سفر ملوك الثاني – الإصحاح ٢٣
إصلاحات يوشيا
أولًا. عهد الملك يوشيا وإصلاحاته
أ ) الآيات (١-٣): تجديد العهد
١وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ، فَجَمَعُوا إِلَيْهِ كُلَّ شُيُوخِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ. ٢وَصَعِدَ الْمَلِكُ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ وَجَمِيعُ رِجَالِ يَهُوذَا وَكُلُّ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ، وَالْكَهَنَةُ وَالأَنْبِيَاءُ وَكُلُّ الشَّعْبِ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، وَقَرَأَ فِي آذَانِهِمْ كُلَّ كَلاَمِ سِفْرِ الشَّرِيعَةِ الَّذِي وُجِدَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ. ٣وَوَقَفَ الْمَلِكُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَطَعَ عَهْدًا أَمَامَ الرَّبِّ لِلذَّهَابِ وَرَاءَ الرَّبِّ، وَلِحِفْظِ وَصَايَاهُ وَشَهَادَاتِهِ وَفَرَائِضِهِ بِكُلِّ الْقَلْبِ وَكُلِّ النَّفْسِ، لإِقَامَةِ كَلاَمِ هذَا الْعَهْدِ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا السِّفْرِ. وَوَقَفَ جَمِيعُ الشَّعْبِ عِنْدَ الْعَهْدِ.
١. وَأَرْسَلَ ٱلْمَلِكُ، فَجَمَعُوا إِلَيْهِ كُلَّ شُيُوخِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ: سمع يوشيا الوعد بالدينونة النهائية والتأخير الفوري للدينونة. ولم يستجب بلامبالاة أو بمجرد الرضا بعدم رؤية الدينونة في زمنه. فقد أراد أن تكون المملكة في علاقة سليمة بالله. وعرف أنه لن يقدر على فعل هذا وحده. فاحتاج إلى شيوخ إسرائيل لينضموا إليه في توبة وانكسار.
٢. وَقَرَأَ فِي آذَانِهِمْ كُلَّ كَلَامِ سِفْرِ ٱلشَّرِيعَةِ: وَقَرَأَ فِي آذَانِهِمْ كُلَّ كَلَامِ سِفْرِ ٱلْعَهْدِ: فعل الملك هذا بنفسه. إذ كان مهتمًّا جدًّا بأن تسمع الأمة كلمة الله التي قرأها لشيوخ يهوذا وأورشليم بنفسه.
٣. وَوَقَفَ ٱلْمَلِكُ عَلَى ٱلْمِنْبَرِ وَقَطَعَ عَهْدًا أَمَامَ ٱلرَّبِّ لِلذَّهَابِ وَرَاءَ ٱلرَّبِّ: وقف الملك أمام الشعب وأعلن على الملأ التزامه بطاعة كلمة الله قدر المستطاع بِكُلِّ ٱلْقَلْبِ وَكُلِّ ٱلنَّفْسِ.
• “وَقَطَعَ عَهْدًا: “يعود هذا التعبير إلى ممارسة قطع جثة ذبيحة حيوانية وفصْل أجزائها لكي يتمكن الطرفان المتعاهدان من إبرام اتفاقهما بالسير بينها (انظر تكوين ١٥: ١٧؛ إرميا ٣٤: ١٨).” ديلداي (Dilday)
٤. وَوَقَفَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ عِنْدَ ٱلْعَهْدِ: فعل الشعب ذلك استجابة لمثال الملك يوشيا ولقيادته الملهمة. ونحن لا نقرأ هنا عن أي أمر أصدره الملك لهم بأن يفعلوا ذلك. فقد فعلوا ذلك بشكل تلقائي وهم يتبعون مثال الملك يوشيا ولقيادته الملهمة.
• لا يمكن أن تأتي هذه الاستجابة الجماعية والتكريس للرب عن طريق إصدار الأوامر. لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد دور للإنسان ليلعبه. لقد كان من الواضح أنه عمل الله بين الشعب، لكن الله عمل من خلال مثال الملك وقيادته.
• تعني حقيقة أن هذا حدث بين جميع الشعب أنه كان عملًا خاصًّا بالروح القدس. إذ يخبرنا الكتاب المقدس أن هنالك أوقاتًا يحل فيها الروح القدس على أشخاص كمجموعة. وهذا عمل مختلف عن ملء الفرد بالروح القدس. وهنالك أوقات يبدو فيها أن الروح يعمل في مجموعة، وعلينا أن نصلي من أجل هذا التحرك اليوم.
أعمال الرسل ٢: ٤: “وَٱمْتَلَأَ ٱلْجَمِيعُ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، وَٱبْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ ٱلرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا.”
أعمال الرسل ٤: ٣١: “وَلَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ ٱلْمَكَانُ ٱلَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَٱمْتَلَأَ ٱلْجَمِيعُ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامِ ٱللهِ بِمُجَاهَرَةٍ.”
