سفر ملوك الثاني – الإصحاح ٢٢
يوشيا يعثر على سفر الشريعة
أولًا. بدايات إصلاحات يوشيا
أ ) الآيات (١-٢): ملخّص لحكم يوشيا بن آمون.
١كَانَ يُوشِيَّا ابْنَ ثَمَانِ سِنِينٍ حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ إِحْدَى وَثَلاَثِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ يَدْيَدَةُ بِنْتُ عَدَايَةَ مِنْ بُصْقَةَ. ٢وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَسَارَ فِي جَمِيعِ طَرِيقِ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَلَمْ يَحِدْ يَمِينًا وَلاَ شِمَالاً.
١. كَانَ يُوشِيَّا ٱبْنَ ثَمَانِ سِنِينٍ حِينَ مَلَكَ: على غير العادة، اعتلى هذا الصبي عرش يهوذا عندما بلغ الثامنة من عمره. وكان هذا بسبب اغتيال أبيه.
• “وأخيرًا، وبعد أكثر من ٣٠٠ سنة، تحقق نبوة رجل الله الذي من يهوذا (١ ملوك ١٣: ٢).” ناب (Knapp)
٢. وَعَمِلَ ٱلْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ: كان هذا صحيحًا بالنسبة ليوشيا في هذه السن المبكرة، لكن المقصود به هنا هو وصف عام لعهده بدلًا من وصفه كصبي في الثامنة.
ب) الآيات (٣-٧): يوشيا يوعز إلى حلقيّا بترميم الهيكل.
٣وَفِي السَّنَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ يُوشِيَّا أَرْسَلَ الْمَلِكُ شَافَانَ بْنَ أَصَلْيَا بْنِ مَشُلاَّمَ الْكَاتِبَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ قَائِلاً: ٤«اصْعَدْ إِلَى حِلْقِيَّا الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ، فَيَحْسِبَ الْفِضَّةَ الْمُدْخَلَةَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ الَّتِي جَمَعَهَا حَارِسُو الْبَابِ مِنَ الشَّعْبِ، ٥فَيَدْفَعُوهَا لِيَدِ عَامِلِي الشُّغْلِ الْمُوَكَّلِينَ بِبَيْتِ الرَّبِّ، وَيَدْفَعُوهَا إِلَى عَامِلِي الشُّغْلِ الَّذِي فِي بَيْتِ الرَّبِّ لِتَرْمِيمِ ثُلَمِ الْبَيْتِ: ٦لِلنَّجَّارِينَ وَالْبَنَّائِينَ وَالنَّحَّاتِينَ، وَلِشِرَاءِ أَخْشَابٍ وَحِجَارَةٍ مَنْحُوتَةٍ لأَجْلِ تَرْمِيمِ الْبَيْتِ». ٧إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ يُحَاسَبُوا بِالْفِضَّةِ الْمَدْفُوعَةِ لأَيْدِيهِمْ، لأَنَّهُمْ إِنَّمَا عَمِلُوا بِأَمَانَةٍ.
١. وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلثَّامِنَةَ عَشْرَةَ لِلْمَلِكِ يُوشِيَّا: حسب ٢ أخبار الأيام ٣٤، كان ترميم الهيكل مسبوقًا بتكريس واضح لله عندما كان يوشيا في السادسة عشرة من عمره، ثم بعد ذلك بأربع سنوات، بحملة تطهير ضد عبادة الأوثان المبتدَعة في يهوذا.
• يَظهر أن كاتب أخبار الأيام (٢ أخبار الأيام ٣٤-٣٥) يقدّم مرحلتين من تتابع الأحداث. ١) مرحلة تطهير الممارسات الدينية في يهوذا وأورشليم ونفتالي في سنة يوشيا الثانية عشرة، و٢) مرحلة تطهير مستمر حفزه اكتشاف سفر الشريعة في السنة الثامنة عشرة. لكن ربما يكون هذا عرضًا تقديميًّا لملاءمة النقاط المعينة التي يؤكدها الكاتب.” وايزمان (Wiseman)
• “إن لم يكن يوشيا قد رأى نسخة من هذا السفر بعد (وليس هذا أمرًا مستحيلًا)، إلا أن كثيرًا من الشريعة بقي عالقًا في أذهان الشعب وذكرياتهم، ما يقنعهم بسهولة ويوجههم إلى كل ما فعله حتى هذا الوقت.” بوله (Poole)
• من المحتمل أن يوشيا كان مدفوعًا إلى إعادة بناء الهيكل عند سماعه (أو تَذَكُّره) أن هذا هو ما فعله الملك يهوآش قبل سنوات كثيرة (٢ ملوك ١٢).
