سفر ملوك الثاني – الإصحاح ٣
حرب ضد موآب
تم اكتشاف الحجر الموآبي (المعروف أيضًا بمسلة ميشع) في عام ١٨٦٨، وهو يحتوي على نقش موآبي يثبّت العديد من الأحداث الواردة في الملوك الثاني ٣ ولكنه يعطيها طابعًا واضحًا مؤيدًا للموآبيين.
أولًا. ثلاثة ملوك يجتمعون ضد الموآبيين
أ) الآيات (١-٣): ملخص عن عهد يهورام بن أخآب
١وَمَلَكَ يَهُورَامُ بْنُ أَخْآبَ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ، فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَةَ لِيَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا. مَلَكَ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً. ٢وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلكِنْ لَيْسَ كَأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَإِنَّهُ أَزَالَ تِمْثَالَ الْبَعْلِ الَّذِي عَمِلَهُ أَبُوهُ. ٣إِلاَّ أَنَّهُ لَصِقَ بِخَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ. لَمْ يَحِدْ عَنْهَا.
١. وَمَلَكَ يَهُورَامُ بْنُ أَخْآبَ عَلَى إِسْرَائِيلَ: انحدر يَهُورَامُ من عائلة عانت من خللٍ وظيفي. إذ كان والده أخآب من أسوأ الملوك الذين عرفتهم مملكة إسرائيل الشمالية على الإطلاق. وكان من المؤكد أن إيزابل والدتهُ كانت أسوأ ملكة عرفتها إسرائيل على الإطلاق.
٢. وَلكِنْ لَيْسَ كَأَبِيهِ وَأُمِّهِ: كان يهورام أفضل منهما، لكن بالرغم من ذلك، كان رجلًا شريرًا. وكان تاسع ملك شرير على التوالي على مملكة الشمال التي لم يكن لها ملك تقي قط.
• لم تكن خطايا يربعام التي أقامها في دان وبيت آيل، والتي حافظ عليه يهورام وواصل ارتكابها، مرتبطة بعبادة البعل، لكن بعبادة زائفة للرب أخذت شكل صور العجل (او الثور). وكانت هذه في الأساس إستراتيجية سياسية لا دينية.” ديلداي (Dilday)
• يبدو أنه كان في الأمور الروحية، من الشخصيات المترددة والمحايدة، التي حيرت معظم المراقبين. ويبدو أنه لم يملك موقفًا واضحًا أو انتماء. فقد حطم تمثال البعل الذي صنعه والده أخآب، ولكنه لم يؤمن بيهوه حقًا.” ناب (Knapp)
• اعتقد بوله (Poole) أن يهورام أزال عبادة البعل لدوافع سيئة – إما بسبب شعوره بالخوف عند تذكره الدينونة التي حلت على والده أخآب وأخيه أخزيا، أو لأنه أراد إثارة إعجاب يهوشافاط ملك يهوذا ليوافق على التحالف معهُ. ولم يكن النبي أليشع معجبًا بيهورام على أساس ما فعله بالبعل (٢ ملوك ١٣:٣).
ب) الآيات (٤-٥): تمرد موآب
٤وَكَانَ مِيشَعُ مَلِكُ مُوآبَ صَاحِبَ مَوَاشٍ، فَأَدَّى لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ مِئَةَ أَلْفِ خَرُوفٍ وَمِئَةَ أَلْفِ كَبْشٍ بِصُوفِهَا. ٥وَعِنْدَ مَوْتِ أَخْآبَ عَصَى مَلِكُ مُوآبَ عَلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ.
١. وَكَانَ مِيشَعُ مَلِكُ مُوآبَ صَاحِبَ مَوَاشٍ: عاش المُوآبِيِون على الجانب الشرقي من البحر الميت وكانوا يدفعون جزيةً لإسرائيل. وعندما مات الملك أخآب، انتهز ملك الموآبيين الفرص للتملص من دفع الضرائب التي فرضها عليه ملك إسرائيل.
