تفسير سفر المزامير – مزمور ٨٤
محبة الحاج واشتياقه إلى الرب وبيته
هذا المزمور معنون إِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ عَلَى «ٱلْجَتِّيَّةِ». لِبَنِي قُورَحَ. مَزْمُورٌ. كان أبناء قورح لاويين من عائلة قهات. وبحلول زمن داود، خدموا في الجانب الموسيقي من عبادة الهيكل (٢ أخبار الأيام١٩:٢٠).
قاد قورح ٢٥٠ قائدًا من قادة المجتمع في تمرد على موسى أثناء أيام البرية بعد الخروج (سفر العدد ١٦). فأدان الله قورح وقادته، فماتوا جميعًا، لكن أبناء قورح بقوا (عدد٢٦: ٩-١١). ربما كانوا ممتنّين لهذه الرحمة حتى إنهم برزوا بين إسرائيل في تسبيح الله.
قال تشارلز سبيرجن (Charles Spurgeon) إن المزمور٨٤ يستحق أن يُدعى “لؤلؤة المزامير. فإن كان المزمور ٢٣ هو الأكثر شهرة، والمزمور ١٠٣ الأكثر فرحًا، والمزمور ١٠٩ الأعمق اختباريًّا، والمزمور ٥١ الأكثر كآبةً، فإن هذا أعذب ترانيم السلام.”
أولًا. الحنين إلى بيت الله
أ ) الآيات (١-٢): الشوق إلى الله وبيته.
١مَا أَحْلَى مَسَاكِنَكَ يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ! ٢تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ ٱلرَّبِّ. قَلْبِي وَلَحْمِي يَهْتِفَانِ بِٱلْإِلَهِ ٱلْحَيِّ.
١. مَا أَحْلَى مَسَاكِنَكَ (خيمتك): ألّف واحد أو أكثر من أبناء قورح هذا المزمور في أيام خيمة الاجتماع. ومن الممكن أيضًا أن الكاتب أشار إلى الهيكل بطريقة تاريخية غير مألوفة. والعاطفة واضحة. فقد أحبّ بيت الله، سواء أكان ذلك في خيمة أم بناية دائمة. فقد رآها جميلة محبَّبة.
· مَا أَحْلَى: “هي حرفيًّا ’كم هي عزيزة عليّ!‘ أو ’كم هي محبوبة!‘ وهذه هي لغة شعر الحب.” كيدنر (Kidner)
· “لا يخبرنا عن مدى روعتها، لأنه كان عاجزًا عن فعل ذلك. إذ تبيّن التعابير التي استخدمها أن مشاعره كانت غير قابلة للتعبير.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي: لم يكن تقدير صاحب المزمور لبيت الله لمجرد جماله الهندسي. فقد تاقت نفسه إلى بيت الله، بل إنه كان يُغشَى عليه إذا أُنكِر عليه امتياز لقاء الله مع شعبه.
· كانت هذه عاطفة عميقة. فليس كل حب عظيمًا جدًّا بحيث يتحول إلى اشتياق قوي. وليس كل شوق عظيمًا جدًّا بحيث يُضعف المرء أو يجعله يغشى عليه.
· “أفضّل – رغم أن هذا التعبير قد يبدو فظًّا لبعضهم – أن أدعو هذا المزمور ’شهيّةً لله‘ بدلًا من محبة لله. فللشهية لله عفويّتها البهيجة في رغبة طبيعية، بل جسدية.” فانجيميرين (VanGemeren) نقلاً عن لويس (Lewis)
٣. قَلْبِي وَلَحْمِي يَهْتِفَانِ بِٱلْإِلَهِ ٱلْحَيِّ: كان بيت الله عزيزًا على صاحب المزمور وموضع رغبة لأنه كان هنالك يجتمع مع الله. كان كل ما فيه – قلبًا وجسدًا – يتوق إلى الله وبيته.
