سفر الخروج – الإصحاح ٤
مأموريَّة موسى من الله
أولًا. يُعطي الله موسى علاماتٍ لتأكيد خدمتهِ
أ ) الآية (١): يسأل موسى، كيف يُصدِّقونني؟
١فَأَجَابَ مُوسَى وَقَالَ: «وَلَكِنْ هَا هُمْ لَا يُصَدِّقُونَنِي وَلَا يَسْمَعُونَ لِقَوْلِي، بَلْ يَقُولُونَ: لَمْ يَظْهَرْ لَكَ ٱلرَّبُّ».
- وَلَكِنْ هَا هُمْ لَا يُصَدِّقُونَنِي: لَم يكُن موسى مُخطِئًا عندما تساءل في بداية الأمر، مَنْ أَنَا حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى فِرْعَوْنَ؟ (خروج ١١:٣)؛ كان هذا سؤالًا منطقيًّا نسبةً إلى حجم المسؤوليَّة. بالرغم من ذلك، فقد أجابَ الله عن هذ السُّؤال بشكلٍ كافٍ في خروج ١٢:٣: إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ. بعد هذه اللَّحظة، وفي هذه الفقَرَة، تُظهِر أسئلةُ موسى نوعًا من عدم اليقين أكثر منه بحثًا عن المعرِفة.
- وَلَكِنْ هَا هُمْ لَا يُصَدِّقُونَنِي وَلَا يَسْمَعُونَ لِقَوْلِي: لقد وعد الله في خروج ١٨:٣ بأن يسمعَ شيوخ إسرائيل لِمُوسى. فقد قال: ’فَإِذَا سَمِعُوا لِقَوْلِكَ.‘ ولكن عندما قدَّم موسى اعتراضًا، فقد كان من الـمُمكِن قَولَهُ: ’لكن ماذا لَو كنت مُخطِئًا، يا الله؟‘
- كان الأمرُ جيِّدًا بأن لا يكونَ لِمُوسى أيَّ ثقةٍ في الجسد؛ لكنَّ هذا الأمرَ أصبح سيِّئًا نظرًا لفقدانهِ الثِّقة بالله. وفي ضوءِ الـعُلَّيقةِ الـمُشتعِلَة وصوت الله والمقابلَة الإلهيَّة، لَم يكُن هُناك من مكانٍ لِمُوسى بأن يقولَ: ’لكِن.‘
- “نحن دائمًا وأبدًا مُعرَّضون، عندما يدعونا الله إلى خدمةٍ سامية، لأن نقول ’لكن،‘ وذلك لإدخالِ تصريحٍ مُعيَّن عن الصُّعوبات كما نراها.” مورغن (Morgan).
ب) الآيات (٢-٥): العلامة الأُولَى: تتحوَّل عصا موسى إلى حيَّة وترجعُ عصًا مرَّة ثانية.
٢فَقَالَ لَهُ ٱلرَّبُّ: «مَا هَذِهِ فِي يَدِكَ؟» فَقَالَ: «عَصًا». ٣فَقَالَ: «ٱطْرَحْهَا إِلَى ٱلْأَرْضِ». فَطَرَحَهَا إِلَى ٱلْأَرْضِ فَصَارَتْ حَيَّةً، فَهَرَبَ مُوسَى مِنْهَا. ٤ثُمَّ قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: «مُدَّ يَدَكَ وَأَمْسِكْ بِذَنَبِهَا». فَمَدَّ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ، فَصَارَتْ عَصًا فِي يَدِهِ». ٥لِكَيْ يُصَدِّقُوا أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلَهُ آبَائِهِمْ، إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ».
- مَا هَذِهِ فِي يَدِكَ: يعكِسُ هذا مبدأً ثمينًا بالنِّسبةِ إلى كيفيَّة استخدام الله لِشَعبهِ – لقد استخدَم الله ما كان في يدِ موسى. لَم تكُن تلك السِّنين التي رعى فيها موسى القطعان عديمة الفائدة. لقد وضعَت هذه السُّنون بين يدَي موسى أشياءَ يُمكِن استخدامُها لِمَجدِ الله. لَم يستخدِم الله ما كان في يدَي موسى الأميريَّتَين عندما كان في مصر، لكنَّه استخدم عصا الرَّاعي البسيطة.
- يُحبُّ الله أن يستخدِمَ ما في أيادينا.
- لقد استخدَمَ الله ما كان في يدِ شَمْجَرِ بْنُ عَنَاةَ (قُضاة ٣١:٣).
- لقد استخدَمَ الله ما كان في يدِ داود (١ صموئيل ٤٩:١٧).