أعمال الرسل ١٠: ٤٤: “فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ ٱلْأُمُورِ حَلَّ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ ٱلْكَلِمَةَ.”
• “يشبه هذا الاحتفال بالعهد الأساسي في المصفاة (١صموئيل ٧: ١١-١٧، ١٠: ٢٥)، والاحتفال بتجديد العهد في شكيم (يشوع ٢٤). وقد كان كلاهما نقطة تحول في التاريخ اليهودي.” وايزمان (Wiseman)
ب) الآيات (٤-١٤): مدى إصلاحات الملك يوشيا في يهوذا.
٤وَأَمَرَ الْمَلِكُ حِلْقِيَّا الْكَاهِنَ الْعَظِيمَ، وَكَهَنَةَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَحُرَّاسَ الْبَابِ أَنْ يُخْرِجُوا مِنْ هَيْكَلِ الرَّبِّ جَمِيعَ الآنِيَةِ الْمَصْنُوعَةِ لِلْبَعْلِ وَلِلسَّارِيَةِ وَلِكُلِّ أَجْنَادِ السَّمَاءِ، وَأَحْرَقَهَا خَارِجَ أُورُشَلِيمَ فِي حُقُولِ قَدْرُونَ، وَحَمَلَ رَمَادَهَا إِلَى بَيْتِ إِيلَ. ٥وَلاَشَى كَهَنَةَ الأَصْنَامِ الَّذِينَ جَعَلَهُمْ مُلُوكُ يَهُوذَا لِيُوقِدُوا عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ فِي مُدُنِ يَهُوذَا وَمَا يُحِيطُ بِأُورُشَلِيمَ، وَالَّذِينَ يُوقِدُونَ: لِلْبَعْلِ، لِلشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ، وَالْمَنَازِلِ، وَلِكُلِّ أَجْنَادِ السَّمَاءِ. ٦وَأَخْرَجَ السَّارِيَةَ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ خَارِجَ أُورُشَلِيمَ إِلَى وَادِي قَدْرُونَ وَأَحْرَقَهَا فِي وَادِي قَدْرُونَ، وَدَقَّهَا إِلَى أَنْ صَارَتْ غُبَارًا، وَذَرَّى الْغُبَارَ عَلَى قُبُورِ عَامَّةِ الشَّعْبِ. ٧وَهَدَمَ بُيُوتَ الْمَأْبُونِينَ الَّتِي عِنْدَ بَيْتِ الرَّبِّ حَيْثُ كَانَتِ النِّسَاءُ يَنْسِجْنَ بُيُوتًا لِلسَّارِيَةِ. ٨وَجَاءَ بِجَمِيعِ الْكَهَنَةِ مِنْ مُدُنِ يَهُوذَا، وَنَجَّسَ الْمُرْتَفَعَاتِ حَيْثُ كَانَ الْكَهَنَةُ يُوقِدُونَ، مِنْ جَبْعَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ، وَهَدَمَ مُرْتَفَعَاتِ الأَبْوَابِ الَّتِي عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ يَشُوعَ رَئِيسِ الْمَدِينَةِ الَّتِي عَنِ الْيَسَارِ فِي بَابِ الْمَدِينَةِ. ٩إِلاَّ أَنَّ كَهَنَةَ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ يَصْعَدُوا إِلَى مَذْبَحِ الرَّبِّ فِي أُورُشَلِيمَ بَلْ أَكَلُوا فَطِيرًا بَيْنَ إِخْوَتِهِمْ. ١٠وَنَجَّسَ تُوفَةَ الَّتِي فِي وَادِي بَنِي هِنُّومَ لِكَيْ لاَ يُعَبِّرَ أَحَدٌ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ لِمُولَكَ. ١١وَأَبَادَ الْخَيْلَ الَّتِي أَعْطَاهَا مُلُوكُ يَهُوذَا لِلشَّمْسِ عِنْدَ مَدْخَلِ بَيْتِ الرَّبِّ عِنْدَ مُخْدَعِ نَثْنَمْلَكَ الْخَصِيِّ الَّذِي فِي الأَرْوِقَةِ، وَمَرْكَبَاتُ الشَّمْسِ أَحْرَقَهَا بِالنَّارِ. ١٢وَالْمَذَابحُ الَّتِي عَلَى سَطْحِ عُلِّيَّةِ آحَازَ الَّتِي عَمِلَهَا مُلُوكُ يَهُوذَا، وَالْمَذَابحُ الَّتِي عَمِلَهَا مَنَسَّى فِي دَارَيْ بَيْتِ الرَّبِّ، هَدَمَهَا الْمَلِكُ، وَرَكَضَ مِنْ هُنَاكَ وَذَرَّى غُبَارَهَا فِي وَادِي قَدْرُونَ. ١٣وَالْمُرْتَفَعَاتُ الَّتِي قُبَالَةَ أُورُشَلِيمَ، الَّتِي عَنْ يَمِينِ جَبَلِ الْهَلاَكِ، الَّتِي بَنَاهَا سُلَيْمَانُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِعَشْتُورَثَ رَجَاسَةِ الصِّيدُونِيِّينَ، وَلِكَمُوشَ رَجَاسَةِ الْمُوآبِيِّينَ، وَلِمَلْكُومَ كَرَاهَةِ بَنِي عَمُّونَ، نَجَّسَهَا الْمَلِكُ. ١٤وَكَسَّرَ التَّمَاثِيلَ وَقَطَّعَ السَّوَارِيَ وَمَلأَ مَكَانَهَا مِنْ عِظَامِ النَّاسِ.
