سفر الخروج – الإصحاح ٦
تأكيد الله لِمُوسى
أولًا. يُشجِّع الله موسى
أ ) الآية (١): وعدُ الله لِمُوسى: سَيُطلِقُكُم فرعون.
١فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: «ٱلْآنَ تَنْظُرُ مَا أَنَا أَفْعَلُ بِفِرْعَوْنَ. فَإِنَّهُ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ يُطْلِقُهُمْ، وَبِيَدٍ قَوِيَّةٍ يَطْرُدُهُمْ مِنْ أَرْضِهِ».
- ٱلْآنَ تَنْظُرُ مَا أَنَا أَفْعَلُ بِفِرْعَوْنَ: حاملًا قصَّة الأحداث من الفصلِ الَّذي سبَق، كان موسى مُثبَطَ العزيمة بسبب اعتقادهِ بغيابِ أيِّ تحرُّكٍ أو مُساعدة من قِبَل الله. لقد أظهرَ جوابُ الله لِمُوسى أنَّه أرادَ له بأن يعرِف أنَّ الرَّبَّ يُسيطِرُ على كلِّ الأشياء.
- لقد كان موسى مُحبَطًا بسبب تأثُّرِهِ بِفرعون وليس بسبب تأثُّرِهِ بالله.
- فَإِنَّهُ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ يُطْلِقُهُمْ: لقد وعدَ الله ليس فقط بأن يجعل فرعون يُطلِق بَني إسرائيل، بل بأن يُطْلِقَهُم بِيَدٍ قَوِيَّةٍ. لقد بدا هذا الأمرُ وكأنَّهُ لَمُستحيل، خصوصًا بعد ردَّة فعلِه الأوَّليَّة تجاه موسى والرِّسالة التي يحمِلُها له من الرَّبِّ.
- كانت هذه رسالةً رائعة مملوءة بالنِّعمة بالنِّسبة إلى موسى. عمليًّا، لقد قال الله: “موسى، ليس فقط يُطلِق فرعون الشَّعب؛ بل إِنَّهُ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ يُطْلِقُهُمْ من مصرَ.”
- “كان هذا إعلانًا إلهيًّا كجوابٍ لذلك التَّساؤل حولَ صعاب البشَر … لقد بدأ كلُّ شيءٍ كَتوكيلٍ رسميٍّ لِمُوسى. فهو، أوَّلًا، جوابٌ لِلتَّذمُّرِ الَّذي تلفَّظَ به خادِمُ الله في حضرتهِ. وثانيًا، كان رسالةً لتأكيدٍ إلهيٍّ وبالتَّالي رسالةَ نعمةٍ.” مورجان (Morgan)
ب) الآيات (٢-٥): يُؤكِّدُ إلَهُ العهدِ وعدَهُ.
٢ثُمَّ كَلَّمَ ٱللهُ مُوسَى وَقَالَ لَهُ: «أَنَا ٱلرَّبُّ. ٣وَأَنَا ظَهَرْتُ لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي ٱلْإِلَهُ ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِٱسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ. ٤وَأَيْضًا أَقَمْتُ مَعَهُمْ عَهْدِي: أَنْ أُعْطِيَهُمْ أَرْضَ كَنْعَانَ أَرْضَ غُرْبَتِهِمِ ٱلَّتِي تَغَرَّبُوا فِيهَا. ٥وَأَنَا أَيْضًا قَدْ سَمِعْتُ أَنِينَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ يَسْتَعْبِدُهُمُ ٱلْمِصْرِيُّونَ، وَتَذَكَّرْتُ عَهْدِي.
- أَنَا ٱلرَّبُّ: في تذكيرهِ لِمُوسى عن اسمِ الله العظيم (يهوه)، فقد أكَّد الله بأنَّه باقٍ كإلَهٍ للعهد الَّذي صنعَهُ والَّذي سَيُتَمِّمُهُ كما وعدَ لِمُوسى.