٢. وَيَدْفَعُوهَا إِلَى عَامِلِي ٱلشُّغْلِ ٱلَّذِي فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ لِتَرْمِيمِ ثُلَمِ ٱلْبَيْتِ: فهم يوشيا أن الإصلاح وإعادة بناء الهيكل يحتاجان إلى تنظيم وتمويل. وقد اهتم بهاتين الحاجتين عندما أعطى حلقيا مسؤولية الإشراف على أعمال ترميم الهيكل. ونتيجة لذلك، “كَانَ ٱلرِّجَالُ يَعْمَلُونَ ٱلْعَمَلَ بِأَمَانَةٍ.”
• النبيّ، حسب إرميا ١: ١-٢، هو ابن الكاهن حلقيا، وقد بدأ إرميا خدمته أثناء حكم الملك يوشيا.
ج) الآيات (٨-١٠): العثور على سفر الشريعة وقراءته.
٨فَقَالَ حِلْقِيَّا الْكَاهِنُ الْعَظِيمُ لِشَافَانَ الْكَاتِبِ: «قَدْ وَجَدْتُ سِفْرَ الشَّرِيعَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ». وَسَلَّمَ حِلْقِيَّا السِّفْرَ لِشَافَانَ فَقَرَأَهُ. ٩وَجَاءَ شَافَانُ الْكَاتِبُ إِلَى الْمَلِكِ وَرَدَّ عَلَى الْمَلِكِ جَوَابًا وَقَالَ: «قَدْ أَفْرَغَ عَبِيدُكَ الْفِضَّةَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْبَيْتِ وَدَفَعُوهَا إِلَى يَدِ عَامِلِي الشُّغْلِ وُكَلاَءِ بَيْتِ الرَّبِّ». ١٠وَأَخْبَرَ شَافَانُ الْكَاتِبُ الْمَلِكَ قَائِلاً: «قَدْ أَعْطَانِي حِلْقِيَّا الْكَاهِنُ سِفْرًا». وَقَرَأَهُ شَافَانُ أَمَامَ الْمَلِكِ.
١. قَدْ وَجَدْتُ سِفْرَ ٱلشَّرِيعَةِ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ: حسب تثنية ٣١: ٢٤-٢٧، كانت هنالك نسخة من كتاب الشريعة هذا بجانب تابوت العهد منذ أيام موسى. فكانت كلمة الله مع إسرائيل، لكنها أُهملت كثيرًا في تلك الأيام.
• لا يمكن أن يحدث مثل هذا الإهمال إلا لأن يهوذا كانت في عصيان مُزمن لله.
تخبرنا تثنية ١٧: ١٨-٢٠ أنه ينبغي أن يكون لكل ملك نسخته الشخصية لسفر الشريعة، وأنه ينبغي له أن يقرأه.
تخبرنا تثنية ٣١: ٩-١٣ أنه ينبغي قراءة سفر الشرية بأكمله على جماعة الأمة مرة كل سبع سنوات في عيد المظال لحفظ الشريعة أمام الشعب.
كان لدى اللاويين المنتشرين في البلد كله مسؤولية تعليم الشريعة لشعب إسرائيل.
• نجد أول قراءة عامة للشريعة في يشوع ٨: ٣٤. وكانت القراءة الثانية له في عهد يهوشافاط (٢ أخبار الأيام ١٧: ٧-٩) بعد ما يزيد عن ٥٠٠ سنة، ثمّ في عهد يوشيا، كانت هنالك قراءة أخرى للشريعة (٢ أخبار الأيام ٣٤: ٣٠)، بعدما يزيد عن ٢٥٠ سنة من يهوشافاط. وبطبيعة الحال، كانت هنالك قراءات عامة أخرى كما هو مذكور هنا، لكنها لم تدوَّن. لكن تدوين بعضها ربما يشير إلى أن هذه الممارسة كانت غير عادية أو نموذجية.
