تفسير سفر المزامير – مزمور ١٤٠
صرخة واثقة من نفس افتُري عليها
هذا المزمور معنون ’لِإِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ.‘ وموضوعه مشابه لمزامير كثيرة لداود يصرخ فيها إلى الله في أوقات الضيق. ويظهر أن الضيق هنا هو تعرُّضه لافتراءات، وربما حدث هذا بينما كان طريدًا هاربًا من شاول ورجاله.
ويعتقد بعضهم أن إمام المغنين (الموسيقيين) هو الرب نفسه، بينما يذهب آخرون إلى أنه قائد الجوقة الموسيقيين في زمن داود، مثل هيمان أو آساف (١ أخبار ٦: ٣٣؛ ١٦: ٤-٧؛ ٢٥: ٦). وعلّق سبيرجن قائلًا: “تمنّى صاحب المزمور أن تكون هذه الترنيمة تحت إشراف إمام المغنين (الموسيقيين) لئلا تُترك من دون أن ترنَّم، أو أن ترنَّم بشكل مهلهل.”
أولًا. الأشرار وكلماتهم الشريرة، ومؤامراتهم الشريرة
أ ) الآيات (١-٣): الصلاة من أجل الإنقاذ.
١أَنْقِذْنِي يَا رَبُّ مِنْ أَهْلِ ٱلشَّرِّ. مِنْ رَجُلِ ٱلظُّلْمِ ٱحْفَظْنِي. ٢ٱلَّذِينَ يَتَفَكَّرُونَ بِشُرُورٍ فِي قُلُوبِهِمْ. ٱلْيَوْمَ كُلَّهُ يَجْتَمِعُونَ لِلْقِتَالِ. ٣سَنُّوا أَلْسِنَتَهُمْ كَحَيَّةٍ. حُمَةُ ٱلْأُفْعُوَانِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ. سِلَاهْ.
١. أَنْقِذْنِي يَا رَبُّ مِنْ أَهْلِ ٱلشَّرِّ: عانى داود مرات كثيرة من ضغط وجود أشرار عنفاء. وقد خرجت هذه الترنيمة من مثل هذه الأوقات، وهي تبيّن إلحاحها من خلال وجود مقدمة تسبيح أو تأمُّل. إذ دخل داود مباشرة إلى التضرع.
· “كان المرنم يتعرض للافتراء من أشرار عنفاء كانوا مستعدين، لو سنحت لهم الفرصة، لممارسة عنف فعلي إضافة إلى كلامهم الكاذب.” مورجان (Morgan)
· “دائمًا ما يسبق الافتراء وتشويه السمعة الاضطهاد ويرافقانه، لأن الشر نفسه لا يُحَمِّس الناس ضد شخص صالح. ولهذ يتوجب أن يقدَّم هذا الشخص كشرير.” هورن (Horne)
· “يلتجئ الشخص المفترى عليه إلى الله في الصلاة. فلم يكن بوسعه أن يفعل شيئًا أكثر حكمة من هذا. فمن يستطيع أن يقابل الشرير ويهزمه إلا الرب نفسه الذي يجعله صلاحه اللامتناهي أكثر من ندٍّ لكل الشر الموجود في العالم كله.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. ٱلَّذِينَ يَتَفَكَّرُونَ بِشُرُورٍ فِي قُلُوبِهِمْ: كان هؤلاء الأشرار معروفين بالشرور الموجودة في قلوبهم. ولم تكن أعمالهم الشريرة حوادث منفصلة من طبيعتهم الحقيقية، كما يتضح من استعدادهم الدائم للصراع والحرب.
· بِشُرُورٍ فِي قُلُوبِهِمْ: “إنه لأمر فظيع أن يكون لدينا مرض في القلب كهذا. وعندما يشمت الخيال بأذى الآخرين، فإن هذه إشارة أكيدة على أن طبيعة الشخص كلها قد تغلغلت كثيرًا في الشر.” سبيرجن (Spurgeon)
· يَجْتَمِعُونَ لِلْقِتَالِ: لاحظَ جون تراب (John Trapp) أن النص العبري يفيد أن الأشرار “يجمعون حروبًا كما تجمع الأفاعي السمّ لكي تنفثه في الآخرين.”
٣. سَنُّوا أَلْسِنَتَهُمْ كَحَيَّةٍ: غالبًا ما يعبَّر الرغبة في الحرب والشرور بكلمات جادة سامّة. وقد أحسّ دواد بكل لسعة هؤلاء وسُمِّ كلماتهم.
