تفسير سفر المزامير – مزمور ١٤١
لا مساومة
هذا المزمور معنون ’مزمور لداود.‘ وهو يُظهر داود كرجل ذي ضمير رقيق، حيث طلب إلى الله أن يتعامل مع خطاياه وضعفه قبل التصدي للأشرار الذين حاربوه. ويبيّن هذا أيضًا أن داود كان أكثر اهتمامًا بالشر الذي كان في داخله منه بالشر الموجود في الآخرين.
“اللغة العبرية الملوّنة في الآيات الوسطى صعبة، لكن توجُّه المزمور واضح. فهو صلاة ضد عدم الإخلاص والمساومة. وهو توسل من أجل البقاء تحت الهجمات الوحشية التي اجتذبتها هذه النظرة.” كيدنر (Kidner)
يقول جون تراب (John Trapp) إن جون كريسوستوم، المعلم العظيم في الكنيسة الأولى، ذكر أن هذا المزمور كان يُستخدم في حقبته (٣٤٩-٤٠٧ م) كجزء من الطقس المسائي للكنيسة اليونانية، بسبب الإشارة إلى الذبيحة المسائية في الآية الثانية.
أولًا. طبيعة صلاة داود
أ ) الآيات (١-٢): صلاة كالبخور.
١يَا رَبُّ، إِلَيْكَ صَرَخْتُ. أَسْرِعْ إِلَيَّ. أَصْغِ إِلَى صَوْتِي عِنْدَ مَا أَصْرُخُ إِلَيْكَ. ٢لِتَسْتَقِمْ صَلَاتِي كَٱلْبَخُورِ قُدَّامَكَ. لِيَكُنْ رَفْعُ يَدَيَّ كَذَبِيحَةٍ مَسَائِيَّةٍ.
١. يَا رَبُّ، إِلَيْكَ صَرَخْتُ. أَسْرِعْ إِلَيَّ: كان احتياج داود مُلِحًّا، ولهذا وجّه صلاته إلى الإله الحقيقي، الرب (يهوه)، وتوسَّل إليه أن يساعده على عجل (أَسْرِعْ إِلَيَّ).
· “إِلَيْكَ صَرَخْتُ، وما زلتُ أصرخ إليك، وأنا أنوي دائمًا أن أصرخ إليك. فإلى من غيرك أذهب؟ وماذا بوسعي أن أفعل غير هذا؟ يتكل آخرون على أنفسهم، بل أنا أصرخ إليك.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. أَصْغِ إِلَى صَوْتِي عِنْدَ مَا أَصْرُخُ إِلَيْكَ: عندما يصرخ طفل إلى أحد والديه، فإن الأب (الأم) لا يسمع كلماته فحسب، بل صوت صراخه أيضًا. ويستطيع الرب أن يسمع صوت شعبه عندما يصرخ إليه، فيدفعه هذا إلى العمل.
٣. لِتَسْتَقِمْ صَلَاتِي كَٱلْبَخُورِ قُدَّامَكَ: استخدم داود دخان البخور ورائحته كتمثيل لصلاته إلى الله. كانت وضعية جسمه (رَفْعُ يَدَيَّ) هبة لله، كما أن الذبيحة المسائية كانت هبة لله. وتقول رؤيا يوحنا ٥: ١٨ إن صلوات شعب الله هي كالبخور. وتصف رسالة العبرانيين ١٣: ١٥ التسبيح كذبيحة لله.
· ترتفع الصلاة إلى السماء كما يرتفع دخان البخور إلى الله.
· ترضي الصلاة الله كبخور ذي رائحة زكية.
· تحتاج الصلاة إلى شيء من النار لتكون فعّالة (تتحدث يعقوب ٥: ١٦ عن الصلاة الفعالة التي ’تقتدر في فعلها‘)، ويتم تفعيل البخور بالنار.
ü إذا كان داود قد كتب هذا المزمور أثناء كونه طريدًا هاربًا من شاول، فإن فكرتي البخور والذبيحة المسائية تحملان معنى خاصًّا، لأنه لم يكن حرًّا في الذهاب إلى خيمة الاجتماع والمشاركة في في أعمال العبادة علنًا. فعندما أبعدته الضرورة عن خيمة الاجتماع، كانت صلواته تحل محل تقديم البخور والذبائح.
