سفر ملوك الثاني – الإصحاح ١٧
سقوط إسرائيل
أولًا. سقوط السامرة
أ ) الآيات (١-٢): حكم هوشع الشرير
١فِي السَّنَةِ الثَّانِيةَ عَشَرَةَ لآحَازَ مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ هُوشَعُ بْنُ أَيْلَةَ فِي السَّامِرَةِ عَلَى إِسْرَائِيلَ تِسْعَ سِنِينَ. ٢وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلكِنْ لَيْسَ كَمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ.
١. هُوشَعُ بْنُ أَيْلَةَ: رأينا هوشع بن أيلة آخر مرة في ٢ ملوك ١٥: ٣٠ بصفته ذلك الرجل الذي قاد مؤامرة على فقح، ملك إسرائيل. وبعد الاغتيال الناجح، استولى هوشع على العرش بادئًا سلالته الحاكمة القصيرة.
٢. وَعَمِلَ ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ، وَلَكِنْ لَيْسَ كَمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ: كان هوشع رجلًا شريرًا، لكنه لم يكن أسوأ ملوك إسرائيل بأية حال من الأحوال. ومن المحزن أن إطاحته الدموية للملك السابق، وصعوده العنيف إلى العرش لم يجعلاه شريرًا بشكل غير عادي بين ملوك إسرائيل.
• “لا يبدو أنه افتتح أو واصل الممارسة المناهضة لعبادة يهوه (الرب) التي تدان إسرائيل نفسها عليها.” وايزمان (Wiseman)
• يذكرنا هذا بأن الدينونة ربما لا تأتي في ذروة الخطية. فعندما يحكم الله على أُمة أو ثقافة أو يدينها، فإنه يرى الصورة كاملة أمامه. ولهذ السبب، قد تأتي الأحداث الفعلية للدينونة عندما لا تكون الأمور بهذا السوء بالمعنى النسبي.
• “ليست هذه حبة الرمل الأخيرة التي تستنفد زجاج الساعة، ولا ضربة الفأس الأخيرة التي تُسقِط الشجرة. هكذا هو الحال هنا.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (٣-٤): مقاومة هوشع العقيمة لأشور.
٣وَصَعِدَ عَلَيْهِ شَلْمَنْأَسَرُ مَلِكُ أَشُّورَ، فَصَارَ لَهُ هُوشَعُ عَبْدًا وَدَفَعَ لَهُ جِزْيَةً. ٤وَوَجَدَ مَلِكُ أَشُّورَ فِي هُوشَعَ خِيَانَةً، لأَنَّهُ أَرْسَلَ رُسُلاً إِلَى سَوَا مَلِكِ مِصْرَ، وَلَمْ يُؤَدِّ جِزْيَةً إِلَى مَلِكِ أَشُّورَ حَسَبَ كُلِّ سَنَةٍ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ مَلِكُ أَشُّورَ وَأَوْثَقَهُ فِي السِّجْنِ.
١. فَصَارَ لَهُ هُوشَعُ عَبْدًا (تابعًا له) وَدَفَعَ لَهُ جِزْيَةً: على غرار منحيم قبله (٢ ملوك ١٥: ١٧-٢٢)، قبِل هوشع منزلة التابع لملك أشور. فإذا دفع المال، وفعل ما يُرضي ملك أشور، فسيُسمح له بأن يستمر على عرش إسرائيل.
• اعتقد هوشع أنه سنحت له فرصة إستراتيجية عندما جاء ملك جديد إلى عرش أشور، لكنه كان مخطئًا. “عندما مات تلغث فلاسر الثالث في عام ٧٢٧ ق. م. وخلفه ابنه شلمنصّر (٧٢٧ -٧٢٢)، بدا أن الوقت حان لأن تتخلى بعض الدول الغربية عن منزلتها كتابعة لأشور. وعلاوة على ذلك، بدا أن هنالك حليفًا مهمًا في دلتا مصر.” باترسون (Patterson) وأوستيل (Austel)
٢. وَوَجَدَ مَلِكُ أَشُّورَ فِي هُوشَعَ خِيَانَةً (اكتشف خيانته): كان الملك هوشع يأمل أن يجد عونًا بين المصريين الذين كانوا في صراع دائم على القوة والنفوذ مع الإمبراطورية الأشورية. وبسبب هذه المؤامرة، وعدم دفع الجزية السنوية، قام ملك أشور بسجن هوشع.
• كما يمكن أن تتوقع بين ملوك إسرائيل، لم يتطلع هوشع إلى الرب من أجل العون. بل تطلّع إلى مصر. ولهذا، قال النبي هوشع عنه: ’اَلسَّامِرَةُ مَلِكُهَا يَبِيدُ كَغُثَاءٍ عَلَى وَجْهِ ٱلْمَاءِ‘ (هوشع ١٠: ٧).
• يرجح أنه ينبغي فهم الإشارة إلى ’سَوا‘ على نحو أفضل على أنه تشير إلى مكان، سايس، عاصمة مصر في ذلك الوقت. “إذا فُهمت هكذا، تكون قراءة الآية الرابعة هكذا: ’أَرْسَلَ رُسُلًا إِلَى سايس، أي إلى مَلِكِ مِصْرَ.‘” باترسون (Patterson) وأوستيل (Austel)
ج) الآيات (٥-٦): أشور تغزو مملكة إسرائيل الشمالية.
