تفسير سفر المزامير – مزمور ٢٤
الإله العظيم المتسيد
هذا المزمور معنون ببساطة ’مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ.‘ يعتقد كثيرون أن هذا المزمور كُتب بمناسبة دخول تابوت العهد إلى أورشليم أثناء حكم داود (سفر صموئيل الثاني ٦). غير أن تشارلز سبيرجن (Charles Spurgeon) كتب بحق: “غير أن عيني صاحب المزمور تتطلعان إلى ما وراء صعود تابوت العهد إلى الصعود السامي لملك المجد.”
أولًا. الإله العظيم المتسيد
أ ) الآية (١): الإعلان: العالم كله يخص الرب الإله.
١لِلرَّبِّ ٱلْأَرْضُ وَمِلْؤُهَا. ٱلْمَسْكُونَةُ، وَكُلُّ ٱلسَّاكِنِينَ فِيهَا.
١. لِلرَّبِّ ٱلْأَرْضُ: كان داود ملكًا نبيلًا ناجحًا، لكنه كان ملكًا على مملكة صغيرة غير مهمة نسبيًا. وقد يسهل على المرء أن يعتقد أن آلهة المصريين والأشوريين كانت أعظم، لأن ممالكهم كانت أعظم. لكن داود عرف بحق أن الرب (يهوه)، إله عهد إسرائيل، كان إله ٱلْأَرْض كلها.
٢. لِلرَّبِّ ٱلْأَرْضُ وَمِلْؤُهَا: لم يكتفِ داود بالقول ’لِلرَّبِّ ٱلْأَرْضُ،‘ فأضاف ’وَمِلْؤُهَا.‘ ومن الصعب أن نجد عبارة أكثر شمولية تدل على ملكية الله.
· “قد تعني ’ملء‘ الأرض حصادها أو ثروتها أو حياتها أو عبادتها. والله العليّ هو مالك الكل بكل هذه المعاني. فالأرض ممتلئة بالله. وقد جعلها ممتلئة، وهو يبقيها كذلك.” سبيرجن (Spurgeon)
· هناك معنى بموجبه يخص ’العالم‘ إبليس. فإبليس يدعى ’إِلهَ هذَا الدَّهْرِ‘ في رسالة كورنثوس الثانية ٤:٤. وعندما جرّب يسوع بالوعد بإعطائه ممالك العالم، لم يشكك يسوع في قدرة إبليس على فعل ذلك. غير أن إبليس لا يستطيع أن يفعل شيئًا من دون سماح الله. وهكذا فإن ملكية الله صحيحة.
· اقتبس بولس قول ’لِلرَّبِّ ٱلْأَرْضُ وَمِلْؤُهَا‘ مرتين (كورنثوس الأولى ٢٦:١٠ و ٢٨:١٠) في ترسيخه لمبدأ أنه ما من طعام نجس في حد ذاته، وأنه لا يوجد في الواقع شيء يخص الآلهة الزائفة التي يقدّم لها الوثنيون القرابين.
٣. وَكُلُّ ٱلسَّاكِنِينَ فِيهَا: تمتد ملكية الله للأرض إلى كُلِّ ٱلسَّاكِنِينَ فِيهَا. فمن خلال حقوق الخلق والتدبير، يعلن الرب حقّه في امتلاك كل بشر عاش على الأرض.
ب) الآية (٢): السبب: الله هو الخالق.
٢لِأَنَّهُ عَلَى ٱلْبِحَارِ أَسَّسَهَا، وَعَلَى ٱلْأَنْهَارِ ثَبَّتَهَا.
١. لِأَنَّهُ عَلَى ٱلْبِحَارِ أَسَّسَهَا: لله الحق في الأرض وَكُلِّ ٱلسَّاكِنِينَ فِيهَا لأنه خلقها وخلقهم. ويرجع داود على وجه التحديد إلى رواية الخلق في سفر التكوين الإصحاح ١ ويتذكر خلق اليابسة في وسط مياه الأرض في اليوم الثالث من الخلق.