ü “كان البخور يقدَّم كل صباح ومساء قدّام الرب على المذهب الذهبي أمام حجاب المقْدِس (خروج ٢٩: ٣٩؛ عدد ٢٨: ٤).” كلارك (Clarke)
ü كان ينبغي أن يكون البخور المرتبط بطقوس خيمة الاجتماع نقيًّا ومُعَدًّا بطريقة خاصة. وقد نوى داود أن يقدم صلوات نقيّة مُعَدَّة لله.
ü “كان رفع اليدين رمزًا للاعتماد على الرب ومرافقًا لتسبيحه.” فانجيميرين (VanGemeren)
ب) الآيات (٣-٤): صلاة من أجل الحفظ من الشر.
٣ٱجْعَلْ يَا رَبُّ حَارِسًا لِفَمِي. ٱحْفَظْ بَابَ شَفَتَيَّ. ٤لَا تُمِلْ قَلْبِي إِلَى أَمْرٍ رَدِيءٍ، لِأَتَعَلَّلَ بِعِلَلِ ٱلشَّرِّ مَعَ أُنَاسٍ فَاعِلِي إِثْمٍ، وَلَا آكُلْ مِنْ نَفَائِسِهِمْ.
١. ٱجْعَلْ يَا رَبُّ حَارِسًا لِفَمِي: لم يُرِد داود للفم الذي يصلّي كما لو كان بخورًا أن يُستخدم للأكاذيب أو أي شيء شرير. فطلب من الله أن يراقب باب فمه لئلا يقول شيئًا شريرًا أو أمورًا حمقاء.
· ٱجْعَلْ يَا رَبُّ حَارِسًا لِفَمِي: “لئلا تتحرك شفتاي مُصدرتين صريرًا مزعجًا وتذمرات، كما على مفاصل صدئة بسبب الافتقار إلى دهن فرح الابتهاج.” تراب (Trapp)
· “إن كان بيت الله محتاجًا إلى حراس وبوّابين، فكم بالأحرى رجل الله!” كيدنر (Kidner)
· “جعلت الطبيعة من شفتيّ بابًا لكلامي، فلتحفظ النعمة هذا الباب لئلا تخرج كلمة تهين الرب أو تؤذي آخرين.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن هنري (Henry)
٢. لَا تُمِلْ قَلْبِي إِلَى أَمْرٍ رَدِيءٍ: عرف داود أن هنالك شيئًا آخر غير فمه يحتاج إلى الحماية غير فمه. إذ يمكن لقلبه أن يتأثر بشيء شرير تنتج عنه أعمال شريرة. كان هذه طريقة داود في الصلاة والتي عبّر عنها يسوع لاحقًا بقوله ’لا تُدخلنا في تجربة‘ (متى ٦: ١٣).
· “عندما يميل القلب إلى طريق، سرعان ما تميل الحياة كلها إليه. فالأشياء الشريرة المرغوبة تُبرز أشياء شريرة بالممارسة. فما لم يُحفظ النبع نقيًّا، سرعان ما تتلوث كل جداول الحياة.” سبيرجن (Spurgeon)
· “لا يعاني صاحب المزمور من عداوة فعلة الإثم، لكنه يخشى أن يصاب بعدوى خطيتهم.” ماكلارين (Maclaren)
· لم يكن أفضل كثيرًا من هؤلاء الأشرار ليكون معهم. بل كان يشبههم كثيرًا، ولهذا كان يُحتمل أن يُجرَف بشرّهم إذا كان ضمن رفقتهم.” بويس (Boice)
٣. وَلَا آكُلْ مِنْ نَفَائِسِهِمْ: لم يُرِد داود أن يسلك في طرق الذين يفعلون الإثم، ولهذا أراد أن يتجنّب الأكل على موائدهم. ربما كان هذا وضعًا فعليًّا بالنسبة لداود. لكن مبدأ عدم التمتع بالنفائس التي يشترك فيها الأشرار أمر ذو صلة بشعب الله دائمًا.