١. أَنْ يُخْرِجُوا مِنْ هَيْكَلِ ٱلرَّبِّ جَمِيعَ ٱلْآنِيَةِ ٱلْمَصْنُوعَةِ لِلْبَعْلِ وَلِلسَّارِيَةِ وَلِكُلِّ أَجْنَادِ ٱلسَّمَاءِ: يبيّن هذا مدى تجذُّر عبادة الأوثان في يهوذا. إذ كانت هنالك أوثان مكرسة للبعل ولعشيرة (أو السواري)، أو لكل جند السماء في هيكل الله نفسه. ويبدو من رواية سفر ملوك الثاني أن يوشيا بدأ إصلاحات التطهير في المركز، ثم انطلق نحو الخارج.
• وَذَرَّى ٱلْغُبَارَ عَلَى قُبُورِ عَامَّةِ ٱلشَّعْبِ: “لم يكن نثر رماد الوثن على قبور عامة الناس خارج المدينة يهدف إلى تدنيس تلك القبور، بل على العكس تمامًا. وكان يُعتقد أن أي اتصال بالموت عمل تدنيس، ولهذا فإن نثر الرماد على القبور هدف إلى تدنيس للأوثان.” ديلداي (Dilday)
٢. وَلَاشَى كَهَنَةَ ٱلْأَصْنَامِ: لم تُزِل إصلاحات يوشيا الأشياء الآثمة فحسب، بل أيضًا الأشخاص الآثمين الذين سمحوا بها وروّجوا لها. فالأوثان التي ملأت الهيكل لم تصل إلى هناك أو بقيت وحدها. إذ كان هنالك كَهَنَة مسؤولون عن هذه الممارسة الآثمة.
• لا يمكن لأي إصلاح شامل أن يكتفي بالتعامل مع الأشياء الآثمة. إذ يتوجب أن يتعامل أيضًا مع الأشخاص الآثمين. فإذا لم يتم التعامل مع هؤلاء، فسيعودون سريعًا إلى الأشياء الآثمة التي أُزيلت بحق.
• كَهَنَةَ ٱلْأَصْنَامِ: “يرجّح أنهم جاءوا بأمر من ملوك يهوذا، عابدي الأوثان. وهم يُدعون Kemarim المشتقة من كلمة Camar التي تعني ’شَيَّط،‘ أو ’قلّص‘ أو ’ظَلَّم‘ أو ’سوَّد،‘ لأن عملهم الدائم هو الاهتمام بنيران الذبائح. ويرجح أنهم كانوا يرتدون ملابس سوداء.” كلارك (Clarke)
٣. وَهَدَمَ بُيُوتَ ٱلْمَأْبُونِينَ: يُفترض أن الدعارة المقدسة (الدينية) كانت جزءًا لا يتجزأ من عبادة أوثان كثيرة في العبادات الوثنية. فأصبح هيكل الرب بيت دعارة، وقام الملك يوشيا بتصحيح هذا الانحراف المشين.
• ٱلْمَأْبُونِينَ: “تدل الكلمة العبرية بشكل أساسي على ’مقدَّس،‘ أو ’مُفرز.‘ وهي تُستخدم هنا لأغراض لا علاقة لها بالرب (يهوه).” وايزمان (Wiseman) “كثيرًا ما التقلينا هؤلاء ’المقدَّسين‘ Kedeshim أو الأشخاص المكرسين.” كلارك (Clarke)
• “تدل الكلمة المترجمة إلى ’بيوت‘ في عبارة ’كَانَتِ ٱلنِّسَاءُ يَنْسِجْنَ بُيُوتًا لِلسَّارِيَةِ‘ على مُعَلَّقات. ومن المحتمل أنها صُنعت من الصوف من قبل عابدات الأوثان كستائر تمارَس وراءها طقوس البذاءة.” ديلداي (Dilday)
٤. وَنَجَّسَ تُوفَةَ… وَأَبَادَ ٱلْخَيْلَ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا مُلُوكُ يَهُوذَا لِلشَّمْسِ… وَمَرْكَبَاتُ ٱلشَّمْسِ أَحْرَقَهَا بِٱلنَّارِ… نَجَّسَهَا ٱلْمَلِكُ. وَكَسَّرَ ٱلتَّمَاثِيلَ وَقَطَّعَ ٱلسَّوَارِيَ: يبيّن هذا النص شيئًا عن مدى انتشار عبادة الأوثان ورسوخها في يهوذا. إذ كانت منتشرة ومفصّلة. إذ استثمر فيها الملوك كثيرًا، حيث صرفوا وقتًا ومالًا وجهدًا لإكرام هذه الأوثان. وقد استغرق الأمر تكريسًا طويلًا وتفانيًا من جهة الملك يوشيا للتخلص من هذه الأمور.
