِيَكَ قُوَّتِي، وَلِكَيْ يُخْبَرَ بِٱسْمِي فِي كُلِّ ٱلْأَرْضِ. ١٧أَنْتَ مُعَانِدٌ بَعْدُ لِشَعْبِي حَتَّى لَا تُطْلِقَهُ. ١٨هَا أَنَا غَدًا مِثْلَ ٱلْآنَ أُمْطِرُ بَرَدًا عَظِيمًا جِدًّا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي مِصْرَ مُنْذُ يَوْمِ تَأْسِيسِهَا إِلَى ٱلْآنَ. ١٩فَٱلْآنَ أَرْسِلِ ٱحْمِ مَوَاشِيَكَ وَكُلَّ مَا لَكَ فِي ٱلْحَقْلِ. جَمِيعُ ٱلنَّاسِ وَٱلْبَهَائِمِ ٱلَّذِينَ يُوجَدُونَ فِي ٱلْحَقْلِ وَلَا يُجْمَعُونَ إِلَى ٱلْبُيُوتِ، يَنْزِلُ عَلَيْهِمِ ٱلْبَرَدُ فَيَمُوتُونَ». ٢٠فَٱلَّذِي خَافَ كَلِمَةَ ٱلرَّبِّ مِنْ عَبِيدِ فِرْعَوْنَ هَرَبَ بِعَبِيدِهِ وَمَوَاشِيهِ إِلَى ٱلْبُيُوتِ. ٢١وَأَمَّا ٱلَّذِي لَمْ يُوَجِّهْ قَلْبَهُ إِلَى كَلِمَةِ ٱلرَّبِّ فَتَرَكَ عَبِيدَهُ وَمَوَاشِيَهُ فِي ٱلْحَقْلِ.
- أُرْسِلُ جَمِيعَ ضَرَبَاتِي إِلَى قَلْبِكَ: في هذا التَّحذير الـمُطوَّل، أراد الله من فرعون بأن يعرِفَ مَن هو الـمُسَيطِر. فبالرغم من هَولِ المصائب والضَّربات حتَّى هذه اللَّحظة، ولَولا النِّعمة والرَّحمة الإلهيَّتَين، لكان فرعون وشعبُهُ قد بَادوا مِنَ ٱلْأَرْضِ.
- وَلَكِنْ لِأَجْلِ هَذَا أَقَمْتُكَ، لِكَيْ أُرِيَكَ قُوَّتِي، وَلِكَيْ يُخْبَرَ بِٱسْمِي فِي كُلِّ ٱلْأَرْضِ: ففي هذا الإعلان الصَّلْب، يُخبِر الله فرعون بواسطة موسى بأنَّ مقاومته استُخدِمَت لِمَجدِ الله.
- إذا كان فرعون يعتقِدُ بأنَّهُ كان يُنجِزُ أيَّ شيءٍ بمقاومته ضدَّ الله، فقد كان مُخطِئًا بالكامِل. فَمُجمَلُ ثورته العنيدة كانت مُجرَّد أداةٍ لِتَمجيدِ الرَّبِّ أكثر في نهاية المطاف.
- فَٱلْآنَ أَرْسِلِ ٱحْمِ مَوَاشِيَكَ وَكُلَّ مَا لَكَ فِي ٱلْحَقْلِ: دعا الله فرعون والمصريِّين لأن يثقوا به وذلك باقتراحه أخذ الحيطة والحَذَر قبل الضَّربة. فالَّذين وجَّهوا قلوبهم إلى دعوة الله حَمَوا ماشيَتَهُم، أمَّا آخَرون فما فعلوا ذلك.
- “تتساقطُ الأمطار بين الفينة والفينة في أعالي مصرَ، لذا كان التَّكهُّنُ بعاصفةٍ ثلجيَّة تترافق مع رعودٍ وبروقٍ، محطَّ قَبولٍ مشكوكٍ بصحَّته.” كايزر (Kaiser)
ب) الآيات (٢٢-٢٦): ضربةُ البَرَد والبروق جالِبةٌ معها نارًا من السَّماء.