- لقد استخدَمَ الله لَحْيَ حِمَارٍ طَرِيًّا في يدِ شمشون (قُضاة ١٥:١٥).
- لقد استخدَمَ الله خمسةَ أرغفةِ وسمكتان في يدِ صبيٍّ صغير (يوحنَّا ٩:٦).
- يُحبُّ الله أن يستخدِمَ ما في أيادينا.
- فَقَالَ: عَصًا الأحمَر. وستضرِب الصَّخرة فتتدفَّقُ المياهُ منها. سَتُرفَع خلال الحربِ حتَّى يربح إسرائيل. سَتُسمَّى عصا الله (خروج ٢٠:٤ و٩:١٧).
- فَصَارَتْ حَيَّةً: لَم تتحوَّل عصا موسى إلى شبيه حيَّةٍ فحسب؛ بل أصبحت حيَّةً حقيقيَّة ومُخيفةً لدرجة أنَّ موسى هربَ منها.
- مُدَّ يَدَكَ وَأَمْسِكْ بِذَنَبِهَا: نُعايِنُ إيمانَ موسى عندما مدَّ يدَهُ لِيُمسِك بِذَنَبِ الحيَّة لـمَّا أمرهُ الله بذلك. فالذَّنَب هو أخطرُ مكانٍ للإمساكِ بالحيَّة؛ بالرغم من ذلك، لَم يتأذَّى موسى.
- في هذه الحادثة الصَّغيرة، تعلَّم موسى كيف يعمَل ما طلبه الله منه حتَّى ولَو كان أمرًا غير مُريح.
- لِكَيْ يُصَدِّقُوا أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلَهُ آبَائِهِمْ: ستجعَل هذه العجيبة شعبَ إسرائيل يُلاحِظ بأنَّ إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهَ إِسْحَاقَ وَإِلَهَ يَعْقُوبَ قد كان معهم وبأنَّ إله العهد لم يتخلَّ عنهم.
ج) الآيات (٦-٩): العلامتان الثَّانية والثَّالِثة: يصيرُ موسى أبرَصًا ويبرأُ ثانيةً؛ تتحوَّل المياه إلى دَمٍ.
٦ثُمَّ قَالَ لَهُ ٱلرَّبُّ أَيْضًا: «أَدْخِلْ يَدَكَ فِي عُبِّكَ». فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي عُبِّهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا، وَإِذَا يَدُهُ بَرْصَاءُ مِثْلَ ٱلثَّلْجِ. ٧ثُمَّ قَالَ لَهُ: «رُدَّ يَدَكَ إِلَى عُبِّكَ». فَرَدَّ يَدَهُ إِلَى عُبِّهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ عُبِّهِ، وَإِذَا هِيَ قَدْ عَادَتْ مِثْلَ جَسَدِهِ».٨فَيَكُونُ إِذَا لَمْ يُصَدِّقُوكَ وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ ٱلْآيَةِ ٱلْأُولَى، أَنَّهُمْ يُصَدِّقُونَ صَوْتَ ٱلْآيَةِ ٱلْأَخِيرَةِ. ٩وَيَكُونُ إِذَا لَمْ يُصَدِّقُوا هَاتَيْنِ ٱلْآيَتَيْنِ، وَلَمْ يَسْمَعُوا لِقَوْلِكَ، أَنَّكَ تَأْخُذُ مِنْ مَاءِ ٱلنَّهْرِ وَتَسْكُبُ عَلَى ٱلْيَابِسَةِ، فَيَصِيرُ ٱلْمَاءُ ٱلَّذِي تَأْخُذُهُ مِنَ ٱلنَّهْرِ دَمًا عَلَى ٱلْيَابِسَةِ».
- وَإِذَا هِيَ قَدْ عَادَتْ مِثْلَ جَسَدِهِ: كانت كلُّ واحِدَةٍ من هاتَين العجيبَتَين مُرتبِطَة بالتَّحوُّل. فقد تحوَّل شيءٌ جيِّد ومُفيد (عصا أو يدٌ) إلى شيءٍ شرِّير (حيَّةٌ أو يدٌ برصاء)، وبدون خُطورَةٍ تُذكَر، تحوَّلا مرَّةً ثانية إلى طبيعتهما الأصليَّة.
- كانت هُناك رسالةٌ حقيقيَّة في العلامتَين الأوَّليَّتَين. فالأُولَى قالَت: ’موسى، إذا أطعتني، سأجعلُ أعداءك عديمي القوَّة.‘ والثَّانية قالت: ’موسى، إذا أطعتني، سأُبرِئُ التَّلوُّث.‘ لَرُبَّما عرقلت الشُّكوك في كلتَي الحالَتَين موسى، وقبل أن تتكلَّم هذه العلامات إلى أيِّ شخصٍ آخَر، فقد تكلَّمت إلى موسى. هذا هو النَّمطُ مع جميع خُدَّام وقياديِّ الله.
