تفسير سفر المزامير – مزمور ٩٥
الله المستحق لعبادتنا بتواضع وطاعة
هذا المزمور الرائع مقتبس ومحلَّل في عبرانيين ٧:٣– ١٣:٤. تقول الآية في عبرانيين ٧:٤ ’في داود‘ وربما يشير هذا إلى أن داود بن يسّى هو كاتب المزمور. لكن من الممكن أيضًا أن كاتب الرسالة إلى العبرانيين أشار بهذا إلى سفر المزامير ببساطة على أنه ’سفر داود.‘
قدّم بويس(Boice) ملاحظة في تفسيره للمزمور ٩٥ في إشارته إلى عبرانيين ٧:٣– ١٣:٤ قائلًا: “من المرجح أن هذا أوفى اقتباس لنص من العهد القديم في العهد الجديد.”
أولًا. كيف ولمن تقدَّم العبادة؟
أ ) الآيات (١-٢): العبادة بأشكال مختلفة.
١هلُمَّ نُرَنِّمُ لِلرَّبِّ، نَهْتِفُ لِصَخْرَةِ خَلاَصِنَا. ٢نَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِحَمْدٍ، وَبِتَرْنِيمَاتٍ نَهْتِفُ لَهُ.
١. هلُمَّ نُرَنِّمُ لِلرَّبِّ: يتحدث صاحب المزمور أولًا عن إكرام الله بالترنيم، وبشكل جماعي مع جماعة المؤمنين. ولا يشكل الترنيم الطريقة الوحيدة لعبادة لله، لكنها طريقة رئيسية ومهمة. ومن المهم أن يكون هنالك تشجيع على الترنيم (هلُمَّ نُرَنِّمُ) بحيث يتم هذا في مجتمع شعب الله.
· تعطي الدعوة إلى التسبيح في مزمور ٩٥: ١-٢ صورة مذهلة لنوبات من الفرح في عبادة الهيكل. كانت هنالك صيحات صاخبة من البهجة، وهتافات عالية من التسبيح، وترانيم مصحوبة بالموسيقى، تدوّي كلها معًا عبر الساحات.” ماكلاين (Maclaren)
· “يعبّر الغناء العام عن أفكار البشر بشكل عاطفي. والمسيحية ديانة إحساس. وعلى نحو خاص، يعبّر الترنيم عن الفرح. وديانة الكتاب المقدس في جوهرها فرِح.” بويس (Boice)
· “غير أنه ينبغي أن نُرَنِّمً للرَبِّ. “نخشى كثيرًا أن يكون ترنيمنا ليس للرب، بل لآذان جماعة العابدين. وفوق كل شيء، ينبغي علينا في خدمة الترنيم أن نحرص على أن نوجه ترنيمنا إلى الرب نفسه بقلب صادق وبحماسة شديدة.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. نَهْتِفُ (بفرح): ينبغي أن يكرَّم الله بقلب سعيد متحمس. صحيح أن هنالك مكانًا لحالة تأملية حزينة في العبادة، لكن لا ينبغي أن تكون هذه النغمة السائدة. إذ لدى شعب الله الكثير ليهتفوا بفرح من أجله.
· “قبل أن نجعل أنفسنا صغارًا أمامه (كما يتوجب، مزمور ٦:٩٥)، فإننا نحييه بحماسة لا تخجل بصفته ملجأنا ومنقذنا (مزمور ١:٩٥).” كيدنر (Kidner)
· “إنه جزء من واجبنا المسيحي، ومن الحكمة المسيحية أيضًا، أن نحاول أن نلتقط نعمة الفرح في العبادة، وهي النغمة السائدة في هذا المزمور.” ماكلاين (Maclaren)
٣. لِصَخْرَةِ خَلاَصِنَا: هذا لقب لله بالمعنيين الاختباري واللاهوتي. وهو يشير إلى عمق أصيل للفكر والخبرة. فلا ينبغي أن تكون العبادة مجرد قول أشياء عن الله، لكن ينبغي أن تكون بوعي فكري وله صلة بما اختبرناه أو ما نحتاج إلى اختباره.