٢. وَعَلَى ٱلْأَنْهَارِ (المياه) ثَبَّتَهَا: حسب عِلمنا، لم يبتعد داود قط في أسفاره خارج إسرائيل أكثر من عدة مئات من الأميال، ولم يرَ بحرًا غير البحر الأبيض المتوسط (وربما البحر الأحمر أيضًا). ولم يرَ كرة أرضية حديثة أو تخطيطًا للأرض. غير أنه عرف أن المياه تهيمن على الكرة الأرضية، حتى إنه قال إن الأرض موجودة في وسط المياه بدلًا من أن يقول إن المياه موجودة في وسط اليابسة.
· بدا هذا لداود أعجوبة هندسية رائعة – أن الله أسّس الأرض على المياه.
· “يمكن أن تترجَم كلمة ’على‘ هنا إلى ’فوق‘ كما في مزمور ١:٨.” كيدنر (Kidner)
ثانيًا. الاستقبال من الإله العظيم المتسيد
أ ) الآية (٣): السؤال المطروح: من الذي يرحب به الله؟
٣مَنْ يَصْعَدُ إِلَى جَبَلِ ٱلرَّبِّ؟ وَمَنْ يَقُومُ (يقف) فِي مَوْضِعِ قُدْسِهِ.
١. مَنْ يَصْعَدُ إِلَى جَبَلِ ٱلرَّبِّ؟ في ضوء ملكية الله المتسيدة للأرض وكل الساكنين فيها، يتساءل داود من الذي يملك الحق في أن يمْثُل بين يدي الله. ولا يتعلق هذا الأمر بالقدرة على تسلق جبل أو الصعود إلى تلّة، بل بحقّ المثول بين يدي الله.
٢. وَمَنْ يَقُومُ (يقف) فِي مَوْضِعِ قُدْسِهِ: يوضح داود هنا سؤاله السابق، فسأل: من الذي يملك الحق في أن يمْثُل بين يدي الله في هيكله المقدس، في موضع قدسه؟
· هذا سؤال شغل الجنس البشري أكثر مما يفعل اليوم. إذ كان هنالك وقت عندما تساءل البشر، رجالًا ونساءً، عما يتطلبه الأمر ليكونوا في علاقة سليمة بالله. وأما اليوم، فيبدو أن السؤال هو: كيف يمكنني أن أكون سعيدًا؟
· السعادة الشخصية مهمة، لكنها ليست أكثر أهمية من التمتع بعلاقة سليمة بالله خالقنا ومدبر احتياجاتنا. فلم يطرح داود سؤالًا مهمًّا فحسب، بل أكثر سؤال أهمية.
ب) الآية (٤): الجواب عن السؤال: المعدن الأخلاقي للذي يرحب به الله.
٤اَلطَّاهِرُ ٱلْيَدَيْنِ، وَٱلنَّقِيُّ ٱلْقَلْبِ، ٱلَّذِي لَمْ يَحْمِلْ نَفْسَهُ إِلَى ٱلْبَاطِلِ، وَلَا حَلَفَ كَذِبًا.
١. اَلطَّاهِرُ ٱلْيَدَيْنِ، وَٱلنَّقِيُّ ٱلْقَلْبِ: يتحدث هذا عن شخص نقي في كل من أعماله (ٱلْيَدَيْنِ) ونيّاته (ٱلْقَلْبِ). إذ يستطيع هذا الشخص أن يَصْعَدَ إِلَى جَبَلِ ٱلرَّبِّ ويَقُومَ (يقف) فِي مَوْضِعِ قُدْسِهِ.
· سبق أن صرح داود أن الله يحكم الأرض. وهو الآن يصرح أن الله يحكم الأرض على أسس أخلاقية. وهو مهتم بسلوك البشر الأخلاقي.
· اَلطَّاهِرُ ٱلْيَدَيْنِ: اليدان الطاهرتان صحّيتان، لكنه لا يتحدث عن الغسل بالماء. فقد غسل بيلاطس البنطي يديه، لكن قلبه لم يصر طاهرًا.