٢٢ثُمَّ قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: «مُدَّ يَدَكَ نَحْوَ ٱلسَّمَاءِ لِيَكُونَ بَرَدٌ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ: عَلَى ٱلنَّاسِ وَعَلَى ٱلْبَهَائِمِ وَعَلَى كُلِّ عُشْبِ ٱلْحَقْلِ فِي أَرْضِ مِصْرَ». ٢٣فَمَدَّ مُوسَى عَصَاهُ نَحْوَ ٱلسَّمَاءِ، فَأَعْطَى ٱلرَّبُّ رُعُودًا وَبَرَدًا، وَجَرَتْ نَارٌ عَلَى ٱلْأَرْضِ، وَأَمْطَرَ ٱلرَّبُّ بَرَدًا عَلَى أَرْضِ مِصْرَ. ٢٤فَكَانَ بَرَدٌ، وَنَارٌ مُتَوَاصِلَةٌ فِي وَسَطِ ٱلْبَرَدِ. شَيْءٌ عَظِيمٌ جِدًّا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ مُنْذُ صَارَتْ أُمَّةً. ٢٥فَضَرَبَ ٱلْبَرَدُ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ جَمِيعَ مَا فِي ٱلْحَقْلِ مِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلْبَهَائِمِ. وَضَرَبَ ٱلْبَرَدُ جَمِيعَ عُشْبِ ٱلْحَقْلِ وَكَسَّرَ جَمِيعَ شَجَرِ ٱلْحَقْلِ. ٢٦إِلَّا أَرْضَ جَاسَانَ حَيْثُ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا بَرَدٌ.
- فَكَانَ بَرَدٌ، وَنَارٌ مُتَوَاصِلَةٌ فِي وَسَطِ ٱلْبَرَدِ. شَيْءٌ عَظِيمٌ جِدًّا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ: لَرُبَّما كانت هذه الضَّربة الأكثر رُعبًا إلى الآن. فلا شكَّ بأنَّ المصريِّين اعتقدوا بأنَّ غضب الله النَّازِل من السَّماء لَهُوَ قاسٍ وشديد.
- فَكَانَ بَرَدٌ، وَنَارٌ مُتَوَاصِلَةٌ فِي وَسَطِ ٱلْبَرَدِ: “إنَّه مزيجٌ غريب؛ عجيبةٌ ضمنَ عجيبة، يقول الحاخام سُليمان: لقد صنع الماءُ والنَّار سلامًا بينهما في طاعتهما لِخالِقهما” ترَاب (Trapp)
- فَضَرَبَ ٱلْبَرَدُ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ: كانت هذه الضَّربة مُوجَّهة نحو العديد من الآلهة المصريَّة. لقد كانت البارِزةُ بينهم نوت، إلهةُ السَّماء.
ج) الآيات (٢٧-٣٥): يتوبُ فرعون توبةً كاذبة وقلبُهُ ينمو مُتشدِّدًا.
٢٧فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَدَعَا مُوسَى وَهَارُونَ وَقَالَ لَهُمَا: «أَخْطَأْتُ هَذِهِ ٱلْمَرَّةَ. ٱلرَّبُّ هُوَ ٱلْبَارُّ وَأَنَا وَشَعْبِي ٱلْأَشْرَارُ. ٢٨صَلِّيَا إِلَى ٱلرَّبِّ، وَكَفَى حُدُوثُ رُعُودِ ٱللهِ وَٱلْبَرَدُ، فَأُطْلِقَكُمْ وَلَا تَعُودُوا تَلْبَثُونَ». ٢٩فَقَالَ لَهُ مُوسَى: «عِنْدَ خُرُوجِي مِنَ ٱلْمَدِينَةِ أَبْسِطُ يَدَيَّ إِلَى ٱلرَّبِّ، فَتَنْقَطِعُ ٱلرُّعُودُ وَلَا يَكُونُ ٱلْبَرَدُ أَيْضًا، لِكَيْ تَعْرِفَ أَنَّ لِلرَّبِّ ٱلْأَرْضَ. ٣٠وَأَمَّا أَنْتَ وَعَبِيدُكَ فَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَمْ تَخْشَوْا بَعْدُ مِنَ ٱلرَّبِّ ٱلْإِلَهِ». ٣١فَٱلْكَتَّانُ وَٱلشَّعِيرُ ضُرِبَا. لِأَنَّ ٱلشَّعِيرَ كَانَ مُسْبِلًا وَٱلْكَتَّانُ مُبْزِرًا. ٣٢وَأَمَّا ٱلْحِنْطَةُ وَٱلْقَطَانِيُّ فَلَمْ تُضْرَبْ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً. ٣٣فَخَرَجَ مُوسَى مِنَ ٱلْمَدِينَةِ مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ وَبَسَطَ يَدَيْهِ إِلَى ٱلرَّبِّ، فَٱنْقَطَعَتِ ٱلرُّعُودُ وَٱلْبَرَدُ وَلَمْ يَنْصَبَّ ٱلْمَطَرُ عَلَى ٱلْأَرْضِ. ٣٤وَلَكِنْ فِرْعَوْنُ لَمَّا رَأَى أَنَّ ٱلْمَطَرَ وَٱلْبَرَدَ وَٱلرُّعُودَ ٱنْقَطَعَتْ، عَادَ يُخْطِئُ وَأَغْلَظَ قَلْبَهُ هُوَ وَعَبِيدُهُ. ٣٥فَٱشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يُطْلِقْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، كَمَا تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ عَنْ يَدِ مُوسَى.
