خروج ٢٩
تقديس الكهنة
أولًا. التَّحضير للتَّقديس.
أ ) الآية (١أ): الهدفُ من الإحتفال.
١ «وَهَذَا مَا تَصْنَعُهُ لَهُمْ لِتَقْدِيسِهِمْ لِيَكْهَنُوا لِي:
١. وَهَذَا مَا تَصْنَعُهُ لَهُمْ: كانت هذه هي فقط التَّعليمات للإحتفال، الَّذي احتُفِلَ بمراسيمهِ في لاويِّين ٨.
٢. لِتَقْدِيسِهِمْ لِيَكْهَنُوا لِي: لقد كان الهدفُ من الإحتفال تَقدِيسَهُم – أي لِفَرز الكهنة جانِبًا من أجلِ قصدِ الله.
ب) الآيات (١ب-٣): المواد الـمُحتاجة للتَّقديس.
خُذْ ثَوْرًا وَاحِدًا ٱبْنَ بَقَرٍ، وَكَبْشَيْنِ صَحِيحَيْنِ، ٢ وَخُبْزَ فَطِيرٍ، وَأَقْرَاصَ فَطِيرٍ مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ، وَرُقَاقَ فَطِيرٍ مَدْهُونَةً بِزَيْتٍ. مِنْ دَقِيقِ حِنْطَةٍ تَصْنَعُهَا. ٣ وَتَجْعَلُهَا فِي سَلَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَتُقَدِّمُهَا فِي ٱلسَّلَّةِ مَعَ ٱلثَّوْرِ وَٱلْكَبْشَيْنِ.
١. خُذْ ثَوْرًا وَاحِدًا ٱبْنَ بَقَرٍ، وَكَبْشَيْنِ صَحِيحَيْنِ: لقد تطلَّب الإحتفال أو الطَّقسُ للتَّقديس، وجودَ حيواناتٍ للذَّبيحة. فالتَّقديس لَن يحصَل من دونِ سفكِ دَمِ الذَّبيحة.
٢. وَخُبْزَ فَطِيرٍ، وَأَقْرَاصَ فَطِيرٍ: لقد تطلَّب الإحتفال أو الطَّقسُ للتَّقديس خبزًا للشَّرِكة مع الله. فالتَّقديس لَن يحصَل من دونِ شركةٍ حقيقيَّة مع الله.
ج) الآية (٤): الغسيل.
٤ «وَتُقَدِّمُ هَارُونَ وَبَنِيهِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ وَتَغْسِلُهُمْ بِمَاءٍ.
١. هَارُونَ وَبَنِيهِ: لَم يكُن هذا احتفالًا لأيِّ شخصٍ في إسرائيل. لقد كان هُناك احتفالاتُ تقديسٍ خاصَّة مُتاحَة لأيٍّ كان – مثل عهدِ النَّذير في سفر العدد ٦. لكنَّ الإحتفال المذكور هُنا، والـمُقام في لاويِّين ٨، هو من أجلِ الكهنة، من أجلِ هَارُونَ وَبَنِيهِ.
٢. وَتُقَدِّمُ … إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ: لَم تُقَم مراسيم التَّقديس هذه في داخل خيمة الإجتماع. لقد حصلت في الخارج، عند بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ. لقد كان شيئًا يستطيع الآخَرون أن ينظروا إليه.
٣. وَتَغْسِلُهُمْ بِمَاءٍ: بدأت عمليَّةُ التَّقديس بالتَّغسيل. فجميعُ الخُدَّام الكهنة بدأوا بالتَّغسيل، وهذا التَّغسيل قد أُخِذ: وَتَغْسِلُهُمْ بِمَاءٍ. لَم يغسِل هارون وبَنيهِ أنفسَهُم؛ لقد حصلوا على التَّغسيل.
لقد كان هذا الأمرُ مبعَثًا للتَّواضُع، ذلك لأنَّه حصل بشكلٍ علَنيّ عند بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ. لا يُمكِنُنا أن نغتسِل من خطايانا من دون أن نتواضَعَ أوَّلًا.
كان هذا الإغتسالُ العظيم لِمرَّةٍ واحِدَة. ومنذ ذلك الحين، كان عليهم فقط غَسْلَ أيديهم وأرجُلِهم.
مثلُ هؤلاء الكهنة القُدماء، كلُّ مسيحيٍّ يجب أن يُغسَلَ بعملِ كلمة الله (أفسس ٢٦:٥)، وبإعادة إحياء عمل الرُّوح القدس (تيطس ٥:٣). لقد تُمِّم عمل الغَسْلِ هذا في موت يسوع من أجلِنا (رؤيا ٥:١) وخُصِّصَ بالإيمان.
د ) الآيات (٥-٩): اللِّباس والمسحَة.
