تفسير سفر المزامير – مزمور ٣٩
حكمة تتكلم تحت تقويم الرب
هذا المزمور معنون لِإِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ. لِيَدُوثُونَ. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ.
ويشير هذا العنوان إلى أنه موجه إلى إمام الموسيقيين الذي يفترض بعضهم أنه الرب نفسه، بينما يفترض آخرون أنه قائد للجوقات أو قائد الموسيقيين في زمن داود، مثل المرنم (المغني) هيمان أو آساف (سفر أخبار الأيام الأول ٣٣:٦، ٥:١٦-٧، ٦:٢٥).
كان يَدُوثُون (وهو مذكور أيضًا في عنوان كل من المزمورين ٦٢ و ٧٧) أحد الموسيقيين الذين عيّنهم داود لقيادة العبادة العامة في إسرائيل (سفر أخبار الأيام الأول ٤١:١٦، ١:٢٥-٣).
هذا مَزْمُورٌ لِدَاوُد، لكن لا يمكن إرجاعه إلى أية مرحلة معيّنة من حياته. وربما كُتب في آخر سنوات حياته القليلة.
أولًا. يجد داود الكلمات المناسبة ليصلي صلاة حكمة
أ ) الآيات (١-٣): عذاب داود الصامت.
١قُلْتُ: « أَتَحَفَّظُ لِسَبِيلِي مِنَ الْخَطَإِ بِلِسَانِي. أَحْفَظُ لِفَمِي كِمَامَةً فِيمَا الشِّرِّيرُ مُقَابِلِي». ٢صَمَتُّ صَمْتًا، سَكَتُّ عَنِ الْخَيْرِ، فَتَحَرَّكَ وَجَعِي. ٣حَمِيَ قَلْبِي فِي جَوْفِي. عِنْدَ لَهَجِي اشْتَعَلَتِ النَّارُ. تَكَلَّمْتُ بِلِسَانِي.
١. أَتَحَفَّظُ لِسَبِيلِي مِنَ ٱلْخَطَإِ بِلِسَانِي: بدأ داود مزموره هذا بتلاوة صلاته طالبًا من الله العون على أن لا يتكلم بحماقة أو بشكل آثم في حضور الأشرار (فِيمَا الشِّرِّيرُ مُقَابِلِي).
· “كانت مشاعر داود مرتفعة جدًّا بما يكفي لإساءة فهمها على أنها تدل على عدم ولاء إذا عبّر عنها في صُحبة خطأ.” كيدنر (Kidner)
· “عرف داود كيف يمكن إساءة فهم كلامه وإساءة استخدامه من قبل هؤلاء الأشخاص. إذ ستبدو لهم كلماته انتقادًا لله ولطرقه.” بويس (Boice)
· “يقلق أقوى المؤمنين حول اتهامهم بأفكار عدم إيمان، ويمكن اتهامهم بالقيام بعمل انتقاميّ شيطاني لو نُشرت تساؤلاتهم وشكوكهم.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. صَمَتُّ صَمْتًا، سَكَتُّ عَنِ ٱلْخَيْرِ: وجد داود أنه أسهل له ألاّ يقول شيئًا البتّة من أن يتكلم بحكمة. وسرعان ما أحس بالضغط الذي يحس به المرء عندما تظل مشاعره القوية صامتة حبيسة بلا تعبير.
· بيّن داود في المزمور السابق تقواه بالصمت أمام متهميه: “وَأَمَّا أَنَا فَكَأَصَمَّ لَا أَسْمَعُ. وَكَأَبْكَمَ لَا يَفْتَحُ فَاهُ” (مزمور ١٣:٣٨). وكانت الفكرة في المزمور ٣٨ هي أن داود أَحْسَن صُنعًا بعدم الدفاع عن نفسه. وهنا يُحْسن صنعًا بعدم التعبير عن شكوكه ومخاوفه في حضور الأشرار (فِيمَا الشِّرِّيرُ مُقَابِلِي).