• “كان استخدام الحصان في عبادة الشمس في الشرق الأدنى القديم أمرًا تشهد له مصادر كثيرة ولاسيما نقوش ومصنوعات أشورية وآرامية.” باترسون (Patterson) وأوستيل (Austel)
• “بما أنه كان يمكن أن تُسحق وتحرَق السارية (العامود الخشبي الرمزي لعشيرة)، فإن نثر رمادها على قبور الناس بمنزلة احتقار لهذه الإِلَهة وعابديها (انظر إرميا ٢٦: ٢٣).” وايزمان (Wiseman)
• وَنَجَّسَ تُوفَةَ ٱلَّتِي فِي وَادِي بَنِي هِنُّومَ: “يبدو أنه كانت تُجرى هنا طقوس مولك المقدسة. وكانت تُحمل كل قذارة المدينة إلى هذا المكان أيضًا. وكان يتم إبقاء النيران مشتعلة من أجل استهلاك القذارة تلك. وكان يُعَد رمزًا للجحيم. ويُستخدم بهذا المعنى في العهد الجديد.” كلارك (Clarke)
• “يقول معلمّو الشريعة اليهود إن اسم توفة مستمد من كلمة توف Toph التي تعني ’الطبل،‘ لأن الطبول كانت تُستخدم لإغراق صرخات الأطفال الذين يوضعون في ذراعي مولك المشتعلتين ليُحرقوا حتى الموت.” كلارك (Clarke)
ج) الآيات (١٥-٢٠): يوشيا يمتد بإصلاحاته إلى بيت إيل والسامرة.
١٥وَكَذلِكَ الْمَذْبَحُ الَّذِي فِي بَيْتِ إِيلَ فِي الْمُرْتَفَعَةِ الَّتِي عَمِلَهَا يَرُبْعَامُ بْنُ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ، فَذَانِكَ الْمَذْبَحُ وَالْمُرْتَفَعَةُ هَدَمَهُمَا وَأَحْرَقَ الْمُرْتَفَعَةَ وَسَحَقَهَا حَتَّى صَارَتْ غُبَارًا، وَأَحْرَقَ السَّارِيَةَ. ١٦وَالْتَفَتَ يُوشِيَّا فَرَأَى الْقُبُورَ الَّتِي هُنَاكَ فِي الْجَبَلِ، فَأَرْسَلَ وَأَخَذَ الْعِظَامَ مِنَ الْقُبُورِ وَأَحْرَقَهَا عَلَى الْمَذْبَحِ، وَنَجَّسَهُ حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي نَادَى بِهِ رَجُلُ اللهِ الَّذِي نَادَى بِهذَا الْكَلاَمِ. ١٧وَقَالَ: «مَا هذِهِ الصُّوَّةُ الَّتِي أَرَى؟» فَقَالَ لَهُ رِجَالُ الْمَدِينَةِ: «هِيَ قَبْرُ رَجُلِ اللهِ الَّذِي جَاءَ مِنْ يَهُوذَا وَنَادَى بِهذِهِ الأُمُورِ الَّتِي عَمِلْتَ عَلَى مَذْبَحِ بَيْتِ إِيلَ». ١٨فَقَالَ: «دَعُوهُ. لاَ يُحَرِّكَنَّ أَحَدٌ عِظَامَهُ». فَتَرَكُوا عِظَامَهُ وَعِظَامَ النَّبِيِّ الَّذِي جَاءَ مِنَ السَّامِرَةِ. ١٩وَكَذَا جَمِيعُ بُيُوتِ الْمُرْتَفَعَاتِ الَّتِي فِي مُدُنِ السَّامِرَةِ الَّتِي عَمِلَهَا مُلُوكُ إِسْرَائِيلَ لِلإِغَاظَةِ، أَزَالَهَا يُوشِيَّا، وَعَمِلَ بِهَا حَسَبَ جَمِيعِ الأَعْمَالِ الَّتِي عَمِلَهَا فِي بَيْتِ إِيلَ. ٢٠وَذَبَحَ جَمِيعَ كَهَنَةِ الْمُرْتَفَعَاتِ الَّتِي هُنَاكَ عَلَى الْمَذَابحِ، وَأَحْرَقَ عِظَامَ النَّاسِ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أُورُشَلِيمَ.