• يعتقد بعضهم أن الجزء الخاص من الشريعة، والذي عُثِر عليه وقُرئ أمام الملك، كان سفر التثنية. “يرتكز تحديد هذا الجزء على أن سفر التثنية على بعض أعمال يوشيا المذكورة في السفر (على سبيل المثال، ٢ ملوك ٢٢: ٩؛ انظر تثنية ١٨: ٦-٨، وتأثيرات النبوّات التي تنبّات بالسبي، والدعم الذي تقدمه تثنية ١٧: ١٤ للطموحات الوطنية، إلخ.”) وايزمان (Wiseman)
• “هل كانت هذه مخطوطة أصلية بخط موسى؟ يرجح جدًّا أنها كانت كذلك، لأنه يقال في مكان موازٍ (٢ أخبار الأيام ٣٤: ١٤) إنه كان سِفْرَ شَرِيعَةِ ٱلرَّبِّ بِيَدِ مُوسَى. ويفترض أنه كان جزءًا من سفر التثنية (تثنية ٢٨-٣١) الذي يتضمن تجديد العهد في موآب، إضافة إلى أفظع التحذيرات ضد مفسدي كلمة الله وعبادته.” كلارك (Clarke)
٢. فَقَرَأَهُ: يبدو أنه لافت للنظر أن يُذْكَر هذا الأمر – أن رئيس الكهنة وجد سفر الشريعة، وأن كاتبًا قرأه. غير أن كلمة الله كانت مهملة في تلك الأيام حتى إن هذا كان جديرًا بالذكر.
• “أخبر شافان الملك ببساطة: ’قَدْ أَعْطَانِي حِلْقِيَّا ٱلْكَاهِنُ سِفْرًا.‘ لم يحتقر شافان السفر، لكنه لم يدرك، شأنه شأن كتبة حديثين، أهمية ذلك المجلّد المبارك. فبعد أن ذكر ٱلْفِضَّةَ‘ و’عَامِلِي ٱلشُّغْلِ‘ و’وُكَلَاءَ بَيْتِ ٱلرَّبِّ،‘ أخبر الملك: ’قَدْ أَعْطَانِي حِلْقِيَّا ٱلْكَاهِنُ سِفْرًا‘ – مجرد سفر (كتاب) بالنسبة له.” ناب (Knapp)
٣. وَقَرَأَهُ شَافَانُ أَمَامَ ٱلْمَلِكِ: نرى هنا أن كلمة الله تنتشر بينما نُسيت، وأُهملت في الماضي، وعُدَّت مجرد كتاب قديم علاه الغبار. وها قد تم العثور عليه، وقراءته، ونشْره. ويُفترض أن نتوقع أن يتبع ذلك قدر من الانتعاش الروحي.
• على مدى تاريخ شعب الله، عندما كانت كلمة الله تُستعاد وتُنشَر، كان الانتعاش الروحي يتبع ذلك. ويمكن أن يبدأ الأمر ببساطة كما حدث في أيام يوشيا بقيام رجل واحد بالعثور على الكتاب، فيقرؤه، ويؤمن به، وينشره.
• هنالك مثل آخر لهذا في التاريخ في قصة والدو وأتباعه المعروفين باسم الوادوويين. كان والده تاجرًا ثريًّا، فتخلى عن أعماله التجارية ليتبع يسوع بشكل جذري. واستأجر كاهنين ليترجما له العهد الجديد إلى اللغة الدارجة ليستخدمها، وبدأ يعلّم آخرين. فعلّم في الشوارع وفي أي مكان يمكن أن يجد فيه من يستمع إليه. وجاء كثيرون من عامّة الشعب للاستماع إليه، وبدأوا يتبعون يسوع المسيح بشكل جذري. علّمهم والدو العهد الجديد بلغة دارجة، ووبّخه مسؤولو الكنيسة على فعل ذلك. فتجاهل توبيخهم وواصل التعليم. وفي نهاية الأمر، كان يرسل أتباعه اثنين اثنين إلى القرى والأسواق لتعليم كلمة الله وتفسيرها. وقام الوالدوويون باستظهار كلمة الله، ولم يكن غريبًا أن يحفظ هؤلاء الخدام العهد الجديد بأكمله مع أجزاء كبيرة من العهد القديم. إذ تتمتع كلمة الله – عند العثور عليها، وقراءتها، والإيمان بها، ونشرها – بهذا النوع من القوة على التغيير.
• “من المثير للاهتمام مدى شعبية إطلاق أسماء متعلقة بحيوانات على أشخاص قي تلك الفترة. إذ يعني اسم شافان ’الغرير الصخري‘ ويعني عكبور ’الفأر‘ ويعني اسم النبية خلدة ’حيوان الخلَد.‘” ديلداي (Dilday)
ثانيًا. الملك يوشيا يواجَه بسفر الشريعة
أ ) الآية (١١): رد الفعل الأوليّ لاكتشاف سفر الشريعة.