- “إنَّ الكلِمة العبريَّة للبرَص تناولَت عددًا من الأمراض الـمُتنوِّعة تمامًا كَإشارةِ كَلِمة ’السَّرطان‘ اليوم.” كايزر (Kaiser)
- فَيَصِيرُ ٱلْمَاءُ ٱلَّذِي تَأْخُذُهُ مِنَ ٱلنَّهْرِ دَمًا عَلَى ٱلْيَابِسَةِ: كانت العلامة الثَّالِثة مُجرَّد علامةِ للدَّينونة. فقد تحوَّلت المياه الصَّالِحة والنَّقيَّة إلى مياهٍ آسِنَة ورديئة وممزوجة بالدَّمِ بعمل الله، وهي لَم تتحوَّل ثانيةً إلى وَضعها الأصليّ. أظهرَ هذا الأمرُ بأنَّه إذا لَم تُساهِم عجائِبُ التَّحوُّل بعودِة قلوبِ النَّاس، فَلَرُبَّما عجائب الدَّينونة يُمكِنها ذلك. فالفقرة، وَيَكُونُ إِذَا لَمْ يُصَدِّقُوا هَاتَيْنِ ٱلْآيَتَيْنِ، وَلَمْ يَسْمَعُوا لِقَوْلِكَ، تُشيرُ إلى إعطاءِ علاماتٍ للدَّينونة فقط عندما استمرَّ النَّاس في غيِّهم غير آبهين بالإيمان في وجه عجائب التَّحوُّل أمام عيونهم.
د ) الآية (١٠): يُقدِّمُ موسى عُذرًا: “لستُ أنا صاحِب كلام.”
١٠فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «ٱسْتَمِعْ أَيُّهَا ٱلسَّيِّدُ، لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلَامٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلَا أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ، وَلَا مِنْ حِينِ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ، بَلْ أَنَا ثَقِيلُ ٱلْفَمِ وَٱللِّسَانِ».
- ٱسْتَمِعْ أَيُّهَا ٱلسَّيِّدُ، لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلَامٍ: بعد هذه العلامات الـمُقنِعَة على نحوٍ بارِز، استمرَّ موسى بالإعتراضِ على دعوة الله. أظهر موسى بأنَّه غيرُ واثِقٍ بقُدرته على الكلام – فهذه الكلِمات لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلَامٍ تعني: ’ثقيلَ اللِّسان.‘
- بَلْ أَنَا ثَقِيلُ ٱلْفَمِ وَٱللِّسَانِ: يبدو أنَّ عُذرَ موسى لَم يكُن مُبرَّرًا. لَم يكُن موسى قبلًا ولِمُدَّة أربعين سنة ثَقِيلَ ٱلْفَمِ وَٱللِّسَانِ. يقول الكتاب في أعمالُ الرُّسُل ٢٢:٧، “فَتَهَذَّبَ مُوسَى بِكُلِّ حِكْمَةِ ٱلْمِصْرِيِّينَ، وَكَانَ مُقْتَدِرًا فِي ٱلْأَقْوَالِ وَٱلْأَعْمَالِ.”
- لقد انتهَت هذه السُّنون من الفصاحَة في مصر قبل أربعين سنة. ولأربعين سنةً أُخرى يبدو وكأنَّ موسى كان يتكلَّم إلى القطعان فقط. لقد انتفت ثقتهُ بالنَّفس؛ لكنَّه ما زال مُحتاجًا للثِّقة بالله بدلًا من ذلك.
- “لذلك نستطيع القَول بأنَّ عُذرَ موسى لَم يكُن في التَّعبير أو النُّطقِ النَّاقِص، بل في عدم مقدِرَتهِ على قيادَة العبرانيِّين والمصريِّين (قارِن مع حزقيال ٥:٣، حيث ’ثقيل اللِّسان‘ = صعوبة في لُغَّةٍ عجميَّة أو غريبة).” كايزر (Kaiser)
هـ) الآيات (١١-١٢): جوابُ الله لِعُذرِ موسى.
١١فَقَالَ لَهُ ٱلرَّبُّ: «مَنْ صَنَعَ لِلْإِنْسَانِ فَمًا؟ أَوْ مَنْ يَصْنَعُ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى؟ أَمَا هُوَ أَنَا ٱلرَّبُّ؟ ١٢فَٱلْآنَ ٱذْهَبْ وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَأُعَلِّمُكَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ».