- “عندما تفشَل مساعي البشَر والرُّوح مُتعَبَة ومُحبَطَة ويُفقَدُ كلُّ أملٍ في الإنسان، يقترب الله إلينا ويقول: إنِّي أنا هو.” ماير (Meyer)
- وَأَنَا ظَهَرْتُ لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي ٱلْإِلَهُ ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِٱسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ: لقد تمتَّع الآباءُ بامتيازِ معرفة الله الَّذي صنع العهد، لكن بالنِّسبةِ إليهم، فهو بالكاد قد تُمِّم. لقد عرف الآباءُ الله كَصانعٍ للعهد. أمَّا موسى وجيل الخروج فسيعرِفون الله كذلك الشَّخص الَّذي سَيُتمِّم العهد.
- لقد عرف الآباءُ اسمَ يهوه (فقد استُخدِمَ ١٦٠ مرَّةً في سفر التَّكوين)؛ لكنَّ التَّطبيق الرَّئيسيّ لله الَّذي حَفِظَ و تمَّمَ العهد كان على الشَّكل التَّالي: وَأَيْضًا أَقَمْتُ مَعَهُمْ عَهْدِي. ’كان للآباءِ الوعودُ فقط، وليس الأُمور التي وُعِدوا بها.‘ كايزر (Kaiser)
- ٱلْإِلَهُ ٱلْقَادِرُ: بالإضافةِ إلى ذلك، وبالرغم من أنَّ الآباء قد عرفوا الله القدير (الشادَّاي)، فإنَّهم لم يعرِفوهُ على نحوٍ مُتَّسَعٍ ومُتَّصِلٍ عاطفيًّا كما سيكشِف نفسَهُ لِمُوسى وجيلهِ. لقد عرفوا قُدرةَ الله، لكنَّهم لَم يتمتَّعوا بعلاقةٍ شخصيَّة وبإعلانٍ شخصيٍّ على نحوٍ مُماثِلٍ لاختبار موسى.
- بالنِّسبةِ إلينا، يُريد الله بأن يكون أكثر من ٱلْإِلَهِ ٱلْقَادِر – فهو يُريدنا بأن نعرِفَهُ أيضًا كإلَهٍ شخصيٍّ وصانِعٍ للوعدِ وحافظٍ له، الَّذي يُمكننا الوثوق به في كلِّ شيء. يجب على المؤمنين أن يسألوا أنفسَهُم إذا كانوا يعرِفون الله حقًّا بهذه الأسماء.
- “إنَّ الحاجة الماسَّة في كلِّ ساعةٍ من المصاعِب والإحباط لَهِيَ مُتمثِّلَة برؤيا الله. أن نراهُ فهذا يعني أن نرى كلَّ الأشياء في نسبتها ونظرتها الـمُناسِبَتَين.” مورجان (Morgan)
- وَتَذَكَّرْتُ عَهْدِي: لقد تذكَّر الله عهدَهُ؛ والآن مُوسى مَدعوٌّ لِتَذكُّرِ إلَهِهِ.
ج) الآيات (٦-٨): وعدُ الله لإسرائيل يحتوي على سبعِ تأكيداتٍ شخصيَّة.
٦لِذَلِكَ قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنَا ٱلرَّبُّ. وَأَنَا أُخْرِجُكُمْ مِنْ تَحْتِ أَثْقَالِ ٱلْمِصْرِيِّينَ وَأُنْقِذُكُمْ مِنْ عُبُودِيَّتِهِمْ وَأُخَلِّصُكُمْ بِذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ وَبِأَحْكَامٍ عَظِيمَةٍ، ٧وَأَتَّخِذُكُمْ لِي شَعْبًا، وَأَكُونُ لَكُمْ إِلَهًا. فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمُ ٱلَّذِي يُخْرِجُكُمْ مِنْ تَحْتِ أَثْقَالِ ٱلْمِصْرِيِّينَ. ٨وَأُدْخِلُكُمْ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي رَفَعْتُ يَدِي أَنْ أُعْطِيَهَا لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. وَأُعْطِيَكُمْ إِيَّاهَا مِيرَاثًا. أَنَا ٱلرَّبُّ».