٤. (هيا) نَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ: يعني هذا أنه ينبغي أن تتم العبادة بإحساس واعٍ بحضور الله. فشعب الله لا يرنمون في فراغ. فهو موجود في حضورهم، وهم موجودون في حضرته. هنالك – أو ينبغي أن تكون – صلة حقيقية بالله وشعبه في العبادة.
· لا يعني حضور الله وجوده في قدس الأقداس المرموز إليه في تابوت العهد. فلا يمكن أن تكون هنالك دعوة لمجتمع الإيمان إلى الحضور أمامه هناك. وحتى عندما كان لدى إسرائيل خيمة الاجتماع، ثم الهيكل، فقد فهموا بحق حضور الله الروحي.
٥. بِحَمْدٍ: ينبغي أن تعبّر عبادتنا عن قلب شاكر ممتلئًا بالحمد لإلهنا الذي فعل الكثير من أجلنا.
· “يُسمح لنا بتقديم التماساتنا، ولهذا نحن ملزمون شرفيًّا بتقديم شكرنا.” سبيرجن (Spurgeon)
٦. بِتَرْنِيمَاتٍ (بمزامير) نَهْتِفُ لَهُ: هذا هو ما نوى أن يفعله صاحب المزمور بمزموره. ويمكننا أن نفترض أنه حوّل انتباه شعب الله إلى مجموعة أوسع من المزامير كمصدر للإلهام لعبادتهم.
ب) الآيات (٣-٥): عظمة الله الذي ينبغي أن يُعبد.
٣لأَنَّ الرَّبَّ إِلهٌ عَظِيمٌ، مَلِكٌ كَبِيرٌ عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ. ٤الَّذِي بِيَدِهِ مَقَاصِيرُ الأَرْضِ، وَخَزَائِنُ الْجِبَالِ لَهُ. ٥الَّذِي لَهُ الْبَحْرُ وَهُوَ صَنَعَهُ، وَيَدَاهُ سَبَكَتَا الْيَابِسَةَ.
١. لأَنَّ الرَّبَّ إِلهٌ عَظِيمٌ: يساعدنا فهمنا لعظمة الله في أن نعبده بشكل لائق. ولدى معظم الناس نوع من الإحساس بتقدير العظمة عندما يكونون في حضرة شخص تَعُدّه الثقافة عظيمًا. وهذا أمر طبيعي. وإنه لأمر أكثر طبيعية وملاءمة لنا أن ننظر إلى الربّ على أنه إِلهٌ عَظِيمٌ. وأنه مَلِكٌ كَبِيرٌ عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ.
· “لا شك أن الأمم المحيطة تخيلت الرب (يهوه) مجرد إله محلي، إله أمّة صغيرة، وبالتالي أحد الآلهة الأدنى. ولهذا يدحض صاحب المزمور مثل هذه الفكرة.” سبيرجن (Spurgeon)
· علّق آدم كلارك(Adam Clarke) على الآية الثالثة: “لهذا الكائن الأسمى ثلاثة أسماء، إيل ويهوه وإيلوهيم، ولا ينبغي أن يطبَّق أي اسم منها على آلهة زائفة. يوحي الاسم الأول بالقوة، والثاني بكينونته وجوهره، والثالث بعلاقته العهدية مع الإنسان.”
٢. الَّذِي بِيَدِهِ مَقَاصِيرُ الأَرْضِ: يتمثل أحد جوانب عظمة الله في سيطرته على الخليقة. فقد شكلت يده كل الأشياء، مِن أخفض الوديان إلى أعلى الجبال، ومن البحر إلى اليابسة.
٣. الَّذِي لَهُ الْبَحْرُ وَهُوَ صَنَعَهُ: محيطات العالم وبحاره هي لله. ومهما ادّعت أمّة ملكية بحر ما، أو ادعى أن البحر مياه دولية، فإن صاحب المزمور يعلن بوضوح أن البحر هو لله.