٥وَصَعِدَ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَصَعِدَ إِلَى السَّامِرَةِ وَحَاصَرَهَا ثَلاَثَ سِنِينَ. ٦فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِهُوشَعَ أَخَذَ مَلِكُ أَشُّورَ السَّامِرَةَ، وَسَبَى إِسْرَائِيلَ إِلَى أَشُّورَ وَأَسْكَنَهُمْ فِي حَلَحَ وَخَابُورَ نَهْرِ جُوزَانَ وَفِي مُدُنِ مَادِي.
١. وَصَعِدَ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى كُلِّ ٱلْأَرْضِ، وَصَعِدَ إِلَى ٱلسَّامِرَةِ وَحَاصَرَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ: كانت هذه حملة طويلة مخصصة لسحق مملكة إسرائيل الشمالية التي تحدّت قوة الإمبراطورية الأشورية. ورغم أن الحصار دام ثلاث سنين، إلا أنه كان يستحق كل هذا العناء بالنسبة لأشور.
• ثَلَاثَ سِنِينَ: “إن حقيقة استغراق أشور كل هذا الوقت لكسر مقاومة السامرة شهادة للسور الجيد الذي بناه عمري وأخآب حول العاصمة.” ديلداي (Dilday)
• يوضح هذا لنا أنه عندما يجلب الله دينونته، قد يستخدم أدوات بشرية في ذلك.
٢. وَسَبَى إِسْرَائِيلَ إِلَى أَشُّورَ وَأَسْكَنَهُمْ: عندما سقطت السامرة أخيرًا، واحتُلّت المملكة الشمالية، اتّبع الأشوريون سياستهم تجاه الشعوب المحتلة، حيث رحّلوا الجميع باستثناء الطبقات الدنيا من المجتمع إلى المدن الرئيسية في إمبراطوريتهم، إما لتدريب الموهوبين والاستفادة منهم، وإما لاستعباد القادرين.
• بعد ٢٠٠ عام و١٩ ملكًا من زمن سليمان، آخر ملك على إسرائيل الموحدة، سقطت مملكة إسرائيل الشمالية. ولم يكن الأمر أن إله إسرائيل كان عاجزًا عن مساعدتهم، بل لأنهم تركوا الله وتجاهلوا إرشاده وتقويمه لدرجة أنه توقف أخيرًا عن حمايتهم بشكل نشط، وتركهم يتعفّنون وينحطّون حسب رغبتهم.
• عندما أخذ الأشوريون شعب إسرائيل إلى أشور، اتبعوا عاداتهم القياسية. فعندما كانوا يُجْلون أمّة مغزوة ويسبونها، كانوا يقودون الأسرى في رحلات لمئات الأميال عراة مربوطين معًا بنظام من السلاسل والخطاطيف التي تخترق شفاههم السفلية. وسيتأكد الله من أنه ستتم قيادتهم بهذه الطريقة المهينة عبر الأسوار المهدمة لمدنهم المغزوة (عاموس ٤: ٢-٣).
• يبيّن هذا مبدأ آخر من دينونة الله. فعندما تأتي، فإنها غالبًا ما تكون مهينة ومُذلة.
• يبدو أن سرجون الثاني، شقيق شلمنصّر وخليفته، أنهى هذا الحصار، أو على الأقل نُسب الفضل إليه في ذلك. “كان رجال السامرة مع ملكهم معادين لي. واتفقوا معًا على عدم تنفيذ التزاماتهم كتابعين لي، وعلى عدم دفع الجزية. ولهذا حاربوني… اشتبكت معهم، وأسرت ٢٧,٢٨٠ شخصًا بمركباتهم وآلهتهم التي اتكلوا عليها. ودمجت ٢٠٠ مركبة منها في جيشي، وأسكنت بقية الشعب داخل أشور. واسترددت مدينة السامرة وجعلتها أعظم مما كانت عليها.” منشورات سرجون الثاني المنقوشة من نمرود – اقتبسها وايزمان. (Wiseman)
ثانيًا. أسباب سقوط مملكة إسرائيل الشمالية
“يفرد كاتب هذا السفر بقية هذا الإصحاح لتبرئة الرعاية والعدالة الإلهيتين، مبيّنًا سبب سماح الله بمثل هذا الخراب على شعب طالما كانوا أبناءه الفريدين.” كلارك (Clarke)
أ ) الآية (٧): تجاهُلهم لإله فدائهم
٧وَكَانَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَخْطَأُوا إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِهِمِ ٱلَّذِي أَصْعَدَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ تَحْتِ يَدِ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، وَٱتَّقَوْا آلِهَةً أُخْرَى.
١. وَكَانَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَخْطَأُوا إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِهِمِ: في الآيات التالية، يشرح المؤرخ الموحى إليه من الله الأسباب الأساسية التي أدت إلى غزو المملكة الشمالية وسبيها. فكانت الخطية جذر المشكلة. فلم تكن مسألة تغييرات جغرافية-سياسية، أو اجتماعية. بل كانت الخطية.