ج) الآيات (٦-٨): اسرائيل ويهوذا يتحدان ضد موآب.
٦وَخَرَجَ الْمَلِكُ يَهُورَامُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنَ السَّامِرَةِ وَعَدَّ كُلَّ إِسْرَائِيلَ. ٧وَذَهَبَ وَأَرْسَلَ إِلَى يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا يَقُولُ: «قَدْ عَصَى عَلَيَّ مَلِكُ مُوآبَ. فَهَلْ تَذْهَبُ مَعِي إِلَى مُوآبَ لِلْحَرْبِ؟» فَقَالَ: «أَصْعَدُ. مَثَلِي مَثَلُكَ. شَعْبِي كَشَعْبِكَ وَخَيْلِي كَخَيْلِكَ». ٨فَقَالَ: «مِنْ أَيِّ طَرِيق نَصْعَدُ؟.” فَقَالَ: «مِنْ طَرِيقِ بَرِّيَّةِ أَدُومَ».
١. وَذَهَبَ وَأَرْسَلَ إِلَى يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا: كان يَهُوشَافَاطُ ملكًا تقيًا (ملوك الأول ٢٢: ٤١-٤٣)، وَسَارَ عَلَى النَّهجِ الصَّالِحِ الَّذِي سَارَ عَلَيْهِ أبُوهُ آسَا (ملوك الأول ١٥: ٩-١٥). ورُغم ذلك، حارب آسا مَلِكِ إسْرَائِيلَ (ملوك الأول ١٦:١٥) بينما عقد يهوشافاط صلحًا مع المملكة الشمالية (ملوك الأول ٤٤:٢٢).
٢. فَهَلْ تَذْهَبُ مَعِي إِلَى مُوآبَ لِلْحَرْبِ؟: رغم أن إسرائيل الكبرى انفصلت منذ فترة طويلة بسبب حرب أهلية، إلا أن الأُمّتين (يهوذا وإسرائيل) صارتا الآن على استعداد للاتحاد معًا لمحاربة هذا العدو المشترك.
٣. فَقَالَ: «مِنْ أَيِّ طَرِيق نَصْعَدُ؟»: طلب يَهُورَامُ ملك إسرائيل من يَهُوشَافَاطَ، مَلِكِ يَهُوذَا مشورة عسكرية لأن الأخير كان يتمتع بخبرة كبير في القتال. فنصحهُ بمهاجمة موآب من جهة الجنوب، عَبْرَ بَرِّيَّةِ أدُومَ القاحلة.
د) الآيات (٩-١٠): انحصار جيش إسرائيل ويهوذا وأدوم في الصحراء بلا ماء.
٩فَذَهَبَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَمَلِكُ يَهُوذَا وَمَلِكُ أَدُومَ وَدَارُوا مَسِيرَةَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ. وَلَمْ يَكُنْ مَاءٌ لِلْجَيْشِ وَالْبَهَائِمِ الَّتِي تَبِعَتْهُمْ. ١٠فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «آهِ، عَلَى أَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَا هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةَ الْمُلُوكِ لِيَدْفَعَهُمْ إِلَى يَدِ مُوآبَ!”
١. وَدَارُوا مَسِيرَةَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ: كان على جيشي يهوذا وإسرائيل وأدوم المتحدين معًا أن يقطعا مسافة كبيرة لمهاجمة موآب من الجنوب.
• “تذكر الآية (٩) ملك أدُومَ، ولكن سبق أن أُخبِرنا في (١ ملوك ٤٧:٢٢) أنهُ لَمْ يَكُنْ فِي أرْضِ أدُومَ مَلِكٌ في هذا الوقت. ولذلك، فإنه لا بد أن كلمة ’ملك‘ هنا تُشير إلى نائب وصي على العرش معين من قبل ملك يهوذا.” ديلداي (Dilday)
٢. «آهِ، عَلَى أَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَا هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةَ الْمُلُوكِ لِيَدْفَعَهُمْ إِلَى يَدِ مُوآبَ!»: أقنع ضمير يهورام المعذب والمذنب بأن المصيبة التي أصابته كانت دينونة الله. وجعلتهُ خطيتهُ يعتقد أن كل ما حدث ضده كان دينونة من الله.