· يَهْتِفَانِ: “تشير هذه الكلمة إلى صراخ عالٍ، وهو ليس صراخًا مفرحًا بالضرورة (انظر مزمور١:١٧؛ مراثي إرميا ١٩:٢).” كيدنر (Kidner)
· “يصرخ عاليًا كما يفعل طفل جائع بكل ذرّة من قوة فيه. فيداه وقدماه ووجهه، كلها تصرخ. ثم تندفع الأم بكل قوّتها، تطير إليه وتسابق نفسها. هكذا هو الحال هنا.” تراب (Trapp)
· يتحدث هذا إلى القادة في بيت الله اليوم. فبدلًا من تقديم مجرد برامج، وروابط اجتماعية، وترفيه، وإثارة، وتحسين ذاتيّ، يتوجب عليهم أن يوفروا أماكن ويقيموا اجتماعات للقاء مع ٱلْإِلَهِ ٱلْحَيِّ.
· ويتحدث هذا أيضًا لكل الذين يأتون إلى بيت الله اليوم. يتوجب أن يأتوا من دون أن ينصبّ تركيزهم وتوقّعهم الرئيسي على البرامج، والروابط اجتماعية، والترفيه، والإثارة، والتحسين الذاتيّ. إذ يتوجب أن يأتوا وتركيزهم الرئيسي منصب على ٱلْإِلَهِ ٱلْحَيِّ.
· من شأن التوكيد على لقاء ٱلْإِلَهِ ٱلْحَيِّ أن يمنع النظر إلى الهيكل بطريقة خطأ. إذ يمكن أن يُنظر إليه بشكل غير سليم (كما في أعمال الرسل ٧: ٤٨، ٥٤). وينظر صاحب المزمور إليه هنا في أفضل معنى، كمكان للقاء ٱلْإِلَهِ ٱلْحَيِّ.
· “لا توجد خرافة في هذه المحبة. فقد أحب بيت الله لأنه أحب بيت الله. فكان قلبه وجسده يصرخان، لا من أجل المذبح أو المنارة، بل إلى إلهه.” سبيرجن (Spurgeon)
· ٱلْإِلَهِ ٱلْحَيِّ: “هذا الاسم أكثر من مجرد مقابلة مع الآلهة الوثنية. بل يكشف السبب وراء اشتياق صاحب المزمور.” ماكلارين (Maclaren)
ب) الآيات (٣-٤): الإشباع في بيت الله.
٣ٱلْعُصْفُورُ أَيْضًا وَجَدَ بَيْتًا، وَٱلسُّنُونَةُ عُشًّا لِنَفْسِهَا حَيْثُ تَضَعُ أَفْرَاخَهَا، مَذَابِحَكَ يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ، مَلِكِي وَإِلَهِي. ٤طُوبَى لِلسَّاكِنِينَ فِي بَيْتِكَ، أَبَدًا يُسَبِّحُونَكَ. سِلَاهْ.
١. ٱلْعُصْفُورُ أَيْضًا وَجَدَ بَيْتًا: ربما رأى صاحب المزمور عصفورين- الدوريّ والسُنُونة – وهما يصنعان بَيْتًا لهما في بيت الله، في مشهد المذبح نفسه. ورأى أن هذين العصفورين مبارَكان وهما يسكنان في خيمة الاجتماع.
· كان لدى كاتب المزمور ألفة خاصة بالهيكل. إذ راقبه بعينين محبتين، ورأى عصافير تجد راحة وملجأ هناك.” مورجان (Morgan)
· نظر بويس (Boice) إلى الدُّوري كمثل لعصفور تافه القيمة، وإلى السنونة كصورة للقلق وعدم الاستقرار. وبنفس الطريقة، يمكن للشخص غير المهم أن يجد مكانًا في بيت الله. ويستطيع الشخص القلق أن يجد راحة (بَيْتًا) فيه هناك، قرب مذبح الله.
