تفسير سفر المزامير – مزمور ٦٨
الموكب الانتصاري إلى صهيون
عنوان هذا المزمور لِإِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ. لِدَاوُدَ. مَزْمُورٌ. تَسْبِيحَةٌ. ويعتقد معظم المفسرين أنه مرتبط بمجيء تابوت العهد إلى أورشليم (سفر صموئيل الثاني ٦)، لا في احتفال بهذا الحدث وحده، بل أيضًا بأمانة الله الذي نصر إسرائيل على أعدائها وجعل أورشليم آمنة بما يكفي لجلب تابوت العهد إلى المدينة.
وصف جورج هورن (George Horne) كيف أن هذا المزمور قد عُيِّن للاحتفال بيوم الخمسين في كتاب الصلوات الآنجليكانية، لأنه يصف بشكل مؤكد عطايا عند الصعود، وهذا مقتبس في رسالة أفسس الإصحاح ٤. “هذا المزمور الجميل والرفيع والشامل، لكن الصعب جدًّا، واحد من المزامير التي عيّنتها الكنيسة للاستخدام في يوم الأحد السابع من عيد الفصح.”
يشكل تركيب هذا المزمور تحديًا للمفسرين، سواء أكان من النص العبري أم من الترجمة. فقد كتب آدم كلارك (Adam Clarke): “لا أعرف كيف أقدّم تعليقًا حول هذا المزمور. إنه الأصعب بين كل المزامير كلها.”
أولًا. إله الانتصار
أ ) الآيات (١-٣): انتصارات الله على أعدائه.
١يَقُومُ اللهُ. يَتَبَدَّدُ أَعْدَاؤُهُ وَيَهْرُبُ مُبْغِضُوهُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِهِ. ٢كَمَا يُذْرَى الدُّخَانُ تُذْرِيهِمْ. كَمَا يَذُوبُ الشَّمَعُ قُدَّامَ النَّارِ يَبِيدُ الأَشْرَارُ قُدَّامَ اللهِ. ٣وَالصِّدِّيقُونَ يَفْرَحُونَ. يَبْتَهِجُونَ أَمَامَ اللهِ وَيَطْفِرُونَ فَرَحًا.
١. يَقُومُ ٱللهُ. يَتَبَدَّدُ (يتشتت) أَعْدَاؤُهُ: استخدم داود صياغة سفر
العدد ٣٥:١٠ في إعلان انتصار الله على كل أعدائه. فعندما يتقدم الله، لا يمكن لخصم أن يقف في وجهه. فكلهم يتشتتون (يَتَبَدَّدُ أَعْدَاؤُهُ). وبما أن موسى استخدم هذه الكلمات عندما قاد تابوت العهد إسرائيل من جبل سيناء، عرف داود أنه أمر ملائم أن يستخدم الكلمات نفسها عند مجيء تابوت العهد إلى مقره.
· عندما جلب داود تابوت العهد إلى أورشليم (سفر صموئيل الثاني ٦)، أوضح صلة تاريخية بالماضي. ولكي نربط هذا بالتاريخ الأمريكي، يمكن تشبيهه بخطاب يلقيه رئيس أمريكي قائلًا: “قبل ثمانية عقود وسبع سنوات…” حيث سيدرك السامع فورًا أنها أولى كلمات آبراهام لنكولن في جيتسبيرغ في عام ١٨٦٣.
· يصف سفر العدد الإصحاح ١٠ مغادرة جبل سيناء نحو الأرض الموعودة. وكان تابوت العهد يقود الطريق. وهكذا كلما انطلق التابوت، كان يقول موسى: “قُمْ يَا رَبُّ، فَلْتَتَبَدَّدْ أَعْدَاؤُكَ وَيَهْرُبْ مُبْغِضُوكَ مِنْ أَمَامِكَ.” (سفر العدد ٣٥:١٠)
· كانت الفكرة سهلة، سواء أكان ذلك مع موسى في الخروج أم مع داود في الأرض. كانت الكلمات تعبّر عن الثقة واحتياج شعب الله: “تَقَدَّمْنا، وتكَفَّل بأعدائنا. إنه خطِر جدًّا علينا أن نتقدم من دونك.” إن روح الاعتماد الواثق أمر ملائم لكل مؤمن.
· هذه صلاة ملائمة أيضًا مجد يسوع المُقام وقوّته. فعندما قام، تبدَّد أعداؤه ولم يجرؤ أحد أن يعارضه. وإن كنا ثابتين في يسوع، فإنهم سيتبددون أمامنا أيضًا بفضل كل انتصارنا الموجود في مجد قيامته.
