خروج ٣٠
مواضيعٌ إضافيَّة مُتعلِّقة بخيمة الإجتماع
أولًا. مذبَح البخُور.
أ ) الآيات (١-٥): كيفيَّة صُنع مذبَح البخُور.
١ «وَتَصْنَعُ مَذْبَحًا لِإِيقَادِ ٱلْبَخُورِ. مِنْ خَشَبِ ٱلسَّنْطِ تَصْنَعُهُ .٢ طُولُهُ ذِرَاعٌ وَعَرْضُهُ ذِرَاعٌ. مُرَبَّعًا يَكُونُ. وَٱرْتِفَاعُهُ ذِرَاعَانِ. مِنْهُ تَكُونُ قُرُونُهُ .٣ وَتُغَشِّيهِ بِذَهَبٍ نَقِيٍّ: سَطْحَهُ وَحِيطَانَهُ حَوَالَيْهِ وَقُرُونَهُ. وَتَصْنَعُ لَهُ إِكْلِيلًا مِنْ ذَهَبٍ حَوَالَيْهِ .٤ وَتَصْنَعُ لَهُ حَلْقَتَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ تَحْتَ إِكْلِيلِهِ عَلَى جَانِبَيْهِ. عَلَى ٱلْجَانِبَيْنِ تَصْنَعُهُمَا، لِتَكُونَا بَيْتَيْنِ لِعَصَوَيْنِ لِحَمْلِهِ بِهِمَا .٥ وَتَصْنَعُ ٱلْعَصَوَيْنِ مِنْ خَشَبِ ٱلسَّنْطِ وَتُغَشِّيهِمَا بِذَهَبٍ.
١. وَتَصْنَعُ مَذْبَحًا لِإِيقَادِ ٱلْبَخُورِ: تمَّت صناعةُ مذبَح البخُور من خشب السَّنطِ مُغشًّى بالذَّهَب. فقد كان ١٨ إنشًا (٠،٥ م) مُربَّعًا و ٣ أقدام (١ م) ارتفاعًا.
٢. وَتَصْنَعُ لَهُ حَلْقَتَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ … لِتَكُونَا بَيْتَيْنِ لِعَصَوَيْنِ لِحَمْلِهِ بِهِمَا: لقد كان مذبَح البخُور يُحمَل بنظامٍ من الحلقات والعُصي، تمامًا كتابوتِ العهد ومائدة خُبزِ الوجوه والمذبَح النُّحاسيّ/البرونزي مع مَشبَكتهِ.
ب) الآيات (٦-١٠): استخدامُ مذبَح البخُور.
٦ وَتَجْعَلُهُ قُدَّامَ ٱلْحِجَابِ ٱلَّذِي أَمَامَ تَابُوتِ ٱلشَّهَادَةِ. قُدَّامَ ٱلْغِطَاءِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلشَّهَادَةِ حَيْثُ أَجْتَمِعُ بِكَ .٧ فَيُوقِدُ عَلَيْهِ هَارُونُ بَخُورًا عَطِرًا كُلَّ صَبَاحٍ، حِينَ يُصْلِحُ ٱلسُّرُجَ يُوقِدُهُ .٨ وَحِينَ يُصْعِدُ هَارُونُ ٱلسُّرُجَ فِي ٱلْعَشِيَّةِ يُوقِدُهُ. بَخُورًا دَائِمًا أَمَامَ ٱلرَّبِّ فِي أَجْيَالِكُمْ .٩ لَا تُصْعِدُوا عَلَيْهِ بَخُورًا غَرِيبًا وَلَا مُحْرَقَةً أَوْ تَقْدِمَةً، وَلَا تَسْكُبُوا عَلَيْهِ سَكِيبًا .١٠ وَيَصْنَعُ هَارُونُ كَفَّارَةً عَلَى قُرُونِهِ مَرَّةً فِي ٱلسَّنَةِ. مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّتِي لِلْكَفَّارَةِ مَرَّةً فِي ٱلسَّنَةِ يَصْنَعُ كَفَّارَةً عَلَيْهِ فِي أَجْيَالِكُمْ. قُدْسُ أَقْدَاسٍ هُوَ لِلرَّبِّ».