· “من الواضح أن القصد من هذا النص أن يعلن لنا أنه يمكن أن تجد النفس الأمينة في بيت الله، عند مذبحه، حرية من الهمّ والحزن، وراحة البال، وسرور النفس، كما وجدت السنونة منزلًا صغيرًا لاستقبال فراخها وتعليمها.” هورن (Horne)
· “أيها الأصدقاء، سيكون من الحكمة أن نفعل أنا وأنتم ما يفعله الدُّوري، لأنه وجد بيتًا لنفسه، لأنه كان يبحث عنه. ووجده لأنه كان موجودًا وجاهزًا له. وصار له بامتلاكه له. وهكذا يمكننا أن نمتلك الرب يسوع المسيح بعمل إيمان، فنجعله لنا.” سبيرجن (Spurgeon)
· مَلِكِي وَإِلَهِي: “يتضمن استخدام ياء الإضافة مرتين فكرة ثمينة جدًّا. إذ يمسك صاحب المزمور بالله بكلتا يديه، حيث عزم ألّا أن يتركه حتى يحصل منه على طلْبته.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. طُوبَى لِلسَّاكِنِينَ فِي بَيْتِكَ: انتقل صاحب المزمور من حسد العصافير التي تعيش في خيمة الاجتماع إلى حسد الكهنة الذين كانت لهم غرف في بيت الله. أحس بأنه يمكنه أن يحيا حياة تسبيح متواصل (أَبَدًا يُسَبِّحُونَكَ).
· أَبَدًا يُسَبِّحُونَكَ: “ليس كافيًا أن يسبَّح الله. إذ يتوجب أن يكون التسبيح مستمرًّا لكي يكون بركة. ورغم أن تسبيح الله أمر سهل، غير أن التسبيح المتواصل سيكون عملًا متصلًا.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن بيكر (Baker)
ثانيًا. إيجاد القوة لرحلة الحاج
أ ) الآيات (٥-٧): قوة لشخص بعيد عن بيت الله.
٥طُوبَى لِأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ. ٦عَابِرِينَ فِي وَادِي ٱلْبُكَاءِ، يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعًا. أَيْضًا بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ. ٧يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ. يُرَوْنَ قُدَّامَ ٱللهِ فِي صِهْيَوْنَ.
١. طُوبَى لِأُنَاسٍ عِزُّهُمْ (قوّتهم) بِكَ: من يجد عزة (قوة) في الله هو الذي يضع قلبه على الحج إلى بيته. فهو لا يعتمد على الذات أو العالم للحصول على القوة، بل يرى نفسه زائرًا أو مغتربًا في هذا العالم. وقوّته (عزّه) وكنزه الحقيقيان هما في العالم الآتي.
· يظهر عزّ الحاج وقلبه في محبته لبيت الله. فهناك يلتقي الله إلى جانب حجاج آخرين. وهم يكتسبون معًا قوة عندما يجتمعون.
· لا يُقصد بمحبة بيت الله والشوق إليه كهروب من العالم، بل كإعداد للحياة في العالم.
· عِزُّهُمْ بِكَ: “إن لم يكن يستطيع التواجد في صهيون، يستطيع أن يكون مع الله. وإن لم يستطع التمتع بالعذوبة، يستطيع أن يجد قوة.” كيدنر (Kidner)
٢. عَابِرِينَ فِي وَادِي ٱلْبُكَاءِ: يقدم القلب المحب حكمة وقوة للحياة التي تعاش بعيدًا عن بيت الله. فالمكان الصعب (مثل وادي البكاء) يتحوّل إلى ينبوع مكتمل بالمطر وبِرَك المياه.
· معنى “وَادِي ٱلْبُكَاءِ” غير مؤكد. يقول المفسّرون إن “ٱلْبُكَاءِ” يدل على الدموع والنواح، أو الجفاف واليبوسة. لكن وجود الصعوبة والشدة موجود في الحالتين.
· يقول هورن (Horne): “كلمة ’ٱلْبُكَاءِ‘ اسم مشتق من فعل يعني ’يبكي‘ أو ’ينوح.‘” ويضيف قائلًا: ’هذا العالم الحاضر هو وادي البكاء بالنسبة لنا. وفي مرورنا به، تنعشنا جداول النعمة الإلهية المتدفقة من ينبوع التعزية العظيم.”
