تفسير سفر المزامير – مزمور ١٣
أَنِر عينيّ
يخبرنا عنوان المزمور كاتبه وجمهوره: “لِإِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ.” يعتقد بعضهم أن إِمَامَ ٱلْمُغَنِّينَ (أو الموسيقيين) هو الرب نفسه. ويفترض آخرون أنه قائد الجوقات أو الموسيقيين في أيام داود، مثل المغني (المرنم) هيمان أو آساف (أخبار الأيام الأول ٣٣:٦؛ ٥:١٦-٧؛ ٦:٢٥). وهذا مزمور نقلة. فهو يبدأ بإحباط ويأس، لكن داود يُنهيه في ثقة وفرح وتشجيع.
أولًا. يأس داود
أ ) الآية (١): يأس داود مع الرب.
١إِلَى مَتَى يَا رَبُّ تَنْسَانِي كُلَّ ٱلنِّسْيَانِ؟ إِلَى مَتَى تَحْجُبُ وَجْهَكَ عَنِّي؟
١. إِلَى مَتَى يَا رَبُّ: يبدو أن كل ابن لله قد طرح هذا السؤال في وقت أو آخر، وأن كل تابع للآخر أحسَّ بأنه مهملٌ من الله – أو على الأقل بأنه انتظر وقتًا طويلًا قبل أن يفعل الله ما ينبغي له أن يفعله.
· “إن لم يجد القارئ بعد مناسبة لاستخدام لغة هذه القصيدة الموجزة، فسيفعل ذلك قريبًا، إن كان رجلًا (امرأة) حسب قلب الله.” سبيرجن (Spurgeon)
· إِلَى مَتَى: “يتكرر هذا السؤال أربع مرات على الأقل في هذا المزمور. ويدل هذا على رغبة شديدة في الإنقاذ، وعلى عذاب مكثف في القلب. وليس سهلًا لهذه الرغبة أن تَحُوْل دون أن تتدهور إلى نفاد صبر. ليت الله يعطينا نعمة أثناء انتظارنا له ليحفظنا من الانغماس في روح التذمر!” سبيرجن (Spurgeon)
· إِلَى مَتَى: هذا هو السؤال الجوهري. غالبًا ما نخور تحت وطأة طولٍ بسيط لمحننا. ونحن نشعر أنه يمكننا أن نحتمل أي شيء تقريبًا لو عرفنا متى ستنتهي. غير أننا نجرَّب أحيانًا بمشكلات تدفعنا إلى الصراخ: إِلَى مَتَى؟
· “عندما تدرس مزامير داود، ترى في موضع أو آخر نفسك. فأنت لا تدخل زاوية من دون أن ترى داود فيها. أعتقد أني لم أصل إلى مستوى منخفض جدًّا من الروح المعنوية من دون أن أرى داود أدنى منه. ولم أتسلق إلى نقطة عالية جدًّا من دون أن أرى داود فوقي، مستعدًّا لأن أرنم ترنيمته على آلة ثُمانية الأوتار، كما لو أني أرنم ترنيمتي الخاصة.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. تَنْسَانِي كُلَّ ٱلنِّسْيَانِ؟ إِلَى مَتَى تَحْجُبُ وَجْهَكَ عَنِّي؟ نبَعَ الألم في قلب داود من إحساس بأن الله نسيه وأنه يتباعد عنه. لا شك أن داود واجه ظروفًا أسوأ بشجاعة أكبر عندما أحس بحضور الله. غير أنه في إحساسه الآن بأنه بعيد عن الله، لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى وصل إلى اليأس.
· لن ينسانا الله أبدًا: “قَالَتْ صِهْيَوْنُ: «قَدْ تَرَكَنِي ٱلرَّبُّ، وَسَيِّدِي نَسِيَنِي». «هَلْ تَنْسَى ٱلْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلَا تَرْحَمَ ٱبْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هَؤُلَاءِ يَنْسَيْنَ، وَأَنَا لَا أَنْسَاكِ.” إشعياء ١٤:٤٩-١٦).
