تفسير سفر المزامير – مزمور ٨١
جمع شعب الله للاستماع والطاعة
هذا المزمور معنون لِإِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ عَلَى «ٱلْجَتِّيَّةِ». لِآسَافَ. وبشير العنوان إلى جمهور المزمور، إِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ، ومؤلف المزمور، آسَافَ، وصوت المزمور، عَلَى “ٱلْجَتِّيَّةِ.” ويُربط هذا المزمور على أفضل نحو بعيد الأبواق أو عيد المظال اللذين يحتفل بهما شعب إسرائيل.
“لا يترك هذا المزمور القوي مجالًا للشك في طابعه الاحتفالي. ولا يوجد أي شك في أنه قُصِد ليخدم عيدًا. ومن المرجح أنه عيد المظال. وهو يحتفل برحلة البرية. وكان الاحتفال يشتمل على قراءة جهارية للشريعة.” ديريك كيدنر (Derek Kidner)
أولًا. دعوة إلى إسرائيل بالبوق
أ ) الآيات (١-٢): دعوة إلى تسبيح الله من خلال الترنيم.
١رَنِّمُوا لِلهِ قُوَّتِنَا. ٱهْتِفُوا لِإِلَهِ يَعْقُوبَ.٢ٱرْفَعُوا نَغْمَةً وَهَاتُوا دُفًّا، عُودًا حُلْوًا مَعَ رَبَابٍ.
١. رَنِّمُوا لِلهِ قُوَّتِنَا: عرف آساف أنه أمر حسن أن يستمع شعب الله إلى حثٍّ على الترنيم. إذ يجب ان نكرم الله بترنيمنا، وأن يكون ترنيمنا بصوت عالٍ.
· “من المؤسف أن الإفراط في التأنق في الترنيم الحديث يُفزع شعب الكنيسة فلا ننضم إلى الترانيم بشهية قوية. وأمّا بالنسبة لنا، فإننا نفرح بالانفجارات الكاملة من التسبيح، ونفضّل أن نكتشف غِلظة الافتقار إلى التدريب الموسيقي على أن نفتقد صدق الترنيم الجماعي الشمولي. إن اللطف الذي يلثغ اللحن في همسات مهذبة أو يترك الترنيم للجوقة بشكل كلي هو إلى حد بعيد عبادة متهكمة.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. ٱهْتِفُوا: هنالك مكان للترانيم الغنية بالخشوع والتوقير والانسحاق، لكن لا ينبغي استثناء الترانيم الممتلئة بالهتاف (بصوت عالٍ ومفرح) لإله يعقوب.
٣. ٱرْفَعُوا نَغْمَةً وَهَاتُوا دُفًّا، عُودًا حُلْوًا مَعَ رَبَابٍ: كما تُرفع كلمات الترنيمة إلى الله، كذلك ينبغي أن تُرفع الموسيقى الصادرة عن الآلات إلى الله. ويذكر آساف هنا ثلاث آلات موسيقية: الدّف والعود والقيثار (الرباب).
· “يوحي ذِكر الدف بأن الشعب كان يرقص ويسبّح بغناء.” فانجيميرين (VanGemeren)
· “يوضح فرانز ديلتزتش (Franz Delitzsch)، المفسر الألماني العظيم، إلى أن الدعوات في الآية الأولى هي إلى الجماعة كلها، وفي الآية الثانية إلى اللاويين الذين عُيِّنوا مرنمين وموسيقيين في الهيكل، وفي الآية الثالثة إلى الكهنة الذين كان لديهم واجب نفخ الأبواق.” بويس (Boice)
ب) الآيات (٣-٥): الدعوة إلى جمع شعب الله.
٣ٱنْفُخُوا فِي رَأْسِ ٱلشَّهْرِ بِٱلْبُوقِ، عِنْدَ ٱلْهِلَالِ لِيَوْمِ عِيدِنَا. ٤لِأَنَّ هَذَا فَرِيضَةٌ لِإِسْرَائِيلَ، حُكْمٌ لِإِلَهِ يَعْقُوبَ. ٥جَعَلَهُ شَهَادَةً فِي يُوسُفَ عِنْدَ خُرُوجِهِ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ. سَمِعْتُ لِسَانًا لَمْ أَعْرِفْهُ.
١. ٱنْفُخُوا بِٱلْبُوقِ: ذكرت الآية السابقة آلات موسيقية، لكن لم يُذكر البوق كمصاحب للتسبيح. فكان الغرض من البوق هو دعوة شعب الله إلى الاجتماع معًا إلى يوم الصوم المهيب في القمر الجديد.
· “الكلمة العبرية الدالة على البوق هي سوبار(sopar)، وهو يُصنع من قرن الكبش. وقد نُفِخ عند الهجوم على أريحا وفي معركة جدعون، وكان يُنفخ عند إعلان أيام أعياد معينة.” كيدنر (Kidner)
· “نجد هنا إشارة إلى القمر (الهلال) الجديد أو الشهر الجديد حسب بعض الترجمات. وهو يشير إلى الشهر السابع الذي كان ذروة سنة الاحتفال. وقد كان يبدأ بصوت هذا البوق.” كيدنر (Kidner)
· “عند هلال أيلول، كان اليوم الأول من الشهر السابع العبري عيدًا عظيمًا يدعى عيد الأبواق (سفر اللاويين٢٤:٢٣؛ سفر العدد ١:٢٩؛ ومن المرجح أن هذا هو المقصود هنا. وكان العاشر من نفس الشهر يوم الكفارة العظيم. وفي الخامس عشر منه كان يُحتفل بعيد المظال.” هورن (Horne)
٢. بهَذَا فَرِيضَةٌ لِإِسْرَائِيل: يؤكد هذا أهمية جمع شعب الله معًا. كان فريضةً، وقانونًا (حُكْمًا)، وشَهَادَةً بين شعب الله.
· نجد مثل هذه الفريضة في سفر العدد١٠:١٠: “وَفِي يَوْمِ فَرَحِكُمْ، وَفِي أَعْيَادِكُمْ وَرُؤُوسِ شُهُورِكُمْ، تَضْرِبُونَ بِٱلْأَبْوَاقِ عَلَى مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحِ سَلَامَتِكُمْ، فَتَكُونُ لَكُمْ تَذْكَارًا أَمَامَ إِلَهِكُمْ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمْ.”
· “لا يوجد وقت غير ملائم لتسبيح الله، لكن يتم تعيين بعض الأوقات، لا لكي يجتمع الله معنا (فهو دائمًا مستعد)، بل لنجتمع نحن بعضنا مع بعض لكي ننضم إلى تسبيح الله.” كيدنر (Kidner) نقلًا عن هنري (Henre)
٣. عِنْدَ خُرُوجِهِ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ: فكّر آساف في الاجتماع العظيم لشعب الله عندما اجتمعوا معًا لترك عبوديتهم في مصر. اجتمعوا معًا من أجل ذلك الإنقاذ الأولي، فصار الأساس لكل اجتماعاتهم وأعيادهم المستقبلة.
· سَمِعْتُ لِسَانًا (لغة) لَمْ أَعْرِفْهُ: “كانت اللغة المصرية في البداية بغيضة وغير معروفة لدى بني إسرائيل (سفر التكوين ٢٣:٤٢). ومن المرجح أنها بقيت كذلك بالنسبة لهم لفترة لا بأس بها لأنهم كانوا منفصلين كثيرًا عن المصريين من حيث المكان والتفاعل معًا من خلال حكمة يوسف التقية.” بوله (Poole)
ثانيًا. الله يتكلم مع شعبه المجتمِع
أ ) الآيات (٦-٧): يصف الله كيف أنقذ إسرائيل الممتحَنة.
٦أَبْعَدْتُ مِنَ ٱلْحِمْلِ كَتِفَهُ. يَدَاهُ تَحَوَّلَتَا عَنِ ٱلسَّلِّ. ٧فِي ٱلضِّيقِ دَعَوْتَ فَنَجَّيْتُكَ. ٱسْتَجَبْتُكَ فِي سِتْرِ ٱلرَّعْدِ. جَرَّبْتُكَ عَلَى مَاءِ مَرِيبَةَ. سِلَاهْ.
