سفر ملوك الثاني – الإصحاح ١٤
حُكما أمصيا ويربعام
أولًا. حكم أمصيا على يهوذا
أ ) الآيات (١-٤): ملخص لحكم أمصيا
١فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِيُوآشَ بْنِ يَهُوأَحَازَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، مَلَكَ أَمَصْيَا بْنُ يُوآشَ مَلِكِ يَهُوذَا. ٢كَانَ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ يَهُوعَدَّانُ مِنْ أُورُشَلِيمَ. ٣وَعَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلكِنْ لَيْسَ كَدَاوُدَ أَبِيهِ، عَمِلَ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ يُوآشُ أَبُوهُ. ٤إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزَعْ، بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُونَ يَذْبَحُونَ وَيُوقِدُونَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ.
١. وَعَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ: واصل أمصيا، ابن المصلح العظيم يهوآش، الحكم التقي الذي بدأه أبوه بشكل عام.
• “بدأ بداية حسنة بالتمسك بالشريعة عن كثب. ولو استمر كما بدأ، لكان هذا أفضل له ولمملكته.” ناب (Knapp)
٢. وَلَكِنْ لَيْسَ كَدَاوُدَ أَبِيهِ، عَمِلَ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ يُوآشُ أَبُوهُ: بالمقارنة مع يوآش، استمر أمصيا سياساته بأمانة، غير أن بعض تلك السياسات سمحت بمجال للمساومات، مثل السماح بالاستمرار في تقديم الذبائح وقرابين البخور على المرتفعات (٢ ملوك ١٤: ١-٤). وبالمقارنة مع داود، أعظم ملك بشري على شعب الله، لم يَرْقَ أمصيا إلى مستواه (٢ ملوك ١٤: ١-٤).
• “تتكرر باستمرار قصة محدودية الولاء مرة أخرى.” مورجان (Morgan)
ب) الآيات (٥-٦): مثلٌ لطاعة أمصيا
٥وَلَمَّا تَثَبَّتَتِ الْمَمْلَكَةُ بِيَدِهِ، قَتَلَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْمَلِكَ أَبَاهُ. ٦وَلكِنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ أَبْنَاءَ الْقَاتِلِينَ حَسَبَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ شَرِيعَةِ مُوسَى، حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ قَائِلاً: «لاَ يُقْتَلُ الآبَاءُ مِنْ أَجْلِ الْبَنِينَ، وَالْبَنُونَ لاَ يُقْتَلُونَ مِنْ أَجْلِ الآبَاءِ. إِنَّمَا كُلُّ إِنْسَانٍ يُقْتَلُ بِخَطِيَّتِهِ».
١. قَتَلَ عَبِيدَهُ ٱلَّذِينَ قَتَلُوا ٱلْمَلِكَ أَبَاهُ: كان هذا عدلًا وفي مصلحة أمصيا معًا. إذ كان من مصلحته أن يتخلص من أولئك الذين وجدوا اغتيال الملك طريقة معقولة لتغيير المملكة.
• حقّق هذا أيضًا أمر الله بمعاقبة القتلة بالإعدام، وهو أمر رأيناه أولًا في تكوين ٩: ٥-٧.
٢. وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ أَبْنَاءَ ٱلْقَاتِلِينَ حَسَبَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ شَرِيعَةِ مُوسَى: كانت الممارسة المعتادة في العالم القديم هي إعدام الطرف المذنب مع عائلته. فعارض أمصيا تلك الممارسة التقليدية في أيامه، وأطاع كلمة الله بدلًا من ذلك (تثنية ٢٤: ١٦).
• “أظهر أمصيا هنا بعض الإيمان والشجاعة في إطاعته لوصية الله هذه، رغم أن هذا يمكن أن يكون خطرًا جدًّا عليه. إذ يرجّح أن يسعى أحد هؤلاء إلى الانتقام منه لأبيه المقتول.” بوله (Poole)
ج) الآية (٧): الانتصار على الأدوميين
٧هُوَ قَتَلَ مِنْ أَدُومَ فِي وَادِي الْمِلْحِ عَشَرَةَ آلاَفٍ، وَأَخَذَ سَالِعَ بِالْحَرْبِ، وَدَعَا اسْمَهَا يَقْتَئِيلَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
١. قَتَلَ مِنْ أَدُومَ فِي وَادِي ٱلْمِلْحِ عَشْرَةَ آلَافٍ: يبيّن هذا قدرة أمصيا العسكرية، وكيف أنه أخضع الشعوب الأضعف المحيطة بيهوذا.
