تفسير سفر المزامير – مزمور ٨٥
صلاة للانتعاش والاسترداد
هذا المزمور معنون إِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ. لِبَنِي قُورَحَ. مَزْمُورٌ. كان بنو قورح لاويين من عائلة قهات. وبحلول زمن داود، يبدو أنهم خدموا في الجانب الموسيقي من جانب العبادة في الهيكل (٢ أخبار١٩:٢٠).
يبدو أن هذا المزمور٨٥، شأنه شأن عدة مزامير، يلائم (من بعض النواحي) فترة عودة إسرائيل من السبي، ولا يلائمه من نواحٍ أخرى. كتب ألكزاندر ماكلارين (Alexander Maclaren): “يقدّم سفر نحميا الخلفية الدقيقة لهذا المزمور. فقد رجع بالفعل جزء من الشعب من السبي، لكن إلى مدينة مهدمه، وهيكل مدمر وأرض حِداد، وكانوا محاصرين من أعداء أقوياء حسودين.” وحتى إذا كان هذا المزمور ينتمي إلى فترة سابقة (مثل نهاية حكم شاول)، يجد شعب الله أنفسهم في هذا الوضع من وقت إلى آخر. وهذا المزمور الجميل ملائم.
أولًا. العرفان بالجميل على الفضل والاسترداد
أ ) الآيات (١-٢): أُرجِعوا من السبي والخطية.
١رَضِيتَ يَا رَبُّ عَلَى أَرْضِكَ. أَرْجَعْتَ سَبْيَ يَعْقُوبَ. ٢غَفَرْتَ إِثْمَ شَعْبِكَ. سَتَرْتَ كُلَّ خَطِيَّتِهِمْ. سِلَاهْ.
١. رَضِيتَ يَا رَبُّ عَلَى أَرْضِكَ: يجد صاحب المزمور راحة في اهتمام الرب بأرضه. ومن الجدير بالذكر أن أرض إسرائيل تُدعى أَرْضَكَ. ويعلن الكتاب المقدس أن الأرض كلها هي للرب (مزمور ١:٢٤) غير أن معنى مؤكدًا بموجبه أن أرض إسرائيل مقتناه الخاص، مع وجود مكانة خاصة لأرضه لديه.
٢. أَرْجَعْتَ سَبْيَ يَعْقُوبَ: يعتقد كثيرون، بناءً على هذه العبارة، أن هذا المزمور كُتِب بعد السبي البابلي. وهذا أمر ممكن. ومن الواضح أن بعض المزامير تعود إلى تلك الفترة (مثل المزمور ٧٩). غير أن كون إسرائيل في حالة سبي تلائم بعض الفترات الأخرى أيضًا، مثل أواخر سنوات الملك شاول (١ صموئيل ٢٨-٣١).
· “لا تحن إسرائيل إلى أمجاد الماضي، والتي تكون في الغالب خداعًا بصريًّا، بل تذكر مراحم الماضي. وهذا أمر واقعي، وهو محفّز أيضًا. إذ يقود إلى الصلاة بدلًا من الأحلام.” كيدنر (Kidner)
٣. غَفَرْتَ إِثْمَ شَعْبِكَ: لم يكن صاحب المزمور مهتمًا بالأرض فحسب، إذ كانت العلاقة بالله أكثر أهمية. لقد رُفِع الإثم الذي أعاق العلاقة بالله ذات يوم. كانت الفكرة مهمة وثمينة لصاحب المزمور حتى إنه كررها بكلمات مختلفة حسب الأسلوب الشعري العبري.
· غَفَرْتَ.. سَتَرْتَ: يستخدم صاحب المزمور كلمتين مختلفتين للمسامحة (غفر وستر)، وهما ترِدان في مزمور٣٢: ١-١١. وفي مزمور٨٥: ٢أ، تُعَد الخطية كثِقل وُضِع على كاهل الشعب فأحناه، وترفعه رحمة الله وتزيله. وفي مزمور٨٥: ٢ب، تصوَّر على أنها لطخة شنيعة أو شيء بغيض جدًّا تستره رحمة الله، فلا تعود إهانة للسماء.” ماكلارين (Maclaren)
· غَفَرْتَ إِثْمَهم: “لقد حملتَ الإثم وأبعدتَه. يشير هذا إلى كبش الفداء” كلارك (Clarke)
· كُلَّ خَطِيَّتِهِمْ: “كله، كل بقعة فيه، كل غضن فيه. فقد غطّى حجاب المحبة كل شيء. أُخفيت الخطية بشكل إلهيٍّ عن الأنظار.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآية (٣): إنقاذ من غضب الله البار.