- “الغياب النهائي لله هو الجحيم نفسه. كلمات ’ابتعدوا عني، أيها الملاعين‘ أسوأ من ’إلى النار الأبدية.‘ فالعقاب بالنفي من حضور الله هو أقسى جحيم،
تسالونيكي الثانية ٩:١.” تراب (Trapp)
٣. تَنْسَانِي… تَحْجُبُ وَجْهَكَ: لم ينسَ الله داود، ولم يحجب وجهه عنه. عندما تتملّكنا هذه المشاعر القوية، فإنها تخلق واقعنا الخاص بنا. أحسَّ داود بأن الله تركه وبأن الله أخفى وجهه عنه. وهكذا، كان هذا أمرًا صحيحًا بالنسبة لداود – صحيحًا حسب المشاعر، لكن ليس حسب الواقع.
· هنالك توازن في الحياة في ما يتعلق بالمشاعر. يتجاهل بعضهم المشاعر قائلين إنها لا علاقة بها بعلاقتنا بالله. وهذه نظرة متطرفة، لأن الله أعطانا المشاعر كتعبير لصورته فينا. يمكننا أن نحس بالغضب والحب والاهتمام والأسى وغيرها من المشاعر، لأن الله يحس بهذه الأحاسيس. وبمعنى خاص، فإن المشاعر هبة من الله وعلامة على أننا مخلوقون على صورته.
· ومن جهة أخرى، يحيا بعضهم حياتهم محكومين من مشاعرهم. ويكمن العيب في هذا الأمر في أنه، رغم أننا مخلوقون على صورة الله، إلا أن مشاعرنا تتأثر بسقوطنا. فلا نستطيع أن نثق بمشاعرنا بسبب ذلك. وبهذا المعنى، فإنه لا بأس لداود أن يشعر بتلك المشاعر، وأنه حسنٌ لنا أن نأخذها إلى الله، لكن لا ينبغي أن نقبل واقع المشاعر على واقع حقيقي.
· “هذا درس ذو قيمة كبيرة. إن كان قلبك مثقلًا، وبدا أن الله حجب وجهه عنك، فأعْلِمْه بقصة كارثتك. هذه ممارسة مقدسة. ربما لا يفهم الناس هذا. بل ربما يتهموننا بعدم الإيمان.” مورجان (Morgan)
ب) الآية (٢): يأس داود من نفسه ومن الآخرين.
٢إِلَى مَتَى أَجْعَلُ هُمُومًا فِي نَفْسِي وَحُزْنًا فِي قَلْبِي كُلَّ يَوْمٍ؟ إِلَى مَتَى يَرْتَفِعُ عَدُوِّي عَلَيَّ.
١. إِلَى مَتَى أَجْعَلُ هُمُومًا فِي نَفْسِي: لا عجب أن داود كان محبطًا! فقد أدى استغراقه في التفكير في مشكلته إلى حُزْنٍ فِي قَلْبِه كُلَّ يَوْمٍ. وعندما أكون محبطًا وكئيبًا، لا يكمن الحل في أن أنظر إلى داخل نفسي، بل في النظر إلى الرب.
· في أحيان كثيرة عندما أواجه مشكلات، فإني أجد ما يلي صحيحًا: كلما فكرتُ في مشكلاتي، ازددتُ اكتئابًا. لكن عندما أصلي حول مشاكلي، يأتيني إحساس مجيد بالتحرير والسلام.
· التفكير في متاعبنا عمل شاق. وغالبًا ما تكون المتاعب مثل قرص دواء مرٍّ يريدنا الله أن نتناوله، لكننا نجعل الأمر أصعب بإبقائنا إيّاه في أفواهنا والقيام بمضغه.
· اقترح سبيرجن (Spurgeon) أن يعظ أحدهم عظة بعنوان “إِلَى مَتَى أَجْعَلُ هُمُومًا فِي نَفْسِي وَحُزْنًا فِي قَلْبِي كُلَّ يَوْمٍ؟” واقترح أن تتضمن العظة هذه النقاط: “تعذيب الذات، وسببه، ولعنته، وجُرْمه، وعلاجه.”