٢. وَأَخَذَ سَالِعَ بِٱلْحَرْبِ: يعتقد بعضهم أنها كانت المدينة الصخرية القديمة المعروفة باسم ’البتراء‘ بينما يرى آخرون أنها كانت مكانًا آخر. وفي كلتا الحالتين، كان هذا انتصارًا كبيرًا لأمصيا.
• تعطينا ٢ أخبار ٢٥: ٥-١٦ مزيدًا من الخلفية حول هذا الحدث. فقد حشد أمصيا جيشًا ضخمًا لمهاجمة أدوم – ثَلَاثَ مِئَةِ أَلْفِ مُخْتَارٍ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ حَامِلِ رُمْحٍ وَتُرْسٍ. واستخدم جنودًا مرتزقة (وَٱسْتَأْجَرَ مِنْ إِسْرَائِيلَ مِئَةَ أَلْفِ جَبَّارِ بَأْسٍ بِمِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ ٱلْفِضَّةِ). لكن نبيًّا جاء وحذّره من استخدام جنود من إسرائيل لأن الله لم يكن مع تلك المملكة المتمردة الوثنية. فاقتنع أمصيا بضرورة الاتكال على الله، فصرف المرتزقة الإسرائيليين قابلًا فقدان المال الذي دفعه لهم لقاء استئجاره لهم. فبارك الله خطوة الإيمان هذه، وأعطاه نصرًا مقْنعًا على الأدوميين.
• اتكل أمصيا على الله في نصره على أدوم. لكن فور انتصاره، ابتعد قلبه عن الرب. “ثُمَّ بَعْدَ مَجِيءِ أَمَصْيَا مِنْ ضَرْبِ ٱلْأَدُومِيِّينَ أَتَى بِآلِهَةِ بَنِي سَاعِيرَ وَأَقَامَهُمْ لَهُ آلِهَةً، وَسَجَدَ أَمَامَهُمْ وَأَوْقَدَ لَهُمْ” (٢ أخبار الأيام ٢٥: ١٤).
د ) الآيات (٨-١٢): هزيمته على يد يهوآش، ملك إسرائيل
٨حِينَئِذٍ أَرْسَلَ أَمَصْيَا رُسُلاً إِلَى يَهُوآشَ بْنِ يَهُوأَحَازَ بْنِ يَاهُو مَلِكِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: «هَلُمَّ نَتَرَاءَ مُواجَهَةً». ٩فَأَرْسَلَ يَهُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى أَمَصْيَا مَلِكِ يَهُوذَا قَائِلاً: «اَلْعَوْسَجُ الَّذِي فِي لُبْنَانَ أَرْسَلَ إِلَى الأَرْزِ الَّذِي فِي لُبْنَانَ يَقُولُ: أَعْطِ ابْنَتَكَ لابْنِي امْرَأَةً. فَعَبَرَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ كَانَ فِي لُبْنَانَ وَدَاسَ الْعَوْسَجَ. ١٠إِنَّكَ قَدْ ضَرَبْتَ أَدُومَ فَرَفَعَكَ قَلْبُكَ. تَمَجَّدْ وَأَقِمْ فِي بَيْتِكَ. وَلِمَاذَا تَهْجُمُ عَلَى الشَّرِّ فَتَسْقُطَ أَنْتَ وَيَهُوذَا مَعَكَ؟». ١١فَلَمْ يَسْمَعْ أَمَصْيَا، فَصَعِدَ يَهُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَتَرَاءَيَا مُواجَهَةً، هُوَ وَأَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا فِي بَيْتِ شَمْسٍ الَّتِي لِيَهُوذَا. ١٢فَانْهَزَمَ يَهُوذَا أَمَامَ إِسْرَائِيلَ وَهَرَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ
١. هَلُمَّ نَتَرَاءَ مُواجَهَةً (في المعركة): تَكَبَّر أمصيا بعد انتصاره على أدوم، فقرر أن يعلن الحرب على مملكة إسرائيل الشمالية.