· وَيَهْرُبُ مُبْغِضُوهُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِهِ: “يخبرنا أثناسيوس أن الأرواح الشريرة يمكن أن تهرب باستخدام هذا المزمور. وقد حارب آنتوني الزاهد إبليس بهذه الآية وتغلّب عليه.” تراب (Trapp)
٢. كَمَا يُذْرَى ٱلدُّخَانُ تُذْرِيهِمْ: لا يمتلك أعداء الله القدرة على الوقوف أمامه، كما تُظهر ذلك صورتا الدخان المتلاشي (كَمَا يُذْرَى ٱلدُّخَانُ) والشمع المنصهر (كَمَا يَذُوبُ ٱلشَّمَعُ). وقد صلى داود أن يهلك الأشرار بنفس السهولة.· “الشمع قاسٍ في حد ذاته، لكن كم يصبح ليّنًا عندما يوضع على النار. والأشرار متغطرسون إلى أن يتلامسوا مع الله. فعندئذٍ يُغمى عليهم من الخوف. إذ تذوب قلوبهم كالشمس عندما يحسون بقوة غضبه.” سبيرجن (Spurgeon)
· تمثل الآيات في رسالة أفسس ١٠:٦-١٨ نص العهد الجديد العظيم حول الصراع الروحي، والذي يبيّن كيف أن الله يسلّح المؤمن للنجاح في هذا الصراع. والموضوع المتكرر في هذا النص هو الوقوف أمام الهجوم الروحي والمقاومة (لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا). وما يصفه داود – الدخان المتلاشي والشمع المنصهر – هو نقيض الوقوف بالمعنى الذي تقصده الآيات في رسالة أفسس ٦.
٣. وَٱلصِّدِّيقُونَ يَفْرَحُونَ: إن ما هو مصيبة وكارثة للأشرار سرور للأبرار (وَٱلصِّدِّيقُونَ يَفْرَحُونَ). فلا نملك إلا أن نفرح بانتصار الله.
ب) الآيات (٤-٦): إطلاق تسبيح لإله الانتصار.
٤غَنُّوا للهِ. رَنِّمُوا لاسْمِهِ. أَعِدُّوا طَرِيقًا لِلرَّاكِبِ فِي الْقِفَارِ بِاسْمِهِ يَاهْ، وَاهْتِفُوا أَمَامَهُ. ٥أَبُو الْيَتَامَى وَقَاضِي الأَرَامِلِ، اَللهُ فِي مَسْكِنِ قُدْسِهِ. ٦اَللهُ مُسْكِنُ الْمُتَوَحِّدِينَ فِي بَيْتٍ. مُخْرِجُ الأَسْرَى إِلَى فَلاَحٍ. إِنَّمَا الْمُتَمَرِّدُونَ يَسْكُنُونَ الرَّمْضَاءَ.
١. غَنُّوا لِلهِ. رَنِّمُوا لِٱسْمِهِ: نلاحظ هنا تكرارًا بسيطًا وتوازيًا، وهذا سمة من سمات الشعر العبري. لكن العبارة الثانية تتضمن تطويرًا أكبر قليلًا للفكرة الموجودة في العبارة الأولى، حيث يضيف اسم الرب كموضوع للترنيم. إذ تتضمن فكرة تسبيح الله المعرفة بمعدنه الأدبي ومعرفته شخصيًّا.
٢. أَعِدُّوا طَرِيقًا لِلرَّاكِبِ فِي ٱلْقِفَارِ (على السحاب) بِٱسْمِهِ يَاهْ، وَٱهْتِفُوا (ابتهجوا) أَمَامَهُ: قدّم داود سببين محددين للابتهاج بالله: فهو يركب الغمام في انتصار على الأرض كلها. وفضلًا عن ذلك، أعلن نفسه للبشر في اسم يهوه مبيّنًا محبته وولاءه لشعبه.
· أَعِدُّوا طَرِيقًا (عظِّموا): “يدل جذر هذه الكلمة عادة على إنشاء طريق (انظر سفر إشعياء ١٤:٥٧؛ ١٠:٦٢)، لكنه يستخدم هنا مجازيًا بمعنى ’يرْفع‘ أو ’يعظّم.‘” فانجيميرين (VanGemeren)
· لِلرَّاكِبِ فِي ٱلْقِفَارِ (على السحاب): “من خلال توقُّع صاحب المزمور لذاك الذي يركب الغمام، يقابل بين الكفاية الكلية لإله إسرائيل مع قِوى بعل الذي عبده الكنعانيون بصفته ’الراكب على السحاب.‘” فانجيميرين (VanGemeren)
· “الاسم ’يَاهْ‘ اختصار لاسم يهوه، وليس تصغيرًا له. لكنها كلمة مكثفة تحتوي على جوهر الاسم الأطول، وهو يوحي بالجلال والإعجاب. وترد كلمة ’يَاهْ‘ ٤ مرات باستثناء ورودها متصلة بكلمات أخرى، مثل كلمة هللويا (هلِّلوا ياه).” سبيرجن (Spurgeon)
· “نعم، يرجّح أن كلمة ’يَاهْ‘ اختصار لكلمة يهوه. فعلى الأقل، هكذا فهمتها الترجمات القديمة. وهي تُستخدم في مواضع قليلة جدًّا في الكتاب المقدس. ويمكن أن تترجم إلى ’الموجود ذاتيًّا.‘” كلارك (Clarke)
٣. أَبُو ٱلْيَتَامَى وَقَاضِي ٱلْأَرَامِلِ: لا تتمثل عظمة الله في انتصاراته الشبيهة بالانتصارات العسكرية فحسب، لكنها تُرى أيضًا في اهتمامه الشفوق ورعايته للضعفاء والمحتاجين. والاسم يهوه مرتبط بالإله بصفته ذاك الذي ’يصبح‘ (سفر الخروج ١٣:٣-١٤)، الإله الذي يصبح كل ما يحتاج إليه شعبه. فاليتامى يحتاجون إلى أب، ويهوه موجود. والأرامل محتاجات إلى مدافع عنهن، والله موجود.