· يقدم كيدنر(Kidner) معنى آخر: “يُعتقد أن ’ٱلْبُكَاءِ‘ يشير إلى شجرة أو شجيرة في أماكن قاحلة. ومن هنا تترجم إحدى الترجمات هذا التعبير إلى ’الوادي العطشان.‘”
· “إنه وادي الدموع، كما يُطلق على هذا الوادي بسبب المتاعب والانزعاج الذي يجده المسافرون نتيجة للجفاف أو غير ذلك.” بوله (Poole)
٣. يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ: مع البركة المعبّر عنها في وفرة المياه في مكان كان يمكن أن يكون قاحلًا لولا تلك المياه، يحيا الحاج في قوة ويزداد قوة. فالعلاقة بالله زُوّادة لا تنتهي من القوة للرحلة، حتى في الأوقات الصعبة.
· في رحلة عادية (وبشكل خاص في رحلة صعبة)، فإن النمط هو أن يمضي المرء من قوة إلى ضعف أو إنهاك. لكن هذا لا يصح على الذين يستمدون قوّتهم من الله. فهم يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ.
· “كلما أبعدوا في رحلتهم إلى الأمام، يصبحون أقوى فأقوى، بدلًا من أن يتعبوا ويُنهَكوا، كما يحدث في مثل تلك الحالات.” بوله(Poole)
· “ينطلقون من درجة من النعمة إلى أخرى، مكتسبين قوة إلهية عبر خطوات اختبارهم.” كلارك (Clarke)
٤. يُرَوْنَ قُدَّامَ ٱللهِ فِي صِهْيَوْنَ: للرحلة وُجهة، وهي صهيون، مدينة أورشليم. فمحبة الله والاشتياق إليه يُحضر المرء إلى وُجهته، حيث يُرى قُدَّامَ ٱللهِ فِي صِهْيَوْنَ.
- “لم يكن هدف كل يهودي تقي أن يكون في الاجتماع فحسب، بل أن يُروا قُدَّامَ ٱللهِ. وينبغي أن تكون هذه رغبة كل الذين ينخرطون في اجتماعات دينية في هذه الأيام. فما لم ندرك حضور الله، لن نكون قد فعلنا شيئًا. وأما مجرد الاجتماع معًا، فلا قيمة له.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآية (٨): صلاة الحاج.
٨يَا رَبُّ إِلَهَ ٱلْجُنُودِ، ٱسْمَعْ صَلَاتِي، وَٱصْغَ يَا إِلَهَ يَعْقُوبَ. سِلَاهْ.
١. يَا رَبُّ إِلَهَ ٱلْجُنُودِ، ٱسْمَعْ صَلَاتِي: هذه الترنيمة التي كتبها أبناء قورح أكثر من إعلان. فهي صلاة أيضًا. فهي التماس للوفرة التي تدل عليها كمية المياه. وهي تصرخ من أجل القوة التي تستمر وتتنامى.
٢. وَٱصْغَ يَا إِلَهَ يَعْقُوبَ: ربط صاحب المزمور توسُّله بتاريخ طويل من الله في تعامله مع شعب عهده. وسيكون نفس الإله الذي بارك يَعْقُوب، وكان أمينًا له، أمينًا لشعبه اليوم أيضًا. وهذا أمر جدير بالتأمل، ولهذا نجد كلمة سِلاهْ.
ثالثًا. عظمة الله الفائقة وبيته
أ ) الآية (٩): طلب انتباه الله.
٩يَا مِجَنَّنَا ٱنْظُرْ يَا ٱللهُ، وَٱلْتَفِتْ إِلَى وَجْهِ مَسِيحِكَ.
١. يَا مِجَنَّنَا ٱنْظُرْ يَا ٱللهُ: نحن نأخذ هذا المجن على أنه مجنٌّ فعلي، وكان الوسيلة الرئيسية للدفاع لدى إسرائيل. وطلب صاحب المزمور من الله أن ينظر ما فعلته إسرائيل بحكمة للدفاع عن نفسها.