- مَنْ صَنَعَ لِلْإِنْسَانِ فَمًا: إنَّ تلك الحقيقة بأنَّ موسى كان يعتقِدُ بعدم فصاحتِهِ لَهِيَ خارج الموضوع. فالله الَّذي خلقَ أكثر الأفواه فصاحةً وبلاغة، والتي عاشَت أبدًا، كان إلى جانبِهِ.
- مَنْ صَنَعَ لِلْإِنْسَانِ فَمًا؟ أَوْ مَنْ يَصْنَعُ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى؟ أَمَا هُوَ أَنَا ٱلرَّبُّ؟: هذه عبارةٌ دراماتيكيَّة تُظهِرُ سيادَةَ الله الـمُطلَقَة، ولقد أظهرها الله في سياق دعوتهِ له للثِّقة به وبالعمل معه.
- لا يوجَد أيُّ قضاءٍ وقَدَر في هذا الإعلان عن سيادَةِ الله الـمُطلَقَة. فليس الأمر إطلاقًا، ’لأنَّ الله مُقتدِرٌ جدًّا، فلا نقوم بعملِ أيِّ شيءٍ،‘ بل دائمًا الأمرُ هكذا، ’لأنَّ الله كُلِّيِّ القُدرَة، فهو يستطيع أن يعمل من خلالِنا إذا قدَّمنا أنفسنا له.‘
- أَوْ مَنْ يَصْنَعُ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى: يعتقِد البعضُ بأنَّ هذا هو أمرٌ قاسٍ من قِبَل الله. بالرغم من ذلك، فإنَّ النُّقطة الأساسيَّة في هذا الأمر ليست في تحليلِ أصلِ الشرِّ، بل بإظهار قُدرَة الله حتَّى في صُنعِ الأخرَس أو الأصمِّ أو البصير أو الأعمى لِيَعملوا أعمالَهُ. إنَّ أوجُه القُصور المحسوسة والملموسة لدى موسى لَهِيَ عديمةُ الأهمِّيَّة.
- لَو كان موسى مُتكلِّمًا ضعيفًا، فهل كانت هذه أخبارًا بالنِّسبة إلى الله؟ هل يصعبُ على الله بأن يُدوِّن مَن هو الأصمُّ أو مَن هو البصيرُ أو مَن هو الأعمى؟ على كلِّ حال، هل يعتقِدُ موسى حقًّا بأنَّ الله قد ارتكبَ غلطةً ما؟
- لَو كان موسى مُتكلِّمًا ضعيفًا، فالأمرُ ليس مُهمًّا – فالله الكُلِّيٍّ القُدرَة قد قال: وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَأُعَلِّمُكَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ. وبصورةٍ مُوسَّعة، فإنَّ الله لَهُوَ كافٍ بالنِّسبة إلينا بغضِّ النَّظَر عن أَوجُه القُصور الحقيقيَّة أمِ الخياليَّة التي عندنا.
و ) الآيات (١٣-١٧): عدَمُ رَغبَةِ موسى وجوابُ الله.
١٣فَقَالَ: «ٱسْتَمِعْ أَيُّهَا ٱلسَّيِّدُ، أَرْسِلْ بِيَدِ مَنْ تُرْسِلُ». ١٤فَحَمِيَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ عَلَى مُوسَى وَقَالَ: «أَلَيْسَ هَارُونُ ٱللَّاوِيُّ أَخَاكَ؟ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ يَتَكَلَّمُ، وَأَيْضًا هَا هُوَ خَارِجٌ لِٱسْتِقْبَالِكَ. فَحِينَمَا يَرَاكَ يَفْرَحُ بِقَلْبِهِ، ١٥فَتُكَلِّمُهُ وَتَضَعُ ٱلْكَلِمَاتِ فِي فَمِهِ، وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَمَعَ فَمِهِ، وَأُعْلِمُكُمَا مَاذَا تَصْنَعَانِ. ١٦وَهُوَ يُكَلِّمُ ٱلشَّعْبَ عَنْكَ. وَهُوَ يَكُونُ لَكَ فَمًا، وَأَنْتَ تَكُونُ لَهُ إِلَهًا. ١٧وَتَأْخُذُ فِي يَدِكَ هَذِهِ ٱلْعَصَا ٱلَّتِي تَصْنَعُ بِهَا ٱلْآيَاتِ».
- ٱسْتَمِعْ أَيُّهَا ٱلسَّيِّدُ، أَرْسِلْ بِيَدِ مَنْ تُرْسِلُ: أخيرًا، نفذَ موسى من الأعذار، الأمر الَّذي أظهرَ الوضعَ الحقيقيّ للقلْب. بكلِّ بساطة، فقد كان يُفضِّلُ بأن يُرسِلَ الله شخصًا آخَر. فَمُشكلتهُ الأساسيَّة لَم تكُن في الحقيقة غياب القُدرَة؛ فقد كانت في غياب الإرادة.