· “كَحَيَّةٍ: إما أنهم يشحذون ألسنتهم، كما يقال إن الأفاعي تشحذ ألسنتها قبل العضّ، وإمّا أنهم يستخدمون كلمات حادة وثاقبة مثل لدغة الأفعى.” بوله (Poole)
· “كانت فكرة شائعة أن الأفاعي تُدخل سُمّها بألسنتها، وقد استخدم الشعراء هذه الفكرة كتعبير شعري، رغم أن من المؤكد أن الحية تجرح بنابيها، لا بلسانها. وليس علينا أن نفترض أن الذين استخدموا مثل هذه اللغة كانوا مخطئين في فهم تاريخهم الطبيعي، تمامًا كما لا يمكن أن يُتّهم كاتب بالجهل في علم الفلك إذا تحدث عن مسار الشمس من الشرق إلى الغرب.” سبيرجن (Spurgeon)
· حَيَّةٍ: “الكلمة العبرية المستخدمة إلى حية Achsub لا ترِد إلا هنا. وربما يكون من المستحيل أن نقرر أي نوع من الأفاعي هو المقصود هنا. وكما يبدو، فإن الكلمة في دلالاتها الصحيحة تعبّر عن الالتفاف أو التكوّر أو الانحناء إلى الوراء، وهو تصرف شائع مشترك بين معظم الأفاعي.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن كيتو (Kitto)
· اقتبس بولس الآية الثالثة في رومية ٣: ١٣ كوصف لإثم الإنسان العميق. ومن حيث المبدأ، توسّع بولس في هذه الفكرة بشكل تجاوز قصد داود الأصلي، وطبّق هذا التصور على البشرية وحالتها الساقطة.
٤. سِلاَهْ: تشير هذه الكلمة إلى نوع من التوقف المؤقت، إمّا كفاصل موسيقي، أو للتفكير الدقيق والتأمل، أو كليهما. وترد هذه الكلمات ثلاث مرات في هذا المزمور، وهي تشير هنا إلى أن إثم الإنسان العميق جدير بالتفكير بعناية. غالبًا ما نستهين كثيرًا بعظمة الله وبعِظم إثم الإنسان.
· “إن ما يبرز بوضوح من هذا النص الشر الذي يمكن أن ينشأ، لا من أي ضغط من الظروف، بل من محبة العنف، والقسوة والمؤامرات.” كيدنر (Kidner)
· “نلتقي كلمة سِلاَهْ هنا لأول مرة منذ المزمور ٨٩. ولا ترد في المزامير من ٩٠ إلى ١٤٠ إلا هنا. ولا نستطيع أن نخمّن لماذا لم ترد في هذه المزامير الخمسين بينما وردت في غيرها. غير أن حوالي أربعين مزمورًا تستخدم كلمة سِلاَهْ.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن بونار (Bonar)
ب) الآيات (٤-٥): الصلاة من أجل الحفظ.
٤ٱحْفَظْنِي يَا رَبُّ مِنْ يَدَيِ ٱلشِّرِّيرِ. مِنْ رَجُلِ ٱلظُّلْمِ أَنْقِذْنِي. ٱلَّذِينَ تَفَكَّرُوا فِي تَعْثِيرِ خُطُوَاتِي. ٥أَخْفَى لِي ٱلْمُسْتَكْبِرُونَ فَخًّا وَحِبَالًا. مَدُّوا شَبَكَةً بِجَانِبِ ٱلطَّرِيقِ. وَضَعُوا لِي أَشْرَاكًا. سِلَاهْ.
١. ٱحْفَظْنِي يَا رَبُّ مِنْ يَدَيِ ٱلشِّرِّيرِ: في القسم الأول من المزمور، أقرَّ داود بوجود الأشرار والرجال العنفاء. وبهذه النظرة الواقعية، طلب من الله: “مِنْ رَجُلِ ٱلظُّلْمِ أَنْقِذْنِي.”
· وهكذا طورِد داود كمتمرد، وصُلِب المسيح كمجدف، وعُذِب المسيحيون كمذنبين في سفاح القربى والقتل.” هورن (Horne)
· “قد يرغب الأشرار ويخططون وينفذون بغطرسة، لكن سيد الكون لا يحتمل الفوضى لفترة طويلة، ولهذه الغاية، يتحول التضرع إلى صلاة انتقامية تستنزل اللعنات.” فانجيميرين (VanGemeren)
٢. أَخْفَى لِي ٱلْمُسْتَكْبِرُونَ فَخًّا: كانوا يأملون أن يُعْثِروا داود من خلال سلسلة من الفخاخ والشبكات والحبال والمصائد، حيث تم التعبير عن معظمها بكلمات سامّة (الآية ٣). ولم يكن داود أعمى عن تلك الفخاخ، لكن كان لديه عون في إلهه.