٢. إِلَى مَتَى يَرْتَفِعُ عَدُوِّي عَلَيَّ؟ وهنا يذكر داود سببًا ثالثًا لكآبته. لم يُرد داود أن يخسر في أية ناحية يتعرض فيها إلى هجوم من عدوه وأن يراه مستعليًا (يَرْتَفِعُ عَدُوِّي عَلَيّ). اكتأب داود بثلاث طرق:
· أولًا، في علاقته بالله
· ثانيًا، داخل نفسه
· ثالثًا، في ما يتعلق بعدوّه
ü لم تكن هذه رغبة أنانية خالصة. إذ عرف داود أنه رجل الرب وأن لديه دعوة منه إلى قيادة شعبه. وبهذا المعنى، كان أعداء داود أعداء الله، وأعداء شعب الله أيضًا.
· ارتبط إحساس داود بترك الله له بشعوره بالكآبة. ويُدرج بويس (Boice) عدة مصادر للاكتئاب الروحي للإفادة:
ü يمكن للمزاج النفسي أن يجعل المرء يميل إلى الكآبة.
ü يمكن أن يستنزف المرض القوة الجسدية ويؤدي إلى الاكتئاب.
ü يمكن أن يجعل الإنهاك المرء مفتوحًا للاكتئاب والإحساس بالهجر.
ü في الغالب يمكن لتعرّض المرء للخذلان بعد جهد كبير، مع ارتفاع الأدرينالين، أن يؤدي إلى الكآبة.
ü يمكن للضغط الآتي من أعداء روحيين وعاديين أن يدفع المرء إلى الاكتئاب.
ثانيًا. صلاة داود المتسمة بالاعتماد
أ ) الآية (٣): يصلي داود من أجل علاقته بالله.
٣ٱنْظُرْ وَٱسْتَجِبْ لِي يَارَبُّ إِلَهِي. أَنِرْ عَيْنَيَّ لِئَلَّا أَنَامَ نَوْمَ ٱلْمَوْتِ.
١. ٱنْظُرْ وَٱسْتَجِبْ لِي (اسمعني): لا ينبغي أن نعتقد أن داود عنى أمرين مختلفين في الفعلين، “ٱنْظُرْ” و”ٱسْتَجِبْ” لِي. فقد استخدم الأسلوب العبري في التكرار من أجل التوكيد. فقد كان يستميت في صرخته إلى الله طالبًا منه أن يسمعه (ٱسْتَجِبْ لِي).
· أحس داود أن الله لم يكن يسمعه مدة طويلة (إِلَى مَتَى يَارَبُّ تَنْسَانِي كُلَّ ٱلنِّسْيَانِ؟ إِلَى مَتَى تَحْجُبُ وَجْهَكَ عَنِّي؟
مزمور ١:١٣). غير أنه كان عليه أن يواصل صرخته لأن الله يكرَّم عندما نستميت في الصراخ إليه.
· غالبًا ما ينتظر الله إلى أن نصلي باستماتة قبل أن يستجيب لنا. وسبب ضعف الكثير من صلواتنا هو افتقارنا إلى الاستماتة. ففي مرات كثيرة جدًّا نصلي بنظرة أننا نريد من الله أن يهتم بالأمور التي لا نهتم نحن بها كثيرًا حقًّا.
· تمتلك الصلوات المستميتة قوة، لا لأنها في حد ذلك تُقْنع إلهًا متراخيًا، بل لأنها تبيّن أننا نهتم بقوة كبيرة بالأشياء التي تهم الله، محققةً وعد يسوع لنا، “إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كَلَامِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ” (أنجيل يوحنا ٧:١٥).
٢. أَنِرْ عَيْنَيَّ: كان لدى داود الحكمة في أن يعرف أنه، رغم وجود مشاعر قوية لديه، لم يكن يرى الواقع. إذ كانت رؤيته مضببة ومظلمة، ولهذا صرخ إلى الله قائلًا: “أَنِرْ عَيْنَيَّ.”