١. وَكَذَلِكَ ٱلْمَذْبَحُ ٱلَّذِي فِي بَيْتِ إِيلَ: كان الملك يوشيا مجتهدًا حتى إنه هدم المذابح الوثنية في مملكة إسرائيل السابقة. فأزال المذبح الوثني في بيت إيل الذي أقامه يربعام قبل مئات السنين.
• من ناحية سياسية، كان هذا أمرًا ممكنًا، لأن الإمبراطورية الأشورية كانت ضعيفة في أيام يوشيا، فتمكّن من التدخل في هذه المنتطقة الخاضعة للنفوذ الأشوري، حيث انشغل الأشوريون بأمور أخرى، فلم يتمكنوا من إيقافه.
• “إن مذبح بيت إيل الذي وصلت إليه إصلاحات يوشيا شيء أقامه يربعام عند موت سليمان. لكن يبدو أنه مع مرور الزمن، حلّت عبادة كنعانية بحتة محل العبادة السابقة للعجل الذهبي.” باترسون (Patterson) وأوستيل (Austel)
٢. مَا هَذِهِ ٱلصُّوَّةُ (شاهد القبر) ٱلَّتِي أَرَى؟: هذا تحقيق مذهل لنبوة أُطلِقت قبل مئات السنين. فكلمات هذا النبي المجهول مدونة في ١ ملوك ١٣: ١-٢: “هُوَذَا سَيُولَدُ لِبَيْتِ دَاوُدَ ٱبْنٌ ٱسْمُهُ يُوشِيَّا، وَيَذْبَحُ عَلَيْكَ كَهَنَةَ ٱلْمُرْتَفَعَاتِ ٱلَّذِينَ يُوقِدُونَ عَلَيْكَ، وَتُحْرَقُ عَلَيْكَ عِظَامُ ٱلنَّاسِ.” فكان يوشيا حريصًا على تكريم شاهد قبر ذلك النبي المجهول.
د ) الآيات (٢١-٢٣): يوشيا يجعل الاحتفال بالفصح على أساس قومي.
٢١وَأَمَرَ الْمَلِكُ جَمِيعَ الشَّعْبِ قَائِلاً: «اعْمَلُوا فِصْحًا لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْعَهْدِ هذَا». ٢٢إِنَّهُ لَمْ يُعْمَلْ مِثْلُ هذَا الْفِصْحِ مُنْذُ أَيَّامِ الْقُضَاةِ الَّذِينَ حَكَمُوا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَلاَ فِي كُلِّ أَيَّامِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ وَمُلُوكِ يَهُوذَا. ٢٣وَلكِنْ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ يُوشِيَّا، عُمِلَ هذَا الْفِصْحُ لِلرَّبِّ فِي أُورُشَلِيمَ.
١. ٱعْمَلُوا فِصْحًا لِلرَّبِّ إِلَهِكُمْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ ٱلْعَهْدِ هَذَا: لم يستطع يوشيا أن يأمر الشعب بأن يطيعوا كلمة الله طاعة قلبية، لكنه رسّخ يومًا مقدَّسًا وطنيًّا للاحتفال بالفصح.
٢. لَمْ يُعْمَلْ مِثْلُ هَذَا ٱلْفِصْحِ: لقد أُهمل الاحتفال بالفصح كثيرًا لدرجة أن هذا الاحتفال به كان شيئًا بارزًا وغير عادي.
• كان الفصح إحياءً لذكرى العمل الفدائي المركزي في العهد القديم، أي تخليص الله لبني إسرائيل من مصر في أيام موسى. فأثبت إهمالهم للفصح عدم تذكُّر عمل الله الفدائي من أجلهم. فكان الأمر كما لو أن المؤمنين المعاصرين بالمسيح نسوا الاحتفال بالعشاء الأخير أو كسر الخبز الذي يذكّرنا بعمل يسوع الفدائي.
هـ) الآيات (٢٤-٢٥): المدى الواسع لإصلاحات يوشيا.
٢٤وَكَذلِكَ السَّحَرَةُ وَالْعَرَّافُونَ وَالتَّرَافِيمُ وَالأَصْنَامُ وَجَمِيعُ الرَّجَاسَاتِ الَّتِي رُئِيَتْ فِي أَرْضِ يَهُوذَا وَفِي أُورُشَلِيمَ، أَبَادَهَا يُوشِيَّا لِيُقِيمَ كَلاَمَ الشَّرِيعَةِ الْمَكْتُوبَ فِي السِّفْرِ الَّذِي وَجَدَهُ حِلْقِيَّا الْكَاهِنُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ. ٢٥وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ مَلِكٌ مِثْلُهُ قَدْ رَجَعَ إِلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِهِ وَكُلِّ نَفْسِهِ وَكُلِّ قُوَّتِهِ حَسَبَ كُلِّ شَرِيعَةِ مُوسَى، وَبَعْدَهُ لَمْ يَقُمْ مِثْلُهُ.
