تفسير سفر المزامير – مزمور ٢١
الملك الفرِح
لهذا المزمور نفس عنوان مزامير أخرى عديدة: لِإِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ. وهو مرتبط بشكل منطقي بالمزمور السابق، المزمور ٢٠. يبدو أن النصر الذي صلّى داود من أجله ووثق به قد تحقق. وهو الآن يقدم الشكر لله على النصر الذي أعطاه إياه.
“هناك صلى الشعب من أجل الملك، وأما هنا، فيشكرون من أجله. هناك طلبوا أن تلبّى رغباته، وأما هنا فيباركون يهوه الذي حققها. هناك كانت المعركة وشيكة، وأما هنا فقد رُبحت المعركة، مع أن العدو ما زال موجودًا في الميدان.” ألكزاندر ماكلارين (Alexander Maclaren)
أولًا. ملك شاكر فرِح
أ ) الآيات (١-٢): فرح الملك بقوة الله.
١يَا رَبُّ، بِقُوَّتِكَ يَفْرَحُ الْمَلِكُ، وَبِخَلاَصِكَ كَيْفَ لاَ يَبْتَهِجُ جِدًّا! ٢شَهْوَةَ قَلْبِهِ أَعْطَيْتَهُ، وَمُلْتَمَسَ شَفَتَيْهِ لَمْ تَمْنَعْهُ. سِلاَهْ.
١. يَا رَبُّ، بِقُوَّتِكَ يَفْرَحُ ٱلْمَلِكُ: كانت لدى الملك داود أسباب كثيرة ليفرح بقوة الرب. ربما نبَعَ هذا الفرح من المثابرة والنجاح في المعركة، أو من إنقاذ آخر.
· نغمة الافتتاح في هذا المزمور مشبوبة بالعاطفة. “كانت هتافات المؤمنين الميثوديست (المنهجيين) في فورة فرحهم أكثر مقبوليةً من فتورنا. ينبغي أن يكون لفرحنا شيء من القوة بحيث يتعذر التعبير عنه بالكلمات.” سبيرجن (Spurgeon)
· ٱلْمَلِكُ: “يترجم الترجوم اليهودي القديم (وهو إعادة صياغة كلدانية للعهد القديم) والتلمود كلمة ملك في الآية الأولى إلى (melek mashiach) أي الملك المسيّا. ويعني هذا أن اليهود في فترة مبكرة فهموا أن هذه الكلمات تتحدث عن المسيّا. وحدث تغيير في العصور الوسيطة نتيجة لرأي قدّمه المعلم اليهودي سولومون إيزاكي المعروف باسم راشي (ولد في ١٠٤٠ م). وقد صادق على وجهة النظر الجديدة، لكنه اقترح إسقاطها قائلًا: “فسّر علماؤنا القدامى هذا المزمور على أنه للملك المسيّا، لكن لكي نواجه الانفصاليين [أي المسيحيين]، فإنه أفضل أن نفهم على أنه الملك داود.” بويس (Boice)
٢. شَهْوَةَ قَلْبِهِ أَعْطَيْتَهُ: جاءت قوة الله وخلاصه إلى داود استجابة لكل من شَهْوَةَ قَلْبِهِ وصلواته المنطوقة (مُلْتَمَسَ شَفَتَيْه).
· يتحدث هذا عن المكانة الخاصة للصلاة المستجابة في حياة المؤمن. إذ يفترض أن يعرف كل مؤمن إثارة الاستجابات المتكررة والرائعة للصلاة. وعندما لا يتمتع المؤمن ببركة الصلاة المستجابة، فإن السبب يكمن في أنه لا يصلي، أو أنه يصلي بطريقة خطأ، أو أن هنالك عوائق أمام صلواته.