· “لعله خشي أنه إذا بدأ بالكلام، فإنه سيُخطِئ في الكلام، ولهذا امتنع عن الكلام كليًّا. كانت تلك طريقة سهلة وآمنة وفعّالة في تجنُّب الخطية إذا لم تتضمن واجبه نحو الله بالتكلم حسنًا عن اسمه القدوس.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. حَمِيَ قَلْبِي فِي جَوْفِي: لم يكن الصمت في هذه الحالة من ذهب بالنسبة لداود. إذ جلب له الأسى والاضطراب الداخلي (ٱشْتَعَلَتِ ٱلنَّارُ).
· “تعبّر الصورتان المجازيتان ’حَمِيَ قَلْبِي‘ و’ٱشْتَعَلَتِ ٱلنَّارُ‘ عن الغضب (سفر التثنية ٦:١٩، سفر إرميا ٣٩:٥١، سفر حزقيال ٥:٣٦). وكلما تأمّل داود في غضبه، ازداد سخطًا.” فانجيميرين (VanGemeren)
ب) الآيات (٤-٦): كلمات داود الحكيمة.
٤«عَرِّفْنِي يَا رَبُّ نِهَايَتِي وَمِقْدَارَ أَيَّامِي كَمْ هِيَ، فَأَعْلَمَ كَيْفَ أَنَا زَائِلٌ. ٥هُوَذَا جَعَلْتَ أَيَّامِي أَشْبَارًا، وَعُمْرِي كَلاَ شَيْءَ قُدَّامَكَ. إِنَّمَا نَفْخَةً كُلُّ إِنْسَانٍ قَدْ جُعِلَ. سِلاَهْ. ٦إِنَّمَا كَخَيَال يَتَمَشَّى الإِنْسَانُ. إِنَّمَا بَاطِلاً يَضِجُّونَ. يَذْخَرُ ذَخَائِرَ وَلاَ يَدْرِي مَنْ يَضُمُّهَا.
١. عَرِّفْنِي يَا رَبُّ نِهَايَتِي: رفض داود أن يعبّر عن مخاوفه وشكوكه أمام الأشرار، لكنه طرحها أمام إلهه. وهنا يطلب من الله حكمة – وبشكل خاص حكمة في أن يعرف قِصَر حياته وهشاشتها (فَأَعْلَمَ كَيْفَ أَنَا زَائِلٌ).
· ربما توقّعنا من داود أن يكسر صمته بتوجيه توبيخ لأعدائه أو الدفاع عن بره الشخصي، لكنه لم يفعل أيًّا منهما. بل طلب من الله حكمة. “إنه لأمر حسن أنّه نفَّسَ عما في نفسه أمام إلهه لا أمام بشر. إن كان على قلبي الملآن أن يتكلم، فليتكلم معك، يا رب.” سبيرجن (Spurgeon)
· عَرِّفْنِي يَا رَبُّ نِهَايَتِي: “لم تكن هذه صلاة مدفوعة بالرغبة في معرفة متى تنتهي حياته أو موعد موته. بل كانت صلاة لكي يستوعب حقيقة محدودية حياته بلغة الكمية، أي إذا كانت حياته تقاس بعدد من الأيام، فإنها لا شيء.” مورجان (Morgan)
· هُوَذَا جَعَلْتَ أَيَّامِي أَشْبَارًا: “يشبّه داود حياته بشبر، وهي إحدى أصغر وحدات قياس الطول في إسرائيل القديمة. وهي تعادل بوصتين.” فانجيميرين (VanGemeren)
· “الحياة قصيرة، لكن يمكن القيام بأشياء عظيمة فيها. فقد خلّص الرب يسوع العالم في ثلاث سنوات. وصار بعض أتباعه في ثلاث سنوات وسيلة لخلاص نفوس كثيرة.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. إِنَّمَا نَفْخَةً كُلُّ إِنْسَانٍ قَدْ جُعِلَ: كان داود بطلًا محاربًا في القوات الخاصة، وقائدًا، وشخصية مشهورة يُحْتَفى بها، وشاعرًا ماهرًا، وموسيقيًّا عبقريًّا، وملكًا، وقادرًا على النجاة. فإذا كان لأي أحد الحق في أن ينظر إلى حياته بتقدير عظيم، فإنه داود. غير أنه نظر إلى نفسه على أنه، في أفضل حالاته – شأنه شأن أي إنسان آخر – مجرد بخار، نَفْخَةً دخان، لا أكثر.