١. وَكَذَلِكَ… أَبَادَهَا يُوشِيَّا: عمل الملك يوشيا أيضًا بوصية الله بإبعاد الذين كانوا يمارسون العرافة والتفاؤل وأشكال السحر الأخرى. إذ كان شغفه هو أن يقيم كَلَامَ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمَكْتُوبَ فِي ٱلسِّفْرِ ٱلَّذِي وَجَدَهُ حِلْقِيَّا ٱلْكَاهِنُ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ.
• الإصلاح العظيم في أيام يوشيا مثلٌ للعودة إلى كلمة الله والسعي إلى تأسيس كل تفكير وممارسة على ما أعلنه الله في كلمته. فكان ذلك تطبيقًا في العهد القديم لمبدأ حركة الإصلاح الخاص بـ ’الكلمة وحدها.‘
٢. لَمْ يَكُنْ… مَلِكٌ مِثْلُهُ: كان يوشيا واحدًا من أبرز ملوك يهوذا. إذ كان فريدًا في قوة طاعته وتكريسه. وهو مثل بارز لما يمكن أن يكون عليه القائد.
• كان هنالك ملوك عظماء آخرون ليهوذا ومملكة إسرائيل المتحدة، مثل داود وحزقيا. لكن الشيء الذي جعل يوشيا فريدًا هو تقواه في زمنه. فقد عاش في زمن شرير بشكل ملحوظ. ولهذا كانت تقواه لافتة للنظر على خلفية زمنه. “كان داود أعظم من يوشيا، لكنه لم يكن أفضل منه.” كلارك (Clarke)
• لكن بعد فترة غير طويلة من حُكمه، دان الرب يهوذا بشدة. ويبيّن هذا أنه رغم جهود يوشيا الإصلاحية، كان هنالك امتثال خارجي بين شعب يهوذا. غير أن قلوبهم لم تكن موجهة نحو الرب حقًّا. “لقد تظاهروا بهذا، وجاهروا بالإيمان به، لكن معظمهم نافقوا وتعاملوا بالخداع. فلم يلجأوا إلى الله بكل قلوبهم، كما قال النبي الصالح، إرميا.” تراب (Trapp)
• خدم إرميا في أيام يوشيا. وتبيّن رسالته إلى شعب إسرائيل ذلك. وقد وعد الله، على لسان إرميا، بأنهم إذا رجعوا إليه، سيسكنون في الأرض بأمان (إرميا ٧: ٥-٧). غير أن الله نظر إلى شعب يهوذا وقال: “وَفِي كُلِّ هَذَا أَيْضًا لَمْ تَرْجِعْ إِلَيَّ أُخْتُهَا ٱلْخَائِنَةُ يَهُوذَا بِكُلِّ قَلْبِهَا، بَلْ بِٱلْكَذِبِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ” (إرميا ٣: ١٠).
و ) الآيات (٢٦-٢٧): وعد الله بالدينونة.
٢٦وَلكِنَّ الرَّبَّ لَمْ يَرْجعْ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ الْعَظِيمِ، لأَنَّ غَضَبَهُ حَمِيَ عَلَى يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ جَمِيعِ الإِغَاظَاتِ الَّتِي أَغَاظَهُ إِيَّاهَا مَنَسَّى. ٢٧فَقَالَ الرَّبُّ: «إِنِّي أَنْزِعُ يَهُوذَا أَيْضًا مِنْ أَمَامِي كَمَا نَزَعْتُ إِسْرَائِيلَ، وَأَرْفُضُ هذِهِ الْمَدِينَةَ الَّتِي اخْتَرْتُهَا أُورُشَلِيمَ وَالْبَيْتَ الَّذِي قُلْتُ يَكُونُ اسْمِي فِيهِ».
١. وَلَكِنَّ ٱلرَّبَّ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ ٱلْعَظِيمِ: لم يرجع الرب عن غضبه الشديد رغم صلاح يوشيا الشخصي، ومثاله البار، وقيادته النزيهة، لأن الشعب كانوا ما زالوا يستفزون الرب، حيث كانوا يحبون الخطايا التي أُدخِلتْ في أيام منسّى، جد يوشيا.
• “عرف يوشيا من التشاور مع النبية خلدة أنه لن يكون هنالك أي عمق أو قيمة دائمة في إصلاحهم. غير أن هذه الحقيقة لم تمنحه الحق في رفض اتِّباع النور الذي وصل إليه.” مورجان (Morgan)
٢. إِنِّي أَنْزِعُ يَهُوذَا أَيْضًا مِنْ أَمَامِي: وعد الله بإذلالهم، وبغزوه عن طريق آخر، وبإرسالهم إلى السبي.
ثانيًا. نهاية يوشيا وخلفاؤه
أ ) الآيات (٢٨-٣٠): يوشيا يموت في معركة ضد الجيش المصري.