· “طاردوا داود كما يفعلون مع وحش بري خطر. حاول أحدهم أن يخرقه برمح، وحاول آخر أن يوقعه في فخاخ لكي يؤخذ ويُذبح أمام الشعب كعدو للدولة.” كلارك (Clarke)
· “تمنى أعداء داود أن يصطادوه في طريق الخدمة، والذي كان الطريق العادي لحياته. وضع شاول فخاخًا لداود، لكن الرب حافظ عليه.” سبيرجن (Spurgeon)
· “توضع لنا الفخاخ والشبكات من قِبَل فنان ماكر متمرس يحرص على أن لا يظهر شيء منها للعيان. لكن لا نرى الطعوم المغرية من المنزلة واللذة والمنفعة المقدمة من دون كدح، إلى أن نجد أنفسنا قد عَلِقْنا فيها.” هورن (Horne)
· “إن كان ممكنًا مداهنة رجل تقي، أو رشوته، أو ترويعه، أو إغضابه، فسيحاول الأشرار ذلك. إنهم مستعدون لتحريف كلامه، وتشويه دوافعه، وتوجيه جهوده بشكل خطأ. إنهم مستعدون لأن يتظاهروا ويكذبوا وأن ينحطوا إلى آخر درجة لكي ينجزوا قصدهم البغيض.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. سِلاَهْ: عندما تأمل داود الخطر القادم من مقاوميه، اضطر إلى أخذ وقفة تأملية.
ثانيًا. طلب عون الله
أ ) الآيات (٦-٨): الصلاة إلى إله القوة والخلاص.
٦قُلْتُ لِلرَّبِّ: «أَنْتَ إِلَهِي». أَصْغِ يَا رَبُّ إِلَى صَوْتِ تَضَرُّعَاتِي. ٧يَا رَبُّ ٱلسَّيِّدُ، قُوَّةَ خَلَاصِي، ظَلَّلْتَ رَأْسِي فِي يَوْمِ ٱلْقِتَالِ. ٨لَا تُعْطِ يَا رَبُّ شَهَوَاتِ ٱلشِّرِّيرِ. لَا تُنَجِّحْ مَقَاصِدَهُ. يَتَرَفَّعُونَ. سِلَاهْ.
١. قُلْتُ لِلرَّبِّ: «أَنْتَ إِلَهِي»: لن يعبد داود إلهًا آخر. فولاؤه هو للرب وحده. وأعطاه هذا التكريس ثقة بأن الله يسمع صوت تضرعاته. ولا يسمع الله كلمات الصرخات فحسب، بل صوت الصرخة أيضًا. فهو مميز وذو مغزى.
· “’أَنْتَ إِلَهِي‘ يأتي هذا بالمقابلة مع آلهة الوثنيين. ربما يعبدون البعل وعشتروت، لكن’أَنْتَ إِلَهِي.‘ وأنا أحسب الآلهة الأخرى أوثانًا، أعمال أيدي الناس. وأنا أحتقرها.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. يَا رَبُّ ٱلسَّيِّدُ، قُوَّةَ خَلَاصِي: صرخ داود إلى الرب (يهوه)، سيده (أدوناي)، مدركًا أنه رب حياته، وأنه لا يوجد إله غيره. وسيساعد الإله الحقيقي داود فعلًا كونه قوة خلاصه.
· “كانت نجاته مذهلة بالنسبة له وللآخرين جميعًا. فكيف يمكن تفسير ذلك إلا بوجود درع غير مرئية حوله تغطي حتى رأسه يوم القتال.” ميير (Meyer)
٣. ظَلَّلْتَ رَأْسِي فِي يَوْمِ ٱلْقِتَالِ: خاض داود معارك حربية فعلية، لكنه عاش معارك كثيرة من الكذب والافتراء من رجال أشرار عنفاء. وشهد أن الرب كان دفاعه وترسه ودرعه في تلك المعارك. ويقول ميير (Meyer) الذي يقتبس سبيرجن (Spurgeon) كلامه إن ترجمة ’يوم الدرع‘ أفضل من ترجمة ’يَوْمِ ٱلْقِتَالِ.‘
· “يعني هذا أن الله كان حامل درع داود. لقد حمل الرب درعًا أمام داود. وبدلًا من السرج الذ يضع فيه ثقته المحاربون، غطى الله داود بطبقة الدرع لا يمكن لأي سيف عدو أن يخترقه على الإطلاق.” سبيرجن (Spurgeon)
٤. لَا تُعْطِ يَا رَبُّ شَهَوَاتِ ٱلشِّرِّيرِ: باعتراف داود بسيادة الرب، أدرك أنه إذا قدم الرب عونًا للأشرار، فسيرتفعون. فصلّى أن يكون عمله هو إلى جانب شعبه وضد رغبات الأشرار.