٢. وَٱتَّقَوْا آلِهَةً أُخْرَى: في عمل الفداء المركزي في تاريخ العهد القديم، أصعد الله نبي إسرائيل من أرض مصر. ويفترض في أنّ تذكُّر هذا العمل يدفع شعب إسرائيل إلى التكريس الصادق للرب. غير أنهم لم يتذكروا ذلك. وبدلًا من ذلك، اتّقوا آلهة أخرى كاسرين بهذا العهد الذي قطعه الله مع شعبه.
• ومع ذلك، فإن مملكة إسرائيل الشمالية كانت قد اتّقت آلهة أخرى منذ تأسيسها قبل حوالي ٢٠٠ سنة. ويبيّن هذا مبدأ آخر من دينونة الله، وهو أنه غالبًا ما يمر وقت طويل قبل أن تأتي دينونة الله، لأن الله يُحْجم عن إرسال دينونته لأطول وقت ممكن.
ب) الآية (٨): تقليدهم للشعوب الفاجرة من حولهم
٨وَسَلَكُوا حَسَبَ فَرَائِضِ ٱلْأُمَمِ ٱلَّذِينَ طَرَدَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ أَقَامُوهُمْ.
١. وَسَلَكُوا حَسَبَ فَرَائِضِ ٱلْأُمَمِ ٱلَّذِينَ طَرَدَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: قبل أن يحتل بنو إسرائيل كنعان في أيام يشوع، كانت الأرض الموعودة مأهولة من شعوب وثنية منحطة مارست أسوأ أنواع عبادة الأوثان وتقديم الذبائح البشرية. وكانت إحدى خطايا إسرائيل هي أنهم اتبعوا هذه الطرق الكنعانية القديمة.
• ٱلَّذِينَ طَرَدَهُمُ ٱلرَّبُّ: طرد الله الشعوب الكنعانية في زمن يشوع بسبب هذه الخطايا. وهو الآن يطرد مملكة إسرائيل الشمالية لسبب الخطايا نفسها. فلم تكن دينونة الله على الكنعانيين القدماء بسبب جنسهم وعرقهم، بل بسبب سلوكهم. فكما شاركت إسرائيل في السلوك نفسه، كذلك ستشترك في الدينونة نفسها.
٢. ٱلَّذِينَ أَقَامُوهُمْ (أقاموها، جعلوها): يصعب قليلًا أن نحدد إن كانت عبارة ٱلَّذِينَ أَقَامُوهُمْ (أقاموها) هنا هي إلى الآلهة الأخرى المذكورة في الآية السابقة، أم إلى الفرائض المذكورة هنا. وعلى أية حال، فإن أيًّا منهما مشروع أو صحيح فالبشر يقيمون شرائعهم وأوثانهم حسب إبداعهم ورغبتهم.
ج) الآيات (٩-١٢): ممارستهم الوثنية سرًّا وعلنًا
٩وَعَمِلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ سِرًّا ضِدَّ الرَّبِّ إِلهِهِمْ أُمُورًا لَيْسَتْ بِمُسْتَقِيمَةٍ، وَبَنَوْا لأَنْفُسِهِمْ مُرْتَفَعَاتٍ فِي جَمِيعِ مُدُنِهِمْ، مِنْ بُرْجِ النَّوَاطِيرِ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُحَصَّنَةِ. ١٠وَأَقَامُوا لأَنْفُسِهِمْ أَنْصَابًا وَسَوَارِيَ عَلَى كُلِّ تَلّ عَال وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ. ١١وَأَوْقَدُوا هُنَاكَ عَلَى جَمِيعِ الْمُرْتَفَعَاتِ مِثْلَ الأُمَمِ الَّذِينَ سَاقَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِهِمْ، وَعَمِلُوا أُمُورًا قَبِيحَةً لإِغَاظَةِ الرَّبِّ. ١٢وَعَبَدُوا الأَصْنَامَ الَّتِي قَالَ الرَّبُّ لَهُمْ عَنْهَا: «لاَ تَعْمَلُوا هذَا الأَمْرَ»
١. وَعَمِلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ سِرًّا ضِدَّ ٱلرَّبِّ إِلَهِهِمْ أُمُورًا لَيْسَتْ بِمُسْتَقِيمَةٍ: يلطّخ التمرد والخطية دينونة البشر. ومن الواضح أن دينونة بني إسرائيل كانت نتيجة لذلك. لقد تَعَطّل حُسن تمييزهم وإدراكهم بحيث ظنّوا أنه بإمكانهم أن يخطئوا سرًّا إلى الله الذي يرى كل شيء.
٢. وَبَنَوْا لِأَنْفُسِهِمْ مُرْتَفَعَاتٍ فِي جَمِيعِ مُدُنِهِمْ: كانت هذه أماكن غير مصرح بها (من الله) لتقديم الذبائح الوثنية. وينطبق هذا أيضًا على الأنصاب والسواري.