· “إنه الإله الذي يتصرف نيابة عن الذين يبحثون عن الحماية والتبرئة – اليتامى والأرامل، أو الذين يحسون بالوحدة (الترجمة الإنجليزية الجديدة)، أو الذين بلا أصدقاء، أو المسبيين (السجناء)، والمقيدين.” فانجيميرين (VanGemeren)
- “لا يتصرف الملوك والرؤساء في هذا العالم هكذا. فهم يحيطون أنفسهم بأشخاص من طبقة النبلاء والأثرياء في بلدانهم، أولئك الذين يستطيعون أن يعززوا مجدهم ويقوّوا قوّتهم. وأعظم مجد لله هو أنه يهتم بالبؤساء فيحيطهم بنفسه.” بويس (Boice)
· “ألا تشير رسالة يعقوب ٢٧:١ إلى هذه الآية، حيث تذكر ’اليتامى‘ و’الأرامل،‘ ثم قداسة الله الذي نخدمه؟” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن بونار (Bonar)
٤. ٱللهُ مُسْكِنُ ٱلْمُتَوَحِّدِينَ فِي بَيْتٍ: يرى الله أولئك المقطوعين من الصلات العائلية الوثيقة ويهتم بتوفير عائلات لهم. ربما ليس لهم زوج أو زوجة، أب أو أم، أخ أو أخت بالقرب منهم. فالله يهتم، ولديه صلات عائلية بين شعبه للمتوحّدين.
· بما أن هذه هي إرادة الله للمتوحدين، فإنه يتوجب عليهم أن يبحثوا عن علاقات وينمّوها.
٥. مُخْرِجُ ٱلْأَسْرَى (المقيّدين) إِلَى فَلَاحٍ (نجاح وازدهار). إِنَّمَا ٱلْمُتَمَرِّدُونَ يَسْكُنُونَ ٱلرَّمْضَاءَ (أرضًا قاحلة): يستطيع الله أن يساعد أولئك الذين في فقرهم أُخضعوا إلى نوع من العبودية والإذلال. إذ يستطيع أن يوصلهم إلى الفلاح (النجاح). وليس هذا وعدًا للمتمردين.
· “تعرَّض الأكثر قمعًا إلى القيود والسجن في مصر. لكن المحرر الإلهي أخرجهم إلى حرية كاملة. وإن ذاك الذي فعل ذلك قبل قرون طويلة مستمر في عمله المتسم بالنعمة.” سبيرجن (Spurgeon)
ثانيًا. الله يربح المعركة من أجل شعبه
أ ) الآيات (٧-١٠): حضور الله القوي مع إسرائيل في البرية.
٧اَلَّلهُمَّ، عِنْدَ خُرُوجِكَ أَمَامَ شَعْبِكَ، عِنْدَ صُعُودِكَ فِي الْقَفْرِ. سِلاَهْ. ٨الأَرْضُ ارْتَعَدَتِ. السَّمَاوَاتُ أَيْضًا قَطَرَتْ أَمَامَ وَجْهِ اللهِ. سِينَا نَفْسُهُ مِنْ وَجْهِ اللهِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ. ٩مَطَرًا غَزِيرًا نَضَحْتَ يَا اَللهُ. مِيرَاثُكَ وَهُوَ مُعْيٍ أَنْتَ أَصْلَحْتَهُ. ١٠قَطِيعُكَ سَكَنَ فِيهِ. هَيَّأْتَ بِجُودِكَ لِلْمَسَاكِينِ يَا اَللهُ.
١. اَللَّهُمَّ، عِنْدَ خُرُوجِكَ أَمَامَ شَعْبِكَ: بعد أن قدّم داود هذه الفكرة في السطر الأول من هذا المزمور، واصلَ أفكاره حول حضور الله ورعايته لإسرائيل في البرية في طريقهم إلى كنعان. وتؤكد عبارة: عِنْدَ خُرُوجِكَ أَمَامَ شَعْبِكَ، فكرة أن الله مع إسرائيل، فلم يتخلَّ عنهم رغم الطرق الكثيرة التي استفزوه بها.
· عِنْدَ صُعُودِكَ فِي ٱلْقَفْرِ (عندما ساروا في البرية): “يمكنني التكلم، إذا أردنا، عن المرات التي ’تاه‘ فيها بنو إسرائيل، لكن لا ينبغي أن نظن أن هذه كانت بلا قصد. إذ كانت مرتبة بشكل جيد. فكان المسير مدروسًا من الله بعناية.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. ٱلْأَرْضُ ٱرْتَعَدَتِ: عندما كان الله مع إسرائيل في البرية، كانوا محميين. إذ كان جبروته إلى جانبهم، فلم تهزمهم أمة أخرى عندما سار مع الله.
٣. ٱلسَّمَاوَاتُ أَيْضًا قَطَرَتْ أَمَامَ وَجْهِ ٱللهِ: كان الله يدبّر احتياجات إسرائيل في البرية عندما كان معهم. فلم يعانوا من جوع أو عطش وهم يسلكون في حضرته.