٣حَجَزْتَ كُلَّ رِجْزِكَ. رَجَعْتَ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِكَ.
١. حَجَزْتَ كُلَّ رِجْزِكَ: وجد صاحب المزمور إشباعًا في غضب الله. كان شعب الله ذات يوم موضوعًا لدينونة الله البارة، وقد أُنقِذوا منها الآن. هنالك جمال في تعبير “كُلِّ رِجْزِكَ“، حيث يدل على عمل تام.
· كما هو الحال في الآية السابقة (سُترتْ خطيتهم)، يتطلع صاحب المزمور إلى الأمام إلى عمل يسوع التام على الصليب، حيث تمم مطالب الله البارة حتى الملء بذبيحة واحدة حاسمة نهائية (رسالة العبرانيين ٢٧:٧؛ ١٢:٩؛ ١٠:١٠).
· “إن بعض أقوى التعابير عن الخلاص في الكتاب المقدس موجودة هنا في هذه الآيات. تصف عبارة “غَفَرْتَ إِثْمَهم” معنى التكفير. وأما عبارة “حَجَزْتَ كُلَّ رِجْزِكَ”، أي وضعت غضبك جانبًا، هو ما يعنيه الكفارة.” بويس (Boice)
٢. رَجَعْتَ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِكَ: هنالك راحة عظيمة في معرفة أن غضب الله قد عَبَرَ. ويصح هذا بشكل خاص لدى تأملنا في حموّ غضبه.
ثانيًا. الصلاة لمزيد من الفضل والاسترداد
أ ) الآيات (٤-٥): صلاة للاسترداد.
٤أَرْجِعْنَا يَا إِلَهَ خَلَاصِنَا، وَٱنْفِ غَضَبَكَ عَنَّا. ٥هَلْ إِلَى ٱلدَّهْرِ تَسْخَطُ عَلَيْنَا؟ هَلْ تُطِيلُ غَضَبَكَ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.
١. أَرْجِعْنَا يَا إِلَهَ خَلَاصِنَا: بدأ صاحب المزمور بشكر الله على العودة والاسترداد. وفي ضوء صلاح الله في الماضي، يصلي المرنم من أجل الاستمرار في الاسترداد في الحاضر.
٢. هَلْ إِلَى ٱلدَّهْرِ تَسْخَطُ عَلَيْنَا: تتضمن الآية الثالثة شكرًا لله على ابتعاد حُمُوّ غضبه. فكان هذا العمل في الماضي أساسًا لهذه الصلاة، وكأنه يقول: افعلها ثانيةً، يا رب.
ب) الآيات (٦-٧): صلاة من أجل الانتعاش.
٦أَلَا تَعُودُ أَنْتَ فَتُحْيِينَا، فَيَفْرَحُ بِكَ شَعْبُكَ؟٧ أَرِنَا يَا رَبُّ رَحْمَتَكَ، وَأَعْطِنَا خَلَاصَكَ.
١. أَلَا تَعُودُ أَنْتَ فَتُحْيِينَا: هذا سؤال بسيط وصلاة رائعة للانتعاش. وهو يدرك أن العمل عمل الله، لا عمل بشري. غير أنه يدرك أيضًا أن على المرء أن يصلي من أجل الانتعاش بتوقُّع إلهي.
· تتضمن هذه الصلاة من أجل الانتعاش “أن الشعب كانوا ذات يوم أحياء، وأنهم ماتوا بمعنى روحي، وهم يحتاجون الآن إلى حياة روحية مرة أخرى. وهذا هو ما تحتاج إليه الكنيسة دائمًا، وهذه هي الكيفية التي يأتي بها الانتعاش.” بويس (Boice)
· يخبرنا السياق متى ينبغي أن نصلي من أجل الانتعاش.