١. أَبْعَدْتُ مِنَ ٱلْحِمْلِ كَتِفَهُ: في القسم الأول من المزمور، انطلقت دعوة إلى شعب الله معًا. وقد كان أول اجتماع لهم كشعب مستعبد في مصر. والآن يتحدث الله إلى شعبه المجتمِع، ويبدأ بتذكيرهم بالإنقاذ العظيم الذي أعطاه لهم في إطلاق سراحهم من العبودية.
· “كان هذا المزمور دعوة ملائمة تمامًا لتجديد العهد أثناء العيد عندما يتأمل شعب الله كل حقائق الماضي.” فانجيميرين (VanGemeren)
· “دعنا نتذكر أن الله خفف عنا أعباء أثقل، وخلّصنا من مسخِّرين أكثر قسوة، وحررنا من كدح أكثر بشاعة، من عبء الخطية التي لا تطاق وطغيان إبليس القاسي.” هورن (Horne)
٢. فِي ٱلضِّيقِ دَعَوْتَ فَنَجَّيْتُكَ: سيسمع الله أولئك الذين يصرخون إليه. فقد سمع أنين إسرائيل تحت عبء العبودية في مصر (سفر الخروج٢٣:٢-٢٤)، وجلب خلاصًا لهم من خلال عجائب وقادة مثل موسى.
- كان المكان السري للرعد جبل سيناء الذي غطّاه الدخان وارتعد لصوت الله (سفر الخروج ١٦:١٩ فصاعدًا؛ ١٨:٢٠ فصاعدًا. كان هذا تثقيفًا بالمواجهة.” كيدنر (Kidner)
٣. جَرَّبْتُكَ (امتحنتُك) عَلَى مَاءِ مَرِيبَةَ: لم يخلّص الله إسرائيل فحسب، لكنه درّبهم أيضًا. وكان الامتحان في مريبة مثلًا لذلك. فهناك وفّر الله الماء بشكل معجزي لشعب متذمر عديم الإيمان (سفر الخروج ١:١٧-٧).
· “قصة إسرائيل إنما هي قصتنا لكن بشكل آخر. فقد سمعنا الله وخلّصنا وحررنا. وكثيرًا ما يجعلنا عدم إيماننا المتكرر التعيس نعاني من عدم الثقة والتذمر والتمرد.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآيات (٨-١٢): رفض دعوة الله إلى إسرائيل
٨اِسْمَعْ يَا شَعْبِي فَأُحَذِّرَكَ. يَا إِسْرَائِيلُ، إِنْ سَمِعْتَ لِي! ٩لَا يَكُنْ فِيكَ إِلَهٌ غَرِيبٌ، وَلَا تَسْجُدْ لِإِلَهٍ أَجْنَبِيٍّ. ١٠أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكَ، ٱلَّذِي أَصْعَدَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. أَفْغِرْ فَاكَ فَأَمْلَأَهُ. ١١فَلَمْ يَسْمَعْ شَعْبِي لِصَوْتِي، وَإِسْرَائِيلُ لَمْ يَرْضَ بِي. ١٢فَسَلَّمْتُهُمْ إِلَى قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ، لِيَسْلُكُوا فِي مُؤَامَرَاتِ أَنْفُسِهِمْ.
١. اِسْمَعْ يَا شَعْبِي: قبل أن يرشد الله شعبه المجتمِع، طلب منهم أولًا أن ينتبهوا، وأن يستمعوا.
· “يا له من شذوذ غريب! جماعة عابدة سعيدة فرِحة وإله مهمَل ومُساء إليه!” بويس (Boice)
· “يبحث الله عن مستمعين إضافة إلى مرنمين، لا تفوتهم دروس البرية الجادة.” كيدنر (Kidner)
٢. لَا يَكُنْ فِيكَ إِلَهٌ غَرِيبٌ: على مدى حوالي ٤٠٠ عام من العبودية، تعرضتْ إسرائيل إلى آلهة وثنية كثيرة في مصر. والأمر الذي أعطاه الله لإسرائيل لدى خروجهم من مصر مقدَّم مرة أخرى في أيام آساف. إذ طلب الله من إسرائيل ألّا تعبد أية آلهة غريبة. وقد أُعطي الأمر نفسه لها أثناء حُكم الملوك.