· “وبالمناسبة، ربما كان يمثل البحر للوثني قوة أقدم من الآلهة، حيث لم يكن يُقهر إلا بنضال مرير. وهي صرخة أبعد من بساطة تصريح صاحب المزمور لَهُ الْبَحْرُ وَهُوَ صَنَعَهُ.” كيدنر (Kidner)
· فكّر جون تراب (John Trapp) بالمقابلة بين قوة الله والأسطورة القديمة حول الملك الإنجليزي كانوت، الذي أمر مدّ البحر بأن يتوقف. لكن، بطبيعة الحال، لم يحدث هذا. “أفحم كانوت متملّقيه (الذين أخبروه أن كل شيء تحت سيطرته بإشارة من يده) بأن أمر البحر بأن لا يرتفع أكثر على الشاطئ، لكنه لم يُطعه.”
· “إن كان الله يملك البحر لأنه صنعه، فإنه يملكك لأنه صنعك أيضًا. فأنت خليقته، وحقوق الخلق تخصُّه. وهو يطالب بحقه فيك. فهل ستنازعه في ذلك؟” سبيرجن (Spurgeon)
ج) الآيات (٦-٧أ): دعوة إلى عبادة الله بتواضع.
٦هَلُمَّ نَسْجُدُ وَنَرْكَعُ وَنَجْثُو أَمَامَ الرَّبِّ خَالِقِنَا، ٧لأَنَّهُ هُوَ إِلهُنَا، وَنَحْنُ شَعْبُ مَرْعَاهُ وَغَنَمُ يَدِهِ.
١. هَلُمَّ: هنالك إحساس عذب بالتكرار في هذه الكلمة (الكلمات). هنالك التماس لطيف للقراء هنا: أن يفعلوا ما هو صواب أمام الله، وهو أمر جيد لهم أيضًا.
٢. هَلُمَّ نَسْجُدُ وَنَرْكَعُ: تتكرر فكرتا مجتمع الإيمان (هلمّ) والعبادة في مرحلة مبكرة من المزمور مع إحساس مضاف من التواضع (نَسْجُدُ وَنَرْكَعُ). والفكرة العبرية وراء العبادة هي بشكل أساسي السجود. ويتم توكيد الفكرة وتشديدها من خلال التكرار.
· “يتوجب على الإنسان في حضرة الله أن ينحني (يسجد) ويركع أمامه بنظرة استسلام وخضوع وإجلال. هذه حقيقة يتوجب أن نذكّر أنفسنا بها.” مورجان (Morgan)
· “ليس سهلًا دائمًا أن توحّد بين الحماسة والتوقير. ومن الخطأ المتكرر أن تقضي على إحدى الصفتين بينما تشدد على الأخرى.” سبيرجن (Spurgeon)
· هَلُمَّ نَسْجُدُ وَنَرْكَعُ: “لا أمام صليب مصنوع، لا أمام صورة نتنة، لا أمام صورة قديس سيء، فهذه الأشياء ليست خالقنا، بل نحن خلقناها وصنعناها. فإلهنا هو الذي يتوجب أن نرنم له، وفيه نبتهج، وأمامه نتعبّد. إنه إِلهٌ عَظِيمٌ، مَلِكٌ كَبِيرٌ عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ. ليس إلهًا من الرصاص أو من الخبز، ليس إلهًا من النحاس، أو إلهًا من الخشب. لا يتوجب علينا أن نسجد للسيدة ونعبدها. بل يتوجب أن نسجد لإلهنا ونعبده. لا نعبد شهيدًا، بل خالقنا. لا أي قديس، بل مخلّصنا.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن بويلز(Boils)
٣. هَلُمَّ نَسْجُدُ وَنَرْكَعُ وَنَجْثُو أَمَامَ الرَّبِّ خَالِقِنَا: تحدث صاحب المزمور في الآيات السابقة عن سيطرة الله على كل الخليقة. وهو الآن يشمل البشرية بين خليقة الله. ونحن مدينون لله بالعبادة بروح التواضع لأنه خلقنا. والعبادة واجب مفروض على المخلوق تجاه خالقه.