٥ وَتَأْخُذُ ٱلثِّيَابَ وَتُلْبِسُ هَارُونَ ٱلْقَمِيصَ وَجُبَّةَ ٱلرِّدَاءِ وَٱلرِّدَاءَ وَٱلصُّدْرَةَ، وَتَشُدُّهُ بِزُنَّارِ ٱلرِّدَاءِ، ٦ وَتَضَعُ ٱلْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ، وَتَجْعَلُ ٱلْإِكْلِيلَ ٱلْمُقَدَّسَ عَلَى ٱلْعِمَامَةِ، ٧ وَتَأْخُذُ دُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ وَتَسْكُبُهُ عَلَى رَأْسِهِ وَتَمْسَحُهُ .٨ وَتُقَدِّمُ بَنِيهِ وَتُلْبِسُهُمْ أَقْمِصَةً .٩ وَتُنَطِّقُهُمْ بِمَنَاطِقَ، هَارُونَ وَبَنِيهِ، وَتَشُدُّ لَهُمْ قَلَانِسَ. فَيَكُونُ لَهُمْ كَهَنُوتٌ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً. وَتَمْلَأُ يَدَ هَارُونَ وَأَيْدِيَ بَنِيهِ.
١. وَتَأْخُذُ ٱلثِّيَابَ وَتُلْبِسُ هَارُونَ ٱلْقَمِيصَ: بعد التَّغسيل، يجب إلباسُ الكاهن – ولكن ليس ثيابَهُ الخاصَّة. يجب عليهِ أن يضعَ رداءً مُعطًى من الله.
كَهؤلاء الكهنة القُدماء، فإنَّ كُلَّ مُؤمنٍ يلبَسُ في يسوع المسيح وفي برِّهِ (رؤيا ٥:٣). فهذه هي الثِّياب التي تُعطى مجَّانًا من يسوع، لكنَّها تُؤخَذ و ’تُلبَس‘ بالإيمان.
“لاحِظ، لقد أُعطِيَت هذه الثِّياب لهم. فَهُم لَم يدفعوا أيَّ ثمنٍ لشرائها، ولا تعبوا في خياطتها، ولا حِرَفيَّة في صُنعها؛ فقط يجب أن يلبسوها ببساطةٍ. وأنتَ، أيُّها الإبن العزيز لله، يجب أن تضع اللِّباس الَّذي أعطاك إيَّاهُ يسوع المسيح، والَّذي دفع ثمنَهُ، ويُعطيك إيَّاه بالمجَّان نابعًا من محبَّتهِ غير المحدودة.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. وَتَأْخُذُ دُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ وَتَسْكُبُهُ عَلَى رَأْسِهِ وَتَمْسَحُهُ: يجب على الكهنة بأن يُمسَحوا. لقد سُكِب الزَّيت (صورةٌ عن الرُّوح القدس) على رؤوسهم، مُشيرًا بذلك إلى أنَّه قد أُعطِيَ كيلًا مُلبَّدًا بوِفرة، وليس بالشحِّ (مزمور ٢:١٣٣).
كهؤلاء الكهنة القُدماء، لكلِّ مُؤمنٍ مسحة (١ يوحنَّا ٢٠:٢) لكي يستطيع الأخذ والسُّلوك فيها بالإيمان.
هـ) الآيات (١٠-١٤): ذبيحةُ الخطيَّة.
١٠ «وَتُقَدِّمُ ٱلثَّوْرَ إِلَى قُدَّامِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ، فَيَضَعُ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلثَّوْرِ .١١ فَتَذْبَحُ ٱلثَّوْرَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ عِنْدَ بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ. ١٢ وَتَأْخُذُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَتَجْعَلُهُ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ بِإِصْبِعِكَ، وَسَائِرَ ٱلدَّمِ تَصُبُّهُ إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ .١٣ وَتَأْخُذُ كُلَّ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي يُغَشِّي ٱلْجَوْفَ، وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي عَلَيْهِمَا، وَتُوقِدُهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ .١٤ وَأَمَّا لَحْمُ ٱلثَّوْرِ وَجِلْدُهُ وَفَرْثُهُ فَتَحْرِقُهَا بِنَارٍ خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ. هُوَ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ.
١. فَيَضَعُ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلثَّوْرِ: لقد كان الإغتسال عند مدخل خيمة الإجتماع، جانِبًا واحِدًا للإغتسال الرَّمزيّ من الخطيَّة. كان لا بُدَّ من عقوبةٍ للمُذنِب، وقد تمَّ هذا الأمرُ بالفعل. كما وضعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلثَّوْرِ، فَهُم رمزيًّا نقلوا خطاياهُم إلى الثَّور.
“تعني الكلِمة العبريَّة أكثر من وَضْعِ اليد بخِفَّة، إنَّها تترك انطباعًا بالضَّغط بِشدَّة على رأس الثَّور. لقد تقدَّم كُلُّ واحِدٍ وانحنى أمام الضَّحيَّة، مُحمِّلًا إيَّاهُ حِملَهُ، مُؤكِّدًا قَبولَه كتعويضٍ، وفرَحهُ بأنَّ الرَّبَّ يقبل الضَّحيَّة بدلًا عنهُ. عندما وضعوا أيديهم على رأس الثَّور، اعترف هارون وبنوهُ بخطيَّتهم.” سبيرجن (Spurgeon)
كَهؤلاء الكهنة القُدماء، إنَّ كُلَّ مُؤمنٍ يجب أن يتقدَّس أمام الله من خلال الذَّبيحة. إنَّ تقديسنا لَهُوَ أعظَم، ذلك لأنَّهُ مصنوعٌ بذبيحةٍ أعظَمَ بكثير – ذبيحةُ ابنِ الله الوحيد.