- “إنَّه لَشَائعٌ بين الرَّجال إعطاءُ أسبابٍ مزعومة بدًلا من الأسباب الحقيقيَّة.” بنيامين فرانكلن (Benjamin Franklin)
- فَحَمِيَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ عَلَى مُوسَى: لَم يكُن الله غاضِبًا عندما سأل موسى: ’مَنْ أَنَا؟‘ (خروج ١١:٣). لَم يكُن الله غاضِبًا عندما سأل موسى: ’مَا ٱسْمُهُ؟ فَمَاذَا أَقُولُ لَهُمْ؟‘ (خروج ١٣:٣). لَم يكُن الله غاضِبًا عندما شكَّكَ موسى بكَلِمةِ الله وقال: ’وَلَكِنْ هَا هُمْ لَا يُصَدِّقُونَنِي وَلَا يَسْمَعُونَ لِقَوْلِي‘ (خروج ١:٤). لَم يكُن حتَّى غاضِبًا عندما ادَّعى موسى خاطئًا بأنَّه لَم يكُن أبدًا فصيحًا (خروج ١٠:٤) – لكنَّ الله كان غاضِبًا عندما أصبحَ موسى ببساطةٍ غير مُريدٍ.
- قد يكون هُناك المئات من الأسباب المفهومَة لِمُعارَضَة موسى، والبعضُ منها لَهُوَ منطقيٌّ. لَرُبَّما أرادَ موسى بالفعل بأن يخدِمَ لكنَّه كان مُعارِضًا لحالَةِ الرَّفضِ في الماضي. بالرغم من ذلك، فإنَّ الحقيقة الأساسيَّة لَهِيَ أنَّ موسى لَم يكُن مُريدًا وليس غير قادِرٍ.
- أَلَيْسَ هَارُونُ ٱللَّاوِيُّ أَخَاكَ؟ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ يَتَكَلَّمُ: عندما أتى الله بهارون لِمُساعدة موسى في القيادَة، فقد كان هذا تعبيرًا عن تأديبهِ لِمُوسى، وليس تصديقًا أو مُوافقةً أو استسلامًا له. لقد كان هارون بمثابةِ مُشكِلَةٍ بالنِّسبة إلى موسى أكثر منه مُساعِدًا.
- فقد تأكَّد فيما بعد بأنَّ هارون كان مصدرًا للمشاكِل بالنِّسبة إلى موسى. فقد حرَّض هارون على عبادَة العجل الذَّهبيّ، حيث سبَكَهُ بنفسِهِ ومن ثمَّ بنى مذبحًا للرَّبِّ بنفسِه أيضًا (خروج ١:٣٢-٦). لقد جدَّف أبناءُ هارون على الله بتقديمهم ذبائحَ غريبة (لاويِّين ١:١٠-٧). وفي وقتٍ من الأوقات، قاد هارون بشكلٍ فاضِحٍ انقلابًا على موسى (عدد ١:١٢-٨).
- كُلَّما تكشَّفت هذه الحلقات، كُلَّما تساءل موسى، بالنَّظر إلى الوراء، عن السَّبب الَّذي حدا الرَّبُّ بأن يُعطي هارون لِمُوسى كشريكٍ – ذلك لأنَّ الله كان غاضِبًا لِغياب الإرادَة عند موسى.
- أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ يَتَكَلَّمُ: كان هارون مُتكلِّمًا رقيقًا، لكنَّه كان رَجُلًا ضعيفًا في الإكتفاء والقناعة. فقد كان على موسى أن يضعَ كلِمات الله في فَمِ هرون (فَتُكَلِّمُهُ وَتَضَعُ ٱلْكَلِمَاتِ فِي فَمِهِ). ففي هذا المعنى، كان هارون يُشبِهُ قارئ الأخبار في يومِنا الـمُعاصِر الَّذي لا يقوم بفعلِ أيِّ شيءٍ بل بقراءة ما كتبَهُ الآخَرون.
- لَم يكُن هارون مُتكلِّمًا أو ناطِقًا باسمِ الله؛ فقد كان ناطِقًا بِلِسان موسى. لا يحتاج الله إلى قياديِّين من هذا الطِّراز. إنَّه ليس أُسلوبَ الله بأن يختار خُدَّامًا مَلِقو الكلام، لكنَّهم ليسوا بقياديِّين. يُريد الله دَمجَ وظيفتَي ’الـمُتكلِّم‘ و’القياديّ.‘
ثانيًا. يتركُ موسى مديان ويتوجَّه إلى مصر
أ ) الآية (١٨): يطلُبُ موسى إذنًا من حَمِيهِ يثرون للذَّهابِ إلى مصر.