١. وَتَجْعَلُهُ قُدَّامَ ٱلْحِجَابِ ٱلَّذِي أَمَامَ تَابُوتِ ٱلشَّهَادَةِ: كان مذبَح البخُور خارجَ الحجاب، في المكان الـمُقدَّس (وليس في قُدسِ الأقداس). لذلك، فقد كان قريبًا جدًّا من تابوت العهد، لكنَّه مع ذلك مفصولًا بالحجاب.
لقد كان في المكان الـمُقدَّس لِخَيمة الإجتماع مع المنارة الذَّهبيَّة ومائدة خُبز الوجوه. “مثَّلَت مائدة خُبز الوجوه الشَّركة مع الله، وتكلَّمت المنارة شهادةً للعالَم، والآن المذبَح الذَّهبيّ يتكلَّم عن تقدِمة العبادة.” مورجان (Morgan)
٢. حَيْثُ أَجْتَمِعُ بِكَ: مَنثورةٌ عبرَ هذا الوصف لِخَيمة الإجتماع وأثاثها، نلْحَظُ تذكيرًا للقصدِ منها. لقد كانت مكانًا لِلقاءِ الإنسان مع الله.
٣. فَيُوقِدُ عَلَيْهِ هَارُونُ بَخُورًا عَطِرًا كُلَّ صَبَاحٍ: وُجِّه هارون (وكهنة آخَرون بعدَهُ) بإيقادِ البخُور على المذبَح كلَّ يومٍ كجزءٍ من أعمالهم الكهنوتيَّة الطَّبيعيَّة، في كلِّ صباحٍ ومساء (وَحِينَ يُصْعِدُ هَارُونُ ٱلسُّرُجَ فِي ٱلْعَشِيَّةِ يُوقِدُهُ).
البخُور هو صورةٌ عن الصَّلاة، بحلاوةِ رائحتهِ وبطريقة صعودهِ إلى السَّماء (… وَجَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُورًا هِيَ صَلَوَاتُ ٱلْقِدِّيسِينَ، بحسب رؤيا ٨:٥). إنَّ الخدمة على مذبَح النُّحاس تُعلِّمُ شعبَ الله بأن يستمرُّوا بالإقترابِ إليهِ في الصَّلاة.
- يَصِف سفر الرُّؤيا ٣:٨-٤ مذبَح البخُور الذَّهبيّ واقِفًا أمام عرش الله: وَجَاءَ مَلَاكٌ آخَرُ وَوَقَفَ عِنْدَ ٱلْمَذْبَحِ، وَمَعَهُ مِبْخَرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَأُعْطِيَ بَخُورًا كَثِيرًا لِكَيْ يُقَدِّمَهُ مَعَ صَلَوَاتِ ٱلْقِدِّيسِينَ جَمِيعِهِمْ عَلَى مَذْبَحِ ٱلذَّهَبِ ٱلَّذِي أَمَامَ ٱلْعَرْشِ .فَصَعِدَ دُخَانُ ٱلْبَخُورِ مَعَ صَلَوَاتِ ٱلْقِدِّيسِينَ مِنْ يَدِ ٱلْمَلَاكِ أَمَامَ ٱللهِ.
٤. لَا تُصْعِدُوا عَلَيْهِ بَخُورًا غَرِيبًا: لَم يكُن مسموحًا للكهنة بتقديم ما يُريدون على مذبَح البخُور. لقد كان البخُور الغريب ممنوعًا.
٥. لَا تُصْعِدُوا عَلَيْهِ بَخُورًا غَرِيبًا وَلَا مُحْرَقَةً أَوْ تَقْدِمَةً، وَلَا تَسْكُبُوا عَلَيْهِ سَكِيبًا: لقد سُمِّيَ مذبَح البخُور، لكن لَم يُسمَح أبدًا بِوَضعِ ذبيحة حيوانٍ أو تقدمة سكيبٍ عليه.
ليست الصَّلاةُ مكانًا لِصُنعِ ذبائح التَّكفير؛ إنَّها مكانٌ للتَّمتُّعِ بذبائح التَّكفير. نحن لا نُخلِّصُ أنفُسَنا بواسطة الصَّلاة؛ نحن نُصلِّي بسبب عمل يسوع الخلاصيّ على الصَّليب.