٥. سِلاَهْ: عندما رأى داود في اعتباره ضرورة إيقاف الأشرار ومؤامراتهم الشريرة، احتاج إلى وقفة تأمُّل.
ب) الآيات (٩-١١): صلاة داود حول الأشرار.
٩أَمَّا رُؤُوسُ ٱلْمُحِيطِينَ بِي فَشَقَاءُ شِفَاهِهِمْ يُغَطِّيهِمْ. ١٠لِيَسْقُطْ عَلَيْهِمْ جَمْرٌ. لِيُسْقَطُوا فِي ٱلنَّارِ، وَفِي غَمَرَاتٍ فَلَا يَقُومُوا. ١١رَجُلُ لِسَانٍ لَا يَثْبُتُ فِي ٱلْأَرْضِ. رَجُلُ ٱلظُّلْمِ يَصِيدُهُ ٱلشَّرُّ إِلَى هَلَاكِهِ.
١. أَمَّا رُؤُوسُ ٱلْمُحِيطِينَ بِي: لا نعرف على نحو اليقين المناسبة في حياة داود التي دفعته إلى هذه الصلاة، ولهذا، فإننا لا نعرف من هم المقصودون بالرؤوس هنا. إذ يمكن أن يكون شاول الذي كان رجلًا شريرًا عنيفًا قدّم شهادة زور ضد داود (١ صموئيل ٢١-٢٢).
· إذا كانت هذه الصلاة حول شاول، فإن هذا مثل آخر مهم لكيفية رفض داود لضرب شاول بالعنف حتى عندما سنحت له الفرصة لذلك (١ صموئيل ٢٤: ١-٧؛ ١ صموئيل ٢٦: ٧-١١). أبى داود أن يمس شاول. إذ رغم كل خطاياه وعيوبه، كان الملك الممسوح من الله. فكلما كان شاول يهجم على داود، كان الثاني يسكب قلبه أمام الرب في الصلاة، واثقًا بأن عقاب شاول هو في يد السماء، بدلًا من أن ينفذ داود هذا العقاب بيديه.
٢. فَشَقَاءُ (شر) شِفَاهِهِمْ يُغَطِّيهِمْ: طلب داود عدالة بسيطة حول أعدائه. إذ صلى أن يغطَّوا بنفس الشقاء (الشر) الذي تكلموا به ضد الآخرين. وبموجب العهد الجديد، يُطلَب منا ألاّ نرد الشر بالشر (رومية ١٢: ١٧)، لكننا نتعاطف مع صرخة داود من أجل العدالة.
· “ستكون شفاههم التي غطت الآخرين بالأذى نفس الوسيلة لتغطيتهم بالارتباك عندما تدان أفواههم. وستعذَّب شفاههم التي أسهمت في إضرام النار في العالم بجمرات من الانتقام الأبدي.” هورن (Horne)
٣. لِيَسْقُطْ عَلَيْهِمْ جَمْرٌ: صلّى داود أن نفس النار التي سكبها الأشرار على آخرين تُصَبّ عليهم أيضًا، وصلى أن يُهلِك هذا الأشرار، وأن يطارَدوا بالشر حتى إطاحتهم.
· “يرجّح أن الجمرات والحفر مجازية هنا. والجمرات هنا جزاء على الكلمات اللاسعة التي أحبوا استخدامها. وأما الحفر فهي جزاء الفخاخ التي نصبوها للآخرين.” كيدنر (Kidner)
· “لا شك أنه خطرت ببال صاحب المزمور صورة سدوم، حيث سقطت الجمرات على المدينتين المذنبتين. وعندما حاول سكانهما أن يهربوا، وقعوا في حفر طينية لزجة عميقة، فهلكوا.” سبيرجن (Spurgeon)
٤. رَجُلُ ٱلظُّلْمِ يَصِيدُهُ ٱلشَّرُّ إِلَى هَلَاكِهِ: طارد هؤلاء الأشرار داود (الآيات ٤-٦)، فصلى أن يُعاد عليهم ما فعلوه، أي أن يُصطاد الصيّادون بنفس شرّهم.