ü ينبغي أن نصلي من أجل الانتعاش عندما نتذكر الأشياء العظيمة التي فعلها الله في الماضي (كما في الآيات ١-٣).
ü ينبغي أن نصلي من أجل الانتعاش عندما نحس بأننا تحت غيمة من الاستياء الإلهي، أو بافتقار واضح إلى البركة (كما في الآيات ٤-٥).
· يخبرنا السياق من الذي نصلي من أجله.
ü في الصلاة من أجل الانتعاش، صلِّ من أجل الراعي. اطلب من الله أن ينعشه شخصيًّا، وأن يقوّيه ضد التجربة، وأن يملأه بالإيمان. واطلب من الله أن يبارك الراعي بقوة روحية عظيمة. يمثل جيمس ماكجرادي (James McGrady) مثلًا لراعٍ استغل كنيسته أفضل استغلال في الصلاة من أجله. كان هذا الرجل بشعًا إلى درجة اجتذاب الآخرين. وجاء إلى جبال أليغيني ليخدم على حدود كنتاكي. وكانت لديه ثلاث كنائس مسيحية صغيرة على شكل صندوق. ووصف ماكجرادي العمل أثناء شتاء ١٧٩٩ على أنه “في معظمه بكاء ونواح مع شعب الله.” وقام بتنسيق اجتماعات للصلاة مع كنائس أخرى مرة كل شهر. لكنه طلب من شعبه أن يصلوا من أجله عند غروب كل سبت نصف ساعة، ونصف ساعة أخرى عند شروق شمس يوم الأحد. لم يكن ماكجرادي مثالًا للواعظ. إذ كان صوته سيئًا، ولاحظ الناس إيماءاته الغريبة أثناء الوعظ. لكن في عام ١٨٠٠ جاء فيضان من البركة مع اجتماعات وصلت إلى ٢٥.٠٠٠ شخص.
ü في الصلاة من أجل الانتعاش، صلِّ من أجل مؤمني الكنيسة. صلِّ من أجل سكيب عظيم من الروح القدس على الشعب، لا على الراعي فحسب.
ü في الصلاة من أجل الانتعاش، صلِّ من أجل الكنائس الأخرى في مجتمعك.
ü في الصلاة من أجل الانتعاش، صلِّ من أجل المجتمع بشكل عام، أن يحقق يسوع الوعد في يوحنا ١٦: ٧-٨ بإرسال الروح القدس لتبكيت العالم على خطية.
٢. فَيَفْرَحُ بِكَ شَعْبُكَ: الصلاة من أجل الانتعاش تعني الصلاة أن عمل الله بين شعبه سيجعلهم يجدون فرحهم فيه شخصيًا، وبلا شيء غيره. ولهذا فإننا نصلي:
· بثقة كاملة، عالمين أن الله يستطيع أن ينعش ويُحيي.
· بجسارة كاملة، ملتمسين انتعاشًا من الله.
· بتواضع كامل، راغبين في مجد الله وتسبيحه.
ü “تعلِّمنا الكلمات التي أمامنا أن العرفان بالجميل يضع عينه على المعطي، لا على العطية فحسب، ’فَيَفْرَحُ بِكَ شَعْبُكَ.‘ وسيفرح الذين أُنعِشوا لا في الحياة الجديدة، بل في الرب، مُنشئ هذه الحياة.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. أَرِنَا يَا رَبُّ رَحْمَتَكَ: الانتعاش عمل رحمة من الله. فهو لا يُكتسَب أو يُستحَق. فالله يمنح الانتعاش بنعمته.
٤. وَأَعْطِنَا خَلَاصَكَ: يُثبت الانتعاش الحقيقي أن الخلاص هو عمل الله. رأى يونان عملًا عظيمًا من الانتعاش في نينوى نابعًا من المبدأ العظيم أنه “لِلرَّبِّ الْخَلاَصُ” (سفر يونان ٩:٢).