· أُنَاسٍ فَاعِلِي إِثْمٍ: “تشير كلمة ’أناس‘ هنا إلى أشخاص لهم رتب ومنزلة في المجتمع. غير أنهم فاعلو إثم يمارسون أعمالًا شريرة (انظر مزمور ٢٨: ٣). ويمثل ابتعاد المرء عن تأثيرهم وعن التمتع بمزاياهم المادية الخطوة الثانية بعيدًا عن التجربة. وكانت الخطوة الأولى هي الاعتماد على الرب.” فانجيميرين (VanGemeren)
· توجد مزايا كثيرة في طريق شرير. ويعرف الإنسان التقي كيف يتجنب هذه المزايا. ’إن بلاياي أكثر جاذبية من مثل هذا الازدهار.‘ بول (Poole)
· “وبدلًا من استخدام الافتراء أو العنف معه، فإنهم يسعون إلى إغرائه بعيدًا عن الولاء للحق والاستقامة. ويبدو أن الإشارة إلى النفائس (أطايب الطعام) توحي بأنهم يحاولون أن يبيّنوا له الميزات التي يمكن أن يتمتعوا بها، إذا انضم إلى شلّتهم.” مورجان (Morgan)
· “لدى المؤمن الذي يعيش بين غير المؤمنين والحسّيين في العالم أسباب كافية لاستخدام نفس هذه الصلوات واتخاذ نفس الاحتياطات.” هورن (Horne)
ج) الآية (٥): صلاة من أجل الالتصاق بالأبرار.
٥لِيَضْرِبْنِي ٱلصِّدِّيقُ فَرَحْمَةٌ، وَلْيُوَبِّخْنِي فَزَيْتٌ لِلرَّأْسِ. لَا يَأْبَى رَأْسِي. لِأَنَّ صَلَاتِي بَعْدُ فِي مَصَائِبِهِمْ.
١. لِيَضْرِبْنِي ٱلصِّدِّيقُ: رفض داود أطايب الأشرار واشتاق إلى التواصل مع الصدّيقين الأبرار. وأقر بأن هذا سيكون لطفًا وكرمًا (حِسِدْ) بالنسبة له.
· “إن كنتُ أسيء بالكلام أو بالفعل، ليتني لا أفتقر إلى موبّخ أمين يضربني بمطرقة (كما يدل معنى الكلمة المستخدمة) ويوبّخني بعنف.” تراب (Trapp)
· “عندما يبتسم لنا الأشرار، فإنّ تملّقهم قسوة. وعندما يضربنا الأبرار، فإن أمانتهم لطف.” سبيرجن (Spurgeon)
· “صدِّقْني أن الشخص المستعد لأن يخبرك بعيوبك هو أفضل صديق لك. ربما لا يكون أمرًا مُسِرًّا أن يفعل هذا، وهو يعرف أنه يخاطر بفقدان صداقتك. لكنه صديق حقيقي مخْلِص. ولهذا اشكره على توبيخه لك. وتعلّم كيف تتحسن بما يخبرك به.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. فَزَيْتٌ لِلرَّأْسِ: كان توبيخ رجل صالح أمرًا شافيًا ومفيدًا لداود مثل الزيت الممتاز على رأسه. ولن يرفض مثل هذا التوبيخ أو التقويم كمسحة زيت من صديق، حتى لو كانت قاسية كضربة مؤلمة.
· زَيْتٌ: “يقول النص العبري إنه زيت للرأس من ذاك النوع الذي يُسكب على رؤوس الأصحاب، وهو من أفضل الزيوت.” تراب (Trapp)
· ربما تريد مسحة جديدة، لكنك تفوّتها، لأنها تأتي إليك كتقويم من شخص بار. “ربما لا تأتي المسحة الجديدة التي تسعى إليها في الصباح في خبرات عاطفية تعطيك نشوة، لكن في التعامل المستقيم المباشر من زملائك المؤمنين. فتقَبَّل بتواضع ورقة أي شيء يقال فيه انتقاد أو لوم لك، سائلًا إن كان في كلامهم رسالة من أبيك السماوي.” ميير (Meyer)
ثانيًا. صلاة من أجل الحفظ من الأشرار
أ ) الآيات (٥ب-٧): الأشرار وعملهم.
٥لِأَنَّ صَلَاتِي بَعْدُ فِي مَصَائِبِهِمْ. ٦قَدِ ٱنْطَرَحَ قُضَاتُهُمْ مِنْ عَلَى ٱلصَّخْرَةِ، وَسَمِعُوا كَلِمَاتِي لِأَنَّهَا لَذِيذَةٌ. ٧كَمَنْ يَفْلَحُ وَيَشُقُّ ٱلْأَرْضَ، تَبَدَّدَتْ عِظَامُنَا عِنْدَ فَمِ ٱلْهَاوِيَةِ.