• ومرة أخرى، تعطينا ٢ أخبار الأيام ٢٥: ٥-١٦ مزيدًا من الخلفية حول هذا الحدث. فعندما صرف أمصيا المرتزقة الإسرائيليين، غضبوا رغم أنه دفع لهم مالًا لعدم محاربة أدوم (إذ يرجح أنهم اعتمدوا على النهب المتوقع كدخل إضافي). وفي طريق عودتهم إلى إسرائيل، “ٱقْتَحَمُوا مُدُنَ يَهُوذَا مِنَ ٱلسَّامِرَةِ إِلَى بَيْتِ حُورُونَ، وَضَرَبُوا مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَنَهَبُوا نَهْبًا كَثِيرًا” (٢ أخبار الأيام ٢٥: ١٣). فكان هذا هو الدافع السياسي وراء قيام أمصيا بمهاجمة إسرائيل.
• كان لديه سبب للاعتقاد بأنه سينتصر. فقد سبق أن حشد جيشًا قِوامه ٣٠٠.٠٠٠ جندي، وقتل ٢٠.٠٠٠ رجل في انتصاره على أدوم (٢ أخبار الأيام ٢٥: ٥، ١١-١٢). وبدا له أن ملك إسرائيل، يهوآحاز ضعيف، حيث لم يكن يملك إلا ٥٠ خيّالًا، و١٠ عربات، و١٠.٠٠٠ جندي من المشاة بعد هزيمته من الآراميين (٢ ملوك ١٣: ٧).
٢. اَلْعَوْسَجُ ٱلَّذِي فِي لُبْنَانَ: كان رد ملك إسرائيل يوآش حكيمًا ودبلوماسيًّا معًا. فبهذه القصة وتطبيقها، نصح أمصيا أن يفتخر بانتصاره على أدوم، لكن أن يلزم بيته بعد ذلك.
• “تجاسر العوسج الذي ظن نفسه مساويًا للأرز، فاقترح حلف مصاهرة بينهما. وكان الفرق بينهما واضحًا عندما مرَّ حيوان بري وسحق العوسج تحت أقدامه. وبطبيعة الحال، فإن الوحش يعجز عن إيذاء الأرز.” ديلداي (Dilday)
٣. وَلِمَاذَا تَهْجُمُ عَلَى ٱلشَّرِّ فَتَسْقُطَ أَنْتَ وَيَهُوذَا مَعَكَ؟: كان ينبغي لأمصيا أن يستمع إلى نصيحة يوآش، لكنه لم يفعل. فقد استفز معركة كان عليه أن يتجنّبها. ولم يضع في حسابه احتمال انتصار إسرائيل أو تأثير هزيمته في مملكة يهوذا بأكملها.
هـ) الآيات (١٣-١٤): نتيجة حرب أمصيا الحمقاء على إسرائيل
١٣وَأَمَّا أَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا ابْنُ يَهُوآشَ بْنِ أَخَزْيَا فَأَمْسَكَهُ يَهُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ شَمْسٍ، وَجَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَهَدَمَ سُورَ أُورُشَلِيمَ مِنْ بَابِ أَفْرَايِمَ إِلَى بَابِ الزَّاوِيَةِ، أَرْبَعَ مِئَةِ ذِرَاعٍ. ١٤وَأَخَذَ كُلَّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَجَمِيعَ الآنِيَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ وَفِي خَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ وَالرُّهَنَاءَ وَرَجَعَ إِلَى السَّامِرَةِ.
١. فَأَمْسَكَهُ يَهُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: بسبب هجوم أمصيا الأحمق على إسرائيل، خسر حريته، وصار لفترة سجينًا لدى ملكها.
• كان لدى أمصيا جيش قوي، بينما كان جيش يهوآش ضعيفًا. غير أن الله نصر إسرائيل على يهوذا كتوبيخ لأمصيا على عبادته الوثنية. “فَلَمْ يَسْمَعْ أَمَصْيَا لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ أَنْ يُسَلِّمَهُمْ، لِأَنَّهُمْ طَلَبُوا آلِهَةَ أَدُومَ” (٢ أخبار الأيام ٢٥: ٢٠).
• “يعني اسمه ’قوة ياه،‘ أي قوة يهوه، لكننا نقرأ أنه ’تَشَدَّدَ‘ (٢ أخبار الأيام ٢٥: ١١)، أي أنه شدَّد نفسه. وهو بهذا يُكَذِّب معدنه الأخلاقي، في اكتفائه الذاتي، اسمه، وهو شيء ليس غير شائع في عصرنا.” ناب (Knapp)
٢. وَجَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَهَدَمَ سُورَ أُورُشَلِيمَ: بسبب هجوم أمصيا الأحمق على إسرائيل، رأى دفاعات يهوذا وهي تنهار. فلم يخسر أهل يهوذا المعركة في بيت شمس فحسب، لكنهم صاروا أيضًا في وضع أضعف لمواجهة هجمات في المستقبل.