ثالثًا. الثقة باستجابة الله
أ ) الآيات (٨-٩): سماع كلمة سلام الله.
٨إِنِّي أَسْمَعُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ ٱللهُ ٱلرَّبُّ، لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِٱلسَّلَامِ لِشَعْبِهِ وَلِأَتْقِيَائِهِ، فَلَا يَرْجِعُنَّ إِلَى ٱلْحَمَاقَةِ. ٩لِأَنَّ خَلَاصَهُ قَرِيبٌ مِنْ خَائِفِيهِ، لِيَسْكُنَ ٱلْمَجْدُ فِي أَرْضِنَا.
١. إِنِّي أَسْمَعُ (سأسمع) مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ ٱللهُ ٱلرَّبُّ: عبّر صاحب المزمور في القسم الأخير عن استسلامه وخضوعه لله. فالنظرة السليمة للمؤمن الذي يصلي من أجل الانتعاش هي أن يستسلم لسلطة كلمة الله.
· “سأصمت. لقد تكلمتُ إليه. والآن سأسمع ما سيكون جوابه. سأُرهف أُذنيّ للاستماع إلى صوته. أيها المستمعون الأعزاء، عندما تكونون مستعدين لسماع الله، ستأتي عليكم أوقات طيبة.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِٱلسَّلَامِ لِشَعْبِهِ وَلِأَتْقِيَائِهِ: كان صاحب المزمور واثقًا بصلاح الله، وأن الله سيتكلم بِٱلسَّلَامِ لِشَعْبِهِ وَلِأَتْقِيَائِهِ القديسين المتواضعين المستسلمين.
· “إن رسالة الإنجيل حسب صياغة القديس بطرس هي ’ٱلْكَلِمَةُ ٱلَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ يُبَشِّرُ بِٱلسَّلَامِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ‘ (أعمال الرسل٣٦:١٠).” هورن (Horne)
· “من يرفض أن يستمع إلى إنجيل السلام، لن يعرف سلام الإنجيل. إذا رفضت أن تستمع إلى صوت الروح القدس عندما يحذرك من خطيتك، فإنك لن تسمعه وهو يعلن السلام من خلال الغفران.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. فَلَا يَرْجِعُنَّ إِلَى ٱلْحَمَاقَةِ: التواضع والاستسلام هما النظرتان السليمتان لشعب الله. ينبغي لهذا الشعب أن يلجأ إلى توبة حقيقية ولا يرجع إِلَى ٱلْحَمَاقَةِ.
٤. لِأَنَّ خَلَاصَهُ قَرِيبٌ مِنْ خَائِفِيهِ: يتمتع شعب الله المتواضع المستسلم بقرب خلاصه. وعندما يتحرك الله بين شعبه بهذه الطريقة، سيَسْكُنُ ٱلْمَجْدُ فِي أَرْضِنَا.
ب) الآيات (١٠-١٣): بر الله الصالح.
١٠ٱلرَّحْمَةُ وَٱلْحَقُّ ٱلْتَقَيَا. ٱلْبِرُّ وَٱلسَّلَامُ تَلَاثَمَا. ١١ٱلْحَقُّ مِنَ ٱلْأَرْضِ يَنْبُتُ، وَٱلْبِرُّ مِنَ ٱلسَّمَاءِ يَطَّلِعُ. ١٢أَيْضًا ٱلرَّبُّ يُعْطِي ٱلْخَيْرَ، وَأَرْضُنَا تُعْطِي غَلَّتَهَا.١٣ ٱلْبِرُّ قُدَّامَهُ يَسْلُكُ، وَيَطَأُ فِي طَرِيقِ خَطَوَاتِهِ.
١. ٱلرَّحْمَةُ وَٱلْحَقُّ ٱلْتَقَيَا: يصف صاحب المزمور بشكل مجيد الخلاص الذي يجلبه الله لشعبه. ربما يبدو أن الرحمة والحق متضادّان، حيث تتطلع الرحمة إلى منح الغفران، في حين أن الحق عازم على الدينونة. لكن في عمل الله الخلاصي، يتوافق الحق مع الرحمة في لقاء على الصليب.
