تفسير سفر المزامير – مزمور ٦٣
المحبة أفضل من الحياة
هذا المزمور معنون: مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ لَمَّا كَانَ فِي بَرِّيَّةِ يَهُوذَا. يعتقد بعض المفسرين أن هذا المزمور يعود إلى سنوات داود في البرية قبل أن يصل إلى عرش إسرائيل، أو إلى فترة سبيه القصيرة أثناء تمرد أبشالوم. والاحتمال الأول أقوى، أي عندما كان مطاردًا من قبل شاول، لكن لا نستطيع الجزم في هذا الأمر.
أضاف تشارلز سبيرجن (Charles Spurgeon) ملاحظة مثيرة للاهتمام: “يخبرنا يوحنا فم الذهب أنه كان هنالك مرسوم بين أوائل المسيحيين قضى أن لا يمر يوم من دون ترنيم هذا المزمور بشكل علني.”
أولًا. تسبيح من البرية
أ ) الآيات (١-٢): عطش داود إلى الله.
١يَا اَللهُ، إِلهِي أَنْتَ. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي، يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلاَ مَاءٍ، ٢لِكَيْ أُبْصِرَ قُوَّتَكَ وَمَجْدَكَ. كَمَا قَدْ رَأَيْتُكَ فِي قُدْسِكَ.
١. يَا ٱللهُ، إِلَهِي أَنْتَ: ربما يبدو هذا تكرارًا لا معنى له. لكنه ليس كذلك. إذ يعلن داود هنا أن إيلوهيم هو ’إيل‘ أي إلهه الذي يتبعه، بمعنى أكثر أساسيةً. ففي عصر اعتقد الوثنيون بوجود آلهة كثيرة، وأن لكل شعب آلهته، يقوم داود بإزاحة هذه الأفكار جانبًا، ويعلن ولاءه لأيلوهيم.
· “إن البساطة والجسارة في عبارة ’إِلَهِي أَنْتَ‘ هي السر وراء كل ما يلي، حيث إن هذه العلاقة تمثل قلب العهد من زمن الآباء إلى يومنا هذا (سفر التكوين ٨:١٧ج، رسالة العبرانيين ١٠:٨ج).” كيدنر (Kidner)
٢. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ: عندما تقدِّر الله بصفته الله، فإنه أمر معقول تمامًا أن تطلبه، وأن تطلبه كـأولوية في نهارك. وقد تَطَلَّب عطش داود إلى الله أن يرتوي منه في وقت مبكر من النهار (أُبَكِّرُ).
· “يرجَّح أن ما يستحوذ على القلب في الصباح سيشغله طوال النهار. فالانطباعات الأولى هي الأكثر ديمومة، لأنه لا توجد أفكار كثيرة لتطردها أو لمنعها من التجذر في الشعور الأخلاقي.” كلارك (Clarke)
· “تحمل كلمة ’أُبكِّر‘ لا معنى الوقت المبكر في الصباح فحسب، بل معنى التوق والحماسة والفورية. فمن يتوق إلى الله حقًّا فإنه يتوق إليه الآن.” سبيرجن (Spurgeon)
· يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي: “يشتاق ويحن، أو يضعف ويهزل. إن رغبتي فيك ملتهبة وغير قابلة للشبع حتى إن جسمي يحس بتأثيرات ذلك، كما هو الحال في كل الرغبات القوية الغظيمة.” بوله (Poole)
· “لا يعرف معظم الناس أن نفوسهم تشتهي الله. وهم يسعون إلى الإشباع في أشياء أخرى.” بويس (Boice)
٣. كَمَا قَدْ رَأَيْتُكَ فِي قُدْسِكَ: طلب داود الله في خيمة الاجتماع بجدية، كما يبحث الرجل العطشان عن ماء فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ. وبرية اليهودية صحراء في معظمها، ولهذا كانت هذه صورة التوق التي خطرت بسهولة ببال داود.
- فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلَا مَاءٍ: “تعلَّم من هذا ولا تقلْ: ’سأتواصل مع الله عندما تتحسن صحتي.‘ بل اشتقْ إليه الآن. إنها إحدى تجارب إبليس أن يطلب منك ألّا تصلي عندما لا ترغب في الصلاة. بل صّلِّ بقوة مضاعفة في هذه الحالة.” سبيرجن (Spurgeon)
٤. لِكَيْ أُبْصِرَ قُوَّتَكَ وَمَجْدَكَ: طلب داود الله في خيمة الاجتماع ليختبر شيئًا من قوة الله ومجده (قُوَّتَكَ وَمَجْدَكَ). وإنه لأمر ذو دلالة أن داود لم يكن موجودًا في خيمة الاجتماع عندما رنّم هذه الترنيمة، حيث كان في برية يهوذا. غير أنه عرف أن مقدس الله ليس مجرد مكان، بل هو تصوُّر روحي يمكن الوصول إليه بالإيمان بغضّ النطر عن مكان الشخص.
· “تكمن تعاستنا في أننا لا نعطش إلا قليلًا جدًّا إلى هذه الأمور السامية، بينما نعطش كثيرًا جدًّا إلى تفاهات الزمن الشعور الزائفة.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآيات (٣-٦): عظمة محبة الله تثير التسبيح.
٣لأَنَّ رَحْمَتَكَ أَفْضَلُ مِنَ الْحَيَاةِ. شَفَتَايَ تُسَبِّحَانِكَ. ٤هكَذَا أُبَارِكُكَ فِي حَيَاتِي. بِاسْمِكَ أَرْفَعُ يَدَيَّ. ٥كَمَا مِنْ شَحْمٍ وَدَسَمٍ تَشْبَعُ نَفْسِي، وَبِشَفَتَيْ الابْتِهَاجِ يُسَبِّحُكَ فَمِي. ٦إِذَا ذَكَرْتُكَ عَلَى فِرَاشِي، فِي السُّهْدِ أَلْهَجُ بِكَ.
١. لِأَنَّ رَحْمَتَكَ أَفْضَلُ مِنَ ٱلْحَيَاةِ: هذا هو السبب الذي دفع داود إلى طلب الله. فكَرَمُ الله المتسم بالمحبة، أو محبة الله الثابتة المتسمة بالولاء (بالعبرية – حِسِدْ) أفضل من الحياة، أو لها معنى وقيمة أسمى بالنسبة لداود. ويعني هذا أن داود عرف واختبر شيئًا من محبة الله المتسمة بالوفاء، والتي لا يعرفها كثيرون من المؤمنين اليوم.
· يَعُد الناس الحياة على أنها أمر طبيعي، بينما عدَّ داود محبة الله العظيمة على أنها أمر طبيعي.
· يستمتع الناس بالحياة، بينما استمتع داود بمحبة الله العظيمة.
· يثمّن الناس الحياة، بينما ثمّن داود محبة الله العظيمة.
· يضحي الناس لكي يحيوا، بينما داود مستعد للتضحية من أجل محبة الله العظيمة.
· يريد الناس أن يعطوا حياة للآخرين، بينما أراد داود أن يعطي محبة الله العظيمة.
· ييأس الناس من دون إحساس بالحياة، بينما كان ييأس من دون الإحساس بمحبة الله العظيمة.
ü الحياة والأدب ممتلئتان بقصص لأشخاص أحبوا شخصًا أو شيئًا أكثر من حياتهم. ويمكن القول عنهم إنهم عَدّوا ذلك الحب أَفْضَلُ مِنَ الْحَيَاة. لكن ليس هذا ما عناه داود. فقد عنى أن محبة الله له أثمن من حياته.