٦. وَيَصْنَعُ هَارُونُ كَفَّارَةً عَلَى قُرُونِهِ مَرَّةً فِي ٱلسَّنَةِ. مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّتِي لِلْكَفَّارَةِ مَرَّةً فِي ٱلسَّنَةِ يَصْنَعُ كَفَّارَةً عَلَيْهِ: لَم يكُن مذبَح البخُور مكانًا للذَّبيحة، بل مكانًا للدَّم الَّذي يُكفِّر. ففي يوم التَّكفير، كان على هارون أن يمسحَ قرون مذبَح البخُور بالدَّم من ذبيحةٍ تكفيريَّة.
مرَّةً في السَّنة، كانت الكفَّارةُ تُصنَع على قرونِ مذبَح البخُور، لكنَّه كان مكانًا لِتَذكُّر التَّكفير والتَّمتُّع به، وليس لِصُنعِهِ.
يُظهِرُ هذا المبدأ، بأنَّ الصَّلاةَ لا تُكفِّر عن خطايانا، لكن يجب أن تُرفَعَ دائمًا نسبةً إلى دَمِ يسوع الكفَّاريّ. لقد كان يومُ الكفَّارةِ مرَّة واحِدَة في السَّنة، لكن في كلِّ يومٍ عندما كان الكهنة يُقدِّمون صباحًا ومساءً تقدمة البخُور، كانوا يرَون القرون الـمُلطَّخة بالدِّماء فوق المذبَح. فقد كان هذا تذكارًا ثابِتًا لِعَمل الدَّم التَّكفيريّ.
ثانيًا. الفِديَة من أجل التَّعداد.
أ ) الآيات (١١-١٢): أسبابُ الفِديَة.
١١ وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: ١٢ «إِذَا أَخَذْتَ كَمِّيَّةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ ٱلْمَعْدُودِينَ مِنْهُمْ، يُعْطُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِدْيَةَ نَفْسِهِ لِلرَّبِّ عِنْدَمَا تَعُدُّهُمْ، لِئَلَّا يَصِيرَ فِيهِمْ وَبَأٌ عِنْدَمَا تَعُدُّهُمْ.
١. إِذَا أَخَذْتَ كَمِّيَّةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ ٱلْمَعْدُودِينَ مِنْهُمْ: لاحِقًا، في كتاب سفر العدد، سُجِّلَ تعدادان أو إحصاءان هامَّان لِأُمَّة إسرائيل. هُنا، قدَّم الله توجيهًا للقيام بالتَّعداد من دون أن يُضرَبوا بالوباء.
٢. لِئَلَّا يَصِيرَ فِيهِمْ وَبَأٌ عِنْدَمَا تَعُدُّهُمْ: لقد وضع التَّعدادُ إسرائيل تحت رأفةِ الوبَاءِ، ذلك لأنَّ التَّعداد (حسابُ الأرقامِ)، مثَّل العبادَة. تحدَّث هذا ضدَّ مُلكيَّة الله لإسرائيل، ذلك لأنَّه بحسبِ تفكيرهم، كان للإنسان فقط الحقُّ بالتَّعداد أو بِعَدِّ ما يمتلكَهُ. لَم تنتمي إسرائيل إلى إسرائيل؛ إنَّها تنتمي إلى الله. إذًا، يرجع الأمرُ له في طلَبِ التَّعداد.
إذا تمَّ التَّعدادُ بدون الحصولِ على فِديَة، فسيكون التَّعدادُ بمثابة الفكرة التي تُشير إلى أنَّ مَلِكًا أو قائدًا بشريًّا يمتلِك إسرائيل، في الوقت الَّذي فيه الله وحدَه كذلك. لقد كانت هذه مُشكِلَة داود في ٢ صموئيل ١:٢٤-٢٥، حينما أمر بالتَّعداد من دون أن يدفع فِديَة، فضرب الله إسرائيل بالوبأ.
ب) الآيات (١٣-١٦): كيفَ يَتِمُّ التَّعداد مع فِديَة؟
١٣ هَذَا مَا يُعْطِيهِ كُلُّ مَنِ ٱجْتَازَ إِلَى ٱلْمَعْدُودِينَ: نِصْفُ ٱلشَّاقِلِ بِشَاقِلِ ٱلْقُدْسِ. ٱلشَّاقِلُ هُوَ عِشْرُونَ جِيرَةً. نِصْفُ ٱلشَّاقِلِ تَقْدِمَةً لِلرَّبِّ .١٤ كُلُّ مَنِ ٱجْتَازَ إِلَى ٱلْمَعْدُودِينَ مِنِ ٱبْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا يُعْطِي تَقْدِمَةً لِلرَّبِّ .١٥ اَلْغَنِيُّ لَا يُكَثِّرُ وَٱلْفَقِيرُ لَا يُقَلِّلُ عَنْ نِصْفِ ٱلشَّاقِلِ حِينَ تُعْطُونَ تَقْدِمَةَ ٱلرَّبِّ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ .١٦ وَتَأْخُذُ فِضَّةَ ٱلْكَفَّارَةِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَتَجْعَلُهَا لِخِدْمَةِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ. فَتَكُونُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ تَذْكَارًا أَمَامَ ٱلرَّبِّ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ».