ثانيًا. يتكلم أليشع باسم الرب.
أ ) الآيات (١١-١٢): يطلب يهوشافاط التقي مشورة الرب في الأمر.
١١فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: «أَلَيْسَ هُنَا نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَنَسْأَلَ الرَّبَّ بِهِ؟» فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ: «هُنَا أَلِيشَعُ بْنُ شَافَاطَ الَّذِي كَانَ يَصُبُّ مَاءً عَلَى يَدَيْ إِيلِيَّا». ١٢فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: «عِنْدَهُ كَلاَمُ الرَّبِّ». فَنَزَلَ إِلَيْهِ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ وَمَلِكُ أَدُومَ.
١. «أَلَيْسَ هُنَا نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَنَسْأَلَ الرَّبَّ بِهِ؟»: اعتقد كُلٌ من يهورام ويهوشافاط أن هناك عاملًا روحيًا إلهيًا وسط أزمتهم الحالية. ورأى يهورام أنه ينبغي تجنب الله بسبب الأزمة، في حين اعتقد يهوشافاط أن عليه أن يطلب الله بسبب الأزمة.
٢. «كَانَ يَصُبُّ مَاءً عَلَى يَدَيْ إِيلِيَّا»: هذا لقبٌ رائع لأي خادمٍ لله. كان أليشع الخادم المتواضع والعملي لإيليا. كانت هذه الخدمة الروحية التي أعدتهُ وهيأتهُ لمزيد من الخدمة الروحية مستقبلًا.
٣. فَنَزَلَ إِلَيْهِ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ وَمَلِكُ أَدُومَ: كان هذا التصرف يَنُمْ على التواضع من جانب هؤلاء الملوك الثلاثة. فعادة، ما يحدث هو العكس، يطلب الملوك من الآخرين أن يأتوا لرؤيتهم، ولكن هؤلاء الثلاثة كانوا على استعداد للذهاب إلى النبي.
ب) الآيات (١٣-١٥): يوافق إليشع على التحدث مع الملوك الثلاثة.
١٣فَقَالَ أَلِيشَعُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: «مَا لِي وَلَكَ! اذْهَبْ إِلَى أَنْبِيَاءِ أَبِيكَ وَإِلَى أَنْبِيَاءِ أُمِّكَ». فَقَالَ لَهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «كَلاَّ. لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَا هؤُلاَءِ الثَّلاَثَةَ الْمُلُوكِ لِيَدْفَعَهُمْ إِلَى يَدِ مُوآبَ». ١٤فَقَالَ أَلِيشَعُ: «حَيٌّ هُوَ رَبُّ الْجُنُودِ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ، إِنَّهُ لَوْلاَ أَنِّي رَافِعٌ وَجْهَ يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا، لَمَا كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْكَ وَلاَ أَرَاكَ. ١٥وَالآنَ فَأْتُونِي بِعَوَّادٍ». وَلَمَّا ضَرَبَ الْعَوَّادُ بِالْعُودِ كَانَتْ عَلَيْهِ يَدُ الرَّبِّ.
١. «اذْهَبْ إِلَى أَنْبِيَاءِ أَبِيكَ وَإِلَى أَنْبِيَاءِ أُمِّكَ»: كانت دعوة أليشع هي لمواصلة خدمة إيليا. ونجدهُ هنا يقلد إيليا في حديثه الواضح والصريح للأشخاص الأقوياء. ونتيجةً لذلك الكلام، صُدم ضمير ملك إسرائيل.