· الأفعال الرئيسية الثلاثة في الآية ٦ مرتبطة بالنزول والتواضع. “تُستخدم ثلاث كلمات متميزة للتعبير عن التعلُّق والافتتان بالله. ١) هلمّ نسجد (نعبد بالإنجليزية) وبالعبرية Nishtachaveh وهي تدل على الانبطاح على الوجوه. وهذا أسمى عمل من التعلق والافتتان، والذي يقر فيه العابد بتفوق الله. ٢) هلمّ نركع (ننحني، نربض بالانجليزية) وبالعبرية Nichraah ننجثم برعدة، ننكمش مهابة، فنثني القدمين تحت، كما يفعل كلب في حضرة سيده منتظرًا بشوق واهتمام أوامره. ٣) هلمّ نجثو (نركع)، وبالعبرية Nibrachah أي دعنا نضع رُكبنا على الأرض، وبهذا نضع أنفسنا في وضع الذين يتضرعون.” كلارك (Clarke)
· لدى المفديين سببان عظيمان على الأقل لعبادة الله بتواضع. فهو خالقهم وفاديهم. وهم يخُصّونه مرتين، مرةً في الخلق ومرة أخرى في الفداء.
· “لدينا الحق في أن نأتي بابتهاج عظيم أمام الله، لكن ليس من دون إحساس بجلاله وبما يستحقه من إكرام.” مورجان (Morgan)
٤. وَنَحْنُ شَعْبُ مَرْعَاهُ وَغَنَمُ يَدِهِ: الرب (يهوه) مستحق أيضًا عبادتنا بروح التواضع لأنه إلهنا. كان لدى العبري القديم مجال لاختيار الآلهة. فكان من قبيل فعل الولاء المتعمَّد أن يقول: “يهوه (الرب) إلهي. أنا أنتمي إليه، وهو ينتمي إليّ. أنا مثل غَنَمُ يَدِهِ.”
· “غَنَمُ يَدِهِ: أي تلك التي تحت رعايته وقيادته أو إدارته. وهذه أمور يعبَّر عنها باليد، كما في سفر العدد ٢٨:٤؛ ٤٩:٣١؛ سفر القضاة ٢٩:٩.” بوله (Poole)
· “إن الإشارة المتكررة إلى ’يد‘ الرب لافتة للنظر، وهي تتضمن أبعادًا منها: إنها اليد المُشَّكِّلة، كما يشكل الفخاري الطين. وهي يد الراعي الحامية والمغذية لقطيعه (مزمور ٧:٩٥).” ماكلاين (Maclaren)
· تعبّر الاستعارات المألوفة في الآية ٧ عن تكريسه، وهو ثابت (إلهنا)، وعن رعايته، وهي كافية تمامًا (مرعاه)، وهي أيضًا شخصية (يده). فهو ليس عاملًا مستأجَرًا.” كيدنر (Kidner)
ثانيًا: تحذير للذين يرفضون العبادة
أ ) الآيات (٧ب-٩): حضٌّ لشعب الله.
٧الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ، ٨فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي مَرِيبَةَ، مِثْلَ يَوْمِ مَسَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ، ٩حَيْثُ جَرَّبَنِي آبَاؤُكُمُ. اخْتَبَرُونِي. أَبْصَرُوا أَيْضًا فِعْلِي.
١. الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ: يحضّنا صاحب المزمور مرة أخرى على العمل، وأن نسمع صوت الله في وسط عبادتنا. فقد تكلم الله إلى شعبه، وأعطاهم وإيانا كلمة تحذير.
· “إذا أردت أن تعبد الله، تأكد من أنك لا تقسّي قلبك ضد كلمته، أو أن تتشاجر معه، أو أن تمتحنه، كم فعل القدماء.” بويس (Boice)
· كلمة التحذير هذه مهمة بما يكفي للإشارة إليها ثلاث مرات في الرسالة إلى العبرانيين (٧:٣، ١٥:٣؛ ٧:٤). وفي عبرانين ٧:٤ ينصبّ التركيز في تلك الرسالة على كلمة ’الْيَوْمَ‘ مشيرة إلى طابع الإلحاح للاستماع إلى الله بقلب ليّن اليوم.