١١فَلَمَّا سَمِعَ ٱلْمَلِكُ كَلَامَ سِفْرِ ٱلشَّرِيعَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ.
١. فَلَمَّا سَمِعَ ٱلْمَلِكُ كَلَامَ سِفْرِ ٱلشَّرِيعَةِ: أحْدث سماع كلمة الله عملًا روحيًّا في الملك يوشيا. لم يكن الأمر مجرد نقل معلومات. إذ كان للاستماع إلى كلمة الله تأثير روحي قوي في يوشيا.
٢. مَزَّقَ ثِيَابَهُ: كان تمزيق الثياب تعبيرًا تقليديًّا عن الرعب والاستهجان. إذ أظهر يوشيا بأقوى طريقة ممكنة حزنه على حالته وحالة الأمة كلها. فكان هذا تعبيرًا عن التبكيت العميق على الخطية، وهو أمر جيد.
• يتسم الانتعاش والنهضة الروحية بمثل هذه التعبيرات عن التبكيت على الخطية. وقد روى الدكتور جي. إدوين أور (J. Edwin Orr) في كتابه ’النهضة الإنجيلية الثانية في بريطانيا‘ بعض الأمثلة من الحركة العظيمة التي أثّرت في بريطانيا والعالم في ١٨٥٩-١٨٦١.
“في مستهل اجتماع الصلاة، قفز رجل قوي المظهر (كان يرتاد الكنيسة كل ليلة ويمضي مقسّيًا قلبه) إلى مكان مرتفع، وتكلم بصوت عالٍ أمام كل الحاضرين قائلًا: “هل تعرفونني؟” فأجاب الرجال المصلّون: “نعم.” فقال: ’فماذا أنا إذًا؟‘ قالوا ’أنت مرتد.‘ فقال: “حسنًا. لن أكون مرتدًّا في ما بعد. فتعالوا كلكم معي إلى يسوع.” ووقع في صلاة معذبة إلى الله طالبًا أن يرحمه. وبالفعل، كان عذاب نفسه ورغبتها شديدين عليه، فغشي عليه على الأرض أمامنا جميعًا. وكانت زوجته من أوائل الأشخاص الذين اهتدوا إلى الإيمان في الأسبوع السابق، وقد طلبت أن يخلّص الله زوجها المرتد البائس المسكين. وقد جاهر حوالي ثلاثين شخصًا بأنهم حصلوا على رحمة الله في تلك الليلة.”
“في بلدة كوليرين، في شمال إيرلندا، كان تلميذ في المدرسة تحت تبكيت قوي على الخطية لدرجة أنه لم يستطع أن يبقى في غرفة الصف. فأرسله المعلم إلى بيته بصحبة صبي آخر كان قد اهتدى إلى الإيمان بالفعل. وفي الطريق إلى البيت، لاحظ الصبيّان وجود منزل فارغ، فتوقّفا هناك للصلاة. فوجد الصبي التعيس السلام، وعاد فورًا إلى الصف ليخبر المعلم: “أنا سعيد جدًّا. فالرب يسوع في قلبي.” فأثرت شهادته في طلّاب الصف بشكل ملحوظ، حيث تسللوا واحدُا تلو الآخر من غرفة الصف خارجًا. وأطل المعلم من النافذة ليرى الصبيان راكعين في جميع أنحاء ساحة المدرسة. فصار المعلم في حالة تبكيت شديد حتى إنه طلب من الصبي المهتدي الأول أن يخدمه. وأخيرًا، كانت المدرسة بأكملها في مثل هذه الحالة حتى إن الإداريين أرسلوا في طلب قساوسة ليأتوا ويخدموا التلاميذ، والمعلمين، والآباء والأمهات. وظل الناس يتلقون الخدمة حتى الساعة الحادية عشرة في تلك الليلة.”
وصف ضابط رفيع المستوى تبكيت الخطية في بلدته الأسكتلندية: “لا يدرك الكثيرون المرتاحون منكم مدى روعة المشهد عندما يشاء الروح القدس أن يفتح عيني شخص على الحالة الحقيقية لقلبه. أولئك الرجال الذين اعتقد الناس أنهم صالحون ومتدينون، وأنهم اعتقدوا أنفسهم أنهم كذلك … اقتيدوا إلى فحص الأساس الذي ارتكزوا عليه، فوجدوا أنهم كلهم نتنون، وأن رضاهم الذاتي ارتكز على صلاحهم الذاتي، لا على المسيح. فتحوّل كثيرون منهم عن الخطية الصريحة إلى حياة القداسة، وهم يبكون فرحًا من أجل خطاياهم المغفورة.”