- لِذَلِكَ قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: لقد بدت العبارَة السَّابقة وكأنَّها مُوجَّهة إلى مُوسى نفسِه (خروج ٢:٦-٥). أمَّا هذه الكلِمات الإضافيَّة فهيَ لِمَصلَحة بَني إسرائيل كَكُل.
- أَنَا ٱلرَّبُّ: لقد مشى الله في جميعِ الأشواط الـمُمكِنَة من أجل تأكيدِ عهدهِ لِبَني إسرائيل. ففي سبعةِ وعودٍ مُنفصِلَة حملت الكلِمَتان أَنَا أُريد، قال الله: ’أنا سأقومُ بذلك. يُمكِنك الإعتماد علَيَّ.‘
- كانت هذه الوعود مجيدة وبنفس القدَر لِجهَّةِ تطبيقها الرُّوحيّ بالنِّسبة إلى المؤمنين اليوم:
- أَنَا أُخْرِجُكُمْ.
- أُنْقِذُكُمْ مِنْ عُبُودِيَّتِهِمْ.
- أُخَلِّصُكُمْ.
- أَتَّخِذُكُمْ لِي شَعْبًا.
- أَكُونُ لَكُمْ إِلَهًا.
- أُدْخِلُكُمْ إِلَى ٱلْأَرْضِ.
- أُعْطِيَكُمْ إِيَّاهَا مِيرَاثًا.
- “إنَّ كُلًّا من هذه الأفعال لَهِيَ بصيغة الماضي العبريّ (أي، الـمُكتمِل) بدلًا من صيغة الـمُستقبَل، ذلك لأنَّ الله كان واثِقًا بإتمامها لِدرجة النَّظَرِ إليها وكأنَّها قد حصلَت بالفعل.” كايزر (Kaiser)
- هُناك تباينٌ شديد بين عبارات أَنَا أُريد و الأفعال الخمسَة الأخيرة وعبارات إبليس في سفر إشعياء ١٣:١٤-١٥. إنَّ الفرق الكبير لَظاهِرٌ في أنَّ إبليس ليس قادِرًا على تتميم أيٍّ من وعودِهِ. فالله أكثر من قادِرٍ على تتميمِ كلِّ وعدٍ من وعودِه.
- كانت هذه الوعود مجيدة وبنفس القدَر لِجهَّةِ تطبيقها الرُّوحيّ بالنِّسبة إلى المؤمنين اليوم:
- وَأُدْخِلُكُمْ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي رَفَعْتُ يَدِي أَنْ أُعْطِيَهَا لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ: لأوَّلِ مرَّةٍ وبصراحة، كان موسى على وشكِ بأن يُخبِرَ إسرائيل بوعدِ الله الختاميّ – ليس فقط لأن يُخلِّصَهُم من العبوديَّة في مصرَ، بل أيضًا لكي يُعطيهم تلك الأرض الموعودَة للآباء.
- وَأُدْخِلُكُمْ: “إنَّه لَخَلاصٌ عظيم؛ لكنَّه لا يُقارَن بما عَمِلَه المسيح من أجلِنا لِيُعتِقنا من سطوة الخطيَّة وهَول الجحيم.” ترَاب (Trapp)
- أَنَا ٱلرَّبُّ: بهذا، لقد أنهَى الله الوعد بتذكيرهِ باسمِ صانعِ العهد ومُتَمِّمهِ.
د ) الآية (٩): ردَّةُ فعلِ بَني إسرائيل.