١. كُلُّ مَنِ ٱجْتَازَ إِلَى ٱلْمَعْدُودِينَ مِنِ ٱبْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا يُعْطِي تَقْدِمَةً لِلرَّبِّ: كان على التَّعداد أن يشمَلَ كلَّ الَّذين من إبنِ عشرينَ سنةً وما فوق. يبدو وكأنَّ هذا العمر هو سنُّ مرحلةِ البلوغِ في هذا التَّعداد. وكان على كلِّ واحِدٍ أيضًا أن يدفع نفس القيمة المادِّيَّة – نِصْفُ ٱلشَّاقِلِ.
تحدَّثت هذه الفِديَة بكلِّ وضوحٍ: كلُّ واحِدٍ هو مديونُ له؛ كلُّ واحِدٍ هو مُلزَمٌ تجاهَهُ. “لقد أمر الله بأن يدفع كلُّ ذكَرٍ فوق العشرين من عمرهِ نصفَ شاقلٍ كَفِديَة، مُعترِفًا بذلك بأنَّه مُستحقٌّ الموت، وبأنَّه مملوكٌ بسبب دَينِهِ لله، وبأنَّه يجيء بالمبلغ المطلوب كَنَوعٍ من الفداء العظيم الَّذي يُدفَع واحِدًا تِلوَ الآخَر من أجلِ أرواح بَني البشَر.” سبيرجن (Spurgeon)
“لاحِقًا، أصبحَت قيمةُ ’نصف الشَّاقِل‘ ضريبةً سنويَّة للهيكَل (متَّى ٢٤:١٧).” كُول (Cole)
٢. اَلْغَنِيُّ لَا يُكَثِّرُ وَٱلْفَقِيرُ لَا يُقَلِّلُ … حِينَ تُعْطُونَ تَقْدِمَةَ ٱلرَّبِّ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ: لَم يكُن هذا طلَبًا للتَّقدِمة النَّابعة من الإرادَة الحُرَّة، ولا عُشرًا نسبيًّا. لقد كان هذا الأمرُ أشبهَ بضريبةٍ ثابتة، حيث كان يتوجَّبُ على الجميع دَفْعُها بالتَّساوي، أغنياءَ كانوا أم فُقراء – ذلك لأنَّها من أجل صُنعِ التَّكفير. لَم يكُن الأمرُ وكأنَّ المال كان هو التَّكفير، لكنَّه كان يُشيرُ إلى أُولئك الَّذين تمَّ تكفيرهم.
بهذا المعنى، لا نستطيع أن نعتبِر هذا نموذجًا لِعَطائنا في العهد الجديد. يجب أن يكون العطاءُ في العهد الجديد نسبيًّا، بناءً على المبدأ القائل بأنَّه يجب علينا تقديم نسبةٍ ما من بركاتنا (١ كورنثوس ٢:١٦).
بدلًا من كَونها نمَطًا لعطائنا الخاص، لقد كانت هذه الأموال صورةً عن كِلفةِ فدائنا. “لَم يكُن للأغنياء بأن يدفعوا أكثر، ولا للفقراء بأن يدفعوا أقل؛ ذلك يُشدِّدُ على أنَّ جميع الأرواح مُتساوية القيمة في نظر الله، وأن لا فرقَ في الظُّروف الخارجيَّة التي لا يُمكِنُها التَّأثير على وَضْعِ الرُّوح؛ فالجميع أخطأوا، ويجب فداءُ الجميعِ بنفس الثَّمن.” كلارك (Clarke)
“لَم يكُن نصفُ الشَّاقِل بمثابة عطيَّةٍ نابِعة من الإرادَة الحُرَّة. فقد كان اعترافًا بالفداء وعلامةً للتَّكفير، تُصنَع وتُقبَل. هُنا وقفَ الأغنياءُ والفقراءُ ندًّا إلى نَدٍّ في مُساواةٍ كاملَة.” مورجان (Morgan)
بالإضافة إلى ذلك، توجَّب على كلِّ واحِدٍ بأن يدفعَ ثمن فدائهِ. فلا وجودَ لِمَبلغِ مقطوع لِكُلِّ عُضوٍ في العشيرة أو العائلة يُمكِنُهُ بأن يُتمِّم هذا الإلتزام.