٢. وَتَأْخُذُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَتَجْعَلُهُ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ بِإِصْبِعِكَ: لقد قُدِّس المذبح بدماء ذبيحةِ الخطيَّة، والأفضل من الحيوان قد أُوقِدَ أمام الرَّبِّ – والباقي أُحرِق خارج المحلَّة. وكأنَّ ذبيحة الخطيَّة تقول: “لقد فشلنا في إعطاءِ الأفضل لله. فهذا الحيوان سيقدِّمُ الأفضل من أجلِ مغفرة فشلنا، وعلينا أن نُقرِّر الآن بأن نعيشَ بتقديمنا الأفضَل، حتَّى ولَو مات هذا الحيوانُ مكاننا.”
إنَّ الفكرة وراء الكلِمة العبريَّة الـمُستخدَمَة لِـ المذبَح هي بشكلٍ أساسيّ، ’مكانُ القَتل.‘ فالمذبح القديم – مكانُ الموت – قد قُدِّسَ وأُفرِزَ لله. وكالمذبَح القديم، فمذبَحُ العهد الجديد – الصَّليب – قد تحوَّل من مكانٍ للموت إلى مكانٍ مفروز من أجلِ إعطاء الحياة.
و ) الآيات (١٥-١٨): مُحرِقةٌ للرَّبِّ.
١٥ «وَتَأْخُذُ ٱلْكَبْشَ ٱلْوَاحِدَ، فَيَضَعُ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلْكَبْشِ .١٦ فَتَذْبَحُ ٱلْكَبْشَ وَتَأْخُذُ دَمَهُ وَتَرُشُّهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ .١٧ وَتَقْطَعُ ٱلْكَبْشَ إِلَى قِطَعِهِ، وَتَغْسِلُ جَوْفَهُ وَأَكَارِعَهُ وَتَجْعَلُهَا عَلَى قِطَعِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ، ١٨ وَتُوقِدُ كُلَّ ٱلْكَبْشِ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. هُوَ مُحْرَقَةٌ لِلرَّبِّ. رَائِحَةُ سَرُورٍ، وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ.
١. فَيَضَعُ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلْكَبْشِ .فَتَذْبَحُ ٱلْكَبْشَ: كما كانت ذبيحة الخطيَّة قبلَها، فإنَّ تقدمةَ الـمُحرِقة أيضًا وبشكلٍ رمزيٍّ، قد أُخِذت خطايا الكهنة بينما وضعوا أيديهم على رأس الحيوان واعترفوا بخطاياهُم.
٢. وَتُوقِدُ كُلَّ ٱلْكَبْشِ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ: لقد أُوقِدَ الكَبْش بأكمله أمام الرَّبِّ، مع دَمهِ الَّذي رُشَّ على المذبَح. وكأنَّ تقدمة الـمُحرقة تقول: “لقد فشلنا في تقديم ذواتنا بالكامِل إلى الله. فهذا الحيوان الآن يُعطي الكُلَّ للتَّكفير عن فشلنا. علينا أن نُصمِّم بأن نعيش مُعطين الكُلَّ، تمامًا مثل هذا الحيوان الَّذي يموت عوضًا عنَّا.”
ثانيًا. تقدِمةُ التَّقديس.
أ ) الآيات (١٩-٢١): تطبيق الدَّم.
١٩ «وَتَأْخُذُ ٱلْكَبْشَ ٱلثَّانِي، فَيَضَعُ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلْكَبْشِ .٢٠ فَتَذْبَحُ ٱلْكَبْشَ وَتَأْخُذُ مِنْ دَمِهِ وَتَجْعَلُ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ، وَعَلَى شَحْمِ آذَانِ بَنِيهِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَيْدِيهِمِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَرْجُلِهِمِ ٱلْيُمْنَى. وَتَرُشُّ ٱلدَّمَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ .٢١ وَتَأْخُذُ مِنَ ٱلدَّمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْمَذْبَحِ وَمِنْ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ، وَتَنْضِحُ عَلَى هَارُونَ وَثِيَابِهِ، وَعَلَى بَنِيهِ وَثِيَابِ بَنِيهِ مَعَهُ، فَيَتَقَدَّسُ هُوَ وَثِيَابُهُ وَبَنُوهُ وَثِيَابُ بَنِيهِ مَعَهُ.
١. وَتَأْخُذُ ٱلْكَبْشَ ٱلثَّانِي، فَيَضَعُ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلْكَبْشِ: لقد مُورِس التَّكفير عن الخطيَّة بتقدِمَة الخطيَّة وتقدِمَة الـمُحرَقة. مع ذلك، ففي تقديسهم، كان لا يزال على الكهنة التَّعرُّف على الضحيَّة كُقُربان. فَتعرُّفُهم على التَّضحية كان أبعدَ من التَّكفير.
٢. فَتَذْبَحُ ٱلْكَبْشَ وَتَأْخُذُ مِنْ دَمِهِ وَتَجْعَلُ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ: للتَّعبير عن فكرة التَّقديس، أُخِذَ دَمٌ من الكَبْش وجُعِلَ على الأُذُن وإبهام اليد وإبهام الرِّجْل للكاهن. لقد كان الدَّمُ دَمَ الكَبْش – وليس الصُّوف، ولا الشَّحم. لقد أراد الله ’حياة‘ الضَّحيَّة الذَّبيحة من أجلِ خَتْمِ الكهنة الـمُقدَّسين.