٣. مِثْلَ ٱلْأُمَمِ ٱلَّذِينَ سَاقَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ أَمَامِهِمْ: يكرر المؤرخ الموحى إليه هذه الفكرة. فنفس الخطايا التي جلبت الدينونة على الكنعانيين جلبت الدينونة على مملكة إسرائيل الشمالية.
د ) الآيات (١٣-١٥): رفْض بني إسرائيل لإنذارات الله المتكررة.
١٣وَأَشْهَدَ الرَّبُّ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَعَلَى يَهُوذَا عَنْ يَدِ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَكُلِّ رَاءٍ قَائِلاً: «ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ وَاحْفَظُوا وَصَايَايَ، فَرَائِضِي، حَسَبَ كُلِّ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُ بِهَا آبَاءَكُمْ، وَالَّتِي أَرْسَلْتُهَا إِلَيْكُمْ عَنْ يَدِ عَبِيدِي الأَنْبِيَاءِ». ١٤فَلَمْ يَسْمَعُوا بَلْ صَلَّبُوا أَقْفِيَتَهُمْ كَأَقْفِيَةِ آبَائِهِمِ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِالرَّبِّ إِلهِهِمْ. ١٥وَرَفَضُوا فَرَائِضَهُ وَعَهْدَهُ الَّذِي قَطَعَهُ مَعَ آبَائِهِمْ وَشَهَادَاتِهِ الَّتِي شَهِدَ بِهَا عَلَيْهِمْ، وَسَارُوا وَرَاءَ الْبَاطِلِ، وَصَارُوا بَاطِلاً وَرَاءَ الأُمَمِ الَّذِينَ حَوْلَهُمُ، الَّذِينَ أَمَرَهُمُ الرَّبُّ أَنْ لاَ يَعْمَلُوا مِثْلَهُمْ.
١. وَأَشْهَدَ ٱلرَّبُّ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَعَلَى يَهُوذَا عَنْ يَدِ جَمِيعِ ٱلْأَنْبِيَاءِ: أرسل الله في محبته أنبياء للمملكتين الشمالية والجنوبية. فكانت رسالتهم تحذيرًا من الذنوب التي أفسدت شعب الله وفصلتهم عنه. ودعوا الشعب برسالة ’ٱرْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ ٱلرَّدِيئَةِ.‘
٢. فَلَمْ يَسْمَعُوا (فلم يَتّقُوهُ): أرسل الله هؤلاء الرسل لمساعدة بني إسرائيل وتجنيبهم الدينونة التي ستأتي إذا لم يرجعوا عن طرقهم الردية. غير أنهم صاروا أكثر عنادًا عندما وجّه دعوة التوبة إليهم، فغرقوا أكثر في الخطية.
• عندما يجلب الله دينونة، فإنه يجلب تحذيرًا أولًا – وغالبًا ما تكون تحذيرات كثيرة على فترة طويلة. ولا تأتي دينونة الله إلا بعد رفض هذه التحذيرات.
• “كانت خطيتهم هي ضد الشريعة، إلا أنها كانت في نهاية الأمر ضد محبة الله الصبور.” مورجان (Morgan)
• صَلَّبُوا أَقْفِيَتَهُمْ: “رفضوا أن يُخضعوا رقبتهم لنير وصايا الله. وهذه استعارة من الثيران العنيدة التي تُصَلِّب رقابها ولا تنحني للنير. بوله (Poole)
٣. وَسَارُوا وَرَاءَ ٱلْبَاطِلِ، وَصَارُوا بَاطِلًا: تقول إحدى الترجمات: ’اتَّبعوا أوثانًا باطلة (تافهة)، فصاروا باطلين (تافهين).‘ وتقول ترجمة أخرى: ’اتَّبعوا التفاهة، فصاروا تافهين.‘
• “النص العبري الأصلي أكثر دقة في هذه النقطة. يقول: لقد عبدوا الفراغ (الخواء)، فصاروا فارغين (خاوين).” والكلمة هنا هي Hebel وهي تعني ’الهواء،‘ أو ’الوهم،‘ أو ’الغرور‘ أو ’البُطْل.‘ والفكرة هي أنهم صاروا مثل الآلهة التي عبدوها. فقد سجدوا للاشيء، فصاروا عدمًا.” ديلداي (Dilday)
هـ) الآيات (١٦-٢٣): تركوا الله وخدموا الأوثان حتى مجيء الدينونة في نهاية الأمر
١٦وَتَرَكُوا جَمِيعَ وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِهِمْ وَعَمِلُوا لأَنْفُسِهِمْ مَسْبُوكَاتٍ عِجْلَيْنِ، وَعَمِلُوا سَوَارِيَ، وَسَجَدُوا لِجَمِيعِ جُنْدِ السَّمَاءِ، وَعَبَدُوا الْبَعْلَ. ١٧وَعَبَّرُوا بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ فِي النَّارِ، وَعَرَفُوا عِرَافَةً وَتَفَاءَلُوا، وَبَاعُوا أَنْفُسَهُمْ لِعَمَلِ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ. ١٨فَغَضِبَ الرَّبُّ جِدًّا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَنَحَّاهُمْ مِنْ أَمَامِهِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ سِبْطُ يَهُوذَا وَحْدَهُ. ١٩وَيَهُوذَا أَيْضًا لَمْ يَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِهِمْ، بَلْ سَلَكُوا فِي فَرَائِضِ إِسْرَائِيلَ الَّتِي عَمِلُوهَا. ٢٠فَرَذَلَ الرَّبُّ كُلَّ نَسْلِ إِسْرَائِيلَ، وَأَذَلَّهُمْ وَدَفَعَهُمْ لِيَدِ نَاهِبِينَ حَتَّى طَرَحَهُمْ مِنْ أَمَامِهِ، ٢١لأَنَّهُ شَقَّ إِسْرَائِيلَ عَنْ بَيْتِ دَاوُدَ، فَمَلَّكُوا يَرُبْعَامَ بْنَ نَبَاطَ، فَأَبْعَدَ يَرُبْعَامُ إِسْرَائِيلَ مِنْ وَرَاءِ الرَّبِّ وَجَعَلَهُمْ يُخْطِئُونَ خَطِيَّةً عَظِيمَةً. ٢٢وَسَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي جَمِيعِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ الَّتِي عَمِلَ. لَمْ يَحِيدُوا عَنْهَا ٢٣حَتَّى نَحَّى الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَمَامِهِ كَمَا تَكَلَّمَ عَنْ يَدِ جَمِيعِ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ، فَسُبِيَ إِسْرَائِيلُ مِنْ أَرْضِهِ إِلَى أَشُّورَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
١. وَعَمِلُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَسْبُوكَاتٍ عِجْلَيْنِ: يشير هذا إلى خطية يربعام المشهورة في ١ ملوك ١٢: ٢٦-٢٩. ولم تدمر هذه العبادة الوثنية المدعومة من الدولة مملكة إسرائيل الشمالية فورًا – إذ دامت كأُمة مستقلة لمدة ٢٠٠ عام بعد زمن يربعام. لكن من المؤكد أن خطيته كانت البداية.
٢. وَعَبَّرُوا بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ فِي ٱلنَّارِ: يشير هذا إلى عبادة مولك البغيضة، حيث كان الأطفال يُحرَقون كذبائح له.
٣. وَعَرَفُوا عِرَافَةً وَتَفَاءَلُوا: تبنّى أسباط الشمال الممارسات الدينية الآثمة التي سبق أن تبنّتها القبائل الكنعانية قبلهم. وقد استفزت كل هذه الخطايا غضب الله.
٤. فَغَضِبَ ٱلرَّبُّ جِدًّا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَنَحَّاهُمْ مِنْ أَمَامِهِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا سِبْطُ يَهُوذَا وَحْدَهُ: كانت هذه نهاية أسباط الشمال العشرة كمملكة مستقلة. وعندما شتّتهم الأشوريون، اندمج بعضهم في ثقافات أخرى، بينما احتفظ الآخرون بهويتهم كمسبيين في بلاد أجنبية.
• غير أن من الخطأ أن نعتقد أن أسباط الشمال هؤلاء مفقودون. ففي زمن يربعام وانفصاله عن مملكة يهوذا الجنوبية، لم يحب الكهنة واللاويون الشرعيون الذين عاشوا في أسباط الشمال العشرة عبادة يربعام الوثنية، فانتقلوا مع آخرين ممن هيّأوا قلوبهم لطلب الرب إله إسرائيل إلى مملكة يهوذا الجنوبية (٢ أخبار الأيام ١١: ١٣-١٦). ولهذا، ضمت مملكة يهوذا في واقع الأمر إسرائيليين من كل الأسباط العشرة.
• وفي ضوء هذا كله، يمكننا القول إن أسباط الشمال العشرة لم يُفقَدوا. ومن المؤكد أنهم لم يهاجروا إلى بريطانيا حسب بعض النظريات البريطانية-الإسرائيلية.
هاجر بعضهم إلى مملكة يهوذا الجنوبية (وعلى وجه الخصوص، الأتقياء في ذلك الزمن) في أيام يربعام الأول.
اندمج بعضهم في ثقافات أخرى.
احتفظ بعضهم بثقافاتهم وهويتهم اليهودية في أراضي سبيهم.
٥. وَيَهُوذَا أَيْضًا لَمْ يَحْفَظُوا وَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلَهِهِمْ، بَلْ سَلَكُوا فِي فَرَائِضِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي عَمِلُوهَا: من ناحية روحية، كانت يهوذا أكثر إخلاصًا من إسرائيل الشمالية. ومع ذلك، بدأت بتقليد جيرانها في الشمال.
• تلقَّت يهوذا الدرس بشكل مباشر وأمام عينيها. إذ كانت إسرائيل المغزوة دليلًا حيًّا على ما يحدث عندما تتحول القلوب عن الله. غير أنها تجاهلت هذه الدروس الواضحة مقلّدة خطايا إسرائيل.