· أرسل الله كجزء من ذلك التدبير مَطَرًا غَزِيرًا في وقت الحاجة. فكانت رعايته لهم طريقة ثبّت بها المكانة التي احتلتها في قلبه وفي خطته. فكانوا ميراثه.
· مَطَرًا غَزِيرًا نَضَحْتَ يَا ٱللهُ: “أرسل مطرًا إما في البرية عند احتياجهم إلى الماء – وقد قدّمه لهم بطريقة استثنائية – وإما في أرض كنعان التي سيسمّيها ميراث الله في الآيات التالية.” بوله (Poole)
٤. ارْتَعَدَ سِينَا نَفْسُهُ مِنْ وَجْهِ ٱللهِ: فعندما كان الله مع إسرائيل في البرية، اختبروا إعلان قوّته ومجده. فاهتزت الجبال العظيمة في حضرته.
· “تقتبس الآية ٨ تلميحًا إلى سيناء من نشيد دبّورة في سفر القضاة ٤:٥ فصاعدًا.” كيدنر (Kidner)
ب) الآيات (١١-١٤): إعلان نصر الله على الملوك.
١١الرَّبُّ يُعْطِي كَلِمَةً. الْمُبَشِّرَاتُ بِهَا جُنْدٌ كَثِيرٌ: ١٢«مُلُوكُ جُيُوشٍ يَهْرُبُونَ يَهْرُبُونَ، الْمُلاَزِمَةُ الْبَيْتَ تَقْسِمُ الْغَنَائِمَ. ١٣إِذَا اضْطَجَعْتُمْ بَيْنَ الْحَظَائِرِ فَأَجْنِحَةُ حَمَامَةٍ مُغَشَّاةٌ بِفِضَّةٍ وَرِيشُهَا بِصُفْرَةِ الذَّهَبِ». ١٤عِنْدَمَا شَتَّتَ الْقَدِيرُ مُلُوكًا فِيهَا، أَثْلَجَتْ فِي صَلْمُونَ.
١. مُلُوكُ جُيُوشٍ يَهْرُبُونَ يَهْرُبُونَ، ٱلْمُلَازِمَةُ ٱلْبَيْتَ تَقْسِمُ ٱلْغَنَائِمَ: هذه هي كلمة الانتصار التي أعطاها الله وأذاعها جماهير غفيرة (جُنْدٌ كَثِيرٌ). كانت الرسالة هي أن الله أحرز انتصارًا عظيمًا على الأعداء الأقوياء (ملوك). وقد استفاد شعبه رغم ضعفهم من انتصاره مع أنهم لم يشتركوا في القتال بشكل مباشر (ٱلْمُلَازِمَةُ ٱلْبَيْتَ تَقْسِمُ ٱلْغَنَائِمَ).
· هذه هي رسالة الإنجيل، أخبار يسوع المسيح السارّة. فقد أحرز الله نصرًا عظيمًا من خلال شخص يسوع المسيح وعمله. ويربح شعبه كل شيء من خلال نصر في معركة لم يشتركوا فيها بشكل مباشر. هذه هي الرسالة التي ينبغي أن نذيعها كجُنْدِ كَثِيْر.
· “الكلمات في النص العبري ذات دلالة كبيرة، ويمكننا أن نلاحظ أمرين فيها: أولًا، تدل الكلمة العبرية المترجمة إلى ’جُنْد‘ على ’جيش‘ عظيم من المبشرين بهذا الانتصار. إن وجود جيش عظيم أمر عظيم. إنه لأمر عظيم أن يكون لدينا سبعة أو ثمانية مبشرين من الوعاظ في جيش عظيم. لكن وجود جيش كامل من الوعاظ أمر مجيد!” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن بريدج (Bridge)
· ٱلْمُبَشِّرَاتُ بِهَا جُنْدٌ كَثِيرٌ: “تدل الكلمة العبرية ’ٱلْمُبَشِّرَاتُ‘ على مؤنث (كما هو في النص العربي هنا). إذ كانت عادة عند النساء أن يستقبلن العبرانيين عند عودتهم منتصرين في المعركة بأغاني الانتصار.” بوله (Poole)
· يخبرنا النص عن جيش كبير من النساء يعلن الأخبار السارة لانتصار الله. وإنه لأمر ذو دلالة أن الله اختار نساء كرسولات ليحملن الأخبار السارة لانتصار قيامة المسيح (إنجيل متى ١:٢٨-١٠؛ إنجيل لوقا ١:٢٤-١٠). يقول العهد الجديد إنه لا ينبغي أن تكون النساء في مواقع السلطة في مسائل العقائد (رسالة تيموثاوس الأولى ٩:٢-١٤)، لكن من المؤكد أن بمقدورهن – بل هو واجبهن – أن يحملن أخبار الله السارة لانتصاره في يسوع المسيح.