يُعتبَر لاويِّين ١١:١٧، واحِدًا من الأعداد التي تُعبِّر عن هذا المبدأ: لِأَنَّ نَفْسَ ٱلْجَسَدِ هِيَ فِي ٱلدَّمِ، فَأَنَا أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ، لِأَنَّ ٱلدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ ٱلنَّفْسِ. يُريد الله حياةَ الضَّحيَّة الذَّبيحة بأن تكون ظاهِرة في جسدِ الكاهِن.
٣. وَعَلَى شَحْمِ آذَانِ بَنِيهِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَيْدِيهِمِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَرْجُلِهِمِ ٱلْيُمْنَى: لقد مُسِحَ هؤلاء الكهنة الـمُقدَّسون بدَم الذَّبيحة. فَهُم سيسمعون بشكلٍ مُختلِف بسبب الدَّمِ على آذانهم. سيعملون بشكلٍ مُختلِف بسبب الدَّمِ على أبَاهِمِ أيديهم. ويجب أن يمشوا بشكلٍ مُختلفٍ بسبب الدَّم على أبَاهِمِ أرجُلِهم.
بشكلٍ خاص، لقد وُضِع على الأُذُن وأبَاهِم اليدَين والرِّجلَين الـيُمنَى. هذا لا يعني بأنَّ الله يسمح لهم بفعلِ ما يشاؤون بآذانهم وأبَاهِم أيديهم وأرجُلِهم الـيُسرى. بل لأنَّ الجانب الأيمَن كان يُعتبَرُ مُتفوِّقًا وأكثرَ قوَّةً وحِرَفيَّة (ذلك لأنَّ مُعظَم النَّاس هُم يمينيُّون). لقد أراد الله بأنَّ الأفضَلَ يُكرَّسُ له.
٤. وَتَأْخُذُ مِنَ ٱلدَّمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْمَذْبَحِ وَمِنْ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ، وَتَنْضِحُ عَلَى هَارُونَ وَثِيَابِهِ: لَم يكُن الدَّمُ وحدَهُ كافيًا. لقد أرادَ الله بأن يُمزَجَ الدَّمُ مع الدُّهنِ، وبأن يُنضَحَ الخليط على الكهنة. فقد كان هذا مزيجًا من الذَّبيحة والرُّوح (الـمُمثَّلَة بِـ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ).
“نعم، يا إخوتي، يجب أن نعرف المسحة الـمُزدوِجة: دمُ يسوع الَّذي يُطهِّر، ودُهن الرُّوح القدس الَّذي يملأنا بالرَّائحة. من الجيِّد أن نرى كيف أنَّ الإثنَين يمتزجان معًا فَيُصبحان واحدًا … لَهُو خطأٌ رهيبٌ وفادح بأن يُوضَع الدَّمُ والدُّهن في تناقضٍ مع بعضهما الآخَر، يجب أن يُوضَعا معًا.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآيات (٢٢-٢٨): ذبائح سلامة.
٢٢ ثُمَّ تَأْخُذُ مِنَ ٱلْكَبْشِ: ٱلشَّحْمَ وَٱلْإِلْيَةَ وَٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي يُغَشِّي ٱلْجَوْفَ، وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ وَٱلْكُلْيَتَيْنِ، وَٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي عَلَيْهِمَا، وَٱلسَّاقَ ٱلْيُمْنَى. فَإِنَّهُ كَبْشُ مِلْءٍ .٢٣ وَرَغِيفًا وَاحِدًا مِنَ ٱلْخُبْزِ، وَقُرْصًا وَاحِدًا مِنَ ٱلْخُبْزِ بِزَيْتٍ، وَرُقَاقَةً وَاحِدَةً مِنْ سَلَّةِ ٱلْفَطِيرِ ٱلَّتِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ .٢٤ وَتَضَعُ ٱلْجَمِيعَ فِي يَدَيْ هَارُونَ وَفِي أَيْدِي بَنِيهِ، وَتُرَدِّدُهَا تَرْدِيدًا أَمَامَ ٱلرَّبِّ .٢٥ ثُمَّ تَأْخُذُهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ وَتُوقِدُهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ فَوْقَ ٱلْمُحْرَقَةِ رَائِحَةَ سَرُورٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ. ٢٦ «ثُمَّ تَأْخُذُ ٱلْقَصَّ مِنْ كَبْشِ ٱلْمِلْءِ ٱلَّذِي لِهَارُونَ، وَتُرَدِّدُهُ تَرْدِيدًا أَمَامَ ٱلرَّبِّ، فَيَكُونُ لَكَ نَصِيبًا .٢٧ وَتُقَدِّسُ قَصَّ ٱلتَّرْدِيدِ وَسَاقَ ٱلرَّفِيعَةِ ٱلَّذِي رُدِّدَ وَٱلَّذِي رُفِعَ مِنْ كَبْشِ ٱلْمِلْءِ مِمَّا لِهَارُونَ وَلِبَنِيهِ، ٢٨ فَيَكُونَانِ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِأَنَّهُمَا رَفِيعَةٌ. وَيَكُونَانِ رَفِيعَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ ذَبَائِحِ سَلَامَتِهِمْ، رَفِيعَتَهُمْ لِلرَّبِّ.