· ٱلرَّحْمَةُ وَٱلْحَقُّ ٱلْتَقَيَا: الكلمة العبرية المترجمة ٱلرَّحْمَةُ هي ’حِسِدْ‘ وهي تحمل عادة فكرة النعمة أو المحبة الموالية أو المخْلِصة. وربما كانت هذه الآية إلهامًا ليوحنا عندما كتب: “وَٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ ٱلْآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا” (يوحنا ١٤:١)، وعندما كتب: “لِأَنَّ ٱلنَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا ٱلنِّعْمَةُ وَٱلْحَقُّ فَبِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ صَارَا” (يوحنا ١٧:١).
٢. ٱلْبِرُّ وَٱلسَّلَامُ تَلَاثَمَا: عندما يتلاقى الحق والرحمة، فإن البر والسلام يحَيّي أحدهما الآخر بدفء. ربما يبدو أن البر يدينني ويمنع شالوم (سلام) الله من الوصول إليّ. وفي عمل الله الخلاصي العظيم، صار البر والسلام أفضل صديقين.
· “افترقت هذه الصفات الأربع عند سقوط آدم، والتقت عند ميلاد المسيح… كانت الرحمة تميل على الدوام إلى تخليص الإنسان، ولا يمكن أن يكون السلام عدوّه. لكن الحق تطلَّب أداء تهديد ’النفس التي تخطئ تموت.‘ ولا يملك البر إلاّ أن يعطي كل واحد ما يستحقه.” هورن (Horne)
· “والآن، أين التقيا؟ التقيا في المسيح يسوع. ومتى تصالحا؟ عندما سكب حياته على الجلجثة.” كلارك (Clarke)
· عبّر بولس لاحقًا عن هذه الفكرة في رومية ٢٦:٣: “لِإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي ٱلزَّمَانِ ٱلْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ ٱلْإِيمَانِ بِيَسُوعَ.” ففي الصليب أظهر الله بره بتقديم تبرير للإنسان (حكم قانوني بأنه “غير مذنب”) مع بقائه بارًّا تمامًا (لأن العقوبة العادلة للخطية دُفعت على الصليب). فلا يسع الله إلا أن يكون عادلًا، فيرسل كل خاطئ مذنب إلى الجحيم، كما يمكن أن يفعل قاض عادل. والله وحده قادر على أن يجد طريقة لِيَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ ٱلْإِيمَانِ بِيَسُوعَ.
٣. ٱلْحَقُّ مِنَ ٱلْأَرْضِ يَنْبُتُ: يسكب الله حقه وبرّه. ويبدو أنهما ينبعان من الخليقة نفسها. وبشكل نبوي، يمكننا القول إن هذا لا يشير إلى المصالحة التي بدأت على الصليب فحسب، بل يتطلع إلى الأمام أيضًا إلى نهاية هذا الدهر عندما تُعتق الخليقة نفسها من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله (رومية ٢١:٨).
· “إبليس هو المشوش والمعطّل الكبير. فقد جلب التنافر إلى الكون، بينما يجلب الله الانسجام. وفي هذه الآيات، تلتقي أربع صفات عظيمة من صفات الله معًا… تسير معًا، كقادة عسكريين جنبًا إلى جنب نحو النصر، وهو رجاء أكيد ويقيني لشعب الله.” بويس (Boice)
٤. ٱلْبِرُّ قُدَّامَهُ يَسْلُكُ: يميّز البر الله حتى إنه يتقدّمه، كما يذهب ذيل المذنّب وراءه. فبرّ الله غني جدًّا حتى إنه يجعل خطواته طريقًا لشعبه.
· “بدأ صاحب المزمور بتأمل خلاص الله في الماضي، وهو يترك للإعلانات التالية في الكتاب المقدس عن تدرُّج الفداء والإعلان عن الرجاء الكامل عندما يغزو بر الله ملكوته.” فانجيميرين (VanGemeren)
· طَرِيقِ خَطَوَاتِهِ: “تترك مسيرة الله آثارًا يتبعها شعبه بفرح.” سبيرجن (Spurgeon)