· ٱلْمُلَازِمَةُ ٱلْبَيْتَ تَقْسِمُ ٱلْغَنَائِمَ: “وهكذا، في الحرب الروحية، خرج الرسل، والمعترفون بإيمانهم، والشهداء إلى المعركة، وحاربوا وانتصروا… وقد امتدت فوائد الانتصار إلى الآلاف والملايين الذين رغم أنهم لم يتعرضوا لنفس صراعاتهم وعذاباتهم، إلاّ أنهم تمتعوا بثمر جهودهم.” هورن (Horne)
٢. (ستكونون مثل) أَجْنِحَةِ حَمَامَةٍ مُغَشَّاةٌ بِفِضَّةٍ: جاء شعب الله من ظروف وضيعة (ٱضْطَجَعْتُمْ بَيْنَ ٱلْحَظَائِرِ)، لكنهم يشتركون في انتصار الله العظيم على أعدائهم ويتمتعون ببركات وعطايا عظيمة.
· فَأَجْنِحَةُ حَمَامَةٍ مُغَشَّاةٌ بِفِضَّةٍ وَرِيشُهَا بِصُفْرَةِ ٱلذَّهَبِ: “اعتقد أن بعضهم يشير هنا إلى تنعُّم إسرائيل بالرخاء (ديلتزتش)، وإلى الأعداء في هروبهم (بريجز)، وإلى مجد الله الظاهر في المعركة (ويزر)، أو حتى غنيمة تُنتزع من العدو (الترجمة الإنجليزية الحديثة). لكن ألا يمكن أن يصور هذا النساء وهن يتبخترن في حُللهن كالطاووس، كما يقال؟” كيدنر (Kidner)
٣. أَثْلَجَتْ فِي صَلْمُونَ (كان أبيض مثل صلمون): صَلْمُون اسم آخر لجبل عيبال في أواسط إسرائيل، ويَعُده كثيرون تلًّا عاليًا أكثر منه جبلًا حقيقيًّا. والمعنى الحقيقي غير واضح هنا، وهو موضع تكهُّن كثير.
· “حسب سفر القضاة ٤٨:٩، فإن صَلْمُون (ذاك القاتم) أحد جبال شكيم.” فانجيميرين (VanGemeren)
· “لا نستطيع أن نعرف إن كانت هزيمة الملوك بسبب عاصفة ثلجية، أو إن كان ميدان المعركة صار أبيض كالثلج بسبب تكوُّم الأسلحة والأردية (والعظام لاحقًا)، أو الهجوم الهاربة المشبهة برقائق الثلج.” كيدنر (Kidner)
· “يرى بعضهم أن نقطة المقارنة هي التغيير من الضيق إلى الفرح الذي يلي هزيمة العدو. وهو يشبَّه بتغيير تلة قاتمة إلى حقل ثلج لامع.” ماكلارين (Maclaren)
ج) الآيات (١٥-١٨): الانتصار على الجبال.
١٥جَبَلُ اللهِ، جَبَلُ بَاشَانَ. جَبَلُ أَسْنِمَةٍ، جَبَلُ بَاشَانَ. ١٦لِمَاذَا أَيَّتُهَا الْجِبَالُ الْمُسَنَّمَةُ تَرْصُدْنَ الْجَبَلَ الَّذِي اشْتَهَاهُ اللهُ لِسَكَنِهِ؟ بَلِ الرَّبُّ يَسْكُنُ فِيهِ إِلَى الأَبَدِ. ١٧مَرْكَبَاتُ اللهِ رِبْوَاتٌ، أُلُوفٌ مُكَرَّرَةٌ. الرَّبُّ فِيهَا. سِينَا فِي الْقُدْسِ. ١٨صَعِدْتَ إِلَى الْعَلاَءِ. سَبَيْتَ سَبْيًا. قَبِلْتَ عَطَايَا بَيْنَ النَّاسِ، وَأَيْضًا الْمُتَمَرِّدِينَ لِلسَّكَنِ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ.
١. جَبَلُ ٱللهِ، جَبَلُ بَاشَانَ: كان جَبَلُ بَاشَانَ في أقصى شمال إسرائيل في منطقة تدعى اليوم مرتفعات الجولان. وكان مثيرًا للإعجاب في ارتفاعه العظيم حتى إنه سُمِّي جبل الله. وهو جزء من تراث إسرائيل. لكنه، مع جبال أخرى، يبدو وكأنه يدخن حسدًا عندما يرى أن الله فضّل جبل صهيون.
· “كان جبل صهيون، بالمقارنة مع هذه الجبال، مجرد تلّة، غير أن صهيون كان اختيار الله، فكان هذا سببًا في حسدها وتعاستها.” كيدنر (Kidner)
٢. ٱلْجَبَلَ ٱلَّذِي ٱشْتَهَاهُ ٱللهُ لِسَكَنِهِ: اختار الله صهيون رغم أنه كانت هنالك جبال أعلى وأكثر روعة. غير أن الله كان يختار الضعفاء ليخزي الأقوياء، ويختار الجهلاء ليحيّر الحكماء. وقد اختار صهيون على باشان.