· “يتعلم داود أنه، بما أن الحياة قصيرة، يتوجب أن يكون المعنى الحقيقي الوحيد لوجود الإنسان هو علاقته بالله، لأن الله أبدي.” بويس (Boice)
٣. سِلَاهْ: الفكرة وراء تلك الكلمة العبرية (ترد ٧٤ مرة في العهد القديم) هي فترة توقُّف. ويعتقد معظم الناس أنها تدل على فترة توقف للتأمل في الكلمات التي قيلت للتو. وربما تكون أيَضًا توجيهًا موسيقيًا لفاصل موسيقي من نوع ما.
· سِلَاهْ هنا دعوة ملائمة لكل إنسان إلى أن يتوقف برهة ليفكّر في قِصَر حياته وهشاشتها. ويفترض أن يدفعنا هذا إلى الاعتماد الكبير على الله، وأخذ الحياة مأخذ الجد، وأن نعمل الخير في الوقت المتاح لنا.
٤. إِنَّمَا بَاطِلًا يَضِجُّونَ (يُشغلون أنفسهم): يبدو أن هذا يشبه سفر الجامعة لاحقًا، حيث فكّر داود في الكتلة البشرية التي تحيا متجاهلة قِصَر الحياة وهشاشتها.
· يَتَمَشَّى كل واحد، لكن كَخَيَالٍ أو ظلٍ، يحيا حياة بلا مضمون أو جوهر.
· يَضِجُّونَ، أي أنهم يُشغلون أنفسهم، لكن بَاطِلًا، مُتَعامِين عن الأمور الأبدية.
· يعمل كل واحد بجد ويَذْخَرُ ذَخَائِرَ، لكنهم لا يفكرون في ما بعد هذه الحياة القصيرة الهشّة.
ü هذه أرض الظل، بينما السماء هي أرض الحقيقة والواقع. وهذا هو التعريف الحقيقي للأمور.
ü “كل إنسان موجود باطل. ستنتهي كل مشروعاته وأحلامهم ومخططاته، إلخ، إلى لا شيء. وسيمتزج جسده المتحلل مع التراب، وسرعان ما يختفي كلاهما عن نظر الناس وذكرياتهم.” كلارك (Clarke)
ثانيًا. كشْف السبب وطلبُ العلاج
أ ) الآيات (٧-١١): الثقة بالله في موسم التقويم بسبب الخطية.
٧«وَالآنَ، مَاذَا انْتَظَرْتُ يَا رَبُّ؟ رَجَائِي فِيكَ هُوَ. ٨مِنْ كُلِّ مَعَاصِيَّ نَجِّنِي. لاَ تَجْعَلْنِي عَارًا عِنْدَ الْجَاهِلِ. ٩صَمَتُّ. لاَ أَفْتَحُ فَمِي، لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ. ١٠ارْفَعْ عَنِّي ضَرْبَكَ. مِنْ مُهَاجَمَةِ يَدِكَ أَنَا قَدْ فَنِيتُ. ١١بِتَأْدِيبَاتٍ إِنْ أَدَّبْتَ الإِنْسَانَ مِنْ أَجْلِ إِثْمِهِ، أَفْنَيْتَ مِثْلَ الْعُثِّ مُشْتَهَاهُ. إِنَّمَا كُلُّ إِنْسَانٍنَفْخَةٌ. سِلاَهْ.
١. وَٱلْآنَ، مَاذَا ٱنْتَظَرْتُ يَارَبُّ؟ رَجَائِي فِيكَ هُوَ: أدرك داود قِصَر الحياة وهشاشتها، فجعله يضع توقّعاته ورجاءه في الله، لا في نفسه. كان بمقدوره أن يفهم ما وراء هذه الحياة ويستعدّ لها.