١. ثُمَّ تَأْخُذُ مِنَ ٱلْكَبْشِ: ٱلشَّحْمَ: هذا هو الكَبشُ الثَّاني الـمُستخدَم في احتفال التَّقديس – فالكَبْشُ الَّذي أُخِذَت دماؤهُ ونُضِحَت به أُذُن وأبَاهِم اليدين والرِّجلَين للكهنة – قد استُخدِمَ كَـ مُحرَقة رائحة سرور و ذبائح سلامة.
٢. وَتُرَدِّدُهَا تَرْدِيدًا أَمَامَ ٱلرَّبِّ … ثُمَّ تَأْخُذُهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ وَتُوقِدُهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ فَوْقَ ٱلْمُحْرَقَةِ رَائِحَةَ سَرُورٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ: إنَّ جزءًا من هذا الكَبشِ الثَّاني – الجزء الأفضَل – قد وُضِع مع رَغِيفٍ وَاحِدٍ مِنَ ٱلْخُبْزِ وَقُرْصٍ وَاحِدٍ مِنَ ٱلْخُبْزِ بِزَيْتٍ وَرُقَاقَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ سَلَّةِ ٱلْفَطِيرِ، ومن ثمَّ أوَّلًا، رُدِّدَ ترديدًا أمام الله في عملٍ استعراضيّ. وثانيًا، تُوقَد هذه الأجزاء فوق المذبَح كتعبيرٍ عن التَّكريس الكامِل.
٣. فَيَكُونُ لَكَ نَصِيبًا: لقد أُعطِيَت بقايا أجزاء اللَّحم من هذ الكَبْش إلى هارون والكهنة الآخَرين، بعدما قُدِّمت هذه الأجزاء أمام الله كَـ مُحرَقة رائحة سرور. ومن ثمَّ طُبِخَت وأُكِلَت من قِبَل الكهنة خلال أيَّام احتفالِ تقديسهم.
الكَبْش الثَّاني – بعدما قُدِّم الكَبْش كَمُحرقة رائحة سرور – طُبِّقت حياتهُ على الكهنة الـمقدَّسين. أوَّلًا، طُبِّقت حياته بتطبيق ونَضحِ الدَّم على الأُذُن وأبَاهِم اليدَين والرِّجلَين للكهنة. وثانيًا، من خلالِ طَقس اللَّحم، طُبِّقت حياته بأخذ الكاهِن الكَبْش لنفسه.
لَم يبدأ الأكلُ قبل عمليَّة التَّقديس. لقد جاءَ بعد التَّغسيل واللِّباس وتكفير الدَّم للكهنة. فالأكلُ يتكلَّم عن علاقةٍ مُستمرَّة للكاهن مع الله. “لا يجب أن يُنسَى هذا التَّمييز؛ فأكلُ الذَّبيحةِ لَم يكُن مقصودًا منه إعطاء الحياة، لأن الإنسان الميِّت لا يستطيع الأكل، بل لضمان استمراريَّة الحياة الموجودة سابقًا. إنَّ النَّظرة المؤمِنة إلى يسوع تجعلك تحيا، لكنَّ الحياة الرُّوحيَّة يجب أن تُطعَمَ وتُدعَّم.” سبيرجن (Spurgeon)
بهذه الطَّريقة، الأكلُ هو صورةٌ جيِّدة عن علاقةٍ صحِّيَّة ومُستمرَّة مع يسوع.
ü الأكلُ هو شخصيّ. لا أحد يستطيع أن يأكلَ عنك، ولا يُمكِن لأحَدٍ بأن يكون على علاقةٍ مع يسوع بالإنابة عنك.
ü الأكلُ هو داخليّ. لا يُفيد التَّواجد بالقرب من الطَّعام أو مَسْحُ الأكلِ من خارج جسمِكَ – يجب أن تتناوله. يجب أن نأخذَ يسوع لأنفسنا داخليًّا، وليس بمُجرَّد طريقةٍ خارجيَّة.
ü الأكلُ هو عمليّ. تُؤخَذ بعض الأدوية بشكلٍ مجهول – فهي تُحقَن تحت الجِلد وتبدأ بالعمَل. فهذه الأدوية يُمكِن تناولها حتَّى خلال النَّوم – لكن لا أحدَ يستطيع أن يأكُل وهو غارِقٌ في النَّوم. يجب أن نأخُذَ يسوع لأنفسنا بشكلٍ فعليّ.
ü الأكلُ ينتُجُ من الشُّعورِ للحاجة ويُولِّدُ شعورًا بالإكتفاء. ستكون لنا علاقة صحِّيَّة مع يسوع عندما نشعرُ بحاجتنا له و نقبلُ الإكتفاء الَّذي تأتي به هذه العلاقة.
ج) الآيات (٢٩-٣٧): أُسبوع التَّقديس.