٢٨وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يُوشِيَّا وَكُلُّ مَا عَمِلَ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ ٢٩فِي أَيَّامِهِ صَعِدَ فِرْعَوْنُ نَخْوُ مَلِكُ مِصْرَ عَلَى مَلِكِ أَشُّورَ إِلَى نَهْرِ الْفُرَاتِ. فَصَعِدَ الْمَلِكُ يُوشِيَّا لِلِقَائِهِ، فَقَتَلَهُ فِي مَجِدُّو حِينَ رَآهُ. ٣٠وَأَرْكَبَهُ عَبِيدُهُ مَيْتًا مِنْ مَجِدُّو، وَجَاءُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَدَفَنُوهُ فِي قَبْرِهِ. فَأَخَذَ شَعْبُ الأَرْضِ يَهُوآحَازَ بْنَ يُوشِيَّا وَمَسَحُوهُ وَمَلَّكُوهُ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ.
١. فِي أَيَّامِهِ صَعِدَ فِرْعَوْنُ نَخْوُ مَلِكُ مِصْرَ عَلَى (لنجدة) مَلِكِ أَشُّورَ إِلَى نَهْرِ ٱلْفُرَاتِ: كان هذا جزءًا من الصراع الجيوسياسي بين الإمبراطورية الآشورية الآخذة في التضعضع والإمبراطورية البابلية الناشئة، حيث تحالف الأشوريون مع المصريين للحماية من قوة البابليين المتزايدة.
٢. فَصَعِدَ ٱلْمَلِكُ يُوشِيَّا لِلِقَائِهِ، فَقَتَلَهُ فِي مَجِدُّو حِينَ رَآهُ: تخبرنا ٢ أخبار الأيام ٣٥: ٢٠-٢٥ المزيد حول هذا الأمر. لقد حذّر الفرعون يوشيا من مقاتلته قائلًا: “مَا لِي وَلَكَ يَا مَلِكَ يَهُوذَا! لَسْتُ عَلَيْكَ أَنْتَ ٱلْيَوْمَ، وَلَكِنْ عَلَى بَيْتِ حَرْبِي، وَٱللهُ أَمَرَ بِإِسْرَاعِي. فَكُفَّ عَنِ ٱللهِ ٱلَّذِي مَعِي فَلَا يُهْلِكَكَ.” فرفض يوشيا بعناد سماع هذا التحذير (الذي كان في الواقع من الله). وتنكّر ودخل المعركة، غير أنه أُصيب بسهم من الرماة فمات. فكانت هذه نهاية حزينة لأحد أعظم ملوك يهوذا.
• “لم يكن هذا من الإيمان، وإلاّ لماذا تنكَّر؟ ولا يوجد سجل لأية صلاة رفعها قبل المعركة، كما في حالة أسلاف أتقياء كثيرين. ويبدو أن عمل يوشيا المتهور غير خاضع للمساءلة.” ناب (Knapp)
• “يبدو أن المكان المحدد للمعركة كان هَدَدْرِمُّون في وادي مجدّو، لأن زكريا (زكريا ١٢: ١١) يخبرنا أنه كانت هنالك مناحة عظيمة على يوشيا في ذلك المكان.” كلارك (Clarke)
٣. فَأَخَذَ شَعْبُ ٱلْأَرْضِ يَهُوآحَازَ بْنَ يُوشِيَّا وَمَسَحُوهُ وَمَلَّكُوهُ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ: “توقفت الخلافة المنتظمة لعرش يهوذا مع يوشيا الذي ندبوه. فلم يكن يهوآحاز بكر يوشيا. إذ كان يوحانان ويهوياقيم أكبر منه (١ أخبار الأيام ٣: ١٥). وقد صار ملكًا بالاختيار الشعبي. فكان تفضيل الشعب، لا تعيين الله.” ناب (Knapp)
• “وهكذا كانت خطايا الشعب هي السبب الحقيقي الذي دفع الله إلى إعطائهم ملوكًا أشرارًا، سامحًا لهم بأن يفعلوا الشر حتى يجلبوا، بخطاياهم وشرورهم، العقاب المستحق والمهدَّد به منذ زمن طويل على أنفسهم وعلى شعبهم. بوله (Poole)
ب) الآيات (٣١-٣٤): حكم يهوآحاز الشرير وسبيه إلى مصر.
٣١كَانَ يَهُوآحَازُ ابْنَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ حَمُوطَلُ بِنْتُ إِرْمِيَا مِنْ لِبْنَةَ. ٣٢فَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَهُ آبَاؤُهُ. ٣٣وَأَسَرَهُ فِرْعَوْنُ نَخْوُ فِي رَبْلَةَ فِي أَرْضِ حَمَاةَ لِئَلاَّ يَمْلِكَ فِي أُورُشَلِيمَ، وَغَرَّمَ الأَرْضَ بِمِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ وَوَزْنَةٍ مِنَ الذَّهَبِ. ٣٤وَمَلَّكَ فِرْعَوْنُ نَخْوُ أَلِيَاقِيمَ بْنَ يُوشِيَّا عِوَضًا عَنْ يُوشِيَّا أَبِيهِ، وَغَيَّرَ اسْمَهُ إِلَى يَهُويَاقِيمَ، وَأَخَذَ يَهُوآحَازَ وَجَاءَ إِلَى مِصْرَ فَمَاتَ هُنَاكَ.