· هنالك أشياء كثيرة يمكن أن تعوق الصلاة في حياة المؤمن، أشياء تمنعه من أن يقول مع داود: “شَهْوَةَ قَلْبِهِ أَعْطَيْتَهُ، وَمُلْتَمَسَ شَفَتَيْهِ لَمْ تَمْنَعْهُ.” ينبغي أن يُنظر إلى الصلاة غير المستجابة على أنها علامة تحذيرية على وجود مشكلة ما. أسباب للصلاة غير المستجابة:
ü عدم الثبات في يسوع (إنجيل يوحنا ٧:١٥)
ü عدم الإيمان (إنجيل متى ٢٠:١٧-٢١)
ü عدم الصوم (إنجيل متى ٢٠:١٧)
ü عدم إكرام الزوج لزوجته (رسالة بطرس الأولى ٧:٣)
ü عدم الطلب (رسالة يعقوب ٢:٤)
ü الصلاة الأنانية (رسالة يعقوب ٣:٤)
ü عدم الطاعة (رسالة يوحنا الأولى ٢٢:٣)
ü عدم الصلاة حسب مشبئة الله (رسالة يوحنا الأولى ١٤:٥-١٥)
ü خطية غير معترف بها (رسالة يعقوب ١٦:٥)
ü الصلاة الباردة غير المشبوبة بالعاطفة (رسالة يعقوب ١٦:٥-١٨؛ سفر ملوك الثاني ٥:٢٠)
ü عدم الصلاة أو الافتقار إلى المواظبة في الصلاة (إنجيل لوقا ١:١٨-٧؛ مزمور ١٧:٥٥)
ü خطية ضد آخرين (إنجيل متى ٢٣:٥-٢٤)
ü الافتقار إلى الوحدة (إنجيل متى ١٩:١٨)
ü عدم الصلاة باسم يسوع (إنجيل يوحنا ١٣:١٤-١٤)
ü الكبرياء (رسالة يعقوب ٦:٤؛ رسالة بطرس الأولى ٥:٥؛ سفر الأمثال ٣٤:٣)
ü الكذب والخداع ( مزمور ١:١٧)
ü غياب قراءة الكتاب المقدس والافتقار إلى تعليمه (سفر الأمثال ٩:٢٨)
ü الثقة بطول الصلاة أو بشكلها (إنجيل متى ٧:٦)
· لا يعني تجنب تلك الأمور السابقة أنه يعطينا استحقاقًا لاستجابة الصلوات. فالله لا يكون مدينًا لنا إذا تجنّبناها. لكنها عوائق واضحة للصلاة المستجابة.
٣. سِلَاهْ: إن الفكرة وراء هذه الكلمة العبرية (التي ترد ٧٤ مرة في العهد القديم) هي التوقف لبرهة. ويعتقد بعض الباحثين أنها فترة للتوقف بغرض التأمُّل في الكلام الذي قيل للتوّ. ويمكن أن تكون توجيهًا موسيقيًا أو فاصلًا موسيقيًّا من نوع ما.
· نحن نأخذ سِلَاهْ هذه كفرصة لشكر الرب على القوة والخلاص اللذين أظهرهما في حياتنا، وعلى الطريقة المجيدة التي يستجيب بها صلواتنا. ونحن، شأننا شأن الملك داود الذي عاش من فترة طويلة، نفرح بهذا الإله العظيم المُحب.
ب) الآيات (٣-٧): أسباب فرح الملك.
٣لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُهُ بِبَرَكَاتِ خَيْرٍ. وَضَعْتَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجًا مِنْ إِبْرِيزٍ. ٤حَيَاةً سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ. طُولَ الأَيَّامِ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ. ٥عَظِيمٌ مَجْدُهُ بِخَلاَصِكَ، جَلاَلاً وَبَهَاءً تَضَعُ عَلَيْهِ. ٦لأَنَّكَ جَعَلْتَهُ بَرَكَاتٍ إِلَى الأَبَدِ. تُفَرِّحُهُ ابْتِهَاجًا أَمَامَكَ. ٧لأَنَّ الْمَلِكَ يَتَوَكَّلُ عَلَى الرَّبِّ، وَبِنِعْمَةِ الْعَلِيِّ لاَ يَتَزَعْزَعُ.
١. لِأَنَّكَ تَتَقَدَّمُهُ (تستقبله) بِبَرَكَاتِ خَيْرٍ: كان بمقدور الملك داود أن يرى خَيْر (صلاح) الله يأتي ليستقبله (تَتَقَدَّمُهُ). جلب الله الخير له، بدلًا من أن يطارد داود بركات الخير تلك.
· صحيح أن الله استقبل داود بالبركات وأن داود أقر بهذا وشكره على ذلك. لكن يبدو أن الأمور لم تكن كذلك في السنوات الطويلة الكثيرة بين مسْحه للعرش كشاب واعتلائه عرش إسرائيل.