ü “وأنت تعرف الآن إلى أية درجة يثمن الناس حياتهم. فهم مستعدون لأن ينزفوا، ويَعْرَقوا، ويتقيأوا، ويتخلّوا عن ممتلكاتهم، بل عن طرف من أطرافهم، بل عدة أطراف لاستبقاء حياتهم. والآن، رغم أن الحياة قد تكون مريرة وثمينة جدًّا، إلا أن النفس المتخلّى عنها تثمّن عودة الرضا الإلهي فوق الحياة، بل فوق حيوات كثيرة.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن بروكس (Brooks)
ü “السكنى مع الله أفضل من الحياة في أفضل جوانبها: حياة الراحة، وفي قصر، وفي صحة، وفي كرامة، وفي غنى، وفي لذة. نعم، لا تعادل أفضل حياة الحياة الأبدية التي تسكن في ابتسامة الرب.” سبيرجن (Spurgeon)
ü “عرف داود لؤلؤة كثيرة الثمن، أي ’لُطف الله المتسم بالمحبة،‘ وهو الذي لا يُعَلَّق عليه الحياة هنا فحسب، بل الحياة الأخرى أيضًا.” هورن (Horne)
ü أَفْضَلُ مِنَ ٱلْحَيَاةِ: “تعِبَ كثيرون من حياتهم، كما هو واضح من كلمة الله والتاريخ. لكننا لم نجد شخصًا واحدًا تعب من محبة الله ورضاه.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن بروكس (Brooks)
٢. شَفَتَايَ تُسَبِّحَانِكَ: في ضوء خبرة داود بمحبة الله العظيمة، قرر أن يعبّر عنها صوتيًّا. إذ اعتقد داود أنه سيكون جاحدًا ووقحًا إذا لم يسبّح ويشكر الله الذي أحبه كل هذا الحب.
· “إذا لم يكن لدينا شيء نقوله عن صلاح الله، يرجَّح أن السبب هو أننا لم نختبره.” ماكلارين (Maclaren)
· “أيمكنني أن أطرح أسئلة لكل من يجاهر بالإيمان بالمسيح. هل تحدثتَ إلى الله في هذا الصياح؟ هل تسمح بأن يمر يوم من دون التحدث عنه؟ هل من الصواب أن تعامله بلامبالاة خرساء؟” سبيرجن (Spurgeon)
· يتحدث مزمور ٦٣ عن التسبيح والتكريس المقدَّمَين لله في عرفان بالجميل، بإحساس غني من صاحب المزمور أنه بورك كثيرًا. ولاحظ سبيرجن أنه لا ينبغي أن نَقْصُر شكرنا وتسبيحاتنا لله على مثل هذه الأوقات: “حتى عندما يكون قلبنا راغبًا أكثر منه مستمتعًا، ينبغي أن نواصل تعظيم العليّ، لأن محبته ثمينة حقًّا، حتى لو أننا كنا في الوقت الحالي لا نبتهج بذلك بشكل شخصي. ولا ينبغي أن نجعل تسبيحاتنا تعتمد على حصولنا الشخصي على المزايا. إذ سيكون هذا أمرًا أنانيًّا. فحتى العشارون والخطاة يمتدحون الذين يغدقون الهدايا عليهم. والمؤمن الحقيقي يبارك الرب عندما يأخذ منه بركات أو يستر وجهه عنه.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. هَكَذَا أُبَارِكُكَ فِي حَيَاتِي: لم يقصد داود بهذا أنه يبارك الله كما يمنح الأكبر بركة أو هبة لمن هو دونه. بل قصد أنه يُكرمه، حيث إن من الملائم أن تسبّح وتشكر المخلوقات خالقها.
٤. بِٱسْمِكَ أَرْفَعُ يَدَيَّ: لم يكن رفع اليدين الوضع الجسمي في الصلاة بين العبرانيين القدامى فحسب، بل كان ملائمًا للتسبيح أيضًا. فقد كان هذا يُظهر توقُّع الحصول على بركة بشكر، مع الاستسلام للرب.
٥. كَمَا مِنْ شَحْمٍ وَدَسَمٍ تَشْبَعُ نَفْسِي: يتحدث داود عن إشباع لا يعرفه إلا قليلون، حتى بين المؤمنين. إذ يتحدث عن إشباع يتأتّى من طلب الله باستسلام، وقبول محبته العظيمة، وتسبيحه من دون تحفُّظ.
· “يوجد في محبة الله غنى وسخاء وفرح كامل يملأ النفس، وهو يشَبَّه بأدسم طعام يمكن للجسم أن يتغذى عليه.” سبيرجن (Spurgeon)
٦. إِذَا ذَكَرْتُكَ عَلَى فِرَاشِي، فِي ٱلسُّهْدِ أَلْهَجُ بِكَ: اعتقد داود أنه لم تكن هنالك ساعات كافية ليفكر في عظمة الله وصلاحه، ولهذا استخدم ساعات الليل (فِي ٱلسُّهْدِ) للتأمل في هذه الأمور (أَلْهَجُ بِكَ).