٢٩ «وَٱلثِّيَابُ ٱلْمُقَدَّسَةُ ٱلَّتِي لِهَارُونَ تَكُونُ لِبَنِيهِ بَعْدَهُ، لِيُمْسَحُوا فِيهَا، وَلِتُمْلَأَ فِيهَا أَيْدِيهِمْ .٣٠ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَلْبَسُهَا ٱلْكَاهِنُ ٱلَّذِي هُوَ عِوَضٌ عَنْهُ مِنْ بَنِيهِ، ٱلَّذِي يَدْخُلُ خَيْمَةَ ٱلِٱجْتِمَاعِ لِيَخْدِمَ فِي ٱلْقُدْسِ. ٣١ «وَأَمَّا كَبْشُ ٱلْمِلْءِ فَتَأْخُذُهُ وَتَطْبُخُ لَحْمَهُ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ .٣٢ فَيَأْكُلُ هَارُونُ وَبَنُوهُ لَحْمَ ٱلْكَبْشِ وَٱلْخُبْزَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّلَّةِ عِنْدَ بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ .٣٣ يَأْكُلُهَا ٱلَّذِينَ كُفِّرَ بِهَا عَنْهُمْ لِمِلْءِ أَيْدِيهِمْ لِتَقْدِيسِهِمْ. وَأَمَّا ٱلْأَجْنَبِيُّ فَلَا يَأْكُلُ لِأَنَّهَا مُقَدَّسَةٌ .٣٤ وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ لَحْمِ ٱلْمِلْءِ أَوْ مِنَ ٱلْخُبْزِ إِلَى ٱلصَّبَاحِ، تُحْرِقُ ٱلْبَاقِيَ بِٱلنَّارِ. لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ مُقَدَّسٌ .٣٥ وَتَصْنَعُ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ هَكَذَا بِحَسَبِ كُلِّ مَا أَمَرْتُكَ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَمْلَأُ أَيْدِيَهُمْ .٣٦ وَتُقَدِّمُ ثَوْرَ خَطِيَّةٍ كُلَّ يَوْمٍ لِأَجْلِ ٱلْكَفَّارَةِ. وَتُطَهِّرُ ٱلْمَذْبَحَ بِتَكْفِيرِكَ عَلَيْهِ، وَتَمْسَحُهُ لِتَقْدِيسِهِ .٣٧ سَبْعَةَ أَيَّامٍ تُكَفِّرُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ وَتُقَدِّسُهُ، فَيَكُونُ ٱلْمَذْبَحُ قُدْسَ أَقْدَاسٍ. كُلُّ مَا مَسَّ ٱلْمَذْبَحَ يَكُونُ مُقَدَّسًا.
١. سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَلْبَسُهَا ٱلْكَاهِنُ ٱلَّذِي هُوَ عِوَضٌ عَنْهُ مِنْ بَنِيهِ: مع الأجيال القادِمة، فالـمُنحدِرون من هارون سيكونون مُؤهَّلين للكهنوت وسيُقدَّسون بنفس الطَّريقة. بالنِّسبة إلى هارون وبَنيهِ، استغرقت عمليَّة التَّقديس سَبْعَةَ أَيَّامٍ.
٢. يَأْكُلُهَا ٱلَّذِينَ كُفِّرَ بِهَا عَنْهُمْ لِمِلْءِ أَيْدِيهِمْ لِتَقْدِيسِهِمْ: نزِلوا بل عاشوا في خيمة الإجتماعِ لِـمُدَّة سَبْعَةِ أَيَّامٍ وأكلوا كَبْشَ التَّقديس وخُبزَ التَّقديس. لَم يكُن احتفالُ التَّقديس سريعًا وسهلًا. لقد استغرق وقتًا وتأمُّلًا ووعيًا مُستدامًا للذَّبيحة والتَّكفير.
“إنَّ الجزء الـمُخصَّص للرَّبِّ قد تمَّ تقديمهُ مع نارٍ على المذبَح، وجزءٌ آخَر قد أكلَه الإنسان في المكان المقدَّس. لقد كانت ذبيحة السَّلامة إعلانًا ظاهِرًا عن الشَّركة التي أُسِّسَت بين الله والإنسان، لذلك أكلوا معًا، مُبتهجين بنفس الذَّبيحة.” سبيرجن (Spurgeon)
“أعرف بعض الأشخاص الصَّالحين الَّذين كانوا مشغولين كثيرًا في خدمات الله، وأنا لَسَعيدٌ جدًّا بأنَّهم يجب أن يكونوا كذلك، لكن كنت أُحذِّرُهُم من العمل دون أن يأكلوا. لقد تخلَّوا عن الإهتمام بأدوات النِّعمة كَأُناسٍ مُستمِعين، ذلك لأنَّ لديهم الكثير لكي يعملوه.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. وَأَمَّا ٱلْأَجْنَبِيُّ فَلَا يَأْكُلُ لِأَنَّهَا مُقَدَّسَةٌ: قليلون منَّا اليوم هُم من سُلالةِ هارون، لكنَّنا نمتلِكُ الحقَّ بأن نأخُذَ ونفرحَ بالتَّقديس الكهنوتيّ هذا وبالعلاقة النَّاتِجة عنه، ليس فقط على أساس الإعلان الصَّريح للعهد الجديد فحسب (١ بطرس ٥:٢ و٩:٢)، بل أيضًا على أساسِ مبادئ العهد القديم.