٣. وَتَجْعَلُهَا لِخِدْمَةِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ: قُدِّمت الأموالُ من أجلِ خدمة خيمة الإجتماع. لقد كانت الحاجةُ لِكَمِّيَّاتٍ كبيرة من الفضَّة موجودة من أجل بناء خيمة الإجتماع، وبهذه الطَّريقة قد تمَّ تجميعها.
“لا بُدَّ من القول، بأنَّ وزنَ هذه كان أكثر من أربعة أطنانٍ، وقد خُصِّصَت لاستخدامها من أجل خيمة الإجتماع: إنَّ التَّطبيق الخاص لهذا المعدَن الثَّمين هو من أجل صُنعِ تجاويف تُوضَعُ فيها تلك الألواح التي كانت الجدران تتألَّف منها.” سبيرجن (Spurgeon)
ثالثًا. حاجاتٌ أُخرى لِخَيمة الإجتماع.
أ ) الآيات (١٧-٢١): المِرحضَة النُّحاسيَّة.
١٧ وَكَلَّمْ ٱلرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: ١٨ «وَتَصْنَعُ مِرْحَضَةً مِنْ نُحَاسٍ، وَقَاعِدَتَهَا مِنْ نُحَاسٍ، لِلِٱغْتِسَالِ. وَتَجْعَلُهَا بَيْنَ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ وَٱلْمَذْبَحِ، وَتَجْعَلُ فِيهَا مَاءً .١٩ فَيَغْسِلُ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْهَا .٢٠ عِنْدَ دُخُولِهِمْ إِلَى خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ يَغْسِلُونَ بِمَاءٍ لِئَلَّا يَمُوتُوا، أَوْ عِنْدَ ٱقْتِرَابِهِمْ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ لِلْخِدْمَةِ لِيُوقِدُوا وَقُودًا لِلرَّبّ. ٢١ يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ لِئَلَّا يَمُوتُوا. وَيَكُونُ لَهُمْ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً لَهُ وَلِنَسْلِهِ فِي أَجْيَالِهِمْ».
١. وَتَصْنَعُ مِرْحَضَةً مِنْ نُحَاسٍ: لَم تكُن للمِرحضَة النُّحاسيَّة قياساتٌ مُحدَّدة. فقد كانت بشكلٍ أساسيّ بِركةً للإغتسال الإحتفاليّ، موضوعةٌ بين المذبَح النُّحاسيّ وخيمة الإجتماع.
٢. مِرْحَضَةً مِنْ نُحَاسٍ، وَقَاعِدَتَهَا مِنْ نُحَاسٍ: عندما صُنِعَت، تمَّ تجميع معدَن البرونز أو النُّحاس من مرايا نساءِ إسرائيل (خروج ٨:٣٨). لقد كان أمرًا رائعًا بأن يُعطي النَّاس قياس مظهرهم الخارجيّ لأجلِ الإغتسال الَّذي من الله.
٣. وَتَجْعَلُهَا بَيْنَ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ وَٱلْمَذْبَحِ: “وبعد ذلك، وُضِعَت المِرحضَة في باحة الدَّار الخارجيَّة، في مكانٍ ما قبل دخول النَّاس إلى الخيمة نفسِها … لقد كان مُتوجِّبًا على الكهنة الإغتسال بعد تقديم الذَّبيحة وطقسِ الدَّم، لذلك كان لها استخدامٌ عمليٌّ أيضًا.” كُول (Cole)
٤. يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ لِئَلَّا يَمُوتُوا: تتحدَّث المِرحضَة النُّحاسيَّة عن الإغتسال الضَّروريّ لكلِّ واحِدٍ يأتي إلى حضرة الله.