١٨فَمَضَى مُوسَى وَرَجَعَ إِلَى يَثْرُونَ حَمِيهِ وَقَالَ لَهُ: «أَنَا أَذْهَبُ وَأَرْجِعُ إِلَى إِخْوَتِي ٱلَّذِينَ فِي مِصْرَ لِأَرَى هَلْ هُمْ بَعْدُ أَحْيَاءٌ». فَقَالَ يَثْرُونُ لِمُوسَى: «ٱذْهَبْ بِسَلَامٍ».
- فَمَضَى مُوسَى: عندما خمدَت النِّيران في الـعُلَّيقة الـمُشتعِلَة، ولـمَّا صار صوتُ الله في سكونٍ على مدى الصَّحراء، عندها توجَّب على موسى بأن يُطيع ويقوم بما أمره به الله. هُناك أكثرُ من شخصٍ واحِدٍ قد مرَّ في اختبارِ الـعُلَّيقة الـمُشتعِلَة الرَّائعة ومن ثمَّ استمرَّت حياتُهُ وكأنَّ شيئًا لَم يكُن.
- هل كان يمتلِكُ موسى أدنى فكرة عمَّا كان ينتظرُهُ عندما أبدى مُوافقتهُ على القَبولِ بدعوةِ الرَّبِّ؟ هل يُمكِنه أن يرى الجيش المصريّ يقترِب للـمُحاصرَة والله يفلِق البحر الأحمَر بواسطة يدِ موسى؟ هل يُمكِنهُ أن يرى أُغنيةَ الإنتصار والمياه الـمُتدفِّقة من الصَّخرة والمنَّ من السَّماء والحروبَ الغالِبة بواسطة الصَّلاة؟ هل يُمكِنهُ أن يرى رؤى الله على جبل سيناء وحجرَي الوصايا والعجلَ الذَّهبيّ؟ هل يُمكِنهُ أن يرى خيمةَ الاجتماع تُبنَى والكهنة يُقدَّسُون؟ هل يُمكِنهُ أن يرى الجواسيس الـمُرسَلين إلى كنعان وتفاعُلهم الخالي من الإيمان والتَّيهان في البريَّة لِثمانٍ وثلاثين سنة؟ هل يُمكِنهُ أن يرى خروفًا وحيدًا على قمَّة جبلٍ حيث سيموت ناظِرًا أرضَ الموعِد؟ هل يُمكِنهُ أن يرى امتيازَ الجلوس في حضرة الرَّبِّ على جبل التَّجلِّي؟ هل كان لِمُوسى أدنى فكرة عمَّا كان ينتظرُهُ؟
- ٱذْهَبْ بِسَلَامٍ: كان موسى مثالًا صالِحًا للحقيقة القائِلة بأنَّ خدمة الله لا تعني إهمال ربِّ العمَل. لقد تأكَّد موسى من نَيلِ الضَّوء الأخضَر قبل الشُّروع في مَهَمَّتِهِ.
- “حتَّى دعوة الله لَم يكُن في مقدورها أن تمحيَ الحاجة إلى الـمُجاملَة والإحترام لِحَمِي الإنسان.” كايزر (Kaiser)
- أَنَا أَذْهَبُ وَأَرْجِعُ إِلَى إِخْوَتِي ٱلَّذِينَ فِي مِصْرَ لِأَرَى هَلْ هُمْ بَعْدُ أَحْيَاءٌ: كذلك، لَم يُخبِر موسى حَمِيَهُ بتفاصيل القصَة وراء رغبتهِ في العودَة إلى مصر. لَرُبَّما أحسَّ بأنَّ ذلك فيه الكثير من الخيالِ والوهم، فَمِن أجلِ ذلك يترك الأمر بين يدَي الله لإظهارِ كلِمتهِ وتتميمها.
- إنَّه لَمُهمٌّ جدًّا – وأكثرُ نفعًا – للأخَرين في مكانٍ ما بأن يروا ثمار ونتائج إرشادَ الله في حياتِك بدلًا من سماعِ شَرحِك لِما تعتقِد بأنَّ الله قد كلَّمك به.
ب) الآيات (١٩-٢٣): يكشِف الله لِمُوسى تسَلسُل الأحداث في مصر.