٣. وَأَخَذَ كُلَّ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ: بسبب هجوم أمصيا الأحمق على إسرائيل، خسر كنز شعب الله. فلم تكن مجرد خسارة لثروته الشخصية (خَزَائِنِ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ)، بل أيضًا ذهبًا وفضة من شعب الله. فلم يكن لدى أمصيا الحكمة ليرى أن هذه المعركة ستؤذي آخرين كما ستؤذيه.
• وامتد هذا إلى الرهائن الذين نُقِلوا من أورشليم إلى السامرة. كان القرار بمهاجمة إسرائيل قراره وحده، لكن المملكة كلها دفعت ثمنه. وهذا تحذير قوي لكل القادة، حيث ينبغي أن يضعوا في اعتبارهم كيف أن قراراتهم الحمقاء تؤثر في أشخاص آخرين كثيرين.
• “من المؤكد أن شجار أمصيا كان عادلًا، لكنه انتهى إلى هزيمة مؤكدة، لأنه تطرّف فيه حتى آذاه، فسقط وسقطت يهوذا معه، كما سبق أن قال يهوآش.” كلارك (Clarke)
و ) الآيات (١٥-٢٢): أمصيا يُرفض ملكًا على يهوذا، وابنه ينّصَّب بدلًا منه
١٥وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَهُوآشَ الَّتِي عَمِلَ وَجَبَرُوتُهُ وَكَيْفَ حَارَبَ أَمَصْيَا مَلِكَ يَهُوذَا، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ؟ ١٦ثُمَّ اضْطَجَعَ يَهُوآشُ مَعَ آبَائِهِ، وَدُفِنَ فِي السَّامِرَةِ مَعَ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ، وَمَلَكَ يَرُبْعَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. ١٧وَعَاشَ أَمَصْيَا بْنُ يُوآشَ مَلِكُ يَهُوذَا بَعْدَ وَفَاةِ يَهُوآشَ بْنِ يَهُوأَحَازَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً. ١٨وَبَقِيَّةُ أُمُورِ أَمَصْيَا، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ ١٩وَفَتَنُوا عَلَيْهِ فِتْنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، فَهَرَبَ إِلَى لَخِيشَ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ إِلَى لَخِيشَ وَقَتَلُوهُ هُنَاكَ. ٢٠وَحَمَلُوهُ عَلَى الْخَيْلِ فَدُفِنَ فِي أُورُشَلِيمَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ. ٢١وَأَخَذَ كُلُّ شَعْبِ يَهُوذَا عَزَرْيَا، وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً، وَمَلَّكُوهُ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ أَمَصْيَا. ٢٢هُوَ بَنَى أَيْلَةَ وَاسْتَرَدَّهَا لِيَهُوذَا بَعْدَ اضْطِجَاعِ الْمَلِكِ مَعَ آبَائِهِ.
١. وَفَتَنُوا عَلَيْهِ فِتْنَةً فِي أُورُشَلِيمَ: قوّضت الخسارة المحرجة أمام إسرائيل الدعم الذي كان يتمتع به أمصيا بين قادة يهوذا.
• عاش خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً بعد موت يهوآش (الأمر الذي كان على الأرجح وراء إطلاق سراحه من السجن في إسرائيل)…”لكنها كانت حياة خالية من الحياة… إذ كان يعيش في ظل كراهية رعاياه واحتقارهم له.” تراب (Trapp)
٢. فَهَرَبَ إِلَى لَخِيشَ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ إِلَى لَخِيشَ وَقَتَلُوهُ هُنَاكَ: حاول أمصيا الهروب من المتآمرين عليه، فلم يستطع. فاغتيل كما اغتيل أبوه من قبل (٢ ملوك ١٢: ٢٠-٢١).