• مَا لِي وَلَكَ: “المصطلح العبري (idiom) يستخدم بشكل شائع للتعبير عن إنكار توكيدي (راجع ٢ صموئيل ١٦: ١٠) أو اختلافات في الرأي ما بين الأشخاص المعنيين. (راجع يوحنا ٢: ٤).” باترسون (Patterson) وأوستل (Austel)
٢. إِنَّهُ لَوْلاَ أَنِّي رَافِعٌ وَجْهَ يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا، لَمَا كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْكَ: لم يكن الأمر أن أليشع كان ضد كل ملك أو شخص قوي. ولكنهُ كان على استعداد للتحدث مع هؤلاء الملوك الثلاثة فقط من أجل خاطر يهوشافاط، ملك يهوذا التقي.
٣. وَلَمَّا ضَرَبَ الْعَوَّادُ بِالْعُودِ كَانَتْ عَلَيْهِ يَدُ الرَّبِّ: عندما أراد أليشع أن يصبح أكثر حساسية لقيادة الروح القدس والتكلم بوساطتهُ، طلب شَخْصًا يَعْزِفُ عَلَى العُودِ. ويدل هذا بوضوح على التأثير الروحي العظيم للموسيقى.
• “طلب أن يكون عقله – الذي كان منزعجًا وملتهبًا بغضب مقدس عند رؤية يهورام الشرير جدًا – رابط الجأش، ومتشجّعًا، ومتحدًا في ذاته، ولكي يكون متشوقًا لرفع صلوات أكثر حرارة إلى الله، وتسبيحه بفرح، وليكون مستعدًا لتلقي النبوة.” بوله (Poole)
• “الطريقة للامتلاء بالروح هو أن نبني أنفسنا من خلال المزامير، والتسابيح، والأغاني الروحية.” تراب (Trapp)
• “كان هذا العازف المجهول موهوبًا بمواهب معطاة لهُ من الله واستخدمها لصالح الآخرين. ومن المؤكد أنه لم يخطر بباله قط أنه من خلال موسيقاه سيساعد في تحقيق نصر عسكري يكون له تأثير درامي على التاريخ. ولكنهُ حين شارك موهبته المعطاة لهُ من قبل الله، حلَّت قوة الله على النبي.” ديلداي (Dilday)
ج) الآيات (١٦-١٩): كلمة من الرب
١٦فَقَالَ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: اجْعَلُوا هذَا الْوَادِيَ حُفَرًا حُفَرًا. ١٧لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ تَرَوْنَ رِيحًا وَلاَ تَرَوْنَ مَطَرًا وَهذَا الْوَادِي يَمْتَلِئُ مَاءً، فَتَشْرَبُونَ أَنْتُمْ وَمَاشِيَتُكُمْ وَبَهَائِمُكُمْ. ١٨وَذلِكَ يَسِيرٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، فَيَدْفَعُ مُوآبَ إِلَى أَيْدِيكُمْ. ١٩فَتَضْرِبُونَ كُلَّ مَدِينَةٍ مُحَصَّنَةٍ، وَكُلَّ مَدِينَةٍ مُخْتَارَةٍ، وَتَقْطَعُونَ كُلَّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ، وَتَطُمُّونَ جَمِيعَ عُيُونِ الْمَاءِ، وَتُفْسِدُونَ كُلَّ حَقْلَةٍ جَيِّدَةٍ بِالْحِجَارَةِ».
١. لاَ تَرَوْنَ رِيحًا وَلاَ تَرَوْنَ مَطَرًا وَهذَا الْوَادِي يَمْتَلِئُ مَاءً: كان هذا وعدًا غريبًا من الله. سيتم توفير المياه ولكن من دون أي مطر أو عاصفة ظاهرة؟
٢. احْفُرُوا حُفَرًا كَثِيرَةً فِي هَذَا الوَادِي (اجْعَلُوا هذَا الْوَادِيَ جبابًا جبابًا): لقد وعد الله بإرسال الماء إلى الوادي، لكن كان عليهم حفر الخنادق (الحفر) للحصول على ما سيوفره الله. كان عليهم حفر الخنادق قبل ظهور المياه حتى يتمكنوا من الاستفادة منها عند وصولها.