· “هذا هو الوقت المناسب لحضّ الروح القدس لنا. إنه الآن. وهو لا يقول شيئًا عن الغد إلاّ في تحريم التفاخر به، حيث لا نعرف ما سيجلبه اليوم معه. فكل التعليمات مرتبطة بزمن محدد هو اليوم! اليوم! اليوم!” سبيرجن (Spurgeon)
· عندما اقتبس كاتب الرسالة إلى العبرانيين هذا النص في عبرانيين ٧:٣، فإنه نسبه إلى الروح القدس، حيث قال: “كَمَا يَقُولُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ.” إذ كان متيقّنًا من أن كلمات المزمور ٩٥ موحى بها من الروح القدس، وأن الروح القدس هو يهوه (الرب).
٢. فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي مَرِيبَةَ (التمرد): يشير النص هنا بشكل رئيسي إلى التمرد الذي حصل في مريبة (سفر العدد ٢٠: ١-١٣)، لكن بشكل أكثر عمومية إلى رفض إسرائيل الثقة بالرب ودخول أرض الموعد أثناء الخروج (سفر العدد ٣٠:١٣ – ١٠:١٤). لم يقبل الله عدم إيمانهم، فدانَ جيل عدم الإيمان، فماتوا في البرية (سفر العدد ١٤: ٢٢-٢٣؛ ١٤: ٢٨-٣٢).
· يعني الالتماس أن لا يقسّوا قلوبهم أن هنالك جانبًا إراديًا متضمَّنًا في مسألة تقسّي القلب أو تليينه. يعتقد كثيرون أن القلب المتقسّي أو اللين شيء يحدث للمرء، وأنه يتجاوز قدرته على السيطرة عليه. وهنا يشير الروح القدس إلى غير ذلك.
· ترتبط الكلمات القوية في النصف الثاني من هذا المزمور بالكلمات العذبة في النصف الأول. إذ من شأن عبادة الرب بروح التواضع، والاعتراف به بصفته الله والخالق، أن يؤدي إلى أُذن صاغية وقلب ليّن مستسلم له. هنالك عيب ما عندما لا يطيع العابد الله ولا يثق به.
· اقترح سبيرجن عدة طرق يمكن بها المرء أن يقسّي قلبه:
ü يقسّي بعضهم قلوبهم بالعزم على عدم إظهار عواطف متعلقة بالأمور الروحية.
ü يقسّي بعضهم قلوبهم بتأجيل علاقة حقيقية بالله.
ü يقسّي بعضهم قلوبهم بالتظاهر بالشكوك والانتقادات الحمقاء.
ü يقسّي بعضهم قلوبهم بالاشتراك بالشر.
ü يقسّي بعضهم قلوبهم بالتركيز على أشكال التسلية السخيفة “التي تهدف كلها إلى قتل الوقت ومنع التفكير في الأمور الروحية.”
ü يقسّي بعضهم قلوبهم بالانغماس في خطية مفضّلة.
٣. حَيْثُ جَرَّبَنِي آبَاؤُكُمُ: نحن نجرب الله بعدم إيماننا. رأت إسرائيل عمل الله (أَبْصَرُوا أَيْضًا فِعْلِي)، غير أنها لم تشأ أن تثق به في مريبة أو في البرية بشكل عام. ويحذّرنا الله من فعل الأمر نفسه.
- من المؤكد أن رفض دعوة الله الْيَوْمَ يعني أننا نجرّبه. “هل يُفترض أن ينتظرك الله وكأنه خادم لك. أنت مستحق سخطه، فهل تستهين بمحبته؟ إنه يتحدث بحنان مذهل. فهل ستُظهر قساوة مذهلة تجاه ذلك؟” سبيرجن (Spurgeon)
· يعني القول “أَبْصَرُوا أَيْضًا فِعْلِي” إن الله يعطينا سببًا للثقة به. ومن شأن تجاهل تلك الأسباب أن يستفز الله، لأن من يفعل ذلك يجرّبه.