٦. وَسَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي جَمِيعِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ ٱلَّتِي عَمِلَ. لَمْ يَحِيدُوا عَنْهَا حَتَّى نَحَّى ٱلرَّبُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَمَامِهِ: تتلخص خطية إسرائيل في أنها سلّمت نفسها لعبادة الأوثان. لقد عبدوا الإله الحقيقي بطريقة خاطئة، ثم بدأت بعبادة آلهة باطلة.
ثالثًا. إعادة توطين السامرة
أ ) الآيات (٢٤-٢٦): الله يحذّر الأجانب الذين أُعيد توطينهم في السامرة.
٢٤وَأَتَى مَلِكُ أَشُّورَ بِقَوْمٍ مِنْ بَابِلَ وَكُوثَ وَعَوَّا وَحَمَاةَ وَسَفَرْوَايِمَ، وَأَسْكَنَهُمْ فِي مُدُنِ السَّامِرَةِ عِوَضًا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَامْتَلَكُوا السَّامِرَةَ وَسَكَنُوا فِي مُدُنِهَا. ٢٥وَكَانَ فِي ابْتِدَاءِ سَكَنِهِمْ هُنَاكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَّقُوا الرَّبَّ، فَأَرْسَلَ الرَّبُّ عَلَيْهِمِ السِّبَاعَ فَكَانَتْ تَقْتُلُ مِنْهُمْ. ٢٦فَكَلَّمُوا مَلِكِ أَشُّورَ قَائِلِينَ: «إِنَّ الأُمَمَ الَّذِينَ سَبَيْتَهُمْ وَأَسْكَنْتَهُمْ فِي مُدُنِ السَّامِرَةِ، لاَ يَعْرِفُونَ قَضَاءَ إِلهِ الأَرْضِ، فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمِ السِّبَاعَ فَهِيَ تَقْتُلُهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ قَضَاءَ إِلهِ الأَرْضِ».
١. وَأَتَى مَلِكُ أَشُّورَ بِقَوْمٍ: تمثلت سياسة الإمبراطورية الأشورية في إزاحة الأشخاص المتمردين والمقاومين لها، وتوطين أقوام آخرين من أجزاء أخرى من الإمبراطورية في أراضي المتمردين السابقة.
• لم يأمل ملوك أشور في جعل المناطق التي يعاد تأسيسها وإعمارها أكثر قابلية للإدارة فحسب، بل أملوا أيضًا في تدريب المواطنين الجدد وتشجيعهم على نقل ولائهم إلى الإمبراطورية الأشورية.” باترسون (Patterson) وأوستيل (Austel)
٢. لَمْ يَتَّقُوا ٱلرَّبَّ، فَأَرْسَلَ ٱلرَّبُّ عَلَيْهِمِ ٱلسِّبَاعَ: يبيّن هذا أنه لم يكن هنالك شيء مميز في مملكة إسرائيل فحسب، بل كان هنالك شيء مميز في أرض إسرائيل نفسها أيضًا. فقد أمر الله بأن يخافه سكان هذه الأرض، حتى إذا كانوا قد جاءوا من شعوب أخرى.
• بدا أن الأسود الشرسة الشرهة تتجول بحرية عبر المنطقة، ربما لأنه كانت ما زالت هنالك جثث لم تُدفن بعد الحرب الدموية، إضافة إلى هجرة السكان من الأرض.” باترسون (Patterson) وأوستيل (Austel)
• تخبرنا زكريا ٢: ١٢ أن أرض إسرائيل هي الأرض المقدسة. إذ يعدها الله شيئًا مميزًا، وسيحاسب أولئك الذين يعيشون فيها ولا يخافونه.
• “وبناءً على ذلك أيضًا، أكد الله حقه في تلك الأرض وسيادته عليها، وأفهمهم أنهم لم يطردوا بني إسرائيل منها أو جلبوهم إليها ببسالتهم أو قوّتهم، بل بسبب العناية الإلهية.” بوله (Poole)
٣. لاَ يَعْرِفُونَ قَضَاءَ إِلهِ الأَرْضِ: يبدو أن هؤلاء المسؤولين الأشوريين عرفوا ما لم تعرفه مملكة إسرائيل التي تم غزوها حديثًا، وهو أن عليهم أن يكرموا إله إسرائيل. ومع ذلك، فإن أي إيمان بين هؤلاء القوم الذين أُعيد توطينهم أُسِّس على خوف بسيط من الأسود، ما أدى إلى علاقة غير ملائمة بالله.
• لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ قَضَاءَ إِلَهِ ٱلْأَرْضِ: “أرسل أسودًا بينهم. وهذه هي الأسود التي هدتهم إلى الإيمان. فقد هدتهم أسنانها، وأنيابها، وعيونها النارية، ورعود زئيرها. فلا بد أن يكون لهم إله يخلّصهم. لم يقدروا على تحمُّل الأسود، ولذلك كان عليهم أن يخافوا الرب الذي يستطيع أن يرسل الأسود أو يتوقف عن إرسالها. والآن، حاولوا أيها الأصدقاء أن تتأكدوا من حقيقة اهتدائكم (تجديدكم)، إن كان قد جاء بسبب دوافع الرعب فقط.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآيات (٢٧-٣٣): ترسيخ دين للسامرة
٢٧فَأَمَرَ مَلِكُ أَشُّورَ قَائِلاً: «ابْعَثُوا إِلَى هُنَاكَ وَاحِدًا مِنَ الْكَهَنَةِ الَّذِينَ سَبَيْتُمُوهُمْ مِنْ هُنَاكَ فَيَذْهَبَ وَيَسْكُنَ هُنَاكَ، وَيُعَلِّمَهُمْ قَضَاءَ إِلهِ الأَرْضِ». ٢٨فَأَتَى وَاحِدٌ مِنَ الْكَهَنَةِ الَّذِينَ سَبَوْهُمْ مِنَ السَّامِرَةِ، وَسَكَنَ فِي بَيْتِ إِيلَ وَعَلَّمَهُمْ كَيْفَ يَتَّقُونَ الرَّبَّ. ٢٩فَكَانَتْ كُلُّ أُمَّةٍ تَعْمَلُ آلِهَتَهَا وَوَضَعُوهَا فِي بُيُوتِ الْمُرْتَفَعَاتِ الَّتِي عَمِلَهَا السَّامِرِيُّونَ، كُلُّ أُمَّةٍ فِي مُدُنِهَا الَّتِي سَكَنَتْ فِيهَا. ٣٠فَعَمِلَ أَهْلُ بَابِلَ سُكُّوثَ بَنُوثَ، وَأَهْلُ كُوثَ عَمِلُوا نَرْجَلَ، وَأَهْلُ حَمَاةَ عَمِلُوا أَشِيمَا، ٣١وَالْعُوِّيُّونَ عَمِلُوا نِبْحَزَ وَتَرْتَاقَ، وَالسَّفَرْوَايِمِيُّونَ كَانُوا يُحْرِقُونَ بَنِيهِمْ بِالنَّارِ لأَدْرَمَّلَكَ وَعَنَمَّلَكَ إِلهَيْ سَفَرْوَايِمَ. ٣٢فَكَانُوا يَتَّقُونَ الرَّبَّ، وَيَعْمَلُونَ لأَنْفُسِهِمْ مِنْ أطْرَافِهِمْ كَهَنَةَ مُرْتَفَعَاتٍ، كَانُوا يُقَرِّبُونَ لأَجْلِهِمْ فِي بُيُوتِ الْمُرْتَفَعَاتِ. ٣٣كَانُوا يَتَّقُونَ الرَّبَّ وَيَعْبُدُونَ آلِهتَهُمْ كَعَادَةِ الأُمَمِ الَّذِينَ سَبَوْهُمْ مِنْ بَيْنِهِمْ
١. وَعَلَّمَهُمْ كَيْفَ يَتَّقُونَ ٱلرَّبَّ: كان كهنوت مملكة إسرائيل فاسدًا. لكن ملك أشور لم يعرف ذلك، ولم يكن مهتمًّا بنقاوة ديانة إسرائيل. ولهذا أرسل هذا الكاهن المجهول الفاسد ليعلّم السكان الجدد في هذه الأرض ديانة فاسدة.
• من المؤكد أن هذه الديانة تضمنت عناصر للإيمان الحقيقي. لكنها في الوقت نفسه فسدت على مدى القرون بسبب عبادة الأوثان السائدة في إسرائيل والمدعومة من الدولة.
٢. فَكَانَتْ كُلُّ أُمَّةٍ تَعْمَلُ آلِهَتَهَا: لم يخبر الكاهن المأجور الذي أتى به الأشوريون سكان الأرض الجدد أنه يتوجب عليهم أن يعبدوا الرب وحده. ولم يعلِّمْ هذا، لأنه كونه من مملكة إسرائيل الشمالية، لم يؤمن بهذا.
٣. كَانُوا يَتَّقُونَ ٱلرَّبَّ وَيَعْبُدُونَ آلِهتَهُمْ: يصف هذا الشعوب الوثنية التي جلبها الأشوريون ليستوطنوا في منطقة مملكة إسرائيل الشمالية. فكانوا يقدمون قدرًا من الاحترام لإله إسرائيل – إذ لم يريدوا أن يُؤكلوا من الأسود! غير أنهم خدموا آلهة أخرى. واختاروا من المعتقدات الوثنية والروحية ما يرضيهم.
• يصف هذا بدقة الشعوب الوثنية التي استوطنت إسرائيل من جديد.
• يصف هذا بدقة مملكة إسرائيل الشمالية قبل أن تُغزى وتُسبى.
• يصف هذا بدقة المعتقدات الدينية الشائعة في العالم الحديث.