· كانت تلك صلاة عظيمة. نحن نحتاج إلى نور الله ليسطع علينا ويعطينا الحكمة والمعرفة. ومهما كانت المشكلة التي كانت أمامنا، ينبغي أن نصرخ من أعماق القلب: أَنِرْ عَيْنَيَّ.
· عرف الرسول بولس أهمية أن ينير الله عينيه: “كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلَهُ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، أَبُو ٱلْمَجْدِ، رُوحَ ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْإِعْلَانِ فِي مَعْرِفَتِهِ، مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي ٱلْقِدِّيسِينَ، وَمَا هِيَ عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ ٱلْفَائِقَةُ نَحْوَنَا نَحْنُ ٱلْمُؤْمِنِينَ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ” (رسالة
أفسس ١٧:١-١٩).
٣. لِئَلَّا أَنَامَ نَوْمَ ٱلْمَوْتِ: إن لم يُنِرنا الله، فمن المؤكد أننا سننام. وغالبًا ما يؤدي النوم الروحي إلى موت روحي.
· ربما خطرت هذه الآية في بال بولس عندما كتب عن احتياجنا إلى نور يسوع: “ٱسْتَيْقِظْ أَيُّهَا ٱلنَّائِمُ وَقُمْ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ ٱلْمَسِيحُ” (أفسس ١٤:٥).
ب) الآية (٤): يصلي داود من أجل الانتصار على أعدائه.
٤لِئَلَّا يَقُولَ عَدُوِّي: «قَدْ قَوِيتُ عَلَيْهِ». لِئَلَّا يَهْتِفَ مُضَايِقِيَّ بِأَنِّي تَزَعْزَعْتُ.
١. لِئَلَّا يَقُولَ عَدُوِّي: عرف داود أن أحد عناصر الهزيمة أمام أي شخص هو أن نسمعه يتفاخر كيف هزمنا. فلم يُرِد لعدوّه أن يبتهج (يَهْتِفَ) عندما يكون داود في حالة معنوية متدنية.
٢. لِئَلَّا يَهْتِفَ مُضَايِقِيَّ بِأَنِّي تَزَعْزَعْتُ: لأنّ داود عرف أن أعداءه سيشمتون به بسبب سقوطه، صار أكثر تصميمًا على أن لا يتزعزع.
· “إن الوعي بالله والأعداء هو عمليًا سمة مميزة من سمات كل مزامير داود. وهو يمثّل الشحنات الإيجابية والسلبية التي أنتجت القوة الدافعة في أفضل سنواته.” كيدنر (Kidner)
ثانيًا. تصريح داود
أ ) الآية (٥ أ): ثقة داود برحمة الله.
٥أَمَّا أَنَا فَعَلَى رَحْمَتِكَ تَوَكَّلْتُ…
١. تَوَكَّلْتُ: بعد هذه الصلاة، وصل إلى نقطة الثقة والاتكال. يأتي الفعل في كلمة “تَوَكَّلْتُ” في صيغة الماضي. فكأنّ داود بهذا يتذكر أنه سبق أن وثق بالرب بالفعل، وأنه أزال الضباب من عينيه الناعستين عندما أنار عينيه.
٢. عَلَى رَحْمَتِكَ: عندما وصل داود إلى نقطة الإحباط، لم يكن بوسعه أن يتكل على عدالة الله، أو ناموس الله، أو قداسة الله. فمن شأن هذه الأمور أن تدينه، لأن مشاعره لم تسمح له بأن يرى بوضوح. لكنه استطاع أن يثق برحمة الله. وعندما لا يمكنك أن تثق بأي شيء آخر، ثق برحمة الله.
· “بدأ داود صلاته كما لو أن الله لن ينظر إليه مرة أخرى نظرة عطف… لكن بعد مثابرته قليلًا في الصلاة، انحسر سوء مزاجه، وانقشع الضباب، وانفجر إيمانه كالشمس في قوّتها.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن ويليام جرنال (William Gurnall)
ب) الآيات (٥ب – ٦أ): فرح داود في الرب وخلاصه.