· “لا تكمن المشكلة في أن العالم لا يعرف الله. إذ كيف لهم أن يعرفوه؟ لكن المشكلة هي أن شعب الله لا يعرفونه، أو على الأقل لا يتصرف كأنهم يعرفونه. فبدلًا من أن يعرف المؤمنون بالمسيح الرب، والرب وحده، يبدو أنهم يعبدون الثقافة الدنيوية – إله الثروة واللذة والصيت والمنزلة والاستغراق في الذات.” بويس (Boice)
٣. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكَ: إنّ أمر الله بإبعاد كل إله غريب أمر معقول تمامًا. فهو الرب (يهوه)، إله عهد إسرائيل. وهو الذي أخرجها من أرض مصر. فلم تفعل أية آلهة غريبة أمورًا كهذه.
· “لم يفعل أي إله آخر أي شيء من أجل اليهود، ولهذا لم يكن لديهم أي سبب يدعو إلى الولاء إلى إله آخر. وتنطبق هذه الحجة علينا نحن أيضًا. فنحن مدينون بكل شيء لله أبي ربنا يسوع المسيح. وأمّا العالم والجسد وإبليس، فإن أيًّا منها لم يقدّم خدمة لنا. إنها آلهة غريبة معادية، وليس لنا أن ننحني لها.” سبيرجن (Spurgeon)
٤. أَفْغِرْ فَاكَ فَأَمْلَأَهُ: قطع الله وعدًا لشعبه الوفي بأنه إذا توقّعوا بإيمان تدبير الله، فسيقدّمه لهم. والعكس متضمَّن أيضًا. فالله لن يملأ الفم المغلق، ذاك الذي لا يتوقع بإيمان.
· “عندما تجلب أنثى الطائر طعامًا لصغارها، فإنها لا تضطر أبدًا إلى فتح أفواههم بنفسها. بل تتمثل صعوبتها في ملء الأفواه المفتوحة أمامها بإستمرار. فالشهية واللهفة موجودتان على الدوام، ولا تشبعان تمامًا… تصوّرْ عشًّا من طيور صغيرة تفتح أفواهها، وهي مفتوحة على امتدادها.” سبيرجن (Spurgeon)
· يبيّن هذا أن الله سيملأ أي شيء نفتحه له. فلا نستطيع أن نفتح أفواهنا بشكل أكبر مما يستطيع الله أن يملأه.
ü نحن نفتح أفواهنا قدر الإمكان عندما نحس باحتياج – عندما نجوع.
ü نحن نفتح أفواهنا قدر الإمكان عندما نطلب أشياء عظيمة.
ü نحن نفتح أفواهنا قدر الإمكان عندما نفهم عظمة الإله الذي نصلّي إليه.
ü نحن نفتح أفواهنا قدر الإمكان عندما نصلّي حسب استحقاقات الرب يسوع، لا حسب استحقاقاتنا الخاصة.
· يمكنك أن تبالغ في توقعاتك من المخلوق، لكن لا يمكنك أن تبالغ في توقعاتك من الله. أَفْغِرْ فَاكَ فَأَمْلَأَهُ. وسِّعوا ومَدِّدوا رغبات نفوسكم وتوقعاتها، وسيملأ الله كل شق حتى أكبر سعة ممكنة. فهذا يكرم الله عندما نعظّم توقعاتنا. هذا تقديس لله في قلوبنا.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن كيس (Case)
· “هذا تعليم عظيم يعلّم أيضًا أن هبات الله تقاس عمليًّا بقدرة الناس ورغبتهم. وحدُّها النهائي هو نعمته التي لا حدود لها. لكن الحدّ العامل في كل واحد هو قدرة الفرد على التقبُّل، والذي يشكل توقّعه ورغبته عاملين حاسمين.” ماكلارين (Maclaren)
· “كُوْبُنا صغير، ونحن نلوم الينبوع.” سبيرجن (Spurgeon)
٥. فَلَمْ يَسْمَعْ شَعْبِي لِصَوْتِي: كانت تلك المأساة العظيمة. كان مستعدًّا لملء أفواه شعبه المفغورة، لكنهم لم يريدوا أن يطيعوه. فقال الله بحزن: “إِسْرَائِيلُ لَمْ يَرْضَ بِي.” رفضت إسرائيل المتمردة الله الذي فعل الكثير من أجلها، والذي كان مستعدًّا لفعل ما هو أكثر.