· “لكن طُهر اليدين لن يكون كافيًا، ما لم يرتبط بٱلْقَلْبِ ٱلنَّقِيِّ. فالديانة الحقيقية مسألة قلبية.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. ٱلَّذِي لَمْ يَحْمِلْ نَفْسَهُ إِلَى ٱلْبَاطِلِ (وثن): فالذي يقبله الله يرفض عبادة الأوثان أيضًا، في أعماله لكن بشكل خاص في نَفْسِهِ.
· “معنى عبارة فلن ’يَحْمِلُ نَفْسَهُ‘ موضحة في مزمور ١:٢٥، حيث توازي يتكل أو يثق.” كيدنر (Kidner)
٣. وَلَا حَلَفَ كَذِبًا: تشير كلماتنا إلى حالة قلبنا، الإنسان الداخلي فينا (إنجيل متى ٣٤:١٢). فلن يجد من يقطع وعودًا مخادعة أي ترحيب من الله.
· فهمَ داود هذا كله تحت المبادئ العامة للعهد القديم الذي وعد الله فيه بأن يبارك ويقبل إسرائيل المطيعة، ووعد أيضًا بأن يلعن إسرائيل العاصية ويبتليها بالمحن (سفر التثنية ٢٧-٢٨).
· وخارج شروط العهد القديم الذي قطعه الله مع إسرائيل، قد يمكن أن تتسبب أجوبة داود في يأس آخرين. إذ يسهل أن ننظر إلى هذه القائمة ونرى أن اليدين ليست طاهرة دائمًا. وليس قلبي طاهرًا دائمًا. ويمكن أن تكون عبادة الأوثان معقدة وعنيدة في قلبي في الوقت نفسه. وأجد أنه أمر سهل جدًّا أن أقطع وعودًا بلمسة من الخداع على الأقل.
· ولحسن الحظ، رسّخ الله عهدًا أفضل، عهدً جديدًا من خلال شخص يسوع المسيح وعمله. وتحت هذا العهد الجديد، نرى أن يسوع هو صاحب اليَدَيْنِ اَلْطَاهِرَتَينِ ِوٱلْقَلْبِ ٱلنَّقِيِّ، وبشكل كامل، وأنه لَمْ يَحْمِلْ نَفْسَهُ إِلَى ٱلْبَاطِلِ، وَلَا حَلَفَ كَذِبًا. لقد أعطى الله في بره كل من يؤمن (رسالة رومية ٢٢:٣) أن يصعد إلى جبل قدسه ويقف في موضع قدسه.
· “كان بمقدور ربنا يسوع المسيح أن يصعد إلى جبل الرب لأن يديه كانتا طاهرتين وقلبه نقيًّا. وإذا تحوَّلنا بالإيمان إلى صورته، سنصعد أيضًا.” سبيرجن (Spurgeon)
· غير أن مبدأ داود هذا دقيق أيضًا تحت العهد الجديد بهذا المعنى: فسلوك المرء انعكاس على شركته مع الله. فكما كتب يوحنا: ’إنْ قُلْنَا: إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ‘ (رسالة يوحنا الأولى ٦:١). ويمكننا القول إن السلوك البار تحت العهد القديم كان شرطًا سابقًا للشركة مع الله. وأما في العهد الجديد، فإن السلوك البار نتيجة للشركة مع الله المؤسسة على الإيمان. لكن تحت كلا العهدين، يهتم الله كثيرًا بالسلوك الأخلاقي للجنس البشري، وبشكل خاص في ما يتعلق بالذين يعرِّفون أنفسهم بأنهم شعبه.
ج) الآية (٥): وعد الله للبار بالبركة.
٥يَحْمِلُ بَرَكَةً مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ، وَبِرًّا مِنْ إِلَهِ خَلَاصِهِ.
١. يَحْمِلُ (ينال) بَرَكَةً مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ: يعرف الله سلوك البشر الأخلاقي، رجالًا ونساء، ويهتم به، ويكافئ الذين يكرمونه بحياتهم.