· “يدل العبري المترجم إلى ’ٱلسُّهْدِ‘ هنا على بطء مرور الساعات.” كيدنر (Kidner)
· “تجعل الوحدة والسكون أوقات الليل ملائمة للتأمل في مراحم الله التي كثيرًا ما نختبرها، والتي عندما نتذكرها، تصبح استعادة لذكريات حلوة، فتملأ النفس بكل فرح وسلام وتعزية.” هورن (Horne)
ثانيًا. ثقة شاكرة بالله
أ ) الآيات (٧-٨): شكر على العون المقدَّم فعلًا.
٧لأَنَّكَ كُنْتَ عَوْنًا لِي، وَبِظِلِّ جَنَاحَيْكَ أَبْتَهِجُ. ٨اِلْتَصَقَتْ نَفْسِي بِكَ. يَمِينُكَ تَعْضُدُنِي.
١. كُنْتَ عَوْنًا لِي: يصرخ داود في مزامير كثيرة طلبًا عون الله. وبما أن المزمور كُتب في برية اليهودية، فلا بد أن هنالك عونًا يحتاج إليه داود. غير أن هذا المزمور خالٍ من أية صرخة تطلب العون. لكنه يقدم الشكر والتسبيح لله على أمانته في أوقات كثيرة عندما كان الله نفسه عونًا لداود.
٢. وَبِظِلِّ جَنَاحَيْكَ أَبْتَهِجُ: تتكرر فكرة ظل جناحي الرب مرات كثيرة في المزامير. وهي تحمل أحيانًا فكرة الحماية، كما تحمي الدجاجة فراخها تحت جناحيها. وفي أحيان أخرى، تحمل فكرة الحضور كما في أجنحة الكروبين اللذين يحيطان بعرش الله. ويبدو أن فكرة الحضور الإلهي أكثر ملاءمة للسياق هنا.
٣. اِلْتَصَقَتْ نَفْسِي بِكَ. يَمِينُكَ تَعْضُدُنِي: يدل هذا على الشراكة والصلة اللتين يختبرهما المؤمن مع الله. كانت نفس داود قريبة من الله، تابعة إياه كما يتبع المرء سيده أو معلمه. فاستجاب الرب برعاية وقوة من أجل داود، مسندًا إياه بيمينه – يَمِينُكَ تَعْضُدُنِي – (يد المهارة والقوة).· اِلْتَصَقَتْ نَفْسِي بِكَ: “واصِل التقدم إلى الأمام، ولا تكن هنالك أية مسافة غير ضرورية بين السيد وبينك.” ميير (Meyer)
· الصلة التي عبّرت عنها عبارة ’اِلْتَصَقَتْ نَفْسِي بِكَ‘ قريبة جدًّا حقًا. إذ تدل كلمة ’اِلْتَصَقَتْ‘ على اتِّباع عن قرب، وهي تحمل معنى الانضمام والالتصاق معًا كما بالصمغ، كما في سفر التكوين ٢٤:٢.
· “المعنى الرئيسي لهذه الكلمة العبرية هي الالتصاق كما بالصمغ، ومن هنا ترتبط مجازيًّا بمعاني الارتباط والالتزام والاتحاد مع … ولاسيما في الاتحاد الراسخ بعاطفة قوية.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن تشالندر (Chandler)
ب) الآيات (٩-١٠): اتكال رغم الضيق.
٩أَمَّا الَّذِينَ هُمْ لِلتَّهْلُكَةِ يَطْلُبُونَ نَفْسِي، فَيَدْخُلُونَ فِي أَسَافِلِ الأَرْضِ. ١٠يُدْفَعُونَ إِلَى يَدَيِ السَّيْفِ. يَكُونُونَ نَصِيبًا لِبَنَاتِ آوَى.