· “هنا يرفع صاحب المزمور خطواته بعيدًا عن الرمال، ويضعها على الصخر. هنيئًا لمن يقول للرب: ’رَجَائِي فِيكَ هُوَ.‘” سبيرجن (Spurgeon)
· رَجَائِي فِيكَ هُوَ: “هذه هي الحياة التي تتمحور فيها الرغبة والتوقع حول الله. وهي تختلف بشكل نوعي عن تلك الحياة التي تتمحور فيها الرغبة والتوقع حول الذات أو الظروف أو البشر.” مورجان (Morgan)
٢. مِنْ كُلِّ مَعَاصِيَّ نَجِّنِي: نظر داود إلى الله لا إلى نفسه من أجل إنقاذه من الخطية. فقد عرف – كما سيعرف الرسول بولس لاحقًا – أن التركيز ينبغي أن ينصبّ على الله، لا الذات (رسالة رومية ٢٤:٧– ٤:٨).
· مِنْ كُلِّ مَعَاصِيَّ نَجِّنِي: “لئلا تخيب آمالي في التمتع بك وبرضاك، وهو الشيء الوحيد الذي أرغب فيه. اِغفر خطاياي التي تقف بيني وبينك كغيمة كثيفة، واملأني بمخاوف حول حالتي هنا وحول الآخرة.” بوله (Poole)
٣. ٱرْفَعْ عَنِّي ضَرْبَكَ. مِنْ مُهَاجَمَةِ يَدِكَ أَنَا قَدْ فَنِيتُ: نتعلم هنا أن داود صلى هذه الصلاة في وقت ضعف شديد وأنه كان تحت تقويم مؤلم من الله. ونجح في تجنُّب النطق بكلمات تعبّر عن التبرير الذاتي. وعندما سكب قلبه أمام الله، طلب من الله أن يرفع تلك المحنة عنه.
· “إنها لجسارة أن يقول المتألم لله: “توقف! كفى! لكن الأمر كله يعتمد على النغمة التي يقول بها هذا الكلام. ربما يكون هذا من قبيل الوقاحة، أو ربما يكون كلامًا عفويًّا من طفل متخندقًا في سلطة أبيه.” ماكلارين (Maclaren)
· لِأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ (هذا): “لا يفهم داود كل شيء، لكنه يفهم على الأقل أن إلهًا شخصيًّا، لا قوة غير شخصية، متحكم في الحياة.” فانجيميرين (VanGemeren)
٤. بِتَأْدِيبَاتٍ إِنْ أَدَّبْتَ ٱلْإِنْسَانَ مِنْ أَجْلِ إِثْمِهِ، أَفْنَيْتَ مِثْلَ ٱلْعُثِّ مُشْتَهَاهُ (جماله): نتعلم أن إحساس داود القوي بقِصر الحياة وهشاشتها جاء تحت شعور عميق مؤلم بتقويم الله له. ويمكننا أن نفترض أن هذا هو الذي جعل الله يرسل التقويم إلى داود، وهو أن يعطيه جوعًا للصلاة من أجل بركة هذه الحكمة.
· “يوحي استخدام كلمة ’العث‘ بقِصَر حياة الإنسان أو القوة الهدامة للعث.” فانجيميرين (VanGemeren)
ب) الآيات (١٢-١٣): صلاة متواضعة لاستعادة رضا الله واكتساب القوة من جديد.
١٢اِسْتَمِعْ صَلاَتِي يَا رَبُّ، وَاصْغَ إِلَى صُرَاخِي. لاَ تَسْكُتْ عَنْ دُمُوعِي. لأَنِّي أَنَا غَرِيبٌ عِنْدَكَ. نَزِيلٌ مِثْلُ جَمِيعِ آبَائِي. ١٣اقْتَصِرْ عَنِّي فَأَتَبَلَّجَ قَبْلَ أَنْ أَذْهَبَ فَلاَ أُوجَدَ».
١. لَا تَسْكُتْ عَنْ دُمُوعِي. لِأَنِّي أَنَا غَرِيبٌ عِنْدَكَ: احتكم داود إلى يهوه، إله عهد إسرائيل، طالبًا منه أن يستجيب برحمته في إحساسه بانفصاله من الله.