١. فَعَمِلَ ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ: لقد كانت إصلاحات يوشيا رائعة، لكنها لم تكن نهضة طويلة الأمد. إذ لم يتبع ابنه يهوآحاز طرقه التقية.
• يعني الاسم ’يهوآحاز‘ ’الرب حازَ، أو امتلك، أو أمسك.‘ ومن المحتمل أنه كان اسمَ عرشٍ (أي اسمًا اتّخذه عندما صار ملكًا) لابن يوشيا هذا. ويبدو أن اسمه الحقيقي كان شلّوم (إرميا ٢٢: ١١؛ ١ أخبار الأيام ٣: ١٥). “وقد أظهر تجاوز ممارسة حق البكورية (في تولّي العرش) في ما يتعلق بأخيه الأكبر (إلياقيم) ميولًا معادية لمصر.” وايزمان (Wiseman)
• “أُغفِل اسم يهوآحاز بين أسماء أسلاف ربنا يسوع المسيح في متّى ١، ما يعني أن الله لم يعترف بيهوآحاز كسلف بالمعنى الحقيقي.” ناب (Knapp)
٢. وَأَسَرَهُ فِرْعَوْنُ نَخْوُ: بعد هزيمة الملك يوشيا في المعركة، استطاع فرعون أن يهيمن على يهوذا ويجعلها مملكة تابعة له وعازلة أمام الإمبراطورية البابلية المتنامية. وفرض عليها جزية، ووضع عليها ملكًا دُمية، أخا يهوآحاز، إلياقيم الذي غيّر فرعون اسمه إلى يهوياقيم.
ج) الآيات (٣٥-٣٧): حكم يهوياقيم على يهوذا.
٣٥وَدَفَعَ يَهُويَاقِيمُ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ لِفِرْعَوْنَ، إِلاَّ أَنَّهُ قَوَّمَ الأَرْضَ لِدَفْعِ الْفِضَّةِ بِأَمْرِ فِرْعَوْنَ. كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ تَقْوِيمِهِ. فَطَالَبَ شَعْبَ الأَرْضِ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ لِيَدْفَعَ لِفِرْعَوْنَ نَخْوٍ. ٣٦كَانَ يَهُويَاقِيمُ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ إِحْدَى عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ زَبِيدَةُ بِنْتُ فِدَايَةَ مِنْ رُومَةَ. ٣٧وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ آبَاؤُهُ.
١. قَوَّمَ ٱلْأَرْضَ لِدَفْعِ ٱلْفِضَّةِ بِأَمْرِ فِرْعَوْنَ: لم يكن يهوياقيم إلا ملكًا دُمْية يرأس مملكة تابعة خاضعة للمصريين. وفرض ضرائب باهظة على الشعب، ودفع الأموال لمصر كما هو مطلوب منه (٢ ملوك ٢٣: ٣٥).
• “جعله نخو نائبًا له، لمجرد رفع الضرائب وجمعها.” كلارك (Clarke)
• “وفي الوقت نفسه، كان يهوياقيم يهدر الموارد على بناء قصر له بالسخرة (إرميا ٢٢: ١٣-١٩).” وايزمان (Wiseman)
٢. وَعَمِلَ ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ: لم يتبع يهوياقيم، شأنه شأن أخيه يهوآحاز، مثال أبيه التقي، يوشيا.
• تصف إرميا ٣٦: ٢٢-٢٤ فجور يهوياقيم العظيم – كيف أنه أحرق مخطوطة من كلمة الله. واستجابة لهذا التصرف، تلقّى النبي إرميا هذه الرسالة من الله: “قُلْ لِيَهُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا: هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: أَنْتَ قَدْ أَحْرَقْتَ ذَلِكَ ٱلدَّرْجَ قَائِلًا: لِمَاذَا كَتَبْتَ فِيهِ قَائِلًا: مَجِيئًا يَجِيءُ مَلِكُ بَابِلَ وَيُهْلِكُ هَذِهِ ٱلْأَرْضَ، وَيُلَاشِي مِنْهَا ٱلْإِنْسَانَ وَٱلْحَيَوَانَ؟ لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ عَنْ يَهُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا: لَا يَكُونُ لَهُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ، وَتَكُونُ جُثَّتُهُ مَطْرُوحَةً لِلْحَرِّ نَهَارًا، وَلِلْبَرْدِ لَيْلًا” (إرميا ٣٦: ٢٩-٣٠).
• “أضاف إلى جميع شروره السابقة شرًّا آخر، حيث قتل النبي أوريا (إرميا ٢٦: ٢٠، ٢٣).” تراب (Trapp)