· “صهيون تلة وضيعة منخفضة قاحلة. غير أن اختيار الله لها يُحدِث فرقًا، كم أحدث عصا هارون فرقًا بين كل العصيّ الأخرى. وما زالت الكنيسة تحدث فرقًا في العالم كله. فالمسيح الحمَل هو على جبل صهيون.” تراب (Trapp)
٣. مَرْكَبَاتُ ٱللهِ رِبْوَاتٌ، أُلُوفٌ مُكَرَّرَةٌ (عشرون ألفًا): حسب أمر الله (سفر التثنية ١٦:١٧)، لم تمتلك إسرائيل قط مركبات كثيرة. إذ كانوا محميين لأن الله كان يحارب عن إسرائيل، حيث كانت قوته تفوق قوة مركبات أُلُوفٍ مُكَرَّرَةٍ.
· “حضور الله هو قوة الكنيسة، وكل قوة هي لنا عندما يكون الله لنا. وستحمل عشرون ألف مركبة رسالة الإنجيل إلى أقاصي الأرض. وسيعمل ربوات من الوسائط والقوى على نجاحها.” سبيرجن (Spurgeon)
٤. صَعِدْتَ إِلَى ٱلْعَلَاءِ. سَبَيْتَ سَبْيًا. قَبِلْتَ عَطَايَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ: كان في ذهن داود انتصار الله من أجل الشعب/ وما حدث بعد المعركة. فبعد انتهائها، تعامل الله مع أعدائه (سَبَيْتَ سَبْيًا) وتلقّى عطايا الجزية والخضوع منهم، فكان هذا تثبيتًا أعظم لملكية الله للأرض (ٱلرَّبُّ يَسْكُنُ فِيهِ إِلَى ٱلْأَبَدِ).
· “التعبير توكيدي. لقد حارب وانتصر على كل القوى التي أبقتنا مسبيين وأسرى، حتى إن السبي نفسه قد سُبِيَ.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن نيوتن (Newton)
· اقتبس الرسول بولس، بقيادة الروح القدس، مزمور ١٨:٦٨ مطبّقًا إياها على يسوع المسيح، محافظًا على السياق مع تغيير كلمة واحدة. كتب بولس: “صَعِدَ إِلَى ٱلْعَلَاءِ سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى ٱلنَّاسَ عَطَايَا.” طبّق بولس هذا على صعود يسوع إلى السماء وإرساله قوة الروح القدس ومواهبه إلى كنيسته. والكلمة التي غيّرها بولس هي من ’قبلتَ‘ إلى ’أعطى.‘
ثالثًا. تسبيح لله الذي ربح المعركة من أجل شعبه
أ ) الآيات (١٩-٢٣): إنقاذ الله في المعركة والانتصار على الأعداء.
١٩مُبَارَكٌ الرَّبُّ، يَوْمًا فَيَوْمًا يُحَمِّلُنَا إِلهُ خَلاَصِنَا. سِلاَهْ. ٢٠اَللهُ لَنَا إِلهُ خَلاَصٍ، وَعِنْدَ الرَّبِّ السَّيِّدِ لِلْمَوْتِ مَخَارِجُ. ٢١وَلكِنَّ اللهَ يَسْحَقُ رُؤُوسَ أَعْدَائِهِ، الْهَامَةَ الشَّعْرَاءَ لِلسَّالِكِ فِي ذُنُوبِهِ. ٢٢قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ بَاشَانَ أُرْجعُ. أُرْجعُ مِنْ أَعْمَاقِ الْبَحْرِ، ٢٣لِكَيْ تَصْبغَ رِجْلَكَ بِالدَّمِ. أَلْسُنُ كِلاَبِكَ مِنَ الأَعْدَاءِ نَصِيبُهُمْ».
١. مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ، يَوْمًا فَيَوْمًا يُحَمِّلُنَا (فوائدَ): إنه لأمر صحيح لا مجال لإنكاره أن الله يعطي فوائد لشعبه. غير أن كثيرين يعتقدون أن الترجمة الأكثر دقة ينبغي أن تكون: مبارك الرب الذي يَحْمِل عبئنا (النسخة القياسية المنقّحة).
٢. ٱللهُ لَنَا إِلَهُ خَلَاصٍ، وَعِنْدَ ٱلرَّبِّ ٱلسَّيِّدِ لِلْمَوْتِ مَخَارِجُ: يتحدث المزمور كثيرًا عن مجيء تابوت الله إلى أورشليم، لكن هذا لم يحدث إلا بعد أن هزم داود أعداء إسرائيل المجاورين. فكّر داود كيف أن الله أنقذه في تلك الصراعات. وهنا استخدم التعبير غير الشائع، لكن الجميل، يهوه أدوناي (الرب السيد).
٣. وَلَكِنَّ ٱللهَ يَسْحَقُ رُؤُوسَ أَعْدَائِهِ: يستخدم داود في وصفه لانتصار الله الصورة المستخدمة في سفر التكوين ١٥:٣ حيث وعد الله بأن المسيح سيسحق رأس إبليس. وسيكون النصر كاملًا، وسيسير شعب الله كفائزين في ميدان المعركة (لِكَيْ تَصْبغَ رِجْلَكَ بِٱلدَّمِ).
· “ٱلْهَامَةَ ٱلشَّعْرَاءَ: فروة رؤوس الأعداء كثيفة الشعر الذين يبدون أكثر شراسة ووحشية. ففي تلك الأيام القديمة، كان الناس يُطيلون شعرهم ويجعلونه أشعث لكي يبدوا مخيفين لأعدائهم.” بوله (Poole)
ب) الآيات (٢٤-٢٧): موكب تابوت العهد.