• “كانت لخيش أول مدينة في مملكة إسرائيل تتبنّى عبادة الأوثان (هِيَ أَوَّلُ خَطِيَّةٍ لِٱبْنَةِ صِهْيَوْنَ، لِأَنَّهُ فِيكِ وُجِدَتْ ذُنُوبُ إِسْرَائِيلَ – ميخا ١: ١٣)، فكان طبيعيًّا لأمصيا، عابد الأوثان، أن يسعى إلى اللجوء هناك.” ناب (Knapp)
• يعتقد بعض المفسرين أن الذين اغتالوا أمصيا في الآية ١٩ ربما كانوا من أبناء الأشخاص الذين عفا عنهم الملك المقتول. فكانوا يقتصّون منه على قتله لآبائهم.” ديلداي (Dilday)
٣. وَأَخَذَ كُلُّ شَعْبِ يَهُوذَا عَزَرْيَا، وَهُوَ ٱبْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَلَّكُوهُ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ أَمَصْيَا: كانت هذه بداية حكم عزريا (المعروف باسم عُزّيا) اللامع. وقد كان أعظم ملوك يهوذا بعد داود.
• “ربما يشير اختيار عزريا إلى وقت سابق عندما ’أَخَذَ كُلُّ شَعْبِ يَهُوذَا عَزَرْيَا، وَهُوَ ٱبْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَلَّكُوهُ‘ بينما كان أبوه سجينًا.” وايزمان (Wiseman)
ثانيًا. حكم يربعام الثاني في إسرائيل
أ ) الآيات (٢٣-٢٧): ملخص لحكم يربعام وعون الله له
٢٣فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةَ عَشَرَةَ لأَمَصْيَا بْنِ يُوآشَ مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ يَرُبْعَامُ بْنُ يُوآشَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. ٢٤وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. لَمْ يَحِدْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ. ٢٥هُوَ رَدَّ تُخُمَ إِسْرَائِيلَ مِنْ مَدْخَلِ حَمَاةَ إِلَى بَحْرِ الْعَرَبَةِ، حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ عَبْدِهِ يُونَانَ بْنِ أَمِتَّايَ النَّبِيِّ الَّذِي مِنْ جَتَّ حَافِرَ. ٢٦لأَنَّ الرَّبَّ رَأَى ضِيقَ إِسْرَائِيلَ مُرًّا جِدًّا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَحْجُوزٌ وَلاَ مُطْلَقٌ وَلَيْسَ مُعِينٌ لإِسْرَائِيلَ. ٢٧وَلَمْ يَتَكَلَّمِ الرَّبُّ بِمَحْوِ اسْمِ إِسْرَائِيلَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ، فَخَلَّصَهُمْ بِيَدِ يَرُبْعَامَ ابْنِ يُوآشَ.
١. وَعَمِلَ ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ: كان يربعام الثاني ملكًا شريرًا واصل عبادة الأوثان التي بدأها يربعام بن نباط بدوافع سياسية. وأثناء حكمه، تكلم النبيّان يونان وعاموس باسم الله.
٢. رَدَّ تُخُمَ إِسْرَائِيلَ… لِأَنَّ ٱلرَّبَّ رَأَى ضِيقَ إِسْرَائِيلَ مُرًّا جِدًّا: أظهر الله في رحمته العظيمة لطفًا وكرمًا لإسرائيل العاصية التي كان يحكمها ملك شرير.
• “يبدو أن هذا أوحى بالدهشة في ذهنه وهو يتأمل صبر الله على الأمة الآثمة.” مورجان (Morgan)
٣. حَسَبَ كَلَامِ ٱلرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ عَبْدِهِ يُونَانَ بْنِ أَمِتَّايَ ٱلنَّبِيِّ: من المؤكد تقريبًا أن هذا هو نفس يونان الشهير برحلته الإرسالية إلى نينوى. وعلى ما يبدو، فإنه كانت لديه خدمة بين شعبه، وليس بين شعب نينوى فقط.
• “أرسل الله إليهم يونان ليشجعهم، وليؤكد لهم أيامًا أفضل قادمة.” كلارك (Clarke)
ب) الآيات (٢٨-٢٩): ملخّص لحكم يربعام الثاني
٢٨وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَرُبْعَامَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ وَجَبَرُوتُهُ، كَيْفَ حَارَبَ وَكَيْفَ اسْتَرْجَعَ إِلَى إِسْرَائِيلَ دِمَشْقَ وَحَمَاةَ الَّتِي لِيَهُوذَا، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ؟ ٢٩ثُمَّ اضْطَجَعَ يَرُبْعَامُ مَعَ آبَائِهِ، مَعَ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ، وَمَلَكَ زَكَرِيَّا ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
١. وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَرُبْعَامَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ وَجَبَرُوتُهُ، كَيْفَ حَارَبَ وَكَيْفَ ٱسْتَرْجَعَ إِلَى إِسْرَائِيلَ دِمَشْقَ وَحَمَاةَ ٱلَّتِي لِيَهُوذَا: كان عهد يربعام الثاني فترة ازدهار اقتصادي وسياسي ومادي لإسرائيل، لكن ليس بسبب استحقاقه أو صلاحه، لكن بسبب رحمة الله العظيمة لإسرائيل.