“أأنت متأكد من أن هذا ليس وصفًا حقيقيَّا لموقفك؟ فأنت تقدم احترامًا خارجيًّا لله من خلال حضورك إلى بيته، معترفًا بيومه، بينما تسجد أمام مقادس أخرى.” ماير (Meyer)
“أليست هذه تقوى دنيوية، وهي ديانة إنجلترا؟ إنهم يعيشون بين أشخاص أتقياء. ويؤدبهم الله، ولهذا يخافونه، لكن ليس بما يكفي لإعطاء قلوبهم له. إنهم يبحثون عن معلمِ تقليمٍ وتشذيبٍ غير دقيق جدًّا أو صريح جدًا. وهم يستقرون بشكل مريح على إيمان هجين – نصف حقيقة، ونصف خطأ، عبادة هجينة، وشكل نصف حق، ونصف أورثوذوكسية.” سبيرجن (Spurgeon)
“دعوني أكن على صواب من دون أن يكون هنالك أي شك (خطأ) في ذلك. لكن لا تدعوني أكن على صواب وخطأ معًا، مغتسلًا وقذرًا، أبيض وأسود، وابنًا لله وشيطانًا.” سبيرجن (Spurgeon)
ج) الآيات (٣٤-٤١): استمرار الديانة الزائفة
٣٤إِلَى هذَا الْيَوْمِ يَعْمَلُونَ كَعَادَاتِهِمِ الأُوَلِ. لاَ يَتَّقُونَ الرَّبَّ وَلاَ يَعْمَلُونَ حَسَبَ فَرَائِضِهِمْ وَعَوَائِدِهِمْ وَلاَ حَسَبَ الشَّرِيعَةِ وَالْوَصِيَّةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الرَّبُّ بَنِي يَعْقُوبَ، الَّذِي جَعَلَ اسْمَهُ إِسْرَائِيلَ. ٣٥وَقَطَعَ الرَّبُّ مَعَهُمْ عَهْدًا وَأَمَرَهُمْ قَائِلاً: «لاَ تَتَّقُوا آلِهَةً أُخْرَى، وَلاَ تَسْجُدُوا لَهَا وَلاَ تَعْبُدُوهَا وَلاَ تَذْبَحُوا لَهَا. ٣٦بَلْ إِنَّمَا اتَّقُوا الرَّبَّ الَّذِي أَصْعَدَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ وَذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ، وَلَهُ اسْجُدُوا، وَلَهُ اذْبَحُوا. ٣٧وَاحْفَظُوا الْفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ وَالشَّرِيعَةَ وَالْوَصِيَّةَ الَّتِي كَتَبَهَا لَكُمْ لِتَعْمَلُوا بِهَا كُلَّ الأَيَّامِ، وَلاَ تَتَّقُوا آلِهَةً أُخْرَى. ٣٨وَلاَ تَنْسَوْا الْعَهْدَ الَّذِي قَطَعْتُهُ مَعَكُمْ، وَلاَ تَتَّقُوا آلِهَةً أُخْرَى. ٣٩بَلْ إِنَّمَا اتَّقُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ وَهُوَ يُنْقِذُكُمْ مِنْ أَيْدِي جَمِيعِ أَعْدَائِكُمْ». ٤٠فَلَمْ يَسْمَعُوا بَلْ عَمِلُوا حَسَبَ عَادَتِهِمِ الأُولَى. ٤١فَكَانَ هؤُلاَءِ الأُمَمُ يَتَّقُونَ الرَّبَّ، وَيَعْبُدُونَ تَمَاثِيلَهُمْ، وَأَيْضًا بَنُوهُمْ وَبَنُو بَنِيهِمْ. فَكَمَا عَمِلَ آبَاؤُهُمْ هكَذَا هُمْ عَامِلُونَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
١. إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ يَعْمَلُونَ كَعَادَاتِهِمِ ٱلْأُوَلِ: لم تَعِدْ يهوذا احتلال منطقة مملكة إسرائيل الشمالية قبل إخضاعها وغزوها من قبل الإمبراطورية البابلية. واستمرت هذه الديانة المختلطة التي روّج لها الأشوريون في البداية لقرون كثيرة في السامرة حتى أزمنة العهد الجديد.
• يبدو أن الله كان أكثر تساهلًا مع هؤلاء السامريين أصحاب المعتقدات الفاسدة مما كان مع شعب إسرائيل العصاة. ويعلّمنا هذا أن الذين يتلقّون إعلانًا إلهيًّا أكبر يخضعون لمساءلة أكثر حزمًا أمام الله.
• ومع ذلك، تبيّن لنا ٢ أخبار الأيام ٣٠: ١٠-١٩ أنه في أيام حزقيا، ملك يهوذا، كان هنالك بعض العابدين للإله الحقيقي في المنطقة التي كانت مملكة إسرائيل سابقًا. وقد استجاب بعضهم لدعوته للاحتفال بالفصح في أورشليم.
٢. إِنَّمَا ٱتَّقُوا ٱلرَّبَّ إِلَهَكُمْ وَهُوَ يُنْقِذُكُمْ مِنْ أَيْدِي جَمِيعِ أَعْدَائِكُمْ: يَذْكر الكاتب هذا الأمر ليذكّرنا بأنه إذا كان شعب إسرائيل أمناء، حتى ولو بشكل معتدل، لعهدهم لله، فسيصمدون، وسيخلّصهم الله من كل أعدائهم. وبدلًا من ذلك، غزتهم الإمبراطورية الأشورية بعد أن دمروا أنفسهم بالخطية والتمرد.