عُبِّرَ عن هذه الفكرة فيما بعدُ في سفر المزامير: مَنْ يَصْعَدُ إِلَى جَبَلِ ٱلرَّبِّ؟ وَمَنْ يَقُومُ فِي مَوْضِعِ قُدْسِهِ؟ اَلطَّاهِرُ ٱلْيَدَيْنِ، وَٱلنَّقِيُّ ٱلْقَلْبِ، ٱلَّذِي لَمْ يَحْمِلْ نَفْسَهُ إِلَى ٱلْبَاطِلِ، وَلَا حَلَفَ كَذِبًا (مزمور ٣:٢٤-٤).
عندما غسلَ يسوع أَرجُلَ التَّلاميذ، قال لهُم: … ٱلَّذِي قَدِ ٱغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَّا إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ (يوحنَّا ١٠:١٣). عندما نأتي إلى يسوع، فنحن نُغتسَل في البداية (١ كورنثوس ١١:٦)، لكن يجب علينا أيضًا أن نستمرَّ بالإغتسال، بشكلٍ مُستمرٍّ، من غُبار ووسَخِ هذا العالَم وذلك بِغَسلِ أرجُلِنا بيسوع.
إنَّ الطَّريقة الـمُهمَّة لِحُدوث هذا الإغتسال هي بواسطة كلِمةِ الله: لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ ٱلْمَاءِ بِٱلْكَلِمَةِ (أفسس ٢٦:٥).
ب) الآيات (٢٢-٣٣): زَيت الـمَسحَة الـمُقدَّس.
٢٢ وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: ٢٣ «وَأَنْتَ تَأْخُذُ لَكَ أَفْخَرَ ٱلْأَطْيَابِ: مُرًّا قَاطِرًا خَمْسَ مِئَةِ شَاقِلٍ، وَقِرْفَةً عَطِرَةً نِصْفَ ذَلِكَ: مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَقَصَبَ ٱلذَّرِيرَةِ مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، ٢٤ وَسَلِيخَةً خَمْسَ مِئَةٍ بِشَاقِلِ ٱلْقُدْسِ، وَمِنْ زَيْتِ ٱلزَّيْتُونِ هِينًا .٢٥ وَتَصْنَعُهُ دُهْنًا مُقَدَّسًا لِلْمَسْحَةِ. عِطْرَ عِطَارَةٍ صَنْعَةَ ٱلْعَطَّارِ. دُهْنًا مُقَدَّسًا لِلْمَسْحَةِ يَكُونُ .٢٦ وَتَمْسَحُ بِهِ خَيْمَةَ ٱلِٱجْتِمَاعِ، وَتَابُوتَ ٱلشَّهَادَةِ، ٢٧ وَٱلْمَائِدَةَ وَكُلَّ آنِيَتِهَا، وَٱلْمَنَارَةَ وَآنِيَتَهَا، وَمَذْبَحَ ٱلْبَخُورِ، ٢٨ وَمَذْبَحَ ٱلْمُحْرَقَةِ وَكُلَّ آنِيَتِهِ، وَٱلْمِرْحَضَةَ وَقَاعِدَتَهَا .٢٩ وَتُقَدِّسُهَا فَتَكُونُ قُدْسَ أَقْدَاسٍ. كُلُّ مَا مَسَّهَا يَكُونُ مُقَدَّسًا .٣٠ وَتَمْسَحُ هَارُونَ وَبَنِيهِ وَتُقَدِّسُهُمْ لِيَكْهَنُوا لِي .٣١ وَتُكَلِّمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: يَكُونُ هَذَا لِي دُهْنًا مُقَدَّسًا لِلْمَسْحَةِ فِي أَجْيَالِكُمْ .٣٢ عَلَى جَسَدِ إِنْسَانٍ لَا يُسْكَبُ، وَعَلَى مَقَادِيرِهِ لَا تَصْنَعُوا مِثْلَهُ. مُقَدَّسٌ هُوَ، وَيَكُونُ مُقَدَّسًا عِنْدَكُمْ .٣٣ كُلُّ مَنْ رَكَّبَ مِثْلَهُ وَمَنْ جَعَلَ مِنْهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ يُقْطَعُ مِنْ شَعْبِهِ».
١. وَتَصْنَعُهُ دُهْنًا مُقَدَّسًا لِلْمَسْحَةِ. عِطْرَ عِطَارَةٍ صَنْعَةَ ٱلْعَطَّارِ: استُخدِمَ هذا الزَّيت من أجل مَسحِ الكهنة والأواني الـمُتعلِّقة بالخدمة. لقد كان يُنظَرُ إليهِ كمادَّةٍ مُقدَّسة لا يُمكِن تقليدُها أو استخدامُها كزيتٍ مُعطِّرٍ عاديّ.