· قد تُفهم هذه البركة أحيانًا كمكافأة يمنحها الله للمطيعين. ويمكن أن تُفهم في أوقات أخرى كنتيجة طبيعية للعيش حسب ترتيب الله الحكيم.
· “وإنه ملحوظ جدًّا هنا أن المعدن الأخلاقي للعابد السليم والمقبول لدى الله ليس مأخوذًا من أمّته أو علاقته بإبراهيم، أو من طقوس الناموس وشعائره المكلفة والمجهدة، والتي كانت عامّة الإسرائيليين يرضون أنفسهم بها، بينما من الواجبات الروحية والأخلاقية التي كانت تُهمل بشكل خطير.” بوله (Poole)
· يَحْمِلُ (ينال) بَرَكَةً: “ربما يلمّح هذا إلى عوبيد أدوم الذي احتفظ بتابوت الرب في بيته ثلاثة شهور، وباركه بركات عظيمة.” كلارك (Clarke)
٢. وَبِرًّا مِنْ إِلَهِ خَلَاصِهِ: يتحدث داود هنا بلغة العهد القديم، حيث كان يفترض أن العلاقة السليمة بالله تعتمد على الطاعة. وفي الوقت نفسه، كتب داود عن بر ناله مِنْ إِلَهِ خَلَاصِهِ.
· يمكننا القول إن حياة الطاعة التي يتحدث عنها مزمور ٤:٢٤ هي نتاج ما يحصل عليه المرء بالإيمان (وَبِرًّا مِنْ إِلَهِ خَلَاصِهِ).
· وحتى مع وجود فروقات بين العهدين القديم والجديد، فإن من الخطأ أن نقول إن الخلاص هو بالأعمال تحت نظام العهد القديم. قد يقول المرء بمعنى ما إن البركة كانت نتيجة أعمال الطاعة، لكن البر كان دائمًا وسيظل دائمًا هو مِنْ إِلَهِ خَلَاصِهِ.
· كان يعبَّر عن ذلك الإيمان تحت نظام العهد القديم بالثقة بعمل الذبيحة، متطلّعًا إلى الأمام نحو الذبيحة الكاملة النهائية التي وعد بها الله وحققها في عمل المسيح على الصليب.
د ) الآية (٦): وصف للمباركين والأبرار.
٦هَذَا هُوَ ٱلْجِيلُ ٱلطَّالِبُهُ، ٱلْمُلْتَمِسُونَ وَجْهَكَ يَا يَعْقُوبُ. سِلَاهْ.
١. هَذَا هُوَ … يَعْقُوبُ: كانت هذه طريقة داود في توحيد الله مع شعب العهد. لقد دخل المباركون والأبرار في عهد مع الله.
٢. هَذَا هُوَ ٱلْجِيلُ ٱلطَّالِبُهُ: يفعل المباركون والأبرار أكثر من مجرد الدخول في عهد مع الله. فهم يطلبونه أيضًا باستمرار. وهذا أمر يتوجب أن يفعله كل جيل من جديد.
· “السماء جيل من الواجدين (الذين وجدوا الله)، والمالكين له، والفرحين به، والطالبين إياه. لكننا هنا جيل من الطالبين.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن سيبس (Sibbes)
٣. ٱلْمُلْتَمِسُونَ وَجْهَكَ: تتكثف الفكرة وتتعزز بالتكرار. ٱلْمُلْتَمِسُونَ وَجْهَكَ هم أكثر قربًا من الذين يطلبونه – ٱلطَّالِبُهُ)، وباستخدام فترة صمت قصيرة للتأمل – سِلَاةْ.
ثالثًا. استقبال الملك العظيم
أ ) الآيات (٧-٨): دعوة للترحيب بالله الذي يسود على الأرض كلها.