• “كان ينبغي أن يحتوي مجرى النهر الجاف على العديد من الخنادق (بالعبري ’حفرًا حفرًا‘) المحفورة لحجز مياه الفيضان المفاجئ.” وايزمان (Wiseman)
• عندما عاد الملوك من زيارتهم إلى أليشع وطلبوا من قادة جيوشهم أن يأمروا جنودهم بحفر الخنادق، لا بد أنه كان من الصعب عليهم سماع ذلك. فالرجال المقبلون على الموت والعطشى في وسط الصحراء لم يكونوا يتطلعون إلى العمل الشاق المتمثل في حفر الخنادق في الأرض الجافة. ومع ذلك، كان هذا العمل ضروريًا وأساسيًّا.
• يوضح هذا المبدأ أن الله يريدنا أن نستعد للبركة التي يريدنا أن نحصل عليها. فعندما نستمع لهُ ونطيعهُ، فإننا بذلك نتوقع عملهُ ونكون مستعدًّا لهُ.
• كان حفر الخنادق امرًا يمكن لشعب الله أن يقوموا به. فلم يطلب الله منهم أن يفعلوا أكثر مما كان بإمكانهم أن يقوموا به. فعندما يريدنا الله أن نستعد للبركة التي سيعطينا إياها، فإنه يعطينا أشياء يمكننا فعلها حقًا.
• “إذا كنا نتوقع الحصول على بركة الروح القدس، فعلينا أن نستعد لاستقباله. ’اجعل هذا الوادي جبابًا جبابًا‘ وصية أعطاه الله لي هذا الصباح لشعب الكنيسة؛ الاستعداد لقوة الروح القدس. كن مستعدًا لتلقي ما هو على وشك تقديمه لكل رجل في مكانه ولكل امرأة في مجالها، اجعل كُل هذه الكنيسة ممتلئة بالخنادق لاستقبال تدفق فيضان – السيول الإلهية.” سبيرجن (Spurgeon)
• “لكن معظم الناس يقولون، ’حسنًا، كما تعلمون، بالطبع، إذا أرسل الله بركته، فعلينا أن نتوسع ونكبر.‘ نعم هذه طريق عدم الإيمان وطريق اللعنة. لكن طريق الإيمان وطريق البركة هو هذا: لقد وعد الله بذلك – وسنستعد للوعد؛ فالله مشغول ليباركنا، فلنستعد الآن لتلقي البركة. لا تتصرف ببساطة بناءً على ما تمتلكه من قوة، ولكن بتوقع لما طلبته.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. وَذلِكَ يَسِيرٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ: جاء الملوك إلى أليشع مستفسرين عن الماء. أراد الله أن يمنحهم أكثر من حاجتهم الفورية. أراد الله أن يمنحهم أكثر من احتياجهم الفوري؛ إذ أراد أن يمنحهم النصر الكامل على أعدائهم.
ثالثًا. هزيمة موآب
أ) الآية (٢٠): يسد الله احتياجهم للماء بطريقة معجزية.
٢٠وَفِي الصَّبَاحِ عِنْدَ إِصْعَادِ التَّقْدِمَةِ إِذَا مِيَاهٌ آتِيَةٌ عَنْ طَرِيقِ أَدُومَ، فَامْتَلأَتِ الأَرْضُ مَاءً.
١. إِذَا مِيَاهٌ آتِيَةٌ عَنْ طَرِيقِ أَدُومَ: يبدو أن الله قد أرسل مطرًا غزيرًا في الجبال المجاورة، مما تسبب في فيضان سريع في صحراء أدوم.
٢. فَامْتَلأَتِ الأَرْضُ مَاءً: لم يكن الماء متاحًا إلا لأنهم كانوا مطيعين لحفر الخنادق. وجمعت الخنادق المياه من المتدفقة من الفيضان.