· يأتي لنا خير (صلاح) الله ونعمته على الدوام بالطرق التالية:
ü أحبّتنا نعمة محبة الله قبل أن أحببناه.
ü تحفظنا نعمة الكبح من أن نرتكب خطايا يمكنها أن تبعدنا تمامًا عن رسالة الإنجيل.
ü تأتي نعمة الخلاص لتستقبلنا، جالبة لنا خير (صلاح) الله وجاعلة إيانا قادرين على قبول رسالة الإنجيل.
ü تحضِّر نعمة الخدمة من أجل ألف طريقة لما لدى الله من أجلنا في المستقبل.
ü تحضِّر نعمة الخدمة (خدمة الآخرين) الأساس الذي سنعمل عليه قبل أن نصل إلى هناك.
٢. وَضَعْتَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجًا مِنْ إِبْرِيزٍ: لبس داود تاجين: تاج عرش إسرائيل – شعب الله الخاص – وتاج النصر. وتبيّن طبيعته المصنوعة من الذهب الخالص (مِنْ إِبْرِيزٍ) كيف أن الشعب والنصر مميّزان.
· إنها حقيقة لا تُنكر أن داود ترك الله يضع تاجًا على رأسه. رغم أنه كان لديه الحق والأسباب الوجيهة، بمعنى ما، لينتزع التاج من شاول، إلاّ أنه انتظر من الله أن يضعه عَلَى رَأْسِهِ.
٣. حَيَاةً سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ: ذهب داود إلى المعركة طالبًا من الله أن يحفظ حياته، وهو الآن يحتفل باستجابة الرب لهذه الطلبة. ففي خطر الحياة والموت في المعارك، أُعطي حياة وطُولَ ٱلْأَيَّامِ.
· “ربما بدت هبة الحياة… إِلَى ٱلدَّهْرِ وَٱلْأَبَدِ توحي بالمبالغة لقارئ العهد القديم… أو إشارة إلى السلالة الدائمة الموعودة لداود في سفر صموئيل الثاني ١٦:٧، إلا أن العهد الجديد حقق هذه الصورة في صورة الملك الأسمى (النهائي)، المسيّا، الذي تنطبق عليه هذه الفقرة الشعرية من دون أية مبالغة.” كيدنر (Kidner)
٤. عَظِيمٌ مَجْدُهُ بِخَلَاصِكَ: عرف داود أن الترفيع والإكرام يأتي إلى الملوك في المعارك، لكنه يصرح هنا أن هذا المجد وهذا الشرف والجلالة (جَلَالًا وَبَهَاءً) التي يتمتع بها هي من الله، لا من نفسه.
٥. تُفَرِّحُهُ ٱبْتِهَاجًا أَمَامَكَ: صرح داود أنه مبارك إلى الأبد (جَعَلْتَهُ بَرَكَاتٍ إِلَى ٱلْأَبَدِ)، لكن حضور الله (أَمَامَكَ) كان أعظم بركاته وأعظم ابتهاج له. فكان الله أكثر سعادة بحضور الله من التاج الملكي أو النصر.
٦. لِأَنَّ ٱلْمَلِكَ يَتَوَكَّلُ عَلَى ٱلرَّبِّ، وَبِنِعْمَةِ (رحمة) ٱلْعَلِيِّ لَا يَتَزَعْزَعُ: أعلن داود ثقته برحمة الله (بِنِعْمَةِ ٱلْعَلِيِّ)، وأنها ستظل تباركه في المستقبل.
· من المؤكد أن كل واحد من هذه الأمور كان يصحّ عن داود، لكنها كلها تصح بشكل أكبر عن ابن داود، المسيّا، يسوع المسيح. يمكننا أن نطبق كل سطر في مزمور ٣:٢١-٧ على يسوع بعد انتصاره العظيم على الصليب.
ü استُقبِل يسوع المنتصر بِبَرَكَاتِ خَيْرٍ عندما صعد إلى السماء.
ü يرتدي يسوع التاج بصفته ملك الملوك والمنتصر المجيد – وتاجه من الذهب الخالص (الإِبْرِيْز).
ü سَأَلَ حَيَاةً من الله الآب، وبصفته قدوس الله الوحيد، خُلِّص من القبر.
ü افتخر يسوع بالخلاص المقدم له من الآب، لا من خلاص من خطية، بل بانتصاره على الخطية والموت.