٢٤رَأَوْا طُرُقَكَ يَا اَللهُ، طُرُقَ إِلهِي مَلِكِي فِي الْقُدْسِ. ٢٥مِنْ قُدَّامٍ الْمُغَنُّونَ. مِنْ وَرَاءٍ ضَارِبُو الأَوْتَارِ. فِي الْوَسَطِ فَتَيَاتٌ ضَارِبَاتُ الدُّفُوفِ. ٢٦فِي الْجَمَاعَاتِ بَارِكُوا اللهَ الرَّبَّ، أَيُّهَا الْخَارِجُونَ مِنْ عَيْنِ إِسْرَائِيلَ. ٢٧هُنَاكَ بِنْيَامِينُ الصَّغِيرُ مُتَسَلِّطُهُمْ، رُؤَسَاءُ يَهُوذَا جُلُّهُمْ، رُؤَسَاءُ زَبُولُونَ، رُؤَسَاءُ نَفْتَالِي.
١. طُرُقَ (موكب) إِلَهِي مَلِكِي فِي ٱلْقُدْسِ (إلى المكان المقدس): بعد الانتصار العظيم الذي أحرزه الله على أعدائه، كان بمقدور داود وإسرائيل جلب تابوت عهد الله إلى أورشليم (سفر صموئيل الثاني ٦). فلم يكن موكب داود، لكنه موكب إِلَهِي مَلِكِي. فالكرامة تتبعه.
· “مع قيادة تابوت عهد الله، والذي هو عرش الله غير المنظور، موكب إسرائيل إلى مقر راحته، فإن تقدُّمه مسير انتصاري يكمل الخروج.” كيدنر (Kidner)
· مِنْ عَيْنِ (ينبوع) إِسْرَائِيلَ: “كان روتشلن يقول إن اللاتينيين كانوا يشربون من أجران، واليونانيون من أحواض، لكن العبرانيين كانوا يشربون من العين نفسها.” تراب (Trapp)
٢. هُنَاكَ بِنْيَامِينُ ٱلصَّغِيرُ مُتَسَلِّطُهُمْ: كان في موكب تابوت الله لسبط بنيامين الصغير دور بارز. ويبيّن هذا نعمة رائعة من جهة داود، لأن سلفه، الملك شاول، كان من سبط بنيامين. ويمكن لملوك كثيرين أن يعطوا هذا السبط أية كرامة على الإطلاق.
· بِنْيَامِينُ ٱلصَّغِيرُ: “يدعى بنيامين الصغير لأنه بشكل جزئي أصغر أبناء يعقوب، وبشكل رئيسي لأن هذا السبط تضاءل بشكل كبير جدًّا حتى إنه أوشك على الانقراض تحت حكم القضاة.” بوله (Poole)
· “يمكن تفسير ذكر أربعة أسباط هنا على أساس الاختيار الشعري فحسب.” فانجيميرين (VanGemeren)
ج ) الآيات (٢٨-٣١): الثقة بالانتصارات المستقبلية.
٢٨قَدْ أَمَرَ إِلهُكَ بِعِزِّكَ. أَيِّدْ يَا اَللهُ هذَا الَّذِي فَعَلْتَهُ لَنَا. ٢٩مِنْ هَيْكَلِكَ فَوْقَ أُورُشَلِيمَ، لَكَ تُقَدِّمُ مُلُوكٌ هَدَايَا. ٣٠انْتَهِرْ وَحْشَ الْقَصَبِ، صِوَارَ الثِّيرَانِ مَعَ عُجُولِ الشُّعُوبِ الْمُتَرَامِينَ بِقِطَعِ فِضَّةٍ. شَتِّتِ الشُّعُوبَ الَّذِينَ يُسَرُّونَ بِالْقِتَالِ. ٣١يَأْتِي شُرَفَاءُ مِنْ مِصْرَ. كُوشُ تُسْرِعُ بِيَدَيْهَا إِلَى اللهِ.
١. أَيِّدْ يَا ٱللهُ هَذَا ٱلَّذِي فَعَلْتَهُ لَنَا: كان داود ممتنًّا من أجل الانتصار الرائع، لكنه عرف أيضًا أن هنالك تحيات أخرى على الطريق. فصلّى إلى الله لكي يسكب قوة في الانتصار الماضي، مستخدمًا إياها كأساس لما يمكن أن يفعله مستقبلًا.
٢. مِنْ هَيْكَلِكَ فَوْقَ أُورُشَلِيمَ، لَكَ تُقَدِّمُ مُلُوكٌ هَدَايَا: كان داود واثقًا بأنه في نهاية المطاف سيبقى الله وشعبه رغم الأعداء بين الشعوب، وسيجلبون جزية إلى إسرائيل، وليس العكس.
· يتحدث هذا في نهاية الأمر عن “وقت مستقبلي عندما يحكم فيه يسوع الأرض، ألف سنة، مع أن من المؤكد وجود نوع من الاكتفاء الآن من طاعة المؤمنين بالمسيح للمأمورية العظمى التي ينتج عنها تقدُّم المسيحية في جميع أنحاء العالم.” بويس (Boice)
٣. ٱنْتَهِرْ وَحْشَ ٱلْقَصَبِ: بما أن القصب مرتبط بنهر النيل، صلى داود أن يُحفظ من المصريين والحبشيين إلى أن يأتوا إلى أورشليم لدفع الجزية (صِوَارَ ٱلثِّيرَانِ مَعَ عُجُولِ ٱلشُّعُوبِ ٱلْمُتَرَامِينَ بِقِطَعِ فِضَّةٍ).