· دُمُوعِي: “ذابت صلاة داود إلى بكاء، وذاب بكاؤه إلى دموع وصلت مباشرة إلى قلب الله العظيم. فلا تلتفت العيون الباكية إلى السماء عبثًا. فأبواب الرحمة مفتوحة عندما تلمسها القطرات الساخنة.” ماكلارين (Maclaren)
٢. أَنَا غَرِيبٌ عِنْدَكَ. نَزِيلٌ مِثْلُ جَمِيعِ آبَائِي: لم يكن داود مجرد مواطن إسرائيلي فحسب، بل كان أيضًا ملك إسرائيل. فإن كان لأحد الحق في أن يطالب بالجنسية الدائمة، فإنه هو. غير أنه فهمَ أن موطنه الحقيقي هو في السماء، لا على الأرض.
· إنه لأمر ذو دلالة أن داود لم يقل إنه غريب عن الله، بل غريب عنده. كان غريبًا، لكن لم يكن وحده. إذ كان هنالك غرباء آخرون في عالم مُعادٍ. “نجد هنا رجلًا يمر بمحنة ويعيها تمامًا، لكنه وجد مكانًا سريًّا للتواصل، وقد كيَّفَ هذا نظراته إلى كل شيء.” مورجان (Morgan)
· “وصف إبراهيم أولًا بأنه غريب ونزيل… ويتوجب على كل أبنائه الذين يرثون إيمانًا مماثلًا أن يقول الشيء نفسه. فلا يستطيع الإيمان أن يجد وطنًا على هذا الجانب من النجوم. إذ التقط لمحة مما هو لانهائي، ولا يستطيع بعد ذلك أن يَقْنع بأي شيء آخر.” ميير (Meyer)
· “إذا خرج إنجليزي خارج بريطانيا في أوروبا، وحاول أن يقدّم نفسه على أنه ألماني أو فرنسي، فسرعان ما سينكشف أمره. وبالطريقة نفسها، فإن المؤمن الحقيقي بالمسيح، يكشف حقيقة أنه غريب في هذا العالم. فطُرُقه وأساليبه وعاداته ليست نفس طرق أهل العالم وأساليبهم وعاداتهم، والذين لهم نصيب وميراث في هذه الحياة.” سبيرجن (Spurgeon)
· إن كنا غرباء ونزلاء حقًّا، فإن النتيجة المنطقية هي:
ü لدينا وطن في مكان آخر.
ü ليس غريبًا أن نشتاق أحيانًا إلى الوصول إلى وطننا.
ü إن كنا غرباء، ينبغي أن يعامل بعضنا بعضًا حسنًا.
ü ينبغي أن يكون هذا تعزية للمؤمن عند الموت.
٣. ٱقْتَصِرْ عَنِّي فَأَتَبَلَّجَ قَبْلَ أَنْ أَذْهَبَ فَلَا أُوجَدَ (أَبعِدْ تحديقك عني حتى أسترد قوّتي): عرف داود أن ضعفه جاء بسبب يد الله الثقيلة عليه. ولهذا طلب منه بتواضع ألا ينظر إليه بعينيّ التقويم. وينتهي المزمور من دون قرار، لكن داود يحتكم إلى الله ويعبّر عن ثقته بالرب.
· “لكنْ للحظة، لا يستطيع داود، مثل أيوب وإرميا، أن يرى إلا الموت. وهو لا يريد أكثر من الراحة… وإن وجود مثل هذه الصلوات في كلمة الله شهادة على هذا الفهم. فهو يعرف كيف يتكلم البشر عندما يكونون يائسين.” كيدنر (Kidner)
· قَبْلَ أَنْ أَذْهَبَ فَلَا أُوجَدَ: “يقول النص العبري ’قبل أن أذهب، أي إلى القبر،‘ كما تُستخدم العبارة في سفر التكوين ٢:١٥؛ ٣٢:٢٥؛ أو ’أذهب في طريق كل الأرض،‘ أي الموت، كما تُكمل العبارة في سفر يشوع ١٤:٢٤، أو ’حيث لا أرجع،‘ كما في سفر أيوب ٢١:١٠.” بوله (Poole)
· “استخدمت الكنيسة هذا المزمور بشكل لائق جدًّا في مراسيم دفن الموتى، حيث إن الجنازة تمثل أفضل تعليق عليه.” هورن (Horne)