٩فَكَلَّمَ مُوسَى هَكَذَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَكِنْ لَمْ يَسْمَعُوا لِمُوسَى مِنْ صِغَرِ ٱلنَّفْسِ، وَمِنَ ٱلْعُبُودِيَّةِ ٱلْقَاسِيَةِ.
- وَلَكِنْ لَمْ يَسْمَعُوا لِمُوسَى: بعدما تكلَّم موسى، بما أملَى الله عليهِ، كان لا يزال بَنو إسرائيل مُلتصقين بعدم إيمانهم الـمُزري. لَرُبَّما قالوا بأنَّهم لَم يشكُّوا البتَّةَ بالله، بل برَسُولِهِ – موسى.
- مِنْ صِغَرِ ٱلنَّفْسِ، وَمِنَ ٱلْعُبُودِيَّةِ ٱلْقَاسِيَةِ: لقد شكَّك الإسرائيليُّون بالله ورَسُولِهِ لهذا السَّبب بالذَّات. فقد جعلت منهم تلك القرون من العبوديَّة أُناسًا يُفكِّرون بالأسرِ والعبوديَّة بدلًا من أُناسٍ في العهد. لقد كان فرعون، بنظرهم، أعظمَ ممَّا كان الله.
- مِنْ صِغَرِ ٱلنَّفْسِ: “تُترجِم النَّسخة الجديدة للكتاب المقدَّس (NIV) بشكلٍ ضعيف هذه الكلِمات على الشَّكلِ التَّالي: ’إحباطَهم؛‘ لكنَّ الضَّغط الدَّاخليّ هو ما سبَّب بهذا الكَرب أو بهذه الـمُعاناة العميقة التي منعتهم من التَّنفُّسِ بسهولَة – كالأولاد الـمُنتحبين الَّذين يُحاوِلون التقاط أنفاسِهم.” كايزر (Kaiser)
- يجد الكثيرُ من المسيحيِّين أنفُسَهُم في ذات المكان. يجدون صعوبةً بأن يثقوا بالله أو يؤمنوا بأنَّه يقفُ إلى جانبهم. من أجل ذلك يقول بولس، “فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ ٱللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ ٱللهِ، عِبَادَتَكُمُ ٱلْعَقْلِيَّةَ . وَلَا تُشَاكِلُوا هَذَا ٱلدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ ٱللهِ: ٱلصَّالِحَةُ ٱلْمَرْضِيَّةُ ٱلْكَامِلَةُ” (رومية ١:١٢-٢). لقد كان بَنو إسرائيل بحاجةٍ إلى إعادَة تشكيل أذهانِهم، كما نحتاج نحن أيضًا لذلك.
- يُظهِر سفر حزقيال ٥:٢٠-٩ لماذا كان الله صغيرًا إلى هذه الدَّرجة وفرعون كان كبيرًا في قلب إسرائيل خلال هذه الفترة. يشرح حزقيال بأنَّهم وثِقوا بآلهةِ ظالِميهم ومُستعبديهم، عابدين آلِهةَ المصريِّين. لذلك لَم يثِقوا بالله ولا بِرَسُولِهِ موسى. ولَرُبَّما كان السَّبب الَّذي جعل الله ألَّا يدينَهُم في ذلك الوقت هو عدم رغبتهِ بتدنيس اسمِهِ بين الأُمَم.
هـ) الآيات (١٠-١٣): يطلُب الله من موسى الإلتزام بِخُطَّتهِ.
١٠ثُمَّ كَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: ١١«اُدْخُلْ قُلْ لِفِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ أَنْ يُطْلِقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِهِ». ١٢فَتَكَلَّمَ مُوسَى أَمَامَ ٱلرَّبِّ قَائِلًا: «هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَسْمَعُوا لِي، فَكَيْفَ يَسْمَعُنِي فِرْعَوْنُ وَأَنَا أَغْلَفُ ٱلشَّفَتَيْنِ؟» ١٣فَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ، وَأَوْصَى مَعَهُمَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَإِلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ فِي إِخْرَاجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.