١٩وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى فِي مِدْيَانَ: «ٱذْهَبْ ٱرْجِعْ إِلَى مِصْرَ، لِأَنَّهُ قَدْ مَاتَ جَمِيعُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَكَ». ٢٠فَأَخَذَ مُوسَى ٱمْرَأَتَهُ وَبَنِيهِ وَأَرْكَبَهُمْ عَلَى ٱلْحَمِيرِ وَرَجَعَ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ. وَأَخَذَ مُوسَى عَصَا ٱللهِ فِي يَدِهِ. ٢١وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: «عِنْدَمَا تَذْهَبُ لِتَرْجِعَ إِلَى مِصْرَ، ٱنْظُرْ جَمِيعَ ٱلْعَجَائِبِ ٱلَّتِي جَعَلْتُهَا فِي يَدِكَ وَٱصْنَعْهَا قُدَّامَ فِرْعَوْنَ. وَلَكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ حَتَّى لَا يُطْلِقَ ٱلشَّعْبَ. ٢٢فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هَكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ٱبْنِي ٱلْبِكْرُ. ٢٣فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ٱبْنِي لِيَعْبُدَنِي، فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ٱبْنَكَ ٱلْبِكْرَ».
- لِأَنَّهُ قَدْ مَاتَ جَمِيعُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَكَ … وَلَكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ: لقد عرفَ الله بأنَّ موسى سيكون آمِنًا في مصر، لذلك أراحَ بالَهُ من القلق الَّذي كان يُساوِرهُ؛ لكنَّ الله عرف أيضًا بأنَّه سَيُشدِّدُ قلبَ فرعون وبأنَّ الأمر سيتطلَّبُ قتلَ الأبكار قبل أن يُوافِقَ فرعون على إطلاقِ سراح بَني إسرائيل.
- يُقالُ أحيانًا بأنَّ الله قد قسَّى وشدَّدَ قلبَ فرعون (خروج ٢١:٤). يُقالُ أحيانًا بأنَّ الله قد قسَّى وشدَّدَ قلبَهُ (خروج ١٥:٨). يُقالُ أحيانًا، وببساطة، بأنَّ قلبَ فرعون قد شُدِّدَ من دون الإشارَة إلى الـمُسبِّب (خروج ١٣:٧).
- مَن شدَّد قلبَ فرعون بالفعل؟ يُمكِننا القَول بأنَّ كلَيهِما – الله وفرعون – قد قاما بذلك؛ ولكن، متى شدَّد الله قلبَ فرعون، لَم يكُن ذلك الأمر مُعاكِسًا أو موجَّهًا ضدَّ إرادة فرعون. لَم يقُل فرعون أبدًا: ’أُريدُ أن أقوم بفعل ما هو جيِّدٌ وصحيح وأن أُبارِك شعبِ إسرائيل،‘ ويُجيب الله: ’كلَّا، بل سأُشدِّدُ قلبك ضدَّهُم!‘ عندما تشدَّد الله، فإنَّهُ سمح لفرعون بأن يقوم بفعلِ ما أرادَهُ – لقد أسلَمَ الله فرعون لخطيَّتهِ (رومية ١٨:١-٣٢).
- “لا يُشدِّد الله الإنسان بوضعه الشرَّ فيه، بل بعدم إعطائهِ الرَّحمة.” أُوغسطينوس (Augustine).
- إِسْرَائِيلُ ٱبْنِي ٱلْبِكْرُ: في تشبيهِ صُوَريّ، تطلَّع الله إلى إسرائيل كَبكرِهِ، وعرف التَّمييز بين بكرِهِ (إسرائيل) وبِكرِ مصر.
ج) الآيات (٢٤-٢٦): الحفاظ على حياة موسى في الطَّريق.
٢٤وَحَدَثَ فِي ٱلطَّرِيقِ فِي ٱلْمَنْزِلِ أَنَّ ٱلرَّبَّ ٱلْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. ٢٥فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ٱبْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: «إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي». ٢٦فَٱنْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: «عَرِيسُ دَمٍ مِنْ أَجْلِ ٱلْخِتَانِ».
- أَنَّ ٱلرَّبَّ ٱلْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ: كان هذا حدَثًا غريبًا؛ لكن، يبدو أنَّ الله يُواجِهُ موسى – بأقوى طريقةٍ مُمكِنَة – ذلك لأنَّ موسى لم يَختِن ابنَهُ. لقد أمرَ الله بإنجازِ هذا الأمر قبلَ دخولِ موسى أرضَ مصر لِيبدأ بتنفيذِ دعوةِ الله.
- تتواجَدُ لحظةٌ مُعيَّنة من الـمُواجهة في حياة القائد، حيث يطلب الله بأن يضعَ الإنسان جانِبًا بعض الجوانِب أو الحلَقات في حياته مُرتبِطة بالـمُساوَمَة، ذلك قبل السَّماح له بإكمال المسيرة حتَّى يتمَّ الأمرُ.