٢. عَلَى جَسَدِ إِنْسَانٍ لَا يُسْكَبُ: بما أنَّ الزَّيت هو رمزٌ للرُّوح القدس، فنحُن نرى بأنَّ الرُّوح القدس لا يُسكَب من أجلِ تحسين أجسادنا، بل من أجل تمجيدهِ.
٣. وَعَلَى مَقَادِيرِهِ لَا تَصْنَعُوا مِثْلَهُ. مُقَدَّسٌ هُوَ، وَيَكُونُ مُقَدَّسًا عِنْدَكُمْ: يُظهِرُ هذا الأمر بأنَّ عمل الرُّوح القدس لا يُمكِن تقليدُهُ. لا يجب وجودُ أيِّ مكانٍ لِتَقليدٍ من صُنعٍ بشريّ، يتعلَّق بالعطايا أو الأعمال التي هي من الرُّوح القدس. فالقيامُ بذلك، يحرِمُ قداسة الرُّوح القدس؛ تلك الـمُتعلِّقة بِعَمَلهِ الَّذي يُمكِن أن نقومَ به بأنفسنا أيضًا.
“مَهيبةٌ هي هذه الوصايا التي تُنهي عن استخدام الزَّيت الـمُقدَّس والعِطرَ الـمُقدَّس بأيِّ شكلٍ من الأشكال للإكتفاء الشَّخصيّ.” مورجان (Morgan)
ج) الآيات (٣٤-٣٨): البخُور الـمُقدَّس.
٣٤ وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ لَكَ أَعْطَارًا: مَيْعَةً وَأَظْفَارًا وَقِنَّةً عَطِرَةً وَلُبَانًا نَقِيًّا. تَكُونُ أَجْزَاءً مُتَسَاوِيَةً، ٣٥ فَتَصْنَعُهَا بَخُورًا عَطِرًا صَنْعَةَ ٱلْعَطَّارِ، مُمَلَّحًا نَقِيًّا مُقَدَّسًا .٣٦ وَتَسْحَقُ مِنْهُ نَاعِمًا، وَتَجْعَلُ مِنْهُ قُدَّامَ ٱلشَّهَادَةِ فِي خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ حَيْثُ أَجْتَمِعُ بِكَ. قُدْسَ أَقْدَاسٍ يَكُونُ عِنْدَكُمْ .٣٧ وَٱلْبَخُورُ ٱلَّذِي تَصْنَعُهُ عَلَى مَقَادِيرِهِ لَا تَصْنَعُوا لِأَنْفُسِكُمْ. يَكُونُ عِنْدَكَ مُقَدَّسًا لِلرَّبِّ .٣٨ كُلُّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَهُ لِيَشُمَّهُ يُقْطَعُ مِنْ شَعْبِهِ».
١. فَتَصْنَعُهَا بَخُورًا عَطِرًا صَنْعَةَ ٱلْعَطَّارِ، مُمَلَّحًا نَقِيًّا مُقَدَّسًا: لقد كان البخُور الخاص بِخَيمة الاجتماع، مصنوعًا بحسبِ القواعِد أو المبادئ الـمُعطاة بالنِّسبة إلى زيت الـمَسحَة. لَم يُرِد الله هذه الرَّائحة العطِرَة – التي كانت رمزًا لِحَلاوة الصَّلاة – بأن تُستخدَم في الإنجذاب الإنسانيّ أو التَّألُّق.
“بينما كانت الكثير من الذَّبائح تُقدَّم، فقد كان من الضَّروريِّ بمكانٍ ما وجودُ رائحةٍ عَطِرَة من أجل مُكافحة الرَّوائح غير الـمُؤاتية التي من الـمُمكِن أن تصدُرَ عن ذَبحِ الكثير من الحيوانات، ورشِّ الكثير من الدِّماء، وإيقاد الكثير من الأجسام.” كلارك (Clarke)
مُمَلَّحًا: “لَرُبَّما كان هذا ’التَّمليح‘ لهذا المزيج، مُهندَسًا من أجلِ ضمان الإحتراق السَّريع، وذلك من خلالِ إضافة مادَّة كلورَيد الصُّوديوم. لَرُبَّما أيضًا كان يُستخدَم للخواص الحافظة لِلِملح.” كُول (Cole)