- فَكَيْفَ يَسْمَعُنِي فِرْعَوْنُ: أخبرَ الله موسى بضرورة تكرار ما قام به سابقًا ولكن من دون نتيجةٍ تُذكَر (خروج ١:٥-٢). لقد أحسَّ موسى بأنَّ هذه الـمُقارَبة ليس منطقيًّا تَكَرارُها. فقد فشِل هذا الأُسلوب في إقناع شعبِ إسرائيل؛ لقد بدا وكأنَّ هذا الأمرَ لَن يُجدي نفعًا مع فرعون.
- نُلاحِظ الأرضيَّة لإحباطِ موسى: وَأَنَا أَغْلَفُ ٱلشَّفَتَيْنِ؟ لقد اعترضَ سابقًا بسببِ اعتقادِه بأنَّه غيرُ فصيحٍ في الكلام (خروج ١٠:٤). أمَّا الآن فقد اعترضَ لأنَّه كان يعتقِدُ بأنَّه غيرُ مُستحقٍّ لهذه الـمَهمَّة. “لقد وُلِدَ هذ العجزُ، بمعنًى ما، ليس من عدم فصاحتهِ، بل من قذارتهِ.” مورجان (Morgan)
- فَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ، وَأَوْصَى: لقد أرادَ الله من موسى بأن يكونَ مُصرًّا في طاعتهِ؛ لا أن ينظُرَ إلى فرعَون، ولا إلى بَني إسرائيل، ولا حتَّى نفسَهُ – بل أن ينظُرَ إلى الله وإلى الله وحدَهُ.
- لقد أرادَ موسى بأن يتخلَّى عن مَهمَّتِهِ بعد أوَّلِ نكسَةٍ. فقد كان على الله أن يعمَل الكثير في قلبِهِ قبل أن يُصبِحَ موسى مُستعدًّا للتَّعامُلِ مع كلِّ الإحباط الَّذي ينتظِرَهُ خلالَ قيادته إسرائيل باتِّجاهِ أرضِ الموعِد.
- كان الله يبني قُدرةَ احتمالٍ في موسى، تلك القُدرة التي تُساعِدُ في الإلتصاقِ بِخُطَّةِ الله حتَّى ولَو لَم تكُن تبدو وكأنَّها تعمَل. هذا هو الإيمان؛ فهذا هو الإحتمال الصَّبُور في الرَّبِّ.
- وَأَوْصَى مَعَهُمَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَإِلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ: كان على موسى أن يفهَمَ بأنَ هذه كانت مشيئة الله، وليست مُجرَّد اقتراحاتٍ لإسرائيل وفرعون. كانت هذه وصيَّتَهُ الإلهيَّة التي يجب أن تُتَمَّم، بطريقةٍ أو بأُخرَى.
ثانيًا. سَلاسِل أنساب أبناء يعقوب الثَّلاثة الأُوَل: رأوبين وشمعون ولاوي
“لِنَدوس برِقَّةٍ هُنا! فهذه مساحةُ دَفنٍ خاصَّة، وآخِرُ مكانٍ للرَّاحة لِمؤسِّسيّ تلك العائلة التي يدينُ إليها كلُّ العالَم بسبب تقديمها لِخِدمَةٍ لا تُثمَّن.” ف. ب. ماير (F.B. Meyer)
أ ) الآيات (١٤-١٥): الـمُنحَدِرون الـمُباشِرون لِرأوبين وشمعون.
١٤هَؤُلَاءِ رُؤَسَاءُ بُيُوتِ آبَائِهِمْ: بَنُو رَأُوبَيْنَ بِكْرِ إِسْرَائِيلَ: حَنُوكُ وَفَلُّو وَحَصْرُونُ وَكَرْمِي. هَذِهِ عَشَائِرُ رَأُوبَيْنَ. ١٥وَبَنُو شِمْعُونَ: يَمُوئِيلُ وَيَامِينُ وَأُوهَدُ وَيَاكِينُ وَصُوحَرُ وَشَأُولُ ٱبْنُ ٱلْكَنْعَانِيَّةِ. هَذِهِ عَشَائِرُ شِمْعُونَ.