١. لِأَنَّ صَلَاتِي بَعْدُ فِي مَصَائِبِهِمْ (صلاتي هي ضد أعمال الأشرار): وصفت السطور السابقة داود بأنه ممتن على صلته بالأبرار، لكنه صلى من أجل أن يعمل الله ضد أعمال الأشرار. فعلى سبيل المثال، أراد أن يرى القضاة الأشرار وهم يُطرحون إلى جانبي جُرف. وهذه دينونة قاسية لكن ملائمة للذين ينحازون إلى الباطل، متجاهلين كلمات داود المستقيمة (كما في الآيتين ٣-٤).
· يمثل هذا القسم من المزمور تحدِّيًا عظيمًا للمترجم والمفسر. إذ علّق ماكلارين (Maclaren) على عبارة ’لِأَنَّ صَلَاتِي بَعْدُ فِي مَصَائِبِهِمْ‘ قائلًا: “لكن ما معنى العبارة الأخيرة من مزمور ١٤١: ٥ وتأثيرها؟ لم يقدَّم جواب شافٍ بعد.”
· يصعب فهم فكرة طرح القضاة إلى جانبي جُرف من النص العبري الأصلي. قال جورج هورن (George Horne) عن هذه الآية السادسة: “هذه الآية، كما نقرؤها في ترجمتنا، تقف وحدها. ولا أعرف ما يمكن الاستنتاج منها.” ربما عنى داود الملك شاول، عدوه الرئيسي، غير أنه لم يسمِّه بدافع من تجنّب الملك الذي اختاره الله.
· “صلّى صاحب المزمور أن يموتوا ميتة قاسية بطرحهم من فوق الجرف (انظر ٢ أخبار ٢٥: ١٢؛ لوقا ٤: ٢٩). وستؤثر صدمة دينونة الله على نظامهم المستبد في أتباعهم، وربما يعيدهم هذا إلى رشدهم.” فانجيميرين (VanGemeren)
· وَسَمِعُوا كَلِمَاتِي لِأَنَّهَا لَذِيذَةٌ: “وقد فعلوا ذلك: فقد جعل موت شاول كل أخيار الأمة ينظرون إلى ابن يسّى على أنه مسيح الرب. فصارت كلماته لذيذة لهم.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. تَبَدَّدَتْ عِظَامُنَا عِنْدَ فَمِ ٱلْهَاوِيَةِ: هذا تعبير يصعب فهمه من النص الأصلي. وربما استخدم داود هذه الصورة الكلامية ليصف مدى الخراب الذي أحس به ورفقاؤه الأبرار بسبب أعمال الأشرار. فلم يكن بوسع الذين أحسّوا هكذا إلا أن يلجؤوا إلى الله من أجل العون.
· “قضيتنا ميئوس منها مثل أموات تبعثرت عظامهم في عدة أماكن.” بوله (Poole)
· “تكمن الفكرة وراء هذه الصورة في وجه الشبه بين العظام المنتشرة عند فم الهاوية وكُتَل التراب المكسورة بالمحراب. ويبدو أن كلمة الهاوية تتردد بين معنيين – عالم الأرواح غير المنظور والقبر.” ماكلارين (Maclaren)
· “لا بد أن هذا المشهد كان مروِّعًا جدًّا لليهودي، لأنه كان يُعَد عدم القدرة على دفن الميت واحدة من أعظم الكوارث يمكن أن تصيبه.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن بيردر (Burder)
ب) الآيات (٨-١٠): صلاة من أجل إيجاد أمان في الله.
٨لِأَنَّهُ إِلَيْكَ يَا سَيِّدُ يَا رَبُّ عَيْنَايَ. بِكَ ٱحْتَمَيْتُ. لَا تُفْرِغْ نَفْسِي. ٩ٱحْفَظْنِي مِنَ ٱلْفَخِّ ٱلَّذِي قَدْ نَصَبُوهُ لِي، وَمِنْ أَشْرَاكِ فَاعِلِي ٱلْإِثْمِ. ١٠لِيَسْقُطِ ٱلْأَشْرَارُ فِي شِبَاكِهِمْ حَتَّى أَنْجُوَ أَنَا بِٱلْكُلِّيَّةِ.