· “دينونة الله على الخطاة مكسوّة من ريشهم، كما يُطلق على طائر سهم مكسو من نفس ريشه.” تراب (Trapp)
· “لن يكسب المتكلمون بالشر والمتهِمون زورًا منفعة دائمة. لأن العقاب سيطارد الشر بمضاعفاته، وسيمسك به كفريسة مشروعة.” هورن (Horne)
ج) الآيات (١٢-١٣): الثقة بانتصار الله.
١٢قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ ٱلرَّبَّ يُجْرِي حُكْمًا لِلْمَسَاكِينِ وَحَقًّا لِلْبَائِسِينَ. ١٣إِنَّمَا ٱلصِّدِّيقُونَ يَحْمَدُونَ ٱسْمَكَ. ٱلْمُسْتَقِيمُونَ يَجْلِسُونَ فِي حَضْرَتِكَ.
١. قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ ٱلرَّبَّ يُجْرِي حُكْمًا لِلْمَسَاكِينِ وَحَقًّا لِلْبَائِسِينَ: بقي داود واثقًا بأن الله سيدافع عن شعبه المبتلى. وسيعني هذا عدالة من أجل المساكين والآخرين الذين يعانون من كلام الأشرار وأعمالهم.
· لاحظ فانجيميرين (VanGemeren) أن الفعل ’علِمتُ‘ يعبّر عن حالة حالية… صرخة انتظار.”
· “قَدْ عَلِمْتُ عن طريق كلمة الله التي وعد بها، وبخبرتي الخاصة في مسار الرعاية الإلهية.” بوله (Poole)
· “الحركة النهائية (الآيات ١١-١٣) تثبيت للإيمان. فالمرنم واثق بأنه حسب حُكم الرب، لن يستمر الأشرار. إذ سيخلَّص المبتلون والمساكين، وسيبرَّأ الأبرار والمستقيمون بشكل كامل.” مورجان (Morgan)
· “وفي نهاية الأمر، سيتألم الظالمون الغاشمون بشكل يتناسب مع شرورهم. ونحن مطمئنون إلى هذا بناءً على حقيقة أن العليّ هو راعٍ للمتألمين والمظلومين ووليّ أمرهم” هورن (Horne)
· “يتحدث كثيرون كما لو أن المساكين لا حقوق لهم تستحق الملاحظة. لكنهم سيكتشفون آجلًا أم عاجلًا خطأهم عندما يبدأ ديّان الأرض كلها يترافع عنهم.” سبيرجن (Spurgeon)
· “لكل من يُضطهَد من أجل البر عون وملجأ في الرب، وسيكون لدى المضطهِد نفس الإله كعدو خاص له.” كلارك (Clarke)
٢. إِنَّمَا ٱلصِّدِّيقُونَ يَحْمَدُونَ ٱسْمَكَ: ينتهي المزمور بنغمة ثقة. فرغم أن داود تعرَّض للهجوم من الأشرار، إلا أنه وضع ثقته في الرب، وترك الرغبة في الانتقام له. وآمن داود أنه سيكون في نهاية الأمر شاكرًا، وأن المستقيمين سيجلسون في حضرة الرب، وهذه أفضل مكافأة.
· “في وقت التدخل والتبرئة، سيحوّل الأبرار صلواتهم من أجل الإنقاذ إلى ترانيم انتصار.” فانجيميرين (VanGemeren)
· “السطر الأخير إيجابي بشكل كامل. وقلب صاحب المزمور حر للبحث عن موطنه الحقيقي. وتتطابق كلماته الأخيرة مع الذروة التي تتحرك إليها كلمة الله: وَعَبِيدُهُ يَخْدِمُونَهُ. وَهُمْ سَيَنْظُرُونَ وَجْهَهُ” (رؤيا يوحنا ٢٢: ٣).” كيدنر (Kidner)
· لاحظ مورجان (Morgan) أن المزمور ١٤٠ بدأ بضيقة وحزن عظيمين، لكنه انتهى بالتسبيح والانتصار. “إن كان الحزن يقينًا، فعمل الرب كذلك. يأتي الحزن والظلمة إلى كل بشر، لكن الذين يعرفون الله والذين يثقون به وبصلاحه يجعلون المعاناة والليل مناسبات لمزامير انتصارية.”