· “تدل كلمتا ’الوحش‘ و’الثيران‘ على الشعوب الظالمة والمضايِقة والمُغْوِية. ويتوجب وضع حد لها، حيث ستُذَل وتُنهَب تلك الشعوب التي أحبت الحرب والجزية.” فانجيميرين (VanGemeren)
· “مصر وكوش (الحبشة): يذكر داود هذين البلدين كعدوين قديمين رئيسيين لله وشعبه، وكأشخاص أشرار جدًّا، كوثنيين غير قابلين للإصلاح. (انظر سفر إرميا ٢٣:١٣؛ سفر عاموس ٧:٩)، لكن يُفهم من خلالهما إلى أنهما يشيران إلى شعوب أخرى لها نفس الطبيعة الأخلاقية.” بوله (Poole)
· “سيصبح الأعداء القدامى أصدقاء جددًا. إذ سيجد سليمان زوجة في بيت فرعون. وسيجمع المسيح شعبًا من عوالم الخطية. وسيستسلم أكبر الخطاة إلى صولجان النعمة، وسيصبح الرجال العظام رجالًا صالحين بمجيئهم إلى الله.” سبيرجن (Spurgeon)
ج ) الآيات (٣٢-٣٥): ممالك الأرض تسبّح إله إسرائيل.
٣٢يَا مَمَالِكَ الأَرْضِ غَنُّوا لِلهِ. رَنِّمُوا لِلسَّيِّدِ. سِلاَهْ. ٣٣لِلرَّاكِبِ عَلَى سَمَاءِ السَّمَاوَاتِ الْقَدِيمَةِ. هُوَذَا يُعْطِي صَوْتَهُ صَوْتَ قُوَّةٍ. ٣٤أَعْطُوا عِزًّا للهِ. عَلَى إِسْرَائِيلَ جَلاَلُهُ، وَقُوَّتُهُ فِي الْغَمَامِ. ٣٥مَخُوفٌ أَنْتَ يَا اَللهُ مِنْ مَقَادِسِكَ. إِلهُ إِسْرَائِيلَ هُوَ الْمُعْطِي قُوَّةً وَشِدَّةً لِلشَّعْبِ. مُبَارَكٌ اللهُ!
١. يَا مَمَالِكَ ٱلْأَرْضِ غَنُّوا لِلهِ: عرف داود أن الله سينتصر في نهاية المطاف، ولهذا دعا الشعوب إلى عبادته الآن. فإنه أفضل لهم أن يفعلوا هذا طوعًا بقلب مستسلم من أن يفعلوا ذلك كأعداء لله مهزومين.
· “لدينا خطايا كثيرة جدًّا ضد الله، فلا يسعنا أن نكتفي بأي قدر من التسبيح له.” سبيرجن (Spurgeon)
· لِلرَّاكِبِ عَلَى سَمَاءِ ٱلسَّمَاوَاتِ ٱلْقَدِيمَةِ: “تدل الكلمة العبرية المترجمة إلى ’ٱلْقَدِيمَةِ‘ (Olam) لا على الماضي فحسب، بل على المستقبل أيضًا.” بوله (Poole)
٢. أَعْطُوا عِزًّا لِلهِ: لن تستفيد الشعوب إلا بإدراكها قوة الله والإقرار بحكمه على إسرائيل.
٣. مَخُوفٌ أَنْتَ يَا ٱللهُ مِنْ مَقَادِسِكَ: فكّر داود في أرض إسرائيل كمكان مقدس لله، وأنها تخصه بشكل خاص. غير أنه كان لديه الرِّقي الكافي ليفهم أن الله أعظم من أي مكان مقدس، سواء أكان أرضًا أم جبلًا أم هيكلًا.
٤. إِلَهُ إِسْرَائِيلَ هُوَ ٱلْمُعْطِي قُوَّةً وَشِدَّةً لِلشَّعْبِ: إن الإله المنخرط بشكل نشط في حياة شعبه وانتصاره جدير بالتسبيح حقًّا.
· كان هذا المزمور موضوع حب لقادة جيوش ولجنود. “إذ تعلَّق به الصليبيون وهم يشرعون في استعادة الأرض المقدسة؛ وسافونارولا ورهبانه وهم يشيرون إلى ’محكمة النار‘ في بيازا في فلورنس؛ والهاغونوتيون الذين سمّوه ’ترنيمة المعارك‘: وكرومويل في دنبار، مع طلوع الشمس على ضباب الصباح وهو يواجه جيش ليزلي.” مورجان (Morgan) نقلًا عن كيركباتريك (Kirkpatrick)
· مهما كان النصر الذي أحرزوه، والإلهام الذي حصلوا عليه من هذا المزمور، فإن انتصاراتهم لم تدم. فالنصر الدائم ينتظر مملكة المسيّا العظيمة.