· “يأتي كل واحد في الحياة المسيحية إلى قادش برنيع مرة واحدة على الأقل (سفر العدد ٢٦:١٣). فمن جهة، هناك أرض الراحة والنصر. ومن جهة أخرى، هناك الصحراء القاحلة. ويحرّك الإيمان التوازن بين الاثنين، منهيًا عدم الإيمان. ثق بالله وسترتاح. ارفضْ أن تثق به وستُغلق الأبواب أمام الراحة، وستُفتح أبواب التيه والفشل والهزيمة.” ميير (Meyer)
ب) الآيات (١٠-١١): تحذير شعب الله.
١٠أَرْبَعِينَ سَنَةً مَقَتُّ ذلِكَ الْجِيلَ، وَقُلْتُ: «هُمْ شَعْبٌ ضَالٌّ قَلْبُهُمْ، وَهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا سُبُلِي». ١١فَأَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي: «لاَ يَدْخُلُونَ رَاحَتِي».
١. أَرْبَعِينَ سَنَةً مَقَتُّ ذلِكَ الْجِيلَ: عرض الله على الجيل الذي خرج من مصر الفرصة لأخذ أرض الموعد بالإيمان. وقد أحزن رفضهم لعرضه قلبه، بسبب عدم إيمانهم، أربعين سنة. فكان ذلك دليلًا على أنهم شَعْبٌ ضَالٌّ قَلْبُهُمْ بعيدًا عن الثقة المتواضعة به بصفته الله والخالق.
· “لم يكن تيههم في البرية إلاّ رمزًا وعاقبة معًا لتيههم في قلوبهم (ضَالٌّ قَلْبُهُمْ). لم يعرفوا طرقه، ولهذا اختاروا طرقهم.” ماكلاين (Maclaren)
· “يا لتجاسر الإنسان البائس الذي يهين خالقه أربعين سنة! ويا لصبر خالقه وطول أناته الذي احتمل إهاناته أربعين سنة!” هورن (Horne)
· ضَالٌّ قَلْبُهُمْ: “كان قلبهم معيبًا بشكل عنيد وثابت. لم يكن رأسهم هو الذي ضلَّ أو أخطأ، لكن قلبهم نفسه كان منحرفًا.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. لَمْ يَعْرِفُوا سُبُلِي: أن تعرف سبل الله يعني أن تثق به. وعدم الإيمان دليل على ضآلة معرفتهم بالله، أو معرفتهم الخطأ به.
· “سُبُلِي: إمّا أن يشير هذا إلى: ١) فرائضي وشرائعي، وهي التي تدعى غالبًا سبل الله. أو ٢) أعمالي، كما يعبّر عنها مزمور ٩:٩٥، وهي تدعى أيضًا سبلي. لَمْ يَعْرِفُوا سُبُلِي، ولم يضعوا في اعتبارهم أو يتذكّروا الأشياء العظيمة التي صنعتها من أجلهم وبينهم.” بوله (Poole)
٣. فَأَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي: لم يكرم الله عدم إيمان شعبه. إذ كان ذلك إهانة له، فأصدر إعلانًا غاضبًا جادًّا.
· “لا تتمرد بإصرار وطيش وتكرار وعناد. دع مثال الجيل البائس يكن تحذيرًا لك. لا تكرر الإهانات التي استفزّت الرب.” سبيرجن (Spurgeon)
٤. لاَ يَدْخُلُونَ رَاحَتِي: دان الله جيل عدم الإيمان في إسرائيل ليموتوا في البرية، لكي يمكن لجيل من المؤمنين الأمناء أن يرثوا أرض الموعد، وهي المكان الذي عيّنه الله لراحة شعبه.
· “لا يمكن أن تكون هنالك راحة لقلب غير مؤمن. ما دام المنّ والمعجزات لم تُرْضِ إسرائيل، فلن تَقْنَع بالأرض التي تفيض لبنًا وعسلًا.” سبيرجن (Spurgeon)
· بقيام صاحب المزمور بإنهائه بهذه النغمة، فإنه يضحّي بالجمال الأدبي من أجل الإلحاح الأخلاقي. فإن كان هذا المزمور متعلّقًا بالعبادة، فليس من الفظاظة أن يشير إلى أن جوهر الموضوع عمليٌّ للغاية: وهو ليس أقل من ثنْي الإرادة وتجديد مسيرة الحياة.” كيدنر (Kidner)