٧اِرْفَعْنَ أَيَّتُهَا الأَرْتَاجُ رُؤُوسَكُنَّ، وَارْتَفِعْنَ أَيَّتُهَا الأَبْوَابُ الدَّهْرِيَّاتُ، فَيَدْخُلَ مَلِكُ الْمَجْدِ. ٨مَنْ هُوَ هذَا مَلِكُ الْمَجْدِ؟ الرَّبُّ الْقَدِيرُ الْجَبَّارُ، الرَّبُّ الْجَبَّارُ فِي الْقِتَالِ.
١. اِرْفَعْنَ أَيَّتُهَا ٱلْأَرْتَاجُ (البوابات) رُؤُوسَكُنَّ: أعلن القسم الأول من هذا المزمور عظمة الله. وتحدَّث القسم الثاني عن الكيفية التي ينبغي بها الإنسان أن يدخل في علاقة بهذا الإله العظيم. ويرحب القسم الثالث بالله من شعبه بفتح البوابات (ٱلْأَرْتَاج).
· “عندما يريد ملك إنجلترا أن يدخل مدينة لندن، عبر بار تمبل، تُغلق البوابة أمامه. وعندئذٍ يطالب المنادي الرسمي: ’افتحوا البوابة!‘ ثم يُسمع صوت يسأل: ’من هناك؟‘ فيجيب المنادي الرسمي: ’ملك إنجلترا!‘ فتُفتح البوابة فورًا، ويمر الملك في وسط هتافات شعبه الفرِحة.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن إيفانز (Evans)
٢. فَيَدْخُلَ مَلِكُ ٱلْمَجْدِ: إذا افترضنا أن داود كتب هذا المزمور إمّا بمناسبة وصول تابوت العهد إلى مدينة أورشليم أو لإحياء هذه المناسبة، يمكننا أن نرى أيضًا أن “المرنم رأى في هذا الاحتفال رمزًا لأمور أعظم.” مورجان (Morgan)
· “تخبرنا المصادر الرابانيّة اليهودية أنه، في طقوس العبادة اليهودية، كان المزمور ٢٤ يستخدم في العبادة في أول يوم في الأسبوع، وهو يوم الأحد بالنسبة لنا. وعندما نجمع الحقائق معًا ونحللها، يمكننا أن نفترض أن هذه الكلمات كانت تُتلى من كهنة الهيكل في نفس الوقت الذي قام فيه الرب يسوع المسيح بركوب حمار وصعود الطريق الصخري إلى أورشليم.” بويس (Boice)
· ولهذا يمكننا أن نفترض بعض الصلات بهذه الفكرة حول دخول مَلِكِ ٱلْمَجْدِ.
ü تحقَّق هذا عندما وصل تابوت العهد إلى أورشليم (سفر صموئيل الثاني ١١:٦-١٨).
ü تحقق هذا عندما صعد يسوع ودخل السماء (أعمال الرسل ٩:١-١٠؛ رسالة أفسس ٢٠:١).
ü يتحقق هذا عندما يفتح أحدهم قلبه ليسوع ملكًا.
٣. فَيَدْخُلَ مَلِكُ ٱلْمَجْدِ: الفكرة بسيطة. يُفترض أنه عندما يرحَّب بالله بأَرْتَاجٍ وأَبْوَابٍ مفتوحة، فإنه يُسَر بالدخول. وسيلتقي مَلِكُ ٱلْمَجْدِ شعبه عندما يقتربون إليه بشكل سليم وعندما تُفتح الأبواب له.
· لا يضع النص اعتبارًا لفكرة أن الله لن يدخل إلى حياة إنسان إذا فتح له الباب. فعندما نقترب إليه، فإنه يقترب إلينا. (رسالة يعقوب ٨:٤)
- “الكنيسة هي هيكل المسيح، وكل نفس أمينة بوابة يمكن أن يدخلها، كما في رسالة رؤيا يوحنا ٢٠:٣.” تراب (Trapp)
· تقدَّم هذه الفكرة في رسالة رؤيا يوحنا ٢٠:٣ كالتماس من يسوع إلى شعبه: “هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي.”