• لو عصى كلٌ من إسرائيل ويهوذا كلمة الله وفشلتا في حفر الخنادق، لفوّتتا بركة الله. فقد أخبرهم الله أن يستعدوا ويتحضروا لتلقي بركته والاستفادة منها. وغالبًا ما يدفعنا الله إلى القيام بأشياء ربما تكون أو لا تكون منطقية أبدًا في وقتها، لكنها أشياء ستعدنا لما سيفعله في المستقبل.
• كانت كمية الماء المتاح لهؤلاء الرجال العطشى مرتبطًةً ارتباطًا مباشرًا بمدى وفائهم في حفر الخنادق. فكلما زاد عدد وحجم الخنادق المحفورة، توفّر المزيد من المياه. ورغم أنه كان عملًا شاقًا وغير سار، إلا أنهم سيحصلون على بركة أكثر إذا عملوا أكثر.
• لم تكن الخنادق (الحفرة) هي البركة، ولم تكن الانتصار، رُغم أنها كانت جزءًا أساسيًا من البركة والنصرة. عندما يريدنا الله أن نفعل شيئًا للاستعداد للبركة، علينا ألا نخلط بين عملية الاستعداد والتحضير والبركة نفسها. فمن دون بركة الله المعجزية، لا تعني الحفر شيئًا.
ب) الآيات (٢١-٢٥): الموآبيون يهاجمون معسكر الملوك الثلاثة.
٢١وَلَمَّا سَمِعَ كُلُّ الْمُوآبِيِّينَ أَنَّ الْمُلُوكَ قَدْ صَعِدُوا لِمُحَارَبَتِهِمْ جَمَعُوا كُلَّ مُتَقَلِّدِي السِّلاَحِ فَمَا فَوْقُ، وَوَقَفُوا عَلَى التُّخُمِ. ٢٢وَبَكَّرُوا صَبَاحًا وَالشَّمْسُ أَشْرَقَتْ عَلَى الْمِيَاهِ، وَرَأَى الْمُوآبِيُّونَ مُقَابِلَهُمُ الْمِيَاهَ حَمْرَاءَ كَالدَّمِ. ٢٣فَقَالُوا: «هذَا دَمٌ! قَدْ تَحَارَبَ الْمُلُوكُ وَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالآنَ فَإِلَى النَّهْبِ يَا مُوآبُ». ٢٤وَأَتَوْا إِلَى مَحَلَّةِ إِسْرَائِيلَ، فَقَامَ إِسْرَائِيلُ وَضَرَبُوا الْمُوآبِيِّينَ فَهَرَبُوا مِنْ أَمَامِهِمْ، فَدَخَلُوهَا وَهُمْ يَضْرِبُونَ الْمُوآبِيِّينَ. ٢٥وَهَدَمُوا الْمُدُنَ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يُلْقِي حَجَرَهُ فِي كُلِّ حَقْلَةٍ جَيِّدَةٍ حَتَّى مَلأُوهَا، وَطَمُّوا جَمِيعَ عُيُونِ الْمَاءِ وَقَطَعُوا كُلَّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ. وَلكِنَّهُمْ أَبْقَوْا فِي «قِيرِ حَارِسَةَ» حِجَارَتَهَا. وَاسْتَدَارَ أَصْحَابُ الْمَقَالِيعِ وَضَرَبُوهَا.
١. وَرَأَى الْمُوآبِيُّونَ مُقَابِلَهُمُ الْمِيَاهَ حَمْرَاءَ كَالدَّمِ: أمسكت الخنادق المياه وأنقذت جيوش هؤلاء الملوك الثلاثة من الجفاف. وكانت أيضًا وسيلة للارتباك والهزيمة لأعداء شعب الله. فعندما رأوا الشمس تشرق على الماء المتجمع في الخنادق، ظنوا أنه كان دماء من الملوك الثلاثة الذين كانوا يقاتلون بعضهم البعض.