ب) الآيات (١٦-١٩): العائلاتُ الأساسيَّة الـمُنحدِرَة من لاوي.
١٦وَهَذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي لَاوِي بِحَسَبِ مَوَالِيدِهِمْ: جِرْشُونُ وَقَهَاتُ وَمَرَارِي. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ لَاوِي مِئَةً وَسَبْعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً. ١٧اِبْنَا جِرْشُونَ: لِبْنِي وَشِمْعِي بِحَسَبِ عَشَائِرِهِمَا. ١٨وَبَنُو قَهَاتَ: عَمْرَامُ وَيِصْهَارُ وَحَبْرُونُ وَعُزِّيئِيلُ. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ قَهَاتَ مِئَةً وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً. ١٩وَٱبْنَا مَرَارِي: مَحْلِي وَمُوشِي. هَذِهِ عَشَائِرُ ٱللَّاوِيِّينَ بِحَسَبِ مَوَالِيدِهِمْ.
- وَهَذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي لَاوِي بِحَسَبِ مَوَالِيدِهِمْ: في سِبطِ لاوي، كانت هُناك ثلاثُ عائلاتٍ أساسيَّة – جِرْشُونُ وَقَهَاتُ وَمَرَارِي. كان لِكلُّ واحِدَةٍ من هذه العائلات وظائِفَ مُحدَّدة في خدمة الرَّبِّ وخيمة الإجتماع.
ج) الآيات (٢٠-٢٧): كيف تحدَّر موسى وهارون من عَمْرَام، أحدُ أبناءِ قَهَات.
٢٠وَأَخَذَ عَمْرَامُ يُوكَابَدَ عَمَّتَهُ زَوْجَةً لَهُ. فَوَلَدَتْ لَهُ هَارُونَ وَمُوسَى. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ عَمْرَامَ مِئَةً وَسَبْعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً. ٢١وَبَنُو يِصْهَارَ: قُورَحُ وَنَافَجُ وَذِكْرِي. ٢٢وَبَنُو عُزِّيئِيلَ: مِيشَائِيلُ وَأَلْصَافَانُ وَسِتْرِي. ٢٣وَأَخَذَ هَارُونُ أَلِيشَابَعَ بِنْتَ عَمِّينَادَابَ أُخْتَ نَحْشُونَ زَوْجَةً لَهُ، فَوَلَدَتْ لَهُ نَادَابَ وَأَبِيهُوَ وَأَلِعَازَارَ وَإِيثَامَارَ. ٢٤وَبَنُو قُورَحَ: أَسِّيرُ وَأَلْقَانَةُ وَأَبِيَأَسَافُ. هَذِهِ عَشَائِرُ ٱلْقُورَحِيِّينَ. ٢٥وَأَلِعَازَارُ بْنُ هَارُونَ أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ بَنَاتِ فُوطِيئِيلَ زَوْجَةً، فَوَلَدَتْ لَهُ فِينَحَاسَ. هَؤُلَاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ آبَاءِ ٱللَّاوِيِّينَ بِحَسَبِ عَشَائِرِهِمْ. ٢٦هَذَانِ هُمَا هَارُونُ وَمُوسَى ٱللَّذَانِ قَالَ ٱلرَّبُّ لَهُمَا: «أَخْرِجَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ» بِحَسَبِ أَجْنَادِهِمْ. ٢٧هُمَا ٱللَّذَانِ كَلَّمَا فِرْعَوْنَ مَلِكَ مِصْرَ فِي إِخْرَاجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ. هَذَانِ هُمَا مُوسَى وَهَارُونُ.