· “من المؤكد أنه إذا كانت هنالك حاجة إلى أن تُفتح الأبواب وتُرفع الأرتاج قبل أن يتمكن المسيح من دخول السماء، فكم بالأحرى يتوجب أن تُفتح أبواب وترفع الأرتاج ليدخل يسوع إلى قلوبنا.” سبيرجن (Spurgeon)
· “يتوجب أن يكون ملك المجد داخلنا. فلن ينفع أن يكون في الخارج، مع أنه على العرش.” ميير (Meyer)
٣. مَنْ هُوَ هَذَا مَلِكُ ٱلْمَجْدِ؟ ٱلرَّبُّ ٱلْقَدِيرُ ٱلْجَبَّارُ، ٱلرَّبُّ ٱلْجَبَّارُ فِي ٱلْقِتَالِ: يلاحظ داود، ربما بنغمة من الدهشة، أن نفس الإله الذي يستجيب لترحيب الإنسان هو مَلِكُ ٱلْمَجْدِ. إنه ٱلرَّبُّ ٱلْجَبَّارُ فِي ٱلْقِتَالِ. ولا يقلل انفتاحه على الإنسان من مجده أو جبروته.
· “إن تعبير ٱلْجَبَّارُ فِي ٱلْقِتَالِ أقوى من تعبير كونه ’رجل الحرب‘ وهي صفة سمعناها لأول مرة في نشيد الانتصار عند البحر الأحمر (سفر الخروج ٣:١٥).” كيدنر (Kidner)
ب) الآيات (٩-١٠): تكرار من أجل التوكيد.
٩ارْفَعْنَ أَيَّتُهَا الأَرْتَاجُ رُؤُوسَكُنَّ، وَارْفَعْنَهَا أَيَّتُهَا الأَبْوَابُ الدَّهْرِيَّاتُ، فَيَدْخُلَ مَلِكُ الْمَجْدِ. ١٠مَنْ هُوَ هذَا مَلِكُ الْمَجْدِ؟ رَبُّ الْجُنُودِ هُوَ مَلِكُ الْمَجْدِ. سِلاَهْ.
١. ٱرْفَعْنَ أَيَّتُهَا ٱلْأَرْتَاجُ رُؤُوسَكُنَّ: كما هو شائع في الشعر العبري، فإن التكرار يفيد التوكيد. فالأفكار في الآيات ٧و٨ مهمة ومجيدة بما يكفي لتكرارها.
· عندما دخل يسوع أورشليم دخولًا انتصاريًّا، يخبرنا البشير متى أن المدينة سألت: “من هو هذا؟” (إنجيل متى ١٠:٢١). ولو كانوا يعرفون هويته، لكانت الاستجابة هي: إِنَّهُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ هُوَ مَلِكُ ٱلْمَجْدِ.
· رَبُّ ٱلْجُنُودِ: “تأتمر بأمره كل جنود السماء والأرض، والملائكة والبشر، وكل المخلوقات الأخرى.” بوله (Poole)
· رَبُّ ٱلْجُنُودِ: “في واقع الأمر، إن التصور الكامن وراء هذا الاسم هو أن الكون كلٌّ منظم، جيش منضبط، عالم مطيع لصوته.” ماكلارين (Maclaren)
٢. هُوَ مَلِكُ ٱلْمَجْدِ. سِلَاهْ: ينتهي هذا المزمور بحق بفترة فاصلة للتأمل. فليس أمرًا صغيرًا أن يتنازل مَلِكُ ٱلْمَجْدِ ليستقبل بشرًا ويستقبله بشر.
· ربط ج. كامبل مورجان (G. Campbell Morgan) ثلاثة مزامير (المزامير ٢٢، ٢٣، ٢٤) بطريقة مثيرة للاهتمام. “حسب تقويمنا، مرّ بالأمس من خلال المزمور ٢٢، وهو اليوم يمارس منصبه في مزمور ٢٣، وغدًا سيمارس أخيرًا سلطان في مزمور ٢٤.” مورجان (Morgan)