• التبكيت على الخطية هو اختصاص الروح القدس، كما قال يسوع في يوحنا ١٦: ٨: “وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ ٱلْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ.”
ب) الآيات (١٢-١٣): الملك يوشيا يطلب الرب.
١٢وَأَمَرَ الْمَلِكُ حِلْقِيَّا الْكَاهِنَ وَأَخِيقَامَ بْنَ شَافَانَ وَعَكْبُورَ بْنَ مِيخَا وَشَافَانَ الْكَاتِبَ وَعَسَايَا عَبْدَ الْمَلِكِ قَائِلاً: ١٣«اذْهَبُوا اسْأَلُوا الرَّبَّ لأَجْلِي وَلأَجْلِ الشَّعْبِ وَلأَجْلِ كُلِّ يَهُوذَا مِنْ جِهَةِ كَلاَمِ هذَا السِّفْرِ الَّذِي وُجِدَ، لأَنَّهُ عَظِيمٌ هُوَ غَضَبُ الرَّبِّ الَّذِي اشْتَعَلَ عَلَيْنَا، مِنْ أَجْلِ أَنَّ آبَاءَنَا لَمْ يَسْمَعُوا لِكَلاَمِ هذَا السِّفْرِ لِيَعْمَلُوا حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَلَيْنَا».
١. ٱذْهَبُوا ٱسْأَلُوا ٱلرَّبَّ لِأَجْلِي: لم يكن الأمر أن الملك يوشيا لا يعرف شيئًا عن الله أو كيف يطلبه. بل كان تحت تبكيت شديد على الخطية بحيث لم يعرف ما ينبغي أن يفعله بعد ذلك.
٢. لِأَنَّهُ عَظِيمٌ هُوَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي ٱشْتَعَلَ عَلَيْنَا: عرف يوشيا أن مملكة يهوذا تستحق دينونة من الله. ولم يستطع سماع كلمة الله من دون مواجهة خطية مملكته.
ج) الآيات (١٤-١٧): كلمة الله إلى مملكة يهوذا: الدينونة قادمة.
١٤فَذَهَبَ حِلْقِيَّا الْكَاهِنُ وَأَخِيقَامُ وَعَكْبُورُ وَشَافَانُ وَعَسَايَا إِلَى خَلْدَةَ النَّبِيَّةِ، امْرَأَةِ شَلُّومَ بْنِ تِقْوَةَ بْنِ حَرْحَسَ حَارِسِ الثِّيَابِ. وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي أُورُشَلِيمَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَكَلَّمُوهَا. ١٥فَقَالَتْ لَهُمْ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: قُولُوا لِلرَّجُلِ الَّذِي أَرْسَلَكُمْ إِلَيَّ: ١٦هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا جَالِبٌ شَرًّا عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ وَعَلَى سُكَّانِهِ، كُلَّ كَلاَمِ السِّفْرِ الَّذِي قَرَأَهُ مَلِكُ يَهُوذَا، ١٧مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ تَرَكُونِي وَأَوْقَدُوا لآلِهَةٍ أُخْرَى لِكَيْ يُغِيظُونِي بِكُلِّ عَمَلِ أَيْدِيهِمْ، فَيَشْتَعِلُ غَضَبِي عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ وَلاَ يَنْطَفِئُ.
١. إِلَى خَلْدَةَ ٱلنَّبِيَّةِ: لا نعرف إلا القليل عن هذه المرأة بخلاف ما وردَ ذِكره عنها هنا (والرواية المماثلة في ٢ أخبار الأيام ٣٤: ٢٢). وقد استشار حلقيا هذه المرأة، بموافقة الملك، من أجل الحصول على إرشاد روحي. ولم يكن هذا بسبب حكمتها وروحانيتها، لكن لأنه كان يُعترف بها كنبية يمكن أن تكشف قلب الله وفكره.