٢. وَٱلْتَفِتْ إِلَى وَجْهِ مَسِيحِكَ: نحن نأخذ هذا كإشارة إلى ملك إسرائيل الذي كان يعيّن على نحو خاص في منصبه. ورغم أنه خطر ببال صاحب المزمور الملك داود (أو ربما سليمان)، إلا أن الإشارة في نهاية المطاف هي إلى المسيّا، ذاك الممسوح الأسمى النهائي.
ب) الآيات (١٠-١٢): عظمة الله وبيته.
١٠لِأَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا فِي دِيَارِكَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ. ٱخْتَرْتُ ٱلْوُقُوفَ عَلَى ٱلْعَتَبَةِ فِي بَيْتِ إِلَهِي عَلَى ٱلسَّكَنِ فِي خِيَامِ ٱلْأَشْرَارِ. ١١لِأَنَّ ٱلرَّبَّ ٱللهَ، شَمْسٌ وَمِجَنٌّ. ٱلرَّبُّ يُعْطِي رَحْمَةً وَمَجْدًا. لَا يَمْنَعُ خَيْرًا عَنِ ٱلسَّالِكِينَ بِٱلْكَمَالِ. ١٢يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ، طُوبَى لِلْإِنْسَانِ ٱلْمُتَّكِلِ عَلَيْكَ.
١. لِأَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا فِي دِيَارِكَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ: بدأ صاحب المزمور بفكرة محبة بيت الله والاشتياق إليه. وهو الآن يعود إليها. فالوقت الذي يُصرف في بيت الله أفضل وأكثر قيمة من ذاك الذي يُصرَف في أي مكان آخر.
· “هذا إعلان شبيه بقول بولس: ’وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً‘ (فيلبي٨:٣)، أو قول آساف: “مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ.” (مزمور٢٥:٧٣)
٢. ٱخْتَرْتُ ٱلْوُقُوفَ عَلَى ٱلْعَتَبَةِ فِي بَيْتِ إِلَهِي: هذا تعبير آخر يعبّر عن المحبة لبيت الله والاشتياق إليه. فلم تعنِ حياة الترف في خيام الأشرار الفخمة المترفة شيئًا. وهو يفضل أن يخدم في بيت الله بتواضع.
· “نحن نقرأ هذا أحيانًا كما لو أن هذا كان اختيارًا بطوليًّا، أو لمسة من لمسات التضحية في قرار صاحب المزمور. وليس هنالك شيء من هذا. إذ كان المرنم عقلانيًّا بشكل عميق.” مورجان (Morgan)
- “إنه أكثر شرفًا أن تحمل أثقالًا وتفتح أبوابًا من أجل الرب من أن تملك على الأشرار. لكل إنسان خياره، وهذا هو خيارنا. وإن أسوأ خيارات الله أفضل من أفضل خيارات إبليس.” سبيرجن (Spurgeon)
· ٱخْتَرْتُ ٱلْوُقُوفَ (كبوّاب) عَلَى ٱلْعَتَبَةِ فِي بَيْتِ إِلَهِي: كان القهاتيون الذين يُنسب المزمور هذا إليهم بوّابين، وقد كُتب المزمور لتشجيعهم. والبوّاب هو أول من يدخل وآخر من يخرج.” تراب (Trapp)
· “ربما تكون هذه إشارة إلى وظيفة القهاتيين كبوّابين في هذا الخيار الجميل المؤثر لصاحب المزمور. ويفضل صاحب المزمور أن يضطجع على عتبات الهيكل على أن يسكن في خيام الأشرار.” ماكلارين (Maclaren)
· “من يفضل عبادة الله على صحبة رقيقة مرحة نبيلة، أو الذهاب إلى المآدب البهيجة، والتسلية العامة، والمسرح، وحفلات الموسيقى ومباريات كرة القدم؟ أيها القارئ، هل تفضّل أن تكون في مخدع صلاتك مجاهدًا فيها، أو في قراءة الكتاب المقدس على ركبتيك، على أن تكون في الأماكن المذكورة أعلاه؟” كلارك (Clarke)
٣. لِأَنَّ ٱلرَّبَّ ٱللهَ، شَمْسٌ وَمِجَنٌّ: يشرح صاحب المزمور الخير والبركة اللذين يصيبان أولئك الحجاج الذين يحبون بيت الله ويشتاقون إليه. فهم يتمتعون بالله كمصدر البركة (شَمْسٌ)، ودفاع (مِجَنٌّ)، فيحصلون على نعمته الكريمة ومجده.