- فَوَلَدَتْ لَهُ هَارُونَ وَمُوسَى: تُشيرُ هذه الفقَرَة ليس إلى أجدادِ موسى وهارون فحسب، بل أيضًا إلى بعضٍ من أنسال هارون. فأبناؤه الـمُدوَّنة أسماؤهم هُنا هُم: نَادَاب وَأَبِيهُو وَأَلِعَازَار وَإِيثَامَار؛ بالإضافةِ إلى حفيدِهِ من أَلِعَازَار الَّذي كان اسمُهُ فِينَحَاس.
- إنَّ هذا القِسمَ لَهامٌّ نظَرًا لانبثاقِ الكهنوت من عائلة هارون وتوارُثِها عبر الأجيال الـمُنحدِرَة منها. لذلك، من الـمُهمِّ بمكانٍ ما أن نعرِفَ بالضَّبط من هُم الـمُتحدِّرون منها.
- وَبَنُو قُورَحَ: (أبناءُ عَمِّ موسى وهارون، فقد كان أبوهُم قُورَح عَمَّ موسى) سيلعَب هؤلاء أيضًا جزءًا هامًّا من الأحداث قبل وصولِ إسرائيل إلى أرضِ الموعِد (الآية ١٦).
د ) الآيات (٢٨-٣٠): يعترِضُ موسى مُجدَّدًا.
٢٨وَكَانَ يَوْمَ كَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى فِي أَرْضِ مِصْرَ ٢٩أَنَّ ٱلرَّبَّ كَلَّمَهُ قَائِلًا: «أَنَا ٱلرَّبُّ. كَلِّمْ فِرْعَوْنَ مَلِكَ مِصْرَ بِكُلِّ مَا أَنَا أُكَلِّمُكَ بِهِ». ٣٠فَقَالَ مُوسَى أَمَامَ ٱلرَّبِّ: «هَا أَنَا أَغْلَفُ ٱلشَّفَتَيْنِ. فَكَيْفَ يَسْمَعُ لِي فِرْعَوْنُ؟».
- كَلِّمْ فِرْعَوْنَ مَلِكَ مِصْرَ بِكُلِّ مَا أَنَا أُكَلِّمُكَ بِهِ: لقد أوصَى الله موسى في وقتٍ سابِقٍ بأن يتكلَّم إلى فرعون. فبعدَ الإختبار الأوَّل الـمُخيِّب للآمال، تردَّد موسى الآن في طاعتهِ.
- هَا أَنَا أَغْلَفُ ٱلشَّفَتَيْنِ: قد تُشيرُ هذه إلى فكرةِ بأنَّ موسى كان يُعاني من مشكِلَةٍ في النُّطقِ، أو إلى فَهمِهِ بأنَّه كان إنسانًا خاطِئًا، ومن أجلِ ذلك شعرَ بعدم استحقاقِهِ لاستخدامِهِ.
- قد تكون مشاعِر موسى شبيهة بمشاعِر إشعياء، الـمُدوَّنة لاحِقًا في سفر إشعياء ١:٦-٨. لقد عرفَ إشعياء بأنَّه كان خاطِئًا في حضرة الله وأحسَّ بأنَّ محوَرَ خطيَّتهِ لَهُوَ في شفَتَيهِ – كَالتَّكلُّم أن التَّواصُل اللَّغويّ بطريقةٍ لَم تُمجِّد الله. يستطيع الله أن يتعامَلَ مع شفتَي إشعياء النَّجِسَتَين، وكان أكثرَ من قادِرٍ على التَّعامُل مع غلَفِ شفَتَي موسى. كما وكان الله قادِرًا بشكلٍ كاملٍ على التَّعامُل مع تلك الأُمور والأشياء التي في حياتنا – حقيقيَّة أم وهميَّة – والتي يُمكِنها أن تُعيقَ استخدَامَنا من قِبَل الله.