ü ابتهج يسوع بحضور أبيه، مع أنه كان هنالك معنى بموجبه أشاح الآب بوجهه عنه على الصليب.
ü ما زال يسوع يثق بأبيه ولن يتزعزع.
· “توّج نابوليون نفسه، لكن يهوه هو الذي توّج يسوع. ذابت إمبراطورية نابوليون في ساعة، لكن سيادة يسوع ثابتة.” سبيرجن (Spurgeon)
· نفكر بشكل خاص في ما تخبرنا به الآية ٦ عن يسوع: لِأَنَّكَ جَعَلْتَهُ بَرَكَاتٍ إِلَى ٱلْأَبَدِ. تُفَرِّحُهُ ٱبْتِهَاجًا أَمَامَكَ. تخبرنا هذه الآية أنه رغم أن يسوع كان رجل أوجاع ومختبر الحزن (سفر إشعياء ٣:٥٢، إلا أنه عرف أيضًا معنى أن يتبارك إلى الأبد ويبتهج ابتهاجًا.
· “كان رئيس السلام، رغم أنه كان محتقرًا ومرفوضًا من الناس. ورغم عمق أحزانه، يمكننا أن نحسب يسوع الناصري أسعد الناس.” سبيرجن (Spurgeon)
· يمكننا أن نفكر في أسباب تجعل يسوع سعيدًا جدًّا:
ü لم يخطئ قط، والخطية هي أم الأحزان.
ü لم يؤلمْه ضميره قط.
ü لم يحمل في نفسه بغضًا، أو حسدًا، أو مرارة، أو عدم غفران.
ü كان لديه سلام في حكمة الله الآب وقوته.
ü كان رجلًا معطاءً كريمًا عرف فرح العطاء.
ü أكمل عمله بشكل تامٍّ وعرف الرضا الناتج عن ذلك.
ü هو مصدر كل بركة وهو يعرف فرح مباركته للآخرين.
ü يبتهج بكل خاطئ يأتي إلى التوبة.
ü سيبتهج برؤية شعبه وهم يعملون من أجله.
ü يبتهج بالآلام التي يحتملونها من أجله.
ثانيًا. دينونات الله تدافع عن شعبه.
أ ) الآيات (٨-١٠): ما سيفعله الله بالأعداء.
٨تُصِيبُ يَدُكَ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ. يَمِينُكَ تُصِيبُ كُلَّ مُبْغِضِيكَ. ٩تَجْعَلُهُمْ مِثْلَ تَنُّورِ نَارٍفِي زَمَانِ حُضُورِكَ. الرَّبُّ بِسَخَطِهِ يَبْتَلِعُهُمْ وَتَأْكُلُهُمُ النَّارُ. ١٠تُبِيدُ ثَمَرَهُمْ مِنَ الأَرْضِ وَذُرِّيَّتَهُمْ مِنْ بَيْنِ بَنِي آدَمَ.
١. تُصِيبُ يَدُكَ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ: أدرك داود أنه رغم أنه انتصر في المعركة، إلا أن الله لم ينتهِ من دينونته لأعدائه.
· زَمَانِ حُضُورِكَ (غضبك): “يذكّرنا تعبير ’زَمَانِ غضبك‘ بأننا ما زلنا في زمان نعمته. ولهذا سيخصص زمنًا لغضبه… هنالك يوم انتقام لإلهنا. دعوا أولئك الذين يحتقرون يوم النعمة يتذكروا يوم الغضب هذا.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. ٱلرَّبُّ بِسَخَطِهِ يَبْتَلِعُهُمْ: عبّر داود عن ثقته بأن الله سيدين أعداءه، وعبّر عنها بأقوى التعابير – حتى إن الله سيدين ذرية أولئك الذين يقاتلونه.
· “نحن نشفق على الهالكين لأنهم بشر، لكن لا نستطيع أن نشفق عليهم كأعداء للمسيح.” سبيرجن (Spurgeon)
· وَتَأْكُلُهُمُ ٱلنَّارُ: “أولئك الذين كان يمكن أن يحكمهم المسيح ويخلّصهم، لكنهم رفضوه وحاربوه… حتى مجرد تذكُّر ذلك سيكفي أن يجعلهم على مدى الأبدية أتونًا ملتهبًا لأنفسهم.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآيات (١١-١٢): ما يجعل أعداء الله مستحقين للدينونة.
١١لأَنَّهُمْ نَصَبُوا عَلَيْكَ شَرًّا. تَفَكَّرُوا بِمَكِيدَةٍ. لَمْ يَسْتَطِيعُوهَا. ١٢لأَنَّكَ تَجْعَلُهُمْ يَتَوَلَّوْنَ. تُفَوِّقُ السِّهَامَ عَلَى أَوْتَارِكَ تِلْقَاءَ وُجُوهِهِمْ.
١. لِأَنَّهُمْ نَصَبُوا (نَوَوْا) عَلَيْكَ شَرًّا: يبدو أن عبارات الدينونة في مزمور ٨:٢١-١٠ تتطلب شرحًا. فلماذا هذه الدينونة القاسية؟ يكمن السبب في أنهم تمردوا على الله وشعبه عمدًا، رغم أن خططهم كانت أكبر من قدرتهم على تنفيذها. (تَفَكَّرُوا بِمَكِيدَةٍ لَمْ يَسْتَطِيعُوهَا).
· “الشر المتعمد فيروس ليس من فئة خطايا الجهل. وعندما يتعمد الأشرار بخبث الهجوم على رسالة إنجيل المسيح، فإن جريمتهم عظيمة، وسيكون عقابهم مناسبًا لجريمتهم.” سبيرجن (Spurgeon)
· نحن نجد تعزية في أنهم تَفَكَّرُوا بِمَكِيدَةٍ لَمْ يَسْتَطِيعُوهَا. يهدد كثيرون ويعلنون بثقة زوال عمل الله في يومنا، لكن من المؤكد أنهم لن يتمكنوا من ذلك (لَنْ يَسْتَطِيعُوهَا).
٢. لِأَنَّكَ تَجْعَلُهُمْ يَتَوَلَّوْنَ: يرى داود – وربما رأى ذلك حرفيًّا – أعداء الله وهم يفرّون من ميدان المعركة مُدْبِريْن (يَتَوَلَّوْنَ) أمام تقدُّم جيوش الله.
٣. تُفَوِّقُ ٱلسِّهَامَ عَلَى أَوْتَارِكَ تِلْقَاءَ وُجُوهِهِمْ: رأى داود أعداء الله عاجزين أمام سهام الله الديّان المُفَوَّقَة ووتر قوسه المشدود التي تشبه الأسلحة الحربية. وسهامهم موجهة إلى وجوهم مباشرة (تِلْقَاءَ وُجُوهِهِمْ).
- “تدعى دينونات الله ’سهامه‘ لأنها حادة وسريعة وأكيدة ومميتة.” هورن (Horne)
· يذكّرنا هذا بمدى قرب دينونة الله فعلًا ضد الذين يرفضونه، وكيف أن رحمته العظيمة وحدها هي التي تمنع إطلاق سهم دينونته عليهم. إنها خطية عظيمة (لكن نادرًا ما توضع في الاعتبار أو تُفهَم) يتجاهلها الإنسان ويتجاسر على رحمة الله.
ج ) الآية (١٣): تسبيح الله على قوته.
١٣ارْتَفِعْ يَا رَبُّ بِقُوَّتِكَ. نُرَنِّمْ وَنُنَغِّمْ بِجَبَرُوتِكَ.
١. ارْتَفِعْ يَا رَبُّ بِقُوَّتِكَ: عبَدَ داود الله مباشرة هنا. لقد ارتفع الرب الذي يمتلك تلك القوة الجبارة بنفسه، من دون أن يحتاج إلى الاعتماد على قوة كائن آخر.
· “ٱرْتَفِعْ يَا رَبُّ – فخليقتك لا تستطيع أن ترفعك.” كلارك (Clarke)
٢. نُرَنِّمْ وَنُنَغِّمْ بِجَبَرُوتِكَ: بعد هذا التصريح المباشر بالتسبيح، عبّر داود عن تصميمه وتصميم شعبه على مواصلة تسبيح الله، وسيفعلون ذلك في ترانيم.
· تتوافق نهاية المزمور مع النغمة السائدة على مدى المزمور. فهي ممتلئة بالشكر والتسبيح على البركات والإنقاذ والصلوات المستجابة. وينبغي أن تكون هذه النظرة سائدة بين شعب الله.