٦. فَسَلَّمْتُهُمْ إِلَى قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ: كانت تلك دينونة الله على شعبه غير المؤمن – أن يسلمهم إِلَى قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ المتمردة، وأن يَسْلُكُوا فِي مُؤَامَرَاتِ أَنْفُسِهِمْ (مشورتهم الخاصة). وإن إحدى أعظم الدينونات التي يمكن أن يجلبها علينا هي أن يتركنا وحدنا لعنادنا وحماقتنا.
· رأى جون تراب (John Trapp) كما لو أنّ الله “تركهم كسفينة بلا دفّة وكحصان بلا لجام، سيذهبون حيثما يريدون ويفعلون ما يشاؤون.”
· “يكشف هذا أسلوبًا ثابتًا لله مع أبنائه العصاة غير الأوفياء له. فعندما يريدون أن يمضوا في طريقهم، فإنه يدعهم يمضون، سامحًا لهم بأن يتعلموا النتائج المريرة لحماقتهم، وهي أمور كان يمكن أن يتعلموها في التواصل معه.” مورجان (Morgan)
· عندما نرى أشخاصًا يحصلون على القوة من خلال الثروة والنفوذ، وينفّذون رغبات قلوبهم الجامحة، وينفّذون خططهم الدنيوية من دون عوائق، فإننا مجرَّبون بأن نحسدهم على سعادتهم. وفي حين أن الازدهار في الشر علامة أكيدة على استياء الله، فإنه أثقل عقاب لكل من الأفراد والجماعات.” هورن (Horne)
د ) الآيات (١٣-١٦): حزن الله على إسرائيل العنيدة.
١٣لَوْ سَمِعَ لِي شَعْبِي، وَسَلَكَ إِسْرَائِيلُ فِي طُرُقِي، ١٤سَرِيعًا كُنْتُ أُخْضِعُ أَعْدَاءَهُمْ، وَعَلَى مُضَايِقِيهِمْ كُنْتُ أَرُدُّ يَدِي. ١٥مُبْغِضُو ٱلرَّبِّ يَتَذَلَّلُونَ لَهُ، وَيَكُونُ وَقْتُهُمْ إِلَى ٱلدَّهْرِ. ١٦وَكَانَ أَطْعَمَهُ مِنْ شَحْمِ ٱلْحِنْطَةِ، وَمِنَ ٱلصَّخْرَةِ كُنْتُ أُشْبِعُكَ عَسَلًا.
١. لَوْ سَمِعَ لِي شَعْبِي: تنطوي المأساة على سخرية أدبية. إذ يستطيع الله أن يقول عن إسرائيل “شعبي.” فهم ينتمون إليه، وقد طالب بحقه فيهم، غير أنهم لم يستمعوا إليه ولم يسلكوا في طرقه. يوجد في هذه الكلمات إحساس بالحنين، حيث يرغب الله في أن يبارك شعبه ويصنع الخير له.
· “تستحق نغمة المحبة في هذه الكلمة الملاحظة في سياق الدينونة. إنها شيء نظير في العهد القديم لمرثاة أورشليم في إنجيل متى ٢٧:٢٣.” كيدنر
(Kidner)
٢. سَرِيعًا كُنْتُ أُخْضِعُ أَعْدَاءَهُمْ: هذه بركة لم تتم المطالبة بها أراد الله أن يعطيها لشعب مطيع. لو أنهم استعدوا للاستماع والطاعة، لأخضع الله أعداءهم وردَّ يده على مضايقيهم.
· “يجد أعداؤنا أكثر الأسلحة حدةً ضدنا في مستودع أسلحة تعدياتنا. فليس بإمكانهم أن يسقطونا ما لم نسقط من أنفسنا أولًا، فالخطية تسلب الإنسان سلاحه وتتركه عاريًا أمام أعدائه.” سبيرجن (Spurgeon)