١. أَمَّا ٱلَّذِينَ هُمْ لِلتَّهْلُكَةِ يَطْلُبُونَ نَفْسِي: لم يُلغ التواصل العميق مع الرب مشكلات داود. إذ كان ما زال هنالك أعداء يريدون قتله. فحسب عنوان المزمور، كُتب المزمور في برية يهوذا حيث كان داود مختبئًا من مؤامرة لقتله.
٢. يُدْفَعُونَ إِلَى يَدَيِ ٱلسَّيْفِ: وضع داود ثقته في الله في مسألة التعامل مع أعدائه، ولاسيما الملك شاول. وفي توقيت الله وبطريقته، سقطوا بالسيف فعلًا. إذ يحمل هذا التعبير معنى قتلهم في المعركة.
· “عرف داود أن محبة الله الثابتة التي تغنَّى بها في الآية الثاثة قوية مع العدالة (انظر ١٢:٦٢).” كيدنر (Kidner)
· يَكُونُونَ نَصِيبًا لِبَنَاتِ آوَى: “إذا كان الجسم البشري يُترك على ميدان المعركة، فلا بد أن بنات آوى لن تترك منه إلا القليل. وفي الأيام القديمة للحروب، كانت بنات آوى تمرح وتعربد بعد انسحاب الجيوش. ويشير داود هنا إلى هذه النزعة في بنات آوى – وهو المحارب الذي خاض معارك كثيرة في ميادين كثيرة، والذي لا بد أنه رأى جثث القتلى وقد نهشتها تلك الحيوانات المفترسة الليلية.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن وود (Wood)
· “الإشارة إلى بنات آوى منطقية هنا بدلًا من الإشارة إلى الثعالب، حسب بعض الترجمات القديمة (كلمة عبرية واحدة تشير إلى كليهما). فهي الحيوانات التي تنبش الفضلات وتلتهم بقايا الجثث التي تعافها الوحوش الأكبر منها.” كيدنر (Kidner)
ج) الآية (١١): ثقة الملك.
١١أَمَّا ٱلْمَلِكُ فَيَفْرَحُ بِٱللهِ. يَفْتَخِرُ كُلُّ مَنْ يَحْلِفُ بِهِ، لِأَنَّ أَفْوَاهَ ٱلْمُتَكَلِّمِينَ بِٱلْكَذِبِ تُسَدُّ.
١. أَمَّا ٱلْمَلِكُ فَيَفْرَحُ بِٱللهِ: لم يتربع داود على عرش إسرائيل بعد، وسينتظر تحقيقه سنوات. لكنه وعد من الله (تم التعبير عنه في سفر صموئيل الأول ١٦). وكان بمقدور داود بالإيمان أن ينظر إلى نفسه بصفته ٱلْمَلِك. وفي ذلك الإيمان الجريء، كان يَفْرَحُ بِٱللهِ.
· “ٱلْمَلِك: أنا الممسوح لأكون ملكًا فعلًا، وسأكون الملك فعلًا عندما يسقط أعدائي بالسيف في المعركة. يتحدث داود عن نفسه بلغة الغائب، إما بدافع التواضع أو الحصافة.” بوله (Poole)
٢. يَفْتَخِرُ كُلُّ مَنْ يَحْلِفُ بِهِ، لِأَنَّ أَفْوَاهَ ٱلْمُتَكَلِّمِينَ بِٱلْكَذِبِ تُسَدُّ: تدل كلمة ’يَحْلِفُ‘ هنا الاتكال على الله ووضع الثقة به. فعادة ما يحلف الناس بما يعتزون به ويثمّنونه. ونقيض الثقة هو قول الأكاذيب. ونحن نلجأ إلى الكذب عندما لا نثق به. فسبيل الثقة يؤدي إلى مستقبل مجيد، وأما سبيل الكذب فسيُسَد.
· “هنالك أمران ضروريان لمثل هذا الانتصار، وهما يشار إليهما في بداية المزمور. أولًا، يتوجب أن يكون هنالك وعي بعلاقة شخصية (يَا ٱللهُ، إِلَهِي أَنْتَ). ثانيًا، يتوجب أن يكون هنالك طلب جاد لله (إِلَيْكَ أُبَكِّرُ). ويجب ترسيخ العلاقة وتنمية الشركة.” مورجان (Morgan)