١. لِأَنَّهُ إِلَيْكَ يَا سَيِّدُ يَا رَبُّ عَيْنَايَ: حتى في هذه الحالة الرهيبة (الموصوفة في السطور السابقة)، تعمّد داود أن يثبّت عينيه على الرب. ولأن الله كان ملجأه، صلى ألا يترك الرب نفسه محرومة (لَا تُفْرِغْ نَفْسِي). فمن دون حماية الرب، كان تحت رحمة أعدائه الأشرار.
· إِلَيْكَ عَيْنَايَ: “في كل الأوقات، وفي كل الأماكن، وفي جميع المناسبات، سألتصق بالرب وأضع كل ثقتي فيه.” كلارك (Clarke)
· “إنه قادر على القول: ’لِأَنَّهُ إِلَيْكَ يَا سَيِّدُ يَا رَبُّ عَيْنَايَ.‘ وهذا إعلان لحقيقة أن مرساته ما زالت ثابتة، لا في وجه هجمات الأعداء الشرسة فحسب، لكن أيضًا في وجه التجربة الخبيثة في الانحراف عن طريق الاستقامة للهروب من مقاومة أعدائه الذين يسعون إلى الانتقام منه.” مورجان (Morgan)
· تذكّر ما قاله داود لشاول في ١ صموئيل ٢٦: ١٩: ’فَإِنْ كَانَ ٱلرَّبُّ قَدْ أَهَاجَكَ ضِدِّي فَلْيَشْتَمَّ تَقْدِمَةً. وَإِنْ كَانَ بَنُو ٱلنَّاسِ فَلْيَكُونُوا مَلْعُونِينَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، لِأَنَّهُمْ قَدْ طَرَدُونِي ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلِٱنْضِمَامِ إِلَى نَصِيبِ ٱلرَّبِّ قَائِلِينَ: ٱذْهَبِ ٱعْبُدْ آلِهَةً أُخْرَى.‘ يبيّن هذا أن داود عرف أن كثيرين كذبوا على شاول بشأنه آملين أن يقتلوه من خلال افتراءاتهم. ويبيّن هذا أنه عندما كان داود طريدًا، أمِلَ أعداؤه أن يحرضوه على الوثنية قائلين له: ’ٱذْهَبِ ٱعْبُدْ آلِهَةً أُخْرَى.‘ وما كان لداود أن يفعل هذا. إذ كان ملجؤه هو الرب وحده.
٢. ٱحْفَظْنِي مِنَ ٱلْفَخِّ ٱلَّذِي قَدْ نَصَبُوهُ لِي: كان أعداء داود مصممين على القضاء عليه. ولهذا نصبوا له فخاخًا ومصائد وشبكات. فصلى داود أن يسقطوا في شباكهم لينجو سالمًا. ’لِيَسْقُطِ ٱلْأَشْرَارُ فِي شِبَاكِهِمْ حَتَّى أَنْجُوَ أَنَا بِٱلْكُلِّيَّةِ.‘ وستتبرر ثقة داود بالرب عندما يقضى على الذين سعوا إلى القضاء عليه.
· ٱحْفَظْنِي مِنَ ٱلْفَخِّ: “يصعب تجنب الفخاخ إذا لم تكن تراها، ويصعب أن تفلت من الشبكات التي لا تستطيع أن تكتشفها. ولهذ يمكن أن ننضم إلى صرخة صاحب المزمور الذي طورِد كثيرًا: ٱحْفَظْنِي.” سبيرجن (Spurgeon)
· حَتَّى أَنْجُوَ: “يصور السطر الأخير رجلًا نجا من شبكات كثيرة بعون الرب. وهو متأكد من أن الرحلة لم تنته بعد.” كيدنر (Kidner)
· “على أية حال، ليس أهم شيء في ذهن صاحب المزمور دمار أعدائه، بل أن يصبحوا عاجزين عن تمرير شبكاتهم من دون أن تُكتشف.” ماكلارين (Maclaren)
· لقد استُجيبت صلاته. “نجد من تتمّة التاريخ أن الرجاء والاطمئنان اللذين عبّرا عنهما صاحب المزمور لم يكونا عبثًا. فقد نجا من كل الفخاخ التي نُصبت له من كل جانب.” هورن (Horne)