- أَخْطَأْتُ هَذِهِ ٱلْمَرَّةَ. ٱلرَّبُّ هُوَ ٱلْبَارُّ وَأَنَا وَشَعْبِي ٱلْأَشْرَارُ: قد تبدو هذه الكلِمات وكأنَّها كلِماتُ التَّوبةِ الحقيقيَّة من فرعون، لكنَّ التَّوبة الحقيقيَّة لَم تجِد طريقها بعدُ إلى قلب فرعون. لقد أُحزِنَ فرعون بسبب عواقِب الخطيَّة، وليست الخطيَّة بحدِّ ذاتها.
- “إنَّ اعتراف فرعون الـمُتضمِّن العبارة ’لقد أخطأتُ‘ (خروج ٢٧:٩) هو من بين ثماني اعترافاتٍ، أربعةٌ منها صادِقةٌ وأربعةٌ مُنافِقة.” توماس (Thomas). لَرُبَّما من الأفضل رؤيتها على أساس خمسةٍ مُنافِقة وثلاثةٌ صادِقة.
- فرعون – خاطئٌ قاسٍ ومُتشدِّد (الخروج ٢٧:٩).
- بلعام – رجلٌ ذو رأيَين (العدد ٣٤:٢٢).
- عَخَان – الـمُشكِّك التَّائب (يشوع ٢٠:٧).
- شاول – رجلٌ مُنافِق (١ صموئيل ٢٤:١٥).
- يهوذا – التَّائب الـمُحبَط (متَّى ٤:٢٧).
- أيوب – تائبٌ تقيٌّ (أيوب ٢٠:٦).
- داود – تائبٌ مُتأخِّر (٢ صموئيل ١٣:١٢).
- الإبنُ الضَّالُّ الخاطئ الـمُعتَرِف (لوقا ١٨:١٥).
- “إنَّ اعتراف فرعون الـمُتضمِّن العبارة ’لقد أخطأتُ‘ (خروج ٢٧:٩) هو من بين ثماني اعترافاتٍ، أربعةٌ منها صادِقةٌ وأربعةٌ مُنافِقة.” توماس (Thomas). لَرُبَّما من الأفضل رؤيتها على أساس خمسةٍ مُنافِقة وثلاثةٌ صادِقة.
- وَأَمَّا أَنْتَ وَعَبِيدُكَ فَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَمْ تَخْشَوْا بَعْدُ مِنَ ٱلرَّبِّ ٱلْإِلَهِ: أظهرَ جوابُ موسى لِفرعون بأنَّه قد بدأ التَّعلُّم والتَّمييز. أدرك موسى بأنَّ الوعدَ بقتلِ أبكار فرعون لَم يتحقَّق بعدُ (وُصِفَت من قِبَل الله قبلًا في خروج ٢٢:٤-٢٣).
- “لَم يكُن موسى يعتقِد بأنَّ فرعون سيلتزِم بكلِمتهِ، بالرغم من ذلك فقد أعطاه سؤلَهُ لكي يكون فرعون بدونِ عُذرٍ.” كُول (Cole)
- عَادَ يُخْطِئُ وَأَغْلَظَ قَلْبَهُ هُوَ وَعَبِيدُهُ: إنَّ تشدُّدَ القلب ضدَّ الله لَهُوَ خطيَّة؛ والفشلُ في التَّوبةِ عندما تتجاوب النِّعمة مع دُعائنا يعني تجاهُل الرَّحمة والعودة إلى الخطيَّة مرَّةً ثانية.