٥… يَبْتَهِجُ قَلْبِي بِخَلاَصِكَ. ٦أُغَنِّي لِلرَّبِّ…
١. يَبْتَهِجُ قَلْبِي: ما زال داود هنا في مجال المشاعر َ(يَبْتَهِجُ). لكنه وجَّهَ مشاعره بدلًا من أن توجِّهه مشاعره. فهو الذي يقرر أن يبتهج. إذ طلب من قلبه أن ينشغل بالابتهاج!
٢. بِخَلَاصِكَ: هذا هو ما ابتهج داود به. إن كان لداود شيء يمكن أن يبتهج به، فإنه الخلاص الذي أعطاه الرب إياه. وهذا أساس متين لكل مؤمن. فإن كنت مخلَّصًا، يمكنك أن تبتهج. فاطلب من قلبك أن يبتهج.
٣. أُغَنِّي لِلرَّبِّ: عرف داود أن الابتهاج يعبَّر عنه في الترنُّم. ولهذا سيرنم للرب (أُغَنِّي لِلرَّبِّ). والترنيم للرب تعبير عن فرحه، وسيزيده فرحًا معًا.
· “لا يوجد نصف ما يكفي من الترنيم (الغناء) في العالم… أتذكر أن خادمة كانت تغني وهي عند حوض الاستحمام. فسألتها سيدتها: ’لماذا تغنين دائمًا، يا جين؟‘ فأجابت الخادمة: ’لأن الغناء يصرف الأفكار السيئة بعيدًا.‘” سبيرجن (Spurgeon)
· انتقل داود من الاكتئاب والشعور بتخلّي الله عنه إلى الترنيم الفرِح. “يعني إحساسنا بأن الله تخلّى عنا أننا ندرك أنه موجود. فإن كنت متروكًا، فلا بدّ أن هنالك شخصًا تركك. ولأننا مؤمنون بالمسيح ونتعلم بكلمة الله، فإننا نعرف أن الله ما زال يحبنا وسيظل وفيًّا لنا، بغضّ النظر عن مشاعرنا.” بويس (Boice)
ج ) الآية (٦ب): يرى داود بعينين مستنيرتين صلاح الله.
٦… لِأَنَّهُ أَحْسَنَ إِلَيَّ.
١. لِأَنَّهُ أَحْسَنَ إِلَيّ (تعاملَ معي بكرم كبير): عندما فكّر داود في الأمر، صار لديه سبب للابتهاج والترنم، لأن الله أحسن معاملته. فإذا فكّرنا في الموضوع جيدًا، فإنّ لكل شخص على الأرض سببًا للابتهاج، لأن الله أحسن للجميع بطريقة أو أخرى.
٢. أَحْسَنَ إِلَيّ: يا لهذه النقلة! كان داود في بداية المزمور تحت وطأة الشعور بأن الله نسيه وأنه حجب وجهه عنه. كان يعاني مشكلات مع الله، ومع نفسه، ومع آخرين. غير أنه يرى الآن أن الله أَحْسَنَ إِلَيْهِ. استنارت عيناه، ولهذا استطاع الآن أن يرى صلاح الله. فيا لهذا التغيير في المنظور!
· قبل أن ينير لنا الله عيوننا، يجب أن نعترف بأننا لا نرى أي شيء. ينبغي أن ندرك أن مشاعرنا لا تعطينا معلومات كافية ودقيقة. لكن إن كنا مستعدين لذلك، وصرخنا إلى الله، فسينير عيوننا وينقلنا من نقطة اليأس إلى الثقة والاتكال والفرح!
· “في أزمنة الضيق، يقوم الله، بآية أو أخرى، بتقويتي في وجه كل متاعبي. ما جعلني أقول مرارًا وتكرارًا: لو كان يجوز لي ذلك، فسأصلي من أجل مزيد من المتاعب للحصول على تعزية أعظم.” سبيرجن (Spurgeon) نقلًا عن جون بنيين (John Bunyan).