يقول سفر اللَّاويِّين ١١:٢٢ التَّالي: لَكِنْ إِذَا ٱشْتَرَى كَاهِنٌ أَحَدًا شِرَاءَ فِضَّةٍ، فَهُوَ يَأْكُلُ مِنْهُ، وَٱلْمَوْلُودُ فِي بَيْتِهِ. هُمَا يَأْكُلَانِ مِنْ طَعَامِهِ. بما أنَّ يسوع، كاهِنُنا الأعظَم، قد اشترانا بحياتهِ، يُمكِنُنا أن نأكُلَ ذلك الجزء الكهنوتيّ. ولأنَّنا وُلِدنا ثانيةً كأولادٍ له – مولودين في بيتهِ، عائلة رئيس كهنتنا – يُمكِنُنا أيضًا بأن نأكلَ طعامَهُ ونتمتَّع بالإمتيازات الكهنوتيَّة التي هي لِرَئيس كهنتنا الأعظَم.
٤. وَتُقَدِّمُ ثَوْرَ خَطِيَّةٍ كُلَّ يَوْمٍ لِأَجْلِ ٱلْكَفَّارَةِ: كلُّ يومٍ سيشهدُ على حيوانٍ كبير للذَّبيحة واستخدام دَمهِ من أجل التَّكفير. فهذا الطَّقسُ اليوميّ – لِمُدَّةِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مُتواصِلَة – ذكَّر هارون والكهنة بأنَّ أيَّة ذبيحةٍ حيوانيَّة لَن تُزيل الخطيَّة، بل هي فقط تُؤمِّن غطاءً مُؤقَّتا.
د ) الآيات (٣٨-٤١): التَّقديس الـمُستمر.
٣٨ «وَهَذَا مَا تُقَدِّمُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ: خَرُوفَانِ حَوْلِيَّانِ كُلَّ يَوْمٍ دَائِمًا .٣٩ ٱلْخَرُوفُ ٱلْوَاحِدُ تُقَدِّمُهُ صَبَاحًا، وَٱلْخَرُوفُ ٱلثَّانِي تُقَدِّمُهُ فِي ٱلْعَشِيَّةِ. ٤٠ وَعُشْرٌ مِنْ دَقِيقٍ مَلْتُوتٍ بِرُبْعِ ٱلْهِينِ مِنْ زَيْتِ ٱلرَّضِّ، وَسَكِيبٌ رُبْعُ ٱلْهِينِ مِنَ ٱلْخَمْرِ لِلْخَرُوفِ ٱلْوَاحِدِ .٤١ وَٱلْخَرُوفُ ٱلثَّانِي تُقَدِّمُهُ فِي ٱلْعَشِيَّةِ. مِثْلَ تَقْدِمَةِ ٱلصَّبَاحِ وَسَكِيبِهِ تَصْنَعُ لَهُ. رَائِحَةُ سَرُورٍ، وَقُودٌ لِلرَّبِّ.
١. خَرُوفَانِ … كُلَّ يَوْمٍ دَائِمًا: بعد احتفال التَّقديس، استمرَّ الكهنة بتقديم الذَّبائح اليوميَّة، واحدٌ يُقَدَّمُ صَبَاحًا والآخَر يُقَدَّمُ فِي ٱلْعَشِيَّةِ. لقد قُدِّما في كلَّ يومٍ إلى الله. وهكذا، كان اليوم يبدأ وينتهي بذباح الكفَّارة والتَّقديس.
٢. سَكِيبُ … ٱلْخَمْرِ: لقد كانت هذه خمرًا مُقدَّمةً لله كذبيحة، حيث تُسكَبُ أمامَهُ كإظهارٍ كاملٍ لتفريغ الذَّات لله.
لقد استخدَم الرَّسُول بولس مُصطلَح أَنْسَكِبُ أَيْضًا عَلَى ذَبِيحَةِ إِيمَانِكُمْ وَخِدْمَتِهِ للتَّعبيرِ عن تكريسهِ الكامل له، ولَرُبَّما أيضًا استشهادَهُ غير البعيد (فيلبِّي ١٧:٢).
٣. رَائِحَةُ سَرُورٍ، وَقُودٌ لِلرَّبِّ: لقد كانت ذبائحُ رائحةِ السُّرورٍ هذه – والتي تؤكَل بالنَّار بالكامِل – مرضيَّةً أمام الله حيث أنَّه اشتمَّ منها ’رائحةَ رضًى وسرور.‘ يُكرَّم الله ويتمجَّد باستسلامنا الكامِل له.
هـ) الآيات (٤٢-٤٣): لماذا أراد الله الذَّبائح اليوميَّة والتَّقديس الـمُستمر؟
٤٢ مُحْرَقَةٌ دَائِمَةٌ فِي أَجْيَالِكُمْ عِنْدَ بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، حَيْثُ أَجْتَمِعُ بِكُمْ لِأُكَلِّمَكَ هُنَاكَ .٤٣ وَأَجْتَمِعُ هُنَاكَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَيُقَدَّسُ بِمَجْدِي.