- “لا مجال للشَكِّ بتاتًا بوجودِ سببٍ غير مُدوَّن ساهم في فشَلِ موسى في إتمام الإرشادات الإلهيَّة الـمُتعلِّقة بالختان … وبما أنَّ الطَّاعة قد تمَّ تثبيتها، فكلُّ شيءٍ استمرَّ بالإندفاع إلى الأمام.” مورغن (Morgan).
- إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي: من الـمُمكِن في مكانٍ ما بأن تكون صفُّورَة قد اعترَضَت على مُمارسة الختان. لَم تكُن إسرائيليَّة ومن الـمُمكِن أنَّها اعتقدَت بأنَّها عادةٌ بربريَّة. لَرُبَّما كان هذا هو السَّبب الَّذي حدا بالرَّبِّ بأن يُحمِّل موسى المسؤوليَّة (لعدم القيام بفعل الصَّواب، بالرغم من عدم مُوافقة زوجته على هذه العمليَّة)، فقد عوَّقهُ لِيَحمِلَ صَفُّورة على القيام بالختان بنفسها.
- يتساءَل البعضُ لماذا تبدو زوجة موسى هُنا وهي في حالةٍ من المرارة. لَرُبَّما لاحَظَت، ولأوَّلِ مرَّةٍ، الطَّبيعة الجدِّيَّة لِدَعوة زوجِها وكَم كان مُهمًّا لجميع أفراد العائلة بأن يسلكوا في طُرُق الرَّبِّ.
- “لقد تمَّ الإحتفاظ ببعض الأدوات الحجريَّة، مثل ]سكِّينُ صَوَّان[، لأغراضٍ احتفاليَّة بعد زمنٍ طويلٍ من إدخال الأدوات المعدنيَّة.” كايزر (Kaiser)
د ) الآيات (٢٧-٣١): يُقدِّم موسى وهارون نفسَيهِما إلى شعبِ إسرائيل.
٢٧وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِهَارُونَ: «ٱذْهَبْ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ لِٱسْتِقْبَالِ مُوسَى». فَذَهَبَ وَٱلْتَقَاهُ فِي جَبَلِ ٱللهِ وَقَبَّلَهُ. فَأَخْبَرَ ٢٨مُوسَى هَارُونَ بِجَمِيعِ كَلَامِ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ، وَبِكُلِّ ٱلْآيَاتِ ٱلَّتِي أَوْصَاهُ بِهَا. ٢٩ثُمَّ مَضَى مُوسَى وَهَارُونُ وَجَمَعَا جَمِيعَ شُيُوخِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. ٣٠فَتَكَلَّمَ هَارُونُ بِجَمِيعِ ٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي كَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى بِهِ، وَصَنَعَ ٱلْآيَاتِ أَمَامَ عُيُونِ ٱلشَّعْبِ. ٣١فَآمَنَ ٱلشَّعْبُ. وَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّ ٱلرَّبَّ ٱفْتَقَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَنَّهُ نَظَرَ مَذَلَّتَهُمْ، خَرُّوا وَسَجَدُوا.
- فَذَهَبَ وَٱلْتَقَاهُ فِي جَبَلِ ٱللهِ وَقَبَّلَهُ: لقد أخبر الله موسى بأنَّه سَيُرسِل هارون إليه (خروج ١٤:٤)، والآن قد تمَّ حدوثُ هذا بالفعل. يُظهِر الله لِمُوسى بأنَّه يفي بوعودِهِ.
- “كان بإمكان هارون، القادِم لِلِقاءِ موسى، التَّكلُّم بفصاحَة؛ لكنَّه كان رَجُلًا ضعيفًا، الأمرُ الَّذي جعل علاقتَهُ مع أخيهِ الشَّريف الأصغَر، مصدرًا للقلقِ والألَم.” ماير (Meyer)
- فَآمَنَ ٱلشَّعْبُ: كان الأمر يحدثُ تمامًا كما قال الله. لقد وعد الله بأنَّهم سيسمعون لِصَوتهِ (خروج ١٨:٣)، وهكذا سَمِعَ شعبُ إسرائيل – لقد كانت حماستهم حقيقيَّة كما كانوا يتوقَّعون تحريرَ أُمَّتهم.
- وَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّ ٱلرَّبَّ ٱفْتَقَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ: لِسنين خلَت، وعندما قدَّم موسى نفسَهُ كَمُخلِّص إسرائيل، رفضوهُ. أمَّا الآن، فالتَّوقيت مُناسبٌ والظُّروف مُؤاتية، والمصير الَّذي أعدَّه الله لِمُوسى قد بدأَ يتحقَّق.