• يثبّت علم الآثار قوة يربعام الثاني الاقتصادية. ففي العصر السابق ليربعام، كانت البيوت في مدن إسرائيل بنفس الحجم تقريبًا. لكن علماء الآثار وجدوا تغييرًا بدأ في القرن الثامن ق. م. – حيث كان في مدن قديمة مثل ترصة حيٌّ من البيوت الضخمة باهظة الثمن، إضافة إلى حي آخر من بُنىً صغيرة مزدحمة، أصغر من البيوت في السنوات السابقة. والبيوت الأكبر ممتلئة بعلامات الازدهار. واعتقد الأغنياء الجائرون في إسرائيل أنهم سيجدون أمانًا هناك، لكن دينونة الله جاءت ضد تلك البيوت أيضًا (عاموس ٣: ١٣-١٥).
• “غير أن الازدهار الناتج الذي انتهى بالاستخدام الخطأ للسلطة، وبالترف، وبقمع المساكين أمر شجبه الأنبياء المعاصرون، ولاسيما عاموس (٢: ٦-٧؛ ٨: ٤-٦)، وإشعياء (٣: ١٨-٢٦؛ ٥: ٨-١٣)، وميخا (٢: ٢).” وايزمان (Wiseman)
• سبق أن وعد الله في أيام يهوآحاز، ملك إسرائيل، بإرسال مخلّص إلى إسرائيل، شخص يساعدهم على التخلص من سيطرة الآرميين (فَخَرَجُوا مِنْ تَحْتِ يَدِ ٱلْأَرَامِيِّينَ) (٢ ملوك ١٣: ٤-٥). ومن المحتمل أن يربعام الثاني كان ذلك المخلّص الموعود.
٢. دِمَشْقَ: رغم أن يد الرب كانت وراء هذه الأحداث، إلا أن الله استخدم قوة الإمبراطورية الأشورية لمباركة إسرائيل. لقد كافحت مملكة إسرائيل الشمالية في معظم تاريخها ضد آرام، جارتها في الشمال. لكن في حوالي ٨٠٠ ق. م. هزمت الإمبراطورية الأشورية القوية آرام، وقامت بتحييد هذه القوة التي أعاقت توسُّع إسرائيل وازدهارها. وبوجود سيطرة على آرام، تمتعت إسرائيل بازدهار عظيم أثناء عهد يربعام الثاني.
• يبين سفر عاموس أن إسرائيل لم تتعامل مع هذا الازدهار جيدًا، وأن الشر تحت ازدهار يربعام الثاني كدّس دينونة عليها.
• “بوركت إسرائيل بخدمات كل من هوشع وعاموس في عهد يربعام. وسيتبيّن من كتاباتهما بسهولة أنه، رغم وجود انتعاش سياسي تحت حكمه، إلا أنه لم تكن هنالك صحوة أخلاقية أو روحية بين الشعب.” ناب (Knapp)
• عندما مات يربعام الثاني في عام ٧٥٢ قبل الميلاد، ترك وراءه مملكة قوية، لكنها كانت، لسوء الحظ، متعفّنة روحيًّا في أساسها حتى إن صرح الدولة لن يصمد طويلًا في مواجهة المد المتصاعد من الضغط والمكائد الدولية.” باترسون (Patterson) وأوستيل (Austel)
٣. وَمَلَكَ زَكَرِيَّا ٱبْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ: كان زكريا هو الجيل الرابع لسلالة ياهو الحاكمة. وقد سبق أن أنبأ الله أن هذه السلالة ستستمر أربعة أجيال (٢ ملوك ١٠: ٣٠).
• “منذ وقت موت يربعام، بدأ الانحدار الذي استمر أقل من سبعين سنة، وانتهى بالسقوط والانحلال النهائي. ومن ذلك الوقت، ازدادت الشهادة. يقول كاتب مجهول: ’هكذا هي طريقة إلهنا المنعم – عندما تأتي الدينونة، تتضاعف الشهادة.‘” ناب (Knapp)