• من المؤكد أنه كان هنالك أنبياء آخرون في يهوذا “رغم أن النبي المعاصر إرميا لا يُذكر هنا، إلا أنه امتدح يوشيا (إرميا ٢٢: ١٥-١٦). وخدم النبي صفنيا (صفنيا ١: ١) أثناء حكمه.” وايزمان (Wiseman) لكن لسبب ما، ربما كان روحيًّا أو عمليًّا، اختارا أن يستشيرا النبية خلدة.
• “نجد من هذا – ولدينا حقائق كثيرة في جميع العصور لتؤكد هذا – أن البابا، أو الأسقف، أو الكاهن لا يمتلك معرفة حقيقية بالله، وأن امرأة بسيطة تمتلك حياة الله في روحها قد تملك معرفة أكبر من الشهادات الإلهية من أشخاص كثيرين تخوّلهم مناصبهم بشرح هذه الشهادات وتفسيرها.” كلارك (Clarke)
٢. هَأَنَذَا جَالِبٌ شَرًّا عَلَى هَذَا ٱلْمَوْضِعِ وَعَلَى سُكَّانِهِ: عرف يوشيا أن يهوذا تستحق الدينونة، وأن هذه الدينونة قادمة لا محالة. فقد عملت يهوذا وقادتها ضد الرب لفترة طويلة جدًّا، ولن يتوبوا توبة أصيلة لكي يتجنبوا الدينونة في نهاية المطاف.
٣. كُلَّ كَلَامِ ٱلسِّفْرِ: كانت كلمة الله حقَّةً حتى في وعودها بالدينونة. إذ تتجلى أمانة الرب في دينونته للأشرار بقدر ما تتجلى في رحمته على التائبين.
د ) الآيات (١٨-٢٠): كلمة الله للملك يوشيا: لن تأتي الدينونة في زمنك.
١٨وَأَمَّا مَلِكُ يَهُوذَا الَّذِي أَرْسَلَكُمْ لِتَسْأَلُوا الرَّبَّ، فَهكَذَا تَقُولُونَ لَهُ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ مِنْ جِهَةِ الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعْتَ: ١٩مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ رَقَّ قَلْبُكَ وَتَوَاضَعْتَ أَمَامَ الرَّبِّ حِينَ سَمِعْتَ مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ وَعَلَى سُكَّانِهِ أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ دَهَشًا وَلَعْنَةً، وَمَزَّقْتَ ثِيَابَكَ وَبَكَيْتَ أَمَامِي. قَدْ سَمِعْتُ أَنَا أَيْضًا، يَقُولُ الرَّبُّ. ٢٠لِذلِكَ هأَنَذَا أَضُمُّكَ إِلَى آبَائِكَ، فَتُضَمُّ إِلَى قَبْرِكَ بِسَلاَمٍ، وَلاَ تَرَى عَيْنَاكَ كُلَّ الشَّرِّ الَّذِي أَنَا جَالِبُهُ عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ». فَرَدُّوا عَلَى الْمَلِكِ جَوَابًا.
١. مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ رَقَّ قَلْبُكَ: كان قلب يوشيا رقيقًا من ناحيتين. أولًا، كان رقيقًا تجاه كلمة الله، حيث كان قادرًا على استقبال صوت تبكيت الروح القدس. ثانيًا، كان رقيقًا تجاه رسالة الدينونة على فم النبية خلدة في الآيات السابقة.
٢. فَتُضَمُّ إِلَى قَبْرِكَ بِسَلَامٍ: رغم أن يوشيا مات في المعركة، إلا أن هنالك ثلاث طرق تجعل هذا الأمر صحيحًا.
• مات قبل أن تحل الكارثة الروحية العظيمة والسبي على يهوذا.
• لقد ضُمَّ إلى آبائه الذين كانوا في سلام.
• مات في رضا الله، لا على يد عدو (لم يكن موته تعبيرًا عن دينونة الله عليه).
٣. وَلَا تَرَى عَيْنَاكَ كُلَّ ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي أَنَا جَالِبُهُ عَلَى هَذَا ٱلْمَوْضِعِ: كانت هذه رحمة من الله ليوشيا. لم تستطع تقواه ورقة قلبه أن تمنعا دينونة الله في نهاية المطاف، لكنهما استطاعا أن يؤخراها. إذ يمكن تأخير الدينونة المحتومة أحيانًا بسبب قلوب شعب الله الرقيقة.
• لقد أخّر الله دينونته حتى في حالة أخآب الذي تجاوب مع كلمة تحذير بنوع من التوبة (١ ملوك ٢١: ٢٥-٢٩).