١. مُحْرَقَةٌ دَائِمَةٌ فِي أَجْيَالِكُمْ: باستثناءِ أوقات السَّبي والرِّدَّة الوطنيَّة، لقد استمرَّت هذه الذَّبائِح اليوميَّة في إسرائيل إلى حين أيَّام العهد الجديد. يصِف إنجيل لوقا ١ زكريَّا (أبُ يوحنَّا المعمدان) وهو يخدِمُ نوبَتَهُ في خدمة الذَّبيحة الصَّباحيَّة، والتي تطوَّرت إلى ما يُمكِن أن نُسمِّيهِ ’تعهُّداتٌ صباحيَّة‘ لإسرائيل القديمة.
٢. حَيْثُ أَجْتَمِعُ بِكُمْ: يُريدُ الله كهنةً مُقدَّسين وأُمَّةً عابدة، وذلك ليس بسببِ أنَّه أرادَ “قوَّةَ عملٍ مُدرَّبة تدريبًا جيِّدًا.” لقد أرادَ الله كهنةً مُقدَّسين وذبيحةً يوميَّة، ذلك لكي يتمكَّن من أن يجتمِعَ بهم و يتكلَّم إلى شعبهِ.
هذا هو السَّببُ العظيم وراءَ التَّقديس، وذلك بمعنى الإستسلام الكامِل لله. فالأمرُ ليس بالدَّرجة الأُولى وكأنَّ الله يُريدُ عُمَّالًا أفضل له، بل لكي نتمتَّعَ نحنُ بعلاقةٍ أعمَق وأكثر معنًى معه. فإذا كان هذا الأمر غير مُهمٍّ بالنِّسبة إلينا، فلَن نُحفَّزَ بشكلٍ سليمٍ للقداسة الحقيقيَّة.
٣. خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ … فَيُقَدَّسُ بِمَجْدِي: لقد كان حضورُ الله الَّذي بالحقِّ يُخصِّص ويُقدِّس خَيْمَةَ ٱلِٱجْتِمَاعِ والكهنة. فلَم يكُن الأمرُ، إذًا، وكأنَّه بسببِ ما قام به الكهنة. فالَّذي قام بفعلِهِ الكهنة في التَّقديس هو إزالَة العوائق من أمامِ تألُّقِ مجدِ الله.
و ) الآيات (٤٤-٤٦): وأُقدِّس.
٤٤ وَأُقَدِّسُ خَيْمَةَ الِٱجْتِمَاعِ وَٱلْمَذْبَحَ، وَهَارُونُ وَبَنُوهُ أُقَدِّسُهُمْ لِكَيْ يَكْهَنُوا لِي .٤٥ وَأَسْكُنُ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهًا، ٤٦ فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُهُمُ ٱلَّذِي أَخْرَجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِأَسْكُنَ فِي وَسْطِهِمْ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُهُمْ.
١. وَأُقَدِّسُ: لقد كان الله واضِحًا بالكامل بالنِّسبة إلى مَن يقوم بعمل التَّقديس. فنحن مُعرَّضون لأن نُفكِّر بأنَّنا نُقدِّسُ ذواتنا لأنَّنا مُنغمِسون جدًّا في عمليَّة التَّقديس، ولأنَّها تستحوِذُ على الكثير منَّا. مع ذلك، نرى أنَّ الله يعمل العمَل – فما نعملُهُ نحن هو إزالَة العوائق وقضاء المزيد من الوقت في التَّركيز عليهِ.
٢. لِكَيْ يَكْهَنُوا لِي: لقد كان لِهَارون وبَنيهِ خدمةٌ تجاه شعبِ إسرائيل، لكنَّ خدمتَهُم الأُولَى لَهِيَ مُوَجَّهة نحو الرَّبِّ. يُمكِنُهم أن يكونوا ناجحين في الخدمة للنَّاس، لكنَّهم إذا فشِلوا في خدمتهم للرَّبِّ، فستكون خدمتهم قد فشِلَت.
“إنَّ الجزءَ الأفضَل من كلِّ العمَل المسيحيّ هو ذلك الجزء الَّذي يراهُ الله.” أندرو بونار (Andrew Bonar).
٣. فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُهُمُ: لقد وعدَ الله بإظهارِ مجدِهِ من خلال الكهنة الـمُقدَّسين. عندما قام موسى وهارون باحتفالِ التَّقديس هذا، يُخبرنا سفرُ اللَّاويِّين ٢٣:٩-٢٤ عن النَّتيجة: وَدَخَلَ مُوسَى وَهَارُونُ إِلَى خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ، ثُمَّ خَرَجَا وَبَارَكَا ٱلشَّعْبَ، فَتَرَاءَى مَجْدُ ٱلرَّبِّ لِكُلِّ ٱلشَّعْبِ وَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةَ وَٱلشَّحْمَ. فَرَأَى جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ وَهَتَفُوا وَسَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ.
هُنالك ثمنٌ يجب أن يُدفَعَ لِكَونِنا مُستسلمين بالكامِل إلى الله. لقد كان احتفالُ التَّقديس طويلًا ودمويًّا وتطلَّب مُثابرةً لإكمالهِ. مع ذلك، فقد كانت الـمُكافأة أكبرَ بكثيرٍ من الكِلفة – لقد أُظهِرَ بل وتراءى مجدُ الرَّبِّ ليس للكهنةِ فحسب، بل للشَّعب بشكلٍ عام.