· “هذا هو الموضع الوحيد في الكتاب المقدس الذي يوصف فيه الله بأنه شمس بشكل صريح. فهو يشرق علينا، وهو سطوع أيامنا.” بويس (Boice)
· “إنه شمس للأيام السعيدة، وترس لأيام الخطر. إنه شمس فوق، ومجنٌّ هنا حولنا. نور ليضىء الطريق ومجن ليدرأ عنا المخاطر.” سبيرجن (Spurgeon)
· “يجعل الله نفسه ملائمًا لاحتياجاتنا. فهو في الظلمة شمس، وفي الظهيرة الحارقة مجن، وفي رحلتنا الأرضية يعطينا نعمة. وعندما يبزغ صباح السماء، فإنه يعطينا مجدًا. فهو يجعل نفسه ملائمًا لكل ظرف مختلف في الحياة. وهو يصبح ما تتطلبه اللحظة المُلِحّة.” ميير (Meyer)
٤. ٱلرَّبُّ يُعْطِي رَحْمَةً وَمَجْدًا: كانت الصلة بين النعمة والمجد في بال الرسول بولس عندما كتب: “فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِٱلْإِيمَانِ لَنَا سَلَامٌ مَعَ ٱللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا ٱلدُّخُولُ بِٱلْإِيمَانِ، إِلَى هَذِهِ ٱلنِّعْمَةِ ٱلَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ ٱللهِ.” (رومية ٥: ١-٢)
· عندما يقال إن “الرب سيعطي رحمة ومجدًا” (حسب الترجمة الإنجليزية)، فإن هذا يدل على المستقبل. ويعني هذا أن هنالك نعمة أكبر لدى الله ليعطيها، ونعمة أكبر لنحصل عليها. ويعني هذا أن هذه النعمة شيء يقدّمه الله لنا، ولا يبيعه.
· النعمة هي أولى هبات الله، والمجد هو آخر هباته. “لا يأتي المجد أبدًا من دون أن تسبقه نعمة، لكن النعمة لا تأتي من دون أن يتبعها مجد، ’فَٱلَّذِي جَمَعَهُ ٱللهُ لَا يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ.‘” سبيرجن (Spurgeon)
٥. لَا يَمْنَعُ خَيْرًا: هذا وعد مقطوع للسالكين بالاستقامة. فهم سيحصلون على كل خير من الله. وطبيعة هذا الوعد ملائم تحت العهد القديم، حيث الله ببركات مباشرة للطاعة ولعنات للعصيان. وحسب العهد الجديد، يحصل المؤمن على خيرات الله على أساس صلاح يسوع، ثم يواصل السلوك باستقامة.
· “ماذا يقول النص: لا يقول النص: ’سأجبر أبنائي على أن يتمتعوا بكل شيء صالح.‘ لا بل يقول: ’لَا يَمْنَعُ خَيْرًا.‘ هنالك آلاف المراحم التي لا نتمتع بها، لا لأنها مُنِعتْ عنا، بل لأننا لا نأخذها.” سبيرجن (Spurgeon)
· “لأن الله هو الله، ولأنه يعطي ما يعطيه، فإن أعظم حكمة هي أن نأخذه على أنه إلهنا الحقيقي، ولا نفلته من أيدينا.” ماكلارين (Maclaren)
٦. طُوبَى لِلْإِنْسَانِ ٱلْمُتَّكِلِ عَلَيْكَ: دفعت عظمة الله وصلاحه صاحب المزمور إلى أن يختبر ويعلن بركة الاتكال عليه.
· “يتمثل جوهر التقوى في الخضوع للملك العظيم الذي يمنح بركاته للذين يجدون فيه ملجأ.” فانجيميرين (VanGemeren)