٢. وَأَتَوْا إِلَى مَحَلَّةِ إِسْرَائِيلَ، فَقَامَ إِسْرَائِيلُ وَضَرَبُوا الْمُوآبِيِّينَ فَهَرَبُوا مِنْ أَمَامِهِمْ: استخدم الله الخنادق بطريقة غير متوقعة تمامًا لتوفير الحاجة وبنفس الوقت لهزيمة العدو.
• تعطي الرواية الكاملة لمبدأ تدبير الله للاحتياجات في الصحراء العديد من المبادئ التي تنطبق على القيادة المسيحية.
القيادة عمل شاق مثل حفر الخنادق.
تمارَس القيادة، مثل حفر الخنادق، بإيمان المستقبل.
تكافأ القيادة، مثل حفر الخنادق، ببركات يفوق التوقعات المعقولة.
يجب أن تستخدم القيادة، مثل حفر الخنادق، التفويض.
لا تعني القيادة شيئًا، مثل حفر الخنادق، من دون معجزة،
كثيرًا ما يبدو عمل القيادة، مثل حفر الخنادق، أنه بلا مكافأة.
يأتي عمل القيادة، مثل حفر الخنادق، بإعلان إلهي.
سيكون عمل القيادة، مثل حفر الخنادق، موضع انتقاد وشك.
تعني القيادة، مثل حفر الخنادق، عدم قبول حالة الجفاف الحالية.
قد يبدو عمل القيادة، مثل حفر الخنادق، غير مثير للإعجاب أو الدهشةُ والإبهار.
يستخدم الله عمل القيادة، مثل حفر الخنادق، عن قصد ويعتمد عليه.
٣. وَقَطَعُوا كُلَّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ: “ومن المؤكد هنا أنهُ لا يتكلم عن أشجارٍ فاكهة مثمرة؛ لأن هذا يتعارض بشكلٍ صريح مع قانون الله، (تثنية٢٠: ١٩-٢٠)” كلارك (Clarke)
ج) الآيات (٢٦-٢٧): خطوة يائسة من ملك موآب.
٢٦فَلَمَّا رَأَى مَلِكُ مُوآبَ أَنَّ الْحَرْبَ قَدِ اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ أَخَذَ مَعَهُ سَبْعَ مِئَةِ رَجُل مُسْتَلِّي السُّيُوفِ لِكَيْ يَشُقُّوا إِلَى مَلِكِ أَدُومَ، فَلَمْ يَقْدِرُوا. ٢٧فَأَخَذَ ابْنَهُ الْبِكْرَ الَّذِي كَانَ مَلَكَ عِوَضًا عَنْهُ، وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عَلَى السُّورِ. فَكَانَ غَيْظٌ عَظِيمٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ. فَانْصَرَفُوا عَنْهُ وَرَجَعُوا إِلَى أَرْضِهِمْ.
١. فَأَخَذَ ابْنَهُ الْبِكْرَ الَّذِي كَانَ مَلَكَ عِوَضًا عَنْهُ، وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عَلَى السُّورِ: هذا يُظهر مدى يائس ملك (مؤاب) بعد هزيمته في ميدان المعركة. لقد فعل هذا لتكريم آلهته الوثنية وإظهارًا لشعبه عن عزمه لمنع الهزيمة.
٢. فَانْصَرَفُوا عَنْهُ وَرَجَعُوا إِلَى أَرْضِهِمْ: أقنع التصميم الجذري من قبل ملك موآب ملوك إسرائيل ويهوذا وأدوم بأنهم لا يستطيعون هزيمة موآب بالكامل. فغادروا مكتفين وراضين بانتصارهم شبه الكامل.
• “بعد هذا المشهد المقزز للتضحيات البشرية التي لا معنى لها، رفع الحلفاء الحصار وعادوا إلى ديارهم.” باترسون (Patterson) وأوستل (Austel)